المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الضاد المعجمة - لسان العرب - جـ ١١

[ابن منظور]

الفصل: ‌فصل الضاد المعجمة

عليهم، فهو صَؤُول. وصِيلَ لَهُمْ كَذَا أَي أُتِيح لَهُمْ؛ قَالَ خُفاف بْنُ نُدْبَة:

فَصِيلَ لهُم قَرْمٌ كأَنَّ بكَفِّه

شِهاباً، بَدَا فِي ظُلْمة اللَّيل يَلْمَع

وصالَ العَيْرُ عَلَى العانةِ: شَلَّها وحَمَلَ عَلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ هَؤُلَاءِ الحَيَّيْنِ مِنَ الأَوْس والخَزْرج كَانَا يتصاوَلانِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، تَصَاوُلَ الفَحْلين

أَي لَا يَفْعَلُ أَحدُهما مَعَهُ شَيْئًا إِلا فَعَلَ الْآخَرُ مِثْلَهُ. وَفِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ: فَصامِتٌ صَمْتُه أَنْفَذُ مِنْ صَوْلِ غَيْرِهِ

أَي إِمْساكُه أَشَدُّ مِنْ تَطاوُل غَيْرِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

لَا خَيْرَ فِيهِ غَيْر أَن لَا يَهْتَدي،

وأَنَّه ذُو صَوْلَةٍ فِي المِزْوَدِ،

وأَنَّه غيرُ ثَقِيل فِي اليَدِ

قَوْلُهُ ذُو صَوْلَة فِي المِزْوَد، يَقُولُ: إِنه ذُو صَوْلةٍ عَلَى الطَّعَامِ يأْكله ويَنْهَكه ويُبالِغ فِيهِ، فكأَنه إِنما يَصُولُ عَلَى حَيَوان مَّا، أَو يَصُول عَلَى أَكِيله لذَوْدِه إِيَّاهم ومُدافَعَته لَهُمْ؛ وَقَوْلُهُ وأَنه غَيْرُ ثقيلٍ فِي الْيَدِ، يَقُولُ: إِذا بَلِلْتَ بِهِ لَمْ يَصِرْ فِي يَدِكَ مِنْهُ خَيْر تَثْقُل بِهِ يَدُك لأَنه لَا خَيْرَ عِنْدَهُ. ابْنُ الأَعرابي: المِصْوَلة المِكْنَسة الَّتِي يُكْنَس بِهَا نَوَاحِي البَيْدَر. أَبو زَيْدٍ: المِصْوَل شَيْءٌ يُنْقَع فِيهِ الحَنْظَل لتَذْهَب مَرارتُه، والصِّيلة، بِالْكَسْرِ: عُقْدة العَذَبة. وصُولٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ حُنْدُج ابن حُنْدُج المُرِّي:

فِي لَيْلِ صُولٍ تَناهى العَرْضُ والطُّولُ،

كأَنما لَيْلُه باللَّيل مَوْصولُ

لِساهِرٍ طالَ فِي صُولٍ تَمَلْمُلُه،

كأَنه حَيَّة بالسَّوْط مَقْتولُ

‌فصل الضاد المعجمة

ضأل: الضَّئِيلُ: الصَّغِيرُ الدَّقيق الحَقير. والضَّئِيل: النَّحيف، وَالْجَمْعُ ضُؤَلاء وضِئالٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:

لَا ضِئالٌ وَلَا عَواوِيرُ حَمَّالون

، يَوْمَ الخِطابِ، للأَثقال

والأُنثى ضَئيلةٌ، وَقَدْ ضَؤُلَ ضَآلةً وتَضاءَل؛ قَالَ أَبو خِراش:

وَمَا بَعْدَ أَنْ قَدْ هَدَّني الدَّهْرُ هَدَّةً

تَضالَ لَهَا جِسْمي، ورَقَّ لَهَا عَظْمي

أَراد تَضاءَل فَحَذَفَ، وَرَوَى أَبو عَمْرٍو تَضَاءَلْ لَهَا، بالإِدْغام «1» والمُضْطَئلُ: الضَّئيل؛ قَالَ:

رأَيتُك يَا ابنَ قُرْمَةَ حِينَ تَسْمو،

مَعَ القَرِمَيْن، تَضْطئِل المَقاما

أَراد تَضْطَئِل للمَقام فَحَذَفَ وأَوْصَل، وَفِي التَّهْذِيبِ: مُضْطَئِل الْمَقَامِ. وضَاءَلَ شَخْصَه: صَغَّره؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

فبَيْنا نَذُودُ الوَحْشَ، جَاءَ غُلامُنا

يَدِبُّ ويُخْفي شَخْصَه، ويُضائِلُه

وتَضاءَلَ الرجلُ: أَخْفى شخصَه قَاعِدًا وتَصاغَر. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن العَرْش عَلَى مَنْكِب إِسْرافِيل وإِنَّه لَيَتَضاءَلُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَصير مِثْلَ الوَصَع

؛ يُرِيدُ يَتَصاغر ويَدِقُّ تواضُعاً. أَبو زيد: ضَؤُلَ

(1). قوله [بالإدغام] زاد في المحكم: وهذا بعيد لأَنه لا يلتقي في شعر ساكنان

ص: 388

رأْيُه ضَآلةً إِذا صَغُر وفالَ رَأْيُه. وَرَجُلٌ مُتضائلٌ أَي شَخْتٌ؛ وَقَالَ العُجَير السَّلولي، وَقِيلَ زَيْنَبُ أُخت يَزِيدَ بْنِ الطَّثَرِيَّة:

فَتًى قُدَّ السَّيفِ لَا مُتضائلٌ،

وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُه وبآدِلُهْ

وَقَالَ مَالِكُ بْنُ نُوَيرة:

نُعِدُّ الجِيادَ الحُوَّ والكُمْتَ كالقَنا،

وكُلَّ دِلاصٍ نَسْجُها مُتضائلُ

أَي دَقيقٌ. ورَجُل ضُؤَلةٌ أَي نَحِيفٌ. وتَضاءَلَ الشيءُ إِذا تَقَبَّضَ وانضمَّ بعضُه إِلى بَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: قَالَ للجِنِّيِّ إِني أَراك ضَئيلًا شَخيتاً.

وَفِي حَدِيثِ

الأَحْنَف: إِنَّك لضَئيلٌ

أَي نَحِيفٌ ضَعِيفٌ. وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ التَّضاؤل فِي البَقْل فَقَالَ: إِن الكُرُنْبَ إِذا كَانَ إِلى جَنْب الحَبَلة تَضاءَل مِنْهَا وذَلَّ وَسَاءَتْ حالُه. وَهُوَ عَلَيْهِ ضُؤْلانٌ أَي كَلٌّ. وحسَبُه عَلَيْهِ ضُؤْلانٌ إِذا عِيب بِهِ؛ وأَنشد ابْنُ جِنِّي:

أَنا أَبو المِنْهالِ، بَعْضَ الأَحْيان،

ليسَ عَلَيَّ حَسَبي بضُؤْلان

أَراد بِضَئِيلٍ أَي الْقَائِمِ مقامَه والمُغْنِي غَناءَه، وأَعْمَل فِي الظَّرْفِ مَعْنَى التَّشْبِيهِ أَي أُشْبِهُ أَبا الْمِنْهَالِ فِي بَعْضِ الأَحيان، وأَنا مِثْلُ أَبي المِنْهال. أَبو مَنْصُورٍ: ضَؤُلَ الرجل يضْؤُل ضَآلةً وضُؤُولةً إِذا فالَ رَأْيُه، وضَؤُل ضَآلةً إِذا صَغُر. وَقَالَ اللَّيْثُ: الضَّئيل نَعْتٌ لِلشَّيْءِ فِي ضَعْفه وصِغَره ودِقَّته، وجَمْعه ضُؤَلاءُ وضَئِيلُون، والأُنثى ضَئِيلة. والضُّؤُولة: الهُزال. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ ضَئِيل الْجِسْمِ إِذا كَانَ صَغِيرَ الْجِسْمِ نَحِيفًا. والضَّئيلة: الحَيَّة الدَّقِيقَةُ. الْمُحْكَمُ: الضَّئيلة حَيَّة كأَنها أَفْعَى. والضَّئيلة: اللَّهاة؛ عن ثعلب.

