المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المبحث الأول البدء بالأقربين] - التدرج في دعوة النبي

[إبراهيم المطلق]

فهرس الكتاب

- ‌[تقديم بقلم أ. د عبد الله بن عبد المحسن التركي]

- ‌[تزكية بقلم الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان]

- ‌[المقدمة]

- ‌[أهداف البحث]

- ‌[التعريف بمصطلحات البحث]

- ‌[الفصل الأول التدرج في الدعوة باعتبار الموضوع]

- ‌[المبحث الأول التوحيد]

- ‌[أولًا مفهوم التوحيد]

- ‌[ثانيا أهمية البدء بالتوحيد]

- ‌[المبحث الثاني الشريعة]

- ‌[أولا مفهوم الشريعة]

- ‌[ثانيًا صلة الشريعة بالتوحيد]

- ‌[ثالثا التدرج في الدعوة إلى الشريعة]

- ‌[الفصل الثاني التدرج في الدعوة باعتبار الوسيلة]

- ‌[تمهيد]

- ‌[المبحث الأول القول]

- ‌[المبحث الثاني السرايا والغزوات]

- ‌[المبحث الثالث الكتب والرسائل]

- ‌[المبحث الرابع الوفود والبعوث]

- ‌[الفصل الثالث التدرج في الدعوة باعتبار الأسلوب]

- ‌[تمهيد]

- ‌[المبحث الأول أسلوب العرض]

- ‌[المبحث الثاني أسلوب الحماية]

- ‌[المبحث الثالث أسلوب الإلزام]

- ‌[المبحث الرابع أسلوب التأليف]

- ‌[الفصل الرابع التدرج في الدعوة باعتبار المدعو]

- ‌[المبحث الأول البدء بالأقربين]

- ‌[المبحث الثاني التعرف على المدعوين]

- ‌[المبحث الثالث العناية بذوي المكانة]

- ‌[المبحث الرابع عرض الدعوة على عموم المدعوين]

- ‌[أولًا دعوة غير المسلمين]

- ‌[ثانيا دعوة المسلمين]

- ‌[الفصل الخامس الحكمة من التدرج في الدعوة]

- ‌[المبحث الأول تهيئة النفوس للسماع]

- ‌[المبحث الثاني قبول النفوس للحق]

- ‌[المبحث الثالث ترسيخ الإسلام في النفوس]

- ‌[الفصل السادس التدرج في الدعوة في العصر الحاضر]

- ‌[المسألة الأولى التدرج في الدعوة إلى الموضوع]

- ‌[المسألة الثانية التدرج في الدعوة باعتبار الوسيلة والأسلوب]

- ‌[المسألة الثالثة التدرج في الدعوة باعتبار المدعو]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات]

- ‌[فهرس المصادر والمراجع]

الفصل: ‌[المبحث الأول البدء بالأقربين]

[المبحث الأول البدء بالأقربين]

المبحث الأول

البدء بالأقربين حثّ الله تعالى في كتابه الكريم على دعوة الأهل، وخصهم بذلك في أكثر من موضع فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6](1) .

يقول ابن كثير: " قال الضحّاك ومقاتل: حق المسلم أن يعلِّم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم، وما نهاهم الله عنه "(2) .

وقال تعالى آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132](3) فأول واجبات الداعية أن يبدأ بدعوة أهله، وهذا ما فعله عليه الصلاة والسلام، فقد ابتدأ بعرض الدعوة على زوجته خديجة فقص عليها ما رأى من بدء الوحي، ثم قال: لقد خشيت على نفسي، فكان لها السبق في الاستجابة لدعوته، وتأنيسه وتيسير الأمر عليه وتهوينه لديه (4) مما دل على كمالها، وجزالة رأيها، وقوة نفسها، وثبات قلبها، وعظم فقهها (5) رضي الله عنها، وعرض دعوته على صديقه أبي بكر رضي الله عنه فآمن به، وصدق برسالته دون تردد، وقد بيَّن

(1) سورة التحريم، الآية:6.

(2)

ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 4 / 391.

(3)

سورة طه، الآية:132.

(4)

ابن حجر، فتح الباري 1 / 37.

(5)

مسلم، صحيح مسلم، شرح النووي 2 / 202.

ص: 101

ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله: «إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بنفسه وماله. .» (1) .

