الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرفوعًا وفيه: "من شرب منه شربة لم يظمأ أبدًا ومن لم يشرب منه لم يرو أبدًا"(1)
وأخرج الطبراني أيضًا نحوه في الأوسط من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا (2). وفي ذلك عدة أحاديث. واللَّه أعلم.
تنبيهات:
الأول: اختلفت الروايات في تحديد الحوض وتقديره اختلافًا كثيرًا ففي حديث عبد اللَّه ابن عمرو بن العاص أنه مسيرة شهر وزواياه سواء وفي رواية عند الإمام أحمد أنه كما بين عدن وعمان.
وفي رواية في الصحيحين ما بين صنعاء والمدينة، وفي رواية لهما أيضًا ما بين المدينة وعمان، وفي رواية ما بين أيلة ومكة، وعند ابن ماجة ما بين المدينة إلى بيت المقدس، وفي رواية ما بين جربا وأذرح.
قال في القاموس: "جربا قرية بجنب أذرح وغلط من قال بينهما ثلاثة أيام، وإنما الوهم من رواة الحديث من إسقاط زيادة ذكرها الدارقطنى وهي "ما بين ناحيتي حوضي كما بين المدينة وجربا وأذرح" (3) انتهى.
وفي رواية ما بين أيلة وصنعاء اليمن وهو في الصحيحين قال في جامع الأصول عن كون حوضه صلى الله عليه وسلم ما بين جنبيه كما بين جربا وأذرح، رواه البخاري ومسلم وأبو داود (4).
(1) رواه البزار كشف الأستار (4/ 178) رقم (3484). والطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (10/ 361). قال الهيثمي: وفيه المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلط وبقية رجالهما رجال الصحيح. وقال المنذري في الترغيب (4/ 796) بعد ايراده: ورواته ثقات إلا المسعودي. وانظر: تخريج السنة (2/ 332).
(2)
رواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (10/ 361). قال الهيثمي: "وفيه محمد بن عبيد اللَّه العرزمي وهو متروك".
(3)
القاموس (1/ 47) -جرب-.
(4)
رواه البخاري (11/ 471) في الرقاق باب في الحوض، ومسلم رقم (2299) في الفضائل =
قال بعض الرواة: هما قريتان في الشام بينهما مسيرة ثلاث ليال (1)، وفي لفظ ثلاثة أيام.
وقدمنا ما فيه آنفًا، وفي مسلم والترمذي مثل ما بين عدن إلى عمان البلقاء. . .
قال بعض العلماء: "وهذا الاختلاف والاضطراب لا يوجب الضعف لأنه من اختلاف التقدير والتحديد لا من الاختلاف في الرواية لأن ذلك لم يقع في حديث واحد فيعد (اضطرابًا) (2) وإنما جاء في أحاديث مختلفة من غير واحد من الصحابة وقد سعموه في مواطن متعددة وكان النبي صلى الله عليه وسلم-يمثل لكل قوم الحوض بحسب ما يعلم المتكلم ويفهم السائل وبحسب ما يسنح له صلى الله عليه وسلم من العبارة ويحدد الحوض بحسب ما يفهم الحاضرون من الإشارة"(3).
قال الحافظ ابن حجر: هذا الاختلاف المتباعد الذي يزيد تارة على ثلاثين يومًا وينقص إلى ثلاثة أيام لا يصلح أن يكون من ضرب المثل في التقدير لأنه إنما يكون فيما يتقارب" (4).
ورد عليه بأن رواية ثلاثة أيام اعترف هو نفسه بأنها غلط فلا يتوجه الاعتراض بها (5).
= باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته، وأبو داود رقم (4745) في السنة باب في الحوض.
(1)
جامع الأصول (10/ 474).
(2)
في "ظ": (اطرابًا).
(3)
هذا الكلام للقاضي عياض. انظر: شرح مسلم للنووي (16/ 58)، وفتح الباري (11/ 479)، ومثله للقرطبي في التذكرة (364).
(4)
فتح الباري (11/ 479).
(5)
فتح الباري (11/ 480).
وقال النووي: "ليس في ذكر المسافة القليلة ما يدفع المسافة الكثيرة فالأكثر ثابت بالحديث الصحيح فلا معارضة"(1).
وقال بعضهم يحمل القصير على العرض والطويل على الطول.
قلت ويرد هذا رواية: "زواياه سواء" كما في الصحيحين وأوضح من هذا ما في رواية: "طوله وعرضه سواء".
وقال بعضهم بل سبب الاختلاف ملاحظة سرعة السير وعدمها فقد عهد في الناس من يقطع مسافة عشرة أيام في ثلاثة أيام وعكسه وأكثر من ذلك وأقل (2).
والمقصود أنه حوض عظيم متسع كبير جدًا له زوايا وأباريق وأواني كثيرة جدًا ماؤه أبيض من اللبن وأحلى من العسل وأذكى من المسك يشرب منه المؤمنون فلا يظمأون بعد ذلك أبدًا. وباللَّه التوفيق.
الثاني:
قال القرطبي: "ذهب صاحب "القوت" (3) إلى أن الحوض بعد الصراط قال والصحيح أنه قبله وكذا قال الغزالى (4) ذهب بعض السلف إلى أن الحوض يورد بعد الصراط وهو غلط من قائله (5).
(1) النووي شرح مسلم (16/ 58).
(2)
وقد رجح الحافظ هذا الرأي الأخير. راجع الفتح (11/ 479 - 480)، وانظر هذا المبحث في لوامع الأنوار للمؤلف (2/ 201 - 202).
(3)
صاحب القوت: أبو طالب محمد بن علي بن عطيه الحارثي المكي المنشأة العجمي الأصل، نشأ واشتهر بمكة ورحل إلى البصرة وسكن بغداد، وكان واعظًا زاهدًا صوفيًا له قوت القلوب في التصوف مجلدان مشهور وقد طبع، توفى سنة 386 ببغداد. سير أعلام النبلاء (16/ 536)، والأعلام (6/ 274).
(4)
الغزالي تقدم (1/ 144).
(5)
التذكرة للقرطبي (362).
قال القرطبي والمعنى يقتضي تقديم الحوض على الصراط فإن الناس يخرجون من قبورهم عطاشًا فناسب تقديمه لحاجة الناس إليه (1).
قال ابن عباس رضي الله عنهما سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الوقوف بين يدي اللَّه تعالى هل فيه ماء؟ قال إي والذي نفسي بيده إن فيه لماء وإن أولياء اللَّه ليردون إلى حياض الأنبياء عليهم السلام" (2).
ورجح القاضي عياض أن الحوض بعد الصراط (3).
