المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مَا اضْطَرَّك الحِرْزُ مِنْ لَيْلَى إِلى بَرَد … تَخْتارُه مَعْقِلًا - لسان العرب - جـ ١١

[ابن منظور]

الفصل: مَا اضْطَرَّك الحِرْزُ مِنْ لَيْلَى إِلى بَرَد … تَخْتارُه مَعْقِلًا

مَا اضْطَرَّك الحِرْزُ مِنْ لَيْلَى إِلى بَرَد

تَخْتارُه مَعْقِلًا عَنْ جُشِّ أَعْيارِ «1»

. يُرْوَى: مِنْ لَيْلٍ وَمِنْ لَيْلى.

‌فصل الميم

مأل: رَجُلٌ مَأْلٌ ومَئِلٌ: ضَخم كَثِيرُ اللَّحْمِ تَارٌّ، والأُنثى مَأْلَةٌ ومَئِلةٌ، وَقَدْ مَأَلَ يَمْأَلُ: تَمَلَّأَ وضخُم؛ التَّهْذِيبِ: وَقَدْ مَئِلْتَ تَمْأَل ومَؤُلْتَ تَمْؤُل. وَجَاءَهُ أَمْرٌ مَا مَأَلَ لَهُ مَأْلًا وَمَا مَأَلَ مَأْلَهُ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، أَي لَمْ يستعدَّ لَهُ وَلَمْ يشعُر بِهِ؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: مَا تَهيَّأَ لَهُ. ومَوْأَلة: اسْمُ رَجُلٍ فِيمَنْ جَعَلَهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مَفْعَل شَاذٌّ، وَتَعْلِيلُهُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.

متل: مَتَلَ الشيءَ مَتْلًا: زَعْزَعَهُ أَو حرَّكه.

مثل: مِثل: كلمةُ تَسْوِيَةٍ. يُقَالُ: هَذَا مِثْله ومَثَله كَمَا يُقَالُ شِبْهه وشَبَهُه بِمَعْنًى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْفَرْقُ بَيْنَ المُمَاثَلَة والمُساواة أَن المُساواة تَكُونُ بَيْنَ المختلِفين فِي الجِنْس والمتَّفقين، لأَن التَّساوِي هُوَ التكافُؤُ فِي المِقْدار لَا يَزِيدُ وَلَا ينقُص، وأَما المُمَاثَلَة فَلَا تَكُونُ إِلا فِي الْمُتَّفِقِينَ، تَقُولُ: نحوُه كنحوِه وفقهُه كفقهِه ولونُه كلونِه وطعمُه كطعمِه، فإِذا قِيلَ: هُوَ مِثْله عَلَى الإِطلاق فَمَعْنَاهُ أَنه يسدُّ مسدَّه، وإِذا قِيلَ: هُوَ مِثْلُه فِي كَذَا فَهُوَ مُساوٍ لَهُ فِي جهةٍ دُونَ جهةٍ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هُوَ مُثَيْلُ هَذَا وَهُمْ أُمَيْثَالُهم، يريدون أَن المشبَّه بِهِ حَقِيرٌ كَمَا أَن هَذَا حَقِيرٌ. والمِثْل: الشِّبْه. يُقَالُ: مِثْل ومَثَل وشِبْه وشَبَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وقوله عز وجل: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ

؛ جَعَل مِثْل وَمَا اسْمًا وَاحِدًا فَبَنَى الأَولَ عَلَى الْفَتْحِ، وَهُمَا جَمِيعًا عِنْدَهُمْ فِي مَوْضِعِ رفعٍ لِكَوْنِهِمَا صِفَةً لِحَقٍّ، فإِن قُلْتَ: فَمَا مَوْضِعُ أَنكم تنطِقون؟ قِيلَ: هُوَ جَرٌّ بإِضافة مِثْلَ مَا إِليه، فإِن قُلْتَ: أَلا تَعْلَمُ أَن مَا عَلَى بِنائها لأَنها عَلَى حَرْفَيْنِ الثَّانِي مِنْهُمَا حرفُ لِينٍ، فَكَيْفَ تَجُوزُ إِضافة الْمَبْنِيِّ؟ قِيلَ: لَيْسَ الْمُضَافُ مَا وحدَها إِنما الْمُضَافُ الِاسْمُ الْمَضْمُومُ إِليه مَا، فَلَمْ تَعْدُ مَا هَذِهِ أَن تَكُونَ كَتَاءِ التأْنيث فِي نَحْوِ جَارِيَةِ زيدٍ، أَو كالأَلف وَالنُّونِ فِي سِرْحان عَمْرو، أَو كَيَاءِ الإِضافة فِي بَصْرِيِّ القومِ، أَو كأَلف التأْنيث فِي صَحْرَاءِ زُمٍّ، أَو كالأَلف وَالتَّاءِ فِي قَوْلِهِ:

فِي غائلاتِ الحائِر المُتَوّهِ

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ

؛ أَراد لَيْسَ مِثْلَه لَا يَكُونُ إِلا ذَلِكَ، لأَنه إِن لَمْ يَقُل هَذَا أَثبتَ لَهُ مِثْلًا، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ؛ ونظيرُه مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ:

لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فِيهَا كالمَقَقْ

أَي مَقَقٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ

؛ قَالَ أَبو إِسحاق: إِن قَالَ قَائِلٌ وَهَلْ للإِيمان مِثْل هُوَ غَيْرُ الإِيمان؟ قِيلَ لَهُ: الْمَعْنَى وَاضِحٌ بيِّن، وتأْويلُه إِن أَتَوْا بتصديقٍ مِثْلِ تَصْدِيقِكُمْ فِي إِيمانكم بالأَنبياء وَتَصْدِيقِكُمْ كَتَوْحِيدِكُمْ «2» فَقَدِ اهْتَدَوْا أَي قَدْ صَارُوا مُسْلِمِينَ مِثْلَكُمْ. وَفِي حَدِيثِ

المِقْدام: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الكِتاب ومِثْلَه مَعَهُ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ مِنَ التأْويل: أَحدهما أَنه أُوتِيَ من الوَحْي الباطِن

(1). قوله [وَقَوْلُ النَّابِغَةِ مَا اضْطَرَّكَ إلخ] كذا بالأصل هنا، وفي مادة جشش وفي ياقوت هنا ومادة برد: قال بدر بن حزان

(2)

. قوله [وتصديقكم كتوحيدكم] هكذا في الأَصل، ولعله وبتوحيد كتوحيدكم

ص: 610

غيرِ المَتْلُوِّ مِثْلَ مَا أُعطيَ مِنَ الظَّاهِرِ المَتْلُوِّ، وَالثَّانِي أَنه أُوتي الكتابَ وَحْياً وأُوتي مِنَ البَيان مثلَه أَي أُذِنَ لَهُ أَن يبيِّن مَا فِي الْكِتَابِ فيَعُمَّ ويَخُصَّ ويَزيد وينقُص، فَيَكُونُ فِي وُجوب العَمَل بِهِ وَلُزُومِ قَبُولِهِ كالظاهِر المَتْلوِّ مِنَ الْقُرْآنِ. وَفِي حَدِيثِ

المِقْدادِ: قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه قبلَ أَن يقولَ كَلِمَتَهُ

أَي تَكُونُ مِنْ أَهل النَّارِ إِذا قتلتَه بَعْدَ أَن أَسْلَمَ وتلفَّظ بِالشَّهَادَةِ، كَمَا كَانَ هُوَ قَبْلَ التلفُّظ بِالْكَلِمَةِ مِنْ أَهل النَّارِ، لَا أَنه يَصِيرُ كَافِرًا بِقَتْلِهِ، وَقِيلَ: إِنك مِثْله فِي إِباحة الدَّمِ لأَن الكافرَ قَبْلَ أَن يُسْلِم مُباحُ الدَّمِ، فإِن قَتَلَهُ أَحد بَعْدَ أَن أَسلم كَانَ مُباحَ الدَّمِ بحقِّ القِصاصِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

صَاحِبِ النِّسْعةِ: إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: جَاءَ فِي رِوَايَةِ

أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ الرجلَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَردت قَتْله

، فَمَعْنَاهُ أَنه قَدْ ثَبت قَتْلُه إِياه وأَنه ظَالِمٌ لَهُ، فإِن صَدَقَ هُوَ فِي قَوْلِهِ إِنه لَمْ يُرِد قَتْله ثُمَّ قَتَلْتَه قِصاصاً كنتَ ظَالِمًا مثلَه لأَنه يَكُونُ قَدْ قَتَلَه خَطَأً. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:

أَمَّا العبَّاس فإِنها عَلَيْهِ ومِثْلُها مَعها

؛ قِيلَ: إِنه كَانَ أَخَّرَ الصَّدَقة عَنْهُ عامَيْن فَلِذَلِكَ قَالَ ومثلُها مَعَهَا، وتأْخير الصدقةِ جَائِزٌ للإِمام إِذا كَانَ بِصَاحِبِهَا حاجةٌ إِليها، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ:

فإِنها عَليَّ ومِثْلُها مَعَهَا

، قِيلَ: إِنه كَانَ اسْتَسْلَف مِنْهُ صدقةَ عَامَيْنِ، فَلِذَلِكَ قَالَ عَليَّ. وَفِي حَدِيثِ السَّرِقة:

فعَلَيْه غَرامةُ مِثْلَيْه

؛ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الوَعِيدِ والتغليظِ لَا الوُجوبِ ليَنْتَهِيَ فاعِلُه عَنْهُ، وإِلّا فَلَا واجبَ عَلَى متلِف الشَّيْءِ أَكثر مِنْ مِثْلِه، وَقِيلَ: كَانَ فِي صدْر الإِسلام تَقَعُ العُقوباتُ فِي الأَموال ثُمَّ نسِخ، وَكَذَلِكَ

قَوْلُهُ: فِي ضالَّة الإِبِلِ غَرامَتُها ومِثْلُها مَعَهَا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَحاديث كَثِيرَةٌ نَحْوُهُ سبيلُها هَذَا السَّبِيلُ مِنَ الْوَعِيدِ وَقَدْ كَانَ عُمَرَ، رضي الله عنه، يحكُم بِهِ، وإِليه ذَهَبَ أَحمدُ وَخَالَفَهُ عامَّة الْفُقَهَاءِ. والمَثَلُ والمَثِيلُ: كالمِثْل، وَالْجَمْعُ أَمْثالٌ، وَهُمَا يَتَماثَلانِ؛ وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ مُسْتَرادٌ لمِثْلِه وفلانةُ مُسْتَرادةٌ لمِثْلِها أَي مِثْلُه يُطلَب ويُشَحُّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مُسْتَراد مِثْله أَو مِثْلها، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ: والمَثَلُ: الحديثُ نفسُه. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى

؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه قَوْلُ لَا إِله إِلَّا اللَّهُ وتأْويلُه أَن اللَّهَ أَمَر بِالتَّوْحِيدِ ونَفى كلَّ إِلهٍ سِواهُ، وَهِيَ الأَمثال؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ وامْتَثَلَهُ وتَمَثَّلَ بِهِ وتَمَثَّله؛ قَالَ جَرِيرٌ:

والتَّغْلَبيّ إِذا تَنَحْنَح للقِرى،

حَكَّ اسْتَهُ وتَمَثَّلَ الأَمْثالا

عَلَى أَن هَذَا قَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ تمثَّل بالأَمْثال ثُمَّ حذَف وأَوْصَل. وامْتَثَلَ القومَ وَعِنْدَ الْقَوْمِ مَثَلًا حَسَناً وتَمَثَّل إِذا أَنشد بَيْتًا ثُمَّ آخَر ثُمَّ آخَر، وَهِيَ الأُمْثولةُ، وتَمَثَّلَ بِهَذَا البيتِ وَهَذَا البيتَ بِمَعْنًى. والمَثَلُ: الشَّيْءُ الَّذِي يُضرَب لِشَيْءٍ مِثْلًا فَيَجْعَلُ مِثْلَه، وَفِي الصِّحَاحِ: مَا يُضرَب بِهِ مِنَ الأَمْثال. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ومَثَلُ الشَّيْءِ أَيضاً صِفَتُهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ*

؛ قَالَ اللَّيْثُ: مَثَلُها هُوَ الْخَبَرُ عَنْهَا، وَقَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ صِفة الْجَنَّةِ، وَرَدَّ ذَلِكَ أَبو عَلِيٍّ، قَالَ: لأَن المَثَلَ الصِّفَةُ غَيْرُ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، إِنما مَعْنَاهُ التَّمْثِيل. قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي خَلِيفَةَ: سَمِعْتُ مُقاتِلًا صاحبَ التَّفْسِيرِ يسأَل أَبا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ عَنْ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل، مَثَلُ الْجَنَّةِ

: مَا مَثَلُها؟ فَقَالَ: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، قَالَ: مَا مَثَلُهَا؟ فَسَكَتَ أَبو عَمْرٍو، قَالَ:

ص: 611

فسأَلت يُونُسَ عَنْهَا فَقَالَ: مَثَلُها صِفَتُهَا؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: وَمِثْلُ ذَلِكَ قوله: ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ

؛ أَي صِفَتُهم. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ونحوُ ذَلِكَ رُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وأَما جَوَابُ أَبي عَمْرٍو لمُقاتِل حِينَ سأَله مَا مَثَلُها فَقَالَ فِيهَا أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، ثُمَّ تكْريرُه السُّؤَالَ مَا مَثَلُها وَسُكُوتُ أَبي عَمْرٍو عَنْهُ، فإِن أَبا عَمْرٍو أَجابه جَوَابًا مُقْنِعاً، وَلَمَّا رأَى نَبْوةَ فَهْمِ مُقاتِل سَكَتَ عنه لما وقف مِنْ غِلَظِ فَهْمِهِ، وَذَلِكَ أَن قَوْلَهُ تَعَالَى: مَثَلُ الْجَنَّةِ

، تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ؛ وَصَفَ تِلْكَ الجناتِ فَقَالَ: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وصفْتُها، وَذَلِكَ مِثْل قَوْلِهِ: ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ

؛ أَي ذَلِكَ صفةُ محمدٍ، صلى الله عليه وسلم، وأَصحابِه فِي التَّوْرَاةِ، ثُمَّ أَعلمهم أَن صِفَتَهُمْ فِي الإِنجيل كَزَرْعٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلِلنَّحْوِيِّينَ فِي قَوْلِهِ: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ

، قولٌ آخَرُ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الثُّمَالِيُّ فِي كِتَابِ الْمُقْتَضَبِ، قَالَ: التَّقْدِيرُ فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ مَثَلُ الْجَنَّةِ ثُمَّ فِيهَا وَفِيهَا، قَالَ: ومَنْ قَالَ إِن مَعْنَاهُ صِفةُ الجنةِ فَقَدْ أَخطأَ لأَن مَثَل لَا يُوضَعُ فِي مَوْضِعِ صِفَةٍ، إِنما يُقَالُ صِفَةُ زَيْدٍ إِنه ظَريفٌ وإِنه عاقلٌ. وَيُقَالُ: مَثَلُ زَيْدٍ مَثَلُ فُلَانٍ، إِنما المَثَل مأْخوذ مِنَ المِثال والحَذْوِ، والصفةُ تَحْلِية ونعتٌ. وَيُقَالُ: تَمَثَّلَ فلانٌ ضَرَبَ مَثَلًا، وتَمَثَّلَ بِالشَّيْءِ ضَرَبَهُ مَثَلًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ

؛ وَذَلِكَ أَنهم عَبَدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَسْمَع وَلَا يُبْصِر وَمَا لم ينزِل بِهِ حُجَّة، فأَعْلَم اللهُ الجوَاب ممَّا جَعَلُوهُ لَهُ مَثَلًا ونِدًّا فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً؛ يَقُولُ: كَيْفَ تكونُ هَذِهِ الأَصنامُ أَنْداداً وأَمثالًا للهِ وَهِيَ لَا تخلُق أَضعفَ شَيْءٍ مِمَّا خَلَقَ اللهُ وَلَوِ اجْتَمَعُوا كلُّهم لَهُ، وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ الضعيفُ شَيْئًا لَمْ يخلِّصوا المَسْلوبَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ؛ وَقَدْ يَكُونُ المَثَلُ بِمَعْنَى العِبْرةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ

، فَمَعْنَى السَّلَفِ أَنا جَعَلْنَاهُمْ متقدِّمين يَتَّعِظُ بِهِمُ الغابِرُون، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَمَثَلًا

أَي عِبْرة يعتبِر بِهَا المتأَخرون، وَيَكُونُ المَثَلُ بِمَعْنَى الآيةِ؛ قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي صِفَةِ عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ

؛ أَي آيَةً تدلُّ عَلَى نُبُوّتِه. وأَما قَوْلُهُ عز وجل:

ولَمَّا ضُرِب ابنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قومُك مِنْهُ يَصُدُّون

؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن كفَّارَ قريشٍ خاصَمَتِ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قِيلَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ، قَالُوا: قَدْ رَضِينا أَن تَكُونَ آلِهَتُنَا بِمَنْزِلَةِ عِيسَى والملائكةِ الَّذِينَ عُبِدوا مَنْ دُونِ اللَّهِ، فَهَذَا مَعْنَى ضَرْبِ المَثَل بِعِيسَى. والمِثالُ: المقدارُ وَهُوَ مِنَ الشِّبْه، وَالْمِثْلِ: مَا جُعل مِثالًا أَي مِقْدَارًا لِغَيْرِهِ يُحْذَى عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ المُثُل وَثَلَاثَةُ أَمْثِلةٍ، وَمِنْهُ أَمْثِلَةُ الأَفعال والأَسماء فِي بَابِ التَّصْرِيفِ. والمِثَال: القالِبُ [القالَبُ] الَّذِي يقدَّر عَلَى مِثْله. أَبو حَنِيفَةَ: المِثالُ قالِب [قالَب] يُدْخَل عَيْنَ النَصْل فِي خَرْق فِي وَسَطِهِ ثُمَّ يُطْرق غِراراهُ حَتَّى يَنْبَسِطا، وَالْجَمْعُ أَمْثِلَةٌ. وتَمَاثَل العَليلُ: قارَب البُرْءَ فَصَارَ أَشْبَهَ بِالصَّحِيحِ مِنَ الْعَلِيلِ المَنْهوك، وَقِيلَ: إِن قولَهم تَمَاثَلَ المريضُ مِنَ المُثولِ والانتصابِ كأَنه هَمَّ بالنُّهوض وَالِانْتِصَابِ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا: فَحَنَتْ لَهُ قِسِيَّها وامْتَثَلوه

ص: 612

غَرَضاً

أَي نَصَبوه هَدَفاً لِسِهام مَلامِهم وأَقوالِهم، وَهُوَ افتَعل مِنَ المُثْلةِ. وَيُقَالُ: المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي أَحسن مُثولًا وَانْتِصَابًا ثُمَّ جُعِلَ صِفَةً للإِقبال. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَى قَوْلِهِمُ المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي أَحسن حَالًا مِنْ حالةٍ كَانَتْ قَبْلَهَا، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: هُوَ أَمْثَلُ قَوْمِهِ أَي أَفضل قَوْمِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: فلانٌ أَمْثَلُ بَنِي فلانٍ أَي أَدناهم لِلْخَيْرِ. وَهَؤُلَاءِ أَمَاثِلُ الْقَوْمِ أَي خيارُهم. وَقَدْ مَثُلَ الرَّجُلُ، بِالضَّمِّ، مَثَالَةً أَي صَارَ فاضِلًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المَثَالَةُ حسنُ الْحَالِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: زَادَكَ اللَّهُ رَعالةً كُلَّمَا ازْدَدْتَ مَثَالةً، والرَّعالةُ: الحمقُ؛ قَالَ: وَيُرْوَى كُلَّمَا ازْددْت مَثَالَة زَادَكَ اللهُ رَعالةً. والأَمْثَلُ: الأَفْضَلُ، وَهُوَ مِنْ أَماثِلِهم وذَوِي مَثَالَتِهم. يُقَالُ: فُلَانٌ أَمْثَلُ مِنْ فُلَانٍ أَي أَفضل مِنْهُ، قَالَ الإِيادي: وَسُئِلَ أَبو الْهَيْثَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لِلرَّجُلِ: ائْتِنِي بِقَوْمِكَ، فَقَالَ: إِن قَوْمِي مُثُلٌ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُرِيدُ أَنهم سَادَاتٌ لَيْسَ فَوْقَهُمْ أَحد. وَالطَّرِيقَةُ المُثْلى: الَّتِي هِيَ أَشبه بِالْحَقِّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً

؛ مَعْنَاهُ أَعْدَلُهم وأَشْبهُهم بأَهل الْحَقِّ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَمْثَلُهم طَرِيقَةً أَعلمهم عِنْدَ نَفْسِهِ بِمَا يَقُولُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ فِرْعَوْنَ أَنه قَالَ: وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى

