المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثناء أهل البيت عليهم السلام على الصحابة الكرام رضي الله عنهم - ما قاله الثقلان في أولياء الرحمن

[عبد الله بن جوران الخضير]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المدخل

- ‌المبحث الأول:تعريف لفظ «الصحابة»

- ‌أولاً: تعريف لفظ «الصحابي» لغة:

- ‌ثانياً: تعريف الصحابي اصطلاحاً:

- ‌المبحث الثاني:ثناء الثقلين على الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الأول: ثناء الثقلين على أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الثناء على الصحابة رضي الله عنهم في كتاب الله:

- ‌ثناء أهل البيت عليهم السلام على الصحابة الكرام رضي الله عنهم

- ‌المطلب الثاني: ثناء الثقلين على الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الثالث: ثناء الثقلين على المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم

- ‌ثناء القرآن الكريم على المهاجرين والأنصار:

- ‌المطلب الرابع: ثناء الثقلين على أهل بدر:

- ‌المطلب الخامس: ثناء الثقلين على من أنفق وقاتل قبل الفتح وبعده:

- ‌المبحث الثالث:كيف ظهرت الفتنة بين الصحابة رضي الله عنهم

- ‌أولاً: من أشعل الفتنة بين المسلمين

- ‌ثانياً: بداية الفتنة بين الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ معركة الجمل

- ‌معركة صفين:

- ‌ما بعد استشهاد الإمام علي عليه السلام:

- ‌المبحث الرابعالمؤامرة ضد الإسلام والمسلمين

- ‌أولاً: إسقاط عدالة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌ثانياً: تشويه سيرة الصحابة رضي الله عنهم:

- ‌المبحث الخامس:الموقف الصحيح (الحق) من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌المبحث السادسالأسماء والمصاهرات بين الصحابة وأهل البيت عليهم السلام

- ‌المبحث السابعسؤال وجواب

- ‌السؤال الأول: «القول بردة الصحابة»:

- ‌السؤال الثاني: «حديث الحوض»:

- ‌السؤال الثالث: «القول بذم الله طائفة من الصحابة»:

- ‌السؤال الخامس: «رزية يوم الخميس»:

- ‌السؤال السادس: «موقف أبي بكر من ميراث فدك»:

- ‌السؤال السابع: «القول بإهانة أبي بكر لفاطمة»:

- ‌السؤال الثامن: «موقف خالد بن الوليد من مالك بن نويرة وزوجته»:

- ‌قبل الختام:شجون عابرة

- ‌قائمة المراجع

الفصل: ‌ثناء أهل البيت عليهم السلام على الصحابة الكرام رضي الله عنهم

‌ثناء أهل البيت عليهم السلام على الصحابة الكرام رضي الله عنهم

-:

ولأجل هذا الثناء المبارك في كتاب الله كانت البشارة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم عظيمة لمن أدرك الصحابة، أو رأى واحداً منهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(طوبى لمن رآني، وطوبى لمن رأى من رآني وطوبى لمن رأى من رأى من رآني)

(1)

.

ولله در أمير المؤمنين علي عليه السلام وهو الخبير بحال إخوانه، بعد أن جرّب أهل الكوفة ورأى خذلانهم له، قال متذكراً ومادحاً أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لقد رأيت أصحاب

محمد صلى الله عليه وآله وسلم فما أرى أحداً يشبههم منكم، لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سجداً وقياماً يراوحون بين جباههم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذُكِر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفاً من العقاب ورجاء للثواب)

(2)

.

ويصف أمير المؤمنين عليه السلام حاله وحال أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستبسالهم جميعاً في وجه الأعداء بقوله:

(ولقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقتُل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا، ما يزيدنا ذلك إلا إيماناً وتسليماً ومضيّا على اللَّقَم، وصبراً على مضض الألم، وجِدّاً في جهاد العدِّو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقياً جرانه، ومتبوِّئاً أوطانه، ولعمري لو كنّا

(1)

أمالي الصدوق: (ص 400)، أمالي الطوسي:(ص: 440)، الخصال:(2/ 342)، بحار الأنوار:(22/ 305).

(2)

نهج البلاغة: (ص: 143)، وانظر: الكافي: (2/ 236)، بحار الأنوار:(66/ 307).

ص: 31

نأتي ما أتيتم -يعني أصحابه- ما قام للدين عمود، ولا اخضرَّ للإيمان عود، وأيم الله لتحتلبنها دماً، ولتتبعنها ندماً)

(1)

.

وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (إن الله ـ جل ثناؤه وتقدست أسماؤه ـ خص نبيه

محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بصحابة آثروه على الأنفس والأموال، وبذلوا النفوس دونه في كل حال، ووصفهم الله في كتابه فقال:{رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)} قاموا بمعالم الدين وناصحوا الاجتهاد للمسلمين حتى تهذبت طرقه وقويت أسبابه وظهرت آلاء الله، واستقر دينه ووضحت أعلامه، وأذل بهم الشرك، وأزال رؤوسه ومحا دعائمه، وصارت كلمة الله العلياء، وكلمة الذين كفروا السفلى فصلوات الله ورحمته وبركاته على تلك النفوس الزكية، والأرواح الطاهرة العالية فقد كانوا في الحياة لله أولياء، وكانوا بعد الموت أحياء، وكانوا لعباد الله نصحاء، رحلوا إلى الآخرة قبل أن يصلوا إليها وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها)

(2)

.

وعلى هذا المنوال الجميل، والمنهج المستقيم سارت السلسلة الزكية من أهل بيت

النبي عليهم السلام في الثناء العاطر على رفقاء جدهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

فهذا الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام يدعو في صلاته لأصحاب جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ويقول: (اللهم وأصحاب محمد خاصة، الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث

(1)

نهج البلاغة: (ص: 91)، بحار الأنوار:(32/ 549).

