الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب مخارج الحروف
المخارج:
جمع مخرج، والمخرج لغة: محل الخروج، واصطلاحا: محل خروج الحرف وتميزه عن غيره، والعلماء في مخارج ثلاثة مذاهب: مذهب الخليل بن أحمد، وأكثر القراء والنحويين ومنهم ابن الجزري: إلى أنها سبعة عشر مخرجا وذهب سيبويه ومن تبعه كالشاطبي إلى أنها ستة عشر مخرجا، وذهب قطرب والحرمى والفراء إلى أنها أربعة عشر مخرجا، وإليك بيان ذلك:
فمن جعل سبعة عشر مخرجا. جعل في الجوف مخرجا. وفي الحلق ثلاثة، وفي اللسان عشرة وفي الشفتين اثنين، وفي الخيشوم واحدا، ومن جعلها ستة عشر:
أسقط مخرج الجوف وفرق حروفه وهي حروف المد على بعض المخارج فجعل الألف مع الهمزة من أقصى الحلق، والياء المدية مع الياء المحركة من وسط اللسان.
والواو المدية مع المحركة من الشفتين، ومن جعلها أربعة عشر أسقط مخرج الجوف كذلك. وجعل مخارج اللسان ثمانية. بجعله مخرج اللام والراء والنون واحدا. ونحن نتبع مذهب ابن الجزري في جعلها سبعة عشر مخرجا، يجمعها إجمالا خمسة مخارج، وتسمى المخارج العامة وهي الجوف، والحلق، واللسان، والشفتان، والخيشوم، وإذا
أردت معرفة مخرج أي حرف فسكنه أو شدده وأدخل عليه همزة الوصل محركة بأي حركة وأصغ إليه فحيث انقطع الصوت فهو مخرجه. ومعرفة المخرج للحرف بمنزلة الوزن والمقدار. ومعرفة الصفة له: بمنزلة المحك والمعيار وإليك بيان المخارج مفصلة:
الأول الجوف: وهو الخلاء الداخل في الحلق والفم. ويخرج منه حروف المد الثلاثة وهي: الواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، والألف ولا تكون إلا ساكنة ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا، وتسمى هذه الحروف بالجوفية أو الهوائية.
الثاني أقصى الحلق: أي أبعده مما يلي الصدر ويخرج منه الهمزة والهاء.
الثالث وسط الحلق: ويخرج منه العين الحاء.
الرابع أدنى الحلق: مما يلي الفم ويخرج منه الغين والخاء وتسمى هذه الستة بالحلقية لخروجها من الحلق.
الخامس أقصى اللسان: أي أبعده مما يلي الحلق وما يحاذيه من الحنك الأعلى ويخرج منه القاف.
السادس أقصى اللسان: أي أبعده مما يلي الحلق وما يحاذيه من الحنك الأعلى تحت مخرج القاف ويخرج منه الكاف، وهذان الحرفان يقال لهما لهويان لخروجهما من قرب اللهاة.
السابع وسط اللسان مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى: ويخرج منه الجيم والشين والياء، وتسمى هذه الحروف بالحروف الشجرية لخروجها من شجر اللسان أي منفتحة.
الثامن إحدى حافتي اللسان وما يحاذيه من الأضراس العليا:
ويخرج منه الضاد المعجمة وخروجها من الجهة اليسرى أيسر وأكثر استعمالا، ومن اليمنى أصعب وأقل استعمالا، ومن الجانبين أعز وأعمر، فهي أصعب الحروف مخرجا، لذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم أنا أفضل من نطق بالضاد.
التاسع ما بين حافتي اللسان معا بعد مخرج الضاد: وما يحاذيها من اللثة أي لحمة الأسنان العليا، تخرج منه اللام، وقيل خروجها من إلحاقه اليمنى أمكن عكس الضاد.
العاشر طرف اللسان ومخارجه خمسة وحروفه أحد عشر حرفا: فطرف اللسان وما يحاذبه من لثة الأسنان العليا تحت مخرج اللام قليلا يخرج منه النون المظهرة.
