الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
الحمد لله رب العالمين.. وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الكرام البررة المهتدين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
…
أما بعد:
فإن من نعم الله السابغة ومننه البالغة أن أرسل إلينا رسولاً من أنفسنا، ليخرجنا من الظلمات إلى النور، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، فكان نبي الرحمة حقاً به أتم الله النعمة وبه كشف الغمة وختم الرسالات، وجعل شريعته باقية إلى يوم الدين.
وبعد أن انتقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى حمل لواء هذه الدعوة المباركة من بعده عصبة، جاءت على اختيار واصطفاء من الله، علم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وهداهم إلى الصراط المستقيم، فكان همهم وغايتهم رضوان الله ونشر دعوة الإسلام وما تتضمنه من تحقيق العبودية لله فرضي عنهم وأرضاهم.
وكان هذا الرضوان العظيم تزكية من الله لهم فلم يكن الله ليضلهم بعد أن هداهم ورضي عنهم وهو العالم بما يخفون وما يعلنون، فقد نطقت ألسنتهم بما في قلوبهم من الصدق والإيمان والإخلاص، وبذلوا مهجهم في سبيل الله، وسطروا في التاريخ بطولات وتضحيات جسيمة كل ذلك في سبيل الله ولإعلاء كلمته، ورغم ذلك نجد طائفة من الناس تتجرأت على الطعن فيهم، إما جهلاً باصطفاء الله لهم أو تناسياً لرضوان الله عليهم مخالفين قول الله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)} [الحشر: 10].
فهؤلاء لايعرفون حقيقة الصحابة، وربما كان أسلافهم الذين تأثروا بهم وورثوا عنهم الطعن في الصحابة رضي الله عنهم قريبي عهدٍ بالشرك فغطى ذلك على فهمهم وكشف ضحالة علمهم بالإسلام، ومنعهم من رسوخ الإيمان بُعدُهم عن الثقافة العربية التي هي وعاء شريعة الإسلام، أو لأنهم لم يستطيعوا التخلص مما بقي في صدورهم من الحقد على الإسلام وأهله وأرادوا تطبيق ما ورثوه من معتقدات على الإسلام.
فلما وجدوا صلابة هذا الدين وصدق من نقله، قاموا بالسعي إلى تقويض أركانه بالنخر في أساسه، والسعي إلى نسف غراسه، وذلك بالطعن في نقلته (الصحابة)، وتستروا وراء حب أهل البيت رضي الله عنهم، ساعين إلى الوقيعة بينهم وبين جمهور الأمة.
وهذه الوريقات فيها بيان شافٍ -بإذن الله- لما في القرآن الكريم من بيان فضل الصحابة (المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم) وما يعتقده أهل البيت رضي الله عنهم فيهم، وأردت منه إظهار مكانة أولئك الأخيار، والصلة بينهم وبين أهل البيت رضي الله عنهم، وبيان محبتهم بعضهم البعض.
وأعتذر لذوي الألباب من التقصير الواقع في هذا الكتاب وإن كنت قد قصرت في توضيح هذا الجانب أو ذاك، فالسبب - من وجهة نظري - هو أني تركت بعض التفاصيل لوضوحها لم أبينها، ولن أعدم من محب ناصح يوجهني إلى الصواب ويرشدني إلى أفضل المنطق والخطاب فيما لم أطلع عليه.