المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب العِتْق - فقه الإسلام = شرح بلوغ المرام - جـ ١٠

[عبد القادر شيبة الحمد]

الفصل: ‌ ‌كتاب العِتْق

‌كتاب العِتْق

ص: 120

1 -

عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أيُّمَا امرئ مسلم أعتق امرًا مسلما استنقذ اللَّهُ بكل عضو منه عضوا منه من النار" متفق عليه. وللترمذى وصححه عن أبى أمامة: "وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فِكَاكَهُ من النار" ولأَبي داود من حديث كعب بن مرة "وأيما امرأةٍ مسلمةٍ أعتقت امرأةً مسلمةً كانت فِكاكَهَا من النار".

[المفردات]

العتق: هو تحرير الإِنسان من الرق، يقال عَتَقَ العَبْدُ يَعتِقُ عِتْقًا وعَتْقًا وعَتَاقًا وَعَتَاقَةً فهو عَتِيقٌ وعاتقٌ وجمعه عُتَقَاء. ويقال: أعْتَقْتُ العبدَ فَهُوَ مُعْتَقٌ وعتيقٌ ويقَال: أمَةٌ عَتِيقٌ وعتيقة فى إماء عتائق. قال فى الفتح: قال الأزهرى: وهو مشتق من قولهم: عتق الفرسُ إذا سبق، وعئق الفرخُ إذا طار لأن الرقيق يتخلص بالعتق ويذهب حيث شاء اهـ.

أيما امرئ مسلم: أى أيّ إنسان مسلم.

أعتق امرأ مسلما: أى حرر إنسانا مسلما من الرق.

استنقذ اللَّه بكل عضو منه عضوا منه من النار: أى خلص اللَّه عز وجل عِوَضَ كل عضو من أعضاء الإنسان

ص: 120

المُحَرَّرِ عُضْوًا من أعضاء الإِنسان المُحَرِّرِ ونجاه من جهنم يوم القيامة.

عن أبى أمامة: هو الحارثى رضى اللَّه عنه.

كانتا فكَاكَهُ من النار: أى كان تحريره المرأتين سبب تخليصه وإنقاذه من عذاب جهنم.

كعب بن مرة: قال أبو عمر بن عبد البر فى الاستيعاب: كعب ابن مرة البهزى السلمى، وقد قيل فى البهزى هذا: إن اسمه مرة بن كعب والأكثر يقولون: كعب بن مرة، له صحبة، سكن الأردن من الشام ومات بها سنة تسع وخمسين. روى عنه شرحبيل من السمط وأبو الأشعث الصنعانى وأبو صالح الخولانى وله أحاديث مخرجها عن أهل الكوفة يروونها عن شرحبيل بن السمط عن كعب بن مرة السلمى البهزى وأهل الشام يروون تلك الأحاديث بأعيانها عن شرحبيل ابن السمط عن عمرو بن عبسة واللَّه أعلم، وقد قيل: إن كعب بن مرة مات بالشام سنة سبع وخمسين اهـ.

كانت فكاكها من النار: أى كان تحرير هذه المرأة من الرق سببا فى تخليص المعتِقَة لها من عذاب جهنم.

ص: 121

[البحث]

حديث أبى هريرة أخرجه البخارى فى العتق وفضله من طريق واقد ابن محمد قال: حدثنى سعيد بن مرجانة صاحب على بن الحسين قال: قال لى أبو هريرة رضى اللَّه عنه قال النبى صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل أعتق امرأ مسلما استنقذ اللَّه بكل عضو منه عضوا منه من النار" قال سعيد بن مرجانة: فانطلقت به إلى على بن الحسين فَعَمَدَ علىُّ ابن الحسين رضى اللَّه عنهما إلى عبدٍ له قد أعطاه به عبد اللَّه بن جعفر عشرة آلاف درهم أو ألف دينار فأعتقه. وساقه فى كفارات الأيمان من طريق زيد بن أسلم عن على بن حسين عن سعيد بن مرجانة عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق رقبة مسلمة أعتق اللَّه بكل عضو منه عضوا من النار حتى فرْجَه بفرجه. أما مسلم رحمه الله فقد أخرجه أيضا من طريق واقد بن محمد حدثنى سعيد بن مرجانة (صاحب على بن حسين) قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما استنقذ اللَّه بكل عضو منه عضوا منه من النار" قال: فانطلقت حين سمعت الحديث من أبى هريرة فذكرته لعلى بن الحسين فأعتق عبدا له قد أعطاه به ابن جعفر عشرة آلاف درهم أو ألف دينار. وساقه من طريق إسماعيل بن أبى حكيم عن سعيد بن مرجانة عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق رقبة مؤمنة أعتق اللَّه بكل إربٍ منها إربًا منه من النار" ثم ساق من طريق زيد بن أسلم عن