وعرض دعوته على ابن عمه الغلام علي بن أبي طالب، ومولاه زيد بن حارثة، فآمنا وصدقا، فكان لهؤلاء الأربعة السبق إلى الإسلام، فعلي أول من أسلم من الغلمان، وخديجة أول من أسلم من النساء، وزيد بن حارثة أول من أسلم من الموالي، وأبو بكر الصديق أول من أسلم من الرجال الأحرار رضي الله عنهم أجمعين (2) .

والمقصود بيانه أنه صلى الله عليه وسلم ابتدأ بعرض الدعوة على أهله أولا، فدعا زوجته وصديقه وربيبه ومولاه، ثم دعا الأقربين ممتثلا قول الله عز وجل:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214](3) .

فأمره تعالى بإنذار الأقرب فالأقرب من قومه، ويبدأ في ذلك بمن هو أولى بالبداءة، ثم من يليه، وأن يقدم إنذارهم على إنذار غيرهم (4) ذلك لأن الاهتمام بشأنهم أولى وهدايتهم إلى الحق أقدم (5) فهم أحق الناس بالإحسان الديني والدنيوي (6) .

(1) البخاري، صحيح البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لو كنت متخذا خليلًا "(ك 66 ح3461) 3 / 1339.

(2)

انظر: ابن كثير، البداية والنهاية 3 / 28، 29.

(3)

سورة الشعراء، الآية:(214) .

(4)

الزمخشري، الكشاف 3 / 231.

(5)

الشوكاني، فتح القدير 3 / 120.

(6)

ابن سعدي، تيسير الكريم الرحمن، 5 / 551.

ص: 102

وقد قدم ابن القيم رحمه الله مرتبة دعوة الأقربين فجعلها بعد النبوة، مما دل على أهمية البداءة بهم، وتقديم دعوتهم على الآخرين (1) .

وقد عمل صلى الله عليه وسلم جاهدًا بعد نزول هذه الآية على دعوة أقربيه وإنذارهم، فقد روى البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] صعد النبي صلى الله عليه وسلم الصفا فجعل ينادي: " يا بني فهر، يا بني عدي. . لبطون قريش. . .» الحديث (2) .

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لما نزلت هذه الآية: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فعمّ وخص، فقال: يا بني كعب بن لؤي، أنقذوا أنفسكم من النار. . .» الحديث (3) .

والنكتة في ندائه للقبائل قبل عشيرته ليكرر إنذار عشيرته، ولدخول قريش كلها في أقاربه (4) ومما يدل على دخول قريش كلها في أقاربه ما رواه البخاري «عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله تعالى:{إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس عجلت لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة. . . .» (5) .

(1) انظر: ابن القيم، زاد المعاد 1 / 86.

(2)

البخاري، صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب:" وأنذر عشيرتك الأقربين "، 4 / 1819.

(3)

مسلم، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى:" وأنذِر عشِيرتك الأقربين "(ك 1 ح 348) 1 / 192.

(4)

ابن حجر، فتح الباري 9 / 452.

(5)

البخاري، صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب قوله:" إلا المودة في القربى "، (ك 68 ح 4541) 4 / 1819.

ص: 103

واستمر صلى الله عليه وسلم ينذر أقربيه أولا ويدعوهم إلى الله تعالى، والسر في ذلك أن الحجة إذا قامت عليهم تعدت إلى غيرهم، وإلا كانوا علة للأبعدين في الامتناع (1) فلما ظهر من جملتهم الإصرار على الكفر والعناد، ومنعوه من تبليغ دعوة ربه، انتقل إلى الطائف، ودعاهم إلى الله، ثم عاد إلى مكة، وبدأ يعرض دعوته على القبائل، بعد أن يتعرف عليهم.

ويستفاد من هذا التدرج مع المدعو الإلماح إلى درجات المسؤولية التي تتعلق بكل مسلم، وبالدعاة خصوصا، فأدنى تلك الدرجات مسؤوليته عن نفسه، ثم عن ذوي قرباه، ثم قومه، وهكذا (2) .

(1) انظر: ابن حجر، فتح الباري، 9 / 452.

(2)

انظر: د. محمد سعيد رمضان البوطي، فقه السيرة ص 113، 114.

ص: 104