ضأبل: الأَزهري فِي الثُّلَاثِيِّ الصَّحِيحِ قَالَ: أَهمله اللَّيْثُ، قَالَ: وَفِيهِ حَرْفٌ زَائِدٌ، وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي: جَاءَ فُلَانٌ بالضِّئْبِل والنِّئْطِل وهُما الدَّاهِيَةُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

أَلا يَفْزَعُ الأَقْوامُ مِمّا أَظَلَّهُم،

ولَمَّا تَجِئْهم ذاتُ وَدْقَينِ ضِئْبِلُ؟

قَالَ: وإِن كَانَتِ الْهَمْزَةُ أَصلية فَالْكَلِمَةُ رُباعِيَّة. ابْنُ سِيدَهْ: الضِّئْبِل، بِالْكَسْرِ وَالْهَمْزِ، مِثْلُ الزِّئْبِر، والضِّئْبِلُ الدَّاهِيَةُ؛ حَكَى الأَخيرة ابْنُ جِنِّي، والأَكثر مَا بَدَأْنا بِهِ، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ زِيادٌ المِلْقَطِيُّ:

تَلَمَّسُ أَنْ تُهْدِي لجارِك ضِئْبِلا،

وتُلْفَى لَئِيماً لِلْوِعاءَيْن صامِلا

قَالَ: وَلُغَةُ بَنِي ضَبَّة الصِّئْبِل، بِالصَّادِ، والضادُ أَعرف؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا جاءَ ضَمُّ الْبَاءِ فِي الضِّئْبُل والزِّئبُر؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: لَا نَعْلَمُ فِي الْكَلَامِ فِعْلُل، فإِن كَانَ هَذَانِ الْحَرْفَانِ مَسْمُوعَيْنِ بِضَمِّ الْبَاءِ فِيهِمَا فَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ؛ وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هَذَا إِذا جَاءَ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ شَهِد لِلْهَمْزَةِ بأَنها زَائِدَةٌ، وإِذا وَقَعَتْ حُرُوفُ الزِّيَادَةِ فِي الْكَلِمَةِ جَازَ أَن تَخْرُجَ عَنْ بِنَاءِ الأُصول، فَلِهَذَا مَا جَاءَتْ هَكَذَا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

وَلَمْ تَتَكَأَّدْهُمُ المُعْضِلات،

وَلَا مُصْمَئِلَّتُها الضِّئْبِلُ

وَزَادَ ابْنُ بَرِّيٍّ عَلَى هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ نِئْدُل، وَقَالَ هو الكابوس.

ص: 389

ضحل: الضَّحْلُ: القريبُ القَعْر. والضَّحْل: الماءُ الرَّقِيقِ عَلَى وَجْهِ الأَرض لَيْسَ لَهُ عَمْقٌ، وقيل: هُوَ كالضَّحْضاح إِلَّا أَن الضَّحْضاح أَعمُّ مِنْهُ لأَنه فِيمَا قَلَّ أَو كثُر، وَقِيلَ: الضَّحْل الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَكُونُ فِي الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ والجُمَّة وَنَحْوِهَا، وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَكُونُ فِي الغَدِير وَنَحْوِهِ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ مُقْبِلٍ:

وأَظْهَرَ، فِي غُلَّانِ رَقْدٍ وسَيْلُه،

عَلاجِيمُ لَا ضَحلٌ، وَلَا مُتَضَحْضِحُ

والعُلْجُوم هُنَا: الْمَاءُ الْكَثِيرُ، وَالْجَمْعُ أَضْحال وضُحُولٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الضَّحْلُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ، وَمِنْهُ أَتَانُ الضَّحْل لأَنه لَا يَغْمُرها لقِلَّته؛ قَالَ الأَزهري: أَتانُ الضَّحْل الصَّخْرةُ بَعْضُهَا غَمَره الماءُ وَبَعْضُهَا ظَاهِرٌ. قَالَ شِمْرٌ: وغَدِيرٌ ضَاحِلٌ إِذا رَقَّ مَاؤُهُ فَذَهَبَ. وَفِي الْحَدِيثِ

فِي كِتَابِهِ لأُكَيْدِرِ دومَةَ: وَلَنَا الضّاحِيةُ مِنَ الضَّحْل

؛ هُوَ بِالسُّكُونِ الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ، وَقِيلَ: الْمَاءُ الْقَرِيبُ الْمَكَانِ، وَبِالتَّحْرِيكِ مَكَانُ الضَّحْل، وَيُرْوَى الضَّاحِيَةُ مِنَ البَعْل. والمَضْحَلُ: مكانٌ يَقِلُّ فِيهِ الْمَاءُ مِنَ الضَّحْل، وَبِهِ يُشَبَّه السَّراب. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المَضْحَلُ مَكَانُ الضَّحْل؛ قَالَ العَجّاج:

حَسِبْتُ يَوْمًا، غَيْر قَرٍّ، شامِلا

يَنْسُج غُدْراناً عَلَى مَضاحِلا «1»

. يَصِفُ السَّرابَ شَبَّهَهُ بالغُدُر. وضَحَلَتِ الغُدُرُ: قَلَّ مَاؤُهَا. وَيُقَالُ: إِنَّ خَيْرَكَ لضَحْلٌ أَي قَلِيلٌ. وَمَا أَضْحَل خَيرَكَ أَي مَا أَقَلَّه. واضْمَحَلَّ السحابُ: تقَشَّعَ. واضْمَحَلَّ الشيءُ أَي ذَهَبَ، وَفِي لُغَةِ الكِلابيِّين امْضَحَلَّ، بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ، حَكَاهَا أَبو زيد.

ضرزل: أَبو خَيْرَة: رَجُل ضِرْزِلٌ أَي شَحِيحٌ.

ضعل: ابْنُ الأَعرابي: الضاعِلُ الجَمَل القَوِيُّ، والطاعِلُ السَّهم المُقَوَّم؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَلَمْ أَسمع هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ إِلّا لَهُ، قَالَ: والضَّعَل دِقَّة الْبَدَنِ مِنْ تَقارُب النَّسَب.

ضغل: الضَّغِيل: صَوْتُ فَمِ الحَجّام إِذا مَصَّ مِنْ مِحْجَمه، يقال: ضَغَلَ يَضْعَلُ ضَغِيلًا صَوَّت عِنْدَ الحِجامة؛ قَالَهُ أَبو عَمْرٍو وَغَيْرُهُ.

