الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هى أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها تبارك وتعالى ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب" (1).
وهذه لعمر اللَّه خاصية (2) لم تكن لسواها.
و
من خصائص عائشة رضي الله عنها
أنه لم يتزوج بكرًا غيرها (3) وأنها كان ينزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها (4) ولما أنزل اللَّه آية التخيير بدأ بها فخيرها وقال لها "فلا عليك أن لا تعجلى حتى تستأمري أبويك" فقالت: أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد اللَّه ورسوله والدار الآخرة. فاستن بها بقية أزواجه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن (5).
ومن أعظم خصائصها أنها كانت أحب أزواج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إليه، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحاح والمسانيد والسنن (6).
(1) رواه البخاري رقم (3820)(ج 7/ 166) في مناقب الأنصار، باب تزوبج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله عنها، ومسلم رقم (2432) في فضائل الصحابة باب فضائل خدجة أم المؤمنين رضي الله عنها.
(2)
في الأصل خاصة والمثبت من "ظ" ولعله الصحيح.
(3)
أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول اللَّه أرأيت لو أنك نزلت واديًا فيه شجرة قد أكل منها، ووجدت شجرة لم يؤكل منها فأيهما كنت ترتع بعيرك؟ قال:"الشجرة التي لم يؤكل منها" قالت: فأنا هي تعني أن رسول اللَّه لم يتزوج بكرًا غيرها، رواه البخاري (9/ 23) رقم (5077) في النكاح باب نكاح الأبكار.
(4)
البخاري (ج 7/ 134) رقم (3775) في فضائل الصحابة باب فضل عائشة رضي الله عنها ومسلم رقم (2441 - 2442) في فضائل الصحابة باب فضل عائشة رضي الله عنها.
(5)
أخرجه البخاري (ج 8/ 379) رقم (4785) في التفسير باب {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28] ومسلم رقم (1475 - 1478)(ج 2/ 1105) في الطلاق باب بيان أن لخبير امرأته لا يكون طلاقًا إلا بالنبة.
(6)
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليك؟ قال: =
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"(1) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
ومن عظيم خصائصها رضي الله عنها أن اللَّه تبارك وتعالى برأها مما رماها به أهل الإفك (2) وأنزل في براءتها وحيًا يتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة وشهد لها تعالى بأنها من الطيبات فللَّه (درها)(3) من حصان عظمت فضائلها ورزان جلت مناقبها، ومطهرة رسخت قدمها في الدين وفقيهة عظم شأنها عند سائر المسلمين واحتاج لعلمها أئمة الصحابة وشهد لها (أهل)(4) الحق بالتقدم والإصابة.
وأخرج الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: ما أشكل علينا
= عائشة" قال فمن الرجال؟ قال: "أبوها".
رواه البخاري في صحيحه (7/ 22) رقم (3662) في فضائل الصحابة باب قول النبي "لو كنت متخذًا خليلًا" وفي المغازي باب غزوة ذات السلاسل (ج 7/ 673) رقم (4358) ومسلم رقم (2384) في فضائل الصحابة باب من فضائل أبي بكر رضي الله عنه.
(1)
البخاري (7/ 133) في فضائل الصحابة باب فضل عائشة، ومسلم رقم (2446) في فضائل الصحابة باب فضل عائشة رضي الله عنها من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه. ورواه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي من رواية أبي موسى وعائشة رضي الله عنهم. انظر جامع الأصول (9/ 134).
(2)
راجع قصة الإفك في البخاري (5/ 319) في الشهادات باب تعديل النساء بعضهن بعضًا وفي المغازي (7/ 496) باب حديث الإفك وفي التفسير (8/ 306) في تفسير سورة النور باب {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} ، وأحمد (6/ 194) ومسلم (2770) في التوبة باب حديث الإفك، وابن هشام في السيرة (3/ 381)؛ وابن كثيرة في البداية (4/ 160) وفي نفسيره (ج 6/ 68)؛ وسير أعلام النبلاء (ج 2/ 153).