وقال العلامة ابن حمدان في نهاية المبتدئين: "يشرب المؤمنون من (حرض النبي صلى الله عليه وسلم) (4) قبل دخول الجنة وبعد جواز الصراط" انتهى.
(1) التذكرة للقرطبي (362). انظر: الفتح (11/ 474)، والنهاية لابن كثير (ج 2/ 36 - 38).
(2)
رواه ابن أبي الدنيا كما في النهاية لابن كثير (2/ 35) وقال ابن كثير رحمه الله بعد إيراده: "وهذا حديث غريب من هذا الوجه وليس هو في شيء من كتب السنة".
ثم قال: فصل، فإن قال قائل فهل يكون الحوض قبل الجواز على الصراط أو بعده؟
فالجواب أن ظاهر ما تقدم من الأحاديث يقتضي كونه قبل الصراط لأنه يذاد عنه أقوام يقال عنهم: إنهم لم يزالوا يرتدون على أعقابهم منذ فارقتهم فإن كان هؤلاء كفارًا فالكافر لا يجاوز الصراط بل يكب على وجهه في النار في أن يجاوزه وإن كانوا عصاة وهم من المسلمين فبعيد حجبهم عن الحوض لا سيما وعليهم سيما الوضوء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "أعرفكم غرًا محجلين من آثار الوضوء".
ثم من جاوز الصراط لا يكون إلا تاج مسلم فمثل هذا لا يحجب عن الحوض والأشبه واللَّه أعلم أن الحوض قبل الصراط".
ثم أورد رأى القرطبي هذا. . . ".
انظر: النهاية (2/ 36، 38).
(3)
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (15/ 54)، وفتح الباري (11/ 474).
(4)
(من حوض النبي صلى الله عليه وسلم) ليست في "ظ".
وقال الحافظ ابن حجر: "ظاهر الأحاديث أن الحوض بجانب الجنة لينصب فيه الماء من النهر الذي داخلها فلو كان قبل الصراط لحالت النار بينه وبين الماء الذي يصب من الكوثر فيه".
قال: "وأما ما أورد عليه من أن جماعة يدفعون عن الحوض بعد أن يروه ويذهب بهم إلى النار.
فجوابه: أنهم يقربون من الحوض بحيث يرونه ويرون (1) فيدفعون في النار قبل أن يخلصوا من بقية الصراط" (2).
وقال القرطبي في تذكرته: "الصحيح أن للنبي صلى الله عليه وسلم حوضين أحدهما في الموقف قبل الصراط والثاني في الجنة وكلاهما يسمى كوثرًا والكوثر في كلام العرب الخير الكثير"(3).
قال الجلال السيوطي وقد ورد التصريح في حديث صحيح عند الحاكم وغيره بأن الحوض بعد الصراط (4).
(1) ويرون. . . كذا في النسختين وفي الفتح ويرون النار. . . .
(2)
فتح الباري (ج 11/ 474).
(3)
التذكرة للقرطبي (362).
(4)
يشير إلى الحديث الذي أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 560)، وعبد اللَّه بن أحمد في زيادات المسند (4/ 13 - 14) والطبراني في الكبير (19/ 211 - 214) عن لقيط ابن عامر في حديث طويل في صفة الجنة والبعث وفيه:"تعرضون عليه بادية له صفًا حكم لا تخفى عليه منكم خافية فيأخذ غرفة من ماء فينضح قبيلكم بها فلعمر إلهك ما تخطئ وجه أحد منكم منها قطرة، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء وأما الكافر فتحطمه مثل الحميم الأسود ألا ثم ينصرف نبيكم صلى الله عليه وسلم ويفترق على أثره الصالحون فيسلكون جسرًا من النار فيطأ أحدكم الجمرة فيقول حسن يقول ربك عز وجل أو أنه ألا فتطلعون على حوض الرسول على أظمأ واللَّه ناهلة عليها قطر ما رأيتها فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وضع عليها قدح يطهره من الطوف والبول والأذى. . . ".=
فإن قيل إذا خلصوا من الموقف دخلوا الجنة فلم يحتاجوا إلى الشرب منه فالجواب: بل يحتاجون إلى ذلك لأنهم إذا خلصوا حبسوا هناك لأجل مظالم عليهم فيما بينهم فكان الشرب في موقف القصاص لأجل ما يلقونه من العتاب والخلاص ويحتمل الجمع بأن يقع الشرب من الحوض قبل الصراط لقوم وتأخيره بعده لآخرين بحسب ما عليهم من الذنوب والأوزار، حتى يهذبوا منها على الصراط ولعل هذا أقوى" (1) انتهى.
قال العلامة الشيخ مرعي (2) في "بهجته": "وهذا في غاية التحقيق جامع للقولين وهو دقيق" وباللَّه التوفيق (3).
= وقال الحاكم بعد إخراجه: "هذا حديث جامع في الباب صحيح الإسناد كلهم مدنيون ولم يخرجاه".
وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري ضعيف".
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 338 - 340)، وقال:"رواه عبد اللَّه والطبراني بنحوه وأحد طريقي عبد اللَّه إسنادها متصل، ورجالها ثقات، والإسناد الآخر وإسناد الطبراني مرسل عن عاصم بن لقيط أن لقيطًا".
وقال الحافظ في الفتح (11/ 474 - 475) بعد إشارته إلى هذا الحديث: "وهو صريح في أن الحوض قبل الصراط".
(1)
انظر: البدور السافرة للسيوطي (ص 146 - 147).
(2)
مرعى بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي -نسبة إلى طور كرم في فلسطين- المقدسي الحنبلي زين الدين مؤرخ أديب من كبار الفقهاء، ولد في طور كرم بفلسطين وانتقل إلى القدس ثم إلى القاهرة فتوفى فيها سنة 1033، له نحو السبعين كتابًا منها:"غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى" و"دليل الطالب" في الفقه وهي مطبوعة و"أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات" مطبوع، وبهجة الناظرين في آيات المستدلين وغيرها.
انظر: النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل (189)، والأعلام (7/ 203) ومقدمة كتابه أقاويل الثقات.
(3)
انظر هذا المبحث في لوامع الأنوار (2/ 195).
الثالث: خالفت المعتزلة فلم تقر بإثبات الحوض مع ثبوته بالسنة بالصحيحة الصريحة بل وبظاهر القرآن ففي صحيح البخاري من حديث همام عن قتادة عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أنا أسير في الجنة إذ أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقلت ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك قال فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك أذفر"(1).
وفي صحيح مسلم عنه مرفوعًا: "الكوثر نهر في الجنة وعدنيه ربي عز وجل"(2).
وفي حادي الأرواح للمحقق ابن القيم قدس اللَّه روحه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "دخلت الجنة فإذا بنهر يجري حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي إلى ما يجري فيه من الماء فإذا أنا بمسك أذفر فقلت لمن هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك اللَّه عز وجل"(3).