ضكل: الأَضْكَلُ والضَّيْكَل: الرجُل العُرْيانُ، والضَّيْكَل الْفَقِيرُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

فأَمّا آلُ ذَيّالٍ، فإِنَّا

تَرَكْناهمْ ضَياكِلَةً عَيامى

وَالْجَمْعُ ضَياكِلُ وضَياكِلةٌ. والضَّيْكَل: العظيمُ الضَّخْم؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: إِذا جَاءَ الرجلُ عُرْياناً فَهُوَ البُهْصُل والضَّيْكَل.

ضلل: الضَّلالُ والضَّلالةُ: ضدُّ الهُدَى والرَّشاد، ضَلَلْتَ تَضِلُّ هَذِهِ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ، وضَلِلْتَ تَضَلُّ ضَلالًا وضَلالةً؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ ضَلِلْتُ أَضَلُّ وضَلِلْتُ أَضِلُّ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ ضَلِلْتُ أَضَلُّ، وأَهل نَجْدٍ يَقُولُونَ ضَلَلْت أَضِلُّ، قَالَ وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا جَمِيعًا قَوْلِهِ عز وجل: قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي

؛ وأَهل الْعَالِيَةِ يَقُولُونَ ضَلِلْتُ، بِالْكَسْرِ، أَضَلُّ، وَهُوَ ضالٌّ تالٌّ، وَهِيَ الضَّلالة والتَّلالة؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لُغَةُ نَجْدٍ هِيَ الْفَصِيحَةُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَانَ يَحْيَى بْنُ وَثَّاب يَقْرَأُ كلَّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ضَلِلْت وضَلِلْنا، بِكَسْرِ اللَّامِ، ورَجُلٌ ضَالٌّ. قَالَ: وأَما قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ

وَلَا الضّأَلِّينَ

، بِهَمْزِ الأَلف، فإِنه كَرِه التقاء

(1). قوله [حسبت] هكذا في المحكم، وفي التكملة: كأن

ص: 390

السَّاكِنَيْنِ الأَلف وَاللَّامِ فحرَّك الأَلف لِالْتِقَائِهِمَا فَانْقَلَبَتْ هَمْزَةً، لأَن الأَلف حَرْفٌ ضَعِيفٌ وَاسِعُ المَخْرَج لَا يَتَحمَّل الْحَرَكَةَ، فإِذا اضْطُرُّوا إِلى تَحْرِيكِهِ قَلَبُوهُ إِلى أَقرب الْحُرُوفِ إِليه وَهُوَ الْهَمْزَةُ؛ قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ مَا حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ شأَبَّة ومَأَدَّة؛ وأَنشدوا:

يَا عَجَبا لَقَدْ رأَيْتُ عَجَبا:

حِمَار قَبّانٍ يَسُوق أَرْنَبا،

خاطِمَها زَأَمَّها أَن تَذْهَبا

يُرِيدُ زَامَّها. وَحَكَى

أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ أَبي عُثْمَانَ عَنْ أَبي زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يقرأُ: فيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبهِ إِنْسٌ وَلَا جأَنٌ

، بِهَمْزِ جانٍّ، فظَنَنْتُه قَدْ لَحَن حَتَّى سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ شأَبَّة ومأَدَّة؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: فَقُلْتُ لأَبي عُثْمَانَ أَتَقِيس ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا وَلَا أَقبله. وضَلُولٌ: كضَالٍّ؛ قَالَ:

لَقَدْ زَعَمَتْ أُمامَةُ أَن مَالِي

بَنِيَّ، وأَنَّني رَجُلٌ ضَلُولُ

وأَضَلَّه: جَعَلَهُ ضَالًّا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ

، وَقُرِئَتْ:

لَا يُهْدى مَنْ يُضِلُ

؛ قَالَ الزَّجّاج: هُوَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ

. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والإِضْلالُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ضِدُّ الْهِدَايَةِ والإِرْشاد. يُقَالُ: أَضْلَلْت فُلَانًا إِذا وَجَّهْتَه للضَّلال عَنِ الطَّرِيقِ؛ وإِياه أَراد لَبِيدٌ:

مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخيرِ اهْتَدَى

ناعِمَ البالِ، وَمَنْ شاءَ أَضَلّ

قَالَ لَبِيدٌ: هَذَا فِي جاهِلِيَّته فَوَافَقَ قَوْلُهُ التَّنْزِيلَ الْعَزِيزَ: يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ*

؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والأَصل فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَجْهٌ آخَرُ يُقَالُ: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا غَيَّبْتَه، وأَضْلَلْت المَيِّتَ دَفَنْته. وَفِي الْحَدِيثِ:

سيكُون عَلَيْكُمْ أُمَّةٌ إِنْ عَصَيْتُموهم ضَلَلْتم

، يُرِيدُ بِمَعْصِيَتِهِمُ الخروجَ عَلَيْهِمْ وشَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ؛ وَقَدْ يَقَعُ أَضَلَّهم فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى الحَمْل عَلَى الضَّلال والدُّخول فِيهِ. وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ

؛ أَي ضَلُّوا بِسَبَبِهَا لأَن الأَصنام لَا تَفْعَلُ شَيْئًا وَلَا تَعْقِل، وَهَذَا كَمَا تَقُولُ: قَدْ أَفْتَنَتْني هَذِهِ الدارُ أَي افْتَتَنتُ بِسَبَبِهَا وأَحْبَبتُها؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

رَآهَا الفُؤَادُ فاسْتُضِلَّ ضَلالُه،

نِيَافاً مِنَ البِيضِ الكِرامِ العَطَابِل

قَالَ السُّكَّري: طُلِبَ مِنْهُ أَن يَضِلَّ فَضَلَّ كَمَا يُقَالُ جُنَّ جُنونُه، ونِيافاً أَي طَوِيلَةً، وَهُوَ مَصْدَرُ نافَ نِيَافاً وإِن لَمْ يُسْتعمل، وَالْمُسْتَعْمَلُ أَناف؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: نِيافاً مَفْعُولٌ ثَانٍ لِرَآهَا لأَن الرُّؤْيَةَ هَاهُنَا رُؤْيَةُ الْقَلْبِ لِقَوْلِهِ رَآهَا الفُؤَاد. وَيُقَالُ: ضَلَّ ضَلاله، كَمَا يُقَالُ جُنَّ جُنونُه؛ قَالَ أُمية:

لوْلا وَثَاقُ اللهِ ضَلَّ ضَلالُنا،

ولَسَرَّنا أَنَّا نُتَلُّ فَنُوأَدُ

وَقَالَ أَوس بْنُ حَجَر:

إِذا ناقةٌ شُدَّتْ برَحْل ونُمْرُقٍ،

إِلى حَكَمٍ بَعْدي، فضَلَّ ضَلالُها

وضَلَلْت المَسْجدَ والدارَ إِذا لَمْ تَعْرِفْ مَوْضِعَهُمَا، وضَلَلْت الدارَ والمَسْجدَ والطريقَ وكلَ شَيْءٍ مُقِيمٍ ثَابِتٍ لَا تَهْتَدي لَهُ، وضَلَّ هُوَ عَنِّي ضَلالًا وضَلالةً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ إِذا لَمْ تَعْرِفِ المكانَ قُلْتَ ضَلَلْتُه، وإِذا سَقَط مِنْ يَدِك شيءٌ قُلْتَ أَضْلَلْته؛ قَالَ: يَعْنِي أَن الْمَكَانَ لَا يَضِلُّ وإِنما