(3)
درها سقطت من الأصل وأثبتها من "ظ".
(4)
(أهل) سقطت من الأصل وأثبتناها من "ظ".
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة رضي الله عنها إلا وجدنا عندها منه علمًا" (1) قال الترمذي حديث حسن صحيح.
وأخرج الترمذي -أيضًا- عن أنس وصححه أن رجلًا نال من عائشة رضي الله عنها عند عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: "أغرب مقبوحًا منبوحًا أتؤذي حبيبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم"(2).
وأخرج عن عبد اللَّه بن زياد الأسدي قال: سمعت عمار بن ياسر رضي الله عنه يقول: "هى زوجته في الدنيا والآخرة"(3)(يعني عائشة رضي الله عنها، قال الترمذي حسن صحيح، ومناقبها)(4) ومآثرها كثيرة ومزاياها وفضائلها غزيرة شهيرة فرضي اللَّه عنها وعن سائر أزواج رسول اللَّه الطاهرات أمهات المؤمنين وعن سائر أصحاب رسول اللَّه أجمعين واللَّه تعالى أعلم.
وقول الناظم رحمه الله ورضى عنه: (وخالنا معاوية) بن أبي سفيان رضي الله عنهما: إنما سمي معاوية بخال المؤمنين لأنه أخو أم المؤمنين أم حبيبة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم فأطلق عليه خال المؤمنين لأن أخ الأم خال لابنها واسم أم حبيبة على الصحيح رملة بفتح الراء وسكون الميم وقيل اسمها هند والأصح أن اسمها رملة بنت أبي سفيان أخت معاوية بن أبي سفيان واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف القرشي الأموي يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، أمير المؤمنين كان هو وأبوه أبو سفيان من مسلمة الفتح ومن المؤلفة قلوبهم، ثم حسن
(1) الترمذي رقم (3883) في المناقب باب فضل عائشة رضي الله عنها وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
رواه الترمذي في مناقب عائشة رقم (3888)(ج 5/ 707) وقال: "هذا حديث حسن".
(3)
الترمذي ني مناقب عائشة رقم (3889) وقال: "هذا حديث حسن".
(4)
ما بين القوسين سقط من "ظ".
إسلامهما، وأم معاوية هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف أسلمت عام الفتح بعد إسلام زوجها فأقرهما النبي صلى الله عليه وسلم على نكاحهما وكان لها فصاحة وعقل ورزانة.
يكنى معاوية بأبي عبد الرحمن وهو أحد كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وقيل إنما كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الكتب لا الوحي (1).
وقد أخرج الترمذي وحسنه عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الصحابي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاوية: "اللهم اجعله هاديًا مهديًا"(2).
وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب"(3).
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف والطبراني في الكبير عن عبد الملك بن عمير
(1) الصحيح أنه من كتاب الوحى، انظر ابن كثير (ج 8/ 117 - 119)؛ وسير أعلام النبلاء (ج 3/ 123).
(2)
أخرجه الترمذي في المناقب (3842) باب مناقب لمعاوية بن أبي سفيان وقال: "هذا حديث حسن غريب".
(3)
أخرجه أحمد في المسند (4/ 127) وابن حبان في صحيحه الإحسان (9/ 169 - 170) والبسوي في المعرفة (2/ 345)؛ وأخرجه أحمد في فضائل الصحابة (1748)(2/ 913 - 914)؛ والحسن بن عرفة في جزئه رقم (36) والبزار -كما في كشف الأستار (2723)(3/ 267).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 356) رواه البزار وأحمد في حديث طويل والطبراني وفيه الحارث بن زياد، ولم أجد من وثقه ولم يرو عنه غير يونس بن سيف وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف. وقال الذهبي في السير (3/ 124) وله شاهد قوي أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 240) عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني، وانظر البداية (8/ 120 - 121).
قال: قال معاوية ما زلت أطمع في الخلافة منذ قال لي رسول اللَّه "يا معاوية إذا ملكت فأحسن"(1).
