المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الحث على الخشوع فى الصلاة - فقه الإسلام = شرح بلوغ المرام - جـ ١

[عبد القادر شيبة الحمد]

الفصل: ‌باب الحث على الخشوع فى الصلاة

‌باب الحث على الخشوع فى الصلاة

ص: 199

1 -

عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: (نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يصلى الرجل مختصرًا) متفق عليه، واللفظ لمسلم، ومعناه: أن يجعل يده على خاصرته، وفى البخارى عن عائشة رضى اللَّه عنها أن ذلك فعل اليهود.

[المفردات]

(خاصرته) هى المكان الذى فوق رأس الورك من الانسان.

[البحث]

رواية البخارى عن أبى هريرة بلفظ: نهى أن يصلى الرجل متخصرًا) بتقديم التاء على الخاء والمتخصر هو الذى يضع يده على خصره والخصر وسط الانسان، وفى رواية للبخارى عن أبى هريرة قال: نهى عن الخصر فى الصلاة، وتفسير المصنف ظاهر على هذه الرواية أعنى رواية البخارى، وكذلك فسره الترمذى فى سننه وأبو داؤد فى سننه أيضًا ومحمد بن سيربن وهشام بن حسان، وروى سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين عن أبى هريرة معنى هذا التفسير، وأما رواية مسلم عن أبى هريرة (مختصرًا) بتقديم الخاء على التاء فإنه لا يختص بإمساك الخصر أو الخاصرة بل يشمل كل ما يختصره الانسان بيده فيمسكه من عصا ونحوها.

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن التخصر أو الاختصار فى الصلاة منهى عنه.

2 -

أن ذلك ينافى الخشوع.

ص: 199

2 -

وعن أنس رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب) متفق عليه.

[المفردات]

(العشاء) طعام العشى. (فابدءوا به) أى بأكله.

[البحث]

روى مسلم هذا الحديث عن أنس بلفظ: (إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء) وقد زاد مسلم فى رواية عن أنس (ولا تعجلوا عن عشائكم) وقد روى سلم عن عائشة رضى اللَّه عنها (لا صلاة بحضرة الطعام) وهذا كله محمول على ما إذا كان فى الوقت سعة أما إذا ضاق الوقت بحيث لو أكل خرج وقت الصلاة فإنه يقدم الصلاة، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم فى بعض روايات هذا الحديث (إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة) فإنها كانت تقام غالبًا فى أول الوقت.

[ما يفيده الحديث]

1 -

تقديم تناول الطعام إذا قدم عند إقامة الصلاة على الصلاة.

2 -

أن من الأسباب المبيحة للتخلف عن الجماعة حضور الطعام وقت إقامة الصلاة.

3 -

أنه ينبغى للانسان أن يأتى الصلاة خاليًا من شواغل الدنيا.

ص: 200

3 -

وعن أبى ذر رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم فى الصلاة فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه) رواه الخمسة بإسناد صحيح وزاد أحمد (واحدة أو دع) وفى الصحيح عن معيقب رضى اللَّه عنه نحوه بغير تعليل.

ص: 200

[المفردات]

(قام أحدكم فى الصلاة) أى دخل فيها.

(لا يمسح الحصى) أى لا يسوى التراب.

(فإن الرحمة تواجهه) أى فلا يشغل خاطره بشئ يلهيه عن الرحمة المواجهة له فيفوته حظه منها.

(واحدة أو دع) أى لا تفعل وإن فعلت فافعل واحدة لا تزد.

(وفى الصحيح) أى فى المتفق عليه عند البخارى ومسلم.

(معيقيب) هو معيقيب بن أبى فاطمة الدوسى، شهد بدرًا، ومات سنة ست وأربعين.

(نحوه) أى نحو حديث أبى ذر.

(بغير تعليل) أى ليس فيه: فإن الرحمة تواجهه.

[البحث]

لفظ حديث أحمد عن أبى ذر قال: سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن كل شئ حتى سألته عن مسح الحصاة فقال: (واحدة أو دع) ومعناه لا تمسح وإن مسحت فامسح مرة واحدة ولا تزد، ولفظ حديث معيقيب فى الصحيحين أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال فى الرجل يسوى التراب حيث يسجد قال:(إن كنت فاعلا فواحدة).

[ما يفيده الحديث]

1 -

كراهة تسوية التراب فى محل السجود أثناء الصلاة.

2 -

إباحة المرة الواحدة دون الزيادة عليها.

3 -

مسح الحصى فى الصلاة ينافى الخشوع.

ص: 201

4 -

وعن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-

ص: 201

عن الالتفات فى الصلاة؟ فقال: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) رواه البخارى، والترمذى عن أنس وصححه:(إياك والالتفات فى الصلاة فإنه هلكة، فإن كان لابد ففى التطوع).

[المفردات]

(الالتفات) أى بالوجه من غير تحويل للصدر عن القبلة.

(اختلاس) الاختلاس هو أخذ الشئ بسرعة يقال اختلس الشئ إذا استلبه.

(يختلسه الشيطان) أى يستلبه بسبب وسوسته به.

(هلكة) لأنه إعراض عن التوجه إلى اللَّه عز وجل.

[البحث]

أخرج الترمذى من حديث الحرث الأشعرى وصححه من حديث طويل: (إن اللَّه أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا، فإن اللَّه ينصب وجهه لوجه عبده فى صلاته ما لم يلتفت) وروى أحمد والنسائى وأبو داود عن أبى ذر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا يزال اللَّه مقبلا على العبد فى صلاته ما لم يلتفت فإذا صرف وجهه انصرف عنه).

