المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ا   ‌ ‌ل جزء الحادي عشر ل   ‌ ‌حرف اللام ل: اللَّامُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ وَهِيَ من - لسان العرب - جـ ١١

[ابن منظور]

الفصل: ا   ‌ ‌ل جزء الحادي عشر ل   ‌ ‌حرف اللام ل: اللَّامُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ وَهِيَ من

ا

‌ل

جزء الحادي عشر

ل

‌حرف اللام

ل: اللَّامُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ وَهِيَ من الحروف الذُّلْق، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَحرف: الرَّاءُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ، وَهِيَ فِي حَيْزٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَول حَرْفِ الْبَاءِ كَثْرَةَ دُخُولِ الْحُرُوفِ الذُّلْق والشَّفَوِيَّة فِي الْكَلَامِ.

‌فصل الألف

أبل: الإِبِلُ والإِبْلُ، الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، مَعْرُوفٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهِيَ مؤَنثة لأَن أَسماء الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا إِذا كَانَتْ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّينَ فالتأْنيث لَهَا لَازِمٌ، وإِذا صَغَّرْتَهَا دَخَلَتْهَا التَّاءُ فَقُلْتَ أُبَيلة وغُنَيْمة وَنَحْوُ ذَلِكَ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا للإِبِل إِبْل، يسكِّنون الْبَاءَ لِلتَّخْفِيفِ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ إِبِلانِ قَالَ: لأَن إِبِلًا اسْمٌ لَمْ يُكَسَّر عَلَيْهِ وإِنما يُرِيدُونَ قَطِيعَيْنِ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: إِنَّمَا ذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى الإِيناس بِتَثْنِيَةِ الأَسْماء الدَّالَّةِ عَلَى الْجَمْعِ فَهُوَ يُوَجِّهُهَا إِلى لَفْظِ الْآحَادِ، وَلِذَلِكَ قَالَ إِنما يُرِيدُونَ قَطِيعَيْنِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُكَسَّر عَلَيْهِ لَمْ يُضْمَرْ فِي يُكَسَّر، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنه لَيَرُوحَ عَلَى فُلَانٍ إِبِلانِ إِذا رَاحَتْ إِبل مَعَ راعٍ وإِبل مَعَ راعٍ آخَرَ، وأَقل مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الإِبل الصِّرْمَةُ، وَهِيَ الَّتِي جَاوَزَتِ الذَّوْدَ إِلى الثَلَاثِينَ، ثُمَّ الهَجْمةُ أَوَّلها الأَربعون إِلى مَا زَادَتْ، ثُمَّ هُنَيْدَةٌ مِائَةٌ مِنَ الإِبل؛ التَّهْذِيبُ: وَيَجْمَعُ الإِبل آبَالٌ. وتَأَبَّل إِبِلًا: اتَّخَذَهَا. قَالَ أَبو زَيْدٍ: سمعتُ رَدَّاداً رَجُلًا مِنْ بَنِي كِلَابٍ يَقُولُ تأَبَّل فُلَانٌ إِبلًا وتَغَنَّم غَنَمًا إِذَا اتَّخَذَ إِبلًا وَغَنَمًا وَاقْتَنَاهَا. وأَبَّلَ الرجلُ، بِتَشْدِيدِ الباء، وأَبَلَ: كَثُرَتْ إِبلُه «4» ؛ وَقَالَ طُفيل فِي تَشْدِيدِ الْبَاءِ:

فأَبَّلَ واسْتَرْخى بِهِ الخَطْبُ بعدَ ما

أَسافَ، وَلَوْلَا سَعيُنا لَمْ يُؤَبِّل

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْفَرَّاءُ وَابْنُ فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ: إِن أَبَّلَ فِي الْبَيْتِ بِمَعْنَى كَثُرَتْ إِبلُه، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وأَساف هُنَا: قَلَّ مَالُهُ، وَقَوْلُهُ اسْتَرْخَى بِهِ الْخَطْبُ أَي حَسُنَت حَالُهُ. وأُبِّلَتِ الإِبل أَي

(4). قوله [كثرت إبله] زاد في القاموس بهذا المعنى آبَلَ الرجل إِيبَالًا بوزن أفعل إفعالًا

ص: 3

اقتُنِيت، فَهِيَ مَأْبُولَة، وَالنِّسْبَةُ إِلَى الإِبِل إِبَلِيٌّ، يَفْتَحُونَ الْبَاءَ اسْتِيحَاشًا لِتَوَالِي الْكَسَرَاتِ. وَرَجُلٌ آبِلٌ وأَبِلٌ وإِبَلِيٌّ وإِبِلِيٌّ: ذُو إِبل، وأَبَّال: يَرْعَى الإِبل. وأَبِلَ يَأْبَلُ أَبَالَة مِثْلَ شَكِس شَكَاسة وأَبِلَ أَبَلًا، فَهُوَ آبِلٌ وأَبِل: حَذَق مَصْلَحَةَ الإِبل وَالشَّاءِ، وَزَادَ ابْنُ بَرِّيٍّ ذَلِكَ إِيضاحاً فَقَالَ: حَكَى الْقَالِي عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ أَنه قَالَ رَجُلٌ آبِلٌ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ عَلَى مِثَالِ فَاعِلٍ إِذا كَانَ حَاذِقًا برِعْية الإِبل وَمَصْلَحَتِهَا، قَالَ: وَحَكَى فِي فِعْلِهِ أَبِل أَبَلًا، بِكَسْرِ الْبَاءِ فِي الْفِعْلِ الْمَاضِي وَفَتْحِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ قَالَ: وَحَكَى أَبو نَصْرٍ أَبَلَ يَأْبُلُ أَبَالةً، قَالَ: وأَما سِيبَوَيْهِ فَذَكَرَ الإِبَالَة فِي فِعالة مِمَّا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الوِلاية مِثْلَ الإِمارة والنِّكاية، قَالَ: ومثلُ ذَلِكَ الإِيالةُ والعِياسةُ، فَعَلَى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ تَكُونُ الإِبَالَة مَكْسُورَةً لأَنها وِلَايَةٌ مِثْلَ الإِمارة، وأَما مَنْ فَتَحَهَا فَتَكُونُ مَصْدَرًا عَلَى الأَصل، قَالَ: وَمَنْ قَالَ أَبَلَ بِفَتْحِ الْبَاءِ فَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُ آبِل بِالْمَدِّ، وَمَنْ قَالَهُ أَبِلَ بِالْكَسْرِ قَالَ فِي الْفَاعِلِ أَبِلٌ بِالْقَصْرِ؛ قَالَ: وَشَاهِدُ آبِل بِالْمَدِّ عَلَى فَاعِلٍ قَوْلُ ابن الرِّفاع:

فَنَأَتْ، وانْتَوى بِهَا عَنْ هَواها

شَظِفُ العَيْشِ، آبِلٌ سَيّارُ

وَشَاهِدُ أَبِلٍ بِالْقَصْرِ عَلَى فَعِلٍ قولُ الرَّاعِي:

صُهْبٌ مَهاريسُ أَشباهٌ مُذَكَّرةٌ،

فَاتَ العَزِيبَ بِهَا تُرْعِيَّةٌ أَبِلُ

وأَنشد لِلْكُمَيْتِ أَيضاً:

تَذَكَّرَ مِنْ أَنَّى وَمِنْ أَيْنَ شُرْبُه،

يُؤامِرُ نَفْسَيْه كَذِي الهَجْمةِ الأَبِل

وَحَكَى سيبوبه: هَذَا مِنْ آبَلِ النَّاسِ أَي أَشدِّهم تأَنُّقاً فِي رِعْيةِ الإِبل وأَعلَمِهم بِهَا، قَالَ: وَلَا فِعْلَ لَهُ. وإِن فُلَانًا لَا يأْتَبِلُ أَي لَا يَثْبُت عَلَى رِعْيةِ الإِبل وَلَا يُحْسِنُ مهْنَتَها، وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا رَاكِبًا، وَفِي التَّهْذِيبِ: لَا يَثْبُتُ عَلَى الإِبل وَلَا يُقِيمُ عَلَيْهَا. وَرَوَى الأَصمعي عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: رأَيت رَجُلًا مِنْ أَهل عُمَانَ وَمَعَهُ أَب كَبِيرٌ يَمْشِي فَقُلْتُ لَهُ: احْمِلْهُ فَقَالَ: لَا يَأْتَبِلُ أَي لَا يَثْبُتُ عَلَى الإِبل إِذا رَكِبَهَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ أَن مَعْنَى لَا يَأْتَبِل لَا يُقِيمُ عَلَيْهَا فِيمَا يُصْلِحُها. وَرَجُلٌ أَبِلٌ بالإِبل بيِّنُ الأَبَلَةِ إِذا كَانَ حَاذِقًا بِالْقِيَامِ عَلَيْهَا، قَالَ الرَّاجِزُ:

إِن لَهَا لَرَاعِياً جَريّا،

أَبْلًا بِمَا يَنْفَعُها، قَوِيّا

لَمْ يَرْعَ مأْزُولًا وَلَا مَرْعِيّا،

حَتَّى عَلا سَنامَها عُلِيّا

قَالَ ابْنُ هَاجَكَ: أَنشدني أَبو عُبَيْدَةَ لِلرَّاعِي:

يَسُنُّها آبِلٌ مَا إِنْ يُجَزِّئُها

جَزْءاً شَدِيداً، وَمَا إِنْ تَرْتَوي كَرَعا

الْفَرَّاءُ: إِنه لأَبِلُ مالٍ عَلَى فَعِلٍ وتُرْعِيَّةُ مالٍ وإِزاءُ مالٍ إِذا كَانَ قَائِمًا عَلَيْهَا. وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَبِلُ مَالٍ بِقَصْرِ الأَلْف وآبِلُ مالٍ بِوَزْنِ عَابِلٍ مِنْ آلَهُ يؤُوله إِذا سَاسَهُ «1» ، قَالَ: وَلَا أَعرف آبِل بِوَزْنِ عَابِلٍ. وتَأْبِيل الإِبل: صَنْعَتُها وتسمينُها، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي زِيَادٍ الْكِلَابِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

النَّاسُ كإِبلٍ مائةٍ لَا تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً

، يَعْنِي أَن المَرْضِيّ المُنْتَخَبَ مِنَ النَّاسِ فِي عِزَّة وُجوده كالنِّجيب مِنَ الإِبل الْقَوِيِّ عَلَى الأَحمال والأَسفار الَّذِي لَا يُوجَدُ في كثير

(1). قوله مِنْ آلَهُ يَؤُولُهُ إِذَا ساسه: هكذا في الأَصل، ولعل في الكلام سقطاً

ص: 4

مِنَ الإِبل؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي عِنْدِي فِيهِ أَن اللَّهَ تَعَالَى ذمَّ الدُّنْيَا وحذَّر العبادَ سُوءَ مَغَبَّتها وَضَرَبَ لَهُمْ فِيهَا الأَمثال لِيَعْتَبِرُوا وَيَحْذَرُوا، وَكَانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، يُحَذِّرهم مَا حَذَّرَهُمُ اللَّهُ وَيُزَهِّدُهُمْ فِيهَا، فَرَغِبَ أَصْحابُه بَعْدَهُ فِيهَا وَتَنَافَسُوا عَلَيْهَا حَتَّى كَانَ الزُّهْدُ فِي النَّادِرِ الْقَلِيلِ مِنْهُمْ فَقَالَ:

تَجِدُونَ النَّاسَ بَعْدِي كإِبل مِائَةٍ لَيْسَ فِيهَا رَاحِلَةٌ

أَي أَن الْكَامِلَ فِي الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةِ فِي الْآخِرَةِ قَلِيلٌ كَقِلَّةِ الرَّاحِلَةِ فِي الإِبل، وَالرَّاحِلَةُ هِيَ الْبَعِيرُ الْقَوِيُّ عَلَى الأَسفار والأَحمال، النَّجِيبُ التَّامُّ الخَلْق الْحَسَنُ المَنْظَر، قَالَ: وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى وَالْهَاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ. وأَبَلَتِ الإِبلُ والوحشُ تَأْبِلُ وتَأْبُلُ أَبْلًا وأُبُولًا وأَبِلَتْ وتَأَبَّلَتْ: جَزَأَتْ عَنِ الْمَاءِ بالرُّطْب؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:

وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ،

أَو قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ «1»

الْوَاحِدُ آبِلٌ وَالْجَمْعُ أُبَّالٌ مِثْلَ كَافِرٍ وكفَّار؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده أَبو عَمْرٍو:

أَوابِلُ كالأَوْزانِ حُوشٌ نُفُوسُها،

يُهَدِّر فِيهَا فَحْلُها ويَرِيسُ

يَصِفُ نُوقاً شَبَّهَهَا بالقُصور سِمَناً؛ أَوَابِلُ: جَزَأَتْ بالرُّطْب، وحُوشٌ: مُحَرَّماتُ الظُّهُورِ لعِزَّة أَنفسها. وتَأَبَّلَ الوحشيُّ إِذا اجتزأَ بالرُّطْب عَنِ الْمَاءِ. وأَبَلَ الرجلُ عَنِ امرأَته وتَأَبَّلَ: اجتَزأَ عَنْهَا، وَفِي الصِّحَاحِ وأَبَلَ الرجلُ عَنِ امرأَته إِذا امْتَنَعَ مِنْ غِشْيانِها وتأَبَّلَ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ

وَهْبٍ: أَبَلَ آدمُ، عليه السلام، عَلَى ابْنِهِ الْمَقْتُولِ كَذَا وَكَذَا عَامًا لَا يُصِيب حَوَّاء

أَي امْتَنَعَ مِنْ غِشْيَانِهَا، وَيُرْوَى:

لَمَّا قَتَلَ ابْنُ آدَمَ أَخَاهُ تَأَبَّلَ آدمُ عَلَى حَوَّاء

أَي تَرَكَ غِشْيانَ حَوَّاءَ حُزْنًا عَلَى وَلَدِهِ وتَوَحَّشَ عَنْهَا. وأَبَلَتِ الإِبل بِالْمَكَانِ أُبُولًا: أَقامت؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

بِهَا أَبَلَتْ شَهْرَيْ ربيعٍ كِلاهما،

فَقَدْ مارَ فِيهَا نَسْؤُها واقْتِرارُها «2»

اسْتَعَارَهُ هُنَا لِلظَّبْيَةِ، وَقِيلَ: أَبَلَتْ جَزَأَتْ بالرُّطْب عَنِ الْمَاءِ. وإِبل أَوَابِلُ وأُبَّلٌ وأُبَّالٌ ومُؤَبَّلَة: كَثِيرَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي جُعِلَتْ قَطِيعاً قَطِيعاً، وَقِيلَ: هِيَ الْمُتَّخَذَةُ للقِنْية، وَفِي حَدِيثِ ضَوالِّ الإِبل:

أَنها كَانَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ أُبَّلًا مُؤَبَّلة لَا يَمَسُّها أَحد

، قَالَ: إِذا كَانَتِ الإِبل مُهْمَلَةً قِيلَ إِبِلٌ أُبَّلٌ، فإِذا كَانَتْ للقِنْية قِيلَ إِبل مُؤَبَّلة؛ أَراد أَنها كَانَتْ لِكَثْرَتِهَا مُجْتَمِعَةً حَيْثُ لَا يُتَعَرَّض إِليها؛ وأَما قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:

عَفَتْ بَعْدَ المُؤَبَّلِ فالشَّوِيِ

فإِنه ذَكَّر حَمْلًا عَلَى الْقَطِيعِ أَو الْجَمْعِ أَو النَّعَمِ لأَن النَّعَمَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ؛ أَنشد سيبوبه:

أَكُلَّ عامٍ نَعَماً تَحْوُونَه

وَقَدْ يَكُونُ أَنه أَراد الْوَاحِدَ، وَلَكِنَّ الْجَمْعَ أَولى لِقَوْلِهِ فالشَّوِيّ، والشَّوِيُّ اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وإِبل أَوابِلُ: قَدْ جَزَأَتْ بالرُّطْب عَنِ الْمَاءِ. والإِبِلُ الأُبَّلُ: الْمُهْمَلَةُ؛ قَالَ ذُو الرُّمّة:

وَرَاحَتْ فِي عَوازِبَ أُبَّلِ

الْجَوْهَرِيُّ: وإِبِلٌ أُبَّلٌ مثالُ قُبَّرٍ أَي مهملة، فإِن

(1). قوله [وإذا حركت، البيت] أورده الجوهري بلفظ:

وإذا حركت رجلي أرقلت

بي تعدو عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ

(2)

. قوله [كلاهما] كذا بأصله، والذي في الصحاح بلفظ: كليهما.

ص: 5

كَانَتْ لِلقِنْية فَهِيَ إِبِل مُؤَبَّلَة. الأَصمعي: قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ مَنْ قرأَها: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ

، بِالتَّخْفِيفِ يَعْنِي بِهِ الْبَعِيرَ لأَنه مِنْ ذَوَاتِ الأَربع يَبْرُك فيُحمل عَلَيْهِ الْحُمُولَةُ وَغَيْرُهُ مِنْ ذَوَاتِ الأَربع لَا يُحْمَل عَلَيْهِ إِلا وَهُوَ قَائِمٌ، وَمَنْ قرأَها بِالتَّثْقِيلِ قَالَ الإِبِلُ: السحابُ الَّتِي تَحْمِلُ الْمَاءَ لِلْمَطَرِ. وأَرض مَأْبَلَة أَي ذَاتُ إِبل. وأَبَلَتِ الإِبلُ: هَمَلَت فَهِيَ آبِلَةٌ تَتبعُ الأُبُلَ وَهِيَ الخِلْفَةُ تَنْبُت فِي الكَلإِ الْيَابِسِ بَعْدَ عَامٍ. وأَبِلَت أَبلًا وأُبولًا: كَثُرَت. وأَبَلَت تَأْبِلُ: تأَبَّدَت. وأَبَلَ يَأْبِلُ أَبْلًا: غَلَب وَامْتَنَعَ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْمَعْرُوفُ أَبَّلَ. ابْنُ الأَعرابي: الإِبَّوْلُ طَائِرٌ يَنْفَرِدُ مِنَ الرَّفّ وَهُوَ السَّطْرُ مِنَ الطَّيْرِ. ابْنُ سِيدَهْ: والإِبِّيلُ والإِبَّوْل والإِبَّالَة الْقِطْعَةُ مِنَ الطَّيْرِ وَالْخَيْلِ والإِبل؛ قَالَ:

أَبَابِيل هَطْلَى مِنْ مُراحٍ ومُهْمَل

وَقِيلَ: الأَبَابِيلُ جماعةٌ فِي تَفْرِقة، وَاحِدُهَا إِبِّيلٌ وإِبَّوْل، وَذَهَبَ أَبو عُبَيْدَةَ إِلى أَن الأَبَابِيل جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ عَبابِيدَ وشَماطِيطَ وشَعالِيلَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِبِّيل، قَالَ: وَلَمْ أَجد الْعَرَبَ تَعْرِفُ لَهُ وَاحِدًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ

، وَقِيلَ إِبَّالَة وأَبَابِيل وإِبَالَة كأَنها جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: إِبَّوْل وأَبَابِيل مِثْلَ عِجَّوْل وعَجاجيل، قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ أَحد مِنْهُمْ إِبِّيل عَلَى فِعِّيل لِوَاحِدِ أَبَابِيل، وزَعم الرُّؤَاسي أَن وَاحِدَهَا إِبَّالَة. التَّهْذِيبُ أَيضاً: وَلَوْ قِيلَ وَاحِدُ الأَبَابِيل إِيبَالَةٌ كَانَ صَوَابًا كَمَا قَالُوا دِينَارٌ وَدَنَانِيرُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ طير أَبَابِيل: جَمَاعَاتٌ مِنْ هَاهُنَا وَجَمَاعَاتٌ مِنْ هَاهُنَا، وَقِيلَ: طَيْرٌ أَبَابِيل يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا إِبِّيلًا إِبِّيلًا أَي قَطيعاً خَلْفَ قَطِيعٍ؛ قَالَ الأَخفش: يُقَالُ جَاءَتْ إِبلك أَبَابِيل أَي فِرَقاً، وَطَيْرٌ أَبَابِيل، قَالَ: وَهَذَا يَجِيءُ فِي مَعْنَى التَّكْثِيرِ وَهُوَ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا وَاحِدَ لَهُ؛ وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: جَاءَ فُلَانٌ فِي أُبُلَّتِه وإِبَالَته أَي فِي قَبِيلَتِهِ. وأَبَّلَ الرجلَ: كأَبَّنه؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي؛ اللِّحْيَانِيِّ: أَبَّنْت الْمَيِّتَ تَأْبِيناً وأَبَّلْته تَأْبِيلًا إِذَا أَثنيت عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. والأَبِيلُ: الْعَصَا: والأَبِيل والأَبِيلَةُ والإِبَالَة: الحُزْمةُ مِنَ الحَشيش وَالْحَطَبِ. التَّهْذِيبُ: والإِيبالة الْحُزْمَةُ مِنَ الْحَطَبِ. ومَثَلٌ يُضْرَبُ: ضِغْثٌ عَلَى إِيبالةٍ أَي زِيَادَةٌ عَلَى وِقْر. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: ضِغْثٌ عَلَى إِبَّالَة، غَيْرَ مَمْدُودٍ لَيْسَ فِيهَا يَاءٌ، وَكَذَلِكَ أَورده الْجَوْهَرِيُّ أَيضاً أَي بَلِيَّةٌ عَلَى أُخرى كَانَتْ قَبْلَهَا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَقُلْ إِيبَالَة لأَن الِاسْمَ إِذا كَانَ عَلَى فِعَّالة، بِالْهَاءِ، لَا يُبْدَلُ مِنْ أَحد حَرْفَيْ تَضْعِيفِهِ يَاءً مِثْلَ صِنَّارة ودِنَّامة، وإِنما يُبْدَلُ إِذا كَانَ بِلَا هَاءٍ مِثْلَ دِينَارٍ وَقِيرَاطٍ؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إِبَالَة مُخَفَّفًا، وَيَنْشُدُ لأَسماء بْنِ خَارِجَةَ:

ليَ، كُلَّ يومٍ مِنْ، ذُؤَالَة

ضِغْثٌ يَزيدُ عَلَى إِبَالَه

فَلأَحْشَأَنَّك مِشْقَصاً

أَوْساً، أُوَيْسُ، مِنَ الهَبالَه

والأَبِيلُ: رَئِيسُ النَّصَارَى، وَقِيلَ: هُوَ الرَّاهِبُ، وَقِيلَ الرَّاهِبُ الرَّئِيسُ، وَقِيلَ صَاحِبُ النَّاقُوسِ، وَهُمُ الأَبِيلُون؛ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْجِنِّ «1»:

أَما وَدِماءٍ مائِراتٍ تَخالُها،

عَلَى قُنَّةِ العُزَّى أَو النَّسْر، عَنْدَ ما

(1). قوله [ابن عبد الجن] كذا بالأصل، وفي شرح القاموس: عمرو بن عبد الحق

ص: 6

وَمَا قَدَّسَ الرُّهْبانُ، فِي كلِّ هَيْكَلٍ،

أَبِيلَ الأَبِيلِينَ، المَسِيحَ بْنَ مَرْيَما

لَقَدْ ذَاقَ مِنَّا عامِرٌ يومَ لَعْلَعٍ

حُساماً، إِذا مَا هُزَّ بالكَفِّ صَمَّما

قَوْلُهُ أَبِيل الأَبِيلِين: أَضافه إِليهم عَلَى التَّسْنِيعِ لِقَدْرِهِ، وَالتَّعْظِيمِ لِخَطَرِهِ؛ وَيُرْوَى:

أَبِيلَ الأَبِيلِيين عيسى بْنَ مَرْيَمَا

عَلَى النَّسَبِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ عِيسَى، عليه السلام، أَبِيلَ الأَبِيلِيين، وَقِيلَ: هُوَ الشَّيْخُ، وَالْجَمْعُ آبَال؛ وَهَذِهِ الأَبيات أَوردها الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ فِيهَا:

عَلَى قُنَّةِ الْعُزَّى وَبِالنَّسْرِ عَندما

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَلف وَاللَّامُ فِي النَّسْرِ زَائِدَتَانِ لأَنه اسْمُ عَلَمٍ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَلَقَدْ نَهَيْتُك عَنْ بَنَاتِ الأَوبر

قَالَ: وَمَا، فِي قَوْلِهِ وَمَا قَدَّسَ، مصدريةٌ أَي وَتَسْبِيحُ الرُّهْبَانِ أَبِيلَ الأَبِيلِيين. والأَيْبُلِيُّ: الرَّاهِبُ، فإِما أَن يَكُونَ أَعجميّاً، وإِما أَن يَكُونَ قَدْ غَيَّرَتْهُ يَاءُ الإِضافة، وَإِمَّا أَن يَكُونَ مِنْ بابِ انْقَحْلٍ، وقد قال سيبوبه: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَيْعِل؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ بَيْتَ الأَعشى:

وَمَا أَيْبُلِيٌّ عَلَى هَيْكَلٍ

بَناهُ، وصَلَّب فِيهِ وَصارا

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

كَانَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، يُسَمَّى أَبِيلَ الأَبِيلِين

؛ الأَبِيل بِوَزْنِ الأَمير: الرَّاهِبُ، سُمِّيَ بِهِ لتَأَبُّلِهِ عَنِ النِّسَاءِ وَتَرْكِ غشْيانهن، وَالْفِعْلُ مِنْهُ أَبَلَ يَأْبُلُ أَبَالَة إِذا تَنَسَّك وتَرَهَّب. أَبو الْهَيْثَمِ: الأَيْبُلِيُّ والأَيْبُلُ صاحبُ النَّاقُوسِ الَّذِي يُنَقّسُ النَّصَارَى بِنَاقُوسِهِ يَدْعُوهُمْ بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ؛ وأَنشد:

وَمَا صَكَّ ناقوسَ الصلاةِ أَبِيلُها

وَقِيلَ: هُوَ رَاهِبُ النَّصَارَى؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

إِنَّني وَاللَّهِ، فاسْمَعْ حَلِفِي

بِأَبِيلٍ كُلَّما صَلى جأَرَ

وَكَانُوا يُعَظِّمُونَ الأَبِيل فَيَحْلِفُونَ بِهِ كَمَا يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ. والأَبَلَة، بِالتَّحْرِيكِ. الوَخامة والثِّقلُ مِنَ الطَّعَامِ. والأَبَلَةُ: العاهةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَبعِ الثَّمَرَةَ حَتَّى تَأْمَنَ عَلَيْهَا الأَبَلَة

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأُبْلَةُ بِوَزْنِ العُهْدة الْعَاهَةُ وَالْآفَةُ، رأَيت نُسْخَةً مِنْ نُسَخِ النِّهَايَةِ وَفِيهَا حَاشِيَةٌ قَالَ: قَوْلُ أَبي مُوسَى الأُبْلَة بِوَزْنِ الْعُهْدَةِ وَهْمٌ، وَصَوَابُهُ الأَبَلَة، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ، كَمَا جَاءَ فِي أَحاديث أُخر. وَفِي حَدِيثِ

يَحْيَى بْنِ يَعْمَر: كلُّ مَالٍ أَديت زَكَاتَهُ فَقَدْ ذَهَبَتْ أَبَلَتُهُ

أَي ذَهَبَتْ مَضَرَّتُهُ وَشَرُّهُ، وَيُرْوَى

وَبَلَته

؛ قَالَ: الأَبَلَةُ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ، الثِّقَل والطَّلِبة، وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْوَبَالِ، فإِن كَانَ مِنَ الأَول فَقَدْ قُلِبَتْ هَمْزَتُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَاوًا، وإِن كَانَ مِنَ الثَّانِي فَقَدْ قُلِبَتْ وَاوُهُ فِي الرِّوَايَةِ الأُولى هَمْزَةً كَقَوْلِهِمْ أَحَدٌ وأَصله وَحَدٌ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:

كُلُّ مَالٍ زُكِّيَ فَقَدْ ذَهَبَتْ عَنْهُ أَبَلَتُه

أَي ثِقَلُهُ ووَخامته. أَبو مَالِكٍ: إِن ذَلِكَ الأَمر مَا عَلَيْكَ فِيهِ أَبَلَةٌ وَلَا أَبْهٌ أَي لَا عَيْبَ عَلَيْكَ فِيهِ. وَيُقَالُ: إِن فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجْتَ مِنْ أَبَلَته أَي مِنْ تَبِعته وَمَذَمَّتِهِ. ابْنُ بَزْرَجٍ: مَا لِي إِليك أَبِلَة أَي حَاجَةٌ، بِوَزْنِ عَبِلة، بِكَسْرِ الْبَاءِ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

فأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ السَّحَابِ

ص: 7

فأُبِلْنا

أَي مُطِرْنا وابِلًا، وَهُوَ الْمَطَرُ الْكَثِيرُ الْقَطْرِ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ مِثْلَ أَكد وَوَكَدَ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ:

فأَلف اللَّهُ بَيْنَ السَّحَابِ فَوَبَلَتْنا

، جَاءَ بِهِ عَلَى الأَصل. والإِبْلة: الْعَدَاوَةُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والأَبَلَةُ الحِقْد؛ قَالَ الطِّرِمَّاح:

وجاءَتْ لَتَقْضِي الحِقْد مِنْ أَبَلاتها،

فثَنَّتْ لَهَا قَحْطانُ حِقْداً عَلَى حِقْد

قَالَ: وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ أَبَلاتُها طَلِباتُها. والأُبُلَّةُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: تَمْرٌ يُرَضُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ وَيُحْلَبُ عَلَيْهِ لَبَنٌ، وَقِيلَ: هِيَ الفِدْرة مِنَ التَّمْرِ؛ قَالَ:

فَيأْكُلُ مَا رُضَّ مِنْ زَادِنَا،

ويَأْبى الأُبُلَّةَ لَمْ تُرْضَضِ

لَهُ ظَبْيَةٌ وَلَهُ عُكَّةٌ،

إِذا أَنْفَضَ الناسُ لَمْ يُنْفِضِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والأُبُلَّة الأَخضر مِنْ حَمْل الأَراك، فإِذا احْمَرَّ فكبَاثٌ. وَيُقَالُ: الآبِلَة عَلَى فَاعِلَةٍ. والأُبُلَّة: مَكَانٌ بِالْبَصْرَةِ، وَهِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، الْبَلَدُ الْمَعْرُوفُ قُرْبَ الْبَصْرَةِ مِنْ جَانِبِهَا الْبَحْرِيِّ، قِيلَ: هُوَ اسمٌ نَبَطِيّ. الْجَوْهَرِيُّ: الأُبُلَّة مَدِينَةٌ إِلى جَنْبِ الْبَصْرَةِ. وأُبْلَى: مَوْضِعٌ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ بِوَزْنِ حُبْلَى مَوْضِعٌ بأَرض بَنِي سُليم بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ بَعَثَ إِليه رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَوْمًا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: قَالَ زُنَيم بْنُ حَرَجة فِي دُرَيْدٍ:

فَسائِلْ بَني دُهْمانَ: أَيُّ سَحابةٍ

عَلاهُم بأُبْلَى ودْقُها فاسْتَهَلَّتِ؟

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنشده أَبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ السويّ السَّرَّاجُ:

سَرَى مِثلَ نَبْضِ العِرْقِ، والليلُ دونَه،

وأَعلامُ أُبْلَى كلُّها فالأَصالقُ

وَيُرْوَى: وأَعْلام أُبْل. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: رِحْلةُ أُبْلِيٍّ مَشْهُورَةٌ، وأَنشد:

دَعَا لُبَّها غَمْرٌ كأَنْ قَدْ وَرَدْنَه

برِحلَة أُبْلِيٍّ، وإِن كَانَ نَائِيَا

وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ آبِل، وَهُوَ بِالْمَدِّ وَكَسْرِ الْبَاءِ، مَوْضِعٌ لَهُ ذِكْرٌ فِي جَيْشِ أُسامة يُقَالُ لَهُ آبِل الزَّيْتِ. وأُبَيْلَى: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

قَالَتْ أُبَيْلَى لِي: وَلَمْ أَسُبَّه،

مَا السِّنُّ إِلا غَفْلَةُ المُدَلَّه

أبهل: عَبْهَلَ الإِبلَ مِثْلَ أَبْهَلَهَا، وَالْعَيْنُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الهمزة.

أتل: الْفَرَّاءُ: أَتَلَ الرجلُ يَأْتِلُ أُتُولًا، وَفِي الصِّحَاحِ: أَتْلًا، وأَتَنَ يَأْتِنُ أُتُوناً إِذا قَارَبَ الخَطْوَ فِي غَضَبٍ؛ وأَنشد لثَرْوانَ العُكْلي:

أَرانِيَ لَا آتِيكَ إِلا كأَنَّما

أَسَأْتُ، وإِلا أَنت غَضْبانُ تَأْتِلُ

أَردتَ لِكَيْما لَا تَرَى لِيَ عَثْرَةً،

ومَنْ ذَا الَّذِي يُعْطَى الكَمال فيَكْمُلُ؟

وَقَالَ فِي مَصْدَرِهِ: الأَتَلان والأَتَنان؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو زَيْدٍ فِي مَاضِيهِ:

وَقَدْ مَلأْتُ بطنَه حَتَّى أَتَل

غَيْظاً، فأَمْسَى ضِغْنُه قَدِ اعْتَدَل

ص: 8

وَفِي تَرْجَمَةِ كرفأَ:

كَكِرْفِئَةِ الغَيْثِ، ذاتِ الصَّبِيرِ،

تَأْتي السَّحَابُ وتَأْتالَها

تَأْتالُ: تُصْلِحُ، وأَصله تَأْتَوِل وَنَصَبَهُ بإِضمار أَن.

أثل: أَثْلَةُ كُلِّ شَيْءٍ: أَصله؛ قَالَ الأَعشى:

أَلَسْتَ مُنْتَهياً عَنْ نَحْتِ أَثْلَتِنا؛

ولَسْتَ ضائِرَها، مَا أَطَّتِ الإِبلُ

يُقَالُ: فُلَانٌ يَنْحَتُ [يَنْحِتُ] أَثْلَتَنا إِذا قَالَ فِي حَسَبه قَبِيحًا. وأَثَلَ يَأْثِل أُثُولًا وتَأَثَّلَ: تأَصَّل. وأَثَّلَ مالَه: أَصَّله. وتَأَثَّلَ مَالًا: اكْتَسَبَهُ وَاتَّخَذَهُ وثَمَّره. وأَثَّلَ اللهُ مالَه: زَكَّاهُ. وأَثَّلَ مُلْكَه: عَظَّمه. وتَأَثَّلَ هُوَ: عَظُم. وكلُّ شَيْءٍ قَدِيمٍ مُؤَصَّلٍ: أَثِيلٌ ومُؤَثَّلٌ ومُتَأَثِّل، وَمَالٌ مُؤَثَّل. والتَّأَثُّلُ: اتِّخَاذُ أَصل مَالٍ. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ فِي وَصِيِّ الْيَتِيمِ: إِنه يأْكل مِنْ مَالِهِ غَيْرَ مُتَأَثِّل مَالًا

؛ قَالَ: المُتَأَثِّلُ الْجَامِعُ، فَقَوْلُهُ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ أَي غَيْرَ جَامِعٍ، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي

قَوْلِهِ، صلى الله عليه وسلم: وَلِمَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُل ويُؤْكِلَ صَديقاً غيرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا

، يُقَالُ: مَالٌ مُؤَثَّل ومَجْدٌ مُؤَثَّل أَي مَجْمُوعٌ ذُو أَصل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ مَالٌ أَثِيلٌ؛ وأَنشد لِسَاعِدَةَ:

وَلَا مَالَ أَثِيلٌ

وَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ أَصل قَدِيمٌ أَو جُمِعَ حَتَّى يَصِيرَ لَهُ أَصل، فَهُوَ مُؤَثَّل؛ قَالَ لَبِيدٌ:

لِلَّهِ نافِلَةُ الأَجَلِّ الأَفضل،

وَلَهُ العُلى وأَثِيثُ كُلِّ مُؤَثَّل

ابْنُ الأَعرابي: المُؤَثَّل الدَّائِمُ. وأَثَّلْتُ الشيءَ: أَدَمْتُه. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: مُؤَثَّل مُهَيَّأٌ لَهُ. وَيُقَالُ: أَثَّلَ اللهُ مُلْكاً آثِلًا أَي ثَبَّته؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

أَثَّل مُلْكاً خِنْدِفاً فَدَعَما

وَقَالَ أَيضاً:

رِبابَةً رُبَّتْ ومُلْكاً آثِلا

أَي مُلْكًا ذَا أَثْلَةٍ. والتَّأْثِيل: التأْصيل. وتَأْثِيل الْمَجْدِ: بِنَاؤُهُ. وَفِي حَدِيثِ

أَبِي قَتَادَةَ: إِنه لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُه.

والأَثَال، بِالْفَتْحِ: الْمَجْدُ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. وَمَجْدٌ مُؤَثَّل: قَدِيمٌ، مِنْهُ، وَمَجْدٌ أَثِيل أَيضاً؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

ولكِنَّما أَسْعى لمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ،

وَقَدْ يُدْرِكُ المَجْدَ المؤثَّل أَمثالي

والأَثْلَةُ والأَثَلَةُ: مَتَاعُ الْبَيْتِ وبِزَّتُه. وتَأَثَّلَ فُلَانٌ بَعْدَ حَاجَةٍ أَي اتَّخَذَ أَثْلَةً، والأَثْلة: المِيرةُ. وأَثَّلَ أَهْلَه: كَسَاهُمْ أَفضل الكُسوة، وَقِيلَ: أَثَّلَهم كَسَاهُمْ وأَحسن إِليهم. وأَثَّلَ: كَثُرَ مالُه؛ قَالَ طُفَيْلٌ:

فَأَثَّلَ واسْتَرْخَى بِهِ الخَطْبُ بعد ما

أَسافَ، وَلَوْلَا سَعْيُنا لَمْ يُؤَثِّل

وَرِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ: فأَبّل وَلَمْ يُؤَبِّل. وَيُقَالُ: هُمْ يَتَأَثَّلُون الناسَ أَي يأْخذون مِنْهُمْ أَثالًا، والأَثَال الْمَالُ. وَيُقَالُ: تَأَثَّلَ فُلَانٌ بِئْرًا إِذا احْتَفَرَهَا لِنَفْسِهِ. الْمُحْكَمُ: وتَأَثَّلَ الْبِئْرَ حَفَرها؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ قَوْمًا حَفَرُوا بِئْرًا، وَشَبَّهَ الْقَبْرَ بِالْبِئْرِ:

وَقَدْ أَرْسَلُوا فُرّاطَهُم، فَتَأَثَّلو ا

قَلِيباً سَفَاهَا كالإِماءِ القَواعِد

ص: 9

أَراد أَنهم حَفَرُوا لَهُ قَبْرًا يُدْفَن فِيهِ فَسَمَّاهُ قَلِيبًا عَلَى التَّشْبِيهِ، وَقِيلَ: فتأَثّلوا قَلِيبًا أَي هَيَّأُوه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

تُؤَثِّلُ كَعْبٌ عَليَّ القَضاء،

فَرَبِّي يُغَيِّرُ أَعمالَها

فَسَّره فَقَالَ: تُؤَثِّلُ أَي تُلْزِمني، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا. والأَثْلُ: شَجَرٌ يُشْبِهُ الطَّرْفاء إِلا أَنه أَعظم مِنْهُ وأَكرم وأَجود عُوداً تسوَّى بِهِ الأَقداح الصُّفْر الْجِيَادُ، وَمِنْهُ اتُّخِذ مِنبر سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم؛ وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ الطَّرْفاء. والأَثْل: أُصول غَلِيظَةٌ يُسَوَّى مِنْهَا الأَبواب وَغَيْرُهَا وَوَرَقُهُ عَبْلٌ كَوَرَقِ الطَّرْفَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ مِنْ أَثْل الْغَابَةِ

، وَالْغَابَةُ غَيْضة ذَاتُ شَجَرٍ كَثِيرٍ وَهِيَ عَلَى تِسْعَةِ أَميال مِنَ الْمَدِينَةِ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ مِنَ الْعِضَاهِ الأَثْل وَهُوَ طُوَال فِي السَّمَاءِ مُسْتَطِيلُ الْخَشَبِ وَخَشَبُهُ جَيِّدٌ يُحْمَلُ مِنَ الْقُرَى فَتُبْنَى عَلَيْهِ بُيُوتُ الْمَدَرِ، وورقُه هَدَبٌ طُوَال دُقَاق وَلَيْسَ لَهُ شَوْكٌ، وَمِنْهُ تُصنع القِصَاع والجِفَان، وَلَهُ ثَمَرَةٌ حَمْرَاءُ كأَنها أُبْنَة، يَعْنِي عُقْدة الرِّشاء، وَاحِدَتُهُ أَثْلَة وَجَمْعُهُ أُثُول كتَمْر وتُمور؛ قَالَ طُرَيح:

مَا مُسْبِلٌ زَجَلُ البَعُوضِ أَنِيسُه،

يَرْمي الجِراعَ أُثُولَها وأَراكَها

وَجَمْعُهُ أَثَلات. وَفِي كَلَامِ بَيْهَسٍ الْمُلَقَّبِ بنَعامةَ: لكِنْ بالأَثَلات لَحْمٌ لَا يُظَلَّل؛ يَعْنِي لَحْمَ إِخوته القَتْلى؛ وَمِنْهُ قِيلَ للأَصل أَثْلَة؛ قَالَ: ولسُمُوّ الأَثلة وَاسْتِوَائِهَا وَحُسْنِ اعْتِدَالِهَا شَبَّهَ الشُّعَرَاءُ المرأَة إِذا تَمَّ قَوامها وَاسْتَوَى خَلْقها بِهَا؛ قَالَ كُثَيِّر:

وإِنْ هِيَ قَامَتْ، فَمَا أَثْلَةٌ

بعَلْيا تُناوحُ رِيحاً أَصيلا،

بأَحْسَنَ مِنْهَا، وإِن أَدْبَرَتْ

فأَرْخٌ بِجُبَّةَ تَقْرْو خَمِيلا

الأَرْخُ والإِرْخُ: الفَتيُّ مِنَ البَقَر. والأُثَيْل: مَنْبِتُ الأَراك. وأُثَيْل، مصغَّر: مَوْضِعٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ وَبِهِ عَيْنُ مَاءٍ لِآلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام. وأُثَال، بِالضَّمِّ: اسْمُ جَبَلٍ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ أُثَالًا. وأُثَالَة: اسْمٌ. وأَثْلَة والأَثِيل: مَوْضِعَانِ؛ وَكَذَلِكَ الأُثَيْلة. وأُثَال: بالقَصِيم مِنْ بِلَادِ بَنِي أَسد؛ قَالَ:

قاظَتْ أُثَالَ إِلى المَلا، وتَرَبَّعَتْ

بالحَزْنِ عازِبَةً تُسَنُّ وتُودَع

وَذُو المَأْثُول: وادٍ، قَالَ كُثَيِّر عَزَّة:

فَلَمَّا أَنْ رأَيْتُ العِيسَ صَبَّتْ،

بِذِي المَأْثُولِ، مُجْمِعَةَ التَّوالي

أثجل: العَثْجَلُ والعُثَاجِل: الْعَظِيمُ الْبَطْنِ مِثْلُ الأَثْجَل.

أثكل: فِي تَرْجَمَةِ عُثْكُلَ: العُثْكُول والعِثْكال الشِّمْراخ، وما هو عَلَيْهِ البُسْر مِنْ عِيدان الكِبَاسة وَهُوَ فِي النَّخْلِ بِمَنْزِلَةِ العُنقود مِنَ الكَرْم؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:

لَوْ أَبْصَرَتْ سُعْدَى بِهَا، كَنَائِلي،

طَوِيلَةَ الأَقْناءِ والأَثَاكِلِ

أَرَادَ العَثَاكل فَقَلَبَ الْعَيْنَ هَمْزَةً، وَيُقَالُ إِثْكَال وأُثْكُول. وَفِي حَدِيثِ الْحَدِّ:

فَجُلِد بأُثْكُول

، وَفِي رِوَايَةٍ:

بإِثْكَال

، هُمَا لُغَةٌ فِي العُثْكُول

ص: 10

والعِثْكال، وَهُوَ عِذْق النَّخْلَةِ بِمَا فِيهِ مِنَ الشَّمَارِيخِ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ العين وليست زائدة، والجوهري جَعَلَهَا زَائِدَةً وَجَاءَ بِهِ فِي فَصْلِ الثَّاءِ مِنْ حَرْفِ اللَّامِ، وَسَنَذْكُرُهُ أَيضاً هناك.

أجل: الأَجَلُ: غايةُ الْوَقْتِ فِي الْمَوْتِ وحُلول الدَّين ونحوِه. والأَجَلُ: مُدَّةُ الشَّيْءِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ

؛ أَي حَتَّى تَقْضِيَ عِدَّتَهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى

؛ أَي لَكَانَ الْقَتْلُ الَّذِي نَالَهُمْ لَازِمًا لَهُمْ أَبداً وَكَانَ الْعَذَابُ دَائِمًا بِهِمْ، وَيُعْنَى بالأَجَل الْمُسَمَّى الْقِيَامَةُ لأَن اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَهُمْ بِالْعَذَابِ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالْجَمْعُ آجَال. والتَّأْجِيل: تَحْدِيدُ الأَجَلِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: كِتاباً مُؤَجَّلًا

. وأَجِلَ الشيءُ يَأْجَلُ، فَهُوَ آجِل وأَجِيل: تأَخر، وَهُوَ نَقِيضُ الْعَاجِلِ. والأَجِيل: المُؤَجَّل إِلى وَقْتٍ؛ وأَنشد:

وغايَةُ الأَجِيلِ مَهْواةُ الرَّدَى

والآجِلَة: الْآخِرَةُ، وَالْعَاجِلَةُ: الدُّنْيَا، والآجِل والآجِلَة: ضِدُّ الْعَاجِلِ وَالْعَاجِلَةِ. وَفِي حَدِيثِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛

يَتَعَجَّلونه وَلَا يَتَأَجَّلُونه.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

يتعجَّله وَلَا يَتَأَجَّله

؛ التَأَجُّل تَفَعُّلٌ مِنَ الأَجَل، وَهُوَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ الْمَحْدُودُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَي أَنهم يَتَعَجَّلُونَ الْعَمَلَ بِالْقُرْآنِ وَلَا يُؤَخِّرُونَهُ. وَفِي حَدِيثِ

مَكْحُولٍ: كُنَّا بِالسَّاحِلِ مُرَابِطِينَ فَتَأَجَّل مُتَأَجِّل مِنَّا

أَي استأْذن فِي الرُّجُوعِ إِلى أَهله وَطَلَبَ أَن يُضْرَبَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَجل، واسْتَأْجَلْتُه فأَجَّلَنِي إِلى مُدَّةٍ. والإِجْلُ، بِالْكَسْرِ: الْقَطِيعُ مِنْ بَقْرِ الْوَحْشِ، وَالْجَمْعُ آجَال. وَفِي حَدِيثِ

زِيَادٍ: فِي يَوْمٍ مَطير تَرْمَضُ فِيهِ الآجَال

؛ هِيَ جَمْعُ إِجْل، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، وَهُوَ الْقَطِيعُ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ وَالظِّبَاءِ، وتأَجَّلَت الْبَهَائِمُ أَي صَارَتْ آجَالًا؛ قَالَ لَبِيدٌ:

والعِينُ ساكنةٌ، عَلَى أَطْلائِها،

عُوذاً، تَأَجَّلُ بالفَضاءِ بِهامها

وتَأَجَّلَ الصُّوارُ [الصِّوارُ]: صَارَ إِجْلًا. والإِجَّلُ: لُغَةٌ فِي الإِيَّل وَهُوَ الذَّكَرُ مِنَ الأَوعال، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ كَوَزْنٍ، وَالْجِيمُ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ كَقَوْلِهِمْ فِي بَرْنِيٍّ بَرْنِجّ؛ قَالَ أَبو عَمْرِو ابن الْعَلَاءِ: بَعْضُ الأَعراب يَجْعَلُ الْيَاءَ المشدَّدة جِيمًا وإِن كَانَتْ أَيضاً غَيْرَ طَرَفٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لأَبي النَّجْمِ:

كأَنَّ فِي أَذْنابِهِنَّ الشُّوَّلِ،

مِنْ عَبَسِ الصَّيْفِ، قُرونَ الإِجَّلِ

قَالَ: يُرِيدُ الإِيَّل، وَيُرْوَى قُرُونُ الإِيَّل، وَهُوَ الأَصل. وتَأَجَّلُوا عَلَى الشَّيْءِ: تَجَمَّعوا. والإِجْل: وَجَع فِي العُنُق، وَقَدْ أَجَلَه مِنْهُ يَأْجِلُه؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ، وأَجَّلَه وآجَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ، كُلُّ ذَلِكَ: دَاوَاهُ فأَجَلَه، كحَمأَ البئرَ نزعَ حَمْأَتها، وأَجَّلَه كقَذَّى العَينَ نَزَعَ قَذاها، وآجَلَهُ كَعَاجَلَهُ، وَقَدْ أَجِلَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، أَي نَامَ عَلَى عُنُقِهِ فَاشْتَكَاهَا. والتَّأْجِيلُ: الْمُدَاوَاةُ، مِنْهُ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الجَرَّاح: بِي إِجْل فأَجِّلُونِي أَي دَاوُونِي مِنْهُ كَمَا يُقَالُ طَنَّيْته مِنَ الطَّنى ومَرَّضْتُه. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الإِجْل والإِدْل وَهُوَ وجَع الْعُنُقِ مِنْ تَعادِي الوِساد؛ الأَصمعي: هُوَ البَدَل أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ الْمُنَاجَاةِ:

أَجْلَ أَن يُحْزِنَه

أَي مِنْ أَجله ولأَجله، وَالْكُلُّ لُغَاتٌ وَتُفْتَحُ هَمْزَتُهَا وَتُكْسَرُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَن تَقْتُلَ وَلَدَكَ أَجْلَ أَن

ص: 11

يأْكل مَعَكَ.

والأَجْلُ: الضِّيقُ. وأَجَلُوا مالَهم: حَبَسُوهُ عَنِ المَرعى. وأَجَلْ، بِفَتْحَتَيْنِ: بِمَعْنَى نَعَمْ، وَقَوْلُهُمْ أَجَلْ إِنما هُوَ جَوَابٌ مِثْلُ نعَمْ؛ قَالَ الأَخفش: إِلا أَنه أَحسن مِنْ نَعَمْ فِي التَّصْدِيقِ، وَنَعَمْ أَحسن مِنْهُ فِي الِاسْتِفْهَامِ، فإِذا قَالَ أَنت سَوْفَ تَذْهَبُ قُلْتُ أَجَلْ، وَكَانَ أَحسن مِنْ نَعَمْ، وإذا قَالَ أَتذهب قُلْتُ نعَم، وَكَانَ أَحسن مِنْ أَجَلْ. وأَجَلْ: تَصْدِيقٌ لِخَبَرٍ يُخْبِرُكَ بِهِ صَاحِبُكَ فَيَقُولُ فَعَلَ ذَلِكَ فَتَصْدُقُهُ بِقَوْلِكَ لَهُ أَجَلْ، وأَما نعَمْ فَهُوَ جَوَابُ الْمُسْتَفْهِمِ بِكَلَامٍ لَا جَحْد فِيهِ، تَقُولُ لَهُ: هَلْ صَلَّيْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَهُوَ جَوَابُ الْمُسْتَفْهِمِ. والمَأْجَلُ، بِفَتْحِ الْجِيمِ: مُسْتنقَع الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ المَآجِل. ابْنُ سِيدَهْ: والمَأْجَل شِبْهُ حَوْضٍ وَاسِعٍ يُؤَجَّلُ أَي يُجْمَعُ فِيهِ الْمَاءُ إِذا كَانَ قَلِيلًا ثُمَّ يُفَجَّر إِلَى المَشارات والمَزْرَعة وَالْآبَارِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ طَرَحَهُ. وأَجَّلَه فِيهِ: جَمَعَهُ، وتَأَجَّلَ فِيهِ: تَجَمَّع. والأَجِيل: الشَّرَبَةُ وَهُوَ الطِّينُ يُجْمع حَوْلَ النَّخْلَةِ؛ أَزْديَّة، وَقِيلَ: المَآجِل الجِبَأَةُ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِيهَا مِيَاهُ الأَمطار مِنَ الدُّورِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَبَعْضُهُمْ لَا يَهْمِزُ المأْجل وَيَكْسِرُ الْجِيمَ فَيَقُولُ المَاجِل وَيَجْعَلُهُ مِنَ المَجْل، وَهُوَ الْمَاءُ يَجْتَمِعُ مِنَ النَّفْطة تَمْتَلِئُ مَاءً مِنْ عَمَل أَو حَرَق. وَقَدْ تَأَجَّلَ الْمَاءُ، فَهُوَ مُتَأَجِّل: يَعْنِي اسْتَنْقَع فِي مَوْضِعٍ. وَمَاءٌ أَجِيل أَي مُجْتَمِعٌ. وَفَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِكَ وإِجْلِكَ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ

، الأَلف مَقْطُوعَةٌ، أَي مِنْ جَرَّا ذَلِكَ؛ قَالَ: وَرُبَّمَا حَذَفَتِ الْعَرَبُ مِنْ فَقَالَتْ فَعَلْتُ ذَلِكَ أَجْلَ [إِجْلَ] كَذَا، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَدْ قُرِئَ

مِنْ إِجْل ذَلِكَ

، وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فَعَلْتُهُ مِنْ أَجْلاك وإِجْلاك أَي مِنْ جَرَّاك، ويُعَدَّى بِغَيْرٍ مِنْ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

أَجْلَ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ،

فَوْقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً بإِزار

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ: إِجْلَ أَن اللَّهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ. قَالَ الأَزهري: والأَصل فِي قَوْلِهِمْ فعلتُه مِنْ أَجْلِكَ أَجَلَ عَلَيْهِمْ أَجْلًا أَي جَنى عَلَيْهِمْ وجَرَّ. والتَّأَجُّلُ: الإِقبال والإِدبار، قَالَ:

عَهْدي بِهِ قَدْ كُسْيَ ثُمَّتَ لَمْ يَزَلْ،

بِدَارِ يَزيدَ، طاعِماً يَتَأَجَّلُ «2»

والأَجْل: مَصْدَرٌ. وأَجَلَ عَلَيْهِمْ شَرّاً يَأْجُلُه ويَأْجِلُهُ أَجْلًا: جَناه وهَيَّجه؛ قَالَ خَوَّات بْنُ جُبَير:

وأَهلِ خِباءٍ صالحٍ كُنتُ بَيْنَهُمْ،

قَدِ احْتَرَبوا فِي عَاجِلٍ أَنا آجِلُه «3»

أَي أَنا جَانِيَهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ هُوَ للخِنَّوْتِ؛ قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُهُ أَنا فِي شِعْرِ زُهَيْرٍ فِي القصيد الَّتِي أَولها:

صَحا القلبُ عَنْ لَيْلى وأَقْصَرَ باطلُه

قَالَ: وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الأَصمعي؛ وَقَوْلُهُ وأَهل مَخْفُوضٌ بِوَاوِ رُبَّ؛ عَنِ ابْنِ السِّيرَافِيِّ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ وَجَدْتُهُ فِي شِعْرِ زُهَيْرٍ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ تَوْبة بْنِ مُضَرِّس العَبْسي:

فإِن تَكُ أُمُّ ابْنَيْ زُمَيْلَةَ أُثْكِلَتْ،

فَيا رُبَّ أُخْرَى قَدْ أَجَلْتُ لها ثُكْلا

(2). قوله [عهدي، البيت] هو من الطويل دخله الخرم وسكنت سين كسي للوزن

(3)

. قوله [كنت بينهم] الذي في الصحاح: ذات بينهم

ص: 12

أَي جَلَبْت لها تُكْلًا وهَيَّجْته؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ أَيضاً لِتَوْبَةَ:

وأَهلِ خِباءٍ آمِنِينَ فَجَعْتُهم

بشَيْء عَزيرٍ عاجلٍ، أَنا آجِلُه

وأَقْبَلْتُ أَسْعى أَسأَل القَوْمَ مَا لَهم،

سُؤَالَك بِالشَّيْءِ الَّذِي أَنت جاهلُه

قَالَ: وَقَالَ أُطَيْط:

وهَمٍّ تَعَنَّاني، وأَنت أَجَلْتَه،

فعَنَّى النَّدَامَى والغَرِيرِيَّةَ الصُّهْبا

أَبو زَيْدٍ: أَجَلْتُ عَلَيْهِمْ آجُلُ وآجِلُ أَجْلًا أَي جَرَرْت جَريرة. قَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ جَلَبْت عَلَيْهِمْ وجَرَرْت وأَجَلْت بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي جَنَيت. وأَجَل لأَهله يَأْجُلُ ويَأْجِلُ: كَسَب وجمَع وَاحْتَالَ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وأَجَلَى، عَلَى فَعَلى: مَوْضِعٌ وَهُوَ مَرْعًى لَهُمْ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

حَلَّتْ سُلَيْمى ساحةَ القَلِيب

بأَجَلَى، مَحَلَّةَ الغَرِيب «1» .