تولى معاوية رضي الله عنه إمارة الشام بعد موت أخيه ويزيد بن أبي سفيان وذلك أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما بعث الجيوش إلى الشام سنة اثنتي عشرة وكان أمير الأمراء أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم وكان من أمراء الأجناد ويزيد بن أبي سفيان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكان ويزيد خيرًا من معاوية وأفضل (2).
فسار معاوية مع أخيه يزيد بن أبي سفيان، فلما مات أخوه ويزيد استخلفه قبل موته على دمشق فأقره عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم أقره عثمان وجمع له عثمان الشام كله فأقام أميرًا عشرين سنة، ولما استشهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وأفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمبايعة المهاجرين والأنصار -كما مر- دخل المغيرة بن شعبة على أمير المؤمنين على ابن أبي طالب فأشار عليه بإبقاء معاوية على إمارة الشام فإنه قال له يا أمير المؤمنين
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (11/ 147 - 148) رقم (10764) والطبراني في الكببر (19/ 361 - 362)(850).
قال الهيثمي في المجمع (5/ 186) وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر وهو ضعيف وقد وثق.
وقال الذهبي في السير بعد أن ذكره: "ابن مهاجر ضعيف والخبر مرسل". وله شاهد أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/ 101)؛ وأبو يعلى كما في مجمع الزوائد (9/ 355 - 356).
قال الهيثمى: ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح.
انظر: السير (3/ 131)؛ والبداية (8/ 122 - 123).
(2)
مجموع الفتاوى (35/ 64).
لك عندي نصيحة. قال وما هي؟ قال: إن أردت أن يستقيم لك الأمر فاستعمل طلحة بن عبيد اللَّه رضي الله عنه على الكوفة والزبير بن العوام رضي الله عنه على البصرة، وابعث إلى معاوية بعهده على الشام حتى تلزمه طاعتك فإذا استقر قرارها رأيت فيه رأيك، فقال علي رضي الله عنه أما طلحة والزبير فأرى رأيي فيهما وأما معاوية فما كنت متخذ المضلين عضدًا ولا واللَّه لا يراني ولا أراه ولا أستعين به ما دام على حاله ولكني أدعوه إلى ما عرفته فإن أجاب وإلا حاكمته إلى اللَّه ورسوله، فانصرف المغيرة مغضبًا وهو يقول:
نصحت عليًا في ابن هند مقالة
…
فردت فلم يسمع لها الدهر ثانية
ويعلم أهل الشام أن قد ملكتهم
…
وأم ابن هند عند ذلك هادية
فتحكم فيه ما تراه فإنه
…
لداهية فارفق به أي داهية
فلم يقبل النصح الذي جئته به
…
وكانت له تلك النصيحة كافية
ويروى أنه عاد إليه في اليوم الثاني فقال يا أمير المؤمنين فكرت فرأيت رأيك هو الصواب فلا تعدل عنه، فلما خرج دخل عبد اللَّه بن عباس على علي رضي الله عنهم فقال له ما قال لك المغيرة؟ فقال: جاءني بالأمس بكذا واليوم بكذا، فقال ابن عباس: أما أمس فقد نصحك ولما لم تقبل غشك. . (1).
ولم يزل معاوية رضي الله عنه قوليًا إلى أن مات وذلك أربعون سنة منها أربعة أو نحوها في أيام عمر ومدة خلافة عثمان، وخلافة علي وابنه الحسن رضي الله عنهم
(1) هذه الروية أوردها الطبري في تاريخه بإسناد فيه الواقدي وهو متروك مما يدل على عدم صحتها وأن جانب الصحابة رضي الله عنهم أبعد ما يكون من للغش والخديعة، انظر التعليق رقم (1)(2/ 36)؛ وانظر هذه الرواية في تاريخ الطبري (4/ 438 - 439)، والبداية (7/ 228) والاستيعاب لابن عبد البر (10/ 190 - 192) وقد جاءت العبارة في "ظ" وراك لم تقبل غشك.