ص: 391

أَنت تَضِلُّ عَنْهُ، وإِذا سَقَطَت الدراهمُ عَنْكَ فَقَدْ ضَلَّت عَنْكَ، تَقُولُ لِلشَّيْءِ الزَّائِلِ عَنْ مَوْضِعِهِ: قَدْ أَضْلَلْته، وَلِلشَّيْءِ الثَّابِتِ فِي مَوْضِعِهِ إِلا أَنك لَمْ تَهْتَدِ إِليه: ضَلَلْته؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

وَلَقَدْ ضَلَلْت أَباك يَدْعُو دارِماً،

كضَلالِ مُلْتَمِسٍ طَريقَ وَبارِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

ضالَّة الْمُؤْمِنِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ الضَّائِعَةُ مِنْ كُلِّ مَا يُقْتَنَى مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الضّالَّة مَا ضَلَّ مِنَ الْبَهَائِمِ لِلذَّكَرِ والأُنثى، يُقَالُ: ضَلَّ الشيءُ إِذا ضَاعَ، وضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ إِذا جَارَ، قَالَ: وَهِيَ فِي الأَصل فاعِلةٌ ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهَا فَصَارَتْ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ، وَتَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ، وتُجْمَع عَلَى ضَوالَّ؛ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الضَّالَّةُ مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ مِمَّا يَحْمِي نفسَه وَيَقْدِرُ عَلَى الإِبْعاد فِي طَلَبِ المَرْعَى وَالْمَاءِ بِخِلَافِ الْغَنَمِ؛ والضّالَّة مِنَ الإِبل: الَّتِي بمَضْيَعَةٍ لَا يُعْرَفُ لَهَا رَبٌّ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

وسُئل النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عَنْ ضَوالِّ الإِبل فَقَالَ: ضالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَرَقُ النَّارِ

، وخَرَجَ جوابُ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَلَى سؤَال السَّائِلِ لأَنه سأَله عَنْ ضَوالِّ الإِبل فَنَهَاهُ عَنْ أَخذها وحَذَّره النارَ إِنْ تَعَرَّضَ لَهَا، ثُمَّ

قَالَ، عليه السلام: مَا لَكَ ولَها، مَعها حِذاؤُها وسِقاؤها تَرِدُ الماءَ وتأْكل الشَّجَرَ

؛ أَراد أَنها بَعِيدَةُ المَذهَب فِي الأَرض طَوِيلَةُ الظَّمَإِ، تَرِدُ الماءَ وتَرْعى دُونَ راعٍ يَحْفَظُهَا فَلَا تَعَرَّضْ لَهَا ودَعْها حَتَّى يأْتيها رَبُّها، قَالَ: وَقَدْ تُطْلَقُ الضَّالَّة عَلَى الْمَعَانِي، وَمِنْهُ الْكَلِمَةُ الحكيمةُ: ضالَّةُ الْمُؤْمِنِ، وَفِي رِوَايَةٍ: ضالَّةُ كُلِّ حَكِيمٍ أَي لَا يَزَالُ يَتَطَلَّبها كَمَا يَتَطَلَّبُ الرجُلُ ضالَّته. وضَلَّ الشيءُ: خَفِيَ وَغَابَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

ذَرُّوني فِي الرِّيح لَعَلِّي أَضِلُّ اللَّهَ

، يُرِيدُ أَضِلُّ عَنْهُ أَي أَفُوتُه ويَخْفَى عَلَيْهِ مَكَانِي، وَقِيلَ: لَعَلِّي أَغيب عَنْ عَذَابِهِ. يُقَالُ: ضَلَلْت الشيءَ وضَلِلْته إِذا جعلتَه فِي مَكَانٍ وَلَمْ تَدْرِ أَين هُوَ، وأَضْلَلْته إِذا ضَيَّعْته. وضَلَّ النَّاسِي إِذا غَابَ عَنْهُ حفظُ الشَّيْءِ. وَيُقَالُ: أَضْلَلْت الشَّيْءَ إِذا وَجَدتَه ضَالًّا كَمَا تَقُولُ أَحْمَدْته وأَبْخَلْته إِذا وجدتَه مَحْمُودًا وبَخيلًا. وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، أَتى قومَه فأَضَلَّهم

أَي وَجَدَهُمْ ضُلَّالًا غَيْرَ مُهْتدِين إِلى الحَقِّ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ

أَي خَفِينا وغِبْنا. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ: أَي أَفُوتُه، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ لَا يَضِلُّ رَبِّي لَا يَفُوتُه. والمُضِلُّ: السَّراب؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَعْدَدْتُ للحِدْثانِ كلَّ فَقِيدةٍ

أُنُفٍ، كَلَائِحَةِ المُضِلِّ، جَرُور

وأَضَلَّه اللهُ فَضَلَّ، تَقُولُ: إِنَّك لتَهْدِي الضَالَّ وَلَا تَهْدِي المُتَضَالَّ. وَيُقَالُ: ضَلَّني فلانٌ فَلَمْ أَقْدِر عَلَيْهِ أَي ذَهَب عَني؛ وأَنشد:

والسّائلُ المُبْتَغِي كَرائمها

يَعْلَم أَني تَضِلُّني عِلَلي «2»

. أَي تَذْهَبُ عَنِّي. وَيُقَالُ: أَضْلَلْت الدابّةَ والدراهمَ وكلَّ شَيْءٍ لَيْسَ بِثَابِتٍ قَائِمٍ مِمَّا يَزُولُ وَلَا يَثْبُت. وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى

؛ أَي لَا يَضِلُّه رَبِّي وَلَا يَنْسَاهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَغِيب عَنْ شَيْءٍ وَلَا يَغِيب عَنْهُ شَيْءٌ. وَيُقَالُ: أَضْلَلْت

(2). قوله [المبتغي] هكذا في الأصل والتهذيب، وفي شرح القاموس: المعتري وكذا في التكملة مصلحاً عن المبتغي مرموزا له بعلامة الصحة

ص: 392

الشيءَ إِذا ضَاعَ مِنْكَ مِثْلَ الدَّابَّةِ وَالنَّاقَةِ وَمَا أَشبهها إِذا انفَلَت مِنْكَ، وإِذا أَخْطَأْتَ موضعَ الشَّيْءِ الثَّابِتِ مِثْلَ الدَّارِ وَالْمَكَانِ قُلْتَ ضَلِلْته وضَلَلْته، وَلَا تَقُلْ أَضْلَلْته. قَالَ

مُحَمَّدُ بْنُ سَلام: سَمِعْتُ حَمَّاد بْنَ سَلَمة يقرأُ فِي كِتَابٍ: لَا يُضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسى، فسأَلت عَنْهَا يُونُسَ فَقَالَ: يَضِلُّ جَيِّدةٌ

، يُقَالُ: ضَلَّ فُلَانٌ بَعيرَه أَي أَضَلَّه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: خَالَفَهُمْ يُونُسُ فِي هَذَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَوْلَا أَن اللَّهَ لَا يُحِبُّ ضَلالةَ العَمل مَا رَزَأْناكم عِقالًا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي بُطْلانَ الْعَمَلِ وضَياعَه مأْخوذ مِنَ الضَّلال الضَّيَاعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

