المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌باب العقيقة - فقه الإسلام = شرح بلوغ المرام - جـ ١٠

[عبد القادر شيبة الحمد]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌باب العقيقة

بسم الله الرحمن الرحيم

‌باب العقيقة

ص: 3

1 -

عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين كَبْشًا كَبْشًا. رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وعبد الحق لكن رَجَّحَ أبو حاتم إرساله، وأخرج ابن حبان من حديث أنس نحوه.

[المفردات]

العقيقة: هى الشاة التى تذبح عند حلق شعر المولود يوم سابعه، وأصل العق الشق والقطع والعِقَّةُ والعقيقة والعقيق أيضًا اسم لشعر كل مولود من الناس والبهائم قال فى القاموس: أو العقة فى الحُمُر والناس خاصة ج كعنب والعقيقة أيضًا صوف الجذع، والشاة التى تذبح عند حلق شعر المولود اهـ.

عق عن الحسن والحسين: أى ذبح عن الحسن والحسين رضى اللَّه عنهما.

الحسين: هو أبو عبد اللَّه الحسين بن على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى سبط رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا وأحد سيدى شباب أهل الجنة، وابن فاطمة الزهراء البتول الطيبة الطاهرة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. ولد الحسين رضى اللَّه عنه لخمس ليال خلون من شعبان سنة

ص: 3

أربع من الهجرة، قد روى من جده رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعن أبيه وأمه وعن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنهما، وقد استشهد رضى اللَّه عنه، فى يوم عاشوراء عام 61 وقيل بل استشهد فى آخر يوم سنة 60 وقيل غير ذلك من ست وخمسين سنة وقيل غير ذلك رضى اللَّه عنه.

كبشا كبشا: أى عق وذبح عن كل واحد منهما كبشا واحدًا.

عبد الحق: هو أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه حسين بن سعيد الأزدى الإِشبيلى، ويعرف أيضًا بابن الخراط قال الذهبى فى تذكرة الحفاظ: ذكره الحافظ أبو عبد اللَّه الأبار فقال: كان فقيها حافظا عالما بالحديث وعلله عارفا بالرجال موصوفا بالخير والصلاح والزهد والورع ولزوم السنة ثم قال: وله فى الجمع بين الصحيحين مصنف، وله مصنف كبير جمع فيه بين الكتب الستة وله كتاب "المعتل من الحديث" كتاب فى الرقائق ومصنفات أخرى ثم ذكر أنه ولد سنة عشر وخمسمائة أو أربع عشرة وخمسمائة وتوفى فى ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة رحمه الله.

إرساله: أى إسقاط ابن عباس رضى اللَّه عنه فهو قول عكرمة عن النبى صلى الله عليه وسلم.

نحوه: أى نحو حديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما.

ص: 4

[البحث]

قال أبو داود: حدثنا أبو معمر عبد اللَّه بن عمرو ثنا عبد الوارث ثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا" قال فى تلخيص الحبير: حديث أن النبى صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين. أبو داود والنسائى من حديث ابن عباس رزاد: كبشا كبشا، وصححه عبد الحق وابن دقيق العيد وراه ابن حبان والحاكم البيهقى من حديث عائشة بزيادة: يوم السابع، وسماهما، وأمر أن يماط عن رءوسهما الأذى وصححه ابن السكن بأتم من هذا، وفيه: وكان أهل الجاهلية يجعلون قطنة فى دم العقيقة، ويجعلونها على رأس المولود، فأمرهم النبى صلى الله عليه وسلم أن جعلوا مكان الدم خلوقا، ورواه أحمد والنسائى من حديث بريدة وسنده صحيح، ورواه الحاكم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده والطبرانى فى الصغير من حديث قتادة عن أنس والبيهقى من حديث فاطمة ورواه الترمذى والحاكم والبيهقى من حديث على، ولفظ حديث عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه: كنا فى الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء اللَّه بالإِسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران اهـ.