وذلك تمام عشرين سنة، ثم خلص له الأمر بتسليم سيدنا الحسن بن أمير المؤمنين علي رضي الله عنهما له ذلك سنة إحدى وأربعين فكان له عشرين سنة أو نحوها خليفة.
يروى عن كعب الأحبار رحمه اللَّه تعالى أنه قال: "لن يملك أحد هذه (1) الأمة ما ملك معاوية".
قال الحافظ الذهبي: توفى كعب الأحبار قبل أن يستخلف (2) معاوية وصدق كعب فيما نقله فإن معاوية بقي عشرين سنة لا ينازعه أحد الأمر في الأرض بخلاف غيره ممن بعده فإنه كان لهم مخالف، وخرج عن أمرهم بعض المماليك (3). انتهى.
ولهذا قال الناظم (أكرم) به من خليفة وإمام وملك مقدم (4) همام، وهذه من صيغ التعجب أي ما أكرمه، (ثم امنح) من (5) المنحة وهي العطية والهبة.
قال في القاموس: "منحه كمنعه وضربه -أعطاه والاسم المنحة بالكسر، ومنحه الناقة جعل له وبرها ولبنها وولدها وهي المنحة والمنيحة واستمنحه طلب عطيته"(6).
وفى الحديث "المنحة مردودة"(7).
(1) في "ظ" لن يملك أحد من هذه الأمة.
(2)
في "ظ" يستخلفه.
(3)
انظر نص الذهبي في تاريخ الإسلام -عهد معاوية- (ص 314 - 315).
(4)
في "ظ" مقدام.
(5)
في "ظ" زيادة: أي به.
(6)
القاموس (1/ 260)(منح).
(7)
رواه أبو داود (3565) في البيوع باب في تضمين العارية، والترمذي رقم (2121) في الوصايا باب ما جاء في لا وصية لوارث.
في حديث طويل عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه مرفوعًا وفيه:
"العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم" وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وهو أن يعطه ناقة أو شاة ينتفع بلبنها ويعيدها، وكذلك إذا أعطاه ينتفع بوبرها وصوفها زمانًا ثم وردها (1).
قال الجلال السيوطي: "قد ورد في فضل معاوية رضي الله عنه أحاديث قل ما ثبتت"(2) ثم أورد منها ما تقدم.
وخرج ابن البناء (3) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "معاوية بن أبي سفيان أحلم أمتي وأجودها"(4).
وتحقيق القول عند أهل الحق أن معاوية رضي الله عنه لم يكن في أيام على خليفة وإنما كان من الملوك وغاية ما هناك أنه كان مجتهدًا فله أجر الاجتهاد دون الإصابة، وأما بعد موت علي رضي الله عنه وبعد تسليم سيدنا الحسن رضي الله عنه الأمر له فقد صحت خلافته لنزول سيدنا الحسن له عنها فهو خليفة حق عند أهل الحق، وزعم قوم عدم حقية (5) خلافة معاوية مطلقًا محتجون (6) بأن الحسن رضي اللَّه
(1) انظر: معالم السنن (5/ 199).
(2)
تاريخ الحلفاء (ص 194).
(3)
ابن البناء سيأتي (2/ 106).
(4)
روى الديلمي في مسند الفردوس رقم (1787)؛ والحارث بن أبي أسامة في مسنده -كما في المطالب العالية (4/ 850) حديثًا في فضل عدد من الصحابة من رواية شداد بن أوس وفيه: "ومعاوية أحلم أمتي وأجودها".
قال البوصيرى سنده ضعيف لجهالة بعض رواته.
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 29 - 30) وتعقبه السيوطي في اللآلي (1/ 428 - 429) بقوله: قلت قال ابن عدي وساق السند من رواية ابن عدي ثم ذكر نص هذا الحديث الذي أورده الشارح، وقد راجعت فهرس أحاديث الكامل لابن عدي فلم أجده فاللَّه أعلم. وانظر الفوائد المجموعة (410).
(5)
في الأصل: حقيقة والمثبت من "ظ" ولعله الصحيح.
(6)
كذا في النسختين ولعل الصحيح: محتجين حال.