. وأَضَلَّه أَي أَضاعه وأَهلكه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ

؛ أَي فِي هَلَاكٍ. والضَّلال: النِّسْيان. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى

؛ أَي تَغِيب عَنْ حِفْظها أَو يَغيب حِفْظها عَنْهَا، وَقُرِئَ:

إِنْ تَضِلَ

، بِالْكَسْرِ، فَمَنْ كَسَر إِنْ قَالَ كَلَامٌ عَلَى لَفْظِ الْجَزَاءِ وَمَعْنَاهُ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى فِي إِنْ تَضِلَّ إِنْ تَنْسَ إِحداهما تُذَكِّرْها الأُخرى الذَّاكِرَةُ، قَالَ: وتُذْكِر وتُذَكِّر رَفْعٌ مَعَ كَسْرِ إِنْ «1» لَا غَيْرُ، وَمَنْ قرأَ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ

، وَهِيَ قِرَاءَةُ أَكثر النَّاسِ، قَالَ: وَذَكَرَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ أَن الْمَعْنَى اسْتَشْهِدوا امرأَتين لأَن تُذَكِّرَ إِحداهما الأُخرى ومِنْ أَجل أَن تُذَكِّرَها؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: فإِن قَالَ إِنسان: فَلِمَ جَازَ أَن تَضِلَّ وإِنما أُعِدَّ هَذَا للإِذكار؟ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الإِذكار لَمَّا كَانَ سَبَبُهُ الإِضلال جَازَ أَن يُذْكَر أَن تَضِلَّ لأَن الإِضلال هُوَ السَّبَبُ الَّذِي بِهِ وَجَب الإِذكارُ، قَالَ: وَمِثْلُهُ أَعْدَدْتُ هَذَا أَن يَميل الحائطُ فأَدْعَمَه، وإِنما أَعْدَدْته للدَّعم لَا لِلْمَيْلِ، وَلَكِنَّ الْمَيْلَ ذُكِر لأَنه سَبَبُ الدَّعْم كَمَا ذُكِرَ الإِضلال لأَنه سَبَبُ الإِذكار، فَهَذَا هُوَ البَيِّن إِن شَاءَ اللَّهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ

؛ وضَلَلْت الشيءَ: أُنْسِيتُه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ

؛ أَي يَذْهب كيدُهم بَاطِلًا ويَحِيق بِهِمْ مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى. وأَضَلَّ البعيرَ والفرسَ: ذهَبا عَنْهُ. أَبو عَمْرٍو: أَضْلَلْت بَعِيرِي إِذا كَانَ مَعْقُولًا فَلَمْ تَهْتَدِ لِمَكَانِهِ، وأَضْلَلْته إِضْلالًا إِذا كَانَ مُطْلَقاً فَذَهَبَ وَلَا تَدْرِي أَين أَخَذَ. وكلُّ مَا جَاءَ مِنَ الضَّلال مِنْ قِبَلِك قُلْتَ ضَلَلْته، وَمَا جَاءَ مِنَ الْمَفْعُولِ بِهِ قُلْتَ أَضْلَلْته. قَالَ أَبو عَمْرٍو: وأَصل الضَّلالِ الغَيْبوبة، يُقَالُ ضَلَّ الماءُ فِي اللَّبَنِ إِذا غَابَ، وضَلَّ الكافرُ إِذا غَابَ عَنِ الحُجَّة، وضَلَّ النَّاسِي إِذا غابَ عَنْهُ حِفْظه، وأَضْلَلْت بَعيري وغيرَه إِذا ذهَب مِنْكَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ*

؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ لَمْ يُجازِهم عَلَى مَا عَمِلوا مِنْ خَيْرٍ؛ وَهَذَا كَمَا تَقُولُ لِلَّذِي عمِل عَمَلًا لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ نفعُه: قَدْ ضَلَّ سَعْيُك. ابْنُ سِيدَهْ: وإِذا كَانَ الْحَيَوَانُ مُقِيمًا قُلْتَ قَدْ ضَلَلْته كَمَا يُقَالُ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ مِنَ الأَشياء الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تَبْرَح؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

ضَلَّ أَباه فادَّعى الضَّلالا

وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالًا: ضَاعَ. وتَضْلِيل الرَّجُلِ: أَن تَنْسُبَه إِلى الضَّلال. وَالتَّضْلِيلُ: تَصْيِيرُ الإِنسان إِلى الضَّلال؛ قَالَ الرَّاعِي:

وَمَا أَتَيْتُ نُجَيدةَ بْنَ عُوَيْمِرٍ

أَبْغي الهُدى، فيَزِيدني تَضْليلا

(1). قوله [وَتُذْكِرُ وَتُذَكِّرُ رَفْعٌ مَعَ كسر إن] كذا في الأصل ومثله في التهذيب، وعبارة الكشاف والخطيب: وقرأ

حمزة وحده إن تضلّ

إحداهما بكسر إن على الشرط فتذكر بالرفع والتشديد، فلعل التخفيف مع كسر إن قراءة أُخْرَى

ص: 393

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا قَالَهُ الرَّاعِي بالوَقْص، وَهُوَ حَذْفُ التَّاءِ مِنْ مُتَفاعِلُن، فكَرِهت الرُّواةُ ذَلِكَ ورَوَته: ولمَا أَتيتُ، عَلَى الْكَمَالِ. والتَّضْلالُ: كالتَّضْلِيل. وضَلَّ فُلَانٌ عَنِ القَصْد إِذا جَارَ. وَوَقَعَ فِي وَادِي تُضُلِّلَ وتُضَلِّلَ أَي الْبَاطِلِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وقَع فِي وَادِي تُضُلِّلَ مِثْلُ تُخُيِّبَ وتُهُلِّك، كُلُّهُ لَا يَنْصَرِفُ. وَيُقَالُ لِلْبَاطِلِ: ضُلٌّ بتَضْلال؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شَأْسٍ الأَسدي:

تَذَكَّرْت لَيْلَى، لاتَ حينَ ادِّكارِها،

وَقَدْ حُنِيَ الأَضْلاعُ، ضُلٌّ بتَضْلال

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ عَنْ أَبي زَيْدٍ ضُلًّا بِالنَّصْبِ؛ قَالَ وَمِثْلُهُ للعَجَّاج:

يَنْشُدُ أَجْمالًا، وَمَا مِنْ أَجمال

يُبْغَيْنَ إِلَّا ضُلَّة بتَضْلال

والضَّلْضَلةُ: الضَّلالُ. وأَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَضَلَّةٌ: يُضَلّ فِيهَا وَلَا يُهْتَدى فِيهَا لِلطَّرِيقِ. وَفُلَانٌ يَلومُني ضَلَّةً إِذا لَمْ يُوَفَّق لِلرَّشَادِ فِي عَذْله. وَفِتْنَةٌ مَضَلَّة: تُضِلُّ الناسَ، وَكَذَلِكَ طَرِيقٌ مَضَلٌّ. الأَصمعي: المَضَلُّ والمَضِلُّ الأَرض المَتِيهةُ. غَيْرُهُ: أَرض مَضَلٌّ تَضِلُّ النَّاسُ فِيهَا، والمَجْهَلُ كَذَلِكَ. يُقَالُ: أَخَذْت أَرضاً مَضِلَّةً ومَضَلَّة، وأَخذْت أَرضاً مَجْهَلًا مَضَلًّا؛ وأَنشد:

أَلا طَرَقَتْ صَحْبي عُميرَةُ إِنها،

لَنا بالمَرَوْراةِ المَضَلِّ، طَروق

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَزِلَّة، وَهُوَ اسْمٌ، وَلَوْ كَانَ نَعْتًا كَانَ بِغَيْرِ الْهَاءِ. وَيُقَالُ: فَلاةٌ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ مَضَلَّةٌ، الذَّكر والأُنثى وَالْجَمْعُ سَوَاءٌ، كَمَا قَالُوا الْوَلَدُ مَبْخَلةٌ؛ وَقِيلَ: أَرضٌ مَضَلَّةٌ ومَضِلَّة وأَرَضون مَضَلَّات ومَضِلَّاتٌ. أَبو زَيْدٍ: أَرض مَتِيهةٌ ومَضِلَّةٌ ومَزِلَّة مِن الزَّلَق. ابْنُ السِّكِّيتِ: قَوْلُهُمْ أَضَلَّ اللَّهُ ضَلالَك أَي ضَلَّ عَنْكَ فذَهب فَلَا تَضِلُّ. قَالَ: وَقَوْلُهُمْ مَلَّ مَلالُك أَي ذهَب عَنْكَ حَتَّى لَا تَمَلَّ. وَرَجُلٌ ضِلِّيل: كَثِيرُ الضَّلال. ومُضَلَّلٌ: لَا يُوَفَّق لِخَيْرٍ أَي ضالٌّ جِدًّا، وَقِيلَ: صَاحِبُ غَواياتٍ وبَطالاتٍ وَهُوَ الْكَثِيرُ التتبُّع للضَّلال. والضِّلِّيلُ: الَّذِي لَا يُقْلِع عَنْ الضَّلالة، وَكَانَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يُسَمَّى المَلِكَ الضِّلِّيل والمُضلَّل. وَفِي حَدِيثِ

عليٍّ وَقَدْ سُئل عَنْ أَشعر الشُّعَرَاءِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فالملِك الضِّلِّيل

، يَعْنِي إمْرَأَ الْقَيْسِ، كَانَ يُلَقَّب بِهِ. والضِّلِّيل، بِوَزْنِ القِنْدِيل: المُبالِغ فِي الضَّلال والكثيرُ التَّتبُّع لَهُ. والأُضْلُولةُ: الضَّلال؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:

كَانَتْ مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلًا،

وَمَا مَواعِيدُها إِلا الأَضَالِيلُ

وَفُلَانٌ صَاحِبُ أَضَالِيلَ، وَاحِدَتُهَا أُضْلُولةٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

وسُؤَالُ الظِّباءِ عَنْ ذِي غَدِ الأَمْرِ

أَضَالِيلُ مِنْ فُنُون الضَّلال

الْفَرَّاءُ: الضُّلَّة، بِالضَّمِّ، الحَذَاقة بالدَّلالة فِي السَّفَر. والضَّلَّة: الغَيْبوبةُ فِي خَيْرٍ أَو شَرٍّ. والضِّلَّة: الضَّلالُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَضَلَّني أَمْرُ كَذَا وَكَذَا أَي لَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ، وأَنشد:

إِنِّي، إِذا خُلَّةٌ تَضَيَّفَني

يُريدُ مَالِي، أَضَلَّني عِلَلي

أَي فارَقَتْني فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهَا. وَيُقَالُ للدَّلِيل الْحَاذِقِ

ص: 394

الضُّلاضِل والضُّلَضِلة «1» . قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي: وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالًا أَي ضَاعَ وهَلَك، وَالِاسْمُ الضُّلُّ، بِالضَّمِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ ضُلُّ بْنُ ضُلٍّ أَي مُنْهَمِكٌ فِي الضَّلال، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُعْرَف وَلَا يُعْرَف أَبوه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقِيلَ: إِذا لَمْ يُدْرَ مَنْ هُوَ ومِمَّنْ هُوَ، وَهُوَ الضَّلالُ بْنُ الأَلال والضَّلال بْنُ فَهْلَل وابْنُ ثَهْلَل؛ كُلُّه بِهَذَا الْمَعْنَى. يُقَالُ: فلان ضِلُّ [ضُلُ] أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ «2» بِالضَّادِ وَالصَّادِ إِذا كَانَ دَاهِيَةً. وَفِي الْمَثَلِ: يَا ضُلَّ مَا تَجْرِي بِهِ العَصَا أَي يَا فَقْدَه وَيَا تَلَفَه يَقُولُهُ قَصِير بْنُ سَعْدٍ لجَذِيمةَ الأَبْرَش حِينَ صَارَ مَعَهُ إِلى الزَّبَّاء، فَلَمَّا صَارَ فِي عَمَلِها نَدِمَ، فَقَالَ لَهُ قَصِيرٌ: ارْكَبْ فَرَسِي هَذَا وانْجُ عَلَيْهِ فإِنه لَا يُشَقُّ غُبَارُه. وَفَعَلَ ذَلِكَ ضِلَّةً أَي فِي ضَلال. وهُو لِضِلَّةٍ أَي لِغَيْرِ رشْدةٍ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وذَهَب ضِلَّةً أَي لَمْ يُدْرَ أَين ذَهَب. وذَهَبَ دَمُه ضِلَّةً: لَمْ يُثْأَرْ بِهِ. وفلانٌ تِبْعُ ضِلَّةٍ، مُضَافٌ، أَي لَا خَير فِيهِ وَلَا خَيْرَ عِنْدَهُ؛ عَنِ ثَعْلَبٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الْكُوفِيِّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنما هُوَ تِبْعٌ ضِلَّةٌ، عَلَى الْوَصْفِ، وفَسَّره بِمَا فَسَّره بِهِ ثَعْلَبٌ؛ وَقَالَ مُرَّة: هُوَ تِبْعُ ضِلَّة أَي داهيةٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقِيلَ: تِبْعُ صِلَّةٍ، بِالصَّادِ. وضَلَّ الرَّجُلُ: مَاتَ وَصَارَ تُرَابًا فَضَلَّ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ

؛ مَعْنَاهُ أَإِذا مِتْنا وصِرْنا تُرَابًا وعِظَاماً فَضَلَلْنا فِي الأَرض فَلَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْ خَلقنا. وأَضْلَلْته: دَفَنْته؛ قَالَ المُخَبَّل:

أَضَلَّتْ بَنُو قَيْسِ بنِ سَعْدٍ عَمِيدَها،

وفارِسَها فِي الدَّهْر قَيْسَ بنَ عَاصِمِ

وأُضِلَّ المَيِّتُ إِذا دُفِنَ، وَرُوِيَ بَيْتُ النَّابِغَةِ الذُّبْياني يَرْثي النُّعمان بْنَ الْحَرْثَ بْنُ أَبي شِمْر الغَسَّانيّ:

فإِنْ تَحْيَ لا أَمْلِكْ حَياتي، وإِن تَمُتْ

فَمَا فِي حَياةٍ بَعْدَ مَوْتِك طائلُ

فآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ،

وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائلُ

يُرِيدُ بِمُضِلِّيه دافِنيه حِينَ مَاتَ، وَقَوْلُهُ بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ أَي بخبرٍ صادقٍ أَنه مَاتَ، والجَوْلانُ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ، أَي دُفِن بدَفْن النُّعمان الحَزْمُ والعطاءُ. وأَضَلَّتْ بِهِ أُمُّه: دَفَنتْه، نَادِرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