ص: 122

على بن حسين عن سعيد بن مرجانة عن أبى هريرة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق رقبة أعتق اللَّه بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى فَرْجَهُ بفرجه. ثم ساق من طريق عمر بن على بن حسين عن سعيد بن مرجانة عن أبى هريرة قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من أعتق رقبة مؤمنة أعتق اللَّه بكل عضو منه عضوا من النار حتى يُعْتِقَ فرجه بفرجه اهـ أما ما ذكره المصنف من حديث الترمذى عن أبى أمامة رضى اللَّه عنه فقد أخرجه الترمذى من طريق سالم بن أبى الجعد عن أبى أمامة وغيره من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما كان فكاكه من النار يجزئ كلُّ عضو منه عضوا منه، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار يجزئ كل عضو منهما عضوا منه وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار يجزى كل عضو منها عضوا منها" هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه اهـ أما قول المصنف: ولأبى داود من حديث كعب بن مرة الخ فهو وهم، فإن أبا داود لم يخرج هذا الحديث بهذا اللفظ بل أخرج من طريق سالم بن أبى الجعد عن شرحبيل بن السمط أنه قال لكعب بن مرة أو مرة بن كعب الخ. وليس فيه هذا اللفظ الذى ساقه المصنف، وقد نسبه فى الفتح للنسائى فقال:"وللنسائى من حديث كعب بن مرة "وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار عظمين منهما بعظم، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار" إسناده صحيح

ص: 123

ومثله للترمذى من حديث أبى أمامة وللطبرانى من حديث عبد الرحمن بن عوف ورجاله ثقات اهـ.

[ما يفيده الحديث]

1 -

فضل العتق.

2 -

أن عتق الذكر أفضل من عتق الأنثى.

3 -

ينبغى الحرص على عتق الرقبة السليمة من نقصان الأعضاء.

4 -

ينبغى الحرص على عتق الرقبة المؤمنة.

5 -

حرص الإِسلام على تحرير الأرقاء.

ص: 124

2 -

وعن أبى ذر رضى اللَّه عنه قال: سألت النبى صلى الله عليه وسلم أى العمل أفضل؟ قال: "إيمانٌ باللَّه وجِهَادٌ فى سبيله" قلت: فأيّ الرقاب أفضلُ؟ قال: "أغلاها ثَمَنًا وأنْفَسُهَا عند أهلها" متفق عليه.

[المفردات]

أيّ العَمَلِ أفْضَلُ: أى أيّ الأفعال أحب إلى اللَّه عز وجل.

إيمان باللَّه وجهاد فى سبيله: أى أفضل العمل تصديق باللَّه وإقرار بألوهيته وربوبيته وأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وإخلاص العبادة له، وكذلك قتال أعداء اللَّه لإِعلاء كلمة اللَّه، وبذل النفس والنفيس فى طريق مرضاته ونصرة دينه، وإعزاز شريعته.

ص: 124

قلت: أى قال أبو ذر لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

فأى الرقاب أفضل: أى فأى الأشخاص المماليك أحبُّ إلى اللَّه أن يحرره مالكه الراغب فى الإِعتاق؟

أغلاها ثمنا: أى أكثرها قيمة.

وأنفَسُها عند أهلها: أى ما كان أهلها أشد اغتباطا بها وحُبًّا لها وحرصا عليها لحسن أخلاقها وكثرة منافعها.