؛ قَالَ الأَخفش: المُثْلَى تأْنيثُ الأَمْثَل كالقُصْوى تأْنيث الأَقْصَى، وَقَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَى الأَمْثَل ذُو الْفَضْلِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَن يُقَالَ هُوَ أَمثل قَوْمِهِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: المُثْلَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَنْزِلَةِ الأَسماء الحُسْنى وَهُوَ نَعْتٌ لِلطَّرِيقَةِ وَهُمُ الرِّجَالُ الأَشراف، جُعِلَتِ المُثْلَى مُؤَنَّثَةً لتأْنيث الطَّرِيقَةِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الخيل يُقَالُ هَذَا عبدُ اللَّهِ مِثْلك وَهَذَا رَجُلٌ مِثْلك، لأَنك تَقُولُ أَخوك الَّذِي رأَيته بالأَمس، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي مَثَل. والمَثِيلُ: الفاضلُ، وإِذا قِيلَ مَنْ أَمْثَلُكُم قُلْتَ: كُلُّنا مَثِيل؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، قَالَ: وإِذا قِيلَ مَنْ أَفضلكُم؟ قُلْتَ فاضِل أَي أَنك لَا تَقُولُ كلُّنا فَضيل كَمَا تَقُولُ كُلُّنا مَثِيل. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَشدُّ النَّاسِ بَلاءً الأَنبياءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فالأَمْثَلُ

أَي الأَشرفُ فالأَشرفُ والأَعلى فالأَعلى فِي الرُّتبةِ وَالْمَنْزِلَةِ. يُقَالُ: هَذَا أَمْثَلُ مِنْ هَذَا أَي أَفضلُ وأَدنَى إِلى الْخَيْرِ. وأَمَاثِلُ النَّاسِ: خيارُهم. وَفِي حَدِيثِ التَّراويح:

قَالَ عُمَرُ لَوْ جَمَعْت هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ

أَي أَولى وأَصوب. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه قَالَ بَعْدَ وقعةِ بَدْر: لَوْ كَانَ أَبو طَالِبٍ حَيّاً لَرَأَى سُيوفَنا قَدْ بَسَأَتْ بالمَيَاثِل

؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَعْنَاهُ اعْتَادَتْ واستأْنستْ بالأَمَاثِل. ومَاثَلَ الشيءَ: شَابَهَهُ. والتِّمْثَالُ: الصُّورةُ، وَالْجَمْعُ التَّمَاثِيل. ومَثَّلَ لَهُ الشيءَ: صوَّره حَتَّى كأَنه يَنْظُرُ إِليه. وامْتَثَلَه هُوَ: تصوَّره. والمِثَالُ: مَعْرُوفُ، وَالْجَمْعُ أَمْثِلَة ومُثُل. ومَثَّلْتُ لَهُ كَذَا تَمْثيلًا إِذا صوَّرت لَهُ مِثَالَهُ بِكِتَابَةٍ وَغَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَشدُّ النَّاسِ عَذَابًا مُمَثِّل مِنَ المُمَثِّلين

أَي مصوِّر. يُقَالُ: مَثَّلْت، بِالتَّثْقِيلِ وَالتَّخْفِيفِ، إِذا صوَّرت مِثالًا. والتِّمْثَالُ: الِاسْمُ مِنْهُ، وظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ تِمْثَالُه. ومَثَّلَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ: سوَّاه وشبَّهه بِهِ وَجَعَلَهُ مِثْلَه وَعَلَى مِثالِه. وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:

رأَيت الجنةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتين فِي قِبْلةِ الجِدار

أَي مصوَّرتين أَو مثالُهما؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

لَا تَمَثِّلُوا بنَامِيَةِ اللَّهِ

أَي لَا تُشَبِّهُوا بِخَلْقِهِ وتصوِّروا مِثْلَ تَصْوِيرِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ المُثْلة. والتِّمْثَال: اسْمٌ لِلشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ مشبَّهاً بِخَلْقٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، وَجَمْعُهُ

ص: 613

التَّمَاثِيل، وأَصله مِنْ مَثَّلْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إِذا قدَّرته عَلَى قَدْرِهِ، وَيَكُونُ تَمْثيل الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ تَشْبِيهًا بِهِ، وَاسْمُ ذَلِكَ الممثَّل تِمْثال. وأَما التَّمْثال، بِفَتْحِ التَّاءِ، فَهُوَ مَصْدَرُ مَثَّلْت تَمْثِيلًا وتَمْثَالًا. وَيُقَالُ: امْتَثَلْت مِثالَ فُلَانٍ احْتَذَيْت حَذْوَه وَسَلَكْتُ طَرِيقَتَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: وامْتَثَلَ طَرِيقَتَهُ تبِعها فَلَمْ يَعْدُها. ومَثَلَ الشيءُ يَمْثُلُ مُثُولًا ومَثُلَ: قَامَ مُنْتَصِبًا، ومَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُثُولًا أَي انْتَصَبَ قَائِمًا؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِمَنارة المَسْرَجة مَاثِلةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ سرَّه أَن يَمْثُل لَهُ النَّاسُ قِياماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنَ النَّارِ

أَي يَقُومُوا لَهُ قِياماً وَهُوَ جَالِسٌ؛ يُقَالُ: مَثُلَ الرَّجُلُ يَمْثُلُ مُثُولًا إِذا انْتَصَبَ قَائِمًا، وإِنما نَهَى عَنْهُ لأَنه مِنْ زِيِّ الأَعاجم، ولأَن الْبَاعِثَ عَلَيْهِ الكِبْر وإِذلالُ النَّاسِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

فَقَامَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، مُمْثِلًا

؛ يُرْوَى بِكَسْرِ الثَّاءِ وَفَتْحِهَا، أَي مُنْتَصِبًا قَائِمًا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا شُرِحَ، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ التَّصْرِيفِ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَمَثَلَ قَائِمًا. والمَاثِلُ: الْقَائِمُ. والمَاثِلُ: اللاطِيءُ بالأَرض. ومَثَلَ: لَطِئَ بالأَرض، وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

تَحَمَّلَ مِنْهَا أَهْلُها، وخَلَتْ لَهَا

رُسومٌ، فَمِنْهَا مُسْتَبِينٌ ومَاثِلُ

والمُسْتَبِين: الأَطْلالُ. والمَاثِلُ: الرُّسومُ؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ أَيضاً فِي المَاثِل المُنْتَصِبِ:

يَظَلُّ بِهَا الحِرْباءُ لِلشَّمْسِ مَاثِلًا

عَلَى الجِذْل، إِلا أَنه لَا يُكَبِّرُ

وَقَوْلُ لَبِيدٌ:

ثُمَّ أَصْدَرْناهُما فِي وارِدٍ

صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاه كالمَثَلْ

فسَّره المفسِّر فَقَالَ: المَثَلُ المَاثِلُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنه وَضَعَ المَثَلَ مَوْضِعَ المُثُولِ، وأَراد كَذِي المَثَل فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مُقَامَهُ؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ المَثَلُ جَمْعَ مَاثِل كَغَائِبٍ وغَيَب وخادِم وخَدَم وَمَوْضِعُ الْكَافِ الزِّيَادَةُ، كَمَا قَالَ رُؤْبَةَ:

لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فِيهَا كالمَقَقْ

أَي فِيهَا مَقَقٌ. ومَثَلَ يَمْثُلُ: زَالَ عَنْ مَوْضِعِهِ؛ قَالَ أَبو خِراش الْهُذْلِيُّ:

يقرِّبه النَّهْضُ النَّجِيحُ لِما يَرى،

فَمِنْهُ بُدُوٌّ مرَّةً ومُثُولُ «3»

. أَبو عَمْرٍو: كَانَ فُلَانٌ عِنْدَنَا ثُمَّ مَثَلَ أَي ذَهَبَ. والمَاثِلُ: الدارِس، وَقَدْ مَثَلَ مُثُولًا. وامْتَثَلَ أَمرَه أَي احْتَذَاهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الْحِمَارَ والأُتُن:

رَبَاعٍ لَهَا، مُذْ أَوْرَقَ العُودُ عِنْدَهُ،

خُماشاتُ ذَحْلٍ مَا يُراد امْتِثَالُها

ومَثَلَ بِالرَّجُلِ يَمْثُلُ مَثْلًا ومُثْلَة؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ومَثَّلَ، كِلَاهُمَا: نكَّل بِهِ، وَهِيَ المَثُلَة والمُثْلة، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الضَّمَّةُ فِيهَا عِوَض مِنَ الْحَذْفِ، وَرَدَّ ذَلِكَ أَبو عَلِيٍّ وَقَالَ: هُوَ مِنْ بَابِ شاةٌ لَجِبَة وشِياهٌ لَجِبات.

(3). قوله [يقربه النهض إلخ] تقدم في مادة نجح بلفظ ومثيل والصواب ما هنا

ص: 614

الْجَوْهَرِيُّ: المَثُلَة، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الثَّاءِ، الْعُقُوبَةُ، وَالْجَمْعُ المَثُلات. التَّهْذِيبِ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ

؛ يَقُولُ: يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ الَّذِي لَمْ أُعاجلهم بِهِ، وَقَدْ عَلِمُوا مَا نَزَلَ مِنْ عُقوبَتِنا بالأُمَمِ الْخَالِيَةِ فَلَمْ يَعْتَبِرُوا بِهِمْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْعُقُوبَةِ مَثُلَة ومُثْلَة فَمَنْ قَالَ مَثُلَة جَمَعَهَا عَلَى مَثُلات، وَمَنْ قَالَ مُثْلة جمعها على مُثُلات ومُثَلات ومُثْلات، بإِسكان الثَّاءِ، يَقُولُ: يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ* أَي يطلبُون الْعَذَابَ فِي قَوْلِهِمْ: فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الْعَذَابِ مَا هُوَ مُثْلة وَمَا فِيهِ نَكالٌ لَهُمْ لَوِ اتَّعظوا، وكأَن المَثْل مأْخوذ مِنَ المَثَل لأَنه إِذا شَنَّعَ فِي عُقوبته جَعَلَهُ مَثَلًا وعَلَماً. وَيُقَالُ: امْتَثَلَ فُلَانٌ مِنَ الْقَوْمِ، وهؤُلاء مُثْلُ الْقَوْمِ وأَمَاثِلُهم، يَكُونُ جَمْعَ أَمْثالٍ وَيَكُونُ جَمْعَ الأَمْثَلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَن يُمَثَّلَ بالدوابِّ وأَن تُؤْكَلَ المَمْثُول بِهَا

، وَهُوَ أَن تُنْصَب فترمَى أَو تُقَطَّع أَطرافها وَهِيَ حَيَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عن المُثْلَة.

يُقَالُ: مَثَلْت بِالْحَيَوَانِ أَمْثُلُ بِهِ مَثْلًا إِذا قَطَعْتَ أَطرافه وشَوَّهْت بِهِ، ومَثَلْت بِالْقَتِيلِ إِذا جَدَعت أَنفَه وأُذنَه أَو مَذاكيره أَو شَيْئًا مِنْ أَطرافه، وَالِاسْمُ المُثْلَة، فأَما مَثَّل، بِالتَّشْدِيدِ، فَهُوَ لِلْمُبَالَغَةِ. ومَثَلَ بِالْقَتِيلِ: جَدَعه، وأَمْثَلَه: جَعَلَهُ مُثْلة. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ مَثَلَ بالشَّعَر فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَلاق يَوْمَ الْقِيَامَةِ

؛ مُثْلَة الشَّعَر: حَلْقُه مِنَ الخُدُودِ، وَقِيلَ: نتفُه أَو تغيِيرُه بالسَّواد، وَرُوِيَ

عن طاووس أَنه قَالَ: جَعَلَهُ اللَّهُ طُهْرةً فَجَعَلَهُ نَكالًا.

وأَمْثَلَ الرجلَ: قَتَلَه بقَوَدٍ. وامْتَثَلَ مِنْهُ: اقتصَّ؛ قَالَ:

إِن قَدَرْنا يَوْمًا عَلَى عامِرٍ،

نَمْتَثِلْ مِنْهُ أَو نَدَعْهُ لكْم

وتَمَثَّلَ مِنْهُ: كامْتَثَلَ. يُقَالُ: امْتَثَلْت مِنْ فُلَانٍ امْتِثَالًا أَي اقْتَصَصْتُ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ الْحِمَارَ والأُتن:

خُماشات ذَحْلٍ مَا يُرادُ امْتِثَالُها

أَي مَا يُراد أَن يُقْتَصَّ مِنْهَا، هِيَ أَذل مِنْ ذَلِكَ أَو هِيَ أَعز عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِلْحَاكِمِ: أَمْثِلْني مِنْ فُلَانٍ وأَقِصَّني وأَقِدْني أَي أَقِصَّني مِنْهُ، وَقَدْ أَمْثَلَه الْحَاكِمُ مِنْهُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: والمِثالُ القِصاص؛ قَالَ: يُقَالُ أَمْثَلَهُ إِمْثالًا وأَقصَّه إِقْصاصاً بِمَعْنًى، وَالِاسْمُ المِثالُ والقِصاصُ. وَفِي حَدِيثِ

سُويد بْنِ مُقَرِّنٍ: قَالَ ابنُه مُعَاوِيَةُ لَطَمْتُ مَوْلًى لَنَا فدَعاه أَبي وَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ امْثُلْ مِنْهُ

، وَفِي رِوَايَةٍ: امْتَثِلْ، فعَفا، أَي اقتصَّ مِنْهُ. يُقَالُ: أَمْثَلَ السلطانُ فُلَانًا إِذَا أَقادَه. وَقَالُوا: مِثْلٌ ماثِلٌ أَي جَهْدٌ جاهِدٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

مَن لَا يَضَعْ بالرَّمْلةِ المَعاوِلا،

يَلْقَ مِنَ القامةِ مِثْلًا ماثِلا،

وإِنْ تشكَّى الأَيْنَ والتَّلاتِلا

عَنَى بالتَّلاتِل الشَّدَائِدَ. والمِثالُ: الفِراش، وَجَمْعُهُ مُثُل، وإِن شِئْتَ خفَّفت. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه دَخَلَ عَلَى سَعْدٍ وَفِي الْبَيْتِ مِثالٌ رَثٌ

أَي فِراش خَلَق. وَفِي الْحَدِيثِ

عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أُم مُوسَى أُم وَلَدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَتْ: زوَّج عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ شابَّين وابْني مِنْهُمَا فَاشْتَرَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثَالَيْنِ، قَالَ

ص: 615

جَرِيرٌ: قُلْتُ لمُغيرة مَا مِثَالان؟ قَالَ: نَمَطان

، والنّمَطُ مَا يُفْترش مِنْ مَفارش الصُّوفِ الملوَّنة؛ وَقَوْلُهُ:

وَفِي الْبَيْتِ مِثَالٌ رَثٌ

أَي فِراش خلَق؛ قَالَ الأَعشى:

بكلِّ طُوَالِ السَّاعِدَيْنِ، كأَنما

يَرَى بِسُرَى الليلِ المِثَالَ المُمَهَّدا

وَفِي حَدِيثِ

عِكْرِمَةَ: أَن رَجُلًا مِنْ أَهل الْجَنَّةِ كَانَ مُسْتَلْقِياً عَلَى مُثُلِه

؛ هِيَ جَمْعُ مِثَال وَهُوَ الفِراش. والمِثَالُ: حجَر قَدْ نُقِر فِي وَجْهه نَقْرٌ عَلَى خِلْقة السِّمَة سَوَاءً، فَيُجْعَلُ فِيهِ طَرَفُ الْعَمُودِ أَو المُلْمُول المُضَهَّب، فَلَا يَزَالُونَ يَحْنون مِنْهُ بأَرْفَق مَا يَكُونُ حَتَّى يَدخل المِثال فِيهِ فَيَكُونُ مِثْله. والأَمْثال: أَرَضُون ذاتُ جِبَالٍ يُشْبِهُ بعضُها بَعْضًا وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ أَمْثَالًا وَهِيَ مِنَ البَصرة عَلَى لَيْلَتَيْنِ. والمِثْل: مَوْضِعٌ «1» ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْب:

أَلا لَيْتَ شِعْري هَلْ تَغَيَّرَتِ الرَّحَى،

رَحَى المِثْل، أَو أَمْسَتْ بفَلْجٍ كَمَا هِيَا؟

مجل: مَجِلَتْ يدُه، بِالْكَسْرِ، ومَجَلَتْ تَمْجَلُ وتَمْجُلُ مَجَلًا ومَجْلًا ومُجُولًا لُغَتَانِ: نَفِطَتْ مِنَ الْعَمَلِ فمَرَنَتْ وصَلُبت وثَخُن جلدُها وتَعَجَّر وَظَهَرَ فيها ما يشبه البَثَر مِنَ الْعَمَلِ بالأَشياء الصُّلْبة الخشِنة؛ وَفِي حَدِيثِ

فَاطِمَةَ: أَنها شَكَتْ إِلى عَلِيٍّ، عليهما السلام، مَجْلَ يديْها مِنَ الطَّحْن

؛ وَفِي حَدِيثِ

حُذَيْفَةَ: فَيظَلُّ أَثرُها مِثْلَ أَثَر المَجَل.

وأَمْجَلَها العملُ، وَكَذَلِكَ الحافِرُ إِذا نَكَبَتْه الْحِجَارَةُ فرَهَصَتْه ثُمَّ بَرِئ فصلُب وَاشْتَدَّ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:

رَهْصاً مَاجِلًا

والمَجْلُ: أَثرُ العملِ فِي الكفِّ يُعَالِجُ بِهَا الإِنسانُ الشَّيْءَ حَتَّى يَغْلُظَ جلدُها؛ وأَنشد غَيْرُهُ:

قَدْ مَجِلَتْ كَفَّاه بعدَ لِينِ،

وهَمَّتا بالصَّبْرِ والمُرُونِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن جِبْرِيلَ نَقَر رأْس رَجُلٍ مِنَ الْمُسْتَهْزِئِينَ فَتَمَجَّلَ رأْسُهُ قيْحاً وَدَمًا

أَي امتلأَ، وَقِيلَ: المَجْل أَن يَكُونَ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مَاءٌ. والمَجْلَةُ: قِشرة رَقِيقَةٌ يَجْتَمِعُ فِيهَا مَاءٌ مِنْ أَثر الْعَمَلِ، وَالْجَمْعُ مَجْلٌ ومِجَالٌ. والمَجْل: أَن يُصيب الجلدَ نارٌ أَو مشقَّة فيَتَنَفَّط ويَمْتلئ مَاءً. والرَّهْص المَاجِلُ: الَّذِي فِيهِ مَاءٌ فإِذا بُزِغَ خَرَجَ مِنْهُ الْمَاءُ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِمُسْتَنْقَع الْمَاءِ مَاجِل؛ هَكَذَا رَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، بِكَسْرِ الْجِيمِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، وأَما أَبو عُبَيْدٍ فإِنه رُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو المَأْجَل، بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهَمْزَةٍ قَبْلِهَا، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ الجَيْئةِ، وَجَمْعُهُ مآجِل؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:

وأَخْلَفَ الوِقْطانَ والمَآجِلا

وَفِي حَدِيثِ

أَبي وَاقِدٍ: كُنَّا نَتَماقَلُ فِي ماجِلٍ أَو صِهْريج

؛ المَاجِلُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْمُجْتَمِعُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي بِكَسْرِ الْجِيمِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، وَقَالَ الأَزهري: هُوَ بِالْفَتْحِ وَالْهَمْزِ، وَقِيلَ: إِن مِيمَهُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنْ بَابِ أَجل، وقيل: هو معرَّب، والتَّماقُل: التَّغاوُصُ فِي الْمَاءِ. وَجَاءَتِ الإِبلُ كأَنها المَجْلُ مِنَ الرِّيِّ أَي مُمْتَلِئَةً رِواء كَامْتِلَاءِ المَجْل، وَذَلِكَ أَعظم مَا يَكُونُ مِنَ رِيِّها. والمَجْلُ: انفِتاق مِنَ العَصَبة الَّتِي فِي أَسفل عُرْقوب الْفَرَسِ، وَهُوَ مِنْ حَادِثِ عيوب الخيل.