[ما يفيده الحديث]

1 -

مشروعية العقيقة.

2 -

أنه لا بأس بأن يكتفى فيها بشاة واحدة عن الغلام أو الجارية.

ص: 5

2 -

وعن عائشة رضى اللَّه عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يُعقَّ عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة. رواه الترمذى وصححه وأخرج أحمد والأربعة عن أم كُرْزٍ الكعبية نَحْوَهُ.

[المفردات]

أمرهها: أى طلب من المسلمين.

أن يعق عن الغلام: أى أن يذبح عن الولد الذكر.

شاتان مكافئتان: أى ثنتان من الشياه مستويتان أو مقاربتان. والشاة تطلق على الذكر والأنثى.

وعن الجارية شاة: أى وأن يذبح عن البنت شاة واحدة.

أم كرز الكعبية: قال فى تهذيب التهذيب: أم كُرْز الكعبية الخزاعية المكية لها صحبة، روت عن النبى صلى الله عليه وسلم وعنها عطاء وطاوس ومجاهد وسباع بن ثابت وعروة ابن الزبير وغيرهم اهـ.

نحوه: أى نحو عائشة رضى اللَّه عنها.

[البحث]

قال أبو داود: حدثنا مسدد ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن حبيبة بنت ميسرة عن أم كرز الكعبية قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة قال أبو داود: سمعت أحمد: أى مستويتان أو مقاربتان. حدثنا مسدد

ص: 6

ثنا سفيان عن عبيد اللَّه بن أبى يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت عن أم كرز قالت: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: أَقِرُّوا الطير على مَكُنَاتِهَا قالت: وسمعته يقول: عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة لا يضركم أذكرانا كن أم أناثا. حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن عبيد اللَّه ابن أبى يزيد عن سباع بن ثابت عن أم كرز قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الغلام شاتان مثلان وعن الجارية شاة. قال أبو داود: هذا هو الحديث، وحديت سفيان وهم اهـ وقد أخرج الترمذى حديث أم كرز من طريق سباع بن ثابت عن محمد بن ثابت بن سباع عن أم كرز وقال: هذا حديث صحيح اهـ. وقوله فى حديث أبى داود: "وأقروا الطير على مَكُنَاتِهَا" قال فى القاموس: وفى الحديث: وأقِرُّوا الطير على مَكُنَاتِهَا بكسر الكاف وضمها أى بيضها اهـ هذا وليس فى لفظ حديث الترمذى الذى أورده المصنف هنا عن عائشة رضى اللَّه عنها كلمة "أن يعق" التى ذكرها المصنف وإنما الذى فيه" أمرهم عن الغلام شاتان الخ الحديث.

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن الأفضل فى العقيقة أن يعق عن الذكر بشاتين وعن الأنثى بشاة.

2 -

استحباب التماثل فى شاتى العقيقة عن الذكر.

ص: 7

3 -

وعن سمرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "كل غلام مُرْتَهِنٌ بعقيقته يُذْبَحُ عنه يوم سابعه ويُحْلَقُ وَيُسَمَّى" رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذى.

ص: 7

[المفردات]

غلام: أى مولود.

مرتهن بعقيقته: قيل: معناه أنه محبوس عن الشفاعة فى والديه لو مات طفلا إلا إذا عُقَّ عنه وذكر بعض أهل العلم أن معناه أن الغلام إذا لم يعق عنه لم يسلم من أذى يسببه له شعر رأسه. اللَّه أعلم.

يذبح عنه يوم سابعه: أى تذبح عقيقته يوم السابع من ولادته.

ويحلق: أى ويحلق شعر رأسه.

ويسمى: أى ويوضع له الاسم الذى يراد تسميته به فى يوم سابعه كذلك.