أدل: الإِدْلُ: وَجَعٌ يأْخذ فِي الْعُنُقِ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَجَعُ العُنُق مِنْ تَعَادي الْوِسَادَةِ مِثْلُ الإِجْل. والإِدْل: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ المُتَكَبِّد الشَّدِيدُ الْحُمُوضَةِ، زَادَ فِي التَّهْذِيبِ: مِنْ أَلبان الإِبل، الطَّائِفَةُ مِنْهُ إدْلَة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي حَبِيبٍ الشَّيْبَانِيِّ:

مَتَى يَأْتهِ ضَيْفٌ، فَلَيْسَ بِذَائِقٍ

لَمَاجاً، سِوَى المَسْحوطِ واللَّبَنِ الإِدْل

وأَدَلَه يَأْدِلُهُ: مَخَضَه وحَرَّكه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

إِذَا مَا مَشَى وَرْدَانُ واهْتَزَّتِ اسْتُه،

كَمَا اهْتَزَّ ضِئْنِيٌّ لقَرْعاءَ يُؤْدَلُ

الأَصمعي: يُقَالُ جَاءَنَا بإِدْلَة مَا تُطاق حَمَضاً أَي مِنْ حُموضتها. وَبَابٌ مَأْدُولٌ أَي مُغْلَق. وَيُقَالُ: أَدَلْتُ البابَ أَدْلًا أَغلقته؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَمَّا رأَيت أَخِي الطاحِيَ مُرْتَهَناً،

فِي بَيْتِ سِجنٍ، عليه البابُ مَأْدُول

أرل: أُرُلٌ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:

وَهَبَّتِ الريحُ، مِنْ تِلقاءِ ذِي أُرُلٍ،

تُزْجِي مَعَ اللَّيْلِ مِنْ صُرَّادِها صِرَما

قَالَ ابن بري: الصِّرَمُ هاهنا جَماعةُ السَّحاب.

أردخل: ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ أَبي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: قِيلَ لَهُ مَنِ انْتَخَبَ هَذِهِ الأَحاديث؟ قَالَ: انْتَخَبَهَا رَجُلٌ إِرْدَخْلٌ؛ الإِرْدَخْلُ: الضَّخْم، يُرِيدُ أَنه فِي الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ ضَخْم كَبِيرٌ. والإِرْدَخْلُ: التَّارُّ السَّمِينُ.

أزل: الأَزْلُ: الضَّيِّقُ وَالشِّدَّةُ. والأَزْلُ: الْحَبْسُ. وأَزَلَه يَأْزِلُه أَزْلًا: حَبَسَهُ. والأَزْلُ: شِدَّةُ الزَّمَانِ. يُقَالُ: هُمْ فِي أَزْلٍ مِنَ الْعَيْشِ وأَزْلٍ مِنَ السَّنَة. وآزَلَتِ السَّنَةُ: اشْتَدَّتْ؛ وَمِنْهُ الحديثُ

قولُ طَهْفةَ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَصابتنا سَنَة حَمْرَاءُ مُؤْزِلَة

أَي آتِيَةٌ بالأَزْل، وَيُرْوَى

مُؤَزِّلَة

، بِالتَّشْدِيدِ عَلَى التَّكْثِيرِ. وأَصبح الْقَوْمُ آزِلِينَ أَي فِي شِدَّةٍ؛ وقال الكميت:

(1). قوله [ساحة القليب] كذا بالأصل، وفي الصحاح: جانب الجريب

ص: 13

رَأَيْتُ الكِرامَ به واثقِين

أَن لَا يُعيمُوا، وَلَا يُؤْزِلُوا

وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:

وَليَأْزِلَنَّ وتَبْكُؤَنَّ لِقاحُه،

ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّه بسَمَار

أَي لَيُصيبَنَّه الأَزْلُ وَهُوَ الشِّدَّةُ. وأَزَلَ الفَرَسَ: قَصَّرَ حَبْلَه وَهُوَ مِنَ الْحَبْسِ. وأَزَلَ الرجلُ يَأْزِلُ أَزْلًا أَي صَارَ فِي ضِيقٍ وجَدْب. وأَزَلْتُ الرجلَ أَزْلًا: ضَيَّقْت عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْلِكم وقُنوطكم

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ

مِنْ أَلِّكم

، وَسَنَذْكُرُهُ في موضعه؛ الأَزْل: الشِّدَّةُ وَالضِّيقُ كأَنه أَراد مِنْ شِدَّةِ يأْسكم وَقُنُوطِكُمْ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:

أَنه يَحْصُر الناسَ فِي بَيْتِ المَقْدِس فيُؤزَلُون أَزْلًا

أَي يُقْحَطون ويُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام: إِلَّا بَعْدَ أَزْلٍ وَبَلَاءٍ.

وأَزَلْت الْفَرَسَ إِذَا قَصَّرْتَ حَبْله ثُمَّ سَيَّبْتَه وَتَرَكْتَهُ فِي الرِّعي؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

لَمْ يَرْعَ مَأْزُولًا ولَمَّا يُعْقَلِ

وأَزَلُوا مالَهم يَأْزِلُونَهُ أَزْلًا: حَبَسُوهُ عَنِ المَرْعَى مِنْ ضِيقٍ وَشِدَّةٍ وَخَوْفٍ؛ وَقَوْلُ الأَعشَى:

ولَبونِ مِعْزَابٍ حَوَيْتُ فأَصْبَحَتْ

نُهْبَى، وآزِلَةٍ قَضَبْتُ عِقَالَها

الآزِلَة: الْمَحْبُوسَةُ الَّتِي لَا تَسْرَح وَهِيَ مَعْقُولَةٌ لِخَوْفِ صَاحِبِهَا عَلَيْهَا مِنَ الْغَارَةِ، أَخَذْتها فَقَضَبْتُ عِقالَها. وآزَلُوا: حَبَسُوا أَموالهم عَنْ تَضْيِيقٍ وَشِدَّةٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والمَأْزِل: المَضِيق مِثْلُ المَأْزِق؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

إِذا دَنَتْ مِنْ عَضُدٍ لَمْ تَزْحل

عَنْهُ، وإِنْ كَانَ بضَنْكٍ مَأْزِلِ

قَالَ الْفَرَّاءُ يُقَالُ تَأَزَّلَ صَدْرِي وتَأَزَّق أَي ضَاقَ. والأَزْل: ضِيقُ الْعَيْشِ؛ قَالَ:

وإِنْ أَفسَد المالَ المجَاعاتُ والأَزْلُ

وأَزْلٌ آزِلٌ: شَدِيدٌ؛ قَالَ:

إِبْنَا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا،

عَنِ المُصَلِّينَ، وأَزْلًا آزِلا

والمَأْزِل: مَوْضِعُ الْقِتَالِ إِذا ضَاقَ، وَكَذَلِكَ مَأْزِلُ الْعَيْشِ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والإِزْل: الدَّاهِيَةُ. والإِزْل: الكَذِب، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دَارَةَ:

يَقُولُونَ: إِزْلٌ حُبُّ لَيْلى وَوُدُّها،

وَقَدْ كَذَبوا، مَا فِي مَوَدَّتِها إِزْلُ

والأَزَل، بِالتَّحْرِيكِ: القِدَم. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ هَذَا شَيْءٌ أَزَلِيٌّ أَي قَدِيمٌ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ أَن أَصل هَذِهِ الْكَلِمَةِ قَوْلُهُمْ لِلْقَدِيمِ لَمْ يَزَل، ثُمَّ نُسِب إِلى هَذَا فَلَمْ يَسْتَقِمْ إِلا بِالِاخْتِصَارِ فَقَالُوا يَزَليٌّ ثُمَّ أُبدلت الْيَاءُ أَلفاً لأَنها أَخف فَقَالُوا أَزَلِيٌّ، كَمَا قَالُوا فِي الرُّمْحِ الْمَنْسُوبِ إِلَى ذِي يَزَنَ: أَزَنيٌّ، وَنَصْلٌ أَثْرَبيٌّ.

أسل: الأَسَل: نَبَاتٌ لَهُ أَغصان كَثِيرَةٌ دِقَاق بِلَا وَرَقٍ، وَقَالَ أَبو زِيَادٍ: الأَسَل مِنَ الأَغْلاث وَهُوَ يَخْرُجُ قُضْباناً دِقَاقاً لَيْسَ لَهَا وَرَقٌ وَلَا شَوْكٌ إِلا أَن أَطرافها مُحدَّدة، وَلَيْسَ لَهَا شُعَب وَلَا خَشَب، ومَنْبِته الْمَاءُ الرَّاكِدُ وَلَا يَكَادُ يَنْبُتُ إِلا فِي مَوْضِعِ مَاءٍ أَو قريبٍ مِنْ مَاءٍ، وَاحِدَتُهُ أَسَلَة، تُتخذ مِنْهُ الغَرابيل

ص: 14

بِالْعِرَاقِ، وإِنما سُمِّي القَنَا أَسَلًا تَشْبِيهًا بِطُولِهِ وَاسْتِوَائِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

تَعدُو المَنايا على أُسامةَ في الخِيس،

عَلَيْهِ الطَّرْفاءُ والأَسَلُ

والأَسَل: الرِّماح عَلَى التَّشْبِيهِ بِهِ فِي اعْتِدَالِهِ وَطُولِهِ وَاسْتِوَائِهِ وَدِقَّةِ أَطرافه، وَالْوَاحِدُ كَالْوَاحِدِ. والأَسَل: النَّبْل. والأَسَلَة: شَوْكَةُ النخل، وجمعها أَسَل. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأَسَل عِيدانٌ تَنْبُتُ طِوَالًا دِقَاقاً مُسْتَوِيَةً لَا وَرَقَ لَهَا يُعْمَل مِنْهَا الحُصُر. والأَسَل: شَجَرٌ. وَيُقَالُ: كُلُّ شَجَرٍ لَهُ شَوْكٌ طَوِيلٌ فَهُوَ أَسَل، وَتُسَمَّى الرِّمَاحُ أَسَلًا. وأَسَلَة اللِّسَانِ: طَرَف شَبَاته إِلى مُسْتَدَقّه، وَمِنْهُ قِيلَ لِلصَّادِّ وَالزَّايِ وَالسِّينِ أَسَلِيَّة، لأَن مبدأَها مِنْ أَسَلَة اللِّسَانِ، وَهُوَ مُسْتَدَقُّ طَرَفِهِ، والأَسَلَة: مُسْتَدَقّ اللِّسَانِ وَالذِّرَاعِ. وَفِي كَلَامِ

عَلِيٍّ: لَمْ تَجِفَّ لطُول الْمُنَاجَاةِ أَسَلاتُ أَلسنتهم

؛ هي جَمْعُ أَسَلَة وَهِيَ طَرَف اللِّسَانِ. وَفِي حَدِيثِ

مُجَاهِدٍ: إِن قُطِعَت الأَسَلَة فبَيَّن بَعْضَ الْحُرُوفِ وَلَمْ يُبَيِّن بَعْضًا يُحْسَب بِالْحُرُوفِ

أَي تُقسم دِيَةُ اللِّسَانِ عَلَى قَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ حُرُوفِ كَلَامِهِ الَّتِي يَنْطِقُ بِهَا فِي لُغَته، فَمَا نَطَق بِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ دِيَتَهُ، وَمَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ اسْتَحَقَّ دِيَتَهُ. وأَسَلَة الْبَعِيرِ: طَرَف قَضيبه. وأَسَلَة الذِّرَاعِ: مُسْتَدَقّ السَّاعِدِ مِمَّا يَلِي الْكَفِّ. وكَفٌّ أَسِيلَة الأَصابع: وَهِيَ اللَّطِيفَةُ السَّبْطة الأَصابع. وأَسَّلَ الثَّرى: بَلَغ الأَسَلة. وأَسَلة النَّصْل: مُسْتَدَقُّه. والمُؤَسَّل: المُحَدَّد مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَرُوِيَ عَنْ

عَلِيٍّ، عليه السلام، أَنَّهُ قَالَ: لَا قَوَد إِلا بالأَسَل

؛ فالأَسَل عِنْدَ عَلِيٍّ، عليه السلام: كُلُّ مَا أُرِقَّ مِنَ الْحَدِيدِ وحُدِّد مِنْ سَيْفٍ أَو سِكِّينٍ أَو سِنان، وأَصل الأَسَل نَبَاتٌ لَهُ أَغصان دِقاق كَثِيرَةٌ لَا وَرَق لَهَا. وأَسَّلْتُ الْحَدِيدَ إِذا رَقَّقْتَه؛ وَقَالَ مُزاحِم العُقَيلي:

تَبارى سَدِيساها، إِذا مَا تَلَمَّجَتْ

شَباً مِثْلَ إِبزِيمِ السِّلاحِ المُؤَسَّل

وَقَالَ

عُمَرُ: وإِياكم وحَذْف الأَرنب «2» بِالْعَصَا وليُذَكِّ لَكُمُ الأَسَل الرِّماح والنَّبْل

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَمْ يُرد بالأَسَل الرِّمَاحَ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ السِّلَاحِ الَّذِي حُدِّد ورُقِّق، وَقَوْلُهُ الرِّمَاحُ وَالنَّبْلُ يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ الأَسَل الرِّمَاحُ خَاصَّةً لأَنه قَدْ جَعَلَ النَّبْلَ مَعَ الرِّمَاحِ أَسَلًا، والأَصل فِي الأَسَل الرِّمَاحُ الطِّوال وَحْدَهَا، وَقَدْ جَعَلَهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ كِنَايَةً عَنِ الرِّمَاحِ وَالنَّبْلِ مَعًا، قَالَ: وَقِيلَ النَّبْلُ مَعْطُوفٌ عَلَى الأَسَل لَا عَلَى الرِّمَاحِ، وَالرِّمَاحُ بَيَانٌ للأَسَل وَبَدَلٌ؛ وَجَمَعَ الْفَرَزْدَقُ الأَسَل الرماحَ أَسَلاتٍ فَقَالَ:

قَدْ مَاتَ فِي أَسَلاتِنا، أَو عَضَّه

عَضْبٌ برَوْنَقِه المُلوكُ تُقَتَّلُ

أَي فِي رِمَاحِنَا. والأَسَلة: طَرَف السِّنان، وَقِيلَ للقَنا أَسَل لِما رُكِّب فِيهَا مِنْ أَطراف الأَسِنَّة. وأُذُن مُؤَسَّلَة: دَقِيقَةٌ مُحَدَّدة مُنْتَصبة. وَكُلُّ شَيْءٍ لَا عِوَجَ فِيهِ أَسَلَة. وأَسَلَة النَّعْلِ: رأْسُها المسْتدِقّ. والأَسِيلُ: الأَمْلس الْمُسْتَوِي، وَقَدْ أَسُلَ أَسَالَة. وأَسُلَ خَدُّه أَسَالَةً: امَّلَسَ وَطَالَ. وخدٌّ أَسِيل: وَهُوَ السَّهْلُ الليِّن، وَقَدْ أَسُلَ أَسَالَةً. أَبو زَيْدٍ: مِنَ الْخُدُودِ الأَسِيلُ وَهُوَ السَّهْلُ اللِّينُ الدَّقِيقُ الْمُسْتَوِي وَالْمَسْنُونُ اللَّطِيفُ الدَّقِيقُ الأَنف. وَرَجُلٌ أَسِيل الخَدِّ

(2). قوله [وإياكم وحذف الأرنب] عبارة الأشموني في شرح الألفية: وشذ، التحذير بغير ضمير المخاطب نحو إياي فِي قَوْلُ

عُمَرَ، رضي الله عنه: لتذك لكم الأَسَل والرماح والسهام وإياي وَأَنْ يَحْذِفَ أَحَدُكُمُ الْأَرْنَبَ

ص: 15

إِذا كَانَ ليِّن الْخَدِّ طويلَه. وَكُلُّ مسترسِلٍ أَسِيلٌ، وَقَدْ أَسُلَ، بِالضَّمِّ، أَسَالَةً. وَفِي

صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم: كَانَ أَسِيل الْخَدِّ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَسَالَة فِي الْخَدِّ الِاسْتِطَالَةُ وأَن لَا يَكُونَ مُرْتَفِعَ الوَجْنة. وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الإِنسان: بَسْلًا وأَسْلًا كَقَوْلِهِمْ تَعْساً ونُكْساً. وتَأَسَّل أَباه: نزَع إِليه فِي الشَّبَه كتأَسَّنَه. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ عَلَى آسَالٍ مِنْ أَبيه مِثْلُ آسانٍ أَي عَلَى شَبَه مِنْ أَبيه وَعَلَامَاتٍ وأَخلاق؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَمْ أَسمع بِوَاحِدِ الآسَال. ومَأْسَل، بِالْفَتْحِ: اسْمُ رَمَلَةٍ. ومَأْسَل: اسْمُ جَبَلٍ. وَدَارَةُ مَأْسَل: مَوْضِعٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقِيلَ: مَأْسَل اسْمُ جَبَلٍ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ.

اسمعل: إِسْمَعِيل وإِسْمَعِين: اسمان.

أشل: اللَّيْثُ: الأَشْلُ مِنَ الذَّرْع بِلغة أَهل الْبَصْرَةِ، يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا حَبْلًا، وكذا وَكَذَا أَشْلًا لِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُمْ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَا أَراه عَرَبِيًّا. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: الأُشُول هِيَ الحِبال، وَهِيَ لُغَةٌ مِنْ لُغَاتِ النَّبَط، قَالَ: وَلَوْلَا أَنني نبَطيٌّ مَا عَرَفْتُهُ.

أصل: الأَصْلُ: أَسفل كُلِّ شَيْءٍ وَجَمْعُهُ أُصُول لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذلك، وَهُوَ اليأْصُول. يُقَالُ: أَصْلٌ مُؤَصَّل؛ وَاسْتَعْمَلَ ابْنُ جِنِّي الأَصْلِيَّة مَوْضِعَ التَأَصُّل فَقَالَ: الأَلف وإِن كَانَتْ فِي أَكثر أَحوالها بدلًا أَو زائدة فإِنها إِذا كَانَتْ بَدَلًا مِنْ أَصل جَرَتْ فِي الأَصلية مَجْرَاهُ، وَهَذَا لَمْ تَنْطِقْ بِهِ الْعَرَبُ إِنما هُوَ شَيْءٌ اسْتَعْمَلَتْهُ الأَوائل فِي بَعْضِ كَلَامِهَا. وأَصُلَ الشيءُ: صَارَ ذَا أَصل؛ قَالَ أُمية الْهُذَلِيُّ:

وَمَا الشُّغْلُ إِلا أَنَّني مُتَهَيِّبٌ

لعِرْضِكَ، مَا لَمْ تجْعَلِ الشيءَ يَأْصُلُ

وَكَذَلِكَ تَأَصَّلَ. وَيُقَالُ: اسْتَأْصَلَتْ هَذِهِ الشجرةُ أَي ثَبَتَ أَصلها. واسْتَأْصَلَ اللَّه بَنِي فُلَانٍ إِذا لَمْ يَدَعْ لَهُمْ أَصْلًا. واسْتَأْصَلَهُ أَي قَلَعه مِنْ أَصله. وَفِي حَدِيثِ الأُضحية:

أَنه نَهَى عَنِ المُسْتَأْصَلَة

؛ هِيَ الَّتِي أُخِذ قَرْنُها مِنْ أَصله، وَقِيلَ هُوَ مِنَ الأَصِيلَة بِمَعْنَى الْهَلَاكِ. واسْتَأْصَلَ القومَ: قَطَعَ أَصلَهم. واسْتَأْصَلَ اللَّهُ شَأْفَتَه: وَهِيَ قَرْحة تَخْرُجُ بالقَدَم فتُكْوى فَتَذْهَبُ، فدَعا اللَّه أَن يَذْهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ «1». وقَطْعٌ أَصِيل: مُسْتَأْصِل. وأَصَل الشيءَ: قَتَله عِلْماً فعَرَف أَصلَه. وَيُقَالُ: إِنَّ النخلَ بأَرضِنا لأَصِيلٌ أَي هُوَ بِهِ لَا يَزَالُ وَلَا يَفْنى. وَرَجُلٌ أَصِيل: لَهُ أَصْل. ورَأْيٌ أَصِيل: لَهُ أَصل. وَرَجُلٌ أَصِيل: ثَابِتُ الرأْي عَاقِلٌ. وَقَدْ أَصُلَ أَصَالَة، مِثْلُ ضَخُم ضَخامة، وَفُلَانٌ أَصِيلُ الرأْي وَقَدْ أَصُلَ رأْيُه أَصَالَةً، وإِنه لأَصِيل الرأْي وَالْعَقْلِ. وَمَجْدٌ أَصِيل أَي ذُو أَصالة. ابْنُ الكسيت: جاؤوا بأَصِيلتهم أَي بأَجمعهم. والأَصِيلُ: العَشِيُّ، وَالْجَمْعُ أُصُل وأُصْلان مِثْلُ بَعِيرٌ وبُعران وآصَال وأَصَائِل كأَنه جَمْعُ أَصِيلَة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:

لعَمْري لأَنتَ البَيْتُ أُكْرِمُ أَهْلَه،

وأَقْعُدُ فِي أَفيائه بالأَصَائِل

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: آصَالٌ جَمْعُ أُصُل، فَهُوَ عَلَى هَذَا جَمْعُ الْجَمْعِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أُصُل وَاحِدًا كطُنُب؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

فتَمَذَّرَتْ نَفْسِي لِذَاكَ، وَلَمْ أَزَلْ

بَدِلًا نَهارِيَ كُلَّه حَتى الأُصُلْ

(1). قوله [أَن يَذْهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ] كذا بالأصل، وعبارته في ش اف: فيقال في الدعاء: أَذْهَبَهُمُ اللَّهُ كَمَا أَذْهَبَ ذلك الداء بِالْكَيّ

ص: 16

فَقَوْلُهُ بَدِلًا نَهَارِيَ كُلَّهَ يَدُلُّ عَلَى أَن الأُصُل هاهنا وَاحِدٌ، وَتَصْغِيرُهُ أُصَيْلان وأُصَيْلال عَلَى الْبَدَلِ أَبدلوا مِنَ النُّونِ لَامًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:

وَقَفْتُ فِيهَا أُصَيْلالًا أُسائِلُها،

عَيَّتْ جَواباً، وَمَا بالرَّبْع مِنْ أَحَد

قَالَ السِّيرَافِيُّ: إِن كَانَ أُصَيْلان تَصْغِيرَ أُصْلان وأُصْلان جَمْعُ أَصِيل فَتَصْغِيرُهُ نَادِرٌ، لأَنه إِنما يُصَغَّرُ مِنَ الْجَمْعِ مَا كَانَ عَلَى بِنَاءِ أَدنى الْعَدَدِ، وأَبنية أَدنى الْعَدَدِ أَربعة: أَفعال وأَفعُل وأَفعِلة وفِعْلة، وَلَيْسَتْ أُصْلان وَاحِدَةً مِنْهَا فَوَجَبَ أَن يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالشُّذُوذِ، وإِن كَانَ أُصْلان وَاحِدًا كرُمَّان وقُرْبان فَتَصْغِيرُهُ عَلَى بَابِهِ؛ وأَما قَوْلُ دَهْبَل:

إِنِّي الَّذِي أَعْمَل أَخْفافَ المَطِي،

حَتَّى أَناخَ عِنْدَ بابِ الحِمْيَرِي،

فَأُعْطِي الحِلْقَ أُصَيْلالَ العَشِي

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنه مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ، إِذ الأَصِيل والعَشِيُّ سَوَاءٌ لَا فَائِدَةَ فِي أَحدهما إِلا مَا فِي الْآخَرِ. وآصَلْنا: دَخَلْنا فِي الأَصِيل. وَلَقِيتُهُ أُصَيْلالًا وأُصَيلاناً إِذا لقِيتَه بالعَشِيِّ، ولَقيتُه مُؤْصِلًا. والأَصِيلُ: الْهَلَاكُ؛ قَالَ أَوس:

خَافُوا الأَصِيلَ وَقَدْ أَعْيَتْ ملوكُهُمُ،

وحُمِّلوا مِنْ أَذَى غُرْمٍ بأَثقال

وأَتَيْنا مُؤْصِلِين «1» وَقَوْلُهُمْ لَا أَصْل لَهُ وَلَا فَصْل؛ الأَصْل: الحَسَب، والفَصْل اللِّسَانُ. والأَصِيلُ: الْوَقْتُ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلى الْمَغْرِبِ. والأَصَلَة: حَيَّة قَصِيرَةٌ كالرِّئَة حَمْرَاءُ لَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ الْحُمْرَةِ لَهَا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ تَقُومُ عَلَيْهَا وتُساور الإِنسان وَتَنْفُخُ فَلَا تُصِيبُ شَيْئًا بِنَفْخَتِهَا إِلا أَهلكته، وَقِيلَ: هِيَ مِثْلُ الرَّحَى مُسْتَدِيرَةٌ حمراءُ لَا تَمَس شَجَرَةً وَلَا عُودًا إِلا سَمَّته، لَيْسَتْ بِالشَّدِيدَةِ الْحُمْرَةِ لَهَا قَائِمَةٌ تَخُطُّ بِهَا فِي الأَرض وتَطْحَن طَحْنَ الرَّحَى، وَقِيلَ: الأَصَلَة حَيَّةٌ صَغِيرَةٌ تَكُونُ فِي الرِّمَالِ لَوْنُهَا كَلَوْنِ الرِّئَة وَلَهَا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ تَقِفُ عَلَيْهَا تَثِب إِلى الإِنسان وَلَا تُصِيبُ شَيْئًا إِلا هَلَكَ، وَقِيلَ: الأَصَلَة الْحَيَّةُ الْعَظِيمَةُ، وَجَمْعُهَا أَصَل؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الأَصَلَة، بِالتَّحْرِيكِ، جِنْسٌ مِنَ الْحَيَّاتِ وَهُوَ أَخبثها. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ:

أَعور جَعْدٌ كأَن رأْسه أَصَلَة

، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالصَّادِ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: الأَصَلَة الأَفْعَى، وَقِيلَ: حَيَّةٌ ضَخْمة عَظِيمَةٌ قَصِيرَةُ الْجِسْمِ تَثِب عَلَى الْفَارِسِ فَتَقْتُلُهُ فَشَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، رأْس الدَّجَّالِ بِهَا لِعِظَمِه وَاسْتِدَارَتِهِ، وَفِي الأَصَلة مَعَ عِظَمِهَا اسْتِدَارَةٌ؛ وأَنشد:

يَا ربِّ إِنْ كَانَ يَزيدُ قَدْ أَكَل

لَحْمَ الصَّديق عَلَلًا بَعْدَ نَهَل

ودَبَّ بالشَّرِّ دَبِيبًا ونَشَل،

فاقْدُر لَهُ أَصَلةً مِنَ الأَصَل

«2» . كَبْساءَ، كالقُرْصة أَو خُفِّ الجَمَل،

لَهَا سَحِيفٌ وفَحِيحٌ وزَجَل

السَّحِيفُ: صَوْتُ جِلْدِهَا، والفَحِيح مِنْ فَمِهَا، وَالْكَبْسَاءُ: العظيمة الرأْس؛ رجل أَكبس وكُبَاس، وَالْعَرَبُ تُشَبِّهُ الرأْس الصَّغِيرَ الْكَثِيرَ الْحَرَكَةِ برأْس الْحَيَّةِ؛ قَالَ طَرَفة:

خَشَاشٌ كرأْسِ الحَيّة المُتَوَقِّدِ».

