الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الجامع
باب الأدب
1 -
عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلَّم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصحه، وإذا عطس فحمد اللَّه فَشَمِّتْهُ، وإذا مرض فَعُدْهُ، وإذا مات فاتبعه" رواه مسلم.
[المفردات]
الجامع: أى المشتمل على أبواب متفرقة وهى (باب الأدب وباب البر والصلة وباب الزهد والورع وباب الترهيب من مساوئ الأخلاق وباب الترغيب فى مكارم الأخلاق وباب الذكر والدعاء.
الأدب: هو استعمال ما يحمد قولا وفعلا والأخذ بمكارم الأخلاق.
حق المسلم على المسلم: أى الثابت المطلوب الذى لا ينبغى تركه من المسلم لأخيه المسلم بسبب الإسلام.
ست: أى ست خصال.
إذا لقيته فسلم عليه: أى صادفت أخاك المسلم وقابلك فَحَيِّه بتحية الإسلام.
وإذا دعاك فأجبه: أى وإذا طلبك إلى وليمة عنده فلب طلبه يعنى ما دامت وليمته خالية من المحرمات.
وإذا استنصحك فانصحه: أى وإذا طلب منك النصيحة واستشارك فى شأن من شئونه فأخلص له النصح ولا تداهنه ولا تغشه ولا تمسك عن بيان ما تراه من الخير له.
وإذا عطس فحمد اللَّه فشمته: أى وإذا أصابه العطاس فقال الحمد للَّه فقل له: يرحمك اللَّه، والعطاس صوت يحدث عند خفة البدن وانفتاح المسام واندفاع الأبخرة من الرأس بواسطة الأنف وهو مفيد جدا يدفع اللَّه به الأذى عن الدماغ، والتشميت: ويقال فيه التسميت بالسين أيضا قال ابن الأنبارى: كل داع بالخير مشمت بالمعجمة وبالمهملة اهـ وقيل: هو بالشين بمعنى التبريك فالتشميت الدعاء بالبركة، والتسميت هو الدعاء له بالسمت وهو القصد والطريق القويم أو بجمع شمله، وقيل: التشميت من الشماتة وهو فرح الشخص بما يسوء عدوه دعاء له أن لا يكون فى حال من يشمت به فكأنه قال: أبعدك اللَّه من الشماتة. وجنبك ما يشمت به عليك. واللَّه أعلم.
فعده: أى فزره وواسه.
وإذا مات فاتبعه: أى وإذا فارق الحياة فامش فى جنازته.
[البحث]
أورد مسلم رحمه الله هذا الحديث من طريق العلاء عن أبيه عن
أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "حق المسلم على المسلم ستٌّ: قيل: ما هن يا رسول اللَّه؟ قال: "إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد اللَّه فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه".
وأورده من طريق يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبى هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "خمس" ومن طريق معمر عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبى هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض واتباع الجنائز" قال الحافظ فى الفتح بعد أن ذكر حديث مسلم (حق المسلم على المسلم ستٌّ): وللبخارى من وجه آخر عن أبى هريرة: "خمس تجب للمسلم على المسلم" فذكر منها التشميت وهو عند مسلم أيضا اهـ وقد أخرج البخارى من حديث البراء رضى اللَّه عنه قال: أمرنا النبى صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وإجابة الداعى ورد السلام، ونصر المظلوم وإبرار المقسم، الحديث وهو دليل على أن العدد فى هذا الحديث لا مفهوم له قال الحافظ فى الفتح: وقد نقل ابن عبد البر الإِجماع على أن الابتداء بالسلام سنة اهـ وسيأتى مزيد بحث لهذا عند الكلام على الحديث السابع والثامن والعاشر من أحاديث هذا الباب إن شاء اللَّه تعالى.
[ما يفيده الحديث]
1 -
الحض على البدء بالسلام وإفشائه.
2 -
وجوب إجابة الدعوة إلى الوليمة.
3 -
وجوب إخلاص النصيحة للمستنصح.
4 -
أنه لا يشرع تشميت العاطس إلا إذا حمد اللَّه.
5 -
وجوب تشميت العاطس إذا حمد اللَّه.
6 -
وجوب عيادة المريض.
7 -
الحض على اتباع الجنائز ووجوب ذلك على الكفاية.
8 -
الترغيب فى جميع ما يؤلف بين قلوب المسلمين.
2 -
وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة اللَّه عليكم" متفق عليه.
[المفردات]
انظروا إلى من هو أسفل منكم: أى انظروا إلى من فضلكم اللَّه عليه فى الرزق.