[ما يفيده الحديث]

1 -

التنفير من الالتفات فى الصلاة لأنه من الشيطان.

2 -

الالتفات فى الصلاة يعرض الملتفت للهلاك.

3 -

أنه يباح الالتفات فى التطوع للضرورة.

ص: 202

5 -

وعن أنس رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إذا

ص: 202

كان أحدكم فى الصلاة فإنه يناجى ربه فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن شماله تحت قدمه) متفق عليه، وفى رواية (أو تحت قدمه).

[المفردات]

(يناجى ربه) أى يذكره ويمجده ويتلو كتابه.

(يبزقن) البزاق والبصاق ما كان من الفم، والمخاط من الأنف، والنخامة وهى النخاعة من الصدر ومن الرأس أيضًا.

(بين يديه) أى جهة القبلة.

[البحث]

رواية (أو تحت قدمه) هى فى المتفق عليه، أما رواية (ولكن عن شماله تحت قدمه) فليست فى المتفق عليه كما يوهم صنيع المصنف بل هى عند مسلم فقط، وهذا الحديث يفيد النهى عن البصاق فى القبلة وعن اليمين فى الصلاة، وإذا اضطر الانسان إلى البصاق فى الصلاة يبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى كما جاء فى الصحيح، وإنما يبصق عن يساره إذا كان قائمًا أو قاعدًا ويبصق تحت قدمه اليسرى إذا كان راكعًا، إذ أن ذلك هو الممكن، وقد جاء فى الصحيح أيضًا أن يأخذ بطرف ردائه فيبصق فيه، والبصاق تحت القدم محمول على مسجد غير مفروش، أما المساجد المفروشة بالحصير أو البسط فلا يبصق فيها تحت قدمه وإنما يبصق فى ثوبه كما تقدم.

هذا والبصاق فى المسجد خطيئة وكفارتها إزالتها.

[ما يفيده الحديث]

1 -

نهى المصلى عن البصاق بين يديه وعن يمينه.

2 -

وجواز البصاق للضرورة أثناء الصلاة لغير اليمين والقبلة.

3 -

وأن البصاق طاهر.

ص: 203

6 -

وعنه رضى اللَّه عنه قال: كان قرام لعائشة رضى اللَّه عنها سترت به جانب بيتها فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: (أميطى عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لى فى صلاتى) رواه البخارى، واتفقا على حديثها فى قصة أنبجانية أبى جهم، وفيه (فإنها ألهتنى عن صلاتى).

[المفردات]

(وعنه) أى وعن أنس رضى اللَّه عنه.

(قرام) أى ستر رفيق من صوف ذى ألوان.

(أميطى) أزيلى. (واتفقا) أى البخارى ومسلم.

(أنبجانية) كساء غليظ لا عَلَم فيه.

(أبى جهم) عامر بن حذيفة بن غانم القرشى العدوى المدنى رضى اللَّه عنه.

[البحث]

حديث عائشة فى قصة الأنبجانية لفظه: قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلى فى خميصة ذات أعلام فنظر إلى عَلَمِهَا فلما قضى صلاته قال: (اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبى جهم بن حذيفة، وائتونى بأنبجانيته فإنها ألهتنى آنفا فى صلاتى) وضمير ألهتنى للخميصة. والخميصة كساء مربع من صوف.

[ما يفيده الحديث]

1 -

الحث على حضور القلب فى الصلاة.

2 -

منع النظر من الامتداد إلى ما يشغل.

3 -

إزالة ما يخاف اشتغال القلب به.

ص: 204

4 -

كراهية تزويق حائط المسجد وما يسميه العامة (المحراب).

5 -

صحة الصلاة وإن حصل فيها فكر فى مشاغل ونحوه مما ليس متعلقا بالصلاة.

ص: 205

7 -

وعن جابر بن سمرة رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء فى الصلاة أو لا ترجع إليهم) رواه مسلم.

[المفردات]

(أو لا ترجع إليهم) أى أبصارهم.

[البحث]

روى مسلم عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال (لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء فى الصلاة إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم).

[ما يفيده الحديث]

1 -

حرمة رفع البصر إلى السماء فى الصلاة.

2 -

الوعيد الشديد لمن فعل ذلك.

3 -

منافاة رفع البصر للخشوع فى الصلاة.

ص: 205

8 -

وله عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: (لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان).

[المفردات]

(وله) أى ولمسلم. (بحضرة) أى بحضور.

ص: 205

(ولا) أى ولا صلاة. (وهو) أى الذى يريد الصلاة.

(يدافعه الأخبثان) أى البول والغاظ.

[البحث]

تقدم الكلام عن تقديم البدء بالأكل إذا قدم الطعام وأقيمت الصلاة، وفى هذا الحديث زيادة النهى عن الصلاة وقت مدافعة الأخبثين.

ص: 206

9 -

وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال (التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع) رواه مسلم والترمذى وزاد: (فى الصلاة).

[المفردات]

(فليكظم) أى يمنع التثاؤب ويحبسه.

[البحث]

التقييد بكظم التثاؤب فى الصلاة رواه البخارى أيضًا وزاد فيه (ولا يقل: ها، فإنما ذلك من الشيطان يضحك منه) وينبغى أن يضع يده على فمه فقد روى الشيخان وأحمد (إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب).

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن التثاؤب مذموم.

2 -

وأنه لا ينبغى الاسترسال فيه بل يحبسه الانسان ما استطاع.

ص: 206