(1). قوله [وأتينا مؤصلين] كذا بالأصل

(2)

. قوله [ونشل] كذا بالأصل بالشين المعجمة، ولعله بالمهملة من النسلان المناسب للدبيب

(3)

. قوله [خشاش إلخ] هو عجز بيت صدره كما في الصحاح:

أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تعرفونه

والخشاش: هو الماضي من الرجال

ص: 17

وأَخذ الشَّيْءَ بأَصَلَته وأَصِيلَته أَي بِجَمِيعِهِ لَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا؛ الأَول عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَصِلَ الماءُ يَأْصَلُ أَصَلًا كأَسِن إِذا تَغَيَّرَ طَعْمُهُ وَرِيحُهُ مِنْ حَمْأَة فِيهِ. وَيُقَالُ: إِني لأَجِد مِنْ مَاءِ حُبِّكم طَعْمَ أَصَلٍ. وأَصِيلَة الرَّجُلِ: جَمِيعُ مَالِهِ. وَيُقَالُ: أَصِلَ فُلَانٌ يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا كَقَوْلِكَ طَفِق وعَلِق.

اصطبل: الرُّباعي: الإِصْطَبْلُ مَوْقِف الدَّابَّةِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَوْقِف الفَرَس، شاميّة؛ قال سِيبَوَيْهِ: الإِسْفَنْطُ والإِصْطَبْلُ خُماسيَّان جَعَلَ الأَلف فِيهِمَا أَصلية كَمَا جَعَلَ يَسْتَعُور خُمَاسِيًّا، جُعِلَتِ الْيَاءُ أَصلية. الْجَوْهَرِيُّ: الإِصْطَبْل لِلدَّوَابِّ وأَلفه أَصلية لأَن الزِّيَادَةَ لَا تَلْحَقُ بَنَاتِ الأَربعة مِنْ أَوائلها إِلا الأَسماء الْجَارِيَةَ عَلَى أَفعالها وَهِيَ مِنَ الْخَمْسَةِ أَبعد، قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الإِصْطَبْل لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ.

اصطفل: التَّهْذِيبُ: الإِصْطَفْلِين: الجَزَرُ الَّذِي يُؤْكَلُ، لُغَةٌ شَامِيَّةٌ، الواحدة إِصْطَفْلِينَة، قال: وَهِيَ المَشَا أَيضاً، مَقْصُورٌ، وقيل: الإِصْطَفْلِينَة كالجَزَرة. وَفِي حَدِيثِ

الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمَرة: إِن الْوَالِيَ ليَنْحِت أَقارِبُه أَمانَتَه كَمَا تَنْحِت القَدُومُ الإِصْطَفْلِينَة حَتَّى يَخْلُصَ إِلى قَلْبها.

وَفِي كِتَابِ مُعَاوِيَةَ إِلى مَلِكِ الرُّومِ: ولأَنْزِعَنَّك مِنَ المُلك نَزْعَ الإِصْطَفْلِينَة أَي الجَزَرة، لُغَةٌ شَامِيَّةٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَوردها بَعْضُهُمْ فِي حَرْفِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنها أَصلية، وَبَعْضُهُمْ فِي الصَّادِ عَلَى أَن الْهَمْزَةَ زَائِدَةٌ؛ قَالَ شَمِرٌ: الإِصْطَفْلِينَة كالجَزَرة لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ مَحْضة لأَن الصَّادَ وَالطَّاءَ لَا يكاد يَجْتَمِعَانِ فِي مَحْض كَلَامِهِمْ، قال: وإِنما جَاءَ فِي الصِّراط والإِصطَبْل والأُصطُمَّة أَن أَصلها كلها السين.

أطل: الإِطِلُ والإِطْلُ مِثْلُ إِبِل وإِبْل، والأَيْطَل: مُنْقَطَع الأَضلاع مِنَ الحَجَبة، وَقِيلَ القُرُبُ، وَقِيلَ الخاصرةُ كُلُّهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الإِطِل قَوْلَ الشَّاعِرِ:

لَمْ تُؤْزَ خَيْلُهُمُ بالثَّغْر رَاصِدَةً

ثُجْلَ الخَواصِرِ، لَمْ يَلْحَقْ لَهَا إِطِلُ

وَجَمْعُ الإِطِلِ آطَال، وَجَمْعُ الأَيْطَل أَياطِل، وأَيْطَلٌ فَيْعَلٌ والأَلف أَصلية؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الأَيْطَل قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

لَهُ أَيْطَلا ظَبْيٍ وسَاقا نَعامةٍ

أفل: أَفَلَ أَي غَابَ. وأَفَلَت الشمسُ تَأْفِل وتَأْفُلُ أَفْلًا وأُفولًا: غَرَبت، وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا غَابَتْ فَهِيَ آفِلَة وآفِل، وَكَذَلِكَ الْقَمَرُ يأْفِلُ إِذا غَابَ، وَكَذَلِكَ سائر الكواكب. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ

. والإِفَال والأَفَائِل: صِغار الإِبل بَنَاتُ المخَاض ونحوُها. ابْنُ سِيدَهْ: والأَفِيل ابْنُ المخَاض فَمَا فَوْقَهُ، والأَفِيل الفَصِيل؛ وَالْجَمْعُ إِفَال لأَن حَقِيقَتَهُ الْوَصْفُ، هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ أَفِيل وأَفَائِل، شَبَّهُوهُ بذَنُوب وذَنائب، يَعْنِي أَنه لَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلا الْيَاءُ وَالْوَاوُ، وَاخْتِلَافُ مَا قَبْلَهُمَا بِهِمَا، وَالْيَاءُ وَالْوَاوُ أُخْتانِ، وَكَذَلِكَ الْكَسْرَةُ وَالضَّمَّةُ. أَبو عُبَيْدٍ: وَاحِدُ الإَفالِ بَنَاتُ المخَاض أَفِيلٌ والأُنثى أَفِيلَة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:

فأَصْبَحَ يُجْري فيهمُ مِنْ تِلادكم

مَغانم شَتَّى، مِنْ إِفَالٍ مُزَنَّمِ

وَيُرْوَى: يُجْدي. النَّوَادِرَ: أَفِلَ الرجلُ إِذا نَشِط، فَهُوَ أَفِلٌ عَلَى فَعِلٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ:

أَبُو شَتِيمَين مِنْ حَصَّاءَ قَدْ أَفِلَت،

كأَنَّ أَطْباءَها فِي رُفْغها رُقَعُ

ص: 18

وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِيمَا رُوِيَ بِخَطِّهِ فِي قَوْلِهِ: قَدْ أَفِلَتْ: ذَهَبَ لَبَنُها، قَالَ: والرُّفْغ مَا بَيْنَ السُّرَّة إِلى الْعَانَةِ، والحَصَّاء الَّتِي انْحَصَّ وَبَرُها، وَقِيلَ: الرُّفْغ أَصل الفَخِذ والإِبْط. ابْنُ سِيدَهْ: أَفَلَ الحَمْلُ فِي الرَّحِم اسْتَقَرَّ. وسَبُعَةٌ آفِل وآفِلَة: حَامِلٌ. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا اسْتَقَرَّ اللَّقاح فِي قَرار الرَّحِم قِيلَ قَدْ أَفَلَ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْحَامِلِ آفِل. والمَأْفُول إِبدال المَأْفون: وهو الناقص العقل.

أفكل: النِّهَايَةَ: فِي الْحَدِيثِ

فَبَات وَلَهُ أَفْكَلٌ

؛ الأَفْكَلُ، بِالْفَتْحِ: الرِّعْدة مِنْ بَرْد أَو خَوْفٍ، قَالَ: وَلَا يُبْنى مِنْهُ فِعْل وَهَمْزَتُهُ زَائِدَةٌ وَوَزْنُهُ أَفْعَل، وَلِهَذَا إِذا سَمَّيْتَ بِهِ لَمْ تَصْرِفْهُ لِلتَّعْرِيفِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: فأَخَذَني أَفْكَلٌ فَارْتَعَدْتُ مِنْ شدة الغَيْرة.

أكل: أَكَلْت الطَّعَامَ أَكْلًا ومَأْكَلا. ابْنُ سِيدَهْ: أَكَلَ الطَّعَامَ يأْكُلُه أَكْلًا فَهُوَ آكِل والجمع أَكَلَة، وقالوا فِي الأَمر كُلْ، وأَصله أُؤْكُلْ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ هَمْزَتَانِ وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْكَلِمَةِ حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ الأَصلية فَزَالَ السَّاكِنُ فَاسْتُغْنِيَ عَنِ الْهَمْزَةِ الزَّائِدَةِ، قَالَ: وَلَا يُعْتَدّ بِهَذَا الْحَذْفِ لقِلَّته ولأَنه إِنما حُذِفَ تَخْفِيفًا، لأَن الأَفعال لَا تُحْذَفُ إِنما تُحْذَفُ الأَسماء نَحْوُ يَدٍ ودَمٍ وأَخٍ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ، وَلَيْسَ الْفِعْلُ كَذَلِكَ، وَقَدْ أُخْرِجَ عَلَى الأَصل فَقِيلَ أُوكُل، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي خُذْ ومُر. والإِكْلَة: هَيْئَةُ الأَكْل. والإِكْلَة: الْحَالُ الَّتِي يأْكُل عَلَيْهَا مُتَّكِئًا أَو قَاعِدًا مِثْلُ الجِلْسة والرِّكْبة. يُقَالُ: إِنه لحَسَن الإِكْلَة. والأَكْلَة: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ حَتَّى يَشْبَع. والأُكْلَة: اسْمٌ للُّقْمة. وقال اللِّحْيَانِيُّ: الأَكْلَة والأُكْلَة كاللَّقْمة واللُّقْمة يُعْنَى بِهِمَا جَمِيعًا المأْكولُ؛ قَالَ:

مِنَ الآكِلِين الماءَ ظُلْماً، فَمَا أَرَى

يَنالون خَيْراً، بعدَ أَكْلِهِمِ المَاءَ

فإِنما يُرِيدُ قَوْمًا كَانُوا يَبِيعُونَ الماءَ فَيَشْتَرُونَ بِثَمَنِهِ مَا يأْكلونه، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ المأْكول عَنْ ذِكْرِ المأْكول. وَتَقُولُ: أَكَلْت أُكْلَة وَاحِدَةً أَي لُقْمة، وَهِيَ القُرْصة أَيضاً. وأَكَلْت أَكْلَة إِذا أَكَل حَتَّى يَشْبَع. وَهَذَا الشَّيْءُ أُكْلَة لَكَ أَي طُعْمة لَكَ. وَفِي حَدِيثِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ:

مَا زَالَتْ أُكْلَة خَيْبَرَ تُعَادُّني

؛ الأُكْلَة، بِالضَّمِّ: اللُّقمة الَّتِي أَكَل مِنَ الشَّاةِ، وَبَعْضُ الرُّواة بفتح الأَلف وَهُوَ خَطَأٌ لأَنه مَا أَكَل إِلّا لُقْمة وَاحِدَةً. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

فَلْيَجْعَلْ فِي يَدِهِ أُكْلَة أَو أُكْلَتَيْنِ

أَي لُقْمة أَو لُقْمتين. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَخْرَجَ لَنَا ثلاثَ أُكَل

؛ هِيَ جَمْعُ أُكْلَة مِثْلُ غُرْفة وغُرَف، وَهِيَ القُرَص مِنَ الخُبْز. وَرَجُلٌ أُكَلَةٌ وأَكُولٌ وأَكِيلٌ: كَثِيرُ الأَكْلِ. وآكَلَه الشيءَ: أَطعمه إِياه، كِلَاهُمَا عَلَى الْمَثَلِ «4» وآكَلَنِي مَا لَمْ آكُلْ وأَكَّلَنِيه، كِلَاهُمَا: ادَّعَاهُ عليَّ. وَيُقَالُ: أَكَّلْتَنِي مَا لَمْ آكُلْ، بِالتَّشْدِيدِ، وآكَلْتَنِي مَا لَمْ آكُلْ أَيضاً إِذا ادَّعيتَه عليَّ. وَيُقَالُ: أَليس قَبِيحًا أَن تُؤَكِّلَنِي مَا لَمْ آكُلْ؟ وَيُقَالُ: قَدْ أَكَّلَ فُلَانٌ غَنَمِي وشَرَّبَها. وَيُقَالُ: ظَلَّ مَالِي يُؤَكَّلُ ويُشَرَّب. وَالرَّجُلُ يَسْتأْكِل قَوْمًا أَي يأْكل أَموالَهم مِنَ الإِسْنات. وَفُلَانٌ يَسْتَأْكِل الضُّعفاء أَي يأْخذ أَموالهم؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَوْلُ أَبي طَالِبٍ:

(4). قوله [وآكَلَهُ الشيءَ أَطْعَمَهُ إِيَّاهُ كلاهما إلخ] هكذا في الأصل، ولعل فيه سقطاً نظير ما بعده بدليل قوله كلاهما إلخ

ص: 19

وَمَا تَرْكُ قَوْمٍ، لَا أَبا لَك، سَيِّداً

مَحُوطَ الذِّمَارِ غَيْرَ ذِرْبٍ مؤَاكِل

أَي يَسْتأْكل أَموالَ النَّاسِ. واسْتَأْكَلَه الشيءَ: طَلَب إِليه أَن يَجْعَلَهُ لَهُ أُكْلة. وأَكَلَتِ النارُ الحَطَبَ، وآكَلْتُها أَي أَطْعَمْتُها، وَكَذَلِكَ كُلُّ شيءٍ أَطْعَمْتَه شَيْئًا. والأُكْل: الطُّعْمة؛ يُقَالُ: جَعَلْتُه لَهُ أُكْلًا أَي طُعْمة. وَيُقَالُ: مَا هُمْ إِلَّا أَكَلَة رَأْسٍ أَي قليلٌ، قَدْرُ مَا يُشْبِعهم رأْسٌ وَاحِدٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وَقَوْلُهُمْ هُمْ أَكَلَة رأْس أَي هُمْ قَلِيلٌ يُشْبِعُهُمْ رأْس وَاحِدٌ، وَهُوَ جَمْعُ آكِل. وآكَلَ الرجلَ ووَاكَلَهُ: أَكل مَعَهُ، الأَخيرة عَلَى الْبَدَلِ وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وَهُوَ أَكِيل مِنَ المُؤَاكَلَة، وَالْهَمْزُ فِي آكَلَه أَكثر وأَجود. وَفُلَانٌ أَكِيلِي: وَهُوَ الَّذِي يأْكل مَعَكَ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَكِيل الَّذِي يُؤَاكِلُكَ. والإِيكَال بَيْنَ النَّاسِ: السَّعْيُ بَيْنَهُمْ بالنَّمائم. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ أَكَلَ بأَخيه أُكْلَة

؛ مَعْنَاهُ الرَّجُلُ يَكُونُ صَدِيقاً لِرَجُلٍ ثُمَّ يَذْهَبُ إِلى عَدُوِّهِ فَيَتَكَلَّمُ فِيهِ بِغَيْرِ الْجَمِيلِ ليُجيزه عَلَيْهِ بِجَائِزَةٍ فَلَا يُبَارِكُ اللَّهُ لَهُ فِيهَا؛ هِيَ بِالضَّمِّ اللُّقْمَةُ، وَبِالْفَتْحِ المرَّة مِنَ الأَكل. وآكَلْتُه إِيكَالًا: أَطْعَمْته. وآكَلْتُه مُؤَاكَلَةً: أَكَلْت مَعَهُ فَصَارَ أَفْعَلْت وفَاعَلْت عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا تَقُلْ وَاكَلْتُهُ، بِالْوَاوِ. والأَكِيل أَيضاً: الْآكِلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَعَمْرُك إِنَّ قُرْصَ أَبي خُبَيْبٍ

بَطِيءُ النَّضْج، مَحْشُومُ الأَكِيل

وأَكِيلُكَ: الَّذِي يُؤَاكِلك، والأُنثى أَكِيلَة. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ فُلَانَةٌ أَكِيلِي لِلْمَرْأَةِ الَّتِي تُؤَاكلك. وَفِي حَدِيثِ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ:

فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَن يَكُونَ أَكِيلَه وشَرِيبَه

؛ الأَكِيل والشَّرِيب: الَّذِي يُصَاحِبُكَ فِي الأَكل وَالشُّرْبِ، فعِيل بِمَعْنَى مُفاعل. والأُكْل: مَا أُكِل. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ تَصِفُ عمر، رضي الله عنها: وبَعَج الأَرضَ فَقاءَت أُكْلَها

؛ الأَكْل، بِالضَّمِّ وَسُكُونِ الْكَافِ: اسْمُ المأْكول، وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ؛ تُرِيدُ أَن الأَرض حَفِظَت البَذْر وشَرِبت ماءَ الْمَطَرِ ثُمَّ قَاءَتْ حِينَ أَنْبتت فكَنَت عَنِ النَّبَاتِ بالقَيء، وَالْمُرَادُ مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْبِلَادِ بِمَا أَغْزَى إِليها مِنَ الْجُيُوشِ. وَيُقَالُ: مَا ذُقْت أَكَالًا، بِالْفَتْحِ، أَي طَعَامًا. والأَكَال: مَا يُؤْكَل. وَمَا ذَاقَ أَكَالًا أَي مَا يُؤْكَل. والمُؤْكِل: المُطْعِم. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبا ومُؤْكِلَه

، يُرِيدُ بِهِ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

نَهَى عَنِ المُؤَاكَلَة

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ دَيْنٌ فيُهْدِي إِليه شَيْئًا ليؤَخِّره ويُمْسك عَنِ اقْتِضَائِهِ، سُمِّيَ مُؤَاكَلَةً لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤْكِل صاحبَه أَي يُطْعِمه. والمَأْكَلَة والمَأْكُلَة: مَا أُكِل، وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: شَاةٌ مَأْكَلَة ومَأْكُلَة. والمَأْكُلَة: مَا جُعل للإِنسان لَا يحاسَب عَلَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: المَأْكَلَة والمَأْكُلَة الْمَوْضِعُ الَّذِي مِنْهُ تَأْكُل، يُقَالُ: اتَّخَذت فُلَانًا مَأْكَلَة ومَأْكُلَة. والأَكُولَة: الشَّاةُ الَّتِي تُعْزَل للأَكل وتُسَمَّن وَيُكْرَهُ للمصدِّق أَخْذُها. التَّهْذِيبُ: أَكُولَة الرَّاعِي الَّتِي يُكْرَهُ للمُصَدِّق أَن يأْخذها هِيَ الَّتِي يُسَمِّنها الرَّاعِي، والأَكِيلَة هِيَ المأْكولة. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ أَكَلْتُه الْعَقْرَبُ، وأَكَل فُلَانٌ عُمْرَه إِذا أَفناه، وَالنَّارُ تَأْكُلُ الْحَطَبَ. وأَما حَدِيثُ

عُمَرَ، رضي الله عنه: دَعِ الرُّبَّى والماخِض والأَكُولَة

، فإِنه أَمر المُصَدِّق بأَن يَعُدَّ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ هَذِهِ الثَّلَاثَ وَلَا يأْخذها فِي

ص: 20

الصَّدَقَةِ لأَنها خِيار الْمَالِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: والأَكُولَة التي تُسَمَّن للأَكل، وقال شَمِرٌ: قَالَ غَيْرُهُ أَكُولَة غَنَمِ الرَّجُلِ الخَصِيُّ والهَرِمة والعاقِر، وقال ابْنُ شُمَيْلٍ: أَكُولَة الحَيِّ الَّتِي يَجْلُبون يأْكلون ثَمَنَهَا «1» التَّيْس والجَزْرة والكَبْش الْعَظِيمُ الَّتِي لَيْسَتْ بقُنْوة، والهَرِمة وَالشَّارِفُ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ جَوارح الْمَالِ، قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ أَكِيلةً فِيمَا زَعَمَ يُونُسُ فَيُقَالُ: هَلْ غَنَمُكُ أَكُولة؟ فَتَقُولُ: لَا، إِلَّا شاة واحدة. يقال: هَذِهِ مِنَ الأَكولة وَلَا يقال للواحدة هذه أَكُولة. وَيُقَالُ: مَا عِنْدَهُ مِائَةُ أَكَائِل وَعِنْدَهُ مِائَةٌ أَكُولَة. وقال الْفَرَّاءُ: هِيَ أَكُولَة الرَّاعِي وأَكِيلَة السَّبُعِ الَّتِي يأْكل مِنْهَا وتُسْتَنْقذ مِنْهُ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: هِيَ أَكِيلَة الذِّئب وَهِيَ فَريسته، قَالَ: والأَكُولَة مِنَ الْغَنَمِ خَاصَّةً وَهِيَ الْوَاحِدَةُ إِلى مَا بَلَغَتْ، وَهِيَ القَواصي، وَهِيَ الْعَاقِرُ والهَرِمُ والخَصِيُّ مِنَ الذِّكارة، صِغَاراً أَو كِبَارًا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الَّذِي يُرْوَى فِي الْحَدِيثِ

دَعِ الرُّبَّى والماخِض والأَكِيلَة

، وإِنما الأَكِيلَة المأْكولة. يُقَالُ: هَذِهِ أَكِيلَة الأَسد وَالذِّئْبِ، فأَما هَذِهِ فإِنها الأَكُولة. والأَكِيلَة: هِيَ الرأْس الَّتِي تُنْصب للأَسد أَو الذِّئْبِ أَو الضَّبُعِ يُصاد بِهَا، وأَما الَّتِي يَفْرِسها السَّبُع فَهِيَ أَكِيلة، وإِنما دَخَلَتْهُ الْهَاءُ وإِن كَانَ بِمَعْنَى مُفَعْوِلَةٍ لِغَلَبَةِ الِاسْمِ عَلَيْهِ. وأَكِيلَة السَّبُعِ وأَكِيله: مَا أَكل مِنَ الْمَاشِيَةِ، وَنَظِيرُهُ فَرِيسة السَّبُعِ وفَرِيسه. والأَكِيل: المأْكول فَيُقَالُ لِمَا أُكِل مَأْكُول وأَكِيل. وآكَلْتُك فُلَانًا إِذا أَمكنته مِنْهُ؛ وَلَمَّا أَنشد المُمَزَّق قَوْلَهُ:

فإِنْ كنتُ مَأْكولًا، فكُنْ خيرَ آكِلٍ،

وإِلَّا فَأَدْرِكْني، ولَمَّا أُمَزَّقِ

فقال النُّعْمَانُ: لَا آكُلُك وَلَا أُوكِلُك غَيْرِي. وَيُقَالُ: ظَلَّ مَالِي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كَيْفَ شَاءَ. وَيُقَالُ أَيضاً: فُلَانٌ أَكَّلَ مَالِي وشَرَّبه أَي أَطعمه النَّاسَ. نَوَادِرَ الأَعراب: الأَكَاوِل نُشوزٌ مِنَ الأَرض أَشباه الْجِبَالِ. وأَكَلَ البَهْمة تَنَاوُلُ التُّرَابِ تُرِيدُ أَن تأْكل «2» ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والمَأْكَلَة والمَأْكُلَة: المِيرة، تَقُولُ الْعَرَبُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَغنانا بالرِّسل عَنِ المأْكلة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ الأُكْل، قَالَ: وَهِيَ المِيرة وإِنما يَمْتَارُونَ فِي الجَدْب. والآكَال: مَآكِلُ الْمُلُوكِ. وآكَال الْمُلُوكِ: مَأْكَلُهم وطُعْمُهم. والأُكُل: مَا يَجْعَلُهُ الْمُلُوكُ مأْكَلة. والأُكْل: الرِّعْي أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ

عَمْرِو بْنِ عَبْسة: ومَأْكُول حِمْير خَيْرٌ مِنْ آكُلِهَا

المأْكول: الرَّعِيَّة، وَالْآكِلُونَ الْمُلُوكُ جَعَلُوا أَموال الرَّعِيَّة لَهُمْ مأْكَلة، أَراد أَن عَوَامَّ أَهل اليَمن خَيْرٌ مِنْ مُلُوكِهِمْ، وَقِيلَ: أَراد بمأْكولهم مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فأَكلتهم الأَرض أَي هُمْ خَيْرٌ مِنَ الأَحياء الْآكِلِينَ، وَهُمُ الْبَاقُونَ. وآكَال الجُنْد: أَطماعُهم؛ قَالَ الأَعْشَى:

جُنْدُك التالدُ العتيق من السَّاداتِ،

أَهْل القِباب والآكَال

والأُكْل: الرِّزق. وإِنه لعَظيم الأُكْل فِي الدُّنْيَا أَي عَظِيمُ الرِّزْقِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَيِّتِ: انْقَطَعَ أُكْله، والأُكْل: الْحَظُّ مِنَ الدُّنْيَا كأَنه يُؤْكَل. أَبو سَعِيدٍ: وَرَجُلٌ مُؤْكَل أَي مَرْزُوقٌ؛ وأَنشد:

منْهَرِتِ الأَشْداقِ عَضْبٍ مُؤْكَل،

فِي الآهِلين واخْتِرامِ السُّبُل

وَفُلَانٌ ذُو أُكْل إِذا كَانَ ذَا حَظٍّ مِنَ الدُّنْيَا وَرِزْقٌ وَاسِعٌ. وآكَلْت بَيْنَ الْقَوْمِ أَي حَرَّشْت وأَفسدت.