محل: المَحْلُ: الشِّدَّةُ. والمَحْلُ: الْجُوعُ الشَّدِيدُ وإِن لَمْ يَكُنْ جَدْب. والمَحْل: نَقِيضُ الخِصْب،

(1). قوله [والمِثْل موضع] هكذا ضبط في الأصل ومثله في ياقوت بضبط العبارة، ولكن في القاموس ضبط بالضم

ص: 616

وَجَمْعُهُ مُحول وأَمْحال. الأَزهري: المُحُولُ والقُحوطُ احْتِبَاسُ الْمَطَرِ. وأَرض مَحْلٌ وقَحْطٌ: لَمْ يُصِبْهَا الْمَطَرُ فِي حِينِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: المَحْل الجدبُ وَهُوَ انْقِطَاعُ الْمَطَرِ ويُبْسُ الأَرض مِنَ الكَلإِ. غَيْرُهُ قَالَ: وَرُبَّمَا جَمَعَ المَحْل أَمْحالًا؛ وأَنشد:

لَا يَبْرَمُون، إِذا مَا الأُفْقُ جلَّله

صِرُّ الشِّتَاءِ مِنَ الأَمْحال كالأَدَمِ

ابْنُ السِّكِّيتِ: أَمْحَلَ البلدُ، هو مَاحِل، وَلَمْ يَقُولُوا مُمْحِل، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

إِمَّا تَرَيْ رأْسي تَغَيَّر لَوْنُه

شَمَطاً، فأَصْبَحَ كالثَّغامِ المُمْحِلِ

فَلَقَدْ يَراني المُوعِدي، وكأَنَّني

فِي قَصْرِ دُومَةَ أَو سَوَاءِ الهَيْكَلِ

ابْنُ سيدَة: أَرْضٌ مَحْلة ومَحْلٌ ومَحُول، وَفِي التَّهْذِيبِ: ومَحُولة أَيضاً، بِالْهَاءِ، لَا مَرْعَى بِهَا وَلَا كَلأَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى أَبا حَنِيفَةَ قَدْ حَكَى أَرض مُحُولٌ، بِضَمِّ الْمِيمِ، وأَرَضُون مَحْل ومَحْلة ومُحُولٌ وأَرض مُمْحِلة ومُمْحِل؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ؛ الأَزهري: وأَرض مِمْحال؛ قَالَ الأَخطل:

وبَيْداء مِمْحالٍ كأَنّ نَعامَها،

بأَرْحائها القُصْوَى، أَباعِرُ هُمَّلُ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَمَا مَرَرتَ بِوادي أَهلِك مَحْلًا

أَي جَدْباً؛ والمَحْل فِي الأَصْل: انْقِطَاعُ الْمَطَرِ. وأَمْحَلَت الأَرْضُ والقومُ وأَمْحَلَ البلدُ، فَهُوَ مَاحِل عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَرَجُلٌ مَحْل: لَا يُنْتفع بِهِ. وأَمْحَلَ المطرُ أَي احْتَبَسَ، وأَمْحَلْنا نَحْنُ، وإِذا احْتَبَسَ القَطْر حَتَّى يمضِيَ زمانُ الوَسْمِيِّ كَانَتِ الأَرض مَحُولًا حَتَّى يُصِيبَهَا المطرُ. وَيُقَالُ: قَدْ أَمْحَلْنا مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِينَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ حُكِيَ مَحُلَت الأَرض ومَحَلَت. وأَمْحَلَ القومُ: أَجْدبوا، وأَمْحَلَ الزمانُ، وَزَمَانٌ مَاحِلٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وَالْقَائِلُ القَوْل الَّذِي مِثْلُه

يُمْرِعُ مِنْهُ الزَّمَنُ المَاحِلُ

الْجَوْهَرِيُّ: بَلَدٌ مَاحِلٌ وَزَمَانٌ مَاحِلٌ وأَرض مَحْل وأَرض مُحُول، كَمَا قَالُوا بَلَدٌ سَبْسَب وَبَلَدٌ سَباسِب وأَرض جَدْبَة وأَرض جُدوب، يُرِيدُونَ بِالْوَاحِدِ الْجَمْعَ، وَقَدْ أَمْحَلَت. والمَحْل: الغُبار؛ عَنْ كُرَاعٍ. والمُتَمَاحِل مِنَ الرِّجَالِ: الطويلُ الْمُضْطَرِبُ الخلْق؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وأَشْعَثَ بَوْشِيٍّ شَفَيْنا أُحاحَه،

غَدَاتَئِذٍ، ذِي جَرْدَةٍ مُتَمَاحِل

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مِنْ صِفَةِ أَشْعَث، والبَوْشِيُّ: الْكَثِيرُ البَوْشِ والعِيال، وأُحاحُه: مَا يَجِدُهُ فِي صَدْره مَنْ غَمَر وغَيْظٍ أَي شفَينا مَا يَجِدُهُ مِنْ غَمَر العِيال؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:

يَطْوِي الحَيازيمَ عَلَى أُحاحِ

والجَرْدةُ: بُرْدة خلَق. والمُتَمَاحِلُ: الطَّوِيلُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: إِنّ مِنْ وَرائكم أُموراً مُتَمَاحِلَة

أَي فِتَناً طَوِيلَةَ الْمُدَّةِ تطولُ أَيامها وَيَعْظُمُ خَطَرُها ويَشتدّ كَلَبُها، وَقِيلَ: يَطُولُ أَمرها. وسَبْسَب مُتَمَاحِل أَي بَعِيدُ مَا بَيْنَ الطرَفين. وفَلاة مُتَمَاحِلَة: بَعِيدَةُ الأَطراف؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي وَجْزَةَ:

كأَنّ حَرِيقًا ثاقِباً فِي إِباءةٍ،

هَدِيرُهُما بالسَّبْسَب المُتَمَاحِل

ص: 617

وَقَالَ آخَرُ:

بَعِيدٌ مِنَ الْحَادِي، إِذا مَا تَدَفَّعَتْ

بناتُ الصُّوَى فِي السَّبْسَب المُتَمَاحِل

وَقَالَ مُزَرِّدٌ:

هَواها السَّبْسَبُ المُتَمَاحِلُ

وَنَاقَةٌ مُتَمَاحِلَة: طَوِيلَةٌ مُضطَربة الخلْق أَيضاً. وَبَعِيرٌ مُتَمَاحِل: طَوِيلٌ بَعِيدُ مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ مُسانِدُ الخلْق مُرْتَفِعهُ. والمَحْلُ: البُعد. وَمَكَانٌ مُتَمَاحِل: مُتباعد؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

مِنَ المُسْبَطِرَّاتِ الجِيادِ طِمِرَّةٌ

لَجُوجٌ، هَواها السَّبْسَبُ المُتَمَاحِلُ

أَي هَواها أَن تَجِدَ مُتَّسعاً بَعِيدُ مَا بَيْنَ الطرَفين تَغْدُو بِهِ. وتَمَاحَلَتْ بهم الدارُ: تَبَاعَدَتْ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

وأُعْرِض، إِنِّي عَنْ هَوَاكُنَّ مُعْرِض؛

تَمَاحَلَ غِيطانٌ بكُنَّ وبِيدُ

دَعَا عَلَيْهِنَّ حين سلا عنهن بِكِبَرٍ أَو شُغْلٍ أَو تَبَاعُدٍ. ومَحَلَ لِفُلَانٍ حَقَّهُ: تكلَّفه لَهُ. والمُمَحَّل مِنَ اللَّبَنِ: الَّذِي قَدْ أَخذ طَعْمًا مِنْ الْحُمُوضَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي حُقِن ثُمَّ لَمْ يُتْرَكْ يأْخذ الطَّعْمَ حَتَّى شُرِبَ؛ وأَنشد:

مَا ذُقْتُ ثُفْلًا، مُنْذُ عامٍ أَوّلِ،

إِلَّا مِنَ القارِصِ والمُمَحَّلِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لأَبي النَّجْمِ يَصِفُ رَاعِيًا جَلْداً، وَصَوَابُهُ: مَا ذاقَ ثُفْلًا؛ وَقَبْلُهُ:

صُلْب العَصا جافٍ عَنِ التَّغَزُّلِ،

يحلِف بِاللَّهِ سِوى التَّحَلُّلِ

والثُّفْل: طَعَامُ أَهل القُرى مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَنَحْوِهِمَا. الأَصمعي: إِذا حُقِن اللَّبَنُ فِي السِّقاء وَذَهَبَتْ عَنْهُ حَلاوة الحَلَب وَلَمْ يَتَغَيَّرْ طعمُه فَهُوَ سامِطٌ، فإِن أَخذ شَيْئًا مِنَ الرِّيحِ فَهُوَ خامِطٌ، فإِن أَخذ شَيْئًا مِنْ طَعْمٍ فَهُوَ المُمَحَّل. وَيُقَالُ: مَعَ فُلَانٍ مَمْحَلَة أَي شَكْوة يُمَحِّل فِيهَا اللَّبَنَ، وَهُوَ المُمَحَّل وَيُدِيرُهَا «1»

الْجَوْهَرِيُّ: والمُمَحَّل، بِفَتْحِ الْحَاءِ مُشَدَّدَةً، اللَّبَنُ الَّذِي ذَهَبَتْ مِنْهُ حَلَاوَةُ الحَلَب وتغيَّر طعمُه قَلِيلًا. وتَمَحَّلَ الدراهمَ: انْتَقَدَها. والمِحالُ: الكَيْد ورَوْمُ الأَمرِ بالحِيَل. ومَحِلَ [مَحَلَ] بِهِ يَمْحَلُ «2» مَحْلًا: كَادَهُ بسِعاية إِلى السُّلْطَانِ. قَالَ ابْنُ الأَنباري: سَمِعْتُ أَحمد بْنُ يَحْيَى يَقُولُ: المِحال مأْخوذ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ مَحَلَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ أَي سَعَى بِهِ إِلى السُّلْطَانِ وعَرَّضه لأَمر يُهْلِكه، فَهُوَ مَاحِل ومَحُول، والمَاحِلُ: السَّاعِي؛ يُقَالُ: مَحَلْت بِفُلَانٍ أَمْحَلَ إِذا سَعَيْتَ بِهِ إِلى ذِي سُلْطَانٍ حَتَّى تُوقِعه فِي وَرْطة ووَشَيْتَ بِهِ. الأَزهري: وأَما قَوْلُ النَّاسِ تمَحَّلْت مَالًا بِغَرِيمِي فإِن بَعْضَ النَّاسِ ظَنَّ أَنه بِمَعْنَى احْتَلْتُ وقدَّر أَنه مِنَ الْمَحَالَةِ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهِيَ مَفْعلة مِنَ الْحِيلَةِ، ثُمَّ وُجِّهت الْمِيمُ فِيهَا وِجْهة الْمِيمِ الأَصلية فَقِيلَ تمَحَّلْت، كَمَا قَالُوا مَكان وأَصله مِنَ الكَوْن، ثُمَّ قَالُوا تمكَّنت مِنْ فُلَانٍ ومَكَّنْت فُلَانًا مِنْ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَلَيْسَ التَّمَحُّل عِنْدِي مَا ذَهَبَ إِليه فِي شَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ مِنَ المَحْل وَهُوَ السَّعْيُ، كأَنه يَسْعَى فِي طَلَبِهِ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ. والمَحْل: السِّعايةُ مِنْ نَاصِحٍ وَغَيْرِ نَاصِحٍ. والمَحْل:

(1). هكذا بياض في الأَصل

(2)

. قوله [ومَحلَ به يَمْحَلُ إلخ] عبارة القاموس: ومَحلَ به مثلثة الحاء مَحْلًا ومحالًا؛ كَادَهُ بِسِعَايَةٍ إِلَى السُّلْطَانِ

ص: 618

المَكْر وَالْكَيْدُ. والمِحَال: الْمَكْرُ بالحقِّ. وَفُلَانٌ يُمَاحِلُ عَنِ الإِسلام أَي يُماكِر ويُدافِع. والمِحالُ: الْغَضَبُ. والمِحالُ: التَّدْبِيرُ. والمُمَاحَلَة: المُماكَرة والمُكايَدة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: شَدِيدُ الْمِحالِ

؛ وَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ:

لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُم

ومِحَالُهم، عَدْواً، مِحالَك

أَي كيدَك وَقُوَّتَكَ؛ وَقَالَ الأَعشى:

فَرْع نَبْعٍ يَهْتزُّ فِي غُصُنِ المَجْدِ،

غزِير النَّدَى، شَدِيدُ المِحال «1»

. أَي شَدِيدُ الْمَكْرِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

ولبّسَ بَيْنَ أَقوامٍ، فكُلٌّ

أَعَدَّ لَهُ الشَّغازِبَ والمِحَالا

وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ:

إِن إِبراهيم يَقُولُ لسْتُ هُناكُم أَنا الَّذِي كَذَبْتُ ثلاثَ كَذَباتٍ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: واللهِ مَا فِيهَا كَذْبة إِلا وَهُوَ يُماحِلُ بِهَا عَنِ الإِسلام

أَي يُدافِع ويُجادِل، مِنَ المِحال، بالكسر، وَهُوَ الْكَيْدُ، وَقِيلَ: الْمَكْرُ، وَقِيلَ: الْقُوَّةُ والشدَّة، وَمِيمُهُ أَصلية. وَرَجُلٌ مَحِلٌ أَي ذُو كَيْد. وتمَحَّلَ أَي احْتَالَ، فَهُوَ مُتَمَحِّلٌ. يُقَالُ: تَمَحَّلْ لِي خَيْرًا أَي اطلُبْه. الأَزهري: والمِحَالُ مُمَاحَلَة الإِنسان، وَهِيَ مُناكَرتُه إِياه، يُنْكر الَّذِي قَالَهُ. ومَحَلَ فلانٌ بِصَاحِبِهِ ومَحِلَ بِهِ إِذا بَهَتَه وَقَالَ: إِنه قَالَ شَيْئًا لَمْ يَقُلْه. ومَاحَلَه مُمَاحَلةً ومِحَالًا: قَاوَاهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَيّهما أَشدّ. والمَحْل فِي اللُّغَةِ: الشِّدَّةُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ

؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ شَدِيدُ الْقُدْرَةِ وَالْعَذَابِ، وَقِيلَ: شَدِيدُ الْقُوَّةِ وَالْعَذَابِ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: أَصله أَن يَسْعَى بِالرَّجُلِ ثُمَّ يَنْتَقِلَ إِلى الهَلَكة. وَفِي الْحَدِيثِ

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِن هَذَا الْقُرْآنَ شافِعٌ مُشَفَّع ومَاحِلٌ مُصدَّق

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: جَعَلَهُ يَمْحَلُ بِصَاحِبِهِ إِذا لَمْ يتَّبع مَا فِيهِ أَو إِذا هُوَ ضيَّعه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي خَصْم مُجادل مُصدَّق، وَقِيلَ: ساعٍ مُصدَّق، مِنْ قَوْلِهِمْ مَحَلَ بِفُلَانٍ إِذا سَعَى بِهِ إِلى السُّلْطَانِ، يَعْنِي أَن مَنِ اتَّبعه وعَمِل بِمَا فِيهِ فإِنه شَافِعٌ لَهُ مَقْبُولُ الشَّفَاعَةِ ومُصدَّق عَلَيْهِ فِيمَا يَرْفع مِنْ مَساوِيه إِذا تَرك العملَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

لَا يُنْقَض عهدُهم عَنْ شِيَةِ مَاحِلٍ

أَي عَنْ وَشْي واشٍ وسِعاية ساعٍ، وَيُرْوَى:

سنَّة مَاحِل

، بِالنُّونِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَحَلَ بِهِ كادَه، وَلَمْ يُعَيِّن أَعِنْد السُّلْطَانِ كَادَهُ أَم عِنْدَ غَيْرِهِ؛ وأَنشد:

مَصادُ بنَ كَعْبٍ، والخطوبُ كَثِيرَةٌ،

أَلم تَرَ أَن اللَّهَ يَمْحَل بالأَلْف؟

وَفِي الدُّعَاءِ:

وَلَا تجْعَلْه مَاحِلًا مُصدَّقاً.

والمِحَالُ مِنَ اللَّهِ: العِقابُ؛ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ تعالى: وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ

؛ وَهُوَ مِنَ النَّاسِ العَداوةُ. ومَاحَلَه مُمَاحَلَة ومِحَالًا: عَادَاهُ؛ وَرَوَى

الأَزهري عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ

؛ قَالَ: شَدِيدُ الانتِقام

، وَرُوِيَ

عَنْ قَتَادَةَ: شَدِيدُ الحِيلة

، وَرُوِيَ

عَنِ ابْنِ جُريج: أَي شَدِيدُ الحَوْل

، قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ أَراه أَراد المَحال، بِفَتْحِ الْمِيمِ، كأَنه قرأَه كَذَلِكَ وَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ الحَوْلَ، قَالَ: والمِحَال الْكَيْدُ وَالْمَكْرُ؛ قَالَ عَدِيٌّ:

مَحَلُوا مَحْلَهم بصَرْعَتِنا العام،

فَقَدْ أَوْقَعُوا الرَّحى بالثُّفال

قَالَ: مكَروا وسَعَوْا. والمِحَال، بكسر الميم:

(1). قوله [في غصن المجد] هكذا ضبط في الأصل بضمتين

ص: 619

المُمَاكَرة؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: شَدِيدُ المِحَال أَي شَدِيدُ الْكَيْدِ وَالْمَكْرِ، قَالَ: وأَصلُ المِحَال الحِيلةُ؛ وأَنشد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:

أَعدَّ لَهُ الشغازِبَ والمِحالا

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: المِحَالُ الجِدالُ؛ مَاحَلَ أَي جادَلَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُ الْقُتَيْبِيِّ فِي قَوْلِهِ عز وجل وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ

أَي الحيلةِ غلَطٌ فَاحِشٌ، وكأَنه تَوَهَّمَ أَن مِيمَ المِحال مِيمُ مِفْعَل وأَنها زَائِدَةٌ، وَلَيْسَ كَمَا توهَّمه لأَن مِفْعَلًا إِذا كَانَ مِنْ بَنَاتِ الثَّلَاثَةِ فإِنه يَجِيءُ بإِظهار الْوَاوِ وَالْيَاءِ، مِثْلَ المِزْوَد والمِحْوَل والمِحْوَر والمِعْيَر والمِزْيَل والمِجْوَل وَمَا شَاكَلَهَا، قَالَ: وإِذا رأَيت الْحَرْفَ عَلَى مِثَالِ فِعال أَوّله مِيمٌ مَكْسُورَةٌ فَهِيَ أَصلية مِثْلَ مِيمِ مِهاد ومِلاك ومِراس ومِحال وَمَا أَشبهها؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِ الْمَصَادِرِ: المِحَال الْمُمَاحَلَةُ. يُقَالُ فِي فَعَلْت: مَحَلْت أَمْحَل مَحْلًا، قَالَ: وأَما المَحالة فَهِيَ مَفْعَلة مِنَ الحِيلة، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ؛ قَالَ الأَزهري: وقرأَ

الأَعرج: وَهُوَ شَدِيدُ المَحال

، بِفَتْحِ الْمِيمِ،

قَالَ: وَتَفْسِيرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى الْفَتْحِ لأَنه قَالَ: الْمَعْنَى وَهُوَ شَدِيدُ الحَوْل

، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: يُقَالُ مَحِّلْني يَا فُلَانُ أَي قَوِّني؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُهُ شَدِيدُ الْمِحالِ

أَي شَدِيدُ الْقُوَّةِ. والمَحالة: الفَقارة. ابْنُ سِيدَهْ: والمَحَالة الفِقْرة مِنْ فَقار الْبَعِيرِ، وَجَمْعُهُ مَحال، وَجَمْعُ المَحال مُحُل؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

كأَنّ حَيْثُ تَلْتَقِي مِنْهُ المُحُلْ،

مِنْ قُطُرَيْهِ وَعِلانِ وَوَعِلْ

يَعْنِي قُرونَ وَعِلَين ووَعِلٍ، شبَّه ضُلُوعَهُ فِي اشْتِبَاكِهَا بقُرون الأَوْعال؛ الأَزهري: وأَما قَوْلُ جَنْدَلٍ الطَّهَويّ:

عُوجٌ تَسانَدْنَ إِلى مُمْحَلِ

فإِنه أَراد مَوْضِعَ مَحال الظَّهْرِ، جَعَلَ الْمِيمَ لَمَّا لَزِمَتِ المَحَالَة، وَهِيَ الفَقارة مِنْ فَقار الظَّهْرِ، كالأَصلية. والمَحِلُ: الَّذِي قَدْ طُرِد حَتَّى أَعيا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

نَمْشِي كَمَشْيِ المَحِلِ المَبْهور

وَفِي النَّوَادِرِ: رأَيت فُلَانًا مُتماحِلًا وماحِلًا وناحِلًا إِذا تَغَيَّرَ بدَنه. والمَحالُ: ضرْب مِنَ الحَلي يُصَاغُ مُفَقَّراً أَي مُحَزَّزاً عَلَى تَفْقِيرِ وَسَطِ الْجَرَادِ؛ قَالَ:

مَحال كأَجْوازِ الجَرادِ، وَلُؤْلُؤٌ

مِنَ القَلَقِيِّ والكَبِيسِ المُلَوَّب

والمَحَالةُ: الَّتِي يَسْتَقِي عَلَيْهَا الطيَّانون، سُمِّيَتْ بفَقارة الْبَعِيرِ، فَعالة أَو هِيَ مَفْعَلة لتَحوُّلها فِي دَوَرانها. وَالْمَحَالَةُ وَالْمَحَالُ أَيضاً: البكَرة الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَسْتَقِي بِهَا الإِبل؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:

يَرِدْن، والليلُ مُرِمٌّ طائرُه،

مُرْخًى رِواقاه هُجودٌ سامِرُه،

وِرْدَ المَحال قَلِقَتْ مَحاوِرُهْ

والمَحالةُ: البكَرة، هِيَ مَفْعَلة لَا فَعالة بِدَلِيلِ جَمْعِهَا عَلَى مَحاوِل، وإِنما سُمِّيَتْ مَحالة لأَنها تَدُورُ فَتُنْقَلُ مِنْ حَالَةٍ إِلى حَالَةٍ، وَكَذَلِكَ المَحالة لفِقْرة الظَّهْرِ، هِيَ أَيضاً مَفْعَلة لَا فَعالة، مَنْقُولَةٌ مِنَ المَحالة الَّتِي هِيَ البكَرة، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَحَقُّ هَذَا أَن يُذْكَرَ فِي حول. غَيْرُهُ: المَحالة البكَرة الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَكُونُ للسَّانية. وَفِي الْحَدِيثِ:

حَرَّمْت شَجَرَ الْمَدِينَةِ إِلَّا مَسَدَ مَحالة

؛

ص: 620

هِيَ البكَرة الْعَظِيمَةُ الَّتِي يُسْتَقى عَلَيْهَا، وَكَثِيرًا مَا تَسْتَعْمِلُهَا السَّفَّارة عَلَى البِئار الْعَمِيقَةِ. وَقَوْلُهُمْ: لَا مَحَالَةَ يُوضَعُ مَوْضِعَ لَا بُدَّ وَلَا حِيلَةَ، مَفْعلة أَيضاً مِنَ الحَوْل والقوَّة؛ وَفِي حَدِيثِ

قُسٍّ:

أَيْقَنْتُ أَني، لا مَحَالةَ،

حَيْثُ صَارَ القومُ، صائِرْ

أَي لَا حِيلَةَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الحَوْل الْقُوَّةُ أَو الْحَرَكَةُ، وَهِيَ مَفْعَلة مِنْهُمَا، وأَكثر مَا تُسْتَعْمَلُ لَا مَحالة بِمَعْنَى الْيَقِينِ والحقيقةِ أَو بِمَعْنَى لَا بُدَّ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ

الشَّعْبِيِّ: إِنْ حَوَّلْناها عَنْكَ بِمِحْوَلٍ

؛ الْمِحْوَلُ، بِالْكَسْرِ: آلةُ التحويلِ، وَيُرْوَى بِالْفَتْحِ، وَهُوَ مَوْضِعُ التحويل، والميم زائدة.