وفي سنن الترمذي عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج"(4). قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
(1) أخرجه البخاري (8/ 608) في التفسير في تفسير سورة الكوثر رقم (4964)، وفي الرقاق باب في الحوض (11/ 472) رقم (6581).
(2)
مسلم رقم (400) في الصلاة باب حجة من قال البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة.
(3)
أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 103، 115، 116، 191، 207، 231، 232، 263)، وأورده ابن القيم في حادي الأرواح (ص 178)، وانظر: تفسير ابن كثير (9/ 313) في تفسير سورة الكوثر.
(4)
رواه الترمذي في جامعه (3361) في التفسير باب ومن سورة الكوثر وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
إذا علمت هذا مع ما قدمناه من الأحاديث الصحيحة بالألفاظ الصريحة فمن خالف في الحوض ولم يقر بإثباته فهو مبتدع ولم نكفره لأن ثبوته بالقرآن فيه احتمال وليس بصريح.
وأما قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] ففيه اختلاف هل هو الحوض أو الخير الكثير أو النهر الذي في الجنة كما قدمنا (1).
نعم الحوض ثابت بالسنة المتواترة وظاهر الكتاب وإجماع أهل الحق فمنكره زائغ عن الصواب مستحق للطرد عنه وكفى بذلك خزي وعذاب (2).
(1) تفسير الكوثر بالحوض والخير الكثير أو النهر الذي فيه الجنة لا تنافي بينها فقد جاءت كلها مينة مفصلة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم رقم (400) وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "بينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا في المسجد إذ أغْفَى إغفاءةً ثم رفع رأسه متبسمًا قلنا ما أضحكك يا رسول اللَّه؟ قال: "لقد أنزلت علي آنفًا سورة فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} . ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ " قلنا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم في السماء فيختلج العبد منهم فأقول رب إنه من أمتي فيقول إنك لا تدري ما أحدث بعدك".
وقد ورد تفسير الكوثر: بالخير الكثير عن ابن عباس رضي الله عنهما وقيل لسعيد بن جبير رحمه الله -الراوي عن ابن عباس- إن ناسًا يزعمون أنه نهر في الجنة فقال سعيد النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه اللَّه إياه.
وقال ابن كثير رحمه الله وتفسيره بالخير الكثير يعم النهر وغيره لأن الكوثر من الكثرة وهو الخير الكثير ومن ذلك النهر ثم قال: وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسره بالنهر أيضًا.
انظر: تفسير ابن كثير رحمه الله (ج 9/ 312 - 315) في تفسير سورة الكوثر.
(2)
انظر هذا المبحث في لوامع الأنوار (2/ 202).
وفي حديث أبي برزة رضي الله عنه وقد سئل أسمعت رسول اللَّه يذكر في الحوض شيئًا؟ قال أبو برزة رضي الله عنه: "لا مرة ولا مرتين ولا ثلاثًا ولا أربعًا ولا خمسًا فمن كذّب به فلا سقاه اللَّه منه"(1).
ومن ثم قال العلماء رضي الله عنهم: "إن ممن يذاد عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم جنس المفترين على اللَّه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم الكذب المحدثين في الدين ما ليس منه من الخوارج والروافض والجهمية وسائر أصحاب الأهواء المخلة، والبدع المضلة، وكذا المسرفون من الظلمة المفرطون في الظلم والجور وطمس الحق، وكذا المتهتكون (2) في ارتكاب المناهي، والمعلنون في اقتراف المعاصي. . . "(3).
ففي صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه: "هل تدرون ما الكوثر؟ هو نهر أعطانيه ربي في الجنة عليه خير كثير ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يختلج (4) العبد منهم فأقول يا رب إنه من أمتي (فيقول) (5) إنك لا تدري ما أحدث بعدك"(6).
وفي صحيح مسلم أيضًا من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ليردن على الحوض أقوام فيختلجون دوني فأقول ربي أصحابي رب
(1) أخرجه أبو دارد رقم (4749) في السنة باب في الحوض.
قال المنذري في إسناده رجل مجهول (مختصر سنن أبي داود للمنذري 7/ 137).
(2)
المتهتكون: قال في القاموس: "ورجل منهتك، ومتهتك، ومستهتك: لا يبالي أن يهتك ستره. . . "
والمعنى أنهم لا يبالون بالفضيحة (القاموس: هتك).
(3)
انظر: لوامع الأنوار (2/ 197)، والتذكرة للقرطبي (367).
(4)
يختلج: أي يجتذب ويقتطع. النهاية (2/ 59).
(5)
في الأصل: فقال، وفي "ظ": فيقال، وما أثبته من صحيح مسلم.
(6)
رواه مسلم رقم (400) في الصلاة باب حجة من قال البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة.
أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" (1).
وأخرج الإمام أحمد والطبراني والبزار عن ابن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا فرطكم على الحوض فمن ورد أفلح ويجاء بأقوام فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب يا رب فيقال ما زالوا بعدك مرتدين على أعقابهم"(2).
وأخرج الحكيم (3) في نوادر الأصول عن عثمان بن مظعون رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يا عثمان لا ترغب عن سنتي فمن رغب عن سنتي ثم مات قبل أن يتوب ضربت الملائكة وجهه عن حوضي يوم القيامة"(4).
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي -أو قال من أمتي- فَيُحَلأون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي (فيقول إنه) لا علم لك ما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى"(5).
وفي رواية: "فيجلون".
(1) مسلم في الفضائل باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته (ج 4/ 1797).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 257)، والطبراني في الكبير (11/ 33، 12/ 71)، وفي الأوسط (3/ 416 - 417)، والبزار كما في كشف الأستار (2/ 210) رقم (1536).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 364)، وفي إسناده عندهم ليث بن أبي سليم وهو مدلس، وبقية رجالهم ثقات.
(3)
الحكيم الترمذي تقدم (2/ 148).
(4)
ذكره القرطبي في التذكرة وعزاه للحكيم الترمذي في نوادر الأصول من حديث عثمان بن مظعون عن النبي صلى الله عليه وسلم. . أنه قال في آخره: "يا عثمان لا ترغب عن سنتي. . . " الحديث.
قال: "وقد ذكرناه بكماله في آخر كتاب: قمع الحرص بالزهد والقناعة" انتهى. التذكرة (ص 368)، ولوامع الأنوار (2/ 199).
(5)
رواه البخاري (11/ 483) في الرقاق باب في الحوض، ومسلم رقم (247) في الطهارة باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء.
قال في جامع الأصول: "اختلجوا": استلبوا وأخذوا بسرعة".
