المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تحذير الأئمة لاربعة من تقليدهم - كشف غياهب الظلام عن أوهام جلاء الأوهام

[سليمان بن سحمان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌فصل: مبدأ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌فصل: شيء من سيرة الشيخ رحمة الله

- ‌فصل: مناظرة مع علماء مكة

- ‌فصل: ترجمة الشيخ محمد رحمة الله

- ‌رسالة من الشيخ سليمان بن عبد الوهاب في قبوله الدعوه السلفية

- ‌بعض مفتريات أعداء الدعوة

- ‌ التجسيم وبراءة السلفية منه

- ‌ التقليد والاجتهاد

- ‌ حقيقة الفرقة الناجية

- ‌تحذير الأئمة لاربعة من تقليدهم

- ‌ الناس بالنسبة إلى الهدى ثلاث طبقات

- ‌ التوسل وزيارة القبور

- ‌ مشركوا هذا الزمان كمشركي العرب الاقدمين

- ‌ إتخاذ القبور مساجد

- ‌ نفي تمسك الخليل بعلم النجوم

- ‌الاحاديث الموضوعة في زيارة قفبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌دحض فرية القول باجماع المسلمين على جواز شد الرحال للقبور

- ‌ الشيخ ابن تيمية لم يحرم زيارة القبور مطلقا

- ‌ التوسل والاستشفاع

- ‌ أحاديث ضعيفة أوردها المعترض وبيان بطلانها

- ‌بطلان جواز التوسل من الناحية العقلية

- ‌ الصلاة على النبي صلى الله علية وسلم وحكمها

- ‌ احمد بن زيني دحلان من أئمة الضلال

- ‌مسائل هامة

- ‌مدخل

- ‌ الكفر الذي يخرج من الملة

- ‌ حكم التحاكم إلى الطاغوت

- ‌ الحب والبغض

- ‌ الهجر المشروع وغير المشروع

- ‌ اتخاذ بعض الطبقات البسة خاصة تميزهم عن غيرهم

- ‌ ابن تيمية لم يقل بفضل العامة

- ‌ المعترض نقل من مجموع المنقور ماله وترك ماعليه

- ‌ سنية التحنيك وذؤابة

- ‌باب فهارس

الفصل: ‌تحذير الأئمة لاربعة من تقليدهم

‌تحذير الأئمة لاربعة من تقليدهم

فصل: تحذير الائمة لاربعة من تقاليدهم

ثم قال الملحد: المبحث الخامس في ترجمة الأئمة الأربعة وغيرهم.

والجواب أن نقول لقد حكيت ولكن فاتك الشنب وذكر وذكرت من فضلهم ما لا يفي بالمقصود من مناقب ذوي الفضائل والرتب وإنما ذكرت قليلاً من كثير ولم تأت من ذاك إلا باليسير وقد ذكر العلماء من ذلك ما يشفي ويكفي ولكن العجب أنك ذكرت الأئمة الأربعة عموماً وذكرت من فضلهم ما كان مشهوداً معلوماً وأغفلت عن ذكر الإمام أحمد فلا أدري ما الموجب لذلك حيث لم تذكره بشيء من الفضائل فيما هنالك إذ لك جهل بفضائله ومناقبه ومقداره أم لشيء مما حاك في صدرك من أنبائه وأخباره وأنه عندك من أئمة المحدثين الذين لهم قدم صدق في العالمين وهم فيما لديك قاصرون مقصورن عن درك درجة الأئمة الثلاثة المبرزين الذين هم في الغاية والنهاية عند المحققين فلا جرم أن نذكر من فضائله ومزاياه نزراً يسيراً ونذكر من ذلك ما كان معلوماً شهيراً من فضائله ومزاياه أنك استحق الإمامة بدلالة قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوْقِنُونَ} وأنه أظهر السنة لما اضطرب أمر الدين في شرق الأرض وغربها قريباً من؟ حتى كاد أن يذهب وصار العلماء بين منقلب ومرتاب ومداهن وشاك فأظهر وشاك فأظهر الحق وبين أعلامه حتى استقر الدين كما أظهر أبو بكر الحق لأهل الردة حتى قيل هو الصديق وقال أبو يعلى: سمعت علي بن المديني يقول إن الله أعز هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث أبو بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة، وقال الخلال: حدثني الميموني سمعت علي بن المديني يقول: ما أقم أحد بأمر الإسلام بعد