مخل: ابْنُ الأَعرابي: الخافِلُ الهارِب، وَكَذَلِكَ الماخِل والمالِخُ.

مدل: المِدْلُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الخفيُّ الشخصِ، القليلُ الْجِسْمِ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ المَدْلُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، للخَسيس مِنَ الرِّجَالِ، والمِذْل، بِالدَّالِ وَالذَّالِ وَكَسْرِ الْمِيمِ فِيهِمَا. والمِدْل: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ. ومَدَلَ: قَيْل مِنْ حِمْير. وتَمَدَّلَ بالمِنْديل: لُغَةٌ فِي تَنَدَّل.

مذل: المَذَل: الضجَر والقَلَق، مَذِلَ مَذَلًا فَهُوَ مَذِلَ، والأُنثى مَذِلَة. والمَذِل: الْبَاذِلُ لِمَا عِنْدَهُ مِنْ مَالٍ أَو سِرٍّ، وَكَذَلِكَ إِذا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَبْطِ نَفْسِهِ. ومَذِل بسرِّه «2» ، بِالْكَسْرِ، مَذَلًا ومِذالًا، فَهُوَ مَذِلَ ومَذِيلٌ، ومَذَلَ يَمْذُلُ، كِلَاهُمَا: قَلِقَ بسرِّه فأَفشاه. وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ

عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: المِذالُ مِنَ النِّفَاقِ

؛ هُوَ أَن يَقْلَق الرجلُ عَنْ فِراشه الَّذِي يُضاجِع عَلَيْهِ حَلِيلَتَهُ ويتحوَّل عَنْهُ ليَفْتَرِشَه غيرُه، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: المِذاء، مَمْدُودٌ، فأَما المِذال، بِاللَّامِ، فإِن أَبا عُبَيْدٍ قَالَ: أَصله أَن يَمْذَل الرَّجُلُ بسرِّه أَي يَقْلَق، وَفِيهِ لُغَتَانِ: مَذِلَ يَمْذَلُ مَذَلًا، ومَذَلَ يَمْذُلُ، بِالضَّمِّ، مَذْلًا أَي قلقْت بِهِ وضَجِرْت حَتَّى أَفْشَيته، وَكَذَلِكَ المَذَل، بِالتَّحْرِيكِ. ومَذِلْت مِنْ كَلَامِهِ: قَلِقْت. وكلُّ مَنْ قَلِقَ بسرِّه حَتَّى يُذيعه أَو بِمَضْجَعه حَتَّى يتحوَّل عَنْهُ أَو بمَالِه حَتَّى يُنْفِقه، فَقَدْ مَذِلَ؛ وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ:

وَلَقَدْ أَرُوحُ عَلَى التِّجَارِ مُرَجَّلًا

مَذِلًا بِمالي، لَيِّناً أَجْيادِي

وَقَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:

فَلَا تَمْذُلْ بسِرِّك، كُلُّ سرٍّ،

إِذا مَا جاوَز الِاثْنَيْنِ، فاشِي

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: فالمِذال فِي الْحَدِيثِ أَن يَقْلق بفِراشه كَمَا قدَّمنا، وأَما المِذاء، بِالْمَدِّ، فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ابْنُ الأَعرابي: المِمْذِل الكثيرُ خَدَرِ الرِّجْل. والمِمْذَل: القَوَّاد عَلَى أَهله. والمِمْذلُ: الَّذِي يَقْلَق بسرِّه. ومَذِلَت نَفْسُهُ بِالشَّيْءِ مَذَلًا ومَذُلَت مَذَالَة: طابتْ وسمحتْ. وَرَجُلٌ مَذِلُ النفسِ والكفِّ واليدِ: سمحٌ. ومَذَل بِمَالِهِ ومَذِلَ: سَمَحَ، وَكَذَلِكَ مَذِلَ بنفسِه وعِرْضه؛ قَالَ:

مَذِلٌ بِمُهْجَتِه إِذا مَا كذَّبَتْ،

خَوْفَ المَنِيَّة، أَنْفُسُ الأَنْجادِ

(2). قوله [ومَذِلَ بسره إلخ] عبارة القاموس: ومَذلَ بسره كنصر وعلم وكرم

ص: 621

وَقَالَتِ امرأَة مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ تَعِظ ابْنَهَا:

وعِرْضكَ لَا تَمْذُلْ بعِرْضِك، إِنما

وجَدْت مُضِيعَ العِرْضِ تُلْحَى طَبائِعهُ

ومَذِلَ عَلَى فِراشه مَذَلًا، فَهُوَ مَذِلَ، ومَذُلَ مَذَالةً، فَهُوَ مَذِيلٌ، كِلاهما: لَمْ يستقرَّ عَلَيْهِ مِنْ ضَعْفٍ وغَرَض. وَرِجَالٌ مَذْلى: لا يطمئنون، جاؤوا بِهِ عَلَى فَعْلى لأَنه قَلَق، وَيَدُلُّ عَلَى عَامَّةِ مَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْجَمْعِ «1». والمَذِيلُ: الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَتَقارُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:

مَا بَالُ دَفِّك بالفِراشِ مَذِيلا؟

أَقَذًى بِعَيْنِك أَم أَرَدْتَ رَحِيلا؟

والمَذِلُ والمَاذِلُ: الَّذِي تَطِيب نفسُه عَنِ الشَّيْءِ يَتْرُكُهُ وَيَسْتَرْجِي غيرَه. والمُذْلَةُ: النُّكْتَةُ فِي الصَّخْرَةِ وَنَوَاةُ التَّمْرِ. ومَذِلَتْ رجلُه مَذَلًا ومَذْلًا وأَمْذَلَتْ: خَدِرَتْ، وامْذَالَّتِ امْذِلالًا. وكلُّ خَدَرٍ أَو فَتْرةٍ مَذَلٌ وامْذِلالٌ؛ وَقَوْلُهُ:

وإِنْ مَذِلَتْ رِجْلي، دعَوتُكِ أَشْتَفِي

بِذِكْراكِ مِنْ مَذْلٍ بِهَا، فَتَهُونُ

إِما أَن يَكُونَ أَراد مَذَل فَسَكَّنَ لِلضَّرُورَةِ، وإِما أَن تَكُونَ لُغَةً. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: مَذِلْت مِنْ كَلَامِكَ وَمَضَضْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَرَجُلٌ مِذْل أَي صَغِيرُ الْجُثَّةِ مِثْلُ مِدْل. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ سِيبَوَيْهِ: رَجُلٌ مَذْل ومَذِيل وفَرْج وفَرِيج وطَبّ وَطَبِيبٌ «2» . والامْذِلالُ: الِاسْتِرْخَاءُ والفُتور، والمَذَل مِثْلُهُ. وَرَجُلٌ مِذْل: خفيُّ الْجِسْمِ وَالشَّخْصِ قَلِيلُ اللَّحْمِ، وَالدَّالُ لُغَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمَذِيلُ: الحديدُ الَّذِي يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ نَرمْ آهَنْ.

مرجل: اللَّيْثُ: المَرَاجِل ضرْب مِنْ بُرود الْيَمَنِ؛ وأَنشد:

وأَبْصَرْتُ سَلْمَى بَيْنَ بُرْدَيْ مَرَاجِلٍ،

وأَخْياشِ عصبٍ مِنْ مُهَلْهلَة اليَمنْ

وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:

يُسائِلْنَ: مَنْ هَذَا الصَّريعُ الَّذِي نَرَى؟

ويَنْظُرْنَ خَلْساً مِنْ خِلال المَرَاجِل

وَثَوْبٌ مُمَرْجَل: عَلَى صَنْعَةِ المَراجِلِ مِنَ البُرود. وَفِي الْحَدِيثِ:

وَعَلَيْهَا ثِياب مَرَاجِل

، يُرْوَى بِالْجِيمِ وَالْحَاءِ، فَالْجِيمُ مَعْنَاهُ أَن عَلَيْهَا نُقوشاً تِمْثال الرِّجَالِ، وَالْحَاءُ مَعْنَاهُ أَن عَلَيْهَا صُوَرَ الرِّحال وَهِيَ الإِبل بأَكْوَارِها. وَمِنْهُ: ثوبٌ مُرَحَّل، وَالرِّوَايَتَانِ مَعًا مِنْ بَابِ الرَّاءِ، وَالْمِيمُ فِيهِمَا زَائِدَةٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ أَيضاً فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَبَعَثَ مَعَهُمَا بِبُرْد مَرَاجِل

؛ هُوَ ضرْب مِنْ بُرود الْيَمَنِ، قَالَ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ «3» يُشْبِهُ أَن تَكُونَ الْمِيمُ أَصلية. والمُمَرْجَل: ضرْب مِنْ ثِيَابِ الوَشْيِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

بِشِيَةٍ كَشِيَةِ المُمَرْجَلِ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ سِيبَوَيْهِ مَرَاجِل ميمُها مِنْ نَفْسِ الْحَرْفِ وَهِيَ ثِيَابُ الوَشْيِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

ولِصَدْرِه أَزِيزٌ كأَزِيزِ المِرْجَل

؛ هُوَ، بِالْكَسْرِ: الإِناء الَّذِي يُغْلى فيه الماء، وسواء

(1). قوله [من الجمع] هكذا في الأصل

(2)

. قوله [وطب وطبيب] هكذا في الأصل

(3)

. قوله [قال وهذا التفسير] عبارة النهاية: قال الأزهري هذا إلخ

ص: 622

كَانَ مِنْ حَدِيدٍ أَو صُفْر أَو حِجَارَةٍ أَو خَزَف، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، قِيلَ: لأَنه إِذا نُصِب كأَنه أُقيم عَلَى أَرْجُل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والمِرْجَل المِشط [المُشط]، مِيمُهُ زَائِدَةٌ لأَنه يرجَّل بِهِ الشَّعْرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

مَرَاجِلُنا مِنْ عَظْمِ فِيلٍ، وَلَمْ تَكُنْ

مَرَاجِلُ قَومي مِنْ جَديد القَماقِم

مرطل: مَرْطَلَهُ فِي الطِّين: لَطَخَه. ومَرْطَلَ الرجلُ ثَوْبَهُ بِالطِّينِ إِذا لَطَخَه، ومَرْطَلَ عِرْضَه كَذَلِكَ؛ قَالَ صَخْرُ بْنُ عَمِيرَةَ:

مَمْغُوثة أَعْراضُهم مُمَرْطَلَهْ،

كَمَا تُلاثُ فِي الهِناءِ الثَّمَلَهْ

ومَرْطَلَه المطرُ: بَلَّه. ومَرْطَلَ العملَ: أَدامه.

مسل: المَسِيلُ: السَّيَلان، والمَصْلُ: القَطْرُ، وَيُقَالُ لِمَسِيل الْمَاءِ مَسَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ. الْمُحْكَمُ: المَسَل والمَسِيلُ مَجْرَى الْمَاءِ وَهُوَ أَيضاً مَاءُ الْمَطَرِ، وَقِيلَ: المَسَل المَسِيلُ الظَّاهِرُ، والجمْع أَمْسِلَةٌ ومُسُلٌ ومُسْلانٌ ومَسَائِلُ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَن مِيمَهُ زَائِدَةٌ مِنْ سَالَ يَسيل وأَن الْعَرَبَ غَلِطت فِي جَمْعِهِ، قَالَ الأَزهري: هَذِهِ الْجُمُوعُ عَلَى توهُّم ثُبُوتِ الْمِيمِ أَصلية فِي المَسِيل كَمَا جَمَعُوا الْمَكَانَ أَمكنة، وأَصله مَفْعَل مِنْ كَانَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ يَصِفُ النَّحْلَ:

مِنْهَا جَوارِسُ للسَّراة، وتَخْتَوِي

كَرَباتِ أَمْسِلَةٍ إِذا تَتَصَوَّب «4»

. تَخْتَوِي: تأْكل لِلْخَواء، والكَرَبُ: مَا غَلُظَ مِنْ أُصول جَرِيدِ النَّخْلِ، والأَمْسِلَة: جَمْعُ المَسِيل وَهُوَ الْجَرِيدُ الرَّطْب، وَجَمْعُهُ المُسُل. الْأَزْهَرِيُّ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ بَنِي سَعْدٍ نشَأَ بالأَحْساء يَقُولُ لِجَرِيدِ النَّخْلِ الرّطْبِ: المُسُل، وَالْوَاحِدُ مَسِيل. ومُسَالا الرَّجُلِ: عَضُداه. ومُسَالا الرَّجُلِ: جانِبا لَحْيَيْه، وَهُوَ أَحد الظُّرُوفِ الشَّاذَّةِ الَّتِي عَزَلَها سِيبَوَيْهِ ليفسِّر مَعَانِيَهَا؛ وأَنشد لأَبي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ:

إِذا ما تَغَشَّاه عَلَى الرَّحْل يَنْثَني

مُسَالَيْه عَنْهُ مِنْ وَرَاءٍ ومُقْدِم

قَالَ سِيبَوَيْهِ: ومُسَالاه عِطْفاه فَجَرَى مَجْرَى جَنْبَيْ فُطَيمة. ابْنُ الأَعرابي: المَسَالَةُ طُولُ الْوَجْهِ مَعَ حُسْنٍ. ومَسُولَى: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد للمَرّار:

فأَصْبَحْتُ مَهْموماً كأَنّ مَطِيَّتي،

بِبَطْن مَسُولَى أَو بِوَجْرَةَ، ظالِعُ

أَي طَالَ وُقوفي حَتَّى كأَن ناقتي ظالع.

مشل: المَشَل «5» : الحَلَب الْقَلِيلُ. والمِمْشَلُ: الْحَالِبُ الرَّفِيقُ بالحَلْب. ومَشَّلَت الناقةُ تَمْشِيلًا: أَنزلت شَيْئًا قَلِيلًا مِنَ اللبَن. وتَمْشِيلُ الدِّرَّة: انتشارُها لَا تَجْتَمِعُ فيَحْلُبها الْحَالِبُ وَقَدْ تَمَشَّلَها الحالبُ أَو فَصِيلُها؛ قَالَ شَمِرٌ: وَلَوْ لَمْ أَسمعه لِابْنِ شُمَيْلٍ لأَنكرته. سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ: التَّمْشِيل أَن تَحْلُب وَتُبْقِيَ فِي الضَّرْع شَيْئًا، وَهُوَ التَّفْشِيل أَيضاً. وامْتَشَلَ سيفَه: اخْتَرَطَه. ابن السكيت: امْتَشَلَ

(4). قوله [وتختوي] هكذا في الأصل، وأورده في التكملة بلفظ: تأتري، ثم قال تأتري تفتعل من الأري، والكربات: أماكن ترتفع عن السهل، وقيل أماكن مرتفعة تصب في الأودية إلى آخر ما هنا

(5)

. قوله [المَشَل] هكذا في التهذيب مضبوطاً بالتحريك، ومقتضى صنيع القاموس وضبط التكملة أنه بالفتح

ص: 623

سيفَه مِنْ غِمْده وامْتَشَقه وانْتضاه وانْتَضَله بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وفَخِذٌ نَاشِلَة: قَلِيلَةُ اللَّحْمِ: قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ بَعْضَ الأَعراب يَقُولُ: فَخِذ مَاشِلَة بِهَذَا الْمَعْنَى. وَهُوَ مَمْشُول الفخِذ أَي قَلِيلُ اللَّحْمِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ مُشَلَّل، بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الأُولى وَفَتْحِهَا، مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.

مصل: المَصْل: مَعْرُوفٌ. والمُصُولُ: تمَيُّزُ الْمَاءِ عَنِ الأَقِطِ. واللبنُ إِذا عُلِّق مَصَل مَاؤُهُ فقَطر مِنْهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مَصْلَة مَثَّلَ أَقْطة. الْمُحْكَمُ: مَصَلَ الشيءُ يَمْصُلُ مَصْلًا ومُصولًا قطَر. ومَصَلَتِ اسْتُه أَي قطرَت. والمَصْل والمُصَالَة: مَا سَالَ مِنَ الأَقِط إِذا طُبخ ثُمَّ عَصَرَ. أَبو زَيْدٍ: المَصْل ماءُ الأَقِط حينَ يُطبخ ثُمَّ يُعْصر، فعُصارةُ الأَقِط هِيَ المَصْل. الْجَوْهَرِيُّ: ومَصْلُ الأَقِط عملُه، وَهُوَ أَن تَجْعَلَهُ فِي وِعاء خُوصٍ أَو غَيْرِهِ حَتَّى يقطُر مَاؤُهُ، وَالَّذِي يَسِيل مِنْهُ المُصَالَةُ، والمُصَالَةُ: مَا قَطَرَ مِنَ الحُبِّ. ومَصَلَ اللبَنَ يَمْصُلُه مَصْلًا إِذا وَضَعَهُ فِي وِعاء خُوصٍ أَو خِرَق حَتَّى يُقَطَّرَ مَاؤُهُ، وإِنه ليحلُب من الناقة لَبَنًا مَاصِلًا. وأَمْصَلَ الرَّاعِي الغنمَ إِذا حَلَبَهَا واستَوْعب مَا فِيهَا. والمُصُولُ: تمييزُ الْمَاءِ مِنَ اللَّبَنِ. ولبنٌ مَاصِلٌ: قَلِيلٌ. وَشَاةٌ مُمْصِلٌ ومِمْصَالٌ: يَتزايَلُ لبنُها فِي العُلْبة قَبْلَ أَن يُحْقَن. والمُمْصِلُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تُلْقي ولدَها مُضْغة. وَقَدْ أَمْصَلَتِ المرأَة أَي أَلقت وَلَدَهَا وَهُوَ مُضْغَةٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ قَدْ أَمْصَلْتَ بِضاعةَ أَهلِك إِذا أَفسدتها وصرَفْتها فِيمَا لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقَدْ مَصَلَتْ هِيَ. ابْنُ الأَعرابي: المِمْصَل الَّذِي يُبَذِّرُ مَالَهُ فِي الْفَسَادِ. والمِمْصَل أَيضاً: رَاوُوقُ الصبَّاغ. وأَمْصَلَ مالَه أَي أَفسده وصرَفه فِيمَا لَا خَيْرَ فِيهِ؛ وَقَالَ الْكِلَابِيُّ يُعَاتِبُ امرأَته:

لعَمْري لَقَدْ أَمْصَلْتِ ماليَ كلَّه،

وَمَا سُسْتِ مِنْ شَيْءٍ فربُّكِ ماحِقُه

والمَاصِلَةُ: المُضَيِّعة لِمَتَاعِهَا وَشَيْئِهَا. وَيُقَالُ: أَعْطى عَطَاءً مَاصِلًا أَي قَلِيلًا. وإِنه ليحلُب مِنَ النَّاقَةِ لَبَنًا مَاصِلًا أَي قَلِيلًا. وَقَالَ سَلِيمُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: مَصَلَ فلانٌ لِفُلَانٍ مِنْ حقِّه إِذا خَرَجَ لَهُ مِنْهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا زِلت أُطالبُه بحقِّي حَتَّى مَصَلَ بِهِ صَاغِرًا. ومَصَل الجُرْحُ أَي سَالَ مِنْهُ شَيْءٌ يَسِيرٌ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: المَاصِلُ مَا رَقَّ مِنَ الدَّبوقاءِ، والجُعْمُوسُ ما يَبِس منه.

