الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن هذا الباب الاختلاف في تسمية الشيخ على وجهين، وقد روى عن أحدهما دون الآخر فهو غريب، فيرجح جانب المتصل لغرابة ذاك السند، ومن شواهده قول أبي حاتم:«لا يشبه هذا الحديث حديث الأعمش، لأن الأعمش، لم يروِ عن أبي تميمة شيئاً، وهو بأبي إسحاق أشبه» (1) .
ويلحظ أن هذه القرينة عكس لقرينة سلوك الجادة - السابقة - إلى حدٍّ ما.
6. اتفاق البلدان:
وهذه القرينة من القرائن القوية، التي قد تخفى على كثير ممن يعمل بالعلل.
فمما لاشكَّ فيه أنَّ أهل البلد أعلم بحديث شيوخهم، كما أنهم أعلم بفتواهم من حيث الأصل.
فإذا اختلف على مالك، رجَّحنا المدنيين منهم. وإذا اختلف على قَتادة رجَّحنا البصريين منهم، وإذا اختلف على الأعمش أو أبي إسحاق رجَّحنا الكوفيين منهم، وهكذا، مالم تأتِ قرينة أقوى تعارض ذلك.
قال حماد بن زيد: «بلديُّ الرجل أعرف بالرَّجل» (2) .
وقال أبو زرعة الدمشقي أحمد في تفضيل عبيد الله بن عمر عن نافع: «هو من أهل
(1) العلل لابن أبي حاتم (2/125) .
(2)
الكفاية للخطيب (ص133) .
البلد، يريد أن أهل البلد أعلم بحديثهم» (1) .
وقال أبو حاتم في صالح: «أحبُّ إليَّ من عقيل لأنه حجازيٌّ» (2) ، قدَّمه في الزُّهريِّ وهو مدني.
وقال أيضاً: «الأوزاعي من أهل بلده، والأوزاعي أفهم به» (3) .
وقال ابن حبان: «الثوري كان أعلم بحديث أهل بلده من شعبة وأحفظ لها منه» (4) .
وقال ابن عدي: «هو من أهل بلدنا ونحن أعرف به» (5) .
وقال أبو سعد السَّمعانيُّ: «هو أعرف بأهل بلده» (6) .
ومن أمثلته العملية اختلاف آدم بن أبي إياس الخراسانيُّ وموسى التَّبوذكيُّ البصري على حماد بن سلمة - وهو بصري - في رفع حديث ووقفه.
وقد رجَّح البخاري (7) رواية موسى بوقف الحديث على رفع آدم. والسَّبب في ذلك أن موسى (8) بصري.
كما غلَّط أبو حاتم الرَّازي ابنَ المبارك في حديثٍ، وعلَّل ذلك بقوله:«لأنَّ أهل الشَّام أَعرف بحديثهم» ، وقال: «وأهل الشَّام أضبط لحديثهم
(1) تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1075) .
(2)
التهذيب (2/199) .
(3)
العلل لابن أبي حاتم (494) .
(4)
الإحسان (8/179) .
(5)
الكامل (4/398) .
(6)
الأنساب (3/173) .
(7)
التاريخ الكبير (1/224) .
(8)
التهذيب (4/170) .
من الغرباء» (1) وقال أيضاً: «الأوْزاعي أعلم به، لأنَّ شدَّاداً دمشقي وقع إلى اليمامة، والأوْزاعي من أهل بلده، والأوْزاعي أفهم به
…
» (2) .
وقال أيضاً مرجِّحاً على الثوريِّ غيرَه في نافع: «أهل المدينة أعلم بحديث نافع من أهل الكوفة» (3) . وقال أيضاً: «يحيى بن حمزة أفهم بأهل بلده» (4) .
فهذه القرائن الخمسة العامة هي أصول قرائن الترجيح، ومن أهم ضوابطه.
(1) العلل لابن أَبي حاتم (1/80و369) .
(2)
العلل لابن أَبي حاتم (1/173) .
(3)
العلل لابن أَبي حاتم (1/311) .
(4)
العلل لابن أَبي حاتم (2/52) .