[البحث]

هذا الحديث رواه البخارى من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن أبى مُرَاوِحٍ عن أبى ذر رضى اللَّه عنه قال: سألت النبى صلى الله عليه وسلم أى العمل أفضل؟ قال: "إيمان باللَّه وجهاد فى سبيله" قلت: فأيُّ الرقاب أفضل؟ قال: "أعلاها ثمنا وأنفَسُها عند أهلها" قلت: فإن لم أفعل؟ قال: "تُعينُ ضائعا أو تَصْنَعُ لأخرق" قال: فإن لم أفعل؟ قال: "تَدَعُ الناس من الشر فإنها صدقة تَصَدَّقُ بها على نفسك" وقوله (أعلاها) قال فى الفتح: بالعين المهملة للأكثر وهى رواية النسائى أيضا وللكشميهنى بالغين المعجمة وكذا للنسفى، قال ابن قرقول: معناها متقارب اهـ وقوله (تعين ضائعا) قال فى الفتح: بالضاد المعجمة وبعد الألف تحتانية لجميع الرواة فى البخارى كما جزم به عياض وغيره اهـ.

أما مسلم رحمه الله فقد رواه أيضا من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن أبى مُرَاوِحٍ الليثى عن أبى ذر قال: قلت: يا رسول اللَّه

ص: 125

أى الأعمال أفضل؟ قال: "الإِيمان باللَّه والجهاد فى سبيله" قال: قلت: أى الرقاب أفضل؟ قال: "أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا" قال: قلت: فإن لم أفعل؟ قال: تعين صانعا أو تصنع لأخرق" قال: قلت: يا رسول اللَّه أرأيتَ إن ضعُفْتُ عن بعض العمل؟ قال: "تَكُفّ شَرَّكَ عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك" ثم أخرجه مسلم من طريق حبيب مولى عروة ابن الزبير عن عروة بن الزبير عن أبى مراوِحٍ عن أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم بنحوه غير أنه قال: "فَتُعِينُ الصانعَ أو تَصْنَعُ لأخرق".

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن الإِيمان عمل وإنه أفضل الأعمال.

2 -

وأن الجهاد أفضل الأعمال بعد الإِيمان يعنى إذا تَعَيَّن.

3 -

أنه كلما كانت الرقبة أغلى ثمنا وأكثر نفعا كان عتقها أحب إلى اللَّه عز وجل.

4 -

أن تحرير الأرقاء من أفضل الأعمال التى يتقرب بها إلى اللَّه عز وجل.

ص: 126

3 -

وعن ابن عمر رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَن أَعْتَقَ شِرْكًا له فى عَبْدٍ فكان له مالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العبد قُوِّمَ عليه قيمة عَدْل فأعطى شُرَكاءه حِصَصَهُم وَعَتَقَ عليه العبدُ، وإلَّا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ" متفق عليه. ولهما عن أبى هريرة: "وإلا قُوِّمَ عليه وَاسْتُسْعِىَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عليه" وقيل: إن السِّعايَةَ مُدْرَجَةٌ فى الخَبَر.

ص: 126

[المفردات]

من أعتق: أى من حرَّرَ.

شركا له فى عبد: أى نصيبا له فى مملوك بين شركاء.

وكان له مال يبلغ ثمن العبد: أى وكان الذى أعتق نصيبه غنيا يملك من المال ما يستطيع به أن يدفع لشركائه قيمة حصصهم فى العبد.

قُوِّمَ عليه قيمة عدل: أى قَدَّر أهل الخبرة قيمة هذا العبد من غير وكس ولا شطط.

فأعطى شُرَكَاءَه حِصَصَهم: أى فيدفع الذى أعتق قيمة أنصباء الشركاء لهم.

وعتق عليه العبد: أى وصار جميع العبد حرا وولاؤه لمن أعتقه.

وإلا فقد عتق منه ما عتق: أى وإن لم يكن الذى أعتق نصيبه غنيا قادرا على دفع قيمة حصص الشركاء لهم، فإن نصيب الذى أعتق قد تحرر.

ولهما: أى وللبخارى ومسلم.

وإلا قُوِّمَ عليه: أى وإن لم يكن الذى أعتق نصيبه غنيا قادرا على دفع قيمة حصص شركائه.

قُوِّمَ عليه: أى قدَّر أهل الخبرة قيمة هذا العبد وصارت دينا على العبد وسرت الحرية فى جميعه.