[البحث]

هذا الحديث من رواية الحسن البصرى عن سمرة بن جندب رضى اللَّه عنه ولا نزاع عند أهل العلم فى أن الحسن قد سمع هذا الحديث من سمرة رضى اللَّه عنه. وقد جاء فى رواية لأبى داود من طريق همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع وخلق رأسه ويَدْمَى. ثم قال أبو داود: وهذا وهم من همام "ويدمى" اهـ يعنى أن لفظ يدمى وهم وأن صوابه "ويسمى" ثم ساق أبو داود هذا الحديث من رواية سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى، قال أبو داود:

ص: 8

ويسمى أصح. كذا قال سلام بن أبى مطيع عن قتادة وإياس بن دغفل وأشعت عن الحسن اهـ وقد أخرج الترمذى هذا الحديث من طريق إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة ومن طريق سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة ثم قال: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم يستحبون أن يذبح عن الغلام العقيقة يوم السابع فإنا لم يتهيأ يوم السابع فيوم الرابع عشر فإن لم يتهيأ عن عنه يوم إحدى وعشرين وقالوا: لا يجزئ فى العقيقة من الشاء إلا ما يجزئ فى الأضحية اهـ هذا ويجوز أن يسمى المولود فى أول يوم من ولادته لما رواه البخارى ومسلم من حديث أبى موسى رضى اللَّه عنه قال: ولد لى غلام فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم، فحنَّكه بتمرة ودعا له بالبركة، ودفعه إلىَّ وكان أكبر ولد أبى موسى. وقد ترجم له البخارى فى كتاب العقيقة من صحيحه:(باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه) كما أخرج البخارى ومسلم من حديث أنس بن مالك رضى اللَّه عنه قال: كان ابن لأبى طلحة يشتكى، فخرج أبو طلحة فَقُبِضَ الصبى، فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابنى؟ قالت أم سليم: هو أسكن ما كان، فَقَرَّبَت إليه العَشَاء فَنَتَعَشَّى، ثم أصاب منها، فلما فَرَع قالت: وارِ الصبِىَّ، فلما أصبح أبو طلحة أتى رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال:"أَعْرَسْتُم الليلةَ؟ " قال: نعم، قال:"اللهم بارك لهما" فَولَدَتْ غلاما. قال لى أبو طلحة: احفظه حتى تأتى به النبىَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى به النبىَّ صلى الله عليه وسلم-

ص: 9

وَأَرْسَلَتْ معه بتمرات، فأخذه النبى صلى الله عليه وسلم، فقال:"أَمَعَهُ شئٌ؟ " قالوا: نعم تمرات، فأخذها النبىَّ صلى الله عليه وسلم فمضغها، ثم أخذ من فيه فجعلها فى فى الصبى وحَنَّكه به، وسماه عبد اللَّه، قال الحافظ فى الفتح فى حديث أبى موسى: ففيه تعجيل تسمية المولود ولا ينتظر بها إلى السابع، ثم قال: ويدل على أن التسمية لا تختص بالسابع ما تقدم فى النكاح من حديث أبى أسيد أنه أتى النبىَّ صلى الله عليه وسلم بابنه حين ولد فسماه المنذر، وما أخرجه مسلم من حديث ثابت عن أنس رفعه قال: ولد لى الليلة غلام فسميته باسم أبى إبراهيم ثم دفعه إلى أم سيف، الحديث قال البيهقى: تسمية المولود حين يولد أصح من الأحاديث فى تسميته يوم السابع اهـ.

[ما يفيده الحديث]

1 -

تأكيد فضل العقيقة.

2 -

يستحب أن تذبح العقيقة فى اليوم السابع من الولادة.

3 -

يستحب حلق رأس المولود يوم سابعه.

4 -

يستحب تسميته يوم سابعه.

5 -

جواز تسميته قبل اليوم السابع.

6 -

إذا لم يتيسر ذبح العقيقة يوم السابع فتكون فى اليوم الرابع عشر أو الحادى والعشرين.

7 -

لا يجزئ من الشاء فى العقيقة إلا ما يجزى فى الأضحية، وتجرى مجراها.

ص: 10