الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - أمره صلى الله عليه وسلم بتحريق مسجد الضرار:
قال ابن إسحاق: ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم[من تبوك] حتى نزل بذي أوان، بلد بينه وبين المدينة ساعة نهار، وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قد بنينا مسجدًا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنا نحبّ أن تأتينا، فتصلي لنا فيه، فقال: إني على جناح سفر، وحال شغل. أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ولو قدمنا إن شاء الله لأتيناكم، فصلينا لكم فيه.
فلما نزل بذي أوان، أتاه خبر المسجد، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدُّخشم
أخا بني سالم بن عوف، ومعن بن عدي، أو أخاه عاصم بن عدي، أخا بني العجلان، فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله، فاهدماه وحرقاه، فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف، وهم رهط مالك بن الدخشم، فقال مالك لمعن: أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي، فدخل إلى أهله، فأخذ سعفًا من النخل، فأشعل فيه نارًا، ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه وفيه أهله، فحرقاه وهدماه، وتفرقوا عنه، ونزل فيهم من القرآن مانزل:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} .
إلى آخر القصة. وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلًا .... (36) ".
قال الألباني رحمه الله: "ضعيف رواه ابن هشام عن ابن إسحاق بدون إسناد. لكن ذكره ابن كثير في التفسير عن ابن إسحاق عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمرو بن قتادة وغيرهم مرسلًا (37) ".
وقال في (الإرواء): "مشهور في كتب السيرة، وما أرى إسناده يصح (38) ".
(36) الروض الأنف (7/ 321 - 322).
(37)
تخريج فقه السيرة، ص 415.
(38)
إِرواء العليل (5/ 370).
وابن كثير ذكرها في تفسيره (39) عن ابن إسحاق عن الزهري ومن ذُكر معه أنفًا، في حين أنها في سيرة ابن إسحاق بدون سند. أما في (البداية والنهاية (40)) فلم يذكر سندًا لابن إسحاق، وإنما أحال على التفسير وقد روى الطبري في تفسيره هذا الخبر فقال: "حدثني المثنى، قال: حدثنا معاوية، عن علي عن ابن عباس، قوله:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا} وهم أناس من الأنصار ابتنوا مسجدًا، فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجدكم، واستعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم، فأتي بجند من الروم، فأُخْرِجُ محمدًا وأصحابه، فلما فرغوا من مسجدهم، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: قد فرغنا من بناء مسجدنا، فنحب أن تصلي فيه، وتدعوا لنا بالبركة، فأنزل الله فيه:{لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ} إلى قوله: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (41).
وهذا الخبرعلى القول بحسن إسناده - مع أن فيه عبد الله بن صالح، صدوق كثير الغلط، والراوي عنه معاوية بن صالح، صدوق له أوهام، وعلي بن أبي طلحة لم يدرك ابن عباس - ليس فيه التفصيل الذي في رواية ابن إسحاق "على أن ذكر أبي عامر الفاسق فيه مشكل، فإنه قد خرج إلى مكة لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، خرج إلى الطائف، فلما أسلم أهل الطائف، خرج إلى الشام فمات بها طريدًا وحيدًا غريبًا (42) ".
(39)(2/ 389).
(40)
(5/ 21).
(41)
تفسيرسورة التوبة، الآية:108.
(42)
انظر: زاد المعاد (3/ 548 - 549).
لكن أخرج الحاكم عن جابر بن عبد الله قال: رأيت الدخان من مسجد الضرار حين انهار. وصححه ووافقه الذهبي (43)، فلعل المسجد انهار بأمر الله دون حرق، والله أعلم.
(43) مستدرك الحاكم (4/ 638).