واستُسْعِىَ غير مشقوق عليه: أى وطُلِبَ من العبد أن يسعى فى

ص: 127

تحصيل قيمة أنصباء شركاء المُعْتِق ليدفعها لهم على نحو الكتابة ولا يكلف ما يشق عليه.

وقيل: إن السعاية مدرجة فى الخبر: أى وقال بعض أهل العلم كهمام والإِسماعيلى وابن المنذر والخطابى وأبى بكر النيسابورى إن قوله: واستسعى الخ ليست من كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بل هى مدرجة فى الحديث من كلام بعض رواته وهو قتادة رحمه الله.

[البحث]

قال البخارى: "باب إذا أعتق عبدا بين اثنين أو أمة بين الشركاء" حدثنا على بن عبد اللَّه حدثنا سفيان عن عمرو عن سالم عن أبيه رضى اللَّه عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق عبدا بين اثنين فإن كان موسرا قُوِّمَ عليه ثم يُعْتَقُ" حدثنا عبد اللَّه بن يوسف قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق شِرْكًا له فى عبد وكان له ما يبلغ ثمن العبد قُوِّمَ العبد قيمةَ عدل فأعْطَى شركاءَهُ حصصهم وعَتَقَ عليه العبدُ وإلا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ. حدثنا عُبَيد بن إسماعيل عن أبى أسامة عن نافع عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أعتق شركا له فى مملوك فعليه عِتْقُهُ كُلُّهُ إن كان له مال يبلغ ثمنه، فإن لم يكن له مال، يُقَوَّمُ عليه قيمةَ عدل على المُعْتِقِ فأعْتَقَ منه ما أعتَقَ" حدثنا مسدد حدثنا بشر عن عبيد اللَّه اختصره.

ص: 128

حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق نصيبا له فى مملوك أو شِرْكا له فى عبد فكان له من المال ما يبلغ قيمتُه بقيمة العدل فهو عتيق" قال نافع: وإلا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ. قال أيوب: لا أدرى أشئ قاله نافع أو شئ فى الحديث. حدثنا أحمد بن مقدام حدثنا الفُضَيلُ بن سليمان حدثنا موسى بن عقبة أخبرنى نافع عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما أنه كان يفتى فى العبد أو الأمة يكون بين شركاء فَيُعْتِقُ أحدُهُم نصِيبَهُ منه. يقول: قد وجب عليه عِتْقُهُ كله إذا كان للذى أعتق من المال ما يَبْلُغُ يُقَوَّمُ من ماله قيمةَ العَدْلِ، ويُدْفَعُ إلى الشركاء أنصباءهم، ويُخْلَى سبيلُ المُعْتَقِ، يخبر ذلك ابنُ عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم، ورواه الليث وابن أبى ذئب وابن إسحاق وجويرية ويحيى بن سعيد وإسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم مُختَصرًا (باب إذا أعتق نصيبا فى عبد وليس له مال اسْتُسْعِىَ العبدُ غير مشقوق عليه على نحو الكتابة) حدثنى أحمد بن أبى رجاء حدثنا يحيى بن آدم حدثنا جرير بن أبى حازم قال: سمعت قتادة قال حدثنى النضر بن أنس بن مالك عن بَشير ابن نَهِيك عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: "من أعتق شَقِيصًا من عبد" وحدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زُرَيْع حدثنا سعيد عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق نصيبا أو