فَتًى، مَا أَضَلَّتْ بِهِ أُمُّه

مِنَ القَوْم، لَيْلَة لَا مُدَّعَم

قَوْلُهُ لَا مُدَّعَم أَي لَا مَلْجَأَ وَلَا دِعَامَة. والضَّلَلُ: الْمَاءُ الَّذِي يَجرِي تَحْتَ الصَّخرة لَا تُصِيبُهُ الشَّمْسُ، يُقَالُ: ماءٌ ضَلَلٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الشَّجَرِ. وضَلاضِلُ الْمَاءِ: بَقَايَاهُ، والصادُ لُغةٌ، وَاحِدَتُهَا ضُلْضُلَةٌ وصُلْصُلة. وأَرضٌ ضُلَضِلَة وضَلَضِلَةٌ وضُلَضِلٌ وضَلَضِلٌ وضُلاضِلٌ: غَلِيظَةٌ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهِيَ أَيضاً الْحِجَارَةُ الَّتِي يُقِلُّها الرجلُ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الضَّلَضِلُ مَقْصُورٌ عَنِ الضَّلاضِل. التَّهْذِيبَ: الضُّلَضِلَةُ كُلُّ حَجَرٍ قَدْر مَا يُقِلُّه الرَّجُلُ أَو فَوْقَ ذَلِكَ أَملس يَكُونُ فِي بُطُونِ الأَودية؛ قَالَ: وَلَيْسَ فِي بَابِ التَّضْعِيفِ كَلِمَةٌ تُشْبِهُهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الضُّلَضِلة، بِضَمِّ الضَّادِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الضَّادِ الثَّانِيَةِ، حَجَرٌ

(1). قوله [ويقال للدليل إلى قوله الضلضلة] هكذا في الأصل، وعبارة القاموس وشرحه: وعلبطة عن ابن الأعرابي والصواب وعلبط كما هو نص العباب انتهى. لكن في التهذيب والتكملة مثل ما في القاموس

(2)

. قوله [ضلُّ أَضْلال وَصِلُّ أَصْلَالٍ] عبارة القاموس: ضلُّ أَضْلال بالضم والكسر، وإذا قيل بالصاد فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْكَسْرُ

ص: 395

قَدْر مَا يُقِلُّه الرَّجُلُ، قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ الْمُضَاعَفِ غَيْرُهُ؛ وأَنشد الأَصمعي لصَخْر الغَيِّ:

أَلَسْت أَيَّامَ حَضَرْنا الأَعْزَلَه،

وبَعْدُ إِذْ نَحْنُ عَلَى الضُّلَضِله؟

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَكانٌ ضَلَضِلٌ وجَنَدِلٌ، وَهُوَ الشَّدِيدُ ذُو الْحِجَارَةِ؛ قَالَ: أَرادوا ضَلَضِيل وجَنَدِيل عَلَى بِنَاءِ حَمَصِيص وصَمَكِيك فَحَذَفُوا الْيَاءَ. الْجَوْهَرِيُّ: الضَّلَضِلُ والضَّلَضِلَة الأَرض الغليظةُ؛ عَنِ الأَصمعي، قَالَ: كأَنه قَصْر الضَّلاضِل. ومُضَلَّل، بِفَتْحِ اللَّامِ: اسْمُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسد؛ وَقَالَ الأَسود بْنُ يعْفُر:

وقَبْليَ مَاتَ الخالِدَان كِلاهُما:

عَمِيدُ بَني جَحْوانَ وابْنُ المُضَلَّلِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده فَقَبْلي، بِالْفَاءِ، لأَن قَبْلَهُ:

فإِنْ يَكُ يَوْمِي قَدْ دَنَا، وإِخالُه

كَوَارِدَةٍ يَوْماً إِلى ظِمْءِ مَنْهَل

والخالِدَانِ: هُمَا خالِدُ بْنُ نَضْلة وخالِدُ بن المُضَلَّل.

ضمل: التَّهْذِيبُ: أَهمله اللَّيْثُ. وَرَوَى عَمْرٌو عَنْ أَبيه أَنه قَالَ: الضَّمِيلة المرأَة الزَّمِنَة، قَالَ: وخَطَبَ رجلٌ إِلى مُعَاوِيَةَ بِنْتاً لَهُ عَرْجاء، فَقَالَ: إِنَّها ضَمِيلةٌ، فَقَالَ: إِنِّي أَردت أَن أَتشَرَّف بمُصاهَرَتِك وَلَا أُريدها للسِّباق فِي الحَلْبة، فَزوَّجه إِيَّاها؛ الضَّمِيلُ: الزَّمِن، والضَّمِيلَة الزَّمِنة؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَاللَّامُ بَدَلٌ مِنَ النُّونِ مِنَ الضَّمَانة، وإِلا فَهِيَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، قِيلَ لَهَا ذَلِكَ ليُبْسٍ وجُسُوءٍ فِي سَاقِهَا، وكُلُّ يابسٍ ضامِلٌ وضَمِيلٌ.

ضمحل: اضْمَحَلَّ الشيءُ واضْمَحَنَّ، عَلَى الْبَدَلِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وامْضَحَلَّ، عَلَى الْقَلْبِ، كُلُّ ذَلِكَ: ذَهَب، وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَلْبِ أَن الْمَصْدَرَ إِنما هُوَ عَلَى اضْمَحَلَّ دُونَ امْضَحَلَّ، وَهُوَ الاضْمِحْلال، وَلَا يقولون امْضِحْلال.

ضهل: ضَهَلَ اللَّبَنُ يَضْهَلُ ضُهُولًا: اجْتَمَعَ، وَاسْمُ اللَّبَنِ الضَّهْل، وَقِيلَ كُلُّ مَا اجْتَمَعَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ كَانَ لَبناً أَو غيرَه، فَقَدْ ضَهَلَ يَضْهَلُ ضَهْلًا وضُهُولًا؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي: وضَهَلَتِ الناقةُ والشاةُ فَهِيَ ضَهُولٌ: قَلَّ لبَنُها، وَالْجَمْعُ ضُهُولٌ. وشاةٌ ضَهُولٌ: قَلِيلَةُ اللَّبَنِ. وناقةٌ ضَهُولٌ: يَخْرُجُ لَبَنُهَا قَلِيلًا قَلِيلًا. وَيُقَالُ: إِنَّها لضُهْلٌ بُهْلٌ مَا يُشَدُّ لَهَا صِرار وَلَا يَرْوَى لَهَا حُوار؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

بِهَا كلُّ خَوَّارٍ إِلى كلِّ صَعْلَةٍ

ضَهُولٍ، ورَفْضُ المُذْرِعاتِ القَراهِب

الخَوَّار: ثَوْرٌ يَخُوزُ أَي يَجْأَرُ، والصَّعْلة: النَّعامة. وَيُقَالُ: ضَهَلَ الظِّلُّ إِذا رَجَع ضُهُولًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