ص: 160

رسول الله –صلى الله عليه وسلم ما قام أحمد بن حنبل قلت يا أبا الحسن ولا أبو بكر الصديق؟ قال: ولا أبو بكر الصديق إن أبا بكر الصديق كان له أعوان وأصحاب وأحمد بن حنبل لم يكن له أعوان ولا أصحاب، وأعطي من الصبر على أمر الله في الضراء والسراء حيث تداوله أربعة خلفاء بعضهم بالضراء ولا مخافة وبعضهم بالسراء والكرامة فلم يتغير عن دينه لا مخافة له. وإذ هم له ولا لموافقة هؤلاء وإكرامهم له هذا شيء لم يبتل أحد من الأئمة به فكان استحقاقه لمنصب الإمامة بنص القرآن أقوى من غيره ولهذا ألهم الله الأمة خاصتها وعامتها وهم شهداء الله في الأرض على ما تلقيبه بالإمامة فيقال قال فلان: قال فلان: وقال فلان وقال الإمام أحمد يقول ذلك المصنفون وإن لم يكونوا من أتباعه وأيضاً فإنه قد اشتهر عند جميع الأمة أنه إمام السنة حتى رضيه عامة أهل السنة إماماً في السنة الاعتقادية وإن خالفوه في بعض مسائل الأحكام فتجد خلقاً كثيراً من أئمة أصحاب مالك والشافعي وأهل الحديث يقول أحدهم إنا على اعتقاد أحمد بن حنبل وإنا في الفروع على مذهب فلان. ومن لم يقل ذلك منهم فإنه لا يخالفه وإن لم ينتسب إليه بل قد يقول القول مالك والشافعي والأظهر لأحمد بن حنبل حتى إن المتكلمين الذين انتسبوا إلى الذب عن السنة كأبي محمد بن كلاب وأبي عبد الله بن مجاهد وأبي الحسن الأشعري إنما صار لهم قول عند من اتبعهم باتباعهم لمقالته وذبه عنها وانتسابهم إليه وإلى أصحابه كما ذكره الأشعري في كتابه الإبانة وفي كتاب المقالات وكما تدل عليه مصنفاتهم فإنه قال في الإبانة، لما قيل له قد أنكرت ما قاله الجهمية والروافض والخوارج ونحوهم، فيقول من تقولون وبدين من تدينون؟ فقال: نأخذ بكتاب الله وسنة نبيه وإجماع

ص: 161

المسلمين وبما كان عليه شيخنا وإمامنا أحمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولما خالفه مخالفون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي بان الله به الحق ودفع به الضلالة وأوضح به المنهاج وقمع به المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين فرحمة الله عليه من إمام مقدم وجليل معظم وكبير مفهم وحتى إنه استفاض عند أهل اليمن أن جماعة من الفقهاء من أصحاب الشافعي وغيره تحيروا في الاعتقاد فصلوا ودعوا الله دعاء المضطر إلى أن يهديهم فرأوا النبي –صلى الله عليه وسلم في المنام فأمرهم باعتقاد أحمد وقد رأوا في ذلك من المنامات ما يضيق هذا الموضع إحصائها، ومنامات المؤمنين إذا تواطأت على وجه واحد لم تكن إلا حقاً كما دل عليه قول النبي –صلى الله عليه وسلم وحتى أن جماهير الأولياء والصالحين وأئمتهم لا يميلون إلا إلى طريقته لا سيما في الأصول حتى روى الإمام يحيى بن يوسف الصرصري عن الإمام أبي الحسن علي بن إدريس ذي الكرامات الظاهرة قال قلت للشيخ عبد القادر: هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل؟ قال: لا، لا، كان لا يكون وتحقيق ذلك أنه انتهى له من نصوص النبي –صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين في مسائل الأصول ما لم ينته إلى غيره يقيناً وله في ذلك من الكلام الكثير والدعاء إليه ما ليس لغيره فإذا كان إماماً في السنة الأصلية ومقاله راجح على غيره فيها والناس بعده تبع له كان هذا مرجحاً له في السنة الفرعية لأن العلم بالأصول يقوى على العلم بالفروع وأيضاً فإنه كان آخر الأئمة وجمع طرائقهم وطرائق غيرهم فإنه جالس أبا يوسف ومحمد أو كتب كتب الرأي وحفظها وجالس سفيان بن عيينة والشافعي وغيرهما من فقهاء الحجاز وفقهاء الحديث وجالس يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح وكلهم في الفقه على طريق أهل الحديث واطلع من نصوص

ص: 162

النبي –صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين على ما لم يطلع عليه غيره مع شهادة الشافعي وغيره له فإنه لم يكن في بغداد أفقه منه وإنه لم يكن في الدنيا مثل بغداد وهو شاب له بضع وثلاثون سنة فمن كان بهذه المثابة كان قد اجتمع عنده علوم الناس مع فقهه وتقواه فيكون اختياره أقرب من اختيار غيره فعلوم مالك والشافعي اجتمعت له إلى غير ذلك مما ذكره العلماء من فضائله ومزاياه التي امتاز بها على من سواه، ثم ذكر الملحد كلاماً لا لفائدة في الجواب عنه.