ولا تنظروا إلى من هو فوقكم: أى ولا تنظروا إلى من فَضَّلَهُ اللَّه عليكم فى الرزق.
فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة اللَّه عليكم: أى فنظركم إلى من هو دونكم لا إلى من هو فوقكم حرىٌّ أن يجعلكم اللَّه
شاكرين راضين بما أعطاكم اللَّه غير محتقرين لنعمة اللَّه التى أنعم بها عليكم، فإن ازدراء النعمة يؤدى إلى زوالها، إذ النعمة صيد وشكرها قيد، والعاقل هو الذى لا يمد عينيه إلى ما متع اللَّه به بعض عباده من متاع الحياة الدنيا لحكمة يعلمها العليم الخبير، والغنى لا يكون عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس، وأجدر بمعنى أحق، والازدراء الاحتقار والاستصغار.
[البحث]
هذا الحديث من أعظم قواعد أسباب شكر نعم اللَّه عز وجل، وقد قسم اللَّه تبارك وتعالى بين عباده أرزاقهم من أموالهم وأخلاقهم وأولادهم وصحتهم وعافيتهم، وأشار إلى أن نعم اللَّه عز وجل لا يمكن للعبد إحصاؤها حيث يقول تبارك وتعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} كما أشار عز وجل إلى أن من أكبر مهمات الشيطان هو صرف الإِنسان عن شكر نعم اللَّه عز وجل حيث قال: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} وبين أن المؤمنين باللَّه هم أهل شكر نعم اللَّه حيث يقول: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا، إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} والإنسان إذا نظر إلى من هو دونه
فى صحته أو ماله أو عياله كان حريا بشكر نعمة اللَّه عليه، وأما إذا علق قلبه بمن هو فوقه فى الصحة أو فى المال أو فى العيال أورث نفسه الحزن والحسد وكان حريا بكفر نعمة اللَّه عليه، نسأل اللَّه تبارك وتعالى أن يجعلنا من الشاكرين.
[ما يفيده الحديث]
1 -
وجوب شكر نعمة اللَّه عز وجل.
2 -
أنه ينبغى للإِنسان أن لا يعلق قلبه بمن فضل عليه فى الرزق.
3 -
ينبغى للإِنسان أن ينظر إلى من هو دونه ليعرف نعمة اللَّه عليه.
3 -
وعن النواس بن سمعان رضى اللَّه عنه قال: سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن البر والإِثم فقال: "البر حسن الخلق والإِثم ما حاك فى صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس" أخرجه مسلم.
[المفردات]
النواس بن سمعان: هو النواس بن سمعان بن خالد بن عمرو بن قرط ابن عبد اللَّه بن أبى بكر بن كلاب العامرى الكلابى، وكان حليف الأنصار فقيل له: الأنصارى. له ولأبيه رضى اللَّه عنهما صحبة، وقد سكن النواس الشام وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم وروى عنه أبو إدريس الخولانى وجبير بن نفير.
البر: يطلق البر فى اللغة على معان كثيرة منها الصلة والصدق والخير والاتساع فى الإِحسان والطاعة والبر اسم جامع للخيرات كلها ويطلق على العمل الخالص الدائم.
حسن الخلق: أى جمال السجية والطبع والمعاشرة الطيبة وحسن الصحبة والبشر وطلاقة الوجه والتودد إلى الخلق والإِشفاق عليهم واحتمالهم والتلطف بهم. وكف الأذى عنهم، مع بذل المعروف.
والإِثم: أى الذنب.
حاك فى الصدر: أى تحرك فيه وتردد، ولم ينشرح فيه الصدر، وحصل فى القلب منه الشك وخيف كونه ذنبا.
وكرهت أن يطلع عليه الناس: أى وأحسست أنه معيب غير مرضى من المسلمين.
[البحث]
هذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وفيه إشارة إلى أنه ينبغى للإِنسان أن يدع ما يريبه إلى ما لا يريبه، وقد أكد ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذى وقال حسن صحيح من حديث الحسن بن على رضى اللَّه عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" هذا وقد ساق مسلم حديث الباب من طريق جبير بن نفير عن النواس بن
سمعان الأنصارى باللفظ الذى ساقه المصنف ثم ساقه من طريق جبير ابن نفير عن النواس بن سمعان بلفظ: "البر حسن الخلق والإِثم ما حاك فى نفسك وكرهت أن يطلع على الناس".
[ما يفيده الحديث]
1 -
الحض على حسن الخلق.
2 -
أن المعاملة الحسنة من أعظم ما يقرب العبد من ربه تبارك وتعالى.
3 -
أنه ينبغى للإِنسان أن يدع ما يريبه إلى ما لا يريبه.