مطل: المَطْلُ: التَّسْوِيفُ والمُدافَعة بالعِدَة والدَّيْن ولِيَّانِه، مَطَلَه حَقَّه وَبِهِ يَمْطُلُه مَطْلًا وامْتَطَلَه ومَاطَلَه بِهِ مُمَاطَلَةً ومِطَالًا وَرَجُلٌ مَطُول ومَطَّال. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَطْلُ الغنيِّ ظُلْمٌ.

والمَطْلُ: المَدُّ؛ مَطَلَ الحبلَ وَغَيْرَهُ يَمْطُلُه مَطْلًا فامْطَلَّ؛ أَنشد الأَصمعي لِبَعْضِ الرُّجَّاز:

كأَن صَابًا آلَ حَتَّى امْطَلَّا

والمَطْلُ: مدُّ المَطَّال حديدةَ الْبَيْضَةِ الَّتِي تُذاب لِلسُّيُوفِ ثُمَّ تُحْمَى وتُضرب وتُمد وتُرَبَّع. ومَطَلَ الْحَدِيدَةَ يَمْطُلها مَطْلًا: ضرَبها ومدَّها وَسَبَكَهَا وأَدارَها ثُمَّ طبَعها فَصَاغَهَا بَيْضَةً، وَهِيَ المَطِيلَة، وَكَذَلِكَ الْحَدِيدَةُ تُذَابُ لِلسُّيُوفِ ثُمَّ تُحْمَى وَتُضْرَبُ وتمدّ وتربَّع ثُمَّ تُطْبَع بَعْدَ المَطْل فَتُجْعَلُ صَفِيحَةً. الصِّحَاحُ: مَطَلْت الْحَدِيدَةَ أَمْطُلُها مَطْلًا إِذا ضَرَبْتُهَا وَمَدَدْتُهَا لِتَطُول؛ والمَطَّال: صَانِعُ ذَلِكَ، وَحِرْفَتُهُ المِطَالَة. يُقَالُ: مَطَلَها المَطَّال ثُمَّ طَبَعَهَا بَعْدَ

ص: 624

المَطْل. والمَطِيلَةُ: اسْمُ الْحَدِيدَةِ الَّتِي تُمْطَل مِنَ الْبَيْضَةِ وَمِنَ الزَّنْدة. والمَطْلُ: الطُّولُ. والمَمْطُولُ: الْمَضْرُوبُ طُولًا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد الْحَدِيدَ أَو السَّيْفَ الَّذِي ضَرَبَ طُولًا، كَمَا قَالَ اللَّيْثُ: وَكُلُّ مَمْدُودٍ مَمْطُول، والمَطْل فِي الْحَقِّ والدَّيْن مأْخوذ مِنْهُ، وَهُوَ تَطْوِيلُ العِدَّة الَّتِي يضربُها الغريمُ لِلطَّالِبِ، يُقَالُ: مَطَلَه ومَاطَلَه بحقِّه. واسمٌ مَمْطُولٌ: طالَ بإِضافة أَو صِلَةٍ، اسْتَعْمَلَهُ سِيبَوَيْهِ فِيمَا طالَ مِنَ الأَسماء: كَعِشْرِينَ رَجُلًا، وَخَيْرًا مِنْكَ، إِذا سُمِّيَ بِهِمَا رَجُلٌ. والمَطَلَةُ: لُغَةٌ فِي الطَّمَلة، وَهِيَ بَقِيَّةُ الْمَاءِ الكَدِر فِي أْسفل الْحَوْضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: مَطَلَتُه طينتُه وكَدَرُه. ابْنُ الأَعرابي: وسطُ الْحَوْضِ مَطَلَتُه وسِرْحانُه، قَالَ: ومَطَلَتُه غِرْيَنُه ومَسِيطَتُه ومَطِيطَتُه. وامْتَطَلَ النباتُ: الْتَفَّ وتدَاخَل. ومَاطِلٌ: فَحْلٌ مِنْ كِرام فُحول الإِبل إِليه تنسَب الإِبل الماطِلِيَّة؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:

كفَحْلِ الهِجان المَاطِلِيِّ المُرَفَّلِ

وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:

سِهامٌ نجَتْ مِنْهَا المَهَارَى وغودِرَتْ

أَراحِيبُها، والمَاطِلِيُّ الهَمَلَّعُ

ابْنُ الأَعرابي: المِمْطَلُ اللِّصُّ. والمِمْطَلُ: مِيقَعةُ الحدَّاد.

معل: معَل الحمارَ وغيرَه يَمْعَله مَعْلًا: استَلَّ خُصْيَيْه. والمَعْل: الِاخْتِلَاسُ بعَجلة فِي الْحَرْبِ. ومَعَلَ الشيءَ يَمْعَلُه: اختطفَه. ومَعَلَهُ مَعْلًا: اخْتَلَسَهُ؛ وَقَوْلُهُ:

إِني، إِذا مَا الأَمرُ كَانَ مَعْلا،

وأَوْخَفَتْ أَيْدِي الرِّجالِ الغِسْلا،

لَمْ تُلْفِني دارِجةً ووَغْلا

يَعْنِي إِذا كَانَ الأَمر اختِلاساً؛ وَقَوْلُهُ:

وأَوْخَفَتْ أَيدي الرِّجَالِ الغِسْلا

أَي قلَّبوا أَيديَهم فِي الْخُصُومَةِ كأَنهم يَضْرِبُونَ الخِطْميَّ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: كَانَتِ الْعَرَبُ إِذا تَواقَفَت لِلْحَرْبِ تَفاخرتْ قَبْلَ الْوَقْعَةِ فَتَرْفَعُ أَيديَها وتُشيرُ بِهَا فَتَقُولُ: فَعَل أَبي كَذَا وَكَذَا، وقامَ بأَمْرِ كَذَا وَكَذَا، فَشُبِّهَتْ أَيديهم بالأَيدي الَّتِي تُوخِف الخطميَّ، وَهُوَ الغِسل، والدارِجة والوَغْل الخسيسُ. ابْنُ الأَعرابي: امْتَعَلَ فُلَانٌ إِذا دَارَكَ الطِّعانَ فِي اختلاسٍ وسُرعة. ومَعَلَه عَنْ حَاجَتِهِ وأَمْعَلَه: أَعجله وأَزعجه. والمَعْلُ: مدُّ الرَّجل الحُوارَ مِنْ حَيَاءِ النَّاقَةِ يُعْجِلُه بِذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ اسْتِخْرَاجُهُ بِعَجَلَةٍ. ومَعَلَ أَمرَه يَمْعَلُه مَعْلًا: عَجَّله قَبْلَ أَصحابه وَلَمْ يَتَّئِد. ومَعَلَ أَمرَه مَعْلًا أَيضاً: أَفسده بإِعجاله؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ ومَعَلْتَ أَمرَك أَي عَجَّلتَه وَقَطَعْتَهُ وأَفسدته، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْقَلَّاخِ:

إِني، إِذا مَا الأَمرُ كَانَ مَعْلا،

وَلَمْ أَجِدْ مِنْ دُونٍ شَرٍّ وَعْلا،

وَكَانَ ذُو العِلْم أَشدَّ جَهْلا

مِنَ الجَهُول، لَمْ تَجِدْني وَغْلا،

وَلَمْ أَكُنْ دارِجةً ونَغْلا

والمَعْل: سَيْرُ النَّجاء. والمَعْل: السرعةُ فِي السَّيْرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ ابْنِ الْعَمْيَاءِ:

لَقَدْ أَجوبُ البَلَدَ القَراحا،

المَرْمَرِيسَ النائيَ الصَّحْصاحا،

بالقَوْم لَا مَرْضَى وَلَا صِحاحا،

ص: 625

إِنْ يَنْزِلوا لَا يَرْقُبوا الإِصْباحا،

وإِن يَسِيروا يَمْعَلوا الرَّواحا

أَي يُعَجِّلُوا ويُسرعوا. ومَعَلَ السيرَ يَمْعَلُه مَعْلًا: أَسرع. وَغُلَامٌ مَعِلٌ أَي خَفِيفٌ. ومَعَلَ رِكابه يَمْعَلُها: قَطَعَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. يُقَالُ: لَا تَمْعَلُوا رِكابكم أَي لَا تَقْطَعُوا بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ. ومَعَلَ الْخَشَبَةَ مَعْلًا: شقَّها. وَمَا لَكَ مِنْهُ مَعْلٌ أَي بُدٌّ. والمِعْوَلُ: مِيمُهُ زَائِدَةٌ، وَقَدْ مَضَى فِي فصل العين.

مغل: المَغَل: وَجَعُ الْبَطْنِ مِنْ تُرَابٍ «1» مَغِلَتِ الدَّابَّةُ، بِالْكَسْرِ، وَالنَّاقَةُ تَمْغَلُ مَغَلًا، فَهِيَ مَغِلَةٌ، ومَغَلَتْ: أَكلت الترابَ مَعَ البَقْل فأَخذها لِذَلِكَ وجَعٌ فِي بَطْنِهَا، وَالِاسْمُ المَغْلَة، ويُكْوَى صاحبُ المَغْلةِ ثلاثَ لَذَعات بالمِيسَم خلْف السُّرَّة، وَبِهَا مَغْلَة شَديدةٌ. ابْنُ الأَعرابي: المِمْغَل الَّذِي يُولَعُ بأَكل التُّرَابِ فيَدْقَى مِنْهُ أَي يَسْلَح. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

صومُ شهرِ الصَّبْرِ وثلاثةِ أَيام مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صومُ الدهرِ وَيَذْهَبُ بمَغْلَةِ الصدْر

أَي بنَغَلِه وَفَسَادِهِ، مِنَ المَغَل وَهُوَ داءٌ يأْخذ الْغَنَمَ فِي بُطُونِهَا، ويُروى:

بِمَغَلَّةِ الصدْر

، بِالتَّشْدِيدِ، مِنَ الغِلِّ الْحِقْدِ. وأَمْغَلَ القومُ: مَغِلَتْ إِبِلُهم وَشَاؤُهُمْ، وَهُوَ دَاءٌ. يُقَالُ: مَغِلَتْ تَمْغَلُ. قَالَ: والإِمْغَالُ فِي الشاءِ لَيْسَ فِي الإِبل وَهُوَ مِثْلُ الكِشَافِ فِي الإِبل أَن تحمِل كلَّ عَامٍ. والمَغْل والمَغَلُ: اللَّبَنُ الَّذِي تُرْضِعه المرأَة ولدَها وَهِيَ حَامِلٌ، وَقَدْ مَغِلَتْ بِهِ وأَمْغَلَتْه، وَهِيَ مُمْغِلٌ. والإِمْغَال: وجَعٌ يُصيبُ الشاةَ فِي بَطْنِهَا، فكلَّما حَمَلَت وَلَدًا أَلْقته، وَقِيلَ: الإِمْغَال فِي الشَّاةِ أَن تحمِل عَلَيْهَا فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ أَمْغَلَتْ وَهِيَ مُمْغِل، وَقِيلَ: هُوَ أَن تُنْتَجَ سنَواتٍ مُتتابِعةً، والمَغْلَةُ: النعجةُ والعَنْزُ الَّتِي تُنْتَجُ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ، وَالْجَمْعُ مِغَالٌ. وأَمْغَلَتْ غنمُ فُلَانٍ إِذا كَانَتْ تِلْكَ حالَها. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الإِمْغَال أَن لَا تُراحَ الإِبلُ وَلَا غيرُها سنَةً وَهُوَ مِمَّا يُفْسِدها. والمُمْغِلُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَلِد كلَّ سَنَةٍ وتحمِل قَبْلَ فِطام الصَّبِيِّ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:

بَيْضاء مَحْطوطَة المَتْنَيْنِ بَهْكَنَة،

رَيَّا الرَّوادِف لَمْ تُمْغِلْ بأَوْلادِ

يَقُولُ: لَمْ يَكْثُرْ وَلَدُهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ مَفْسَدَةً لَهَا ويُرَهِّل لحمَها؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ عَيْراً:

يَرْمي بِخَوصاءَ إِلى مَزالِها،

لَيْسَتْ كَعَين الشَّمْسِ فِي أَمْغالِها

أَراد بمَزالها زَوَالَ الشَّمْسِ. والمَغَل: الرَّمَص، وَجَمْعُهُ أَمْغَال. ومَغِلت عَيْنُهُ إِذا فَسَدَتْ. ومَغَل فُلَانٌ يَمْغَل مَغْلًا ومَغَالَةً: وَشى، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الوِشايَة عِنْدَ السُّلْطَانِ، يُقَالُ: أَمْغَلَ بِي فُلَانٌ عِنْدَ السلطان أَي وَشَى بي إِليه. ومَغَلَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ عِنْدَ فُلَانٍ إِذا وَقع فِيهِ، يَمْغَلُ مَغْلًا، وإِنه لَصَاحِبُ مَغالةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:

يَتَأَكَّلون مَغَالَةً ومَلاذةً،

ويُعابُ قائلُهم، وإِن لَمْ يَشْغَبِ «2»

. وَالْمِيمُ فِي المَغَالَة والمَلاذة أَصلية مِنْ مَغَل ومَلَذ. والمُمْغِل: الأَرض الْكَثِيرَةُ الغَمْلى، وَهُوَ النَّبْت الْكَثِيرُ.

(1). قوله [من تراب] أي من أكل التراب

(2)

. قوله [يتأَكلون مَغَالَة إلخ] هكذا في الأصل هنا، وتقدم في مادة ملذ بلفظ يتحدثون مَغَالَة إلخ وهو كذلك في النهاية في مواضع، إلا أنه وقع في مادة ملذ: وإن لم يشعب بالعين المهملة وهو خطأ والصواب ما هنا من أنه بالغين المعجمة

ص: 626

مقل: المُقْلَة: شَحْمة الْعَيْنِ الَّتِي تَجْمَعُ السوادَ والبياضَ، وَقِيلَ: هِيَ سوادُها وبياضُها الَّذِي يَدُورُ كُلُّهُ فِي الْعَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ الحَدَقة؛ عَنْ كَرَاعٍ، وَقِيلَ: هِيَ الْعَيْنُ كلُّها، وإِنما سُمِّيَتْ مُقْلَة لأَنها تَرْمِي بِالنَّظَرِ. والمَقْل: الرَّمْيُ. والحدَقة: السوادُ دُونَ البياضِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَعرف ذَلِكَ فِي الإِنسان، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي النَّاقَةِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

مِنَ المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ بعدَ ما

يُرَى، فِي فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ، نُضُوبُ

وقال أَبو دواد: سمعت بالغَرّاف يَقُولُونَ: سخِّن جَبِينَك بالمُقْلَة؛ شبَّه عَيْنَ الشَّمْسِ بالمُقْلةِ. والمَقْل: النَّظَرُ. ومَقَلَه بِعَيْنِهِ يَمْقُله مَقْلًا: نَظَرَ إِليه؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:

وَلَقَدْ يَرُوعُ قُلوبَهُنَّ تَكَلُّمِي،

ويَرُوعُني مَقْلُ الصِّوارِ المُرْشق

وَيُرْوَى: مُقَل، ومَقْل أَحسن لِقَوْلِهِ تكلُّمِي. وَيُقَالُ: مَا مَقَلَتْه عَيْنِي مُنْذُ الْيَوْمِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِي. مَا مَقَلَتْ عَيْنِي مثلَه مَقْلًا أَي مَا أَبصرتْ وَلَا نظرتْ، وَهُوَ فَعَلَتْ مِنَ المُقْلة، وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ وَسُئِلَ عَنْ مَسْح الحَصى فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ مرَّةً: وتركُها خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ لِمُقْلةٍ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُقْلَة هِيَ الْعَيْنُ، يَقُولُ: تَرْكُهَا خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ يَخْتَارُهَا الرَّجُلُ عَلَى عَيْنِهِ وَنَظَرِهِ كَمَا يُرِيدُ، قَالَ: وَقَالَ الأَوزاعي وَلَا يُرِيدُ أَنه يَقْتَنِيهَا؛ وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: خيرٌ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا أَسْوَدُ المُقْلَةِ

أَي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَسودُ الْعَيْنِ. والمَقْلة، بِالْفَتْحِ: حَصاة القَسْم تُوضَعُ فِي الإِناء ليُعْرَف قدرُ مَا يُسْقَى كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ عِنْدَ قلَّة الْمَاءِ فِي المَفاوِزِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: تُوضَع فِي الإِناء إِذا عَدِموا الْمَاءَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ يُصَبُّ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَغْمُرُ الحَصاة فيُعطاها كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ طُعْمة الخَطْمِيّ وخَطْمةُ مِنَ الأَنصار بَنُو عبدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَوْس:

قَذَفُوا سيِّدَهم فِي وَرْطةٍ،

قَذْفَك المَقْلَةَ وسْطَ المُعْتَرَكْ

ومَقَلَ المَقْلة: أَلقاها فِي الإِناء وصبَّ عَلَيْهَا مَا يغمُرها مِنَ الْمَاءِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي حَمْزَةَ: يُقَالُ مَقْلَة ومُقْلَة، شُبِّهَتْ بمُقْلة الْعَيْنِ لأَنها فِي وَسَطِ بَيَاضِ الْعَيْنِ، وأَنشد بَيْتَ الخَطْمِيّ. وَفِي حَدِيثِ

عليٍّ: لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلا جُرْعة كجُرْعة المَقْلَة

؛ هِيَ بِالْفَتْحِ حَصاة القَسْم، وَهِيَ بِالضَّمِّ وَاحِدَةُ المُقْل الثَّمَرُ الْمَعْرُوفُ، وَهِيَ لصِغَرِها لَا تسَعُ إِلا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ مِنَ الْمَاءِ. ومَقَلَه فِي الْمَاءِ يَمْقُلُه مَقْلًا: غَمَسه وغطَّه. ومَقَلَ الشَّيْءَ فِي الشَّيْءِ يَمْقُلُه مَقْلًا: غَمَسَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا وقَع الذُّبابُ فِي إِناء أَحدِكم فَامْقُلُوه فإِن فِي أَحد جَناحيه سُمّاً وَفِي الْآخَرِ شِفاء وإِنه يقدِّم السُّمَّ ويؤخر الشِّفاء

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: قَوْلُهُ فامْقُلُوه يَعْنِي فاغْمِسوه فِي الطَّعَامِ أَو الشَّرَابِ ليُخْرِج الشِّفَاءَ كَمَا أَخرج الدَّاءَ. والمَقْل: الغَمْس. وَيُقَالُ للرَّجُلَين إِذا تَغاطَّا فِي الْمَاءِ: هُمَا يَتَمَاقَلان، والمَقْل فِي غَيْرِ هَذَا النظرُ. وتَمَاقَلُوا فِي الْمَاءِ: تَغاطُّوا. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَاصِمٍ: يَتَمَاقَلان فِي الْبَحْرِ

، وَيُرْوَى:

يَتَمَاقَسَان.