(1). قوله: [الَّتِي يَجْلُبُونَ يَأْكُلُونَ ثَمَنَهَا،] هكذا في الأصل

(2)

. قوله: [وأَكَلَ الْبَهْمَةِ تَنَاوُلُ التُّرَابِ تريد أن تأكل،] هكذا في الأَصل

ص: 21

والأُكْل: الثَّمَر. وَيُقَالُ: أُكْل بستانِك دَائِمٌ، وأُكْله ثَمَرُهُ. وَفِي الصِّحَاحِ: والأُكْل ثَمَرُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ. وكُلُّ مَا يُؤْكل، فَهُوَ أُكْل. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أُكُلُها دائِمٌ

. وآكَلَتِ الشجرةُ: أَطْعَمَتْ، وآكَلَ النخلُ والزرعُ وكلُّ شَيْءٍ إِذا أَطْعَم. وأُكُل الشجرةِ: جَنَاها. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها

، وَفِيهِ: ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ

؛ أَي جَنًى خمطٍ. وَرَجُلٌ ذُو أُكْل أَي رَأْي وَعَقْلٍ وحَصَافَة. وَثَوْبٌ ذُو أُكْل: قَوِيٌّ صَفِيق كَثِير الغَزْل. وقال أَعرابي: أُريد ثَوْبًا لَهُ أُكْل أَي نَفْسٌ وَقُوَّةٌ؛ وَقِرْطَاسٌ ذُو أُكْل. وَيُقَالُ لِلْعَصَا الْمُحَدَّدَةِ: آكِلَةُ اللَّحْمِ تَشْبِيهًا بِالسِّكِّينِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: واللهِ ليَضْربَنَّ أَحدكُم أَخاه بِمِثْلِ آكِلَة اللَّحْمِ ثُمَّ يَرَى أَني لَا أُقِيدُه، وَاللَّهِ لأُقِيدَنَّهُ مِنْهُ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ الْعَجَّاجُ أَراد بآكِلَة اللَّحْمِ عَصًا محدّدة؛ قال: وقال الأُموي الأَصل فِي هَذَا أَنها السِّكِّينُ وإِنما شُبِّهَتِ العصا المحدّدة بها؛ وقال شَمِرٌ: قِيلَ فِي آكِلَة اللَّحْمِ إِنها السِّيَاط، شَبَّهها بِالنَّارِ لأَن آثَارَهَا كَآثَارِهَا. وَكَثُرَتِ الآكِلَة فِي بِلَادِ بَنِي فُلَانٍ أَي الرَّاعِيَةُ. والمِئْكَلَة مِنَ البِرَام: الصغيرةُ الَّتِي يَسْتَخِفُّها الحيُّ أَن يَطْبُخُوا اللَّحْمَ فِيهَا وَالْعَصِيدَةَ، وقال اللِّحْيَانِيُّ: كُلُّ مَا أُكِل فِيهِ فَهُوَ مِئْكَلَة؛ والمِئْكَلَة: ضَرْبٌ مِنَ الأَقداح وَهُوَ نحوٌ مِمَّا يُؤْكَلُ فِيهِ، والجمع المَآكِل؛ وفي الصِّحَاحِ: المِئْكَلَة الصِّحاف الَّتِي يستخفُّ الْحَيُّ أَن يَطْبُخُوا فِيهَا اللَّحْمَ وَالْعَصِيدَةَ. وأَكِل الشيءُ وأْتَكَلَ وتَأَكَّلَ: أَكل بعضُه بَعْضًا، وَالِاسْمُ الأُكَال والإِكَال؛ وَقَوْلُ الْجَعْدِيِّ:

سَأَلَتْني عَنْ أُناسٍ هَلَكوا،

شرِبَ الدَّهْرُ عَلَيْهِمْ وأَكَلَ

قَالَ أَبو عَمْرٍو: يقول مَرَّ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَثَل، وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَاهُ شَرِب الناسُ بَعْدَهم وأَكَلُوا. والأَكِلَة، مَقْصُورٌ: دَاءٌ يَقَعُ فِي الْعُضْوِ فيَأْتَكِل مِنْهُ. وتَأَكَّلَ الرجلُ وأْتَكَلَ: غضِب وَهَاجَ وَكَادَ بَعْضُهُ يأْكل بَعْضًا؛ قَالَ الأَعشى:

أَبْلِغْ يَزيدَ بَني شَيْبَان مَأْلُكَةً:

أَبا ثُبَيْتٍ، أَمَا تَنْفَكُّ تَأْتَكِل؟

وَقَالَ يَعْقُوبُ: إِنما هُوَ تَأْتَلِكُ فَقَلَبَ. التَّهْذِيبُ: وَالنَّارُ إِذا اشْتَدَّ الْتهابُها كأَنها يأْكل بَعْضُهَا بَعْضًا، يُقَالُ: ائْتَكَلت النَّارُ. وَالرَّجُلُ إِذا اشْتَدَّ غَضَبُهُ يَأْتَكِل؛ يُقَالُ: فُلَانٌ يَأْتَكِل مِنَ الْغَضَبِ أَي يَحْتَرِقُ ويَتَوَهَّج. وَيُقَالُ: أَكَلَتِ النارُ الحطبَ وآكَلْتُها أَنا أَي أَطعمتها إِياه. والتَّأَكُّل: شِدَّةُ بَرِيقِ الْكُحْلِ إِذا كسِر أَو الصَّبِرِ أَو الْفِضَّةِ والسيفِ والبَرْقِ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:

عَلَى مِثْل مِسْحاة اللُّجَينِ تَأَكُّلا «3»

وقال اللِّحْيَانِيُّ: ائتَكَلَ السَّيْفُ اضْطَرَبَ. وتَأَكَّلَ السَّيْفُ تَأَكُّلًا إِذا مَا تَوَهَّج مِنَ الحدَّة؛ وَقَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:

وأَبْيَضَ صُولِيًّا، كأَنَّ غِرَارَه

تَلأْلُؤُ بَرْقٍ فِي حَبِيٍّ تَأَكَّلا

وأَنشده الْجَوْهَرِيُّ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُ إِنشاده: وأَبيض هِنْدِيًّا، لأَن السُّيُوفَ تُنْسَبُ إِلى الْهِنْدِ وَتُنْسَبُ الدُّروع إِلى صُول؛ وقبل البيت:

(3). قوله [على مثل مسحاة إلخ] هو عجز بيت صدره كما في شرح القاموس:

إذا سل من غمد تأكل أثره

ص: 22

وأَمْلَسَ صُولِيًّا، كَنِهْيِ قَرَارةٍ،

أَحَسَّ بِقاعٍ نَفْخَ رِيحٍ فأَحْفَلا

وتَأَكَّلَ السَّيْفُ تَأَكُّلًا وتَأَكَّلَ البرقُ تَأَكُّلًا إِذا تلأْلأَ. وَفِي أَسنانه أَكَلٌ أَي أَنها مُتأَكِّلة. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: فِي الأَسنان القادحُ، وَهُوَ أَن تَتَأَكَّلَ الأَسنانُ. يُقَالُ: قُدِحَ فِي سِنِّه. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ أَكِلَتْ أَسنانه مِنَ الكِبَر إِذا احْتَكَّت فَذَهَبَتْ. وَفِي أَسنانه أَكَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ، أَي أَنها مؤْتكِلة، وَقَدِ ائْتَكَلَتْ أَسنانُه وتَأَكَّلَت. والإِكْلَةُ والأُكَال: الحِكَّة وَالْجَرَبُ أَيّاً كَانَتْ. وَقَدْ أَكَلَنِي رأْسي. وإِنه ليَجِدُ فِي جِسْمِهِ أَكِلَةً، مِنَ الأُكال، عَلَى فَعِلة، وإِكْلَةً وأُكَالًا أَي حَكَّةً. الأَصمعي وَالْكِسَائِيُّ: وَجَدُتُ فِي جَسَدِي أُكَالًا أَي حَكَّةً. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: جِلْدي يَأْكُلُنِي إِذا وَجَدَ حَكَّةً، وَلَا يُقَالُ جِلْدي يَحُكُّني. والآكَال: سادَةُ الأَحياء الَّذِينَ يأْخذون المِرْباعَ وَغَيْرَهُ. والمَأْكَل: الكَسْب. وَفِي الْحَدِيثِ:

أُمِرْت بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَى

؛ هي الْمَدِينَةُ، أَي يَغْلِب أَهلُها وَهُمُ الأَنصار بالإِسلام عَلَى غَيْرِهَا مِنَ القُرَى، وَيَنْصُرُ اللهُ دينَه بأَهلها وَيَفْتَحُ الْقُرَى عَلَيْهِمْ ويُغَنِّمهم إِياها فيأْكلونها. وأَكِلَتِ الناقةُ تَأْكَلُ أَكَلًا إِذا نَبَتَ وَبَرُ جَنينها فِي بَطْنِهَا فَوَجَدَتْ لِذَلِكَ أَذى وحِكَّة فِي بَطْنِهَا؛ وَنَاقَةٌ أَكِلَة، عَلَى فَعِلة، إِذا وَجَدَتْ أَلماً فِي بَطْنِهَا مِنْ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: أَكِلَت الناقةُ أَكَالًا مِثْلُ سَمِع سَمَاعاً، وَبِهَا أُكَال، بِالضَّمِّ، إِذا أَشْعَرَ وَلَدُها فِي بَطْنِهَا فحكَّها ذَلِكَ وتَأَذَّتْ. والأُكْلَة والإِكْلَة، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: الْغَيْبَةُ. وإِنه لَذُو أُكْلة لِلنَّاسِ وإِكْلة وأَكْلَة أَي غَيْبَةٍ لَهُمْ يَغْتَابُهُمْ؛ الْفَتْحُ عَنْ كُرَاعٍ. وآكَلَ بَيْنَهُمْ وأَكَّلَ: حَمَلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ كأَنه مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً

؛ وَقَالَ أَبو نَصْرٍ فِي قَوْلِهِ:

أَبا ثُبَيْتٍ، أَما تَنْفَكُّ تَأْتَكِل

مَعْنَاهُ تأْكل لُحُومَنَا وَتَغْتَابُنَا، وَهُوَ تَفْتَعِل مِنَ الأَكل.

ألل: الأَلُّ: السُّرْعَةُ، والأَلُّ الإِسراع. وأَلَّ فِي سَيْرِهِ وَمَشْيِهِ يَؤُلُّ ويَئِلُّ أَلًّا إِذا أَسرع واهْتَزَّ؛ فأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ جِنِّي:

وإِذْ أَؤُلُّ المَشْيَ أَلًّا أَلَّا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِما أَن يَكُونَ أَراد أَؤُلُّ فِي الْمَشْيِ فَحَذَفَ وأَوصل، وإِما أَن يَكُونَ أَؤُلُّ مُتَعَدِّيًا فِي مَوْضِعِهِ بِغَيْرِ حَرْفِ جَرٍّ. وَفَرَسٌ مِئَلٌّ أَي سَرِيعٌ. وَقَدْ أَلَّ يَؤُلُّ أَلًّا: بِمَعْنَى أَسرع؛ قَالَ أَبو الْخَضِرِ الْيَرْبُوعِيُّ يَمْدَحُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ وَكَانَ أَجرى مُهْراً فَسَبَق:

مُهْرَ أَبي الحَبْحابِ لَا تَشَلِّي،

بارَكَ فيكَ اللَّهُ مِنْ ذِي أَلِ

أَي مِنْ فَرَسٍ ذِي سُرْعَةٍ. وأَلَّ الفرسُ يَئِلُّ أَلًّا: اضْطَرَبَ. وأَلَّ لونُه يَؤُلُّ أَلًّا وأَلِيلًا إِذا صَفَا وبرَقَ، والأَلُّ صَفَاءُ اللَّوْنِ. وأَلَّ الشيءُ يَؤُلُّ ويَئِلُّ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ، أَلًّا: بَرَقَ. وأَلَّتْ فرائصُه تَئِلُّ: لَمَعَتْ فِي عَدْو؛ قَالَ:

حَتَّى رَمَيْت بِهَا يَئِلُّ فَرِيصُها،

وكأَنَّ صَهْوَتَها مَدَاكُ رُخَام

وأَنشد الأَزهري لأَبي دُوادٍ يَصِفُ الْفَرَسَ وَالْوَحْشَ:

فلَهَزْتُهُنَّ بِهَا يَؤُلُّ فَرِيصُها

مِنْ لَمْعِ رايَتِنا، وهُنَّ غَوَادي

والأَلَّة: الحَرْبة الْعَظِيمَةُ النَّصْل، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبَرِيقِهَا

ص: 23

ولَمَعانها، وفرَق بَعْضُهُمْ بَيْنَ الأَلَّة والحَرْبة فَقَالَ: الأَلَّة كُلُّهَا حَدِيدَةٌ، والحَرْبة بَعْضُهَا خَشَبٌ وَبَعْضُهَا حَدِيدٌ، وَالْجَمْعُ أَلٌّ، بِالْفَتْحِ، وإِلالٌ؛ وأَلِيلُها: لَمَعانها. والأَلُّ: مَصْدَرُ أَلَّهُ يَؤُلُّه أَلًّا طَعَنَهُ بالأَلَّة. الْجَوْهَرِيُّ: الأَلُّ، بِالْفَتْحِ، جَمْعُ أَلَّة وَهِيَ الحَرْبة فِي نَصْلِهَا عِرَضٌ؛ قَالَ الأَعشى:

تَدَارَكَه فِي مُنْصِلِ الأَلِّ بعدَ ما

مَضى غيرَ دَأْدَاءٍ، وَقَدْ كَادَ يَعْطَب

وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى إِلالٍ مِثْلَ جَفْنَة وجِفَان. والأَلَّة: السِّلاح وَجَمِيعُ أَداة الْحَرْبِ. وَيُقَالُ: مَا لَه أُلَّ وغُلَّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أُلَّ دُفع فِي قَفَاهُ، وغُلَّ أَي جُنَّ. والمِئَلُّ: القَرْنُ الَّذِي يُطْعَنُ بِهِ، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَّخِذُونَ أَسِنَّة مِنْ قُرُونِ الْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ. التَّهْذِيبُ: والمِئَلَّانِ القَرْنانِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الثَّوْرَ:

إِذا مِئَلًّا قَرْنِه تَزَعْزَعا

قَالَ أَبو عمرو: المِئَلُّ حَدُّ رَوْقه وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الأَلَّة وَهِيَ الحَرْبة. والتَّأْلِيل: التَّحْدِيدُ وَالتَّحْرِيفُ. وأُذن مُؤَلَّلَة: مُحَدَّدَةٌ مَنْصُوبَةٌ مُلَطَّفة. وإِنه لمُؤَلَّل الْوَجْهِ أَي حَسَنه سَهْله؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كأَنه قَدْ أُلِّل. وأَلَلا السِّكينِ والكتفِ وَكُلِّ شَيْءٍ عَريض: وَجْهَاه. وَقِيلَ: أَلَلا الكتفِ اللَّحمتان الْمُتَطَابِقَتَانِ بَيْنَهُمَا فَجْوة عَلَى وَجْهِ الْكَتِفِ، فإِذا قُشرت إِحداهما عَنِ الأُخرى سَالَ مِنْ بَيْنِهِمَا مَاءٌ، وَهُمَا الأَلَلان. وَحَكَى الأَصمعي عَنْ عِيسَى بْنِ أَبي إِسحق أَنه قَالَ: قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ لِابْنَتِهَا لَا تُهْدِي إِلى ضَرَّتِك الكتفَ فإِن الماءَ يَجْري بَيْنَ أَلَلَيْها أَي أَهْدي شَرًّا مِنْهَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِحدى هَاتَيْنِ اللَّحمتين الرُّقَّى وَهِيَ كَالشَّحْمَةِ الْبَيْضَاءِ تَكُونُ فِي مَرْجِع الكَتِف، وَعَلَيْهَا أُخرى مثلُها تُسَمَّى المأْتَى. التَّهْذِيبُ: والأَلَلُ والأَلَلانِ وَجْها السِّكين ووَجْها كُلِّ شَيْءٍ عَرِيض. وأَلَّلْتُ الشيءَ تَأْلِيلًا أَي حَدَّدْتُ طَرَفه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفة بْنِ الْعَبْدِ يَصِفُ أُذني نَاقَتِهِ بالحِدَّة وَالِانْتِصَابِ:

مُؤَلَّلتانِ يُعْرَف العِتْقُ فِيهِمَا،

كَسَامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَلَ مُفْرَدِ

الْفَرَّاءُ: الأُلَّة الراعِية الْبَعِيدَةُ المَرْعَى مِنَ الرُّعاة. والإِلَّة: الْقَرَابَةُ. وَرُوِيَ عَنِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ إِلِّكم وقُنوطِكم وَسُرْعَةِ إِجابته إِياكم

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمُحَدِّثُونَ رَوَوْهُ مِنْ إِلِّكم، بِكَسْرِ الأَلف، وَالْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا

مِنْ أَلِّكم

، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ أَشبه بِالْمَصَادِرِ كأَنه أَراد مِنْ شِدَّةِ قُنُوطِكُمْ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ قَوْلِكَ أَلَّ يَئِلُّ أَلًّا وأَلَلَا وأَلِيلَا، وَهُوَ أَن يَرْفَعَ الرَّجُلُ صَوْتَهُ بِالدُّعَاءِ ويَجْأَر؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ رَجُلًا:

وأَنتَ مَا أَنتَ، فِي غَبْراءَ مُظْلِمةٍ،

إِذا دَعَتْ أَلَلَيْها الكاعِبُ الفُضُل

قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ أَلَلَيها أَنه يُرِيدُ الأَلَل الْمَصْدَرَ ثُمَّ ثَنّاه وَهُوَ نَادِرٌ كأَنه يُرِيدُ صَوْتًا بَعْدَ صَوْتٍ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَلَلَيْها أَن يُرِيدَ حِكَايَةَ أَصوات النِّسَاءِ بالنَّبَطية إِذا صَرَخْنَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ فِي غَبْرَاءَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَالْعَامِلُ فِي الْحَالِ مَا فِي قَوْلِهِ مَا أَنت مِنْ مَعْنَى التَّعْظِيمِ كأَنه قَالَ عَظُمْتَ حَالًا فِي غَبْراء. والأَلُّ: الصِّيَاحُ. ابْنُ سِيدَهْ: والأَلَلُ والأَلِيلُ والأَلِيلَة والأَلَلانُ كُلُّهُ الأَنين، وَقِيلَ: عَلَزُ الحُمَّى.

ص: 24

التَّهْذِيبُ: الأَلِيل الأَنين؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَما تَرَانِي أَشتكي الأَلِيلا

أَبو عمرو: يقال لَهُ الوَيْل والأَلِيل، والأَلِيل الأَنين؛ وأَنشد لِابْنِ مَيّادة:

وقُولا لَهَا: مَا تَأْمُرينَ بوامقٍ،

لَهُ بَعْدَ نَوْماتِ العُيُونِ أَلِيلُ؟

أَي تَوَجُّع وأَنين؛ وَقَدْ أَلَّ يَئِلُّ أَلًّا وأَلِيلًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَسَّرَ الشَّيْبَانِيُّ الأَلِيل بالحَنين؛ وأَنشد الْمَرَّارُ:

دَنَوْنَ، فكُلُّهنَّ كَذَاتِ بَوٍّ،

إِذا حُشِيَت سَمِعْتَ لَهَا أَلِيلا

وَقَدْ أَلَّ يَئِلُّ وأَلَّ يَؤُلُّ أَلًّا وأَلَلًا وأَلِيلًا: رَفَعَ صَوْتَهُ بِالدُّعَاءِ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: أَن امرأَة سأَلت عَنِ المرأَة تَحْتَلِم فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: تَرِبَتْ يَدَاك وأَلَّتْ وَهَلْ تَرَى المرأَة ذَلِكَ؟

أَلَّتْ أَي صَاحَتْ لِمَا أَصابها مِنْ شِدَّةِ هَذَا الْكَلَامِ، وَيُرْوَى بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مَعَ تَشْدِيدِ اللَّامِ، أَي طُعِنَت بالأَلَّة وَهِيَ الحَرْبة؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِيهِ بُعد لأَنه لَا يُلَائِمُ لَفْظَ الْحَدِيثِ. والأَلِيلُ والأَلِيلَة: الثُّكْلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَلِيَ الأَلِيلةُ، إِن قَتَلْتُ خُؤُولتي،

ولِيَ الأَلِيلَة إِنْ هُمُ لم يُقْتَلوا

وقال آخَرُ:

يَا أَيها الذِّئْبُ، لَكَ الأَلِيل،

هَلْ لَكَ فِي باعٍ كَمَا تَقُولُ؟ «1»

. قَالَ: مَعْنَاهُ ثَكِلتك أُمُّك هَلْ لَكَ فِي بَاعٍ كَمَا تُحِبُّ؛ قَالَ الكُمَيت:

وضِياءُ الأُمُور فِي كُلِّ خَطْبٍ،

قِيلَ للأُمَّهاتِ مِنْهُ الأَلِيل

أَي بُكَاءٌ وَصِيَاحٌ من الأَلَلِيِّ؛ وقال الكميتُ أَيضاً:

بضَرْبٍ يُتْبِعُ الأَلَلِيّ مِنْهُ

فَتاة الحَيِّ، وَسْطَهُمُ، الرَّنِينا

والأَلُّ، بِالْفَتْحِ: السُّرْعةُ وَالْبَرِيقُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ، وَجَمْعُ أَلَّة للحَرْبة. والأَلِيلُ: صَلِيلُ الحَصَى، وَقِيلَ: هُوَ صَلِيلُ الحَجَر أَيًّا كَانَ؛ الأُولى عَنْ ثَعْلَبٍ. والأَلِيل: خَرِيرُ الماءِ. وأَلِيلُ الماءِ: خَرِيرُه وقَسِيبُه. وأَلِلَ السِّقاء، بِالْكَسْرِ، أَي تَغَيَّرَتْ رِيحُهُ، وَهَذَا أَحد مَا جَاءَ بإِظهار التَّضْعِيفِ. التَّهْذِيبُ: قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَلَّ فُلَانٌ فأَطال المسأَلة إِذا سأَل، وَقَدْ أَطال الأَلَّ إِذا أَطال السؤَال؛ وَقَوْلُ بَعْضِ الرُّجّاز:

قَامَ إِلى حَمْراءَ كالطِّرْبال،

فَهَمَّ بالصَّحْن بِلَا ائْتِلال،

غَمامةً تَرْعُدُ مِنْ دَلال

يَقُولُ: هَمَّ اللبَن فِي الصَّحن وَهُوَ القَدَح، وَمَعْنَى هَمَّ حَلَب، وَقَوْلُهُ بِلَا ائْتِلال أَي بِلَا رِفْقٍ وَلَا حُسْن تَأَتٍّ للحَلْب، ونَصَب الغَمامةَ بِهَمَّ فشَبَّه حَلب اللَّبَنِ بِسَحَابَةٍ تُمْطِر. التَّهْذِيبُ: اللِّحْيَانِيُّ: فِي أَسنانه يَلَلٌ وأَلَلٌ، وَهُوَ أَن تُقْبل الأَسنان عَلَى بَاطِنِ الْفَمِ. وأَلِلَتْ أَسنانُه أَيضاً: فَسَدَتْ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: رَجُلٌ مِئَلٌّ يَقَعُ فِي النَّاسِ. والإِلُّ: الحِلْف والعَهْد. وَبِهِ فسَّر أَبو عُبَيْدَةَ قَوْلَهُ تَعَالَى: لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً

. وَفِي حَدِيثِ

أُم زَرْعٍ: وَفِيُّ الإِلِّ كرِيمُ الخِلِ

؛ أَرادت أَنها وَفِيَّة الْعَهْدِ، وإِنما ذُكِّر لأَنه إِنما ذُهِبَ بِهِ إِلى

(1). قَوْلِهِ [في باع] كذا في الأصل، وفي شرح القاموس: في راع، بالراء

ص: 25

مَعْنَى التَّشْبِيهِ أَي هِيَ مِثْلُ الرَّجُلِ الوَفيِّ الْعَهْدِ. والإِلُّ: الْقَرَابَةُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام: يَخُونُ العَهْد وَيَقْطَعُ الإِلَ

؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَقَدْ خَفَّفَت الْعَرَبُ الإِلَّ؛ قَالَ الأَعشى:

أَبيض لَا يَرْهَب الهُزالَ، وَلَا

يَقْطعُ رُحْماً، وَلَا يَخُون إِلَّا

قَالَ أَبو سَعِيدٍ السِّيرَافِيُّ: فِي هَذَا الْبَيْتِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَن يَكُونَ إِلَّا فِي مَعْنَى نِعْمة، وَهُوَ وَاحِدُ آلَاءِ اللَّهِ، فإِن كَانَ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. والإِلُّ: الْقَرَابَةُ؛ قَالَ حَسّان بْنُ ثَابِتٍ:

لَعَمْرُك إِنَّ إِلَّك، مِنْ قُرَيْش،

كإِلِّ السَّقْبِ مِنْ رَأْلِ النَّعَام

وقال مُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ: لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً

، قِيلَ: الإِلُّ الْعَهْدُ، وَالذِّمَّةُ مَا يُتَذَمَّم بِهِ؛ وقال الْفَرَّاءُ: الإِلُّ الْقَرَابَةُ، والذِّمة العَهد، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَسماء اللَّهِ عز وجل، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِالْوَجْهِ لأَن أَسماء اللَّهِ تَعَالَى مَعْرُوفَةٌ كَمَا جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ وَتُلِيَتْ فِي الأَخبار. قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعِ الدَّاعِيَ يَقُولُ فِي الدُّعَاءِ يَا إِلُّ كَمَا يَقُولُ يَا اللَّهُ وَيَا رَحْمَنُ وَيَا رَحِيمُ يَا مُؤْمِنُ يَا مُهَيْمِنُ، قَالَ: وحقيقةُ الإِلِّ عَلَى مَا تُوجِبُهُ اللُّغَةُ تحديدُ الشَّيْءِ، فَمِنْ ذَلِكَ الأَلَّة الحَرْبة لأَنها مُحَدَّدَةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ أُذن مُؤَلَّلَة إِذا كَانَتْ مُحَدَّدَةً، فالإِلُّ يَخْرُجُ فِي جَمِيعِ مَا فُسِّرَ مِنَ الْعَهْدِ وَالْقَرَابَةِ والجِوَار، عَلَى هَذَا إِذا قُلْتَ فِي الْعَهْدِ بَيْنَهُمَا الإِلُّ، فتأْويله أَنهما قَدْ حَدَّدَا فِي أَخذ الْعَهْدِ، وإِذا قُلْتَ فِي الجِوَار بَيْنَهُمَا إِلٌّ، فتأْويله جِوَار يُحَادُّ الإِنسان، وإِذا قُلْتَهُ فِي الْقَرَابَةِ فتأْويله الْقَرَابَةُ الَّتِي تُحادّ الإِنسان. والإِلُّ: الْجَارُ. ابْنُ سِيدَهْ: والإِلُّ اللَّهُ عز وجل، بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه، لَمَّا تُلِيَ عَلَيْهِ سَجْع مُسَيْلِمة: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا جَاءَ مِنْ إِلّ وَلَا برٍّ فَأَيْن ذُهِب بِكُمْ

، أَي مِنْ رُبُوبِيَّةٍ؛ وَقِيلَ: الإِلُّ الأَصل الْجَيِّدُ، أَي لَمْ يَجئ مِنَ الأَصل الَّذِي جَاءَ مِنْهُ الْقُرْآنُ، وَقِيلَ: الإِلُّ النَّسَب وَالْقَرَابَةُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى إِن هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ صَادِرٍ مِنْ مُنَاسَبَةِ الْحَقِّ والإِدلاء بِسَبَبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصّدِّيق. وَفِي حَدِيثِ

لَقيط: أُنبئك بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي إِلِّ اللَّهِ

