المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من سورتي الطور والقلم - لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب

[فاضل صالح السامرائي]

الفصل: ‌من سورتي الطور والقلم

‌من سورتي الطور والقلم

قال تعالى في سورة الطور: {فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ} .

وقال في سورة القلم: {مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} .

فزاد قوله: (بكاهن) على ما في سورة القلم، فما سببُ ذاك؟

والجواب: أن هناك أكثر من سببٍ دعا إلى هذه الزيادة.

1-

منها أنه فصّل في سورة الطور في ذِكْرِ أقوال الكفَرة في الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد ذكروا أنه كاهن، وذكروا أنه مجنون، وذكروا أنه شاعر {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون} ، وقالوا: إنه كاذب {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَاّ يُؤْمِنُونَ} .

في حين لم يذكر غير قولهم إنه مجنون في سورة القلم {وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} فناسب ذكر هذه الزيادة في سورة الطور.

2-

ومنها أنه ذكر في سورة الطور قوله: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} والاستماع مما تدّعيه الكهنةُ لتابعيهم من الجنِّ، فناسب ذلك ذكر الكهنة فيها.

3-

ومنها أنه ذكر السحر في سورة الطور فقال: {أَفَسِحْرٌ هاذا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ} فناسب ذكرُ السحر ذكرَ الكهنة.

4-

ومما حسّن ذلك أيضاً أنه توسّع في القسَم في أول سورة الطور بخلاف سورة القلم، فقد قال:{والطور * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ * والبيت المعمور * والسقف المرفوع * والبحر المسجور} .

ص: 168

في حين لم يقسم في سورة القلم إلَاّ بالقلم وما يسطرون. فناسب التوسع في الطور هذه الزيادة.

5-

ذكر في سورة القلم في آخر السورة قول الكفرة، إنه لمجنون ولم يزد على هذا القول فقال:{وَإِن يَكَادُ الذين كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُواْ الذكر وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} فردّ عليهم في أول السورة بنفي الجنون عنه فقال: {مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} فناسب آخر السورة أولها.

ثم انظر من ناحية أخرى كيف ناسب التأكيد بالباء الزائدة في النفي (بمجنون) التوكيد باللام في الإثبات (لمجنون) لأن الباء لتوكيد النفي واللام لتوكيد الإثبات. والله أعلم.

ص: 169