ومَقَلَ فِي الْمَاءِ يَمْقُلُ مَقْلًا: غاصَ. وَيُرْوَى

أَن ابْنَ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ سأَل أَباه لُقْمَانَ فَقَالَ: أَرأَيت الحَبَّة الَّتِي تَكُونُ فِي مَقْل الْبَحْرِ

أَي فِي مَغاص الْبَحْرِ، فأَعلمه أَن اللَّهَ يَعْلَمُ الحَبَّة حَيْثُ هِيَ، يَعْلَمُهَا

ص: 627

بعِلمه وَيَسْتَخْرِجُهَا بلُطفه؛ وَقَوْلُهُ فِي مَقْل الْبَحْرِ، أَراد فِي مَوْضِعِ المَغاص مِنَ الْبَحْرِ. والمَقْل: أَن يَخَاف الرَّجُلُ عَلَى الْفَصِيلِ مِنْ شُرْبِهِ اللَّبَنَ فيسقيَه فِي كَفِّهِ قَلِيلًا قَلِيلًا؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَعْرِفُ المَقْل الغَمْس، وَلَكِنَّ المَقْل أَن يُمْقَل الفصيلُ الماءَ إِذا آذَاهُ حَرُّ اللَّبَنِ فيُوجَر الماءَ فَيَكُونُ دَوَاءً. وَالرَّجُلُ يَمْرَضُ فَلَا يَسْمَعُ شَيْئًا فَيُقَالُ: امْقُلُوه الماءَ واللبنَ أَو شَيْئًا مِنَ الدَّوَاءِ فَهَذَا المَقْل الصَّحِيحُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِذا لَمْ يَرْضَع الفَصِيل أُخِذ لِسَانُهُ ثُمَّ صُبَّ الْمَاءُ فِي حَلْقه، وَهُوَ المَقْل، وَقَدْ مَقَلْتُه مَقْلًا، قَالَ: وَرُبَّمَا خَرَجَ عَلَى لِسَانِهِ قُروح فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الرِّضَاعِ حَتَّى يُمْقَل؛ وأَنشد:

إِذا اسْتَحَرَّ فامْقُلُوه مَقْلا،

فِي الحَلْقِ واللَّهاةِ صُبُّوا الرِّسْلا

والمَقْل: ضرْب مِنَ الرِّضَاعِ؛ وأَنشد فِي وَصْفِ الثَّدْي:

كَثَدْي كَعابٍ لَمْ يُمَرَّثَ بالمَقْلِ

قَالَ اللَّيْثُ: نصَب الثَّاءَ عَلَى طلَب النُّونِ، قَالَ الأَزهري: وكأَنَّ المَقْل مَقْلُوبٌ مِنَ المَلْق وَهُوَ الرِّضَاعُ. ومَقْل الْبِئْرِ: أَسفلها. والمُقْل: الكُنْدُر الَّذِي تُدَخِّن بِهِ اليهودُ وَيُجْعَلُ فِي الدَّوَاءِ. والمُقْل: حَمْلُ الدَّوْم، وَاحِدَتُهُ مُقْلَة، والدَّوْم شَجَرَةٌ تُشْبِهُ النَّخْلَةَ فِي حَالَاتِهَا. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُقْل الصَّمْغُ الَّذِي يُسَمَّى الكُور، وَهُوَ مِنَ الأَدوية.

مكل: المُكْلَة والمَكْلَة: جَمَّةُ الْبِئْرِ، وَقِيلَ: أَول مَا يُستقَى مِنْ جَمَّتِها. والمُكْلَة: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ يَبْقَى فِي الْبِئْرِ أَو الإِناء فَهُوَ مِنْ الأَضداد، وَقَدْ مَكَلَتِ الرَّكِيَّة تَمْكُلُ مُكُولًا، فَهُوَ مَكُول فِيهِمَا، وَالْجَمْعُ مُكُلٌ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: قَلِيبٌ مُكُلٌ كعُطُل، ومَكِلٌ كنَكِدٍ، ومُمْكَلَة ومَمْكُولَة كُلُّ ذَلِكَ الَّتِي قَدْ نَزَح مَاؤُهَا، وَقِيلَ: المَكُول مِنَ الْآبَارِ الَّتِي يقلُّ مَاؤُهَا فتَسْتَجِمُّ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْمَاءُ فِي أَسفلها، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَاءِ المُكْلَة. والمَكَل: اجْتِمَاعُ الْمَاءِ فِي الْبِئْرِ. اللَّيْثُ: مَكَلَتِ الْبِئْرُ إِذَا اجْتَمَعَ الْمَاءُ فِي وَسَطِهَا وَكَثُرَ، وَبِئْرٌ مَكُولٌ وجَمَّة مَكُول. ابْنُ الأَعرابي: المِمْكَلُ الغَدير الْقَلِيلُ الْمَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: مَكِلَت الْبِئْرُ أَي قَلَّ مَاؤُهَا وَاجْتَمَعَ فِي وَسَطِهَا، وَقِيلَ: إِذا اجْتَمَعَ فِيهَا قَلِيلًا قَلِيلًا إِلى وَقْتِ النَّزْح الثَّانِي فَاسْمُ ذَلِكَ مَكْلَة ومُكْلَة. يُقَالُ: أَعْطني مكلَةَ رَكيَّتك أَي جَمَّة رَكِيَّتِكَ، وَالْبِئْرُ مَكُول، وَالْجَمْعُ مُكُل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أُحَيْحة بْنِ الجُلاح:

صَحَوْت عَنِ الصِّبا واللَّهْوُ غُولُ،

ونَفْسُ المرءِ آوِنةً مَكُولُ

أَي قَلِيلَةُ الْخَيْرِ مِثْلَ الْبِئْرِ المَكُول. والمَكُولِيُّ: اللَّئِيمُ؛ عَنْ أَبي العَميْثَل الأَعرابي.

ملل: المَلَلُ: المَلالُ وَهُوَ أَن تَمَلَّ شَيْئًا وتُعْرِض عَنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وأُقْسِمُ مَا بِي مِنْ جَفاءٍ وَلَا مَلَل

وَرَجُلٌ مَلَّةٌ إِذا كَانَ يَمَلُّ إِخوانَه سَرِيعًا. مَلِلْتُ الشَّيْءَ مَلَّة ومَلَلًا ومَلالًا ومَلالَة: بَرِمْت بِهِ، واسْتَمْلَلْتُه: كمَلِلْتُه؛ قَالَ ابْنُ هَرْمة:

قِفا فَهَرِيقا الدمْع بالمَنْزِل الدَّرْسِ،

وَلَا تَسْتَمِلَّا أَن يَطُولَ بِهِ عَنْسِي

وَهَذَا كَمَا قَالُوا خَلَت الدارُ واستخْلت وعَلا قِرْنَه

ص: 628

واسْتَعْلاه؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

لَا يَسْتَمِلُّ وَلَا يَكْرى مُجالِسُها،

وَلَا يَمَلُّ مِنَ النَّجْوَى مُناجِيها

وأَمَلَّنِي وأَمَلَّ عَليَّ: أَبرَمَني. يُقَالُ: أَدَلَّ فأَمَلَّ. وَقَالُوا: لَا أَمْلاهُ أَي لَا أَمَلُّه، وَهَذَا عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ وَالَّذِي فَعَلُوهُ فِي هَذَا ونحوِه مِنْ قَوْلِهِمْ لَا «3»

لَا أَفعل؛ وإِنشادهم:

مِنْ مآشِرٍ حِداءِ «4»

. لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَيَجِبُ هَذَا، وإِنما غُيِّر اسْتِحْسَانًا فَسَاغَ ذَلِكَ فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: مَلِلْت الشَّيْءَ، بِالْكَسْرِ، ومَلِلْت مِنْهُ أَيضاً إِذا سَئِمْته، وَرَجُلٌ مَلٌّ ومَلول ومَلُولَة ومالُولَةٌ ومَلَّالَة وَذُو مَلَّة؛ قَالَ:

إِنك وَاللَّهِ لَذُو مَلَّة،

يَطرِفُك الأَدْنى عَنِ الأَبْعَدِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ وَصَوَابُ إِنشاده: عَنِ الأَقدَم؛ وَبَعْدَهُ:

قُلْتُ لَهَا: بَلْ أَنتِ مُعْتَلَّة

فِي الوَصل، يَا هندُ، لِكَي تَصْرِمي

وَفِي الْحَدِيثِ:

اكْلَفوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقون فإِن اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا

؛ مَعْنَاهُ إِن اللَّهَ لَا يَمَلُّ أَبداً، مَلِلْتم أَو لَمْ تَمَلُّوا، فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِمْ: حَتَّى يَشِيبَ الْغُرَابُ ويبيضَّ القارُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِن اللَّهَ لَا يَطَّرِحُكم حَتَّى تَتْرُكُوا الْعَمَلَ وَتَزْهَدُوا فِي الرَّغْبَةِ إِليه فَسَمَّى الْفِعْلَيْنِ مَلَلًا وَكِلَاهُمَا لَيْسَ بِمَلَل كَعَادَةِ الْعَرَبِ فِي وَضْعِ الْفِعْلِ مَوْضِعَ الْفِعْلِ إِذا وَافَقَ مَعْنَاهُ نَحْوَ قَوْلِهِمْ:

ثُمَّ أَضْحَوْا لَعِبَ الدهرُ بِهِمْ،

وَكَذَاكَ الدهرُ يُودِي بِالرِّجَالِ

فَجَعَلَ إِهلاكه إِياهم لَعِباً، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِن اللَّهَ لَا يَقْطَعُ عَنْكُمْ فَضْله حَتَّى تَمَلُّوا سُؤَالَهُ فسمَّى فِعل اللَّهِ مَلَلًا عَلَى طَرِيقِ الازْدِواج فِي الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها، وَقَوْلُهُ: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ؛ وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

فأَلَّف اللَّهُ السَّحاب ومَلَّتْنا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، قِيلَ: هِيَ مِنَ المَلَلِ أَي كَثُرَ مطرُها حَتَّى مَلِلناها، وَقِيلَ: هِيَ مَلَتْنا، بِالتَّخْفِيفِ، مِنَ الامْتِلاء فَخَفَّفَ الْهَمْزَةَ، وَمَعْنَاهُ أَوسَعَتْنا سَقْياً ورِيًّا. وَفِي حَدِيثِ

المُغيرة: مَلِيلَة الإِرْغاء

أَي مَمْلولة الصَّوْتِ، فَعِيلة بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، يَصِفها بِكَثْرَةِ الْكَلَامِ ورَفْعِ الصَّوْتِ حَتَّى تُمِلَّ السَّامِعِينَ، والأُنثى مَلُول ومَلُولَة، فمَلُول عَلَى الْقِيَاسِ ومَلُولَة عَلَى الْفِعْلِ. والمَلَّة: الرَّماد الحارُّ والجمْر. وَيُقَالُ: أَكلنا خُبزَ مَلَّة، وَلَا يُقَالُ أَكلنا مَلَّة. ومَلَّ الشيءَ فِي الجمْر يَمُلُّه مَلًّا، فَهُوَ مَمْلول ومَلِيل: أَدخله «5» . يُقَالُ: مَلَلْت الخُبزةَ فِي المَلَّة مَلًّا وأَمْلَلْتها إِذا عمِلتها فِي المَلَّة، فَهِيَ مَمْلُولَة، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَشْوِيّ فِي المَلَّة مِنْ قَريس وَغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: هَذَا خُبز مَلَّةٍ، وَلَا يُقَالُ لِلْخُبْزِ مَلَّة، إِنما المَلَّة الرَّماد الْحَارُّ وَالْخُبْزُ يُسَمَّى المَلِيل والمَمْلول، وَكَذَلِكَ اللحمُ؛ وأَنشد

(3). هكذا بياض في الأصل

(4)

. قوله [من مآشر حداء] قبله كما في مادة حدد:

يَا لَكَ مِنْ تَمْرٍ وَمِنْ شِيشَاءِ

يَنْشَبُ فِي الْمَسْعَلِ وَاللَّهَاءِ

أَنْشَبَ مِنْ مآشر حداء

(5)

. قوله [أدخله] يعني فيه فلفظ فيه إما ساقط من قلم الناسخ أو اقتصاراً من المؤلف

ص: 629

أَبو عُبَيْدٍ:

تَرَى التَّيْمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبى

إِلى تَيْمِيَّةٍ، كعَصا المَلِيل

وَفِي الْحَدِيثِ:

قَالَ أَبو هُرَيْرَةَ لَمَّا افتتَحْنا خَيبرَ إِذا أُناس مِنْ يَهُود مُجْتَمِعُونَ عَلَى خُبزة يَمُلُّونها

أَي يَجْعَلُونَهَا فِي المَلَّة. وَفِي حَدِيثِ

كَعْبٍ: أَنه مرَّ بِهِ رِجْل مِنْ جَراد فأَخذ جَرادَتين فمَلَّهما

أَي شَواهما بالمَلَّة؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:

كأَنَّ ضاحِيَهُ بِالنَّارِ مَمْلُولُ

أَي كأَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْهُ لِلشَّمْسِ مَشْويّ بالمَلَّة مِنْ شِدَّةِ حَرِّهِ. وَيُقَالُ: أَطعَمَنا خُبْزَ مَلَّةٍ وأَطعمَنا خُبْزَةً مَلِيلًا، وَلَا يُقَالُ أَطعَمنا مَلَّة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَا أَشْتُم الضَّيْفَ إِلّا أَنْ أَقولَ لَهُ:

أَباتَكَ اللَّهُ فِي أَبيات عَمَّارِ

أَباتَك اللَّهُ فِي أَبيات مُعْتَنِزٍ

عَنِ المَكارِم، لَا عَفٍّ وَلَا قارِي

صَلْدِ النَّدى، زاهِدٍ فِي كُلِّ مَكْرُمة،

كأَنَّما ضَيْفُهُ فِي مَلَّة النارِ

وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المَلَّة الحُفْرة نَفْسُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنَّ لِي قَراباتٍ أَصِلُهم ويَقْطَعُونَني وأُعْطِيهم ويَكْفُرونني فَقَالَ لَهُ: إِنما تُسِفُّهم المَلَ

؛ المَلُّ والمَلَّة: الرَّمَادُ الْحَارُّ الَّذِي يُحْمى ليُدْفَن فِيهِ الْخُبْزُ ليَنْضَج، أَراد إِنما تَجْعَلُ المَلَّة لَهُمْ سَفُوفاً يَسْتَفُّونه، يَعْنِي أَن عَطاءَك إِياهم حَرَامٌ عَلَيْهِمْ ونارٌ فِي بُطُونِهِمْ. وَيُقَالُ: بِهِ مَلِيلة ومُلالٌ، وَذَلِكَ حَرارة يَجِدُهَا، وأَصله مِنَ المَلَّة، وَمِنْهُ قِيلَ: فُلَانٌ يَتَمَلْمَلُ عَلَى فِراشه ويَتَمَلَّلُ إِذا لَمْ يَسْتَقِرَّ مِنَ الْوَجَعِ كأَنه عَلَى مَلَّة. وَيُقَالُ: رَجُلٌ مَلِيل لِلَّذِي أَحرقته الشَّمْسُ؛ وَقَوْلُ الْمَرَّارُ:

عَلَى صَرْماءَ فِيهَا أَصْرَماها،

وخِرِّيتُ الفَلاة بِها مَلِيلُ

قَوْلُهُ: وخِرِّيتُ الفَلاةِ بِهَا مَلِيلُ أَي أَضْحَت الشَّمْسُ فلَفَحَتْه فكأَنه مَمْلول فِي المَلَّة. الْجَوْهَرِي: والمَلِيلَة حَرارة يَجِدُهَا الرَّجُلُ وَهِيَ حُمَّى فِي الْعَظْمِ. وَفِي المثَل: ذَهَبَتِ البَلِيلة بالمَلِيلة. والبَلِيلة: الصِّحَّة مِنْ أَبَلَّ مِنْ مَرَضه أَي صَحَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَزال المَلِيلةُ والصُّداعُ بِالْعَبْدِ

؛ المَلِيلَة: حَرَارَةُ الحُمَّى وتوهُّجُها، وَقِيلَ: هِيَ الحُمَّى الَّتِي تَكُونُ فِي الْعِظَامِ. والمَلِيلُ: المِحْضَأُ. ومَلَّ القَوْسَ والسهمَ وَالرُّمْحَ فِي النَّارِ: عَالَجَهَا بِهِ «1» عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: والمَلِيلةُ والمُلالُ: الحرُّ الكامِن. وَرَجُلٌ مَمْلُول ومَلِيل: بِهِ مَلِيلة. والمَلَّةُ والمُلالُ: عَرَق الحُمَّى، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مُلِلْتُ مَلًّا وَالِاسْمُ المَلِيلةُ كَحُمِمْت حُمَّى وَالِاسْمُ الحُمَّى. والمُلال: وَجَعُ الظَّهْر؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

دَاوِ بِهَا ظَهْرَك مِنْ مُلالِه،

مِنْ خُزُرات فِيهِ وانْخِزالِه،

كَمَا يُداوى العَرُّ مِنْ إِكالِه

والمُلال: التقلُّب مِنَ الْمَرَضِ أَو الْغَمُّ؛ قَالَ:

وهَمّ تأْخُذُ النُّجَواءُ منه،

يُعَدُّ بِصالِبٍ أَو بالمُلالِ

وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ مَلَّ. وتَمَلَّلَ الرجلُ وتَمَلْمَلَ: تَقلَّب، أَصله تَمَلَّل فَفُكَّ بِالتَّضْعِيفِ. ومَلَّلْته أَنا: قلَّبته. وتَمَلَّلَ اللحمُ عَلَى النَّارِ: اضْطَرَبَ. شَمِر: إِذا نَبا بِالرَّجُلِ مَضْجَعُه مِنْ غَمٍّ أَو وَصَب

(1). قوله [عالجها به] هكذا في الأصل، ولعله عالجها بها

ص: 630

قِيلَ: قَدْ تَمَلْمَلَ، وَهُوَ تقلُّبه عَلَى فِراشه، قَالَ: وتَمَلْمُلُه وَهُوَ جَالِسٌ أَن يَتوكأَ مَرَّةً عَلَى هَذَا الشِّق، وَمَرَّةً عَلَى ذَاكَ، وَمَرَّةً يَجْثُو عَلَى رُكْبَتَيْهِ. وأَتاه خَبَر فَمَلْمَلَه، والحِرْباءُ تَتَمَلْمَلُ مِنَ الحرِّ: تصعَد رأْس الشَّجَرَةِ مَرَّةً وتَبْطُن فِيهَا مَرَّةً وَتَظْهَرُ فِيهَا أُخرى. أَبو زَيْدٍ: أَمَلَّ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذا شقَّ عَلَيْهِ وأَكثر فِي الطلَب. يُقَالُ: أَمْلَلْت عليَّ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

أَلا يَا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ،

أَمَلَّ عَلَيْهَا بالبِلى المَلَوانِ

وَقَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ أَمَلَّ عَلَيْهَا بالبِلى: أَلقى عَلَيْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَلَحَّ عَلَيْهَا حَتَّى أَثَّر فِيهَا. وَبَعِيرٌ مُمَلٌّ: أَكثر رُكوبه حَتَّى أَدْبَر ظَهره؛ قَالَ الْعَجَّاجُ فأَظهر التَّضْعِيفَ لِحَاجَتِهِ إِليه يصِف نَاقَةً.

حَرْف كقَوْسِ الشَّوْحَطِ المُعَطَّلِ،

لَا تَحْفِل السَّوْطَ وَلَا قَوْلِي حَلِ

تشكُو الوَجى مِنْ أَظْلَلٍ وأَظلَلِ،

مِنْ طُولِ إِمْلالٍ وظَهْرٍ مُمْلَلِ

أَراد تشكُو النَّاقَةُ وجَى أَظَلَّيْها، وَهُمَا باطِنا مَنْسِمَيها، وَتَشْكُو ظهرَها الَّذِي أَمَلَّه الرُّكُوبُ أَي أَدْبَرَه وجَزَّ وبَره وهَزَله. وَطَرِيقٌ مَلِيل ومُمَلٌّ: قَدْ سُلِكَ فِيهِ حَتَّى صَارَ مُعْلَماً؛ وَقَالَ أَبو دُواد:

رَفَعْناها ذَمِيلًا فِي

مُمَلٍّ مُعْمَلٍ لَحْبِ

وَطَرِيقٌ مُمَلّ أَي لَحْب مَسْلُوكٌ. وأَمَلَّ الشيءَ: قَالَهُ فكُتِب. وأَمْلاه: كأَمَلَّه، عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ

؛ وَهَذَا مِنْ أَمَلَّ، وَفِي التَّنْزِيلِ أَيضاً: فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا؛ وَهَذَا مِنْ أَمْلى. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: أَنا أُمْلِلُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، بإِظهار التَّضْعِيفِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَمْلَلْت لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ وَبَنِي أَسد، وأَمْلَيْت لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وَقَيْسٍ. يُقَالُ: أَمَلَّ عَلَيْهِ شَيْئًا يَكْتُبُهُ وأَمْلَى عَلَيْهِ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ بِاللُّغَتَيْنِ مَعاً. وَيُقَالُ: أَمْلَلْتُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وأَمْلَيْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ

زَيْدٍ: أَنه أَمَلَّ عَلَيْهِ لَا يَستوي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

يُقَالُ: أَمْلَلْتُ الكتابَ وأَمْلَيْتُهُ إِذا أَلقيته عَلَى الْكَاتِبِ لِيَكْتُبَهُ. ومَلَّ الثوبَ مَلًّا: درَزَه؛ عَنْ كُرَاعٍ. التَّهْذِيبُ: مَلَّ ثوبَه يَمُلُّه إِذا خَاطَهُ الْخِيَاطَةَ الأُولى قَبْلَ الكَفِّ؛ يُقَالُ مِنْهُ: مَلَلْتُ الثوبَ بِالْفَتْحِ. والمِلَّة: الشَّرِيعَةُ وَالدِّينُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يَتوارثُ أَهلُ مِلَّتَيْنِ

؛ المِلَّة: الدِّينُ كملَّةِ الإِسلام والنَّصرانية وَالْيَهُودِيَّةِ، وَقِيلَ: هِيَ مُعْظم الدِّينِ، وَجُمْلَةُ مَا يَجِيءُ بِهِ الرُّسُلُ. وتَمَلَّلَ وامْتَلَّ: دَخَلَ فِي المِلَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ

؛ قَالَ أَبو إِسحاق: المِلة فِي اللُّغَةِ سُنَّتُهم وَطَرِيقُهُمْ وَمِنْ هَذَا أُخذ المَلَّة أَي الْمَوْضِعُ الَّذِي يختبزُ فِيهِ لأَنه يؤثَّر فِي مَكَانِهَا كَمَا يؤثَّر فِي الطَّرِيقِ، قَالَ: وَكَلَامُ الْعَرَبِ إِذا اتفَق لفظُه فأَكثره مُشتق بعضُه مِنْ بَعْضٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ قولَه قولُهم مُمَلٌّ أَي مَسْلُوكٌ مَعْلُومٌ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:

كأَنه فِي ملَّة مَمْلُول

قَالَ: المَمْلُول مِنَ المِلَّة، أَراد كأَنه مِثَالٌ مُمَثَّل مِمَّا يُعْبَدُ فِي مِلَل الْمُشْرِكِينَ. أَبو الْهَيْثَمِ: المِلَّة الدِّيَةُ، والمِلَل الدِّيَاتُ؛ وأَنشد:

ص: 631

غَنائم الفِتْيان فِي يَوْمِ الوَهَل،

وَمِنْ عَطايا الرُّؤَسَاءِ فِي المِلَل «1»

. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه، أَنه قَالَ: لَيْسَ عَلَى عَرَبِيٍّ مِلْك ولَسْنا بنازِعِين مِنْ يدِ رَجُلٍ شَيْئًا أَسلَم عَلَيْهِ، ولكِنَّا نُقَوِّمُهم «2» كَمَا نُقَوِّم أَرشَ الدِّيات ونَذَرُ الجِراحَ، وَجَعَلَ لكلِّ رأْسٍ مِنْهُمْ خَمْسًا مِنَ الإِبل يَضْمَنُها عَشائِرُهم أَو يَضْمَنُونَهَا لِلَّذِينِ مَلَكوهم.

قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَطَؤون الإِماءَ ويَلِدْنَ لَهُمْ فَكَانُوا يُنْسَبُون إِلى آبَائِهِمْ وَهُمْ عَرَب، فرأَى عُمَرَ، رضي الله عنه، أَن يَرُدَّهُمْ عَلَى آبَائِهِمْ فَيَعْتِقون ويأْخُذُ مِنْ آبَائِهِمْ لِمَواليهم عَنْ كلِّ وَلَدٍ خَمْسًا مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: أَراد مَن سُبِيَ مِنَ الْعَرَبِ فِي الجاهليَّة وأَدركه الإِسلام وَهُوَ عَبْدُ مَن سَباه أَن يَرُدَّهُ حُرًّا إِلى نَسَبِهِ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِمَن سَباه خَمْسًا مِنَ الإِبل. وَفِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ: أَنَّ أَمَةً أَتت طَيِّئاً فأَخبرتهم أَنها حُرَّة فَتَزَوَّجَتْ فولَدت فَجَعَلَ فِي وَلَدِها المِلَّة

أَي يَفْتَكُّهم أَبوهم مِنْ مَوالي أُمِّهم، وَكَانَ عُثْمَانُ يُعْطِي مكانَ كلَّ رأْسٍ رأْسَيْن، وغيرُه يُعْطِي مَكَانَ كُلِّ رأْس رأْساً، وَآخَرُونَ يُعْطُون قِيمَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتِ. ابْنُ الأَعرابي: مَلَّ يَمِلُّ، بِالْكَسْرِ كسرِ الْمِيمِ، إِذا أَخذ المِلَّة؛ وأَنشد:

جَاءَتْ بِهِ مُرَمَّداً مَا مُلَّا،

مَا فِيَّ آلُ خَمَّ حِينَ أَلَّى «3»

. قَوْلُهُ: مَا مُلَّا مَا جُحِد، وَقَوْلُهُ: مَا فيَّ آلٌ، مَا صِلَةٌ، والآلُ: شَخْصُهُ، وخَمَّ: تَغَيَّرَتْ ريحُه، وَقَوْلُهُ: أَلَّى أَي أَبْطأَ، ومُلَّ أَي أُنضِج. وَقَالَ الأَصمعي: مَرَّ فُلَانٌ يَمْتَلُّ امْتِلالًا إِذا مَرَّ مَرًّا سَرِيعًا. الْمُحْكَمُ: مَلَّ يَمُلُّ مَلًّا وامْتَلَّ وتَمَلَّلَ أَسرع. وَقَالَ مُصْعَبٌ: امْتَلَّ واسْتَلَّ وانْمَلَّ وانسَلَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَحِمَارٌ مُلامِلٌ: سَرِيعٌ، وَهِيَ المَلْمَلَة. وَيُقَالُ: نَاقَةٌ مَلْمَلَى عَلَى فَعْلَلى إِذا كَانَتْ سَرِيعَةً؛ وأَنشد:

يَا ناقَتا مَا لَكِ تَدْأَلِينا،

أَلم تَكُونِي مَلْمَلى دَفونا؟ «4»

. والمُلمُول: المِكْحال. الْجَوْهَرِيُّ: المُلْمُول الَّذِي يكتحَل بِهِ؛ وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: هُوَ المُلْمُول الَّذِي يُكْحَل وتُسْبَرُ بِهِ الْجِرَاحُ، وَلَا يُقَالُ المِيل، إِنما المِيلُ القِطعة مِنَ الأَرض. ومُلْمُول الْبَعِيرِ وَالثَّعْلَبِ: قَضِيبُهُ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ مالُّ، وَجَمْعُهُ مُلَّان، وَلَمْ يفسِّره. وَفِي حَدِيثِ

أَبي عُبَيْدٍ: أَنه حَمَل يَوْمَ الجِسْر فَضَرَبَ مَلْمَلة الفِيل

يَعْنِي خُرْطومَه. ومَلَل: مَوْضِعٌ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ بَيْنَ الحرَمين، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ فِي طَرِيقِ البادِية. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: أَصبح النبي، صلى الله عليه وسلم، بمَلَل ثُمَّ راحَ وتعشَّى بسَرفٍ

؛ مَلَلٌ، بِوَزْنِ جَبل: مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ ميلًا بالمدينة «5» ومُلال:

(1). قوله [غنائم الفتيان إلخ] في هامش النهاية ما نصه: قَالَ وَأَنْشَدَنِي أَبُو الْمَكَارِمِ:

غنائم الفتيان أيام الْوَهَلِ

وَمِنْ عَطَايَا الرُّؤَسَاءِ والمِلَل

يريد إبلًا بعضها غنيمة وبعضها صلة وبعضها من ديات

(2)

. قوله [ولكنا نقوّمهم إلخ] هكذا في الأصل، وعبارة النهاية:

ولكنا نقوّمهم المِلَّة على آبائهم خمساً من الإبل

: المِلَّة الدية وجمعها مِلَل؛ قال الأزهري إلى آخر ما هنا وقال الصاغاني بعد أن ذكر الحديث كما في النهاية: قال الأزهري أراد إنما نقومهم كما نقوّم إلى آخر ما هنا وضبط لفظ ونذر الجراح بهذا الضبط ففي عبارة الأصل سقط ظاهر

(3)

. قوله [وأنشد جاءت به إلخ] هكذا في الأصل

(4)

. قوله [دفونا] هكذا في الأصل؛ وفي التكملة: ذقونا، بالذال والقاف

(5)

. قوله [سَبْعَةَ عَشَرَ مَيْلًا بِالْمَدِينَةِ] الذي في ياقوت: ثمانية وعشرين ميلًا من المدينة

ص: 632

مَوْضِعٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

رَمى قلبَه البَرْقُ المُلالِيُّ رَمْيةً،

بذكرِ الحِمَى وَهْناً، فباتَ يَهِيمُ

مندل: قَالَ الْمُبَرِّدُ: المَنْدَل الْعُودُ الرَّطْب، وَهُوَ المَنْدَلِيُّ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ عِنْدِي رُبَاعِيٌّ لأَن الْمِيمَ أَصلية، قَالَ: لَا أَدري أَعربي هُوَ أَو معرب.

مهل: المَهْل والمَهَل والمُهْلة، كُلُّهُ: السَّكِينة والتُّؤَدة والرِّفْق. وأَمْهَلَه: أَنظره ورَفَق بِهِ وَلَمْ يَعْجَلْ عَلَيْهِ. ومَهَّلَه تَمْهِيلًا: أَجَّله. والاسْتِمْهال: الِاسْتِنْظَارُ. وتَمَهَّلَ فِي عَمَلِهِ: اتَّأَدَ. وكلُّ ترفُّقٍ تمَهُّل. ورُزِق مَهْلًا: رَكِب الذُّنوب والخَطايا فمُهِّلَ وَلَمْ يُعْجَل. ومَهَلَت الغنمُ إِذا رَعَتْ بِالْلَيْلِ أَو بِالنَّهَارِ عَلَى مَهَلِها. والمُهْلُ: اسمٌ يَجْمَعُ مَعْدِنِيَّات الْجَوَاهِرِ. والمُهْل: مَا ذَابَ مِنْ صُفْرٍ أَو حَدِيدٍ، وَهَكَذَا فُسِّرَ فِي التَّنْزِيلِ، وَاللَّهُ أَعلم. والمُهْل والمُهْلة: ضرْب مِنَ القَطِران ماهِيٌّ رَقِيق يُشْبه الزَّيْتَ، وَهُوَ يضرِب إِلى الصُّفْرَةِ مِنْ مَهاوَتِه، وَهُوَ دَسِم تُدْهَن بِهِ الإِبل فِي الشِّتَاءِ؛ قَالَ: والقَطِران الْخَاثِرُ لَا يُهْنَأُ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ دُرْدِيُّ الزيتِ، وَقِيلَ: هُوَ العَكَر المُغْلى، وَقِيلَ: هُوَ رَقِيق الزَّيْتِ، وَقِيلَ: هُوَ عامَّته؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَفوه الأَوْدِي:

وكأَنما أَسَلاتُهم مَهْنوءةٌ

بالمُهْلِ، مِنْ نَدَبِ الكُلومِ إِذا جَرى

شبَّه الدمَ حِينَ يَبِس بِدُرْدِيّ الزَّيْتِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ

؛ يُقَالُ: هُوَ النُّحاس الْمُذَابُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُهْل دُرْدِيُّ الزَّيْتِ؛ قَالَ: والمُهْل أَيضاً القَيْح والصَّدِيد. ومَهَلْت البعيرَ إِذا طَلَيْتَهُ بالخَضْخاض فَهُوَ مَمْهُول؛ قَالَ أَبو وَجِزَةَ «1» .

صَافِي الأَديم هِجان غَيْرُ مَذْبَحِه،

كأَنه بِدَم المَكْنان مَمْهُول

وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ

، قَالَ: المُهْل دُرْدِيُّ الزَّيْتِ، قَالَ الأَزهري: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ «2» قَالَ أَبو إِسحاق: كالدِّهان أَي تَتَلوَّن كَمَا يتلوَّن الدِّهان الْمُخْتَلِفَةُ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ

كَالزَّيْتِ الَّذِي قَدْ أُغْليَ. وَسُئِلَ ابنُ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ

؛ فدَعا بفِضة فأَذابها فجَعلتْ تَميَّع وتَلوَّن، فَقَالَ: هَذَا مِنْ أَشبَهِ مَا أَنتم رَاؤُونَ بالمُهْل؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد تأْويلَ هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَالَ

الأَصمعي: حدَّثني رَجُلٌ، قَالَ وَكَانَ فَصِيحًا، أَن أَبا بَكْرٍ، رضي الله عنه، أَوْصى فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: ادفِنوني فِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ فإِنهما للمَهْلةِ وَالتُّرَابِ

، بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: المِهْلة، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَقَالَتِ الْعَامِرِيَّةُ: المُهْل عِنْدَنَا السُّمُّ. والمُهْل: الصَّدِيدُ وَالدَّمُ يَخْرُجُ فِيمَا زَعَمَ يُونُسُ. والمُهْل: النُّحَاسُ الذَّائِبُ؛ وأَنشد:

ونُطْعمُ مِنْ سَدِيفِ اللحْم شِيزى،

إِذا مَا الماءُ كالمُهْلِ الفَرِيغِ

وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا

؛ الكَثِيب الرَّمْلُ، والمَهِيل الَّذِي يحرَّك أَسفله فيَنْهال عَلَيْهِ مِنْ أَعلاه، والمَهِيل مِنْ بَابِ المُعْتَلِّ. والمُهْل: مَا يَتَحاتُّ عَنِ الخُبزة مِنَ الرَّمَادِ وَنَحْوِهِ إِذا أُخرِجت مِنَ المَلَّة. قَالَ أَبو حنيفة: المُهْل بقيّة

(1). قوله [قال أبو وجزة] في التهذيب زيادة لفظ: يصف ثوراً

(2)

. قَوْلُهُ [فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ] في الأزهري زيادة: جمع الدهن

ص: 633

جَمْر فِي الرَّمَادِ تُبِينُه إِذا حرَّكته. ابْنُ شُمَيْلٍ: المُهْل عِنْدَهُمُ المَلَّة إِذا حَمِيت جِدًّا رأَيتها تَمُوج. والمُهْلُ والمَهْلُ والمُهْلَةُ: صَدِيدُ الْمَيِّتِ. وَفِي الْحَدِيثِ

عَنْ أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: أَنه أَوْصى فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: ادفِنوني فِي ثوبيَّ هَذَيْنِ فإِنما هُمَا للمُهْل وَالتُّرَابِ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المُهْل فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصديدُ والقيحُ، قَالَ: والمُهْل فِي غَيْرِ هَذَا كلُّ فِلِزٍّ أُذِيبَ، قَالَ: والفِلِزُّ جواهرُ الأَرض مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ والنُّحاس، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُهْل فِي شَيْئَيْنِ، هُوَ فِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه، القيحُ والصديدُ، وَفِي غَيْرِهِ دُرْدِيُّ الزَّيْتِ، لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ إِلَّا هَذَا، وَقَدْ قدَّمنا أَنه رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ المُهْلة والمِهْلة، بِضَمِّ الْمِيمِ «1» وَكَسْرِهَا، وَهِيَ ثلاثَتُها القيحُ والصديدُ الَّذِي يذُوب فيَسيل مِنَ الْجَسَدِ، وَمِنْهُ قِيلَ للنُّحاس الذَّائِبِ مُهْل. والمَهَلُ والتمَهُّل: التقدُّم. وتَمَهَّلَ فِي الأَمر: تقدَّم فِيهِ. والمُتْمَهِلّ والمُتْمَئلّ، الْهَمْزَةُ بَدَلٌ مِنَ الْهَاءِ: الرجلُ الطويلُ المعتدلُ، وَقِيلَ: الطويلُ المنتصبُ. أَبو عُبَيْدٍ: التَّمَهُّل التقدُّم. ابْنُ الأَعرابي: المَاهِلُ السَّرِيعُ، وَهُوَ المتقدِّم. وَفُلَانٌ ذُو مَهَل أَي ذُو تقدُّم فِي الْخَيْرِ وَلَا يُقَالُ فِي الشرِّ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

كَمْ فيهمُ مِنْ أَشَمِّ الأَنْفِ ذِي مَهَلٍ،

يأْبى الظُّلامةَ مِنْهُ الضَّيْغم الضَّارِي

أَي تقدُّمٍ فِي الشرَف وَالْفَضْلِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ أَخذ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ المُهْلَةَ إِذا تقدَّمه فِي سِنٍّ أَو أَدبٍ، وَيُقَالُ: خُذِ المُهْلَةَ فِي أَمْرك أَي خُذِ العُدَّة؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الأَعشى:

إِلا الَّذِينَ لَهُمْ فِيمَا أَتَوْا مَهَلُ

قَالَ: أَراد المعرفةَ المتقدِّمة بِالْمَوْضِعِ. وَيُقَالُ: مَهَلُ الرجلِ: أَسْلافُه الَّذِينَ تَقَدَّمُوهُ، يُقَالُ: قَدْ تَقَدَّمَ مَهَلُك قَبْلَكَ، ورَحِم اللَّهُ مَهَلَك. ابْنُ الأَعرابي: رُوِيَ

عَنْ عليٍّ، عليه السلام، أَنه لَمَّا لَقِيَ الشُّراةَ قَالَ لأَصحابه: أَقِلُّوا البِطْنةَ وأَعْذِبوا، وإِذا سِرْتم إِلى العدوِّ فَمَهْلًا مَهْلًا

أَي رِفْقاً رِفْقاً، وإِذا وَقَعَتِ الْعَيْنُ عَلَى الْعَيْنِ فَمَهَلًا مَهَلًا أَي تقدُّماً تقدُّماً، السَّاكِنُ الرِّفْقُ، وَالْمُتَحَرِّكُ التقدُّم، أَي إِذا سِرْتم فَتَأَنَّوْا وإِذا لَقِيتم فاحمِلوا. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: المَهَل، بِالتَّحْرِيكِ، التُّؤدة والتباطُؤ، وَالِاسْمُ المُهْلة. وَفُلَانٌ ذُو مَهَل، بِالتَّحْرِيكِ، أَي ذُو تقدُّم فِي الْخَيْرِ، وَلَا يُقَالُ فِي الشَّرِّ. يُقَالُ: مَهَّلْته وأَمْهَلْته أَي سكَّنته وأَخَّرته. وَمِنْهُ حَدِيثُ

رُقَيْقة: مَا يبلُغ سَعْيُهم مَهَلَه

أَي مَا يبلُغ إِسراعُهم إِبطاءه؛ وَقَوْلُ أُسامة بن الحرث الْهُذَلِيِّ:

لَعَمْري لَقَدْ أَمْهَلْت فِي نَهْي خالدٍ

عَنِ الشَّامِ، إِمّا يَعْصِيَنَّك خَالِدُ

أَمْهَلْت: بَالَغْتُ؛ يَقُولُ: إِن عَصَانِي فَقَدْ بَالَغْتُ فِي نَهْيِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: اتْمَهَلَّ اتْمِهْلالًا أَي اعتدلَ وانتصَب؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

وعُنُق كالجِذْع مُتْمَهِلّ

أَي منتصِب؛ وَقَالَ الْقُحَيْفُ:

إِذا مَا الضِّباعُ الجِلَّة انْتَجَعَتْهُم،

نَمَا النِّيُّ فِي أَصْلائها فاتْمَهَلَّتِ

وَقَالَ مَعْنُ بْنُ أَوس:

لُباخِيَّة عَجْزاء جَمّ عِظامُها،

نَمَتْ فِي نَعيمٍ، واتْمَهَلَّ بِهَا الْجِسْمُ

(1). قوله [بضم الميم] لم يتقدم له ذلك

ص: 634

وَقَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ:

فِي مكانٍ لَيْسَ فِيهِ بَرَمٌ،

وفَرَاش مُتعالٍ مُتْمَهِلّ

وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ الْمَرِّ قَالَ الْعَبْدِيُّ:

لَقَدْ زُوّج المردادُ بَيْضاءَ طَفْلةً

لَعُوباً تُناغِيهِ، إِذا مَا اتْمَهَلَّتِ «1»

. وَقَالَ عُقبة بْنُ مُكَدّم:

فِي تَلِيلٍ كأَنه جِذْعُ نخْلٍ،

مُتْمَهِلٍّ مُشَذَّبِ الأَكْرابِ

والاتْمِهْلال أَيضاً: سُكُونٌ وَفُتُورٌ. وَقَوْلُهُمْ: مَهْلًا يَا رَجُلٌ، وَكَذَلِكَ لِلِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُؤَنَّثِ، وَهِيَ مُوَحَّدَةٌ بِمَعْنَى أَمْهِل، فإِذا قِيلَ لَكَ مَهْلًا، قُلْتَ لَا مَهْلَ وَاللَّهِ، وَلَا تَقُلْ لَا مَهْلًا وَاللَّهِ، وَتَقُولُ: مَا مَهْلٌ وَاللَّهِ بمُغْنِيةٍ عَنْكَ شَيْئًا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

أَقُولُ لَهُ، إِذا مَا جَاءَ: مَهْلًا

وَمَا مَهْلٌ بَواعِظة الجَهُول

وَهَذَا الْبَيْتُ «2» أَورده الْجَوْهَرِيُّ:

أَقول لَهُ إِذ جَاءَ: مَهْلًا

وَمَا مَهْل بِوَاعِظَةِ الْجَهُولِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ نَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ لِلْكُمَيْتِ وَصَدْرُهُ لِجَامِعِ بْنِ مُرْخِيَةَ الكِلابيِّ، وَهُوَ مُغَيَّر نَاقِصٌ جُزْءًا، وعَجُزه لِلْكُمَيْتِ وَوَزْنُهُمَا مختلفٌ: الصَّدْرُ مِنَ الطَّوِيلِ والعَجُز مِنَ الْوَافِرِ؛ وَبَيْتُ جَامِعٍ:

أَقول لَهُ: مَهْلًا، وَلَا مَهْلَ عِنْدِهِ،

وَلَا عنْدَ جارِي دَمْعِهِ المُتَهَلِّل

وأَما بَيْتُ الْكُمَيْتِ فَهُوَ:

وكُنَّا، يَا قُضاع، لَكُمْ فَمَهْلًا،

وَمَا مَهْلٌ بواعِظة الجَهُولِ

فَعَلَى هَذَا يَكُونَ الْبَيْتُ مِنَ الْوَافِرِ مَوْزُونًا، وَقَالَ اللَّيْثُ: المَهْلُ السَّكِينَةُ والوَقار. تَقُولُ: مَهْلًا يَا فلانُ أَي رِفْقاً وَسُكُونًا لَا تَعْجَلُ، وَيَجُوزُ لَكَ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ التَّثْقِيلُ؛ وأَنشد:

فَيَا ابنَ آدَمَ، مَا أَعْدَدْتَ فِي مَهَلٍ؟

لِلَّهِ دَرُّكَ مَا تأْتي وَمَا تَذَرُ

وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ

؛ فَجَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ أَي أَنْظِرْهُمْ.