عنه لم يسلم الأمر إليه الا لضرورة، لعلم الحسن بأن معاوية لا يسلم الأمر إليه وأنه قاصد للقتال وسفك الدماء إن لم يسلم الحسن إليه، فلم يترك الحسن الأمر (له)(1) إلا صونًا لدماء المسلمين وأهل الحق يردون هذا بأن الحسن كان هو الإمام الحق والخليفة الصدق، وقد كان معه من العدة والعدد ما يقاوم من مع معاوية فلم يكن نزوله عن الخلافة وتسليمه الأمر لمعاوية اضطراريًا بل كان اختياريًا كما يدل عليه ما في قصة نزوله له من اشتراطه عليه شروطًا كثيرة فالتزمها ووفى له بأكثرها أو كلها.
ومما يدل على صحة ذلك حديث البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول: "إن ابني هذا سيد ولعل اللَّه أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين". ورواه أبو داود والترمذي والنسائي.
وفى رواية الترمذي قال "صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: إن ابني هذا سيد يصلح اللَّه به بين فئتين عظيمتين"(2) وقال هذا حديث حسن صحيح.
وفي رواية أبي داود قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي إن ابني هذا سيد وإني لأرجو أن يصلح له بين فئتين من أمتي" (3).
فهذا مشعر بصحة نزول الحسن لمعاوية عن الخلافة، وإلا لو كان الحسن باقيًا على خلافته بعد نزوله عنها لم يقع بنزوله إصلاح ولم يحمد الحسن على ذلك، ولم يترج النبي صلى الله عليه وسلم مجرد النزول من غير أن يترتب عليه فوائده الشرعية وهو استقلال
(1) في "ظ": إليه.
(2)
ليست في "ظ".
(3)
البخاري في الصلح باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما "ابني هذا سيد ولعل اللَّه أن يصلح به بين فئتين عظيمتين. . . "(ج 5/ 361) رقم (2704)؛ وأبو داود رقم (4662)؛ والترمذي (3773)؛ والنسائي (3/ 87 - 88).
المنزول له بالأمر وصحة خلافته ونفاذ تصرفاته، ووجوب طاعته على الكافة وقيامه بأمور المسلمين.
وأما ما يستبيحه بعض المبتدعة وجهلة من ينتسب إلى (أهل)(1) السنة من سبه ولعنه فله أسوة في ذلك (بالشيخين وعثمان وأكثر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين)(2).
فلا يلتفت لذلك ولا يعول عليه فإنه لم يصدر إلا عن قلوب في الضلال غرقى، وألباب فاسدة حمقى، لا يعبأ اللَّه بهم ولا يبالي بهلاكهم، فخذلهم اللَّه ما أعظم افتراءهم وما أكبر اجتراءهم.
مات معاوية رضي الله عنه في شهر رجب بدمشق الشام من سنة ستين وله ثمان وسبعون سنة، وقيل ست وثمانون سنة.
ورجح النووي أنه عاش اثنتين وثمانين سنة (3) وقال في آخر عمره: "ليتني كنت رجلًا من قريش بذي طوى ولم آل من هذا الأمر شيئًا"(4).
وكان عنده من آثار النبي صلى الله عليه وسلم إزار وقميص وشيء من شعره وأظفاره صلى الله عليه وسلم فقال: "كفنوني في قميصه وأدرجوني في إزاره واحشوا منخري وشدقي ومواضع السجود مني بشعره وأظفاره وخلوا بيني وبين أرحم الراحمين"(5). وهو من الموصوفين بالدهاء والحلم.
(1) أهل سقطت من "ظ".
(2)
كذا في النسختين وفي العبارة إشكال ولعل الصواب: فله أسوة في ذلك بمن يسب الشيخين وعثمان وأكثر الصحابة من الرافضة.
(3)
انظر تهذيب الأسماء واللغات (2/ 103).
(4)
نفس المصدر (2/ 103)، وانظر سير أعلام النبلاء (3/ 134)؛ والبداية (8/ 125) وما بعدها.
(5)
المصادر السابقة.