ص: 129

شقيصا فى مملوك فخلاصه عليه فى ماله إن كان له مال، وإلا قُوِّمَ عليه فاستُسْعِىَ به غير مشقوق عليه" تابعه حجاج بن حجاج، وأبان، وموسى بن خلف عن قتادة، واختصره شعبة اهـ ولا معارضة بين قوله فى حديث عبد اللَّه بن يوسف عن مالك: "وإلا فقد عتق منه ما عتق" وبين قوله فى حديث عبيد بن إسماعيل عن أبى أسامة: "فإن لم يكن له مال يُقَوَّمُ عليه قيمة عدل على المُعْتِق فأعتق منه ما أعتق" فإن الجملتين مؤداهما واحد قال الحافظ فى الفتح فى حديث عبيد بن إسماعيل عن أبى أسامة: (قوله: فإن لم يكن له مال يقوم عليه قيمة عدل على المعتق) هكذا فى هذه الرواية، وظاهر أن التقويم يشرع فى حق من لم يكن له مال وليس كذلك بل قوله: "يُقَوَّمُ" ليس جوابا للشرط بل هو صفة من له المال، والمعنى أن من لا مال له بحيث يقع عليه اسم التقويم فإن العتق يقع فى نصيبه خاصة وجواب الشرط هو قوله: "فأعتق منه ما أعتق" والتقدير: فقد أعتق منه ما أعتق اهـ وقال مسلم رحمه الله: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قلت لمالك: حدثك نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من أعتق شِرْكًا له فى عبد فكان له مال يبلغ ثَمَنَ العبد قُوِّمَ عليه قيمةَ العدل فأعْطِىَ شُرَكاؤُهُ حِصَصَهُم وعتق عليه العبد وإلا فقد عَتَقَ منه ما عتق" وحدثناه قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح جميعا عن الليث بن سعد ح وحدثنا شيبان بن فَرُّوخ حدثنا جرير بن حازم ح وحدثنا أبو الربيع وأبو كامل قال: حدثنا حماد حدثنا

ص: 130

أيوب ح وحدثنا ابن نمير حدثنا أو حدثنا عبيد اللَّه ح وحدثنى إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرنى إسماعيل ابن أمية ح وحدثنا هارون بن سعيد الأيلىُّ حدثنا ابن وهب أخبرنى أسامة ح وحدثنا محمد بن رافع حدثنا ابن أبى فُدَيْك عن ابن أبى ذئب كل هؤلاء عن نافع عن ابن عمر بمعنى حديث مالك عن نافع. وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار (واللفظ لابن المثنى) قال: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير ابن نهيك عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى المملوك بين الرجلين فَيُعْتِقُ أحدهما قال: (يضمن) وحدثنى عمرو الناقد حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم عن ابن أبى عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير ابن نهيك عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق شِقْصَا له فى عبد فخلاصه فى ماله، إن كان له مال، فإن لم يكن له مال اسْتُسْعِىَ العبد غير مشقوق عليه" وحدثناه على بن خشرم أخبرنا عيسى (يعنى ابن يونس) عن سعيد بن أبى عروبة بهذا الإِسناد وزاد: "إن لم يكن له مال قُوِّمَ عليه العبدُ قيمة عدل ثم يُسْتَسْعَى فى نصيب الذى لم يُعْتِقْ غير مشقوق عليه" حدثنى هارون بن عبد اللَّه حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبى قال: سمعت قتادة يحدث بهذا الإِسناد بمعنى حديث ابن أبى عروبة وذكر فى الحديث: "قُوم عليه قيمة عَدْلٍ" اهـ وإن تعجب فعجب دعوى من ادعى أن السعاية مدرجة فى هذا الحديث مع وجود رفعها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى تلك الروايات الكثيرة الصحيحة الثابتة عند الشيخين قال الحافظ

ص: 131

فى الفتح: قال ابن دقيق العيد: حسبك بما اتفق عليه الشيخان فإنه أعلى درجات الصحيح، والذين لم يقولوا بالاستسعاء تعللوا فى تضعيفه بتعليلات لا يمكنهم الوفاء بمثلها فى المواضع التى يحتاجون إلى الاستدلال فيها بأحاديث يَرِدُ عليها مثل تلك التعليلات، وكأن البخارى خشى من الطعن فى رواية سعيد بن أبى عروبة فأشار إلى ثبوتها بإشارات خفيفة كعادته فإنه أخرجه من رواية يزيد بن زريع عنه وهو من أثبت الناس فيه، وسمع قبل الاختلاط، ثم استظهر له برواية جرير بن حازم بمتابعته لينفى عنه التفرد، ثم أشار إلى أن غيرهما تابعهما، ثم قال: اختصره شعبة، وكأنه جواب عن سؤال مقدر وهو أن شعبة أحفظ الناس لحديث قتادة فكيف لم يذكر الاستسعاء؟ فأجاب بأن هذا لا يؤثر فيه ضعفا لأنه أورده مختصرا، وغيره ساقه بتمامه، والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد واللَّه أعلم اهـ.