4 -
أن المجتمع الإِسلامى لا رواج للمنكر فيه.
4 -
وعن ابن مسعود رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه" متفق عليه واللفظ لمسلم.
[المفردات]
إذا كنتم ثلاثة: أى إذا حصل لكم أن اجتمع منكم ثلاثة أشخاص فى مجلس أو نحوه.
فلا يتناجى اثنان دون الآخر: أى فلا يتحدث اثنان منكم سرا دون أن تُشْركُوا الثالث فى الحديث، والمناجاة هى المحادثة سرا.
حتى تختلطوا بالناس: أى حتى يكثر عددكم ويتمكن كل واحد من إيجاد من يناجيه.
من أجل أن ذلك يحزنه: أى إن النهى عن مسارة الاثنين وترك الثالث يدخل الحزن عليه بما قد يُلقى فى نفسه أنهما لا يريانه أهلا لمناجاتهما أو أن نجواهما إنما هى لسوء رأيهما فيه أو لدسيسة غائلة له أو نحو ذلك.
[البحث]
أخرج البخارى هذا الحديث فى كتاب الاستئذان فى (باب لا يتناجى اثنان دون الثالث) من طريق مالك عن نافع عن عبد اللَّه يعنى ابن عمر رضى اللَّه عنهما بلفظ: "إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث" وأخرجه فى (باب إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمُسارَّة والمناجاة) من طريق أبى وائل عن عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه عنه بلفظ: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، أجْلَ أن ذلك يحزنه" أما مسلم رحمه الله فقد أخرج حديث ابن عمر من طريق مالك عن نافع بلفظ: "إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد" وأخرجه من طريق أبى وائل عن عبد اللَّه يعنى ابن مسعود باللفظ الذى ساقه المصنف إلا أنه قال: "من أجل أن يحزنه" ثم ساقه بلفظ: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه". هذا والتعليل الذى ذكره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يشعر بأن العدد هنا لا مفهوم له فلو كانوا عشرة مثلا وتناجى تسعة
منهم دون واحد فإن ذلك لا يجوز لنفس العلة، واللَّه أعلم.
[ما يفيده الحديث]
1 -
الحض على أسباب نشر المحبة بين المسلمين.
2 -
النهى عن كل ما يؤدى إلى إدخال الحزن على أحد من المسلمين.
3 -
أنه يجوز للرجلين المتحدثين سرا أن يستمرا فى مُسارَّتهما إذا دخل عليهما رجل ثالث ولا حرج عليهما فى ذلك بل لا ينبغى للداخل أن يجلس معهما فى هذه الحالة إلا بإذنهما.
4 -
أنه إذا كان الجالسون أكثر من ثلاثة فإنه يجوز لاثنين منهما أن يَتَسَارَّا.
5 -
وعن ابن عمر رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "لا يُقيمُ الرَّجلُ الرَّجلَ من مجلسه ثم يجلسُ فيه، ولكن تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا" متفق عليه.
[المفردات]
لا يُقيمُ الرجلُ الرجل من مجلسه: أى لا يطلب أحد من أحد أن يقوم له من مقعده الجالس فيه.
ثم يجلس فيه: أى ثم يقعد هو فيه.
تَفَسَّحُوا وتَوَسَّعُوا: قيل هو عطف تفسير فهما بمعنى توسعوا ونقل
الحافظ فى الفتح عن ابن أبى جمرة أنه قال: فأما قوله: تفسحوا وتوسعوا" فمعنى الأول أن يتوسعوا فيما بينهم، ومعنى الثانى أن ينضم بعضهم إلى بعض حتى يفضل من الجمع مجلس للداخل اهـ.
[البحث]
أورد البخارى رحمه الله هذا الحديث فى كتاب الاستئذان فى (باب لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه) من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه" وفى (باب إذا قيل لكم تفسحوا فى المجلس فافسحوا) من طريق عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه نَهى أن يُقامَ الرجلُ من مجلسه ويجلس فيه آخر ولكن تفسحوا وتوسعوا" وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه اهـ أما مسلم رحمه الله فقد ساقه من طريق الليث عن نافع عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُقيمنَّ أحدُكُم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه" ثم ساقه من طريق عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقيم الرجلُ الرجل من مقعده ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا" وساقه من طريق ابن جريج عن نافع عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم بمثل حديث الليث وزاد فيه: قلت: فى يوم الجمعة؟ قال: فى يوم الجمعة وغيرها. وساقه من طريق الزهرى عن سالم عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقيمنَّ أحدُكم أخاه ثم يجلس فى مجلسه" وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه.