وقوله: فيحلأون: يعني مبنيًا للمفعول: أي يدفعون عن الماء ويطردون عن وروده، إذا كان بالحاء المهملة ومن رواه بالجيم فهو من الجلاء وهو النفي عن الوطن وهو راجع إلى الطرد" (1).
وفي رواية عند البخاري أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أنا قائم على الحوض إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم. قلت: إلى أين؟ قال: إلى النار واللَّه. قلت: ما شأنهم؟. قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقهرى. ثم إذا زمرة أخرى حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال لهم: هلم. قلت: إلى أين؟ قال: إلى النار واللَّه. قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل (2) النعم"(3).
وفي الصحيحين من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إني على الحوض انتظر من يرد عليّ منكم وسيؤخذ أُناس دوني فأقول يارب مني ومن أمتي فيقال هل شعرت ما عملوا بعدك واللَّه ما برحوا يرجعون على أعقابهم"(4)
ورواه الشيخان -أيضًا- من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وزاد: "فأقول سحقًا سحقًا لمن بدل بعدي"(5).
(1) جامع الأصول (10/ 471).
(2)
همل النعم: النعم الهمل: الإبل الضالة والمعنى أن الناجي منها قليل كهمل النعم. جامع الأصول (10/ 471).
(3)
البخاري (11/ 473) رقم (6587).
(4)
البخاري (11/ 474) رقم (6593) في الرقاق باب في الحوض، ومسلم رقم (2293) في الفضائل باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفته.
(5)
البخاري (11/ 472) رقم (6584) ومسلم رقم (2290) في الفضائل باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته.
قال القرطبي رحمه الله قال علماؤنا: "كل من ارتد عن دين اللَّه أو أحدث فيه ما لا يرضاه اللَّه ولم يأذن به فهو من المطرودين عن الحوض وأشدهم طردًا من خالف جماعة المسلمين كالخوارج والروافض والمعتزلة على اختلاف فرقهم فهؤلاء كلهم مبدلون، ثم الطرد قد يكون في حال ويقربون بمد المغفرة إن كان التبديل في الأعمال ولم يكن في العقائد قال: وقد يقال إن أهل الكبائر يردون ويشربون وإذا دخلوا النار بعد ذلك لم يعذبوا بالعطش (1) انتهى.
فأهل البدع مطرودون عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم ومردودون عن الشرب منه واللَّه أعلم.
الرابع: جاء في الأخبار أن لكل نبي حوضًا.
فأخرج الترمذي من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن لكل نبي حوضًا ترده أمته وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة (2) وإنى أرجو أن أكون أكثرهم واردة"(3).
وورد في بعض الأخبار "أن لكل نبي حوضًا إلا صالحًا عليه السلام فإن حوضه ضرع ناقته"(4). وباللَّه التوفيق
ولا تنكرن جهلًا وعنادًا (الميزان) الذي توزن به الحسنات والسيئات لأنه حق ثابت بالكتاب والسنة وإجماع أهل الحق.
أما الكتاب فقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ
(1) التذكرة للقرطبي (ص 367) باختصار، ونقله الشارح في لوامع الأنوار (2/ 200).
(2)
واردة: الجماعة ترد الماء. جامع الأصول (10/ 467).
(3)
أخرجه الترمذي في جامعه رقم (2443) كتاب صفة القيامة، باب ما جاء في صفة الحوض.
وقال الترمذي: "هذا حديث غريب وقد روى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا ولم يذكر فيه عن سمرة وهو أصح".
(4)
نسبه القرطبي في التذكرة: (368) إلى البكرى المعروف بابن الواسطي. =
شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47].
وقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: 6 - 11].
وقوله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأعراف: 9].
وفي صدر الآية: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} [الأعراف: 8].
وأما السنة فبلغت مبلغ التواتر وسنذكر طرفًا منها قريبًا.
وأما الإجماع فأجمع أكابر محققي هذه الأمة من أهل السنة (1) بأن الإيمان بثبوت الوزن والميزان حق واجب وفرض لازب (2) لثبوته بالسماع وعدم استحالة ذلك عقلًا (3).
= قلت: ومثل هذا الخبر لايثبت إلا بدليل صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم. واللَّه أعلم.
(1)
المناسب أن يقول: أجمع أهل السنة.
(2)
لازب: اللازب الثابت وهو أفصح من اللازم.
مختار الصحاح (597) لزب.
(3)
علمًا بأن أمور الغيب التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم يجب الإيمان بها والتسليم لها وإن لم تحط بها العقول وتدرك حقيقتها وهذه فائدة الوحي والإيمان بالغيب ومن أكبر الجهل قياس عالم الغيب على عالم الشهادة وتحكيم العقل في ما لا مجال للعقل فيه، لأن اللَّه جعل للعقول حدا تنتهي إليه ولم يجعلها تحيط بكل شيء وما ضل كثير من المبتدعة من المعتزلة وغيرهم. وردوا كثيرًا من الأحاديث النبوبة الصحيحة الصريحة إلا بدعوى مخالفتها للعقل. وليس معنى هذا القاء العقل جانبًا فالبحث العقلي ليس مذمومًا على الإطلاق إنما يذم إذا اكتفى به عن الأدلة الشرعية أو قدم عليها أو عارض نصوص الدين.
أما أبحاث العقيدة التي يستدل بها على وحدانية اللَّه تعالى وعلمه وقدرته وحكمته وعظمته، والبعث والجزاء فقد طالب القرآن العقل البشري أن ينظر فيها ويتفكر فيها فهي أدلة تدعم الإيمان وتزيد في تثبيت الاعتقاد.
ولهذا يجد المتأمل في كتاب اللَّه تعالى الآيات الكثيرة التي تحث العقل البشري على التأمل =
وهو من مراتب المعاد الواجب اعتقادها على جميع العباد وهي البعث والنشور ثم (1) القيام لرب العالمين ثم العرض ثم تطاير الصحف وأخذها باليمين والشمال ثم السؤال والحساب ثم الميزان.
قال علماؤنا كغيرهم: نؤمن لأن بالميزان الذي توزن به الحسنات والسيئات حق قالوا وله لسان وكفتان توزن به صحائف الأعمال.
قال العلامة الشيخ مرعي (2) في بهجته: "الصحيح أن المراد بالميزان الميزان الحقيقى لا مجرد العدل خلافًا لبعضهم"(3).