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن المملوك إذا كان بين شركاء فأعتق بعضهم حصته منه وكان المُعْتِقُ غنيا قادرا على دفع قيمة أنصباء الشركاء الذين لم يُعْتِقُوا أنصباءهم منه فإن العبد يعتق كله ويُلْزَمُ المُعْتِقُ بدفع قيمة أنصباء الذين لم يُعْتِقُوا من غير وكس ولا شطط ويصير ولاء العبد لمن أعتقه.

2 -

أنه إذا كان الذى أعتق نصيبه فقيرا غير قادر على دفع أنصباء شركائه الذين لم يُعْتِقُوا فإنه يعتق من العبد بقدر نصيب الذى أعْتَقَ ويُطْلَبُ من العبد أن يكتسب

ص: 132

لتحصيل قيمة أنصباء الشركاء الذين لم يُعْتِقُوا ليدفعها لهم ويصير حرا.

3 -

ينبغى الرفق بالعبد المُسْتَسْعَى فلا يكلف ما يشق عليه.

4 -

رحمة الإِسلام بالضعفاء.

ص: 133

4 -

وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يَجْزِى وَلَدٌ وَالِدَه إلا أن يجده مملوكا فَيَشْتَرِيَه فَيُعْتِقَهُ" رواه مسلم.

[المفردات]

لا يجْزِىَ وَلَدٌ والده: أى لا يقوم ولد بما لأبيه عليه من حق، ولا يكافئه بإحسانه به.

إلا أن يجده مملوكا: أى إلا أن يصادفه عبدا رقيقا.

فيشتريه فيعتقه: أى فيدفع لمالكه قيمته ليصير بذلك حرا.

[البحث]

قال مسلم رحمه الله: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة وزهير بن حرب قال: حدثنا جرير عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يَجْزِى وَلدٌ والدًا إلا أن يجده مملوكا فَيَشْتَرِيَهُ فيعتِقَه" وفى رواية ابن أبى شيبة: "وَلد وَالِدَهُ" وحدثناه أبو كريب حدثنا وكيع ح وحدثناه ابن نمير حدثنا أبى ح وحدثنى عمرو الناقد حدثنا أبو أحمد الزُّبَيْرِىُّ كلهم عن سفيان عن سهيل بهذا الإِسناد مِثْلَهُ

ص: 133

وقالوا: "وَلَد وَالِدَه" اهـ والعتق يتم بنفس الشراء من غير حاجة إلى إنشاء له ولفظ حديث الباب لا ينافى ذلك كما أشرت إليه فى مفردات هذا الحديث وسيأتى مزيد بحث لهذا فى حديث سمرة بن جندب الذى يلى هذا الحديث إن شاء اللَّه تعالى.

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن من اشترى والده المملوك صار الوالد حرا.

2 -

عظيم حق الوالد على الولد.

ص: 134

5 -

وعن سرة بن جندب رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ فهو حُرٌّ" رواه أحمد والأربعة ورجَّح جمعٌ من الحفاظ أنه موقوف.

[المفردات]

من ملك ذا رحم محرم: أى من انتقلت إليه ملكية ذى قرابة محرمة للنكاح بينهما.

فهو حُرٌّ: أى فالمملوك حنيئذ يصير حرا بنفس انتقال ملكيته إلى ذى رحم محرم منه.

أنه موقوف: أى أن حديث عشرة هذا موقوف على الصحابى وليس مضافا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

ص: 134

[البحث]

قال فى تلخيص الحبير: حديث الحسن عن سمرة: من ملك ذا رحم مَحرم فهو حر. أحمد والأربعة، قال أبو داود والترمذى: لم يروه إلا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن، ورواه شعبة عن قتادة عن الحسن مرسلا، وشعبة أحفظ من حماد، وقال على بن المدينى هو حديث منكر، وقال البخارى: لا يصح، ورواه ابن ماجه والنسائى والترمذى والحاكم من طريق ضمرة عن الثورى عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر قال النسائى: حديث منكر، وقال الترمذى: لم يتابع ضمرة عليه، وهو خطأ، وقال البيهقى: وهم فيه ضمرة، والمحفوظ بهذا الإِسناد نهى عن بيع الولاء وعن هبته. اهـ وقال فى الدراية: حديث: من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر. أصحاب السنن عن سمرة، قال أبو داود: لم يروه إلا حماد وقد شك فيه مرة فقال: عن سمرة فيما يحسب، وأرسله شعبة فقال: عن قتادة عن الحسن، وقال الترمذى فى العلل الكبرى: يروى عن الحسن عن عمر قوله. وقال ابن المدينى: منكر، وأخرجه الطحاوى عن الأسود عن عمر موقوفا وأخرجه أبو داود والنسائى عن قتادة عن عمر منقطعا اهـ وقد روى النسائى من حديث ابن عمر رفعه "من ملك ذا رحم محرم منه عتق" قال النسائى: منكر تفرد به ضمرة عن الثورى.