وأما المدغمة والمخفاة فمخرجهما من الخيشوم.
الحادي عشر طرف اللسان مع ظهره مما يلي رأسه: ويخرج منه الراء وهي أدخل.
إلى ظهر اللسان من النون وتسمى هذه الحروف الثلاثة ذلقية لخروجها من ذلق اللسان أي طرفه.
الثاني عشر ظهر رأس اللسان: وأصل الثنيتين العليين ويخرج منه الطاء، فالدال المهملتان، فالتاء الفوقية، وتسمى هذه الحروف بالحروف النطعية لخروجها من نطع الفم أي جلدة غاره.
الثالث عشر طرف اللسان مع ما بين الأسنان العليا والسفلى قريبة إلى السفلى من انفراج قليل بينهما: ويخرج منه الصاد والشين والزاى وتسمى هذه الحروف أسلية لخروجها من أسلة اللسان أي مستدقه.
الرابع عشر طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا: وتخرج منه الظاء والذال والثاء، وتسمى هذه الحروف لثوية لخروجها من قرب اللثة.
الخامس عشر بطن الشفة مع أطراف الثنايا: ويخرج منه الفاء.
السادس عشر الشفتان معا: وتخرج منه الباء الموحدة والميم والواو إلا أنهما بانطباق مع الميم والباء وانفتاح مع الواو وتسمى هذه الحروف شفوية لخروجها من الشفة.
السابع عشر الخيشوم: وهو خرق الأنف المنجذب إلى الداخل فوق سقف الفم، وليس بالمنخر ويخرج منه الغنة، والله أعلم.
وإليك دليل المخارج من الجزرية قال ابن الجزري في مقدمته:
مخارج الحروف سبعة عشر
…
على الذي يختاره من اختبر
فألف الجوف وأختاها وهى
…
حروف مد للهواء تنتهى
ثم لأقصى الحلق همز هاء
…
ثم لوسطه فعين حاء
أدناه غين خاؤها والقاف
…
أقصى اللسان فوق ثم الكاف
أسفل والوسط فجيم والشين يا
…
والضاد من حافته إذ وليا
الأضراس من أيسر أو يمناها
…
واللام أدناها لمنتهاها
والنون من طرفه تحت اجعلوا
…
والرا يدانيه لظهر أدخل
والطاء والدال وتاء منه ومن
…
عليا الثنايا والصفير مستكن
منه ومن فوق الثنايا السفلى
…
والظاء والذال وثا للعليا
من طرفيهما بطن الشفه
…
فالفا مع أطراف الثنايا المشرفة
الشفتين الواو باء ميم
…
وغنة مخرجها الخيشوم
صفات الحروف
الصفات- جمع صفة- والصفة لغة: ما قام بالشىء من المعاني كالعلم أو البياض أو السواد، وما أشبه ذلك، واصطلاحا: كيفية عارضة للحرف عند حصوله في المخرج من جهر ورخاوة وشدة وما أشبه ذلك واختلف كذلك في عدد الصفات فمنهم من عدها سبع عشرة صفة، ومنهم من زاد على ذلك إلى أربع وأربعين صفة ومنهم من نقصها إلى أربع عشرة صفة بحذف الإذلاق وضده والانحراف واللين، وزيادة صفة الغنة، ومنهم من عدها ستة عشر بحذف الإذلاق وضده أيضا وزيادة صفة الهوائي والمختار مذهب ابن الجزري في عدها سبع عشرة صفة، وهي على قسمين قسم له ضد وقسم لا ضد له، فالذي له ضد خمس والذي لا ضد له سبع ولنبدأ بالذي له ضد فنقول.
الأول: الهمس، وضده الجهر، والشدة والتوسط، وضدها الرخاوة والاستعلاء، وضده الاستقبال والإطباق، وضده الانفتاح، والإذلاق وضده الإصمات.
