الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصيدة كعب بن زهير
قال ابن إسحاق: "ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من منصرفه عن الطائف كتب بُجير بن زهير بن أبي سُلمى إلى أخيه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجلًا بمكة، ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأن من بقي من شعراء قريش، ابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا من كل وجه، فإن كانت لك في نفسك حاجة فَطِرْ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لايقتل أحدًا جاءه تائبًا، وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجاتك من الأرض، وكان كعب بن زهير قد قال:
ألا أبلغا عني بجيرًا رسالة
…
فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا؟
فبيّن لنا إن كنت لست بفاعل
…
على أي شيء غير ذلك دلكا؟
على خُلق لم تُلَفِ أُمًا ولا أبًا
…
عليه ولم تدرك عليه أخًا لكا
فإنت أنت لم تفعل فلست بآسف
…
ولا قائل إما عثرت: لعًا لكا
ثم قال ابن إسحاق رحمه الله: "فلما بلغ كعبًا الكتاب ضاقت به الأرض،
وأشفق على نفسه، وأرجف به من كان في حاضره من عَدوّه، فقالوا: هو
مقتول. فلما لم يجد من شيء بدًّا، قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وذكر فيها خوفه وارجاف الوشاة به من عدوه، ثم خرج حتى قدم المدينة
فصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .... فذُكر لي أنه قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس
إليه فوضع يده في يده وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه، فقال: يا رسول الله إن
كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبًا مسلمًا، فهل أنت قابل منه إن أنا
جئتك به؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قال: أنا يا رسول الله -
كعب بن زهير. قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أنه وثب
عليه رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله، دعني وعدو الله أضرب عنقه،
فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه عنك، فإنه قد جاء تائبًا نازعًا عما كان عليه.
قال: فغضب كعبٌ على هذا الحي من الأنصار، لما صنع به صاحبهم، وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلاّ بخير، فقال في قصيدته التي قال حين قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بانَتْ سُعاد فقلبي اليوم مَتْبوُلُ
…
مُتَيَّمٌ إِثْرها لم يُفْدَ مَكْبُول
وذكر القصيدة إلى آخرها. (1)
قال ابن كثير: "وقال ابن هشام: هكذا أورد محمَّد بن إسحاق هذه القصيدة ولم يذكر لها إسنادًا"(2).
وقد أسندها الحاكم فقال: أخبرني أبو القاسم عبد الرحمن بن حسين بن أحمد حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثني الحجاج بن ذي الرقيبة عن عبد الرحمن بن كعب بن زهير بن أبي سُلمى المزني عن أبيه عن جده قال: "خرج كعب وبجير ابنا زهير حتى أتيا أبرق العرّاف فقال بجير لكعب: أثبت في عجل هذا المكان حتى آتي هذا الرجل -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - فأسمع ما يقول، فثبت كعب وخرج بجير فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرض عليه الإِسلام فأسلم فبلغ ذلك كعبًا فقال: ألا ابلغا عني بُجيرًا رسالة
…
(وذكر الأبيات المتقدمة) فلما بلغت الأبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدر دمه فقال: من لقي كعبًا فليقتله. فكتب بذلك بجير إلى أخيه يذكر له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمه ويقول له: النجا وما أراك تفلت، ثم كتب إليه بعد ذلك: أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله - إلا قبِل ذلك فإذا جاءك كتابي هذا فأَسْلِم، وأَقْبِلْ، فأسلم كعب، وقال القصيدة التي يمدح فيها رسول الله
…
" (3) ورواه البيهقي في
(1) الروض الأنف (7/ 255 - 258).
(2)
البداية والنهاية (4/ 372).
(3)
المستدرك (3/ 670).
(الدلائل)(4) من طريق الحاكم، والحجاج بن ذي الرقيبة وأبوه وجده لم أقف لهم على ترجمة.
ورواه الحاكم أيضًا مختصرًا عن الحزامي حدثني معن بن عيسى حدثني محمَّد بن عبد الرحمن الأوقص، عن ابن جُدعان قال: أنشد كعب بن زهير رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد: (5)
بانتْ سُعاد فقلبي اليوم مَتْبوُلُ
…
مُتَيَّمٌ إِثْرها لم يُفْدَ مَكْبُول
وفي هذا السند ثلاث علل: الإرسال، وضعف علي بن زيد، وكذا الراوي عنه محمَّد بن عبد الرحمن الأوقص، قال العقيلي: يخالف في حديثه، وقال ابن عساكر: ضعيفًا. وتفرد ابن حبان فذكره في الثقات (6).
ورواه الحاكم أيضًا عن محمَّد بن فُليح عن موسى بن عقبه قال: "أنشد النبي صلى الله عليه وسلم كعبُ بن زهير بانت سعاد، في مسجده بالمدينة .. " والحديث مرسل. ومع ذلك قال الحاكم: "هذا حديث له أسانيد قد جمعها إبراهيم بن المنذر الحزامي. فأما حديث محمَّد بن فليح عن موسى بن عقبه، وحديث الحجاج بن ذي الرقيبة فإنهما صحيحان، وقد ذكرهما محمَّد بن إسحاق القرشي في المغازي مختصرًا"(7).
قال الحافظ العراقي: "وهذه القصة رويناها من طرق لا يصح منها شيء، وذكرها ابن إسحاق بسند منقطع"(8).
وذكرها الحافظ ابن حجر بسنده في: (نتائج الأفكار)، من طريق إبراهيم
الحزامي السابق، ثم قال: "هذا حديث غريب تفرّد به إبراهيم بن المنذر بهذا
(4) دلائل النبوة (5/ 207).
(5)
المستدرك (3/ 673).
(6)
لسان الميزان (5/ 252).
(7)
المستدرك (3/ 673، 674).
(8)
تحفة الأحوذي (2/ 276)