وقال أبو المعالى (4) من علمائنا في عقيدته: "واللَّه تعالى يضع ميزانًا يوم القيامة توزن به الصحائف التي تكون فيها أعمال العباد مكتوبة، قال: وله كفتان إحداهما للحسنات وهي تهوي إلى الجنة والأخرى للسيئات وهي تهوي إلى النار، ويجعل رجحان طاعاته علامة على أنه من أهل الجنة وخفتها علامة لشقوته خلافًا لأهل الاعتزال في إنكارهم الميزان، قالوا لا يجوز أن ينصب ميزان أصلًا، قالوا لأن الأعمال أعراض إن أمكن إعادتها لم يمكن وزنها ولأنها مملومة للَّه فوزنها عبثًا.
وأجاب بعض أهل الكلام عن كون الأعراض لا توزن بأنه قد ورد في الحديث أن كتب الأعمال هي التي توزن وحينئذ فلا إشكال.
وعن الثاني على تقدير كون أفعال اللَّه تعالى معللة بالأعراض لعل في الوزن حكمة لا نطع عليها وعدم اطلاعنا على الحكمة لا يوجب العبث" (5) انتهى.
= والتفكر والتبصر. واللَّه أعلم. (راجع مقدمة الإبانة لابن بطة ومقدمة السنة لللالكائي).
(1)
في "ظ" الحشر.
(2)
تقدم (2/ 172).
(3)
انظر: تحقيق البرهان في إثبات حقيقة الميزان للشيخ مرعي (ص 50 - 51).
(4)
أبو المعالي تقدم (2/ 150).
(5)
قال ابن الجوزي رحمه الله في تفسيره: "لوزن الأعمال خمس حكم: =
وأقول: نهج المعتزلة مباين لنهج الرسول فإن اللَّه تعالى قادر على تجسيم الأعراض والإتيان بها في أحسن صورة وأقبح صورة وهذا غير محال في العقل وقد ثبت به النقل فوجب إعتقاده والمصير إليه كما ستقف على طرف مما ورد من ذلك واللَّه أعلم.
ولكون (1) الإيمان بالميزان ذي الكفتين واللسان من معتقدات أهل السنة وإنكاره من شعار أهل الاعتزال.
قال الناظم رحمه اللَّه تعالى: (إنك) أيها المستمع لنظامي المتفهم لمنطوق كلامي: (تنصح): بضم المثناة الفوقية وفتح الصاد المهملة بينهما نون ساكنة مبنيًا للمفعول والنصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له وليس يمكن أن يعبر عن (هذا)(2) المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها.
وأصل النصح في اللغة الخلوص. يقال نصحته ونصحت له، ومعنى نصيحة اللَّه تعالى صحة الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته، والنصيحة لكتاب اللَّه
= إحداها: امتحان الخلق بالإيمان بذلك في الدنيا.
والثانية إظهار علامة السعادة والشقاء في الآخرة.
والثالثة تعريف العباد ما لهم من خير وشر.
والرابعة إقامة الحجة عليهم.
والخامسة الإعلام بأن اللَّه عادل لا يظلم.
ونظير هذا أنه أثبت الأعمال في كتاب واستنسخها من غير جواز النسيان عليه" انتهى.
راجع زاد المسير (3/ 170 - 171).
وانظر جواب ابن جرير رحمه الله -أيضًا- عن ذلك في تفسيره (ج 8/ 123 - 124).
وانظر: شرح العقيدة الطحاوية (ص 474 - 475).
وانظر: هذا الاعتراض والجواب عنه في شرح العقائد النسفية (ص 37)، رفي المواقف في علم الكلام (ص 384)، وفي شرح المقاصد (5/ 120 - 121)، وفي البرهان (ص 51) وما بعدها.
(1)
في "ظ" ويكون.
(2)
في"ظ" لهذا المعنى.
تعالى: هو التصديق به والعمل بما فيه، ونصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم: التصديق بنبوته ورسالته والانقياد لما أمر به والانكفاف عما نهى عنه ونصيحة الأئمة: أن يطاعوا في الحق ولا يرى الخروج عليهم ولو جاروا.
ونصيحة عامة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم وبيان ما يجب عليهم وإيضاح معتقدهم على نهج السلف، ومجانبة الخوض فيما لا تدركه عقولهم من غوامض العلوم (1).
إذا عرفت هذا فألق لبك لما أذكره لك من الأخبار وأتحفك به من الآثار.
فأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند اللَّه جناح بعوضه" ثم قرأ: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} (2)[الكهف: 105].
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في حديث سؤال جبريل عن الإيمان فال: يا محمد ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله (وتؤمن بالجنة والنار والميزان وتؤمن بالبعث بعد الموت)(3) وتؤمن بالقدر خيره وشره قال: فإذا فعلت هذا فأنا مؤمن؟ قال: نعم. قال: صدقت" (4).
(1) يبين المؤلف رحمه اللَّه تعالى في كلامه هذا معنى الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "الدين النصيحة" قلنا لمن يارسول اللَّه؟ قال: للَّه ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمبن وعامتهم" رواه مسلم رقم (55) عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه. وانظر شرح الحديث في جامع العلوم والحكم لابن رجب (1/ 185) وما بعدها.
(2)
وأما الحديث فأخرجه البخاري (8/ 279) رقم (4729) في التفسير في تفسير سورة الكهف باب: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ. . .} ، ومسلم رقم (2785) في صفة القيامة.
(3)
ما بين القوسبن ساقط من "ظ".
(4)
أخرجه البيهقي في البعث والنشور (ص 131) رقم (161) مختصرًا ورواه في شعب =
وأخرج الحاكم وصححه وقال على شرط مسلم عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السموات والأرض لوسعهن فتقول الملائكة يا رب لمن يزن هذا فيقول لمن شئت من خلقي فتقول الملائكة سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ويوضع الصراط مثل حد الموس فتقول الملائكة من تجيز على هذا؟ فيقول من شئت من خلقي فيقولون سبحانك ما عبدناك حق عبادتك"(1).
وأخرجه الإمام عبد اللَّه بن المبارك في "الزهد"(2) والآجري في "الشريعة"(3) عن سلمان موقوفًا.
وأخرج أبو الشيخ ابن حيان (4) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "الميزان له لسان وكفتان"(5).
وأخرج ابن جرير (6) في تفسيره وابن أبي الدنيا (7) عن حذيفة رضي الله عنه قال: "صاحب الموازين يوم القيامة جبريل عليه السلام"(8).
= الإيمان (ج 2/ 56 - 57) رقم (274) وإسناده صحيح.
(1)
أخرجه الحاكم في المستدرك (ج 4/ 586)، وقال:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" وأقره الذهبي.
(2)
الزهد (ص 478).
(3)
الشريعة (ص 382) وأخرجه اللالكائي في السنة رقم (2208)، موقوفًا على سلمان رضي الله عنه لكن مثل هذا له حكم الرفع.
