المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌5. غرابة السند واتفاق البلدان: - قواعد العلل وقرائن الترجيح

[عادل الزرقي]

فهرس الكتاب

- ‌(مقدمة وتعريف)

- ‌1- تَعْرِيفُ العِلَّةِ:

- ‌2- أهمية علم العلل وصعوبته:

- ‌3- أقسام الحديث المعل:

- ‌4 - المؤلفات في العلل:

- ‌5 - طرق معرفة علة الحديث:

- ‌6 - طرق معرفة علة الحديث:الأمر الثاني:

- ‌7 - من مهمات علم العلل:

- ‌8 - قرائن التَّرجيح والموازنة بين الرِّوايات المختلِفة:

- ‌أ- قرائن أغلبية

- ‌1. العدد:

- ‌2. الحفظ:

- ‌3. الاختصاص:

- ‌4. سلوك الجادة:

- ‌5. غرابة السند واتفاق البلدان:

- ‌6. اتفاق البلدان:

- ‌ب - قرائن خاصة

- ‌1) رواية الراوي عن أهل بيته:

- ‌2) الرواية بالمعنى:

- ‌3) اختلاف المجلس:

- ‌4) سعة رواية المختلف عليه:

- ‌5) شذوذ السند:

- ‌6) فقدان الحديث من كتب الراوي:

- ‌7) مخالفة الراوي لما روى:

- ‌8) وجود تفصيل أو قصة في السند أو المتن:

- ‌9) التفرد:

- ‌10) غرابة المتن:

- ‌11) اختلاف ألفاظ الروايتين:

- ‌12) اضطراب إحدى الروايتين:

- ‌13) وجود أصل للرواية:

- ‌14) وجود رواية تجمع الوجهين المختلفين:

- ‌15) تصحيح الحفاظ لإحدى الروايات:

- ‌16) تشابه الاسمين:

- ‌17) رواية أهل المدينة:

- ‌18) احتمال التدليس ممن وصف به:

- ‌19) التصريح بالسماع:

- ‌تعارض القرائن:

- ‌عِلَلُ أَلْفَاظِ حَدِيثِ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه في المَسْحِ

- ‌أما بعد:

- ‌ ترجمة موجزة لراوي الحديث:

- ‌ بيان لتلك الألفاظ، وطرقها وتخريجها وبيان عللها

الفصل: ‌5. غرابة السند واتفاق البلدان:

كانت الرواية عند أبي شريح أصح» (1) .

وبكلِّ حالٍ فإن وقوع الخطأ في الأسانيد المشهورة (2) كان بسبب سلوك الجادة، لتعلقه بذهن الرواة، خصوصاً ممن خفَّ ضبطه عن المكثرين، فكيف بالضُّعفاء إذا رووا عنهم!

5. غرابة السند واتفاق البلدان:

غرابة السند: مع أنَّ وصف الحديث بالغرابة مما قد يضعف جانبه، إلا أنه ربما يقوى جانبه عند الاختلاف. ومعنى ذلك أنه إذا اختلف على راوٍ في حديث، وروى أحد أصحابه وجهاً غريباً صحيحاً، لا احتمال فيه لسلوك الجادَّة، ومثل هذا الوجه يندر الوهم فيه، ويعد الخطأ فيه نادراً، فإن روايته تكون أقوى من هذه الجهة.

وشاهده قول عبد الله بن أحمد: «سألت أبي عن حديث هشيم عن حصين عن عمرو بن مرة عن علقمة بن وائل عن أبيه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم في الرفع. قال: رواه شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل عن النَّبي صلى الله عليه وسلم. خالف حصينٌ شعبة. فقال: شعبة أثبت في عمرو بن مرة من حصين. القول قول شعبة، من أين يقع شعبة على: أبي البختري عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل» (3) .

(1) الفتح (10/546) .

(2)

قمت بجمع أشهرها في كتاب "المشهور من أسانيد الحديث" - طبع دار طويق.