مهصل: حِمَارٌ مُهْصُلٌ: غَلِيظٌ كبُهْصُلٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ. وأَرى الميم بدلًا.

مول: المالُ: مَعْرُوفٌ مَا مَلَكْتَه مِنْ جَمِيعِ الأَشياء. قَالَ سِيبَوَيْهِ: مِنْ شَاذِّ الإِمالة قَوْلُهُمْ مَال، أَمالُوها لِشَبَهِ أَلفها بأَلف غَزَا، قَالَ: والأَعرف أَن لَا يُمَالَ لأَنه لَا علَّة هُنَاكَ تُوجِبُ الإِمالة، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَن الْمَالَ يُؤَنَّثُ؛ وأَنشد لِحَسَّانَ:

المالُ تُزْرِي بأَقوامٍ ذوِي حَسَبٍ،

وَقَدْ تُسَوِّد غَيْرَ السيِّد المَالُ

وَالْجَمْعُ أَمْوَال. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَهَى عَنْ إِضاعة الْمَالِ

؛ قِيلَ: أَراد بِهِ الْحَيَوَانَ أَي يُحْسَن إِليه وَلَا يهمَل، وَقِيلَ: إِضاعته إِنفاقه فِي الْحَرَامِ وَالْمَعَاصِي وَمَا لَا يُحِبُّهُ

(1). قوله [المرداد] هكذا في الأصل

(2)

. قوله [وهذا البيت إلخ] الذي في نسخ الصحاح الخط والطبع التي بأَيدينا كما أورده سابقاً وكذا هو في الصاغاني عن الجوهري فلعل ما وقع لابن بري نسخة فيها سقم

ص: 635

اللَّهُ، وَقِيلَ: أَراد بِهِ التَّبْذِيرَ والإِسْراف وإِن كَانَ فِي حَلال مُباح. قَالَ ابْنُ الأَثير: الْمَالُ فِي الأَصل مَا يُملك مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ثُمَّ أُطلِق عَلَى كُلِّ مَا يُقْتَنَى ويملَك مِنَ الأَعيان، وأَكثر مَا يُطلق الْمَالُ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى الإِبل لأَنها كَانَتْ أَكثر أَموالهم. ومِلْتَ بَعْدَنَا تَمالُ ومُلْت وتَمَوَّلْت، كُلُّهُ: كثُر مالُك. وَيُقَالُ: تَمَوَّلَ فُلَانٌ مَالًا إِذا اتَّخذ قَيْنة «1» ؛ وَمِنْهُ

قَوْلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: فليأْكُلْ مِنْهُ غَيْرُ مُتَمَوِّل مَالًا وَغَيْرُ مُتَأَثِّل مَالًا

، وَالْمَعْنَيَانِ مُتقارِبان. ومالَ الرَّجُلُ يَمُولُ ويَمَالُ مَوْلًا ومُؤولًا إِذا صَارَ ذَا مالٍ، وتصغيره مُوَيْل، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ مُوَيِّل، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَهُوَ رجلٌ مالٌ، وتَمَوَّلَ مِثْلُهُ ومَوَّلَه غَيْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا جاءَك مِنْهُ وأَنتَ غيرُ مُشْرِف عَلَيْهِ فَخْذْه وتَمَوَّلَه

أَي اجْعَلْهُ لَكَ مَالًا. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْمَالِ عَلَى اخْتِلَافِ مُسَمَّياتِه فِي الْحَدِيثِ ويُفرَق فِيهَا بالقَرائن. ورجلٌ مالٌ: ذُو مالٍ، وَقِيلَ: كثيرُ الْمَالِ كأَنه قَدْ جَعل نفسَه مَالًا، وَحَقِيقَتُهُ ذُو مالٍ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:

إِذا كَانَ مَالًا كَانَ مَالًا مُرَزَّأً،

وَنَالَ ندَاه كلُّ دانٍ وجانِب

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ مَالَ إِما أَن يَكُونَ فَاعِلًا ذَهَبَتْ عينُه، وإِما أَن يَكُونَ فَعْلًا مِنَ قَوْمٍ مَالَةٍ ومالِينَ، وامرأَة مالةٌ مِنْ نِسْوَةٍ مالةٍ ومالاتٍ. وَمَا أَمْوَلَهُ أَي مَا أَكثر مالَهُ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَحَكَى الْفَرَّاءُ عَنِ الْعَرَبِ رَجُلٌ مَئِلٌ إِذا كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ، وأَصلُها مَوِل بِوَزْنِ فَرِقٍ وحَذِرٍ، ثُمَّ انْقَلَبَتِ الْوَاوُ أَلِفاً لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا فَصَارَتْ مَالًا، ثُمَّ إِنهم أَتوا بِالْكَسْرَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي وَاوِ مَوِل فَحَرَّكُوا بِهَا الأَلف فِي مالٍ فَانْقَلَبَتْ هَمْزَةً فَقَالُوا مَئِل. وَفِي حَدِيثِ

مُصْعَب بْنِ عُمَيْرٍ: قَالَتْ لَهُ أُمُّه وَاللَّهِ لَا أَلبَسُ خِماراً وَلَا أَستظِلُّ أَبداً وَلَا آكُلُ وَلَا أَشرب حَتَّى تَدَعَ مَا أَنتَ عَلَيْهِ، وَكَانَتِ امرأَة مَيِّلة

أَي ذَاتَ مَالٍ. يُقَالُ: مالَ يَمالُ ويَمولُ فَهُوَ مالٌ ومَيِّل، عَلَى فَعْل وفَيْعِل، قَالَ: وَالْقِيَاسُ مائِل. وَفِي حَدِيثِ

الطُّفَيْلِ: كَانَ رَجُلًا شَرِيفًا شَاعِرًا مَيِّلًا

أَي ذَا مالٍ. ومُلْتُه: أَعطيته الْمَالَ. ومالُ أَهلِ الْبَادِيَةِ: النَّعَمُ. والمُولةُ: الْعَنْكَبُوتُ؛ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الْعَنْكَبُوتُ والمُولَةُ والشَّبَثُ والمِنَنَة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: زَعَمَ قَوْمٌ أَن المُولَ الْعَنْكَبُوتُ، الْوَاحِدَةُ مُولةٌ؛ وأَنشد:

حَامِلَةٌ دَلْوك لَا محمولَهْ،

مَلأَى مِنَ المال كعَيْن المُولَهْ

قَالَ: وَلَمْ أَسمعه عَنِ ثِقَة. ومُوَيْل: مِنْ أَسماء رَجَب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراها عادِيَّة.

ميل: المَيْلُ: العُدول إِلى الشَّيْءِ والإِقبالُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ المَيلَان. ومَالَ الشيءُ يَميلُ مَيْلًا ومَمالًا ومَمِيلًا وتَمْيالًا، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:

لَمَّا رأَيْتُ أَنَّني راعِي مالْ،

حَلَقْتُ رأْسي وتركتُ التَّمْيالْ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذِهِ الصِّيغَةُ مَوْضُوعَةٌ بالأَغلب لِتَكْثِيرِ الْمَصْدَرِ، كَمَا أَن فَعَّلْت بالأَغلب مَوْضُوعَةٌ لِتَكْثِيرِ الْفِعْلِ. والمَيَل: مَصْدَرُ الأَمْيَل. يُقَالُ: مالَ الشيءُ يَميلُ مَمَالًا ومَمِيلًا مِثَالُ مَعابٍ ومَعِيب فِي الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ. وَمَالَ عَنِ الْحَقِّ وَمَالَ عَلَيْهِ فِي الظُّلْمِ، وأَمَالَ

(1). قوله [قينة] كذا في الأصل، ولعله بالكسر كما يؤخذ ذلك من مادة قنو في المصباح

ص: 636

الشَّيْءَ فمَالَ، وَرَجُلٌ مَائِلٌ مِنْ قَوْمٍ مُيَّل ومالَةٍ. يُقَالُ: إِنهم لَمَالَةٌ إِلى الحَق، وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:

غَدَاهُ ظَهْرُه نُجُد، عَلَيْهِ

ضَباب تَنْتَحِيه الريحُ مِيلُ «1»

قِيلَ: ضَباب مِيلٌ مَعَ الرِّيحِ يَتكفَّأ قَالَ ابْنُ جِنِّي: الْقَوْلُ فِي مِيل، فإِنه وإِن كَانَ جَمْعًا فإِنه أَجراه عَلَى الضَّباب، وإِن كَانَ وَاحِدًا مِنْ حَيْثُ كَانَ كَثِيرًا فَذَهَبَ بِالْجَمْعِ إِلى الْكَثْرَةِ كَمَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ:

فَنُوَّارُه مِيلٌ إِلى الشَّمْسِ زاهِرُه

قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِيلٌ واحداً كَنِقْضٍ ونِضْوٍ ومِرْطٍ، وَقَدْ أَمَالَهُ إِليه ومَيَّلَه. واسْتَمَالَ الرَّجُلَ: مِنَ المَيْل إِلى الشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي مُوسَى أَنه قَالَ لأَنس: عُجِّلَت الدُّنْيَا وغُيِّبَتِ الْآخِرَةُ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ عايَنوها مَا عَدَلوا وَلَا مَيَّلوا

، قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ مَا مَيَّلُوا لَمْ يشكُّوا وَلَمْ يتردَّدوا. تَقُولُ الْعَرَبُ: إِني لأُمَيِّلُ بَيْنَ ذَيْنِكَ الأَمرَين، وأُمَايِلُ بَيْنَهُمَا أَيَّهما أَرْكَب، وأُمايِطُ بَيْنَهُمَا، وإِني لأُمَيِّلُ وأُمَايِل بَيْنَهُمَا أَيُّهما أَفضل، وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ:

لَمَّا رأَوا مَخرَجاً مِنْ كُفْرِ قَوْمِهِمْ،

مَضَوْا فَمَا مَيَّلوا فِيهِ وَمَا عَدَلوا

مَا مَيَّلوا أَي لَمْ يشكُّوا. وإِذا مَيَّلَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا فَهُوَ شاكٌّ، وَقَوْلُهُ مَا عَدَلوا كَمَا تَقُولُ مَا عدَلْت بِهِ أَحداً، وَقِيلَ: مَا عَدَلوا أَي مَا ساوَوْا بِهَا شَيْئًا. وتَمَايَلَ فِي مِشْيته تَمَايُلًا، واسْتَمَالَه واسْتَمَالَ بقلْبه. والتَّمْيِيل بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ: كَالتَّرْجِيحِ بَيْنَهُمَا. وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فقرَّبَ إِليه طَعَامًا فِيهِ قِلَّةٌ فمَيَّل فِيهِ لِقلَّتِه، فَقَالَ أَبو ذَرٍّ: إِنما أَخاف. كَثْرَتَهُ وَلَمْ أَخَف قِلَّته

، مَيَّل أَي تردَّد هَلْ يأْكل أَو يَتْرُكُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: إِني لأُمَيِّل بَيْنَ ذيْنِك الأَمرين وأُمايِلُ بَيْنَهُمَا أَيَّهما آتِي. والمَيْلاءُ: ضرْب مِنْ الاعتِمام، حَكَى ثَعْلَبٌ: هو يَعْتَمُّ المَيْلاءَ أَي يُمِيل الْعِمَامَةَ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: صِنْفانِ مِنْ أَهل النَّارِ لَمْ أَرهُما بعدُ، قومٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كأَذْنابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ النَّاسَ بِهَا، ونساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مَائِلاتٌ مُمِيلاتٌ، رُؤُوسُهنَّ كأَسْنِمة البُخْتِ المَائِلَة، لَا يَدْخُلْن الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْن ريحَها، وإِنَّ ريحَها لَتُوجدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا

، «2» يَقُولُ: يَمِلْنَ بالخُيَلاء ويُصْبِينَ قلوبَ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: مَائِلات الخِمْرة كَمَا قَالَ الْآخَرُ:

مَائِلَةِ الخِمْرةِ والكلامِ

وَقِيلَ: المَائِلَات المُتَبرِّجات، وقيل: مَائِلات الرؤُوس إِلى الرِّجَالِ. والمِشْطةُ الميْلاء: مَعْرُوفَةٌ وَقَدْ كرِهها بَعْضُهُمْ لِلنِّسَاءِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: المَائِلاتُ الزائِغاتُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَمَا يَلْزَمُهُنَّ حِفْظُهُ، ومُمِيلاتٌ يُعلِّمن غَيْرَهُنَّ الدخولَ فِي مِثْلِ فِعْلِهن، وَقِيلَ: مَائِلاتٌ مُتَبَخْتِرات فِي الْمَشْيِ مُمِيلات لأَكتافهنَّ وأَعطافهنّ، وَقِيلَ: مَائِلات يَمْتَشِطْنَ المِشْطةَ المَيْلاء وَهِيَ مِشْطة الْبَغَايَا، وَقَدْ جَاءَ كراهتُها فِي الْحَدِيثِ. والمُمِيلات: اللَّوَاتِي يَمْشُطْن غيرَهنَّ تِلْكَ المِشْطة. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَتْ لَهُ امرأَة إِني أَمْتَشِط المَيْلاء، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: رأْسُك تَبَعٌ لقلبِك، فَإِنِ اسْتَقَامَ قلبُك اسْتَقَامَ رأْسُك، وإِن مَالَ

(1). قوله [غداه ظهره نجد] هكذا في الأصل.

(2)

. قوله [لَتُوجَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا] عبارة الصاغاني: لتوجد من مسيرة كذا وكذا.

ص: 637

قلبُك مَالَ رأْسُك.

ومَالَتِ الشمسُ مُيُولًا: ضَيَّفَت لِلْغُرُوبِ، وَقِيلَ: مَالَتْ زاغَتْ عَنِ الكَبِد. والمَيْل: فِي الْحَادِثِ، والمَيَلُ، بِالتَّحْرِيكِ: فِي الخِلْقة والبِناء. تَقُولُ: رَجُلٌ أَمْيَلُ العاتِق فِي عُنُقه مَيَل، وَتَقُولُ فِي الْحَائِطِ مَيَل، وَكَذَلِكَ السَّنام، وَقَدْ مَيِلَ يَمْيَل مَيَلًا فَهُوَ أَمْيَل. أَبو زَيْدٍ: مَيِلَ الْحَائِطُ يَمْيَلُ ومَيِلَ سَنام الْبَعِيرِ مَيَلًا، ومَيِلَ الْحَائِطُ مَيَلًا، قَالَ: وَمَالَ الْحَائِطُ يَمِيل مَيْلًا. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: فُلَانٌ مَيَلَ عَلَيْنَا وَالْحَائِطُ مَيَلَ، بِتَحْرِيكِ الْيَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَهْلِك أُمتي حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمُ التَّمايُل والتَّمايُز

أَي لَا يَكُونُ لَهُمْ سُلْطَانٌ يكُفُّ الناسَ عَنِ التَّظالم فيَمِيل بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بالأَذى والحَيْف. والمَيْلاءُ مِنَ الإِبل: الْمَائِلَةُ السنام. ولأُقِيمَنَّ مَيَلك، وفيه مَيْل علينا. والأَمْيَلُ، على أَفْعَل: الذي يَمِيل على السرج في جانب ولا يستوي عليه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا سَيف معه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا رُمْح معه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا تُرْس معه، وقيل: هو الجَبان، «1» وجمعه مِيلٌ، قال الأَعشى:

لَا مِيل وَلَا عُزُلُ «2»

ابْنُ السِّكِّيتِ: الأَمْيَل الَّذِي لَا سَيْفَ مَعَهُ، والأَكْشَفُ الَّذِي لَا تُرْس مَعَهُ، قَالَ: والأَمْيَلُ عِنْدَ الرُّواة الَّذِي لَا يُثْبَتُ عَلَى ظُهُورِ الْخَيْلِ إِنما يَمِيل عَنِ السَّرج فِي جَانِبٍ، فإِذا كَانَ يَثْبُتُ عَلَى الدَّابَّةِ قِيلَ فارسٌ، وإِن لَمْ يَثْبُتْ قِيلَ كِفْل، قَالَ جَرِيرٌ:

لَمْ يركُبوا الخيلَ إِلا بعد ما هَرِموا،

فَهُمْ ثِقَالٌ عَلَى أَكتافها مِيلُ

وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:

إِذا توقَّدتِ الحِزَّانُ والمِيلُ

وَقِيلَ: هِيَ جَمْعُ أَمْيَل وَهُوَ الكَسِل الَّذِي لَا يحْسِنُ الرُّكُوبَ والفُروسِيَّة، وَفِي قَصِيدَتِهِ أَيضاً:

عِنْدَ اللِّقاء وَلَا مِيلٌ مَعازِيلُ

والمَيْلاءُ: عُقْدة مِنَ الرَّمْلِ ضَخْمَةٌ، زَادَ الأَزهري: مُعْتزِلة، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

مَيْلاءَ مِنْ مَعْدِن الصِّيرانِ قاصِيةٍ،

أَبعارُهُنَّ عَلَى أَهدافِها كُثَبُ

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف المَيْلاء فِي صِفَةِ الرِّمَالِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمعه مِنْ الْعَرَبِ، قَالَ: وأَما الأَمْيَلُ فَمَعْرُوفٌ، قَالَ: وأَحسب اللَّيْثَ أَراد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:

مَيْلاء مِنْ معدِن الصِّيران قاصيَةٍ

إِنما أَراد بالمَيْلاءِ هَهُنَا أَرْطاةً، قَالَ: وَلَهَا حِينَئِذٍ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَنه أَراد أَنَّ فِيهَا اعْوِجاجاً، وَالثَّانِي أَنه أَراد بالمَيْلاء أَنها متنحِّية مُتَبَاعِدَةٌ مِنْ مَعدِن بَقَرِ الوَحْش، قَالَ: وَجَمْعُ الأَمْيَل مِنَ الرَّمْلِ مِيلٌ، ومَيْلاء موضعُه خَفْضٌ لأَنه مِنْ نَعْتِ أَرْطاة فِي قَوْلِهِ:

فَبَاتَ ضَيْفاً إِلَى أَرْطاةِ مُرْتَكِمٍ،

من الكَثِيبِ، لهادِفْءٌ ومُحْتَجَبُ

الْجَوْهَرِيُّ: المَيْلاء مِنَ الرَّمْلِ العُقْدة الضَّخْمَةُ، وَالشَّجَرَةُ الْكَثِيرَةُ الْفُرُوعِ أَيضاً. وأَلِفُ الإِمالة: هِيَ الَّتِي تَجِدُهَا بَيْنَ الأَلف وَالْيَاءِ نَحْوُ قَوْلِكَ فِي عَالَمٍ وَخَاتَمٍ عَالَمٌ وَخَاتَمٌ. ومالَ بِنَا الطريقَ: قَصَدها. ومَايَلَنا المَلك فمَايَلْناه أَي أَغار عَلَيْنَا فأَغَرْنا عليه.

(1). قوله [الجبان] كذا هو في القاموس أيضاً، والذي بخط الصاغاني: الجبار، بتشديد الباء وراء، عن الليث.

(2)

. قوله [قال الأَعشى إلخ] عبارته في مادة عور قَالَ الأَعشى: غَيْرَ مِيلٍ وَلَا عَوَاوِيرَ في الهيجا وَلَا عُزَّلٍ وَلَا أَكفال

ص: 638