ثم ساق من طريق معقل (وهو ابن عبيد اللَّه) عن أبى الزبير عن جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم ليُخالف إلى مقعده فيقعد فيه، ولكن يقول: افسحوا" ثم ساق من طريق أبى عوانة وعبد العزيز يعنى ابن محمد عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم" وفى حديث أبى عوانة: "من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به".
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن من سبق إلى مجلس مباح فهو أحق به.
2 -
أنه لا يجوز لمسلم أن يقيم مسلما من مكانه الذى قعد فيه ليجلس هو فيه.
3 -
منع استنقاص حق المسلم.
4 -
الحث على التواضع وأسباب التوادد والتعاطف.
6 -
وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا أكل أحدكم طعاما فلا يَمْسَحْ يَدَه حتى يَلْعَقَهَا أو يُلْعِقَهَا" متفق عليه.
[المفردات]
طعاما: يعنى مما يبقى بعضه عالقا باليد.
فلا يمسح يده: أى فلا يُزِل أثر الطعام من يده بمنديل أو غيره.
حتى يَلْعَقَهَا: أى حتى يلحسها بلسانه، ويلعق بفتح الياء.
أو يُلْعِقَهَا: أى أو حتى يمدها لزوجته أو ولده ممن يشتهى لعقها ليلحسها، ويلعق بضم الياء.
[البحث]
المقصود من هذا الحديث هو الحرص على عدم تضييع شئ من الطعام والتماس منفعة الجسم فى قليله وكثيره وعظيمه وحقيره لأنه لا يدرى فى أى جزء من أجزائه تكون البركة والنماء والخير لآكله مع تربية النفس على التواضع والبعد عن مظاهر الكبر والإِسراف، وليس هذا مجافيا للنظافة والصحة إذ أن هذه اليد هى الآلة التى استعملها الإِنسان فى توصيل الطعام إلى فمه، وهى أسلم من "الملاعق" التى يتناول بالواحدة منها أشخاص كثيرون بل قد تختلط أكثر من "مِلعقة" فى إناء واحد من المرق بعد أن تخرج من أكثر من فم، وقد أشار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى بعض حكم هذا الحديث ففى لفظ لمسلم من طريق سفيان بن عيينة عن أبى الزبير عن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصَّحْفَة وقال:"إنكم لا تدرون فى أَيِّهِ البَرَكَةُ" وفى لفظ لمسلم من طريق سفيان بن عيينة عن أبى الزبير عن جابر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها، فَلْيُمِطْ ما كان بها من أذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يَلْعَقَ أصابعه فإنه لا يدرى فى أى طعامه البركة" وفى لفظ من طريق الأعمش عن أبى سفيان عن جابر: "فإذا فرغ
فَلْيَلْعَقْ أصابعه فإنه لا يدرى فى أى طعامه تكون البركة" كما ساق مسلم من طريق حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن أنس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث قال: وقال: "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى ولْيَأكُلْهَا ولا يَدَعْهَا للشيطان" وأمرنا أن نَسْلُتَ القصعة قال: "فإنكم لا تدرون فى أى طعامكم البركة" وساق من طريق سهيل عن أبيه عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا أكل أحدكم فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ فإنه لا يدرى فى أيتهن البركة" اهـ
[ما يفيده الحديث]
1 -
استحباب لعق الأصابع مما علق بها من طعام قبل مسحها أو غسلها.
2 -
الحض على التواضع.
3 -
التحذير من الإِسراف والكبر.
7 -
وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لِيُسَلِّمِ الصَّغِيرُ على الكبير، والمارُّ على القاعد، والقليل على الكثير" متفق عليه، وفى رواية لمسلم:"والراكب على الماشى".
[المفردات]
ليسلم الصغير على الكبير: أى ليبدأ صغير السن بالسلام على
من هو أكبر منه فى السن.
والمارُّ على القاعد: أى وليسلم الماشى على الجالس.
والقليل على الكثير: أى وليسلم العدد القليل على العدد الكثير.
وفى رواية لمسلم: أى من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه.
والراكب على الماشى: أى وإذا تلاقى شخصان أحدهما راكب والثانى ماش فإن السنة أن الذى يبدأ بالسلام هو الراكب.