(4)
أبو الشيخ: عبد اللَّه بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ محدث حافظ ثقة صاحب مصنفات، ولد سنة أربع وسبعين ومائتين، وتوفى سنة تسع وستين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء (16/ 276)، ومقدمة كتابه العظمة.
(5)
ذكره السيوطي في الدر المنثور (3/ 418)، وفي البدور المسافرة (229)، وعزاه لأبي الشيخ في تفسيره من طريق الكلبي.
(6)
ابن جرير تقدم (1/ 261).
(7)
ابن أبي الدنيا تقدم (1/ 273).
(8)
تفسير ابن جرير (8/ 123)، واللالكائي (2209).
وقال الحسن البصري (1) رحمه اللَّه تعالى: "هو ميزان له لسان وكفتان وهو بيد جبريل عليه السلام"(2).
وأخرج ابن مردويه (3) في تفسيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "خلق اللَّه كفتي الميزان مثل السماء والأرض. فقالت الملائكة: يا ربنا لمن تزن بهذه؟. قال: أزن به من شئت، وخلق اللَّه الصراط كحد السيف فقالت الملائكة: يا ربنا من تجيز على هذا؟ قال: أجيز عليه من شئت"(4).
وروى أن داود عليه السلام سأل ربه أن يريه الميزان فلما رآه غشى عليه فلما أفاق قال إلهي من ذا الذي يقدر يملأ كفة حسناته؟ فقال إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة" (5).
ذكره البزار (6) والثعلبي (7).
وقال عبد اللَّه بن سلام رضي الله عنه: "إن ميزان رب العالمين ينصب للجن
(1) الحسن البصري (1/ 193).
(2)
زاد المسير لابن الجوزي (3/ 171)، والدر المنثور (3/ 418)، وأخرجه اللالكائي في السنة رقم (2210).
(3)
ابن مردويه تقدم (1/ 288).
(4)
عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن مردويه، وقد تقدم قبل قليل نحوه عن سلمان رضى اللَّه عنه مرفوعًا. انظر: الدر المنثور (3/ 420).
(5)
ذكره ابن الجوزي في تفسيره (5/ 3 / 171)، والبغوي في تفسيره (5/ 491) بدون عزو، ولم أجده في مظانه في كشف الأستار عن زوائد البزار للهيثمي.
(6)
البزار تقدم (1/ 200).
(7)
تقدم (1/ 375).
والإنس يستقبل به العرش إحدى كفتيه على الجنة والأخرى على جهنم لو وضعت السموات والأرض في إحداهما لوسعتهن، وجبريل عليه السلام آخذ بعموده ينظر إلى لسانه" (1).
ففي هذا أن أعمال الجن توزن كما توزن أعمال الإنس، وكذلك ارتضاه الأئمة (2) قاله العلامة الشيخ مرعي في "بهجته"(3).
قال القرطبي في "تذكرته": المتقون توضع حسانهم في الكفة النيرة وصغايرهم في الكفة الأخرى فلا يجعل اللَّه لتلك الصغائر وزنا وتثقل الكفة النيرة حتى لا ترتفع وترفع المظلمة ارتفاع الفارغة الخالية".
قال: وأما الكفار فيوضع كفرهم وأوزارهم في الكفة المظلمة وإن كان لهم أعمال بر، وضعت في الكفة الأخرى فلا تقاومها إظهارًا لفضل المتقين وذل الكافرين" (4).
وأخرج البزار والبيهقي في البعث عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يؤتى بابن آدم يوم القيامة فيوقف بين كفتي الميزان يوكل به ملك، فإن ثقل
(1) ذكره الفخر الرازي في تفسيره عند قوله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 8] ولم أهتد إلى من أخرجه مسندًا.
(2)
في "ظ" كما قاله.
(3)
وقاله أيضًا في كتابه تحقيق البرهان (ص 64).
(4)
وكل هذه الأقوال وما في حكمها من الأخبار عن يوم القيامة والحساب والجزاء ونحوها من الأمور الغيبية لا تثبت الا بدليل من الكتاب أو السنة الصحيحة. قال ابن عطية في تفسيره: (7/ 13): "ورويت في خبر الميزان آثار عن صحابة وتابعين في هيئته وطوله وأحواله لم تصح بالإسناد، فلم نر للإطاله بها وجها" انتهى.
ميزانه نادى الملك بصوت يسمع الخلائق: سعد فلان بن فلان، سعادة لا يشقى بعدها أبدًا، وإن خفت موازينة (1) نادى الملك بصوت يسمع الخلائق: ألا شقي فلان بن فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدًا" (2).
وأخرج ابن أبي حاتم (3) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "يحاسب الناس يوم القيامة فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، قال: وإن الميزان تخف بمثقال حبة وترجح، ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط (4).
وأخرج البزار بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح الأمين قال: (قال الرب تبارك وتعالى (5): يؤتى بسيئات العبد وحسناته
(1) في النسختين: ميزانه والمثبت من المصادر وهو الصحيح.
(2)
أخرجه البزار - كشف الأستار (4/ 160)(3445).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 350)"وفيه صالح المري وهو مجمع على ضعفه".
قلت: وفي سنده أيضا داود بن المحبر متروك، بل متهم بالوضع، وأخرجه البيهقي كما في النهاية لابن كثير (2/ 63) وقال ضعيف بمرة؛ وقال الشيخ ناصر الألباني في تخريج الطحاوية (ص 474)"موضوع".
(3)
ابن أبي حاتم: عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الغطفاني من تميم بن حنظلة بن يربوع الرازي يكنى أبا محمد علامة حافظ محدث فقيه مفسر مصنف، من مؤلفاته: الجرح والتعديل، طبع في تسعة مجلدات وغيره، توفى سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
سير أعلام النبلاء (13/ 263)؛ وطبقات الحنابلة (2/ 55)، وطبقات السبكي (3/ 324 - 328)؛ والبداية والنهاية (11/ 191).
(4)
عزاه السيوطي في الدر المنثور (3/ 418) إلى ابن أبي حاتم.
(5)
ما بين القوسين ليس في النسختين وأثبته من مصادر الحديث.
فيقتص بعضها ببعض فإن بقيت له حسنة واحدة وسع اللَّه له في الجنة (1).
وأخرج الحاكم والبيهقي والآجري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول اللَّه هل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ قال: "أما في ثلاث مواطن فلا يذكر أحد أحدًا: حيث يوضع الميزان حتى يعلم أيثقل ميزانه أو يخف، وحيث تطاير الكتب حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه أو شماله أو من وراء ظهره، وحيث يوضع الصراط حتى يعلم ينجو أم لا ينجو"(2).
