الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«وترجَّح ذلك عنده بقرينة، كونها تختصُّ بأبيه فدواعيه متوفِّرة على حملها عنه» (1) .
2) الرواية بالمعنى:
ومن أمثلته ما رواه هشيم بن بشير عن الزُّهري حديث: «لا يتوارث أهل ملتين» (2)، فقد رواه كلُّ أصحاب الزُّهري عنه بلفظ:«لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» (3) .
قال أحمد: «لم يسمع هشيم من الزُّهري حديث علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: «لا يتوارث أهل ملتين شتى» ، قال أبي: وقد حدثنا به هشيم» (4) .
ويشهد لقول ابن حجر ما رواه عمرو بن عون عن هشيم قال: «سمعت من الزهري نحواً من مئة حديث، فلم أكتبها» (5) .
(1) هدي الساري (ص534) .
(2)
أخرجه النسائي في الكبرى (4/82) والطحاوي في شرح المعاني (3/266) .
(3)
أخرجه البخاري: كتاب الحج / باب توريث دور مكة (1588) ومسلم في أول كتاب الفرائض (1613) .
(4)
العلل لعبد الله (2/341) .
(5)
تاريخ بغداد (14/86) والتهذيب (4/280) .
ووقع هشيم بسبب الرِّواية بالمعنى في وهم آخر.
فقد روى سفيان بن عيينة قال حدثنا عمرو قال سمعت أبا فاتخة سعيد بن علاقة يقول سمعت ابن عباس يقول: «يصوم المجاور المعتكف» .
فحكى سفيان أن هشيماً يقوله عن عمرو عن أبي فاتخة أن ابن عباس قال: لا اعتكاف إلا بصوم.
قال سفيان: «أخطأ هشيم، وهو كما قلت لك» (1) .
وقال ابن أبي حاتم: «سمعت أبي يذكر حديث عبد الرَّزَّاق عن معمر عن الزُّهري عن أنس أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم أشار في الصَّلاة بأصبعه. قال أبي: اختصر عبد الرَّزَّاق هذه الكلمة من حديث النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه ضَعُفَ فقدَّم أبا بكرٍ يصلي بالنَّاس فجاء النَّبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث. قال أبي: أخطأ عبد الرَّزَّاق في اختصاره هذه الكلمة لأنَّ عبد الرَّزَّاق اختصر هذه الكلمة وأدخله في باب من كان يشير بأصبعه في التَّشهد وأوهم أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم إنَّما أشار بيده في التشهد وليس كذاك هو
…
» (2) .
وقال التِّرمذي: «حدثنا محمود بن غَيلان حدثنا عبد الرَّزَّاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث"(3) . سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: جاء مثل
(1) المعرفة ليعقوب (3/110) .
(2)
العلل لابن أَبي حاتم (1/160) .
(3)
أخرجه أحمد (2/309) والترمذي في جامعه (1532) وابن ماجة (2104) وابن حبان في صحيحه (4341) .
هذا من قبل عبد الرَّزَّاق وهو غلط، إنَّما اختصره عبد الرَّزَّاق من حديث مَعْمَر (1) عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم في قصة سليمان بن داود حيث قال: لأطوفنَّ الليلة على سبعين امرأة» (2) .
ونقل ابن حجر عن شيخه العراقي قوله في شرح التِّرمذيِّ: «بأنَّ الذي جاء به عبد الرَّزَّاق في هذه الرِّواية ليس وافياً بالمعنى الذي تضمَّنته الرِّواية التي اختصره منها، فإنه لا يلزم من قوله صلى الله عليه وسلم لو قال سليمان: إن شاء الله لم يحنث أن يكون الحكم كذلك في حقِّ كل أحد غير سليمان، وشرط الرِّواية بالمعنى عدم التَّخالف، وهنا تخالف بالخصوص والعموم. قلت: وإذا كان مخرج الحديث واحدا فالأصل عدم التعدد
…
» (3) .
(1) أخرج روايته البخاري (4944) ومسلم (1654) .
(2)
العلل الكبير (2/656-ترتيبه) والجامع (1532) .
(3)
فتح الباري (11/737) .
(4)
هدي الساري (ص516) .