ثم قال المعترض: ولا خلاف بين المسلمين بأن اختلاف الأئمة في الفروع هو عين الرحمة من الله تعالى إلى آخر كلامه.

والجواب أن يقال: هذا الكلام لا ينبغي أن يؤخذ على إطلاقه وعمومه بل يقتصر به في اختلاف التنوع مما قد شرع جميعه لكن المكروه المحرم المذموم من ذلك المعاداة فيه والموالاة فيه والتحاسد والتدابر والتقاطع والبغي والحسد وإرادة العلو في الأرض والاختلاف المذكور ربما قد يكون منه طريقتان مشروعتان ورجل أو قوم قد سلكوا هذا الطريق وآخرون سلكوا الأخرى وكلاهما حسن في الدين ثم الجهل والظلم يحمل على ذم أحدهما أو تفضيلهما بلا قصد صالح أو بلا علم أو بلا نية أو بلا علم وأما الاختلاف المذموم مطلقاً فهو اختلاف التضاد.

وهو القولان المتنافيان إما في الأصول وإما في الفروع عند الجمهور الذين يقولون لمصيب واحد ولا فمن قال إن كل مجتهد مصيب فعده هو من باب اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد لأن القولين يتنافيان لكن تجد كثير من هؤلاء قد يكون القول الباطل الذي مع منازعه فيه حق أو معه دليل يقتضي.

ص: 163

حقا ما فيرد الحق في الأصل هذا كله حتى يبقى هذا مبطلا في البعض كما كان الأول مبطلا في الأصل وتمام الكلام في هذا مذكور مبسوط في "اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإسلام بن تيمية قدس الله روحه، فمن أراد الوقوف عليه فليراجعه هناك وبالله التوفيق، وأما ما ذكره عن الشيخ عبد الغني النابلسي عن والده من الحديث الذي رواه البيهقي في المدخل بسنده عن بن عباس فلم يذكر له اسنادا واذا لم يذكر له إسناداً فلا يعتمد عليه ولا يعول عليه ومثل هذا لا تثبت به الأحكام الشرعية إلا بعد ذكر روايته وأنهم عدول أثبات ليس فيهم مجروح ولا مغمور والله أعلم بصحته.

وأما ما ذكر بعد ذلك من قوله: أن الأئمة الأربعة ضبطوا في كتبهم التفسير والحديث بقصد العمل بهما فلذا تحروا وجه صحة ما دونوه وما اتفق عليه الصحابة وما اختلفوا فيه وما كان عليه التابعون بعد الصحابة وأئمة الحديث ما دونوه بهذا القصد ولا تتبعوا فيه أحوال الصحابة والتابعين بل دونوه لأجل حفظه فلذا ما كان مقصدهم تحري ما تحراه الأئمة سيما أن الأربعة سبقوهم لبيان ما يجوز التعبد والتعامل فيه وما لا يجوز إلى آخره.

فالجواب: أن يقال هذا من الخطأ الواضح والإفك الفاضح ومن أعظم الكذب والجرأة على منصب أئمة الحديث واهتضامهم بهذا القصد الخبيث ومن المعلوم بالضرورة أن أئمة الحديث إنما دونوا ما دونوه من الحديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم إنما هو لقصد العمل به وقصد حفظه ضبطه كما قصد ذلك أو الأئمة الأربعة وكان أيضاً من المعلوم بالضرورة أن أئمة الحديث كانوا في العلم بالناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمقيد والمطلق والمجمل والمفصل والظاهر والمضمر

ص: 164

كالأئمة الأربعة بل الأئمة الأربعة من آحاد الألوف المؤلفة من أئمة الحديث إلا أنهم من أفضلهم وأشدهم اهتماماً وكان اهتمامهم جميعاً بما يصلح الأمة وينفيها ويدفع عنهم الحرج في ذلك معلوماً مشهوراً عند من اصطفى الله سريرته ونور بصيرته.

ص: 165