ورواه الآجري أيضًا عنها رضي الله عنها بلفظ: "قلت يا رسول اللَّه هل يذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة؟ قال: " أما عند ثلاث فلا" وذكر الميزان والكتب والثالث حين يخرج عنق من النار فيقول ذلك العنق: وكلت بثلاثة وكلت بالذي دعى مع اللَّه إلها آخر، ووكلت بكل جبار عنيد، وبكل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب (3).
(1) الحديث أخرجه البزار كما في كشف الأستار (4/ 164) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 355): "رواه البزار ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم".
وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 252) وصححه ووافقه الذهبي.
(2)
رواه عبد اللَّه بن المبارك في الزهد (479) عن الحسن مرسلًا؛ وأخرجه ابن أبي شيبة في المصف (13/ 250)؛ وأحمد في المسند (6/ 101) عن عائشة مختصرًا؛ وأخرجه أبو داود في سننه (4755) في باب السنة، باب في ذكر الميزان؛ والحاكم في المستدرك (4/ 578)، والآجري في الشريعة (385)؛ وقال الحاكم -بعد إيراده-:"هذا حديث صحيح إسناده على شرط الشيخين لولا إرسال فيه بين الحسن وعائشة، على أنه قد صحت الروايات أن الحسن كان يدخل وهو صبي منزل عائشة رضي الله عنها وأم سلمة".
(3)
هذه الرواية أخرجها الإمام أحمد في المسند (6/ 110)، والآجري في الشريعة (384)؛ وأوردها الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 358 - 359) وقال:"رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف، وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح".
فوائد:
إحداها: أخرج الإمام أحمد في الزهد من طريق رباح بن زيد عن أبي الجراح عن رجل يقال له خازم أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه جبريل وعنده رجل يبكي، فقال من هذا؟ قال: فلان. قال جبريل عليه السلام إنا نزن أعمال بني آدم كلها إلا البكاء، فإن اللَّه يطفي بالدمعة بحورًا من نيران جهنم" (1).
وأخرج البيهقي عن مسلم بن يسار (2) قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما اغرورقت عين بمائها الا حرم اللَّه سائر ذلك الجسد على النار، ولا سالت قطرة: على خدها فيرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة، ولو أن باكيًا بكى في أمة من الأمم رحموا، وما من شيء إلا له مقدار وميزان إلا الدمعة فإنها يطفأ بها بحار من النار"(3).
الثانية: أخرج الترمذي وحسنه من حديث أنس بن مالك قال: سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة فقال: "أنا فاعل إن شاء اللَّه. قلت: فأين أطلبك؟ قال: أول ما تطلبني على الصراط. قلت: فإن لم القك على الصراط؟ قال: فاطلبني عند الميزان، قلت: فإن لم القك عند الميزان؟ قال: فاطلبني عند الحوض،
(1) أخرجه الإمام أحمد في الزهد (27) وفيه مجهول.
(2)
مسلم بن يسار البصري: نزيل مكة أبو عبد اللَّه الفقيه ثقة عابد، مات سنة مائة أو بعدها بقليل.
تقريب (ص 336).
(3)
رواه البيهقي في شعب الإيمان (3/ 101 - 102) رقم (790) وقال البيهقي: "وهذا مرسل"، وقد روى من قول الحسن البصري ثم أورده بسنده عن الحسن البصر، وأورده المنذري في الترغيب (4/ 425 - 426) وقال: "رواه البيهقي هكذا مرسلًا، وفيه راو لم يسم.
وروي عن الحسن البصري وأبي عمران الجويني وخالد بن معدان وهو أشبه" انتهى.
فأني لا أخطئ هذه الثلاثة مواطن" (1) ورواه البيهقي في الشعب وغيره.
الثالثة: أخرج أبو داود والترمذي وصححه وابن حبان عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما من شيء أثقل في الميزان من خلق حسن"(2).
وأخرج أبو نعيم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من قضى لأخيه حاجة كنت واقفا عند ميزانه، فإن رجح وإلا شفعت له" (3).
وأخرج البزار والطبراني وأبو يعلى وابن أبي الدنيا والبيهقي بسند حسن عن أنس رضي الله عنه قال: لقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبا ذر فقال: "يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما خفيفتان على الظهر، وأثقل في الميزان من غيرهما. قال: بلى يا رسول اللَّه، قال: عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائق بمثلهما"(4).
(1) رواه الترمذي في جامعة رقم (2433) في صفة القيامة، باب ما جاء في شأن الصراط.
وقال: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
(2)
رواه أبو داود في سننه رقم (4799) في الأدب، باب في حسن الخلق؛ والترمذي في جامعة رقم (2002) في البر والصلة، باب ما جاء في حسن الخلق وقال:"حسن صحيح".
وأخرجه ابن حبان في صحيحه -الإحسان- (1/ 350).
(3)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 353) وقال: "غريب من حديث مالك تفرد به الغفاري". قلت: الغفاري هذا هو عبد اللَّه بن إبراهيم الغفاري، قال الحافظ في التقريب (167):"متروك ونسبه ابن حبان إلى الوضع". انتهى.
(4)
أخرجه البزار كما في كشف الأستار (4/ 220)؛ والطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (8/ 22)؛ وأبو يعلى في مسنده (6/ 53) رقم (3298) وابن أبي الدنيا في كتاب "آداب الصمت وآداب اللسان"(ص 529 - 530) رقم (558)؛ وابن حبان في المجروحين (1/ 191) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 22، 10/ 301)؛ وابن حجر =
الرابعة: أخرج الأصبهاني (1) عن الليث بن سعد (2) -رحمه اللَّه تعالى- قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: "أمة محمد صلى الله عليه وسلم أثقل الناس في الميزان ذلت ألسنتهم بكلمة ثقلت (3) على من كان قبلهم، لا إله إلا اللَّه"(4).
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن حبان عن ابن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خصلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة هما يسير ومن يعمل بهما قليل يسبح في دبر كل صلاة عشرًا ويحمد عشرًا، ويكبر عشرًا، فذلك خمسون ومائة (باللسان) (5) وألف وخمسمائة في الميزان، ويكبر أربعًا وثلاثين إذا أخذ مضجعه، ويسبح ثلاثًا وثلاثين ويحمد ثلاثًا وثلاثين، فذلك مائة باللسان، وألف في الميزان وأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة"(6).
= في المطالب العالية (2/ 387 - 388).
وقال الهيثمي في الموضع الأول "رواه أبو يعلى، والطبراني في الأوسط، ورجال أبي يعلى ثقات" وقال في الموضع الثاني "رواه البزار وفيه (شنار كذا وهو تصحيف) بثمار بن الحكم وهو ضعيف".
قلت: مدار الحديث عندهم على بشار بن الحكم الضبي البصري، قال أبو زرعة منكر الحديث، وقال ابن حبان يتفرد عن ثابت بأشياء ليست من حديثه. . . ".