والسبعة التي لا ضد لها هي، الصفير، والقلقلة، والانحراف والتكرير واللين والتفشي، والاستطالة، وإليك بيان ذلك بالتفصيل:
الهمس: لغة الخفاء، واصطلاحا: جريان النفس عند النطق بالحروف لضعف الاعتماد على المخرج، وحروفه عشرة يجعلها ابن الجزري في قوله (فحثه شخص سكت) وهي الفاء والحاء والثاء والهاء والشين والخاء والصاد والسين والكاف والتاء.
وبعض هذه الحروف أقوى من بعض، كالصاد والحاء فإنهما أقوى من باقي الحروف لاشتمالها على بعض الصفات القوية وأضعف حروف الهمس الهاء إذ ليس فيها صفة قوية.
الجهر: لغة الإعلام، واصطلاحا: انحباس جرى النفس عند النطق بحروفه لقوة الاعتماد على المخرج وحروفه تسعة عشر وهي الباقية بعد حروف الهمس.
وبعض هذه الحروف أقوى من بعض في الجهر وذلك بقدر ما فيها من صفات قوية كالطاء لما فيها من استعلاء وشدة.
الشدة: لغة القوة، واصطلاحا: انحباس جرى الصوت عند النطق بالحروف لكمال الاعتماد على المخرج وحروفها ثمانية مجموعة في قوله (أجد قط بكت) وهي الهمزة والجيم والدال والقاف والطاء والباء والكاف والتاء، وأقوى هذه الحروف الطاء لما فيها من انطباق واستعلاء وجهر.
التوسط: لغة الاعتدال، واصطلاحا: اعتدال الصوت عند النطق بالحرف لعدم كمال انحباسه كما في الشدة وعدم كمال جريانه كما في الرخاوة وحروفها خمسة، مجموعة في قوله (لن عمر) وهي اللام والنون والعين والميم والراء.
الرخاوة: لغة اللين، واصطلاحا: جريان الصوت مع الحروف لضعف الاعتماد على المخرج وحروفها ستة عشر حرفا، وهي ما عدا حروف الشدة والتوسط.
الاستعلاء: لغة الارتفاع، واصطلاحا: ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحروف وحروفه سبعة. يجمعها قوله (خص ضغط قظ) وهي الخاء والصاد والضاد والغين والطاء والقاف والظاء.
الاستفال: لغة الانخفاض، واصطلاحا: انخفاض اللسان أي انحطاطه من الحنك الأعلى إلى قاع الفم عند النطق بالحروف وحروفه اثنان وعشرون وهي الباقي بعد حروف الاستغلاء.
الإطباق: لغة الإلصاق، واصطلاحا: تلاصق ما يحاذي اللسان من الحنك الأعلى للسان عند النطق بالحرف أو هو تلاقي طائفتي اللسان والحنك الأعلى عند النطق بالحروف، وحروفه أربعة: الصاد، والضاد، الطاء، الظاء، وأقوى حروف الإطباق الطاء، وأضعفها الظاء المعجمة.
الانفتاح: لغة الافتراق، واصطلاحا: تجافي كل من طرف اللسان والحنك الأعلى عن الآخر حتى يخرج الريح من بينهما عند النطق بالحروف، وحروفه خمسة وعشرون وهي ما عدا حروف الإطباق.
الإذلاق: لغة حدة اللسان. أي طلاقته، واصطلاحا سرعة النطق بالحروف لخروجه من طرف اللسان كاللام والراء والنون والبعض من الشفتين كالفاء والباء والميم ويجمع هذه الحروف قوله (فر من لب) والباقي لضده وهو الإصمات.
الإصمات: لغة المنع، واصطلاحا: امتناع حروفه من الانفراد أصولا في الكلمات الرباعية والخماسية بمعنى أنها لا يتكون منها هذه الكلمات من غير أن يكون فيها حرف من حروف الذلاقة ولذلك كل كلمة رباعية أو خماسية أصولا لا يوجد فيها حرف من حروف الذلاقة فهي غير عربية كلفظ (عسجد) اسم للذهب، وحروف الإصمات ثلاثة وعشرون وسميت هذه الحروف مصمتة لما ذكر أولا.