أَفْياءً بَطِيئاً ضُهُولُها

وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

إِلى كلِّ صَعْلةٍ ضَهُولٍ

ضَهُول مِنْ نَعْتِ النَّعَامَةِ أَنَّها تَرْجِعُ إِلى بَيْضِها. أَبو زَيْدٍ: الضَّهْلُ مَا ضَهَلَ فِي السِّقاء مِنَ اللَّبَنِ أَي اجْتَمَعَ. والضَّهْلُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ مِثْلُ الضَّحْل. وبِئْرٌ ضَهُولٌ: قَلِيلَةُ الْمَاءِ. وعَيْنٌ ضَاهِلةٌ: نَزْرة الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ حَمَّة ضَاهِلَةٌ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:

يَقْرُو بِهِنَّ الأَعْيُنَ الضَّواهِلا

وضَهَلَ ماءُ الْبِئْرِ يَضْهَل ضَهْلًا إِذا اجْتَمَعَ شَيْئًا بَعْدَ

ص: 396

شَيْءٍ، وَهُوَ الضَّهْلُ والضَّهُول. وضَهَلَه يَضْهَلُه أَي دَفَعَ إِليه شَيْئًا قَلِيلًا مِنَ الْمَاءِ الضَّهْل. وعَطِيَّةٌ ضَهْلَةٌ أَي نَزْرة. وَيُقَالُ: هَلْ ضَهَلَ إِليك خَيْرٌ أَي وَقَع. وَبِئْرٌ ضَهُولٌ إِذا كَانَ يَخْرُجُ مَاؤُهَا قَلِيلًا قَلِيلًا. وضَهَلَ الشَّرابُ: قَلَّ وَرَقَّ ونَزُرَ، وضَحَلَ صَارَ كالضَّحْضاح، وأَعطاه ضَحْلةً مِنْ مَالٍ أَي عَطِيَّةً نَزْرةً. وضَهَلَه حقَّه: نَقَصَه إِياه أَو أَبْطَلَه عَلَيْهِ، مِنَ الضَّهْل وَهُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ، كَمَا قَالُوا أَحْبَضَه إِذا نَقَصَه حَقَّه أَو أَبطله، مِنْ قَوْلِهِمْ حَبَضَ ماءُ الرَّكيَّة يَحْبِض إِذا نَقَصَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَر لِرَجُلٍ خاصَمَتْه امرأَتُه فماطَلَها فِي حَقِّها: أَأَنْ سأَلَتْك ثَمَنَ شَكْرِها وشَبرِك أَنْشأْتَ تطُلُّها وتَضْهَلُها؛ وَرَوَى الأَزهري فِي تَفْسِيرِ تَضْهَلُها قَالَ: تُمَصِّر عَلَيْهَا العَطاء، أَصله مِنْ بِئْرٍ ضَهُول إِذا كَانَ ماؤُها يَخْرُجُ مِنْ جَوانبها، وغُزْرُ الْمَاءِ إِذا نَبَع مِنْ قَرارِها. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ فِي قَوْلِهِ تَطُلُّها: أَي تَسْعَى فِي بُطْلَانِ حَقِّهَا، أُخِذَ مِنَ الدَّمِ المَطْلول، وشَكْرُها فَرْجُها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

صَناعٌ بإِشْفاها حَصانٌ بشَكْرِها

أَي عَفِيفة الفَرْج، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَضْهَلُها: تَرُدُّها إِلى أَهْلها وَتُخْرِجُهَا، مِنْ قَوْلِكَ ضَهَلْت إِلى فُلَانٍ إِذا رَجَعت إِليه. وَهَلْ ضَهَلَ إِليك مِنْ مَالِكَ شيءٌ أَي هَلْ عَادَ، وَقِيلَ: تَضْهَلُها أَي تُعْطِيها شَيْئًا قَلِيلًا. وضَهْيَلَ الرجلُ إِذا طَالَ سَفَره وَاسْتَفَادَ مَالًا قَلِيلًا. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الضَّهْلُ الْمَالُ الْقَلِيلُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا ضَهَلَ عِنْدَكَ مِنَ الْمَالِ أَي مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ مِنْهُ. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ قَدْ أَضْهَلْت إِلى فُلَانٍ مَالًا أَي صَيَّرته إِليه. وأَضْهَلَ النخلُ إِذا أَبصرت فِيهِ الرُّطَب. وأَضْهَلَ البُسْرُ إِذا بَدَا فِيهِ الإِرْطاب. وضَهَلَ إِليه يَضْهَلُ ضَهْلًا: رَجَع، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَرْجِعَ إِليه عَلَى غَيْرِ وَجْهِ القِتال والمُغالَبة. وَفُلَانٌ تَضْهَلُ إِليه الأُمورُ أَي تَرْجِع.

ضيل: الضَّالُ: السِّدْر البَرِّيُّ، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، والضَّالُ مِنَ السِّدْر: مَا كَانَ عِذْياً، وَاحِدَتُهَ ضالَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مَيَّادة:

قَطَعْتُ بمِصْلالِ الخِشاشِ يَرُدُّها،

عَلَى الكُرْهِ مِنْهَا، ضالَةٌ وجَدِيلُ «3»

. يُرِيدُ الخِشاشةَ المُتَّخذة مِنَ الضالِ. وأَضْيَلَت الأَرْضُ وأَضالَتْ إِذا صَارَ فِيهَا الضَّالُ مِثْلُ أَغْيَلَتْ وأَغالَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

قَالَ لِجَرِيرٍ أَيْنَ مَنْزلُك؟ قَالَ: بأَكناف بِيشَةَ بَيْنَ نَخْلَةٍ وضالَةٍ

؛ الضَّالَة، بِتَخْفِيفِ اللَّامِ: وَاحِدَةُ الضَّالِ، وَهُوَ شَجَر السِّدر مِنْ شَجَرِ الشَّوْكِ، فإِذا نَبَت عَلَى شَطِّ الأَنهار قِيلَ لَهُ العُبْرِيُّ، وأَلفه مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْيَاءِ. وأَضْيَلَ المكانُ وأَضَالَ: أَنْبَتَ الضَّالَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ عَنِ الْفَرَّاءِ، وإِليه تَرَكَ ابْنُ جِنِّي مَا وَجَدَهُ مَضْبُوطًا بِخَطِّ جَعْفر بْنِ دِحْيةَ رَجُلٍ مِنْ أَصحاب ثَعْلَبٍ مِنَ الضَّأْل مَهْمُوزًا، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وأَردت أَن أَحْمِله عَلَى الضَّئِيل الَّذِي هُوَ الشَّخْت لأَن الضَّالَ هُوَ السِّدْر الجَبَلي، والجَبَليُّ أَرَقُّ عُودًا مِنَ النَّهْري، حَتَّى وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبي إِسحاق أَضْيَلَ المكانُ، فاطَّرَحْتُ مَا وَجَدْتُهُ بخَطِّ جَعْفَرٍ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الضَّالُ يَنْبُت فِي السُّهُول والوُعُور، وقَوْسُ الضَّالِ إِذا بُرِيَتْ بُرِيَتْ جَزْلةً لِيَكُونَ أَقوى لَهَا، وإِنما يُحْتَمَل ذَلِكَ مِنْهَا لخِفَّة عُودِها؛ قَالَ الأَعشى:

لاحَهُ الصَّيْفُ والغِيارُ وإِشْفاقٌ

عَلَى سَقْبَةٍ، كقَوْسِ الضَّالِ

(3). قوله [قطعت إلى قوله من الضال] هذه عبارة الجوهري، قال الصاغاني: وهي تصحيف والرواية ضانة، بالنون، وهي البرة

ص: 397