[البحث]
قول المصنف رحمه الله (متفق عليه) ثم قوله "وفى رواية لمسلم" فيه نظر لأن مسلما رحمه الله لم يقع عنده "ليسلم الصغير على الكبير" وقد نص على ذلك المصنف نفسه فى فتح البارى حيث قال: ولم يقع تسليم الصغير على الكبير فى صحيح مسلم اهـ كما أن البخارى رحمه الله قد أخرج تسليم الراكب على الماشى وصنيع المصنف يوهم أن مسلما تفرد به، فقد أخرج البخارى فى كتاب الاستئذان فى (باب تسليم القليل على الكثير) من طريق معمر عن همام بن منبه عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"يُسَلِّمُ الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير" ثم أورده فى (باب يسلم الراكب على الماشى) من طريق زياد (يعنى ابن سعد الخراسانى نزيل مكة) أنه سمع ثابتا مولى ابن يزيد (صوابه مولى ابن زيد يعنى ابن الخطاب) أنه سمع أبا هريرة رضى اللَّه عنه يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يسلم الراكب على الماشى، والماشى على القاعد والقليل على الكثير" ثم أورده فى
(باب يسلم الماشى على القاعد) من طريق زياد أن ثابتا أخبره وهو مولى عبد الرحمن بن زيد عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يسلم الراكب على الماشى والماشى على القاعد والقليل على الكثير" ثم أورده فى (باب يسلم الصغير على الكبير) من طريق عطاء بن يسار عن أبى هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير" أما مسلم رحمه الله فقد أخرجه من طريق زياد أن ثابتا مولى عبد الرحمن ابن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يسلم الراكب على الماشى والماشى على القاعد، والقليل على الكثير" اهـ.
[ما يفيده الحديث]
1 -
بيان من يبدأ بالسلام.
2 -
استحباب تسليم الصغير على الكبير والماشى على القاعد والراكب على الماشى والقليل على الكثير.
3 -
إذا تساوى المتلاقيان فخيرهما الذى يبدأ بالسلام.
4 -
إشاعة المحبة والرحمة والأمن والتواضع بين المسلمين.
8 -
وعن على رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يُجْزِئُ عن الجماعة إذا مَرُّوا أن يُسَلِّمَ أحدهم، ويجزئ عن الجماعة أن يَرُدَّ أحدهم" رواه أحمد والبيهقى.
[المفردات]
يجزئ: أى يكفى.
إذا مَرُّوا: يعنى ببعض المُسلمين.
أن يُسَلِّمَ أحدهم: أى أن يقوم بالبدء بالسلام على الجالس أو الجالسين واحد من الجماعة المارة فهو من سنن الكفاية التى إذا قام بها البعض لم تطلب من الباقين.
أن يرد واحد منهم: أى ويكفى فى رد السلام واحد من الجماعة المُسَلَّم عليهم فهو من فروض الكفاية التى إذا قام بها البعض سقط الطلب عن الباقين.
[البحث]
هذا الحديث رواه أبو داود فى سننه فقال: (باب ما جاء فى رد الواحد عن الجماعة) حدثنا الحسن بن على ثنا عبد الملك بن إبراهيم الجُدِّى ثنا سعيد بن خالد الخزاعى قال: حدثنى عبد اللَّه بن المفضل ثنا عبد اللَّه بن أبى رافع عن على بن أبى طالب رضى اللَّه عنه، قال أبو داود: رفعه الحسن بن على قال: "يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم" اهـ وفى إسناده سعيد بن خالد الخزاعى المدنى قال أبو زرعة الرازى: مدنى ضعيف وقال أبو حاتم الرازى: هو ضعيف. وقال البخارى: فيه نظر، وقال الدارقطنى: ليس بالقوى. على أن إجزاء الواحد فى السلام عن الجماعة وإجزاء الواحد فى رد السلام عن الجماعة هو الذى عليه أهل العلم، واللَّه أعلم.
9 -
وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-
"لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم فى طريق فاضطروهم إلى أضيقه" أخرجه مسلم.
[المفردات]
لقيتموهم: أى لقيتم أحدهم.
[البحث]
تقدم هذا الحديث فى باب الجزية والهدنة برقم 5 وقد تقدم بحثه هناك.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه لا يجوز بدء اليهود والنصارى بالسلام.
2 -
يجوز الرد عليهم إذا سلموا على المسلمين.
3 -
لا يجوز توسعة الطريق لليهود والنصارى.
4 -
الإسلام يَعْلُو ولا يُعْلَى.
10 -
وعنه رضى اللَّه عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عَطَسَ أحدُكُم فليقل: الحمد للَّه، ولْيَقُلْ له أخوه يرحمك اللَّه، فإذا قال له: يرحمك اللَّه، فليقل: يَهْدِيكُمُ اللَّه ويُصْلِحُ بَالَكُمْ" أخرجه البخارى.
[المفردات]
وعنه: أى وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه.
وَلْيَقُلْ له أخوه: أى وليقل له من يسمعه من إخوته المسلمين وهو
يحمد اللَّه.