ص: 135

6 -

وعن عمران بن حصين رضى اللَّه عنهما أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعا بهم رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَجَزَّأهُم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وَأرَقَّ أربعة، وقال له قولا شديدا" رواه مسلم.

[المفردات]

أن رجلا: كان هذا الرجل من الأنصار رضى اللَّه عنهم.

أعتق: أى حرر.

ستة مملوكين له: أى ستة أعبُدٍ له.

عند موته: أى وكان عند تحريره لهؤلاء العبيد مريضا مرض الموت.

لم يكن له مال غيرهم: أى وليس لهذا المعتق من مال إلا هؤلاء المماليك.

فدعا بهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أى فطلب هؤلاء العبيد الستة ليحضروا إليه صلى الله عليه وسلم.

فَجَزَّأهُم: أى فقسمهم.

أثلاثا: أى جعل كل عَبْدَيْن على حدة.

ثم أقرع بينهم: أى هيّأهُم للقرعة على العتق.

فأعتق اثنين: أى أنفذ العتق فى الثلُث الذى وقعت له القرعة.

وأرق أربعة: أى وأبقى حكم الرق على أربعة.

وقال له قولا شديدا: أى وأغلظ القول فى حق الذى أعتقهم وهو

ص: 136

فقير ليس له مال غيرهم لما فيه من محاولة حرمان الوارث وقد أثر أنه قال: "لو علمنا ما صلينا عليه" أو قال: لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن فى مقابر المسلمين.

[البحث]

أورد مسلم هذا الحديث من طريق على بن حجر وأبى بكر بن أبى شيبة وزهير بن حرب ثلاثتهم عن إسماعيل بن علية عن أيوب عن أبى قلابة عن أبى المهلب عن عمران بن حصين باللفظ الذى ساقه المصنف، ثم أورده من طريق حماد والثقفى كلاهما عن أيوب بهذا الإِسناد قال مسلم: أما حماد فحديثه كرواية ابن علية وأما الثقفى ففى حديثه: أن رجلا من الأنصار أوصى عند موته فأعتق ستة مملوكين ثم أورده من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين عن النبى صلى الله عليه وسلم بمثل حديث ابن علية وحماد اهـ وأخرجه أبو داود من طريق سليمان بن حرب عن حماد عن أيوب بمثل إسناده عند مسلم وبمعناه ثم أخرجه من طريق وهب بن بقية عن خالد عن أبى قلابة عن أبى زيد أن رجلا من الأنصار بمعناه وقال يعنى النبى صلى الله عليه وسلم: لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن فى مقابر المسلمين اهـ وقد أخرجه الترمذى من طريق قتيبة بن سعيد عن حماد بن زيد بنفس سند مسلم وأبى داود بلفظ: أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد له عند موته ولم يكن له مال غيرهم فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال له قولا

ص: 137

شديدا قال: ثم دعاهم فجزأهم ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة. وفى الباب عن أبى هريرة، حديث عمران بن حصين حديث حسن صحيح وقد رُوِىَ من غير وجه عن عمران بن حصين اهـ.

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن العتق إنما ينفذ من جائز التصرف.

2 -

أن العتق فى مرض الموت بمنزلة الوصية ينفذ من الثلث.

3 -

أنه إذا أعتق الإِنسان من عبيده أكثر مما يجوز له التصرف فيه يتعين من ينفذ فيه العتق بالقرعة.