الميزان (1/ 309).
(1)
الأصبهاني: إسماعيل بن محمد، تقدم (1/ 292).
(2)
الليث بن سعد: تقدم (1/ 304).
(3)
في"ظ": تولت.
(4)
عزاه السيوطي في الدر المنثور (3/ 423) إلى الأصبهاني في الترغيب.
(5)
ليست في النسختين وأثبتها من السنن.
(6)
الحديث رواه أبو داود في سننه رقم (5065) في الأدب، باب في التسبيح عند النوم، =
وأخرج النسائي والحاكم وصححه عن أبي سلمى قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "بخ بخ (1) لخمس ما أثقلهن في الميزان: لا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، وسبحان اللَّه، والحمد للَّه، والولد الصالح يتوفى للمرء فيحتسبه"(2).
وأخرج مثله الإمام أحمد من حديث (أبي أمامة)(3) والبزار من حديث ثوبان (4) والطبراني في الأوسط من حديث سفينة رضي الله عنهم، ولفظ الطبراني "وفرط صالح للرجل"(5) وهو أعم من الولد.
= والترمذي في جامعه (3410) في الدعوات، باب ما جاء في التسبيح والتكبير والتحميد عند المنام؛ والنسائي في سننه (3/ 62 - 63)؛ وابن حبان في صحيحه (3/ 230 - 233) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقد ذكر الشارح الحديث هنا من رواية ابن عمر، وهو وهم، والصواب أنه من رواية عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، كما في مصادر تخريج الحديث. واللَّه أعلم.
(1)
بخ، بح: هي كلمة تقال عند المدح والرضى بالشيء، وتكرر للمبالغة وهي مبنية على السكون فإن وَصَلْتَ جَرَرْتَ وَنَوّنْتَ فقلت بخ بخ، وربما شُدّدت، وبخبخت الرجل، إذا قلت له ذلك ومعناها: تعظيم الأمر وتفخيمه"
النهاية: (1/ 101).
(2)
أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (215) رقم (167)؛ وابن حبان في صحيحه. الإحسان (2/ 99 - 100)؛ والحاكم (1/ 511 - 512)؛ وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
(3)
في النسختين أبي أسامة، وهو في المسند (5/ 253) عن أبي أمامة وهو الصحيح.
(4)
كشف الأستار (4/ 9) رقم (3072) وحسن إسناده، وقال الهيثمي في المجمع (10/ 88) العباس بن عبد العظيم الباسانى شيخ البزار لم أعرفه.
(5)
الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (10/ 88 - 89)، قال الهيثمي:"رجاله رجال الصحيح".
وأخرج الحاكم عن (أبي الأزهر)(1) الأنماري رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه قال: "اللهم اغفر لي، واخسئ شيطاني، وفك رهاني، وثقل ميزاني، واجعلني في الندى (2) الأعلى"(3).
وأخرج ابن عبد البر (4) في فضل العلم بسنده عن إبراهيم النخعي (5) قال: "يجاء بعمل الرجل فيوضع في كفة ميزانه يوم القيامة فيخف، فيجاء بشيء مثل الغمام فيوضع في كفة ميزانه فيرجح، فيقال له: أتدري ما هذا؟ فيقول: لا، فيقال له: هذا فضل العلم الذي كنت تحدثه الناس"(6).
وأخرج ابن المبارك (7) نحوه عن حماد بن أبي سليمان (8) قال: "يجيء رجل
(1) في الأصل: (عن أبي زهيرة) والكلمة غير واضحة فيها، وفي "ظ" (عن أبي زهبر). قال الحافظ في الإصابة (11/ 11:"أبو الأزهر الأنماري، ويقال أبو زهير".
(2)
الندى: قال الخطابي: "الندى القوم المجتمعون في مجلس، ومثله النادي ويجمع على الأندبة. . . يريد صلى الله عليه وسلم بالندى الأعلى: الملأ الأعلى من الملائكة".
معالم السنن (7/ 322).
(3)
الحديث أخرجه أبو داود في سننه (5054) في الأدب، باب ما يقول عند النوم، وابن السني في عمل اليوم والليلة (716)؛ والحاكم في المستدرك (1/ 540)؛ وصححه ووافقه الذهبي؛ وحسنه النووي في الأذكار رقم (229).
(4)
ابن عبد البر تقدم (1/ 119).
(5)
إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أبو عمران الكوفي الفقيه ثقة إلا أنه يرسل كثيرًا، مات سنة ست وتسعين وهو ابن خمسين أو نحوها.
تقريب (ص 24).
(6)
رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 46 - 47)، وابن أبي الدنيا كما في النهاية لابن كثير (2/ 64 - 65).
(7)
ابن المبارك تقدم (1/ 184).
(8)
حماد بن أبي سليمان مسلم الأشعري مولاهم أبو إسماعيل الكوفي: فقيه صدوق له =
يوم القيامة فيرى عمله محتقرًا فبينما هو كذلك إذ جاءه مثل السحاب حتى يقع في ميزانه، فيقال: هذا ما كنت تعلم الناس من خير (فورث بعدك)(1) فأجرت فيه" (2).
الخامسة: وهي من تتمة ما قبلها: أخرج البزار والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن نوحًا عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا ابنيه، فقال: آمركما بلا إله إلا اللَّه، فإن السموات والأرض وما فيهما لو وضعت في كفة الميزان، ووضعت لا إله إلا اللَّه في الكفة الأخرى كانت أرجح منهما"(3).
وأخرج أبو يعلى (4)؛ وابن حبان (5)؛ والحاكم، وصححه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: قال موسى يا رب علمني شيئًا
= أوهام، مات سنة عشرين ومائة أو قبلها.
تقريب (ص 82).
(1)
في "ظ" قررت بعدي وهو خطأ.
(2)
أخرجه عبد اللَّه بن المبارك في الزهد (ص 486 - 487)؛ وانظر: الدر المنثور (3/ 423).
(3)
الحديث ورد من رواية عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، ومن رواية عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، رواه عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص الإمام أحمد في المسند (2/ 169 - 170، 225) والحاكم في المستدرك (1/ 48 - 49) وصححه.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 219 - 220)؛ وقال: رواه أحمد والطبراني بنحوه. . . ورجال أحمد ثقات.
ورواه عن ابن عمر البزار -كما في كشف الأستار (4/ 7 - 8)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 84): "وفيه محمد بن إسحاق، وهو مدلس وهو ثقه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وانظر: الترغيب والترهيب (2/ 699 - 700).
(4)
أبو يعلى: تقدم (1/ 137).
(5)
ابن حبان: تقدم (1/ 199).