يرحمك اللَّه: أى ينعم اللَّه عليك بالصحة والعافية ويشملك بإحسانه وجوده وفضله، ويدفع عنك الأذى، وهذا هو التشميت.
فإذا قال له يرحمك اللَّه: أى فإذا شمته وقال له: يرحمك اللَّه.
فليقل: يَهْدِيكُمُ اللَّه وَيُصْلِحُ بالَكُمْ: أى فليقل العاطس للذى شَمَّتَهُ: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم، ومعنى يهديكم اللَّه: أى يوفقكم اللَّه للخير، ويستعملكم فى طاعته، ويسددكم، ويرشدكم، ويعينكم على ما يحب ويرضى ويبعدكم عن المعاصى، ومعنى: ويصلح بَالَكُمْ أى يجمع شملكم ويحسن حالكم وشأنكم.
[البحث]
أورد البخارى هذا الحديث فى كتاب الأدب فى (باب إذا عَطَسَ كيف يُشَمَّتُ؟ ) من طريق أبى صالح عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عَطَسَ أحدكم فليقل: الحمد للَّه، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك اللَّه، فإذا قال له: يرحمك اللَّه فليقل: يَهْدِيكُمُ اللَّه ويُصْلِحُ بَالَكُمْ" وقد أورد البخارى فى كتاب الأدب أيضا فى (باب الحمد للعاطس) من طريق سفيان (يعنى الثورى) عن سليمان (يعنى التيمى) عن أنس بن مالك رضى اللَّه عنه قال: عَطَسَ رجلان عند النبى صلى الله عليه وسلم، فَشَمَّتَ أحدهما ولم يُشَمِّتْ الآخر، فقيل له فقال:"هذا حَمِدَ اللَّه، وهذا لم يَحمدِ اللَّه"
وقد أورده مسلم من طريق حفص وهو ابن غياث عن سليمان التيمى عن أنس بن مالك قال: عطس عند النبى صلى الله عليه وسلم رجلان فَشَمَّتَ أحدهما ولم يشمت الآخر فقال الذى لم يشمته: أعطس فلان فَشَمَّتَّه وعطست أنا فلم تشمتنى؟ قال: "إن هذا حمد اللَّه وإنك لم تحمد اللَّه". وقد تقدم مزيد بحث لذلك فى الحديث الأول من أحاديث هذا الباب قال النووى فى حمد العاطس: إنه متفق على استحبابه.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه ينبغى للعاطس أن يقول: الحمد للَّه.
2 -
يجب على من سمع العاطس وهو يحمد اللَّه أن يقول له: يرحمك اللَّه.
3 -
ينبغى للعاطس أن يقول لمن شَمَّتَهُ: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم.
4 -
أن من عطس فلم يحمد اللَّه لا يشمت.
11 -
وعنه رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يَشْرَبَنَّ أحدٌ منكم قائما" أخرجه مسلم.
[المفردات]
وعنه: أى وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه.
منكم: أى من المسلمين.
قائما: أى حال كونه واقفا على قدميه.
[البحث]
أخرج مسلم هذا الحديث من طريق عمر بن حمزة أخبرنى أبو غَطَفَانَ المُرِّىُّ أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
"لا يَشْرَبَنَّ أحدٌ منكم قائما، فمن نَسىَ فَلْيَسْتَقِئ" وأورد من طريق همام عن قتادة عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما، وأورد من طريق سعيد عن قتادة عن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يشرب الرجل قائما، قال قتادة: فقلنا: فالأكل؟ فقال: ذاك أشر أو أخبث، وأخرج من طريق همام عن قتادة عن أبى عيسى الأُسْوَارِىِّ عن أبى سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما، وفى رواية من طريق شعبة عن قتادة بنفس السند: نهى عن الشرب قائما، وهذه الروايات ظاهرة فى تحريم الشرب قائما غير أنه قد روى البخارى ومسلم واللفظ لمسلم من طريق، عاصم الأحول عن الشعبى عن ابن عباس قال شرب النبى صلى الله عليه وسلم قائما من زمزم، ولفظ مسلم: قال: سقيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم، وفى لفظ لمسلم: أن النبى صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم من دَلْوٍ منها وهو قائم، كما روى البخارى من طريق النَّزَّال قال: أَتَى على رضى اللَّه عنه على باب الرَّحَبَةِ فشرب قائما فقال: إن ناسا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم وإنى رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتمونى فعلت. وفى لفظ للبخارى عن النَّزَّالِ بن سَبْرَةَ يحدث عن على رضى اللَّه عنه أنه صلى الظهر ثم قعد فى حوائج الناس فى رَحَبَةِ الكوفة حتى حضرت صلاة العصر ثم أُتِىَ بماء فشرب وغسل وجهه ويديه وذكر رأسه ورجليه ثم قام فشرب فضله وهو قائم ثم قال: إن ناسا يكرهون الشرب قائما وإن النبى صلى الله عليه وسلم صنع مثل ما صنعت اهـ وهذا يدل على أن النهى عن الشرب قائما إنما هو للتنزيه لا للتحريم. واللَّه أعلم.