(3)

العلل لعبد الله بن أحمد (1/181) .

ص: 80

وقال أبو حاتمٍ في حديثٍ: «لو كان عن ابن عمر كان أسهل عليه من أبي الصِّديق

» (1) .

وقال أيضاً: «حديث عثمان بن حكيم أشبه، لأن حفظ زيد بن ثابت أسهل من يزيد بن ثابت» (2) .

وهذا الحوار الذي دار بين أبي حاتم وابنه يبيِّن شيئاً من هذه القرينة، واختلاف الحفَّاظ فيها لاختلاف قوتها.

قال ابن أبي حاتم: «سألت أبي عن حديث رواه سفيان الثوري عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين فقيل لأبي: إن أبا زرعة قال: هذا خطأ! قال أبي: الذي عندي إنه ليس بخطأ، وكنت أرى قبل ذلك أنه خطأ، إنَّما هو معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن القاسم بن عبد الرحمن عن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قيل لأبي: كذا قاله أبو زرعة. قال أبي: وليس هو عندي كذا، الذي عندي أنه صحيح - الذي كان الحديثين جميعاً - كانا عند معاوية بن صالح، وكان الثوري حافظاً، وكان حفظ هذا أسهلَ على الثوري من حديث العلاء، فحفظ هذا ولم يحفظ ذاك، ومما يدلُّ أَنَّ هذا الحديث صحيح؛ أَنَّه يرويه الحمصيون عن عبد الرحمن بن جبير عن عقبة رضي الله عنه، ومحال أن يغلط بين هذا الإسناد إلى إسناد آخر، وإنَّما أكثر ما يغلط النَّاس إذا كان حديثاً واحداً من اسم شيخ إلى شيخ آخر، فأما مثل هؤلاء فلا أرى يخفى على الثوري» (3) .

(1) العلل لابن أَبي حاتم (1/315) .

(2)

العلل لابن أَبي حاتم (1/359) .

(3)

العلل لابن أَبي حاتم (2/60) .

ص: 81

فرجح أبو حاتم الوجهين عن معاوية خلافاً لأبي زرعة بقرينة أن الوهم من الثوري في سند كامل غريب مثل ذلك محال عادةً، بخلاف الوهم في رجل واحد في السَّند.

ومن الغرابة المقوِّيَّة قول ابن رجب: «

فإنَّ في إسناده ما يُستغرب، فلا يحفظه إلا حافظ» (1) .

وقال أيضاً: «لا ريب أن الذين قالوا فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه جماعة حفاظ، لكن الوهم يسبق كثيراً إلى هذا الإسناد، فإن رواية سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أو عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، سلسلة معروفة تسبق إليها الألسن، بخلاف رواية سعيد عن أبيه عن ابن وديعة عن سلمان، فإنها سلسلة غريبة، لا يقولها إلا حافظ لها متقن» (2) .

ومن أقوى الأمثلة على ما ذكره ترجيح الدارقطني (3) - حرب بن شداد- على هشام وشيبان بسبب زيادته اسم غريب، مع أن هشاماً أثبت بكثير، وقد تابعه آخر.

ومن أمثلة الغرابة المضعِّفة للحديث قول أبي حاتم: «أبو سلمة عن ثوبان لا يجيء» (4) .

وقال أيضاً: «واصل عن أبي قلابة لا يجيء» (5) .

ويدخل في هذا الباب قول البرقاني للدَّارَقُطْنِي: «قلت موسى بن ثروان، قال: ويقال ابن سروان عن طلحة بن عبيد الله بن كريز عن عائشة رضي الله عنها إسناد محمول حمله النَّاس» (6) .

(1) شرح العلل (2/726) .

(2)

فتح الباري لابن رجب (8/111) .

(3)

العلل الواردة (11/243) .

(4)

العلل لابنه (1/364) .

(5)

العلل لابنه (1/376) .

(6)

سؤالات البرقاني (500) .

ص: 82