ص: 138

7 -

وعن سفينة رضى اللَّه عنه قال: كنت مملوكا لأم سلمة فقالت: أعتِقُكَ وأشْتَرِطُ عليك أن تَخْدُمَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَا عِشْتَ رواه أحمد وأبو داود والنسائى والحاكم.

[المفردات]

سفينة: هو خادم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبو عبد الرحمن ويقال: أبو البخترى، كان عبدا لأم سلمة رضى اللَّه عنها فأعتقته واشترطت عليه أن يخدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف فى اسمه فقيل مهران بن فروخ وقيل نجران وقيل رومان وقيل غير ذلك، وإنما لقب سفينة لأنه كان فى سفر مع النبى صلى الله عليه وسلم فتعب بعض

ص: 138

القوم فألقى أحدهم عليه سيفه وألقى أحدهم عليه ترسه حتى حمل من ذلك شيئا كثيرا فقال النبى صلى الله عليه وسلم له: أنت سفينة. وقد روى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعن على وأم سلمة، وروى عنه ابناه عبد الرحمن وعمر وسعيد بن جمهان وأبو ريحانة وسالم بن عبد اللَّه بن عمر والحسن البصرى وغيرهم.

كنت مملوكا لأم سلمة: أى كنت عبد الأم سلمة زوج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورضى اللَّه عنها.

أعتقك وأشترط الخ: أى أحررك من الرق بشرط أن تلتزم بخدمة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طول عمرك.

[البحث]

تمام هذا الحديث عند أبى داود: فقلت: إن لم تشترطى علىَّ ما فارقت رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ما عشت، فأعتقتنى، واشترطت علىَّ اهـ وقد أخرجه من طريق سعيد بن جمهان عنه رضى اللَّه عنه. وقد اختلف فى سعيد بن جمهان فقال الدورى عن ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال الآجرى عن أبى داود: ثقة، وقال البخارى: فى حديثه عجائب، وقال الساجى: لا يتابع على حديثه. واللَّه أعلم.

ص: 139

8 -

وعن عائشة رضى اللَّه عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الولاء لمن أعتق" متفق عليه فى حديث طويل.

[المفردات]

إنما الولاء لمن أعتق: أى إنما ولاء العتق وهو أن يرث المعتقُ أو ورثته العتيق يعنى إذا لم يكن للعتيق وارث من عصبته لا يكون -هذا الولاء- إلا لمن صدر منه العتق وحرر الرقيق.

[البحث]

تقدم هذا الحديث بطوله فى كتاب البيوع فى باب شروطه وما نُهِى عنه منه برقم 10 وقد تم بحثه وشرحه هناك فى قصة بريرة رضى اللَّه عنها.

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن الولاء لمن أعتق.

2 -

أن من باع عبدا على إنسان واشترط عليه عتقه فإن ولاءه يكون لمن أعتقه لا لمن باعه.

ص: 140

9 -

وعن ابن عمر رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الولاء لُحمَة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب" رواه الشافعى وصححه ابن حبان والحاكم، وأصله فى الصحيحين بغير هذا اللفظ.

ص: 140

[المفردات]

الولاء لحمة كلحمة النسب: قال ابن منظور فى لسان العرب: وفى الحديث: الولاء لحمة كلحمة النسب وفى رواية: كلحمة الثوب. قال ابن الأثير: قد اختلف فى ضم اللحمة وفتحها ثم قال: وقال: ومعنى الحديث المخالطة فى الولاء وأنها تجرى مجرى النسب فى الميراث كما تخالط اللحمة سَدَى الثوب حتى يصيرا كالشئ الواحد لما بينهما من المداخلة الشديدة اهـ.

لا يباع: أى لا يتنازل عنه لشخص آخر بثمن.

ولا يوهب: أى ولا يتنازل عنه لشخص آخر بغير ثمن.

[البحث]

أصل هذا الحديث فى الصحيحين عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته. وهو الحديث السادس عشر من أحاديث كتاب البيوع، وقد تقدم بحثه وشرحه هناك.

[ما يفيده الحديث]

1 -

أنه لا يصح بيع الولاء.

2 -

وأنه لا تصح هبة الولاء.

3 -

وأن الولاء يجرى مجرى النسب فى الميراث فإذا مات العتيق وليس له وارث من عصبته ورثه معتقه.

ص: 141