أَي فِي رُبُوبِيَّتِهِ وإِلَهيته وَقُدْرَتِهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي عَهْدِ اللَّهِ مِنَ الإِلِّ العهدِ. التَّهْذِيبُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن يَعْقُوبَ بن إِسحق، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَانَ شَدِيدًا فَجَاءَهُ مَلَك فَقَالَ: صارِعْني، فَصَارَعَهُ يَعْقُوبُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: إِسْرَإِلّ، وإِلّ اسْمٌ مِنْ أَسماء اللَّهِ عز وجل بِلُغَتهم وإِسْر شَدَّةٌ، وَسُمِّي يَعْقُوبُ إِسْرَإِلّ بِذَلِكَ وَلَمَّا عُرِّب قِيلَ إِسرائيل؛ قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كُلُّ اسْمٍ فِي الْعَرَبِ آخِرُهُ إِلّ أَو إِيل فَهُوَ مُضَافٌ إِلى اللَّهِ عز وجل كَشُرَحْبِيل وشَرَاحيل وشِهْمِيل، وَهُوَ كَقَوْلِكَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ إِذ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَصُرِفَ جِبْرِيلُ وَمَا أَشبهه. والإِلُّ: الرُّبُوبِيَّةُ. والأُلُّ، بِالضَّمِّ: الأَوّل فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ وَلَيْسَ مِنْ لَفْظِ الأَوّل؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

لِمَنْ زُحْلوقَةٌ زُلُّ،

بِهَا العَيْنان تَنْهلُ

يُنَادِي الآخِرَ الأُلُّ:

أَلا حُلُّوا، أَلا حُلّوا

وإِن شِئْتَ قُلْتَ: إِنما أَراد الأَوَّل فبَنَى مِنَ الْكَلِمَةِ عَلَى مِثال فُعْل فَقَالَ وُلّ، ثُمَّ هَمَزَ الْوَاوَ لأَنها مَضْمُومَةٌ غَيْرَ أَنا لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا وُلّ، قَالَ الْمُفَضَّلُ فِي

ص: 26

قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ أَلا حُلُّوا، قَالَ: هَذَا مَعْنَى لُعْبة لِلصِّبْيَانِ يَجْتَمِعُونَ فيأْخذون خَشَبَةً فَيَضَعُونَهَا عَلَى قَوْزٍ مِنْ رَمْلٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عَلَى أَحد طَرَفيها جَمَاعَةٌ وَعَلَى الْآخَرِ جَمَاعَةٌ، فأَيُّ الْجَمَاعَتَيْنِ كَانَتْ أَرزن ارْتَفَعَتِ الأُخرى، فَيُنَادُونَ أَصحاب الطَّرَفِ الْآخَرِ أَلا حُلُّوا أَي خَفِّفُوا عَنْ عَدَدِكُمْ حَتَّى نُسَاوِيَكُمْ فِي التَّعْدِيلِ، قَالَ: وَهَذِهِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ الدَّوْدَاةَ والزُّحْلوقة، قَالَ: تُسَمَّى أُرْجوحة الْحَضَرِ الْمُطَوِّحَةَ. التَّهْذِيبُ: الأَلِيلَة الدُّبَيْلة، والأَلَلَة الهَوْدَج الصَّغِيرُ، والإِلُّ الحِقد. ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الضَّلال بنُ الأَلال بْنِ التَّلال؛ وأَنشد:

أَصبحتَ تَنْهَضُ فِي ضَلالِك سادِراً،

إِن الضَّلال ابْنُ الأَلال، فَأَقْصِر

وإِلالٌ وأَلالٌ: جبل بمكة؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

بمُصْطَحَباتٍ مِنْ لَصَاف وثَبْرَةٍ

يَزُرْنَ أَلالًا، سَيْرُهنّ التَّدافُعُ

والأَلالُ، بِالْفَتْحِ: جَبَلٌ بِعَرَفَاتٍ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الإِلُّ حَبْل مِنْ رَمْلٍ بِهِ يَقِفُ النَّاسُ مِنْ عَرَفَاتٍ عَنْ يَمِينِ الإِمام. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ إِلالٍ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ الأُولى، جَبَل عَنْ يَمِينِ الإِمام بِعَرَفَةَ. وإِلّا حَرْفُ اسْتِثْنَاءٍ وَهِيَ النَّاصِبَةُ فِي قَوْلِكَ جَاءَنِي الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدًا، لأَنها نَائِبَةٌ عَنْ أَستثني وَعَنْ لَا أَعني؛ هَذَا قَوْلُ أَبي الْعَبَّاسِ المبرد؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا مَرْدُودٌ عِنْدَنَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَدَافُعِ الأَمرين الإِعمال الْمُبْقِي حُكْمَ الْفِعْلِ وَالِانْصِرَافِ عَنْهُ إِلى الْحَرْفِ الْمُخْتَصِّ بِهِ الْقَوْلُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ خَفِيفِ هَذَا الْبَابِ أُولُو بِمَعْنَى ذَوو لَا يُفْرد لَهُ وَاحِدٌ وَلَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلا مُضَافًا، كَقَوْلِكَ أُولُو بأْس شَدِيدٍ وأُولُو كَرَمٍ، كأَن وَاحِدَهُ أُلٌ، وَالْوَاوَ لِلْجَمْعِ، أَلا تَرَى أَنها تَكُونُ في الرفع واواً وفي النَّصْبِ وَالْجَرِّ يَاءً؟ وَقَوْلُهُ عز وجل: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

؛ قَالَ أَبو إِسحاق: هُمْ أَصحاب النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ أَهل الْعِلْمِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنهم الأُمراء، والأُمراء إِذا كَانُوا أُولي عِلْمٍ وَدِينٍ وَآخِذِينَ بِمَا يَقُولُهُ أَهل الْعِلْمِ فَطَاعَتُهُمْ فَرِيضَةٌ، وَجُمْلَةُ أُولي الأَمر مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقُومُ بشأْنهم فِي أَمر دِينِهِمْ وَجَمِيعِ مَا أَدّى إِلى صلاحهم.

أمل: الأَمَل والأَمْل والإِمْل: الرَّجاء؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَالْجَمْعُ آمَال. وأَمَلْتُه آمُلُه وَقَدْ أَمَلَه يَأْمُلُه أَمْلًا؛ الْمَصْدَرُ عَنِ ابْنِ جِنِّي، وأَمَّلَه تَأْمِيلًا، وَيُقَالُ أَمَلَ خَيْرَه يَأْمُلُه أَمْلًا، وَمَا أَطول إِمْلَته، مِنَ الأَمَل أَي أَمَله، وإِنه لَطويلُ الإِمْلَة أَي التأْميل؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، مِثْلَ الجِلسة والرِّكبة. والتَّأَمُّلُ: التَّثَبُّت. وتأَمَّلْتُ الشيءَ أَي نَظَرْتُ إِليه مُستثْبِتاً لَهُ. وتَأَمَّلَ الرجلُ: تَثَبَّت فِي الأَمر وَالنَّظَرِ. والأَمِيلُ عَلَى فَعيل: حَبْلٌ مِنَ الرَّمْلِ مُعْتَزَلٌ عَنْ مُعْظَمِهِ عَلَى تَقْدِيرِ مِيل؛ وأَنشد:

كالبَرْق يَجْتاز أَمِيلًا أَعْرَفا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الأَمِيل حَبْل مِنَ الرَّمْلِ يَكُونُ عَرْضه نَحْوًا مِنْ مِيل، وَقِيلَ: يَكُونُ عَرْضُهُ مِيلًا وَطُولُهُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَقِيلَ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ، وَقِيلَ عَرْضُهُ نِصْفُ يَوْمٍ، وَقِيلَ الأَمِيل ما ارتفع من الرَّمْلِ مِنْ غَيْرِ أَن يُحَدَّ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَمِيل اسْمُ مَوْضِعٍ أَيضاً، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

ص: 27

وهُمُ عَلَى هَدَبِ الأَمِيل تَداركوا

نَعَماً، تُشَلُّ إِلى الرَّئيس وتُعْكَل «2»

. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنهم أَرادوا بالأَمِيلِ مِنَ الرَّمْلِ الأَمْيَلَ فَخُفِّف بِشَيْءٍ؛ قَالَ: وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا يُشْبِهُ هَذَا، وَجَمْعُ الأَمِيلِ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الرَّمْلِ: أُمُل؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وأَمُول: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

رِجالُ بَنِي زُبَيْدٍ غَيَّبَتْهم

جِبالُ أَمُولَ، لَا سُقِيَتْ أَمُولُ

ابْنُ الأَعرابي: الأَمَلَة أَعوان الرجل، واحدهم آمل.

أهل: الأَهْل: أَهل الرَّجُلِ وأَهْلُ الدَّارِ، وَكَذَلِكَ الأَهْلَة؛ قَالَ أَبو الطَّمَحان:

وأَهْلَةِ وُدٍّ قَدْ تَبَرَّيتُ وُدَّهم،

وأَبْلَيْتُهم في الحمد جُهْدي ونَائلي

ابْنُ سِيدَهْ: أَهْل الرَّجُلِ عَشِيرتُه وذَوُو قُرْباه، وَالْجَمْعُ أَهْلُون وآهَالٌ وأَهَالٍ وأَهْلات وأَهَلات؛ قَالَ المُخَبَّل السَّعْدِيُّ:

وهُمْ أَهَلاتٌ حَوْلَ قَيْسِ بنِ عَاصِمٍ،

إِذا أَدْلَجوا باللَّيل يَدْعُونَ كَوْثَرا

وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:

وبَلْدَةٍ مَا الإِنْسُ مِنْ آهَالِها،

تَرَى بِها العَوْهَقَ مِنْ وِئالِها

وِئالُها: جَمْعُ وَائِلٍ كَقَائِمٍ وقِيام؛ وَيُرْوَى الْبَيْتُ:

وبَلْدَةٍ يَسْتَنُّ حَازِي آلِها

قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا أَهْلات، فَخَفَّفُوا، شَبَّهوها بصعْبات حَيْثُ كَانَ أَهْل مذكَّراً تَدْخُلُهُ الْوَاوُ وَالنُّونُ، فَلَمَّا جَاءَ مُؤَنَّثُهُ كَمُؤَنَّثِ صَعْب فُعل بِهِ كَمَا فُعِلَ بِمُؤَنَّثِ صَعْب؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ الأَهْل فِيمَا حَكى أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ أَن حَكِيم بْنَ مُعَيَّة الرَّبَعي كَانَ يُفَضِّل الفَرَزْدق عَلَى جَرير، فهَجَا جَرِيرٌ حَكِيمًا فَانْتَصَرَ لَهُ كِنَانُ بْنُ رَبِيعَةَ أَو أَخوه رَبَعِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ، فَقَالَ يَهْجُو جَرِيرًا:

غَضِبْتَ عَلَيْنَا أَن عَلاك ابْنُ غَالِبٍ،

فهَلَّا عَلَى جَدَّيْك، في ذاك، تَغْضَبُ؟

هما، حينَ يَسْعَى المَرْءُ مَسْعاةَ أَهْلِهِ،

أَناخَا فشَدَّاك العِقال المُؤَرَّبُ

«3» . وَمَا يُجْعَل البَحْرُ الخِضَمُّ، إِذا طَمَا،

كَجُدٍّ ظَنُونٍ، ماؤُه يُتَرقَّبُ

أَلَسْتَ كُلَيبيًّا لأَلأَمِ وَالدٍ،

وأَلأَمِ أُمٍّ فَرَّجَتْ بِكَ أَو أَبُ؟

وَحَكَى سِيبَوَيْهِ فِي جَمْعِ أَهْل: أَهْلُون، وَسُئِلَ الْخَلِيلُ: لِمَ سَكَّنُوا الْهَاءَ وَلَمْ يُحَرِّكُوهَا كَمَا حَرَّكُوا أَرَضِين؟ فَقَالَ: لأَن الأَهْل مُذَكَّرٌ، قِيلَ: فَلِمَ قَالُوا أَهَلات؟ قَالَ: شَبَّهُوهَا بأَرَضات، وأَنشد بَيْتَ الْمُخَبَّلِ السَّعْدِيِّ، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ أَهْلات عَلَى الْقِيَاسِ. والأَهَالِي: جَمْعُ الْجَمْعِ وَجَاءَتِ الْيَاءُ الَّتِي فِي أَهَالِي مِنَ الْيَاءِ الَّتِي فِي الأَهْلين. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَهْل الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّته

أَي حَفَظة الْقُرْآنِ الْعَامِلُونَ بِهِ هُمْ أَولياء اللَّهِ وَالْمُخْتَصُّونَ بِهِ اختصاصَ أَهْلِ الإِنسان بِهِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ فِي اسْتِخْلَافِهِ عُمَرَ: أَقول لَهُ، إِذا لَقِيتُه، اسْتعملتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ

؛ يُرِيدُ خَيْرَ الْمُهَاجِرِينَ وَكَانُوا يسمُّون أَهْلَ مَكَّةَ أَهْل اللَّهِ

(2). قوله [وَهُمُ عَلَى هَدَبِ الْأَمِيلِ] الذي في المعجم: على صدف الأَمِيل

(3)

. قوله: [شداك العقال]؛ أراد: بالعقال، فنصب بنزع الخافض، وورد مؤرب، في الأَصل، مضموماً، وحقه النصب لأَنه صفة لعقال، ففي البيت إذاً إقواء

ص: 28

تَعْظِيمًا لَهُمْ كَمَا يُقَالُ بَيْتُ اللَّهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد أَهل بَيْتِ اللَّهِ لأَنهم كَانُوا سُكَّان بَيْتِ اللَّهِ. وَفِي حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ: لَيْسَ بكِ عَلَى أَهْلكِ هَوَانٌ

؛ أَراد بالأَهْل نَفْسَه، عليه السلام، أَي لَا يَعْلَق بكِ وَلَا يُصيبكِ هَوَانٌ عَلَيْهِمْ. واتَّهَلَ الرجلُ: اتَّخَذَ أَهْلًا؛ قَالَ:

فِي دَارَةٍ تُقْسَمُ الأَزْوادُ بَيْنَهم،

كأَنَّما أَهْلُنا مِنْهَا الَّذِي اتَّهَلا

كَذَا أَنشده بِقَلْبِ الْيَاءِ تَاءً ثُمَّ إِدغامها فِي التَّاءِ الثَّانِيَةِ، كَمَا حُكِيَ مِنْ قَوْلِهِمُ اتَّمَنْته، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ الْهَمْزَةُ أَو التَّخْفِيفُ الْقِيَاسِيُّ أَي كأَن أَهلنا أَهلُه عِنْدَهُ أَي مِثلُهم فِيمَا يَرَاهُ لَهُمْ مِنَ الْحَقِّ. وأَهْلُ الْمَذْهَبِ: مَنْ يَدين بِهِ. وأَهْلُ الإِسلام: مَن يَدِين بِهِ. وأَهْلُ الأَمر: وُلاتُه. وأَهْلُ الْبَيْتِ: سُكَّانه. وأَهْل الرَّجُلِ: أَخَصُّ النَّاسِ بِهِ. وأَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَزواجُه وبَناته وصِهْرُه، أَعني عَلِيًّا، عليه السلام، وَقِيلَ: نِسَاءِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَالرِّجَالُ الَّذِينَ هُمْ آلُهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ

؛ الْقِرَاءَةُ أَهْلَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَدْحِ كَمَا قَالَ: بِكَ اللهَ نَرْجُو الفَضْل وسُبْحانك اللهَ العظيمَ، أَو عَلَى النِّدَاءِ كأَنه قَالَ يَا أَهل الْبَيْتِ. وَقَوْلُهُ عز وجل لِنُوحٍ، عليه السلام: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَراد لَيْسَ مِنْ أَهْلِك الَّذِينَ وعدتُهم أَن أُنجيهم، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ لَيْسَ مِنْ أَهل دِينِكَ. وأَهَلُ كُلِّ نَبيٍّ: أُمَّته. ومَنْزِلٌ آهِلٌ أَي بِهِ أَهْلُه. ابْنُ سِيدَهْ: وَمَكَانٌ آهِلٌ لَهُ أَهْل؛ سِيبَوَيْهِ: هُوَ عَلَى النَّسَبِ، ومَأْهُول: فِيهِ أَهل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وقِدْماً كَانَ مَأْهُولًا،

وأَمْسَى مَرْتَعَ العُفْر

وَقَالَ رُؤْبَةُ:

عَرَفْتُ بالنَّصْرِيَّةِ المَنازِلا

قَفْراً، وَكَانَتْ مِنْهُمُ مَآهِلا

وَمَكَانٌ مَأْهُول، وَقَدْ جَاءَ: أُهِلَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

قَفْرَيْنِ هَذَا ثُمَّ ذَا لَمْ يُؤْهَل

وكلُّ شَيْءٍ مِنَ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا أَلِف المَنازلَ أَهْلِيٌّ وآهِلٌ؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ، وَكَذَلِكَ قِيلَ لِمَا أَلِفَ الناسَ والقُرى أَهْلِيٌّ، وَلِمَا اسْتَوْحَشَ بَرِّيّ وَوَحْشِيٌّ كَالْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ. والأَهْلِيُّ: هُوَ الإِنْسِيّ.

ونَهى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَكل لُحُومِ الحُمُر الأَهْلِيَّة يومَ خَيْبَرَ

؛ هِيَ الحُمُر الَّتِي تأْلف الْبُيُوتَ وَلَهَا أَصْحاب وَهِيَ مِثْلُ الأُنْسية ضِدُّ الْوَحْشِيَّةِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الدُّعَاءِ: مَرْحَباً وأَهْلًا أَي أَتيتَ رُحْباً أَي سَعَة، وَفِي الْمُحْكَمِ أَي أَتيت أَهْلًا لَا غُرباء فاسَأْنِسْ وَلَا تَسْتَوْحِشْ. وأَهَّلَ بِهِ: قَالَ لَهُ أَهْلًا. وأَهِلَ بِهِ: أَنِس. الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: أَهِلْتُ بِهِ وودَقْتُ بِهِ إِذا استأْنستَ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمُضَارِعُ مِنْهُ آهَلُ بِهِ، بِفَتْحِ الْهَاءِ. وَهُوَ أَهْلٌ لِكَذَا أَي مُسْتَوجب لَهُ، الواحدُ والجمعُ فِي ذَلِكَ سَواء، وَعَلَى هَذَا قَالُوا: المُلْك لِلَّهِ أَهْلِ المُلْك. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ

؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه، عز وجل، أَهْلٌ لأَن يُتَّقَى فَلَا يُعْصَى وأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ لِمَنِ اتَّقاه، وَقِيلَ: قَوْلُهُ أَهل التَّقْوَى مَوْضِعٌ لأَن يُتَّقى، وأَهْل الْمَغْفِرَةِ مَوْضِعٌ لِذَلِكَ.

ص: 29

الأَزهري: وخطَّأَ بعضُهم قولَ مَنْ يَقُولُ فُلَانٌ يَسْتَأْهِل أَن يُكْرَم أَو يُهان بِمَعْنَى يَسْتحق، قَالَ: وَلَا يَكُونُ الاسْتِئْهَال إِلَّا مِنَ الإَهالَة، قَالَ: وأَما أَنا فَلَا أُنكره وَلَا أُخَطِّئُ مَنْ قَالَهُ لأَني سَمِعْتُ أَعرابيّاً فَصِيحاً مِنْ بَنِي أَسد يَقُولُ لِرَجُلٍ شَكَرَ عِنْدَهُ يَداً أُولِيَها: تَسْتَأْهِل يَا أَبا حَازِمٍ مَا أُولِيتَ، وَحَضَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَعراب فَمَا أَنكروا قَوْلَهُ، قَالَ: ويُحَقِّق ذَلِكَ قولُه هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ

. الْمَازِنِيُّ: لَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ أَنت مُسْتَأْهِل هَذَا الأَمر وَلَا مُسْتَأْهِل لِهَذَا الأَمر لأَنك إِنما تُرِيدُ أَنت مُسْتَوْجِبٌ لِهَذَا الأَمر، وَلَا يَدُلُّ مُسْتَأْهِل عَلَى مَا أَردت، وإِنما مَعْنَى الْكَلَامِ أَنت تَطْلُبُ أَن تَكُونَ مِنْ أَهل هَذَا الْمَعْنَى وَلَمْ تُرِدْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ تَقُولُ أَنت أَهْلٌ لِهَذَا الأَمر، وَرَوَى أَبو حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الْمُزَالِ وَالْمُفْسِدِ عَنِ الأَصمعي: يُقَالُ اسْتَوْجَبَ ذَلِكَ وَاسْتَحَقَّهُ وَلَا يُقَالُ اسْتَأْهَلَه وَلَا أَنت تَسْتَأْهِل وَلَكِنْ تَقُولُ هُوَ أَهل ذَاكَ وأَهل لِذَاكَ، وَيُقَالُ هُوَ أَهْلَةُ ذَلِكَ. وأَهَّلَه لِذَلِكَ الأَمر تَأْهِيلًا وآهَلَهُ: رَآهُ لَهُ أَهْلًا. واسْتَأْهَلَه: اسْتَوْجَبَهُ، وَكَرِهَهَا بَعْضُهُمْ، وَمَنْ قَالَ وَهَّلْته ذَهَبَ بِهِ إِلي لُغَةِ مَنْ يَقُولُ وامَرْتُ وواكَلْت. وأَهْل الرَّجُلِ وأَهلته: زَوْجُه. وأَهَلَ الرجلُ يَأْهِلُ ويَأْهُلُ أَهْلًا وأُهُولًا، وتَأَهَّلَ: تَزَوَّج. وأَهَلَ فُلَانٌ امرأَة يَأْهُلُ إِذا تَزَوَّجَهَا، فَهِيَ مَأْهُولَة. والتَأَهُّلُ: التَّزَوُّجُ. وَفِي بَابِ الدُّعَاءِ:

آهَلَكَ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ إِيهَالًا

أَي زَوَّجَكَ فِيهَا وأَدخلكها. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، أَعْطى الآهِلَ حَظَّين والعَزَب حَظًّا

؛ الآهِل: الَّذِي لَهُ زَوْجَةٌ وَعِيَالٌ، والعَزَب الَّذِي لَا زَوْجَةَ لَهُ، وَيُرْوَى الأَعزب، وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَاللُّغَةُ الفُصْحى العَزَب، يُرِيدُ بِالْعَطَاءِ نصيبَهم مِنَ الفَيْء. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَقَدْ أَمست نِيران بَنِي كَعْبٍ آهِلَةً

أَي كَثِيرَةَ الأَهل. وأَهَّلَك اللَّهُ لِلْخَيْرِ تَأْهِيلًا. وآلُ الرَّجُلِ: أَهْلُه. وَآلُ اللَّهِ وَآلُ رَسُولِهِ: أَولياؤه، أَصلها أَهل ثُمَّ أُبدلت الْهَاءُ هَمْزَةً فَصَارَتْ فِي التَّقْدِيرِ أَأْل، فَلَمَّا تَوَالَتِ الْهَمْزَتَانِ أَبدلوا الثَّانِيَةَ أَلفاً كَمَا قَالُوا آدَمُ وَآخَرُ، وَفِي الْفِعْلِ آمَنَ وآزَرَ، فإِن قِيلَ: ولمَ زَعَمْتَ أَنهم قَلَبُوا الْهَاءَ هَمْزَةً ثُمَّ قَلَبُوهَا فِيمَا بَعْدُ، وَمَا أَنكرتَ مِنْ أَن يَكُونَ قَلَبُوا الْهَاءَ أَلفاً فِي أَوَّل الْحَالِ؟ فَالْجَوَابُ أَن الْهَاءَ لَمْ تُقْلَبْ أَلفاً فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فيُقاسَ هَذَا عَلَيْهِ، فَعَلَى هَذَا أُبدلت الْهَاءُ هَمْزَةً ثُمَّ أُبدلت الْهَمْزَةُ أَلفاً، وأَيضاً فإِن الأَلف لَوْ كَانَتْ مُنْقَلِبَةً عَنْ غَيْرِ الْهَمْزَةِ الْمُنْقَلِبَةِ عَنِ الْهَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لِجَازَ أَن يُسْتَعْمَلَ آلُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ أَهل، وَلَوْ كَانَتْ أَلف آلٍ بَدَلًا مِنْ أَهل لَقِيلَ انْصَرِفْ إِلى آلِكَ، كَمَا يُقَالُ انْصَرِف إِلى أَهلك، وآلَكَ والليلَ كَمَا يُقَالُ أَهْلَك والليلَ، فَلَمَّا كَانُوا يَخُصُّونَ بِالْآلِ الأَشرفَ الأَخصَّ دُونَ الشَّائِعِ الأَعم حَتَّى لَا يُقَالَ إِلا فِي نَحْوِ قَوْلِهِمْ: القُرَّاء آلُ اللَّهِ، وَقَوْلُهُمْ: اللهمَّ صلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ؛ وَكَذَلِكَ مَا أَنشده أَبو الْعَبَّاسِ لِلْفَرَزْدَقِ:

نَجَوْتَ، وَلَمْ يَمْنُنْ عَلَيْكَ طَلاقةً،

سِوى رَبَّة التَّقْريبِ مِنْ آلِ أَعْوَجا

لأَن أَعوج فِيهِمْ فَرَسٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، فَلِذَلِكَ قَالَ آلَ أَعوجا كَمَا يُقَالُ أَهْل الإِسكاف، دلَّ عَلَى أَن الأَلف لَيْسَتْ فِيهِ بَدَلًا مِنَ الأَصل، وإِنما هِيَ بَدَلٌ مِنَ الأَصل «1» فَجَرَتْ فِي ذَلِكَ مَجْرَى التَّاءِ في القسم،

(1). قوله [وَإِنَّمَا هِيَ بَدَلٌ مِنَ الأَصل] كذا في الأَصل. ولعل فيه سقطاً. وأصل الكلام، والله أعلم: وَإِنَّمَا هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ مِنَ الأَصل، أو نحو ذلك.