[ما يفيده الحديث]
1 -
لا ينبغى للإِنسان أن يحرص على الشرب قائما.
2 -
أن من شرب قائما واستطاع أن يستقئ فليفعل.
12 -
وعنه رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا نزع فليبدأ بالشمال، لتكن اليُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وآخرهُمَا تُنْزَعُ" متفق عليه.
[المفردات]
وعنه: أى وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه.
إذا انتعل أحدكم: أى إذا أراد واحد منكم أيها المسلمون أن يلبس نعله وأن يضعه فى رجله، والنعل هو الحذاء.
فليبدأ باليمين: أى فليبدأ بوضع النعل فى رجله اليمنى قبل الرجْل اليسرى.
وإذا نزع فليبدأ بالشمال: أى وإذا أراد أن يخلع نعله فليخلع نعل الرجْل اليسرى أوَّلا قبل خلع نعل الرجْل اليمنى.
ولتكن اليمنى أولهما تُنْعَلُ وآخرهما تُنْزَعُ: أى وليحرص المسلم على البدء باليمنى عند لبس النعل والبدء باليسرى عند خلع النعل.
[البحث]
هذا الحديث متفق عليه كما ذكر المصنف هنا، وقد وقع فى بعض نسخ بلوغ المرام التى شرح عليها الصنعانى فى سبل السلام قال:
أخرجه مسلم إلى قوله: بالشمال، وأخرج باقيه مالك والترمذى وأبو داود اهـ وهذا سبق قلم من بعض النساخ لم يتفطن له الصنعانى، بل اللفظ الذى ساقه المصنف هو لفظ البخارى وقد أخرجه من طريق مالك عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة، أما لفظ مسلم فقد أخرجه من طريق الربيع بن مسلم عن محمد (يعنى ابن زياد) عن أبى هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى وإذا خلع فليبدأ بالشمال، ولْيُنْعِلْهُمَا جميعا أو لِيَخْلَعْهُمَا جميعا".
[ما يفيده الحديث]
1 -
السنة أن يلبس الإِنسان نعل الرجْل اليمنى أولا عند إرادة الانتعال وأن يؤخر لبس اليسرى عن لبس اليمنى.
2 -
أنه إذا أراد خلع نعليه فليبدأ بخلع نعل الرجل اليسرى.
3 -
أنه ينبغى للمسلم أن يحرص على ذلك تكرمة لليمين لأن المسلمين هم أصحاب اليمين.
13 -
وعنه رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يمش أحدكم فى نعل واحدة. ولْيُنعِلْهُمَا جميعا أو لِيَخْلَعْهُمَا جميعا" متفق عليه.
[المفردات]
وعنه: أى وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه.
لا يمش أحدكم فى نعل واحدة: أى لا يَسرْ أحدكم وهو لابس نعلا فى رجل واحدة حالة كون الرجل الثانية حافية.
ولينعلهما جميعا: أى ولا يمش إلا فى نعلين، وليجعل فى كل رجْل نعلا.
أو ليخلعهما جميعا: أى وإذا انقطعت إحدى نعليه ولم يتمكن من المشى بها فليخلع النعلين جميعا حتى لا يمشى فى نعل واحدة، لما فى ذلك من المثلة وليحفهما جميعا.
[البحث]
هذا الحديث أخرجه البخارى من طريق مالك عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمش أحدكم فى نعل واحدة، لِيُحْفِهِمَا أو لِيُنْعِلْهُمَا جميعا" وقد أخرجه مسلم من طريق مالك عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمش أحدكم فى نعل واحدة، لينعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا" وفى لفظ لمسلم من حديث أبى هريرة: وإنى أشهد لسمعت رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا انقطع شِسْعُ أحدكم فلا يمش فى الأخرى حتى يصلحها" وقوله "شِسْعُ" الشِّسْعُ بكسر الشين المعجمة وسكون السين المهملة هو أحد سيور النعال وهو الذى يدخل بين الإِصبعين، وفى لفظ لمسلم من حديث جابر رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا انقطع شسع
أحدكم أو من انقطع شسع نعله فلا يمش فى نعل واحدة حتى يصلح شسعه، ولا يمش فى خف واحد" هذا وقد حض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على لبس الأحذية والانتعال فقد أخرج مسلم من حديث جابر رضى اللَّه عنه قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول فى غزوة غزوناها: "استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل".
