الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المقدمة]
المقدمة إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، الذي بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده حتى تركنا على المحجّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، وعلى آله وصحبه وأتباعه، ومن اهتدى بهديه وتمسك بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن الدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة الرسل جميعا، ومن أجلها بعثهم الله تعالى إلى الناس، فكلهم بلا استثناء دعوا أقوامهم ومن أرسلوا إليهم إلى الإيمان بالله، وإفراده بالعبادة على النحو الذي شرعه لهم، قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36](1) .
فرسل الله هم الدعاة، وقد اختارهم الله لحمل دعوته وتبليغها، وقد ختم الله الرسالات بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله داعيا إلى الحق ورحمة للعالمين، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا - وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 45 - 46](2) .
(1) سورة النحل، الآية:36.
(2)
سورة الأحزاب، الآيتان: 45، 46.
فقام صلى الله عليه وسلم بمهمة الدعوة على أكمل وجه وأتمه، إذ كان عليه أن يبلغ رسالة ربه كما أمره:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67](1) .
وكان عليه أن يخرج الناس من ظلمات الجهل والشرك إلى نور العلم والإيمان بإذن الله، قال تعالى:{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: 1](2) .
وقد بُعِثَ صلى الله عليه وسلم في مجتمع جاهلي، عبد أهله الأصنام والأوثان، وأعرضوا عن عبادة الله وحده، فكان من حكمته صلى الله عليه وسلم في الدعوة أن قدّم لهم الدِّين الإسلامي كما يُقدَّم العلاج للمريض، فلم يفاجئهم عليه الصلاة والسلام بتسفيه أحلامهم، وشتم آلهتهم، بل دعاهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، متدرجًا معهم في بيان أحكام الله وشرائعه وتطبيقها في واقع الحياة، فكان من نتيجة ذلك أن استجاب الناس لدعوته، فلم تصعد روحه الطاهرة إلى بارئها، حتى أقر الله عينه بإقبال الناس أفواجًا على هذا الدِّين، قال تعالى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا - فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 1 - 3](3) .
(1) سورة المائدة، الآية:67.
(2)
سورة إبراهيم، الآية:1.
(3)
سورة النصر.