ص: 30

لأَنها بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ فِيهِ، وَالْوَاوُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ، فَلَمَّا كَانَتِ التَّاءُ فِيهِ بَدَلًا مِنْ بَدَلٍ وَكَانَتْ فَرْعَ الْفَرْعِ اخْتُصَّتْ بأَشرف الأَسماء وأَشهرها، وَهُوَ اسْمُ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُقَل تَزَيْدٍ وَلَا تالبَيْتِ كَمَا لَمْ يُقَل آلُ الإِسكاف وَلَا آلُ الخَيَّاط؛ فإِن قُلْتَ فَقَدْ قَالَ بِشْرٌ:

لعَمْرُك مَا يَطْلُبْنَ مِنْ آلِ نِعْمَةٍ،

ولكِنَّما يَطْلُبْنَ قَيْساً ويَشْكُرا

فَقَدْ أَضافه إِلى نِعْمَةٍ وَهِيَ نَكِرَةٌ غَيْرُ مَخْصُوصَةٍ وَلَا مُشَرَّفة، فإِن هَذَا بَيْتٌ شَاذٌّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: وَالَّذِي الْعَمَلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ رأْي الأَخفش، قَالَ: فإِن قَالَ أَلست تَزْعُمُ أَن الْوَاوَ فِي وَاللَّهِ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ فِي بِاللَّهِ وأَنت لَوْ أَضمرت لَمْ تَقُلْ وَهُ كَمَا تَقُولُ بِهِ لأَفعلن، فَقَدْ تَجِدُ أَيضاً بَعْضَ الْبَدَلِ لَا يَقَعُ مَوْقِعَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، فَمَا نُنْكِرُ أَيضاً أَن تَكُونَ الأَلف فِي آلٍ بَدَلًا مِنَ الْهَاءِ وإِن كَانَ لَا يَقَعُ جَمِيعَ مَوَاقِعِ أَهل؟ فَالْجَوَابُ أَن الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَن الْوَاوَ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ وُقُوعِهَا فِي جَمِيعِ مَوَاقِعِ الْبَاءِ مِنْ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنْ وُقُوعِ آلٍ فِي جَمِيعِ مَوَاقِعِ أَهل، وَذَلِكَ أَن الإِضمار يَرُدُّ الأَسماء إِلى أُصولها فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ، أَلا تَرَى أَن مَنْ قَالَ أَعطيتكم دِرْهَمًا فحذف الْوَاوَ الَّتِي كَانَتْ بَعْدَ الْمِيمِ وأَسكن الْمِيمَ، فإِنه إِذا أَضمر لِلدِّرْهَمِ قَالَ أَعطيتكموه، فَرَدَّ الْوَاوَ لأَجل اتِّصَالِ الْكَلِمَةِ بِالْمُضْمَرِ؟ فأَما مَا حَكَاهُ يُونُسُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَعْطَيْتُكُمْه فَشَاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَامَّةِ أَصحابنا، فَلِذَلِكَ جَازَ أَن تَقُولَ: بِهِمْ لأَقعدن وَبِكَ لأَنطلقن، وَلَمْ يَجُزْ أَن تَقُولَ: وَكَ وَلَا وَهُ، بَلْ كَانَ هَذَا فِي الْوَاوِ أَحرى لأَنها حَرْفٌ مُنْفَرِدٌ فَضَعُفَتْ عَنِ الْقُوَّةِ وَعَنْ تَصَرُّفِ الْبَاءِ الَّتِي هِيَ أَصل؛ أَنشدنا أَبو عَلِيٍّ قَالَ: أَنشدنا أَبو زَيْدٍ:

رأَى بَرْقاً فأَوْضَعَ فوقَ بَكْرٍ،

فَلَا بِكَ مَا أَسالَ وَلَا أَغاما

قَالَ: وأَنشدنا أَيضاً عَنْهُ:

أَلا نادَتْ أُمامةُ باحْتِمالِ

ليَحْزُنَني، فَلَا بِك مَا أُبالي

قَالَ: وأَنت مُمْتَنِعٌ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْآلِ فِي غَيْرِ الأَشهر الأَخص، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَضفته إِلى مُظْهَر أَو أَضفته إِلى مُضْمَرٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن قِيلَ أَلست تَزْعُمُ أَن التَّاءَ فِي تَوْلَج بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ، وأَن أَصله وَوْلَج لأَنه فَوْعَل مِنَ الوُلُوج، ثُمَّ إِنك مَعَ ذَلِكَ قَدْ تَجِدُهُمْ أَبدلوا الدَّالَ مِنْ هَذِهِ التَّاءِ فَقَالُوا دَوْلَج، وأَنت مَعَ ذَلِكَ قَدْ تَقُولُ دَوْلَج فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَقُولُ فِيهَا تَوْلَج، وإِن كَانَتِ الدَّالُ مَعَ ذَلِكَ بَدَلًا مِنَ التَّاءِ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ؟ فَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَن هَذِهِ مُغَالَطَةٌ مِنَ السَّائِلِ، وَذَلِكَ أَنه إِنما كَانَ يطَّرد هَذَا لَهُ لَوْ كَانُوا يَقُولُونَ وَوْلَج ودَوْلَج وَيَسْتَعْمِلُونَ دَوْلَجاً فِي جَمِيعِ أَماكن وَوْلَج، فَهَذَا لَوْ كَانَ كَذَا لَكَانَ لَهُ بِهِ تَعَلّقٌ، وَكَانَتْ تُحْتَسَبُ زِيَادَةً، فأَما وَهُمْ لَا يَقُولُونَ وَوْلَج البَتَّةَ كَرَاهِيَةَ اجْتِمَاعِ الْوَاوَيْنِ فِي أَول الْكَلِمَةِ، وإِنما قَالُوا تَوْلَج ثُمَّ أَبدلوا الدَّالَ مِنَ التَّاءِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْوَاوِ فَقَالُوا دَوْلَج، فإِنما اسْتَعْمَلُوا الدَّالَ مَكَانَ التَّاءِ الَّتِي هِيَ فِي الْمَرْتَبَةِ قَبْلَهَا تَلِيهَا، وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا الدَّالَ مَوْضِعَ الْوَاوِ الَّتِي هِيَ الأَصل فَصَارَ إِبدال الدَّالِ مِنَ التَّاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كإِبدال الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ فِي نَحْوِ أُقِّتَتْ وأُجُوه لِقُرْبِهَا مِنْهَا، ولأَنه لَا مَنْزِلَةَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ عَارَضَ مُعَارِضٌ بهُنَيْهَة تَصْغِيرِ هَنَة فَقَالَ: أَلست تَزْعُمُ أَن أَصلها هُنَيْوَة ثُمَّ صَارَتْ هُنَيَّة ثُمَّ صَارَتْ هُنَيْهة، وأَنت

ص: 31

قَدْ تَقُولُ هُنَيْهة فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَدْ تَقُولُ فِيهِ هُنَيَّة؟ كَانَ الْجَوَابُ وَاحِدًا كَالَّذِي قَبْلَهُ، أَلا تَرَى أَن هُنَيْوة الَّذِي هُوَ أَصل لَا يُنْطَق بِهِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ البَتَّة فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى وَوْلَج فِي رَفْضِهِ وَتَرْكِ اسْتِعْمَالِهِ؟ فَهَذَا كُلُّهُ يؤَكد عِنْدَكَ أَن امْتِنَاعَهُ مِنِ اسْتِعْمَالِ آلٍ فِي جَمِيعِ مَوَاقِعِ أَهل إِنما هُوَ لأَن فيه بدلا من بدل، كَمَا كَانَتِ التَّاءُ فِي الْقَسَمِ بَدَلًا مَنْ بَدَلٍ. والإِهَالَةُ: مَا أَذَبْتَ مِنَ الشَّحْمِ، وَقِيلَ: الإِهَالة الشَّحْمُ وَالزَّيْتُ، وَقِيلَ: كُلُّ دُهْنٍ اؤْتُدِم بِهِ إِهالةٌ، والإِهَالَة الوَدَك. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يُدْعى إِلى خُبْز الشَّعِيرِ والإَهالَة السَّنِخَة فيُجيب

، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الأَدهان مِمَّا يُؤْتَدَم بِهِ إِهالَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَا أُذيب مِنَ الأَلْية والشَّحم، وَقِيلَ: الدَّسَم الْجَامِدُ والسَّنِخة الْمُتَغَيِّرَةُ الرِّيحِ. وَفِي حَدِيثِ

كَعْبٍ فِي صِفَةِ النَّارِ: يُجَاءُ بجهنَم يَوْمَ الْقِيَامَةِ كأَنها مَتْنُ إِهَالَة

أَي ظَهْرُها. قَالَ: وَكُلُّ مَا اؤْتدم بِهِ مِنْ زُبْد ووَدَك شَحْمٍ ودُهْنِ سِمْسِمٍ وَغَيْرِهِ فَهُوَ إِهالَة، وَكَذَلِكَ مَا عَلا القِدْرَ مِنْ وَدَك اللَّحْمِ السَّمين إِهالَة، وَقِيلَ: الأَلْية المُذابة وَالشَّحْمُ الْمُذَابُ إِهالَة أَيضاً. ومَتْن الإِهَالَة: ظَهْرُها إِذا سُكِبَت فِي الإِناء، فَشَبَّه كَعْبٌ سُكُونَ جَهَنَّمَ قَبْلَ أَن يَصِيرَ الْكُفَّارُ فِيهَا بِذَلِكَ. واسْتَأْهَل الرجلُ إِذا ائْتَدَمَ بالإِهالة. والمُسْتَأْهِل: الَّذِي يأْخذ الإِهالة أَو يأْكلها؛ وأَنشد ابْنُ قُتَيْبَةَ لِعَمْرِو بْنِ أَسْوَى:

لَا بَلْ كُلِي يَا أُمَّ، واسْتَأْهِلي،

إِن الَّذِي أَنْفَقْتُ مِنْ مالِيَه

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ فُلَانٌ أَهل لِكَذَا وَلَا تَقُلْ مُسْتَأْهِل، والعامَّة تقول. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ فِي أَماليه قَالَ: حَدَّثَنِي أَبو الْهَيْثَمِ خَالِدٌ الْكَاتِبُ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ لإِبراهيم بْنِ الْمَهْدِيِّ بِالْخِلَافَةِ طَلَبَنِي وَقَدْ كَانَ يَعْرِفُنِي، فَلَمَّا دَخَلْتُ إِليه قَالَ: أَنْشِدْني، فَقُلْتُ: يَا أَمير المؤْمنين، لَيْسَ شِعْرِي كَمَا قَالَ

النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكَمًا

، وإِنما أَنا أَمزحُ وأَعْبَثُ بِهِ؛ فَقَالَ: لَا تَقُلْ يَا خَالِدُ هَكَذَا، فَالْعِلْمُ جِدٌّ كُلُّهُ؛ ثُمَّ أَنْشدته:

كُنْ أَنت للرَّحْمَة مُسْتَأْهِلًا،

إِن لَمْ أَكُنْ مِنْكَ بِمُسْتَأْهِل

أَلَيْسَ مِنْ آفَةِ هَذَا الهَوى

بُكاءُ مَقْتُولٍ عَلَى قَاتِلِ؟

قَالَ: مُسْتَأْهِل لَيْسَ مِنْ فَصِيحِ الْكَلَامِ وإِنما المُسْتَأْهِل الَّذِي يأْخذ الإِهالة، قَالَ: وَقَوْلُ خَالِدٍ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لأَنه مُوَلَّدٌ، والله أَعلم.

أول: الأَوْلُ: الرُّجُوعُ. آلَ الشيءُ يَؤُولُ أَوْلًا ومَآلًا: رَجَع. وأَوَّلَ إِليه الشيءَ: رَجَعَه. وأُلْتُ عَنِ الشَّيْءِ: ارْتَدَدْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ صَامَ الدَّهْرَ فَلَا صَامَ وَلَا آلَ

أَي لَا رَجَعَ إِلى خير، والأَوْلُ الرجوع. في حَدِيثِ

خُزَيْمَةَ السُّلَمِيِّ: حَتَّى آلَ السُّلامِيُ

أَي رَجَعَ إِليه المُخ. وَيُقَالُ: طَبَخْت النبيذَ حَتَّى آلَ إِلَى الثُّلُث أَو الرُّبع أَي رَجَع؛ وأَنشد الْبَاهِلِيُّ لِهِشَامٍ:

حَتَّى إِذا أَمْعَرُوا صَفْقَيْ مَباءَتِهِم،

وجَرَّد الخَطْبُ أَثْباجَ الجراثِيم

آلُوا الجِمَالَ هَرامِيلَ العِفاءِ بِها،

عَلَى المَناكِبِ رَيْعٌ غَيْرُ مَجْلُوم

قَوْلُهُ آلُوا الجِمَال: ردُّوها لِيَرْتَحِلُوا عَلَيْهَا. والإِيَّل والأُيَّل: مِنَ الوَحْشِ، وَقِيلَ هُوَ الوَعِل؛

ص: 32

قَالَ الْفَارِسِيُّ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَآلِهِ إِلى الْجَبَلِ يَتَحَصَّنُ فِيهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِيَّل وأُيَّل عَلَى هَذَا فِعْيَل وفُعيْل، وَحَكَى الطُّوسِيُّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَيِّل كسَيِّد مِنْ تذكِرة أَبي عَلِيٍّ. اللَّيْثُ: الأَيِّل الذَّكَرُ مِنَ الأَوْعال، وَالْجَمْعُ الأَيَايِل، وأَنشد:

كأَنَّ فِي أَذْنابِهنَّ الشُّوَّل،

مِنْ عَبَسِ الصَّيْف، قُرونَ الإِيَّل

وَقِيلَ: فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: إِيَّل وأَيِّل وأُيَّل عَلَى مِثَالِ فُعَّل، وَالْوَجْهُ الْكَسْرُ، والأُنثى إِيَّلة، وَهُوَ الأَرْوَى. وأَوَّلَ الكلامَ وتَأَوَّلَهُ: دَبَّره وقدَّره، وأَوَّلَهُ وتَأَوَّلهُ: فَسَّره. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ

؛ أَي لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ عِلْمُ تأْويله، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن عِلْمَ التَّأْوِيل يَنْبَغِي أَن يُنْظَرَ فِيهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَمْ يأْتهم ما يؤُول إِليه أَمرهم فِي التَّكْذِيبِ بِهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَدَلِيلُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ فَقِّهه فِي الدِّينِ وعَلِّمه التَّأْوِيل

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنْ آلَ الشيءُ يَؤُولُ إِلى كَذَا أَي رَجَع وَصَارَ إِليه، وَالْمُرَادُ بالتَّأْوِيل نَقْلُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ عَنْ وَضْعِهِ الأَصلي إِلى مَا يَحتاج إِلى دَلِيلٍ لَوْلَاهُ مَا تُرِك ظاهرُ اللَّفْظِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: كَانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، يُكْثِرُ أَن يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ يَتَأَوَّل القرآنَ

، تَعْنِي أَنه مأْخوذ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ. وَفِي حَدِيثِ

الزُّهْرِيُّ قَالَ: قُلْتُ لعُروة مَا بالُ عائشةَ تُتِمُّ فِي السَّفَر يَعْنِي الصَّلَاةَ؟ قَالَ: تَأَوَّلَت «2» كَمَا تَأَوَّلَ عثمانُ

؛ أَراد بتَأْوِيل عُثْمَانَ مَا رُوِيَ عَنْهُ

أَنه أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ فِي الْحَجِّ

، وَذَلِكَ أَنه نَوَى الإِقامة بِهَا. التَّهْذِيبُ: وأَما التَّأْوِيل فَهُوَ تَفْعِيلٌ مِنْ أَوَّلَ يُؤَوِّلُ تَأْوِيلًا وثُلاثِيُّه آلَ يَؤُولُ أَي رَجَعَ وَعَادَ. وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنِ التَّأْوِيل فَقَالَ: التَّأْوِيل وَالْمَعْنَى وَالتَّفْسِيرُ وَاحِدٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يُقَالُ أُلْتُ الشيءَ أَؤُولُهُ إِذا جَمَعْتَهُ وأَصلحته فَكَانَ التَّأْوِيل جَمْعَ مَعَانِي أَلفاظ أَشكَلَت بِلَفْظٍ وَاضِحٍ لَا إِشْكَالَ فِيهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: أَوَّلَ اللهُ عَلَيْكَ أَمرَك أَي جَمَعَه، وإِذا دَعَوا عَلَيْهِ قَالُوا: لَا أَوَّلَ اللهُ عَلَيْكَ شَمْلَك. وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ للمُضِلِّ: أَوَّلَ اللهُ عَلَيْكَ أَي رَدَّ عَلَيْكَ ضالَّتك وجَمَعها لَكَ. وَيُقَالُ: تَأَوَّلت فِي فُلَانٍ الأَجْرَ إِذا تَحَرَّيته وَطَلَبْتَهُ. اللَّيْثُ: التَّأَوُّلُ والتَّأْوِيلُ تَفْسِيرُ الْكَلَامِ الَّذِي تَخْتَلِفُ مَعَانِيهِ وَلَا يَصِحُّ إِلّا بِبَيَانِ غَيْرِ لَفْظِهِ؛ وأَنشد:

نَحْنُ ضَرَبْناكم عَلَى تَنْزِيلِهِ،

فاليَوْمَ نَضْرِبْكُم عَلَى تَأْوِيلِه «3»

. وأَما قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ

؛ فَقَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا ما يَؤُول إِليه أَمرُهم مِنَ البَعْث، قَالَ: وَهَذَا التَّأْوِيل هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ

؛ أَي لَا يَعْلَمُ مَتَى يَكُونُ أَمْرُ البعث وما يؤول إِليه الأَمرُ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ إِلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ أَي آمَنَّا بِالْبَعْثِ، وَاللَّهُ أَعلم؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا حَسَنٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَعلم اللهُ جَلَّ ذكرُه أَن فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَنزله آياتٍ محكماتٍ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ لَا تَشابُهَ فِيهِ فَهُوَ مَفْهُومٌ مَعْلُومٌ، وأَنزل آيَاتٍ أُخَرَ مُتَشَابِهَاتٍ تَكَلَّمَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ مُجْتَهِدِينَ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَن الْيَقِينَ الَّذِي هُوَ الصَّوَابُ لَا يَعْلَمُهُ إِلا اللَّهُ، وذلك

(2). قوله [قال تَأَوَّلت إلخ] كذا بالأَصل. وفي الأَساس: وتأملته فتَأَوَّلت فيه الخير أي توسمته وتحرَّيته

(3)

. قوله: [نضربْكم]، بالجزم؛ هكذا في الأَصل ولعل الشَّاعِرَ اضطُرّ إِلَى ذَلِكَ محافظة على وزن الشعر الذي هو الرجز

ص: 33

مِثْلُ الْمُشْكَلَاتِ الَّتِي اخْتَلَفَ المُتَأَوِّلُون فِي تأْويلها وَتَكَلَّمَ فيها من تكلم على مَا أَدَّاه الِاجْتِهَادُ إِليه، قَالَ: وإِلى هَذَا مَالَ ابْنُ الأَنباري. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ

، قَالَ: جَزَاءَهُ. يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ

، قَالَ: جَزَاؤُهُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ

، قَالَ: التَّأْوِيل المَرجِع والمَصير مأْخوذ مِنْ آلَ يَؤُولُ إِلى كَذَا أَي صَارَ إِليه. وأَوَّلْتُهُ: صَيَّرته إِليه. الْجَوْهَرِيُّ: التَّأْوِيل تَفْسِيرُ مَا يؤول إِليه الشَّيْءُ، وَقَدْ أَوّلته تَأْوِيلًا وتَأَوَّلْته بِمَعْنَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعْشَى:

عَلَى أَنها كَانَتْ، تَأَوُّلُ حُبِّها

تَأَوُّلُ رِبْعِيِّ السِّقاب، فأَصْحَبا

قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: تَأَوُّلُ حُبِّها أَي تَفْسِيرُهُ وَمَرْجِعُهُ أَي أَن حُبَّهَا كَانَ صَغِيرًا فِي قَلْبِهِ فَلَمْ يَزَلْ يَثْبُتُ حَتَّى أَصْحَب فَصَارَ قَديماً كَهَذَا السَّقْب الصَّغِيرِ لَمْ يَزَلْ يَشِبُّ حَتَّى صَارَ كَبِيرًا مِثْلَ أُمه وَصَارَ لَهُ ابْنٌ يَصْحَبُهُ. والتَّأْوِيل: عِبَارَةُ الرُّؤْيَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هَذَا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ

. وآلَ مالَه يَؤُولُه إِيَالَة إِذا أَصلحه وَسَاسَهُ. والائْتِيَال: الإِصلاح وَالسِّيَاسَةُ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ عَامِرِ بْنِ جُوَين:

كَكِرْفِئَةِ الغَيْثِ، ذاتِ الصَّبيرِ،

تَأْتي السَّحاب وتَأْتَالَها

وَفِي حَدِيثِ

الأَحنف: قَدْ بَلَوْنا فُلَانًا فَلَمْ نَجِدْ عِنْدَهُ إِيَالَة للمُلْك

، والإِيَالَة السِّياسة؛ فلان حَسَن الإِيَالَة وسيِءُ الإِيَالَة؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:

بِصَبُوحِ صافِيَةٍ، وجَذْبِ كَرِينَةٍ

بِمُؤَتَّرٍ، تَأْتَالُه، إِبْهامُها

قِيلَ هُوَ تَفْتَعِلُهُ مِنْ أُلْتُ أَي أَصْلَحْتُ، كَمَا تَقُولُ تَقْتَاله مَنْ قُلت، أَي تُصْلِحهُ إِبهامُها؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَعْنَاهُ تُصْلِحُهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَرْجِعُ إِليه وتَعطِف عَلَيْهِ، وَمَنْ رَوَى تَأْتَا لَه فإِنه أَراد تأْتوي مِنْ قَوْلِكَ أَوَيْت إِلى الشَّيْءِ رَجَعْت إِليه، فَكَانَ يَنْبَغِي أَن تَصِحَّ الْوَاوُ، وَلَكِنَّهُمْ أَعَلُّوه بِحَذْفِ اللَّامِ وَوَقَعَتِ الْعَيْنُ مَوْقِعَ اللَّامِ فَلَحِقَهَا مِنَ الإِعلال مَا كَانَ يَلْحَقُ اللَّامَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُهُ أُلْنَا وإِيلَ عَلَيْنَا أَي سُسْنَا وسَاسونا. والأَوْل: بُلُوغُ طِيبِ الدُّهْن بِالْعِلَاجِ. وآلَ الدُّهْن والقَطِران والبول والعسل يَؤُولُ أَوْلًا وإِيَالًا: خَثُر؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

كأَنَّ صَاباً آلَ حَتَّى امْطَلَّا

أَي خَثُر حَتَّى امتدَّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ:

عُصَارَةُ جَزْءٍ آلَ، حَتَّى كأَنَّما

يُلاقُ بِجَادِيٍّ ظُهُورُ العَراقبِ

وأَنشد لِآخَرَ:

ومِنْ آيِلٍ كالوَرْسِ نَضْحاً كَسَوْنَهُ

مُتُونَ الصَّفا، مِنْ مُضْمَحِلٍّ وناقِع

التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لأَبوال الإِبل الَّتِي جَزَأَت بالرُّطْب فِي آخِرِ جَزْئِها: قَدْ آلَتْ تَؤُولُ أَوْلًا إِذا خَثُرت فَهِيَ آيِلَة؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:

ومِنْ آيِلٍ كالوَرْسِ نَضْح سُكُوبه

مُتُونَ الحَصَى، مِنْ مُضْمَحِلٍّ وَيَابِسِ

وآلَ اللبنُ إِيالًا: تَخَثَّر فَاجْتَمَعَ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ، وأُلْتُهُ أَنا. وأَلْبانٌ أُيَّل؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا عَزِيزٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن تُجْمَعَ صِفَةُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ عَلَى فُعَّل وإِن كَانَ قَدْ جَاءَ مِنْهُ نَحْوَ عِيدان

ص: 34

قُيَّسٌ، وَلَكِنَّهُ نَادِرٌ، والآخَرُ أَنه يَلْزَمُ فِي جَمْعِهِ أُوَّل لأَنه مِنَ الْوَاوِ بِدَلِيلِ آلَ أَوْلًا لَكِنَّ الْوَاوَ لَما قَرُبت مِنَ الطَّرَفِ احْتَمَلت الإِعلال كَمَا قَالُوا نُيَّم وصُيَّم. والإِيَالُ: وِعَاءُ اللّبَن. اللَّيْثُ: الإِيَال، عَلَى فِعال، وِعاء يُؤَالُ فِيهِ شَراب أَو عَصِيرٌ أَو نَحْوُ ذَلِكَ. يُقَالُ: أُلْتُ الشرابَ أَؤُولُهُ أَوْلًا؛ وأَنشد:

فَفَتَّ الخِتامَ، وَقَدْ أَزْمَنَتْ،

وأَحْدَث بَعْدَ إِيالٍ إِيَالا

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالَّذِي نَعْرِفُهُ أَن يُقَالَ آلَ الشرابُ إِذا خَثُر وَانْتَهَى بلوغُه ومُنْتهاه مِنَ الإِسكار، قَالَ: فَلَا يُقَالُ أُلْتُ الشرابَ. والإِيَال: مَصْدَرُ آلَ يَؤُول أَوْلًا وإِيَالًا، والآيِل: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ، وَالْجَمْعُ أُيَّل مِثْلُ قَارِحٍ وقُرَّح وَحَائِلٍ وحُوَّل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

وكأَنَّ خاثِرَه إِذا ارْتَثَؤُوا بِهِ

عَسَلٌ لَهُمْ، حُلِبَتْ عَلَيْهِ الأُيَّل

وَهُوَ يُسَمِّن ويُغْلِم؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ يَهْجُو لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ:

وبِرْذَوْنَةٍ بَلَّ البَراذينُ ثَغْرَها،

وَقَدْ شَرِبتْ مِنْ آخِرِ الصَّيْفِ أُيَّلا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: بُريْذِينةٌ، بِالرَّفْعِ وَالتَّصْغِيرِ دُونَ وَاوٍ، لأَن قَبْلَهُ:

أَلا يَا ازْجُرَا لَيْلى وقُولا لَهَا: هَلا،

وَقَدْ ركبَتْ أَمْراً أَغَرَّ مُحَجَّلا

وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ عِنْدَ قَوْلِهِ شَرِبَتْ أَلْبان الأَيَايِل قَالَ: هَذَا مِحَالٌ، وَمِنْ أَين تُوجَدُ أَلبان الأَيايل؟ قَالَ: وَالرِّوَايَةُ وَقَدْ شَرِبَتْ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أُيَّلا، وَهُوَ اللَّبَنُ الْخَاثِرُ مِنْ آلَ إِذا خَثُر. قَالَ أَبو عَمْرٍو: أُيَّل أَلبان الأَيايل، وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُوَ الْبَوْلُ الْخَاثِرُ بِالنَّصْبِ «1» مِنْ أَبوال الأُرْوِيَّة إِذا شَرِبَتْهُ المرأَة اغْتَلَمَتْ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الأُيَّل هُوَ ذُو الْقَرْنِ الأَشعث الضخمِ مِثْلُ الثَّوْرِ الأَهلي. ابْنُ سِيدَهْ: والأُيَّل بَقِيَّةُ اللَّبَنِ الْخَاثِرِ، وَقِيلَ: الْمَاءُ فِي الرَّحِمِ، قَالَ: فأَما مَا أَنشده ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ قَوْلِ النَّابِغَةِ:

وَقَدْ شَرِبَتْ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِيَّلا

فَزَعَمَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنه أَراد لَبَنَ إِيَّل، وَزَعَمُوا أَنه يُغْلِم ويُسَمِّن، قَالَ: وَيُرْوَى أُيَّلا، بِالضَّمِّ، قَالَ: وَهُوَ خطأٌ لأَنه يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أُوَّلًا. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَقَدْ أَخطأَ ابْنُ حَبِيبٍ لأَن سيبوبه يَرَى الْبَدَلَ فِي مِثْلِ هَذَا مُطَّرِدًا، قَالَ: وَلَعَمْرِي إِن الصَّحِيحَ عِنْدَهُ أَقوى مِنَ الْبَدَلِ، وَقَدْ وَهِم ابْنُ حَبِيبٍ أَيضاً فِي قَوْلِهِ إِن الرِّوَايَةَ مَرْدُودَةٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، لأَن أُيَّلا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مثْلُها فِي إِيّلا، فَيُرِيدُ لَبَنَ أُيَّل كَمَا ذَهَبَ إِليه فِي إِيَّل، وَذَلِكَ أَن الأُيَّل لُغَةٌ فِي الإِيَّل، فإِيَّل كحِثْيَل وأُيَّل كَعُلْيَب، فَلَمْ يَعْرِفِ ابْنُ حَبِيبٍ هَذِهِ اللُّغَةَ. قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلى أَن أُيَّلا فِي هَذَا الْبَيْتِ جَمْعُ إِيَّل، وَقَدْ أَخْطأَ مِنْ ظَنَّ ذَلِكَ لأَن سِيبَوَيْهِ لَا يَرَى تَكْسِيرَ فِعَّل عَلَى فُعَّل وَلَا حَكَاهُ أَحد، لَكِنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ اسْمًا لِلْجَمْعِ؛ قَالَ وَعَلَى هَذَا وَجَّهت أَنا قَوْلَ الْمُتَنَبِّي:

وقِيدَت الأُيَّل فِي الحِبال،

طَوْع وهُوقِ الخَيْل وَالرِّجَالِ

غَيْرُهُ: والأُيَّل الذَّكَر مِنَ الأَوعال، وَيُقَالُ لِلَّذِي يُسَمَّى

(1). قوله [بالنصب] يعني فتح الهمزة

ص: 35

بالفارسية گوزن، وَكَذَلِكَ الإِيَّل، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ الأَيِّل، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْيَاءِ، قَالَ الْخَلِيلُ: وإِنما سمي أَيِّلًا لأَنه يَؤُول إِلى الْجِبَالِ، وَالْجَمْعُ إِيَّل وأُيَّل وأَيَايِل، وَالْوَاحِدُ أَيِّل مِثْلَ سَيِّد ومَيِّت. قَالَ: وَقَالَ أَبو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ مُوَافِقًا لِهَذَا الْقَوْلِ الإِيَّل جَمْعُ أَيِّل، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ بِدَلِيلِ قَوْلِ جَرِيرٍ:

أَجِعثنُ، قَدْ لاقيتُ عِمْرَانَ شَارِبًا،

عَنِ الحَبَّة الخَضْراء، أَلبان إِيَّل

وَلَوْ كَانَ إِيَّل وَاحِدًا لَقَالَ لَبَنَ إِيَّل؛ قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى أَن وَاحِدَ إِيَّل أَيِّل، بِالْفَتْحِ، قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:

وَقَدْ شَرِبت مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أَيِّلًا

قَالَ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ، قَالَ: تَقْدِيرُهُ لبن أَيِّل ولأَن أَلبان الإِيَّل إِذا شَرِبَتْهَا الْخَيْلُ اغتَلَمت. أَبو حَاتِمٍ: الآيِل مِثْلُ الْعَائِلِ اللَّبَنُ الْمُخْتَلِطُ الْخَاثِرُ الَّذِي لَمْ يُفْرِط فِي الخُثورة، وَقَدْ خَثُرَ شَيْئًا صَالِحًا، وَقَدْ تَغَيَّرَ طَعمه إِلى الحَمَض شَيْئًا وَلَا كُلَّ ذَلِكَ. يقال: آلَ يَؤُولُ أَوْلًا وأُوُولًا، وَقَدْ أُلْتُهُ أَي صَبَبْتُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى آلَ وَطَابَ وخَثُر. وآلَ: رَجَع، يُقَالُ: طَبَخْتُ الشَّرَابَ فآلَ إِلى قَدْر كَذَا وَكَذَا أَي رَجَعَ. وآلَ الشيءُ مَآلًا: نَقَص كَقَوْلِهِمْ حَارَ مَحاراً. وأُلْتُ الشيءَ أَوْلًا وإِيالًا: أَصلحته وسُسْتُه. وإِنه لَآيِلُ مَالٍ وأَيِّل مَالٍ أَي حَسَنُ الْقِيَامِ عَلَيْهِ. أَبو الْهَيْثَمِ: فُلَانٌ آيِلُ مَالٍ وَعَائِسُ مَالٍ ومُراقِح مَالٍ «1» وإِزَاء مَالٍ وسِرْبال مَالٍ إِذا كَانَ حَسَنَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَالسِّيَاسَةِ لَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ خالُ مالٍ وَخَائِلُ مَالٍ. والإِيَالة: السِّياسة. وآلَ عَلَيْهِمْ أَوْلًا وإِيَالًا وإِيَالة: وَليَ. وَفِي الْمَثَلِ: قَدْ أُلْنا وإِيل عَلَيْنَا، يَقُولُ: ولِينا وَوُلي عَلَيْنَا، وَنَسَبَ ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْقَوْلُ إِلى عُمَرَ وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَي سُسْنا وسِيسَ عَلَيْنَا، وقال الشَّاعِرُ:

أَبا مالِكٍ فانْظُرْ، فإِنَّك حَالِبُ

صَرَى الحَرْب، فانْظُرْ أَيَّ أَوْلٍ تَؤُولُها

وآلَ المَلِك رَعِيَّته يَؤُولُها أَوْلًا وإِيالًا: سَاسَهُمْ وأَحسن سِيَاسَتَهُمْ وَوَليَ عَلَيْهِمْ. وأُلْتُ الإِبلَ أَيْلًا وإِيالًا: سُقْتها. التَّهْذِيبُ: وأُلْتُ الإِبل صَرَرْتها فَإِذَا بَلَغَتْ إِلى الحَلْب حَلْبَتُهَا. وَالْآلُ: مَا أَشرف مِنَ الْبَعِيرِ. وَالْآلُ: السَّرَابُ، وَقِيلَ: الْآلُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ ضُحى كَالْمَاءِ بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْض يَرْفَعُ الشُّخوص ويَزْهَاهَا، فأَما السَّرَاب فَهُوَ الَّذِي يَكُونُ نِصْفَ النَّهَارِ لاطِئاً بالأَرْض كأَنه مَاءٌ جَارٍ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْآلُ فِي أَوّل النَّهَارِ؛ وأَنشد:

إِذ يَرْفَعُ الآلُ رأْس الْكَلْبِ فَارْتَفَعَا

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّرَاب يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ؛ وَفِي حَدِيثِ قُسّ بْنِ ساعدَة:

قَطَعَتْ مَهْمَهاً وَآلًا فَآلَا

الآل: السَّراب، والمَهْمَهُ: القَفْر. الأَصمعي: الْآلُ وَالسَّرَابُ وَاحِدٌ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ: الْآلُ مِنَ الضُّحَى إِلى زَوَالِ الشَّمْسِ، وَالسَّرَابُ بَعْدَ الزَّوَالِ إِلى صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَاحْتَجُّوا بأَن الْآلَ يَرْفَعُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى يَصِيرَ آلًا أَي شَخْصاً، وآلُ كُلِّ شَيْءٍ: شَخْصه، وأَن السَّرَابَ يُخْفِضُ كُلَّ شَيْءٍ فِيهِ حتى يصير لاصقاً

(1). قوله [ومراقح مال] الذي في الصحاح وغيره من كتب اللغة: رقاحيّ مال

ص: 36

بالأَرض لَا شَخْصَ لَهُ؛ وَقَالَ يُونُسُ: تَقُولُ الْعَرَبُ الْآلُ مُذ غُدْوة إِلى ارْتِفَاعِ الضُّحَى الأَعلى، ثُمَّ هُوَ سَرَابٌ سائرَ الْيَوْمِ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْآلُ الَّذِي يَرْفَعُ الشُّخُوصَ وَهُوَ يَكُونُ بِالضُّحَى، والسَّراب الَّذِي يَجْري عَلَى وَجْهِ الأَرض كأَنه الْمَاءُ وَهُوَ نِصْفُ النَّهَارِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ الَّذِي رأَيت الْعَرَبَ بِالْبَادِيَةِ يَقُولُونَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الْآلُ الَّذِي تَرَاهُ فِي أَول النَّهَارِ وَآخِرِهِ كأَنه يَرْفَعُ الشُّخُوصَ وَلَيْسَ هُوَ السَّرَابُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:

حَتَّى لَحِقنا بِهِمْ تُعْدي فَوارِسُنا،

كأَنَّنا رَعْنُ قُفٍّ يَرْفَعُ الْآلَا

أَراد يَرْفَعُهُ الْآلُ فَقَلَبَهُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَجْهُ كَوْنِ الْفَاعِلِ فِيهِ مَرْفُوعًا وَالْمَفْعُولِ مَنْصُوبًا باسمٍ «2» صَحِيحٍ، مَقُول بِهِ، وَذَلِكَ أَن رَعْن هَذَا القُفِّ لَمَّا رَفَعَهُ الآل فرُؤي فِيهِ ظَهَرَ بِهِ الْآلُ إِلى مَرْآة الْعَيْنِ ظُهُورًا لَوْلَا هَذَا الرَّعْن لَمْ يَبِنْ لِلْعَيْنِ بَيانَه إِذا كَانَ فِيهِ، أَلا تَرَى أَن الْآلَ إِذا بَرَق لِلْبَصَرِ رَافِعًا شَخْصه كَانَ أَبدى لِلنَّاظِرِ إِليه مِنْهُ لَوْ لَمْ يُلَاقِ شَخْصًا يَزْهاه فَيَزْدَادُ بِالصُّورَةِ الَّتِي حَمَلَهَا سُفوراً وَفِي مَسْرَح الطَّرْف تجَلِّياً وَظُهُورًا؟ فإِن قُلْتَ: فَقَدْ قَالَ الأَعشى:

إِذ يَرْفَع الآلُ رأْسَ الكلبِ فَارْتَفَعَا

فَجَعَلَ الْآلَ هُوَ الْفَاعِلُ وَالشَّخْصَ هُوَ الْمَفْعُولُ، قِيلَ: لَيْسَ فِي هَذَا أَكثر مِنْ أَن هَذَا جَائِزٌ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَن غَيْرَهُ لَيْسَ بِجَائِزٍ، أَلا تَرَى أَنك إِذا قُلْتَ مَا جَاءَنِي غَيْرُ زَيْدٍ فإِنما فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن الَّذِي هُوَ غَيْرَهُ لَمْ يأْتك، فأَما زَيْدٌ نَفْسُهُ فَلَمْ يُعَرَّض للإِخبار بإِثبات مَجِيءٍ لَهُ أَو نَفْيِهِ عَنْهُ، فَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ قَدْ جَاءَ وأَن يَكُونَ أَيضاً لَمْ يَجِئْ؟ وَالْآلُ: الخَشَبُ المُجَرَّد؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

آلٌ عَلَى آلٍ تَحَمَّلَ آلَا

فَالْآلُ الأَول: الرَّجُلُ، وَالثَّانِي السَّرَابُ، وَالثَّالِثُ الْخَشَبُ؛ وَقَوْلُ أَبي دُوَاد:

عَرَفْت لَهَا مَنزلًا دَارِسًا،

وَآلًا عَلَى الْمَاءِ يَحْمِلْنَ آلَا

فَالْآلُ الأَول عِيدانُ الخَيْمة، وَالثَّانِي الشَّخْصُ؛ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الْآلُ بمعنى السَّرَابِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة:

تَبَطَّنْتُها والقَيْظَ، مَا بَيْن جَالِها

إِلى جَالِها سِتْرٌ مِنَ الْآلِ نَاصِحُ

وَقَالَ النَّابِغَةُ:

كأَنَّ حُدُوجَها فِي الآلِ ظُهْراً،

إِذا أُفْزِعْنَ مِنْ نَشْرٍ، سَفِينُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَقَوْلُهُ ظُهْراً يَقْضِي بأَنه السَّرَابُ، وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:

وأَشْعَثَ فِي الدارِ ذِي لِمَّة،

لَدَى آلِ خَيْمٍ نَفَاهُ الأَتِيُ

قِيلَ: الْآلُ هُنَا الْخَشَبُ. وآلُ الْجَبَلِ: أَطرافه وَنَوَاحِيهِ. وآلُ الرَّجُلِ: أَهلُه وعيالُه، فإِما أَن تَكُونَ الأَلف مُنْقَلِبَةً عَنْ وَاوٍ، وإِما أَن تَكُونَ بَدَلًا مِنَ الْهَاءِ، وَتَصْغِيرُهُ أُوَيْل وأُهَيْل، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِما لَا يَعْقِلُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

نَجَوْتَ، وَلَمْ يَمْنُنْ عَلَيْكَ طَلاقَةً

سِوَى رَبَّة التَّقْريبِ من آل أَعْوَجا

وَالْآلُ: آلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم. قال أَبو

(2). أراد بالاسم الصحيح: الرَّعْن

ص: 37

الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْآلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: آلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، مَنِ اتَّبَعَهُ قَرَابَةً كَانَتْ أَو غَيْرَ قَرَابَةٍ، وَآلُهُ ذُو قَرَابَتِهِ مُتَّبعاً أَو غَيْرَ مُتَّبع؛ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْآلُ والأَهل وَاحِدٌ، وَاحْتَجُّوا بأَن الْآلَ إِذا صُغِّرَ قِيلَ أُهَيْل، فكأَن الْهَمْزَةَ هَاءٌ كَقَوْلِهِمْ هَنَرْتُ الثَّوْبَ وأَنَرْته إِذا جَعَلْتَ لَهُ عَلَماً؛ قَالَ: وَرَوَى الْفَرَّاءُ عَنِ الْكِسَائِيِّ فِي تَصْغِيرِ آلٍ أُوَيْل؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: فَقَدْ زَالَتْ تِلْكَ الْعِلَّةُ وَصَارَ الْآلُ والأَهل أَصلين لِمَعْنَيَيْنِ فَيَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ كُلُّ مَنِ اتَّبَعَ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قُرَابَةً كَانَ أَو غَيْرَ قُرَابَةٍ؛ وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ أَنه سُئِلَ عَنْ

قَوْلِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ

: مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: قَالَ قَائِلٌ آلُهُ أَهله وأَزواجه كأَنه ذَهَبَ إِلى أَن الرَّجُلَ تَقُولُ لَهُ أَلَكَ أَهْلٌ؟ فَيَقُولُ: لَا وإِنما يَعْنِي أَنه لَيْسَ لَهُ زَوْجَةٌ، قَالَ: وَهَذَا مَعْنَى يَحْتَمِلُهُ اللِّسَانُ وَلَكِنَّهُ مَعْنَى كَلَامٍ لَا يُعْرَف إِلَّا أَن يَكُونَ لَهُ سَبَبُ كَلَامٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَن يُقَالَ لِلرَّجُلِ: تزوَّجتَ؟ فَيَقُولُ: مَا تأَهَّلت، فَيُعْرَف بأَول الْكَلَامِ أَنه أَراد مَا تَزَوَّجْتُ، أَو يَقُولُ الرَّجُلُ أَجنبت مِنْ أَهلي فَيُعْرَفُ أَن الْجَنَابَةَ إِنما تَكُونُ مِنَ الزَّوْجَةِ، فأَما أَن يَبْدَأَ الرَّجُلُ فَيَقُولُ أَهلي بِبَلَدِ كَذَا فأَنا أَزور أَهلي وأَنا كَرِيمُ الأَهْل، فإِنما يَذْهَبُ النَّاسُ فِي هَذَا إِلى أَهل الْبَيْتِ، قَالَ: وَقَالَ قَائِلٌ آلُ مُحَمَّدٍ أَهل دِينِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَمَنْ ذَهَبَ إِلى هَذَا أَشبه أَن يَقُولَ قَالَ اللَّهُ لِنُوحٍ: احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ، وَقَالَ نُوحٌ: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي، فَقَالَ تبارك وتعالى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ، أَي لَيْسَ مِنْ أَهل دِينِكَ؛ قَالَ: وَالَّذِي يُذْهَب إِليه فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ أَن مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ من أَهلك الذين أَمرناك بِحَمْلِهِمْ مَعَكَ، فإِن قَالَ قَائِلٌ: وَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ؟ قِيلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ*، فأَعلمه أَنه أَمره بأَن يَحْمِل مِنْ أَهله مَنْ لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْ أَهل الْمَعَاصِي، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ، قَالَ: وَذَهَبَ نَاسٌ إِلى أَن آلَ مُحَمَّدٍ قَرَابَتُهُ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنْ قَرَابَتِهِ، وإِذا عُدَّ آلُ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الَّذِينَ إِليه نَسَبُهم، ومن يُؤْويه بَيْتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَو مَمْلُوكٍ أَو مَوْلى أَو أَحد ضَمَّه عِيَالُهُ وَكَانَ هَذَا فِي بَعْضِ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَل أَبيه دُونَ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَل أُمه، لَمْ يَجُزْ أَن يَسْتَدِلَّ عَلَى مَا أَراد اللَّهُ مِنْ هَذَا ثُمَّ رَسُولَهُ إِلا بسنَّة رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَالَ: إِن الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ دَلَّ عَلَى أَن آلَ مُحَمَّدٍ هُمُ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ وعُوِّضوا مِنْهَا الخُمس، وَهِيَ صَلِيبة بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَهُمُ الَّذِينَ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ بَعْدَ نَبِيِّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجمعين. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَاخْتُلِفَ فِي آلِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، الَّذِينَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لَهُمْ، فالأَكثر عَلَى أَنهم أَهل بَيْتِهِ؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ: دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَن آلَ مُحَمَّدٍ هُمُ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ وَعُوِّضُوا مِنْهَا الخُمس، وَقِيلَ: آلُهُ أَصحابه وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

لَقَدْ أُعْطِي مِزْماراً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ

، أَراد مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ نَفْسِهِ. وَالْآلُ: صِلَةٌ زَائِدَةٌ. وَآلُ الرَّجُلِ أَيضاً: أَتباعه؛ قَالَ الأَعشى:

فكذَّبوها بِمَا قَالَتْ، فَصَبَّحَهم

ذُو آلِ حَسَّانَ يُزْجي السَّمَّ والسَّلَعا

يَعْنِي جَيْشَ تُبَّعٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ

. التَّهْذِيبُ: شَمِرٌ قَالَ أَبو عَدْنَانَ قَالَ لِي مَنْ لَا أُحْصِي

ص: 38

مِنْ أَعراب قَيْسٍ وَتَمِيمٍ: إِيلة الرَّجُلِ بَنُو عَمِّه الأَدْنَوْن. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنْ أَطاف بِالرَّجُلِ وَحَلَّ مَعَهُ مِنْ قَرَابَتِهِ وعِتْرته فَهُوَ إِيلته؛ وَقَالَ العُكْلي: وَهُوَ مِنْ إِيلَتِنا أَي مِنْ عِتْرَتنا. ابْنُ بَزْرَجٍ: إِلَةُ الرَّجُلِ الَّذِينَ يَئِلُ إِليهم وَهُمْ أَهله دُنيا. وهؤُلاء إِلَتُكَ وَهُمْ إِلَتي الَّذِينَ وأَلْتُ إِليهم. قَالُوا: رَدَدْتُهُ إِلى إِلَتِهِ أَي إِلى أَصله؛ وأَنشد:

وَلَمْ يَكُنْ فِي إِلَتِي عَوَالَا

يُرِيدُ أَهل بَيْتِهِ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ نَوَادِرِهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَما إِلَة الرَّجُلِ فَهُمْ أَهل بَيْتِهِ الَّذِينَ يَئِلُ إِليهم أَي يلجأُ إِليهم. وَالْآلُ: الشَّخْصُ؛ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ

يَمانِيَةٍ أَحْيا لَهَا مَظَّ مائِدٍ

وَآلَ قِراسٍ، صَوْبُ أَرْمِيَةٍ كُحْلِ

يَعْنِي مَا حَوْلَ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ النَّبَاتِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الْآلُ الَّذِي هُوَ الأَهل. وَآلُ الخَيْمة: عَمَدها. الْجَوْهَرِيُّ: الْآلَةُ وَاحِدَةُ الْآلِ وَالْآلَاتِ وَهِيَ خَشَبَاتٌ تُبْنَى عَلَيْهَا الخَيْمة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كثيِّر يَصِفُ نَاقَةً وَيُشَبِّهُ قَوَائِمَهَا بِهَا:

وتُعْرَف إِن ضَلَّتْ، فتُهْدَى لِرَبِّها

لموضِع آلَاتٍ مِنَ الطَّلْح أَربَع

والآلةُ: الشِّدَّة. وَالْآلَةُ: الأَداة، وَالْجَمْعُ الْآلَاتُ. وَالْآلَةُ: مَا اعْتَمَلْتَ بِهِ مِنَ الأَداة، يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ.

وَقَوْلُ عَلِيٍّ، عليه السلام: تُسْتَعْمَل آلَةُ الدِّينِ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا

؛ إِنما يَعْنِي بِهِ الْعِلْمَ لأَن الدِّينَ إِنما يَقُومُ بِالْعِلْمِ. وَالْآلَةُ: الْحَالَةُ، وَالْجَمْعُ الآلُ. يُقَالُ: هُوَ بآلَة سُوءٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

قَدْ أَرْكَبُ الآلَةَ بَعْدَ الْآلَهْ،

وأَتْرُك العاجِزَ بالجَدَالَه

وَالْآلَةُ: الجَنازة. وَالْآلَةُ: سَرِيرُ الْمَيِّتِ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي العَمَيْثَل؛ وَبِهَا فَسَّرَ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:

كُلُّ ابنِ أُنْثَى، وإِن طالَتْ سَلَامَتُه،

يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمُولُ

التَّهْذِيبُ: آلَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ أَي وَأَل مِنْهُ ونَجَا، وَهِيَ لُغَةُ الأَنصار، يَقُولُونَ: رَجُلٌ آيِل مَكَانَ وَائِلٍ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:

يَلُوذ بشُؤْبُوبٍ مِنَ الشَّمْسِ فَوْقَها،

كَمَا آلَ مِن حَرِّ النَّهَارِ طَرِيدُ

وَآلَ لحمُ النَّاقَةِ إِذا ذَهَب فضَمُرت؛ قَالَ الأَعْشَى:

أَذْلَلْتُهَا بعد المِرَاح،

فَآلَ مِنْ أَصلابها

أَي ذَهَبَ لحمُ صُلْبها. والتَّأْوِيل: بَقْلة ثَمَرَتِهَا فِي قُرُونٍ كَقُرُونِ الْكِبَاشِ، وَهِيَ شَبِيهة بالقَفْعاء ذَاتِ غِصَنَة وَوَرَقٍ، وَثَمَرَتُهَا يَكْرَهُهَا الْمَالُ، وَوَرَقُهَا يُشْبِهُ وَرَقَ الْآسِ وهيَ طَيِّبة الرِّيحِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّنْبيت، وَاحِدَتُهُ تَأْوِيلَة. وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ قَالَ: إِنما طَعَامُ فُلَانٍ الْقَفْعَاءُ والتَّأْوِيل، قَالَ: والتَّأْوِيل نَبْتٌ يَعْتَلِفُهُ الْحِمَارُ، وَالْقَفْعَاءُ شَجَرَةٌ لَهَا شَوْكٌ، وإِنما يُضْرَبُ هَذَا الْمَثَلَ لِلرَّجُلِ إِذا اسْتَبْلَدَ فَهْمُهُ وَشُبِّهَ بِالْحِمَارِ فِي ضَعْفِ عَقْلِهِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ. الْعَرَبُ تَقُولُ أَنت فِي ضَحَائك «1» بين القَفْعاء

(1). قوله [أنت في ضحائك] هكذا في الأَصل، والذي في شرح القاموس: أنت من الفحائل

ص: 39

والتَّأْوِيل، وَهُمَا نَبْتَان مَحْمُودَانِ مِنْ مَرَاعي الْبَهَائِمِ، فإِذا أَرادوا أَن يَنْسِبُوا الرَّجُلَ إِلى أَنه بَهِيمَةٌ إِلا أَنه مُخْصِب مُوَسَّع عَلَيْهِ ضَرَبُوا لَهُ هَذَا الْمَثَلَ؛ وأَنشد غَيْرُهُ لأَبي وَجْزَة السَّعْدِيِّ:

عَزْبُ المَراتع نَظَّارٌ أَطاعَ لَهُ،

مِنْ كُلِّ رَابِيَةٍ، مَكْرٌ وتأْويل

أَطاع لَهُ: نَبَت لَهُ كَقَوْلِكَ أَطَاعَ لَهُ الوَرَاقُ، قَالَ: ورأَيت فِي تَفْسِيرِهِ أَن التَّأْوِيل اسْمُ بَقْلَةٍ تُولِعُ بَقْرَ الْوَحْشِ، تَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والمَكْر والقَفْعاء قَدْ عَرِفْتُهُمَا ورأَيتهما، قَالَ: وأَما التَّأْوِيل فإِني مَا سَمِعْتُهُ إِلَّا فِي شِعْرِ أَبي وَجْزَةَ هَذَا وَقَدْ عَرَفَهُ أَبو الْهَيْثَمِ وأَبو سَعِيدٍ. وأَوْل: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

أَيا نَخْلَتَيْ أَوْلٍ، سَقَى الأَصْلَ مِنكما

مَفِيضُ الرُّبى، والمُدْجِناتُ ذُرَاكُما

وأُوَال وأَوَالُ: قَرْيَةٌ، وَقِيلَ اسْمُ مَوْضِعٍ مِمَّا يَلِي الشَّامَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ: أَنشده سِيبَوَيْهِ:

مَلَكَ الخَوَرْنَقَ والسَّدِيرَ، ودَانَه

مَا بَيْنَ حِمْيَرَ أَهلِها وأَوَال

صَرَفَهُ لِلضَّرُورَةِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأُنَيف بْنِ جَبَلة:

أَمَّا إِذا اسْتَقْبَلْتُهُ فكأَنَّه

للعَيْنِ جِذْعٌ، مِنْ أَوَال، مُشَذَّبُ

أيل: أَيْلَة: اسْمُ بلدٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

فإِنَّكُمُ، والمُلْكَ، يا أَهْل أَيْلَةٍ

لَكَالمُتأَبِّي، وَهْو لَيْسَ لَهُ أَبُ

أَراد كالمتأَبي أَباً؛ وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

مَلَكَا مِنْ جَبَل الثلْجِ إِلى

جَانِبَيْ أَيْلَةَ، مِنْ عَبْدٍ وحُرّ

وإِيلُ: مِنْ أَسماء اللَّهِ عز وجل، عِبْراني أَو سُرْياني. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وَقَوْلُهُمْ جَبْرائيل ومِيكائيل وشَرَاحِيل وإِسْرافِيل وأَشباهها إِنما تُنْسَب إِلى الرُّبُوبِيَّةِ، لأَن إِيلًا لُغَةٌ فِي إِلّ، وَهُوَ اللَّهُ عز وجل، كَقَوْلِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ وتَيْم اللَّهِ، فجَبْر عَبْدٍ مُضَافٍ إِلى إِيل، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَائِزٌ أَن يَكُونَ إِيل أُعرب فَقِيلَ إِلٌّ. وإِيلِياء: مَدِينَةُ بَيْتِ المَقدس، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْصر الْيَاءَ فَيَقُولُ إِلياءُ، وكأَنهما رُومِيَّان؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

وبَيْتانِ: بَيْتُ اللَّهِ نَحن وُلاتُه،

وبَيْتٌ بأَعْلى إِيلِياءَ مُشَرَّف

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن عُمَرَ، رضي الله عنه، أَهَلَّ بحَجَّةٍ مِنْ إِيلياء

؛ هِيَ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ اسْمُ مَدِينَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَقَدْ تشدَّد الْيَاءُ الثَّانِيَةُ وَتُقْصَرُ الْكَلِمَةُ، وَهُوَ معرَّب. وأَيْلَة: قَرْيَةٌ عربية وَوَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، الْبَلَدُ الْمَعْرُوفُ فِيمَا بَيْنَ مِصْرَ وَالشَّامِ. وأَيَّل: اسْمُ جَبَل؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:

تَرَبَّع أَكناف القَنَانِ فَصارَةٍ،

فأَيَّلَ فالمَاوَانِ، فَهْو زَهُوم

وَهَذَا بناءٌ نَادِرٌ كَيْفَ وَزَنْتَه لأَنه فَعَّلٌ أَوْ فَيْعَل أَو فَعْيَل، فالأَوَّل لَمْ يجئْ مِنْهُ إِلَّا بَقَّم وشَلَّم، وَهُوَ أَعجميٌّ، وَالثَّانِي لَمْ يَجِئْ مِنْهُ إِلَّا قَوْلُهُ:

مَا بَالُ عَيْني كالشَّعِيبِ العَيَّنِ

ص: 40