(2)

مروج الذهب ومعادن الجوهر: (3/ 75).

ص: 32

أسمعهم حجة رسالته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبته، يرجون تجارةً لن تبور في مودته والذين هجرتهم العشائر، إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك وكانوا مع رسولك دعاةً لك وإليك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه، ومن كثَّرت في اعتزاز دينك من مظلومهم، اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10] خير جزائك، الذين قصدوا سمتهم، وتحرَّوا جهتهم، ومضوا على شاكلتهم، لم يثنهم ريبٌ في بصيرتهم، ولم يختلجهم شك في قفوِ آثارهم والائتمام بهداية منارهم، مُكانفين ومُؤازرين لهم يدينون بدينهم، ويهتدون بهديهم، يَتّفقون عليهم ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم اللهم وصلِّ على التابعين من يومنا هذا إلى يوم الدين وعلى أزواجهم وعلى ذُرِّياتهم، وعلى من أطاعك منهم صلاةً تعصمهم بها من معصيتك وتفسح لهم في رياض جنَّتك، وتمنعهم بها من كيد الشيطان)

(1)

. انتهى.

وعن الإمام الصادق عليه السلام، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال:(أوصيكم بأصحاب نبيكم لا تسبوهم، الذين لم يحدثوا بعده حدثاً، ولم يؤووا محدثاً؛ فإن رسول الله أوصى بهم الخير)

(2)

.

ومن المعلوم أن وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم خيرٌ لأهل الأرض، وكذلك الصحابة رضي الله عنهم من بعده، وذلك لعظيم شأنهم، وعلو قدرهم في التزامهم بهدي سيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ثمَّ استجاب الله دعاء هم لخير الأمة.

(1)

الصحيفة السجادية: (ص: 42).

(2)

بحار الأنوار: (22/ 305).

ص: 33

فعن موسى بن جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا أمنة لأصحابي، فإذا قبضت دنا من أصحابي ما يُوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا قبض أصحابي دنا من أمتي ما يُوعدون، ولا يزال هذا الدين ظاهراً على الأديان كلها ما دام فيكم من قد رآني)

(1)

.

وعن موسى بن جعفر عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (القرون أربع: أنا في أفضلها قرناً، ثم الثاني، ثم الثالث، فإذا كان الرابع التقى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، فقبض الله كتابه من صدور بني آدم، فيبعث الله ريحاً سوداء، ثم لا يبقى أحد سوى الله تعالى إلا قبضه الله إليه)

(2)

.

ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالخير والرحمة لمن يخلفه في أمته من بعده من غير تعيين منه لأحد وترك الأمر شورى بين المسلمين كما هو مقرر في القرآن والسنة من الأمر بالشورى، وتطبيقه صلى الله عليه وآله وسلم لذلك في سيرته.

فعن الرضا عليه السلام، عن آبائه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم ارحم خلفائي -ثلاث مرات- قيل له: يا رسول الله، ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي ويروون أحاديثي وسنتي، فيسلمونها الناس من بعدي)

(3)

.

تساؤل:

لو سأل سائل: بم نال الصحابة كل هذا الثناء العطر من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحازوا هذه المراتب العلى؟

(1)

بحار الأنوار: (22/ 309)، وانظر: نوادر الراوندي: (ص: 23).

(2)

بحار الأنوار: (22/ 309).

(3)

بحار الأنوار: (2/ 144).

ص: 34

فالإجابة تأتي من الروايات الكثيرة الواردة عن أهل البيت عليهم السلام، والدالة على عظيم خلق وأدب وتوقير الصحابة الكبير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتبين الحب الجم له، ومنها:

ما ذكره المجلسي في بحاره عن القاضي في الشفاء في ذكر عادة الصحابة في توقيرهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، من رواية أسامة بن شريك أنه قال:(أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه حوله كأنما على رءوسهم الطير)

(1)

.

وهذا عروة بن مسعود حين وجهته قريش عام القضية إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورأى من تعظيم أصحابه له، وأنه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه وكادوا يقتتلون

(2)

عليه، ولا يبصق بصاقاً ولا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم فدلكوا بها وجوههم وأجسادهم ولا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون النظر إليه تعظيماً له، فلما رجع إلى قريش قال:(يا معشر قريش، إني أتيت كسرى في ملكه، وقيصر في ملكه، والنجاشي في ملكه، وإني والله ما رأيت ملكاً في قومه قط مثل محمد في أصحابه)

(3)

.

وعن أنس: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحلاق يحلقه وأطاف به أصحابه، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل)

(4)

.

وفي حديث: (فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالساً القرفصاء أرعدت من الفرق هيبة له

(1)

بحار الأنوار: (17/ 32).

(2)

وفي الأصل: يقتلون.

(3)

المصدر نفسه.

(4)

المصدر نفسه.

ص: 35

وتعظيماً)

(1)

، وفي حديث المغيرة:(كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرعون بابه بالأظافر)

(2)

.

وقال البراء بن عازب رضي الله عنه: (لقد كنت أريد أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الأمر فأؤخره سنين من هيبته.. ثم قال رضي الله عنه: واعلم أن حُرمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته، وذلك عند ذكره صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر حديثه وسنته وسماع اسم سيرته ومعاملة آله وعترته، وتعظيم أهل بيته وصحابته)

(3)

.

فهل بلغ أسماعكم أو وقعت أعينكم على مثل هذا الأدب وذلك التوقير؟ وما أكثرها من دلالات حب من الصحابة رضي الله عنهم لسيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم.

(1)

المصدر نفسه.

(2)

المصدر نفسه.

(3)

المصدر نفسه.

ص: 36