الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الولايات والمناصب والمشار إليهم من أهل العلم ليكون ذلك شعاراً لهم ولا يستحب ذلك لآحاد الناس فذكر أن هذا خاص بهؤلاء وأنه لا يستحب ذلك لآحاد الناس ثم أخذوا المعنى مما حذفوا وجعلوه رسماً وشعاراً لكل أحد ممن يدخل في هذا الذين وإن لم يكونوا من أهل الولايات والمناصب والعلماء والخطباء فلم يتقيدوا من أهل الولايات والمناصب والعلماء والخطباء فلم يتقيدوا بما ذكره أهل العلم من المتأخرين وإن كان مرجوحاً ولم يقتدوا برسول الله –صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسائر العرب في لباسهم من الأردية والعمائم الساترة لجميع الرأس وكونها محنكة بل جعلوا مكاناً ذلك عصائب جعلوا لها ذؤابة وظنوا أنهم قد أخذوا بالسنة في ذلك وليس هذا من السنة في شيء وقد تبين لك أن شيخ الإسلام ابن تيمية مع أكثر الأئمة لا يستحبون هذا الزي وهذا الشعار بل قد كانوا يكرهونه لما فيه من التمييز عن الأمة وتبين لك أيضاً من سياق الأحاديث وكلام العلماء أن هذا في إرسال الذؤابة لا في مشروعية العمامة لأنه قد كان من المعلوم عندهم أن لبس العمائم من عادة العرب في الجاهلية والإسلام وليست شعاراً لهم لأهل الولايات والمناصب والمشار إليهم من أهل العلم وإنما الشعار الخاص بهم الرسم بالذؤابة فقط.
فصل:
سنية التحنيك وذؤابة
وأما قوله: قال في "الإقناع"، وشرحه إلى آخر ما نقل فهذا كله ليس من كلام شيخ الإسلام الذي نقله لمنقور، وفيه، ويسن تحنيك العمامة إلى آخر ما ذكره عن ابن مفلح وهؤلاء لا يحنكون العصائب وقد ذكر أهل العلم أن تحنيك العمائم مسنون لأن عمائم المسلمين كانت كذلك على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم وقد تقدم ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" أنه قال
قال الميموني: رأيت أبا عبد الله عمامته تحت ذقنه ويكره غير ذلك وقال العرب أعمتها تحت أذقانها وقال أحمد في رواية الحسن بن محمد يكره أن لا تكون العمامة تحت الحنك كراهة شديدة وقال إنما يتعمم بمثل ذلك اليهود والنصارى والمجوس. انتهى. فتبين لك من صنيع هؤلاء أنه لو كان المقصود منهم الاقتداء برسول الله –صلى الله عليه وسلم في هديه وفي لباسه لفعلوا كما فعل ولم يبتدعوا زياً وشعاراً يخالف هديه فهذا ما تيسر لي من الجواب مع تكدر البال وكثرة الاشتغال والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين الحمد لله وحده.
تنبيه: ذكر الشيخ صديق بن حسن في كتابه "الدين الخالص" في صفحة سبع وأربعين وستمائة على قوله –صلى الله عليه وسلم في حديث ركانة أن النبي –صلى الله عليه وسلم قال "فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس" رواه الترمذي وقال هذا حديث غريب إسناده وليس بالقائم. انتهى. وفيه دلالة على أن الكفار والمشركين يستعملون العمائم بلا قلنسوة وأن المسلمين زيهم أن يلبسوها عليها وليس فيه أن لبس القلانس ممنوع بل فيه فضيلة العمامة عليها وأن لا يكون الاقتصار على واحد منهما أبداً بل يجمع بينهما ويتميز عن أقوام لا يلبسون العمائم أصلاً ويقنعون على القلانس فقط كالنصارى ومن ضاهاهم من أجيال أخرى وعن أرهاط لا يلبسون القلانس بل يستعملون العمائم فقط كالهنود ومنهم من لا يلبس قلنسوة ولا عمامة بل يبقى مكشوف الرأس أبداً كأناس بنجالة في الهند ومنهم من يجمع بينهما لكن على زي الأعاجم دون العرب ومراده –صلى الله عليه وسلم بالعمائم في هذا الحديث هي التي كان يلبسها هو وأصحابه وتابعوهم وهي مضبوط مصرح
بها في كتب السنة المطهرة طولاً وعرضاً مع بيان شأن الربط وما يتصل به قال المجزي: قد تتبعت الكتب لأقف على قدر عمامة النبي –صلى الله عليه وسلم فلم أقف حتى أخبرني من أثق به أنه وقف على كلام النووي أنه كان له –صلى الله عليه وسلم عمامة قصيرة هي سبعة أذرع وعمامة طويلة ومقدارها اثنا عشر ذراعاً قال في "المرقاة" فتعمم على القلانس وهم يكتفون بالعمائم. انتهى. وأما اليوم فإني رأيت العرب ومن يساكنهم في الحرمين الشريفين أدام الله شرفهما أحدثوا لها أشكالاً غير الشكل المأثور وأفرطوا فيها وفي غيرها من اللباس والثياب حتى خرجوا عن زي الإسلام السالف واختاروا ما شاءوا من القلانس والعمائم قال علي القاري في حق أهل مكة في زمنه: عمائم كالأبراج وكمائم كالأخراج. انتهى. وما أصدقه في هذه المقالة فقد وجدناهم كذلك بل وجدناهم فوق ذلك لأنه مضى على زمنه مئون وللدهر في عصر فنون وشئون كما قيل في كل بلد من بلادهم مائة مشيئة ومائة لسان ولا يقف عند حد أحد من نوع إنسان وما شاء الله كان. انتهى.
فبين –رحمه الله أن اسم العمامة لا يقع إلا على ما كان يلبسه رسوله –صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون وغير ذلك المحدث من العمائم التي أحدثت بعد ذلك وجعل لها أشكالاً غير الشكل المأثور فهي من المبتدعات المحدثة التي تخالف زي العرب وما كان عليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم وأصحابه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين والحمد لله رب العالمين.
"تم بحمد الله"