الصفير: لغة صوت يشبه صوت الطائر، واصطلاحا: صوت زائد يخرج من الشفتين يصاحب أحرفه الثلاثة وهي الصاد والسين المهملتان والزاى المعجمة وسميت بالصفير لأنك تسمع لها صوت يشبه صفير الطائر فالصاد تشبه صوت الأوز، والسين تشبه صوت الجراد، والزاى تشبه صوت النحل، وأقوى هذه الحروف الصاد لما فيها من استعلاء وإطباق.
القلقلة: لغة الاضطراب والتحريك، واصطلاحا: اضطراب المخرج عند النطق للحرف ساكنا حتى يسمع له نبرة قوية، وحروفها خمسة مجموعة في قوله (قطب جد) والسبب في هذا الاضطراب والتحريك شدة حروفها لما فيها من جهر وشدة والجهر يمنح جريان النفس، والشدة تمنح جريان الصوت فاحتاجت إلى كلفة في بيانها.
ومراتب القلقلة: ثلاثة أعلاها الطاء وأوسطها الجيم وأدناها الباقي، وقيل أعلاها المشدود الموقوف عليه ثم الساكن وصلا ثم المتحرك.
والقلقلة صفة لازمة لهذه الأحرف حالة سكونها متوسطة كانت مثل (خلقنا، قطمير، عبدا، واجتباه، يدخلون) أم متطرفة موقوفا عليها مثل (الحريق، محيط، قريب، البروج، مجيد) ويجب بيانها في حالة الوقف أكثر من حالة الوصل خاصة إذا كان الحرف الموقوف عليه مشددا مثل (وتبّ) ويقول ابن الجزري:
بين مقلقلا إن سكنا
…
وإن يكن في الوقف كان أبينا
هناك من يقول أن القلقلة صفة وهي تابعة لما قبلها.
وقال بعضهم: أنّها تكون قريبة من الفتح مطلقا لا تتبع ما قبلها ولا ما بعدها:
وقلقلة ميل إلى الفتح مطلقا
…
ولا تتبعها بالذي قبل تجملا
اللين: لغة ضد الخشونة، واصطلاحا: إخراج الحرف من مخرجه في لين وعدم كلفة، وحروفه اثنان: الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما نحو (خوف، بيت).
الانحراف: لغة الميل والعدول، واصطلاحا: ميل الحرف بعد خروجه إلى طرف اللسان وله حرفان اللام والراء، فانحراف صفة لازمة لهما لانحرافها عن مخرجهما حتى يتصلا بمخرج غيرهما فاللام إلى ناحية طرف اللسان، والراء إلى ظهره.
التكرير: لغة إعادة الشيء مرة بعد مرة، واصطلاحا: ارتعاد رأس اللسان عند النطق بالحرف، وهي صفة لازمة الراء تغلب على اللسان عند النطق بالراء ولكن يجب أن تكون بقصد حتى لا يتولد من الراء راءات والغرض من معرفة هذه الصفة التحفظ منها عند النطق بالراء.
ويقول ابن الجزري:
وأخف تكريرا إذا تشدد التفشي: لغة الانتشار والاتساع، واصطلاحا: انتشار الهواء في الفم عند النطق بالشين حتى يتصل بمخرج الظاء المعجمة وهذه الصفة لازمة الشين خاصة على الراجح.
وقيل: إن في الفاء والتاء والصاد والراء والسين تفشيا كذلك والأصح الأول كما تقدم.
الاستطالة: لغة الامتداد، واصطلاحا: امتداد الصوت من أول إحدى حافتي اللسان إلى آخرها
…
وهي صفة الصاد.
أما الغنة فهي لازمة للنون والميم تحركتا أو سكنتا ظاهرتين أو مخفيتين أو مدغمتين، وقد تقدم الكلام عليها في حكم النون والميم المشددتين.