[ما يفيده الحديث]
1 -
كراهية المشى فى نعل واحدة.
2 -
أنه إذا انقطعت نعل إحدى الرجْلين ولم يتمكن الإِنسان من المشى فيها فليخلع نعل الرجْل الأخرى ولا يمش فى نعل واحدة.
3 -
كراهية الإسلام للباس الشهرة والمثلة.
14 -
وعن ابن عمر رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا ينظر اللَّه إلى من جرَّ ثَوبَهُ خُيَلَاءَ" متفق عليه.
[المفردات]
لا ينظر اللَّه إليه: يعنى يوم القيامة فلا يرحمه.
جَرَّ ثَوْبَهُ: أى أطال ثوبه وأسبله حتى صار يَمَسُّ الأرض، وإذا مشى جره.
خيلاء: هو الكبر والزهو والعجب والبطر والتبَختر.
[البحث]
هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه البخارى ومسلم من طريق مالك عن نافع وعبد اللَّه بن دينار وزيد بن أسلم كلهم عن ابن عمر، وأورده البخارى من طريق سالم بن عبد اللَّه عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"من جَرَّ ثَوْبَهُ خيلاء لم ينظر اللَّه إليه يوم القيامة" قال أبو بكر يا رسول اللَّه إن أَحَدَ شِقَّى إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "لَسْتَ ممن يصنعه خيلاء" وأورده مسلم من طريق عمر بن محمد عن أبيه وسالم بن عبد اللَّه ونافع عن عبد اللَّه ابن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الذى يجر ثيابه من الخيلاء لا ينظر اللَّه إليه يوم القيامة" كما روى البخارى ومسلم واللفظ للبخارى من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر اللَّه يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا" وقد جعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الكعبين حدا لمن لا يريد جر إزاره وأن ما نزل عن الكعبين ففى النار فقد روى البخارى من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "ما أسفل من الكعبين من الإِزار ففى النار".
[ما يفيده الحديث]
1 -
تحريم جر الإِزار خيلاء.
2 -
أن جر الإِزار خيلاء من الكبائر.
15 -
وعنه رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أكل
أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله" أخرجه مسلم.
[المفردات]
وعنه: أى وعن ابن عمر رضى اللَّه عنهما.
بيمينه: أى بيده اليمنى.
بشماله: أى بيده اليسرى.
[البحث]
تقدم فى بحث الحديث العاشر والحديث الثالث عشر من أحاديث (باب الوليمة) ما يتعلق بالأكل أو الشرب باليد اليمنى والتحذير من الأكل أو الشرب باليد اليسرى وبحثت ذلك هناك وذكرت ما فسر به التوربشتى قوله صلى الله عليه وسلم "فإن الشيطان يأكل بشماله".
[ما يفيده الحديث]
1 -
وجوب الأكل والشرب باليمين ما لم يمنعه من ذلك عذر كمرض بها ونحوه.
2 -
تحريم الأكل أو الشرب باليد اليسرى لغير ضرورة.
3 -
وجوب الابتعاد عن مشابهة الشياطين.
16 -
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضى اللَّه عنهم قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كُلْ واشْرَبْ والْبَسْ وَتَصَدَّقْ فى غير سرفٍ ولا مخيلة" أخرجه أبو داود وأحمد وعلقه البخارى.
[المفردات]
فى غير سرف: أى فى غير تبذير وإسراف ومجاوزة القصد والاعتدال.
ولا مخيلة: أى ولا عُجْب ولا زهو ولا كبْر.
[البحث]
قال البخارى فى كتاب اللباس: باب قول اللَّه تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} وقال النبى صلى الله عليه وسلم: "كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا فى غير إسراف ولا مخيلة" وقال ابن عباس: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان: سَرَفٌ أو مخيلة" اهـ وقد قال اللَّه عز وجل {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} وقال تعالى {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} وكما قال عز وجل فى وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} .
[ما يفيده الحديث]
1 -
تحريم الإِسراف والتبذير فى الأكل أو الشرب أو اللباس أو الصدقة.
2 -
ينبغى الاعتدال فى سائر أنواع السلوك.
3 -
تحريم الكبْر.
4 -
حرص الإسلام على مصالح النفس والجسد وإبعادهما عن كل ما يضرهما فى الدنيا والآخرة.