المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تقديم لعبت المجلات الثقافية العربية منذ النصف الثاني من القرن التاسع - مجلة «الثقافة» السورية - جـ ٦

[خليل مردم بك]

الفصل: ‌ ‌تقديم لعبت المجلات الثقافية العربية منذ النصف الثاني من القرن التاسع

‌تقديم

لعبت المجلات الثقافية العربية منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وحتى اليوم، وخصوصاً في فترة ما بين الحربين الأوربيتين العالميتين في القرن العشرين، دوراً ريادياً تنويراً وتثقيفياً في المجتمع العربي. فقد كانت هذه المجلات هي الفضاء التي تفاعلت فيه التيارات والعقول والأفكار النهضوية الحديثة في المجتمع والثقافة العربيين قبل شيوع وسائل الاتصال والثقافة والفنون الحديثة من تلفزيون وانترنيت. . الخ. بل ربما كانت أكثر تأثيراً من الكتاب نفسه، فقد عرفت هذه المجلات الناس على الأفكار الحديثة، مثلما عرفتهم بعضهم ببعض، خالقة بذلك ما نسميه: وحدة الثقافة المعاصرة، على تعدد اتجاهاتها ورؤاها، أما بالنسبة للكتاب فقد كان على الكاتب أن يقدم نفسه أولاً في إحدى المجلات المعروفة، أو السيّارة على لغة ذاك العصر، قبل أن ينال اعتراف القراء، وقبل أ، يغامر القارئ باقتناء كتابه.

كانت مجلات: المقتطف والجنان وروضة المدارس والهلال والجامعة والمنار والضياء. . الخ. هي طلائع الوعي العربي الجديد منذ سبعينيات القرن التاسع عشر، مثلما كانت تؤسس للتيارات الفكرية التي ما تزال متفاعلة في المجتمع والثقافة العربيين، فقد كان المقتطف تؤسس للوعي العلمي، وكانت الجنان تؤسس للوعي العلماني، بينما أسست المنار للوعي السفلي، أما الجامعة فقد كانت مع الهلال، تؤسس للنهوض الثقافي العام، وكما هو معروف فإن تيارات وأفكار هذه المجلات ما تزال تيارات وأفكاراً فاعلة ومتفاعلة في الوعي العربي، وما تزال الثقافة العربية تسير في الدروب التي شقتها هذه المجلات.

أما في سورية (الحالية) فقد تأخر وجود الصحافة الثقافية المحلية ذات المستوى المتطور والمؤثر لأسباب أهمها إلى أن الموجه الأولى من المثقفين السوريين (الشوام) هاجرت إلى مصر، فأسست هناك مجلات السوريين ودور نشرهم المعروفة (الهلال - المقتطف - دار المعارف - البابي الحلبي - الخانجي - البيان - المكتبة السلفية. . الخ).

أما الموجه الثانية من المثقفين السوريين فقد أعدم أكثرها في السادس من أيار 1916، وربما كانت مجلة الحقائق 1910 السلفية الطابع لصاحبها عبد القادر الاسكندري، أول مجلة ثقافية سورية شاملة، ثم أتت مجلة الرابطة الأدبية أوائل العشرينات، وبعدها أتت أهم مجلة ثقافية سورية في تلك المرحلة وهي مجلة الحديث (1927 - 1958) لصاحبها سامي

ص: 1

الكيالي - وقد كانت تمثل الجناح السوري للمدرسة اللبرالية المصرية) خصوصاً المدرسة الملتفة حول السياسية الأسبوعية في مصر، ومعروف أن هذا الاتجاه المصري - السوري، إنما اشتد ساعده على أثر معركتي كتابي: الإسلام وأصول الحكم لعلي عبد الرزاق وفي الشعر الجاهلي لطه حسين عامي 1925 و1926.

بعد مجلة الحديث ظهرت في دمشق، ولمدة عام واحد مجلة ثقافية رفيعة المستوى، لتعبر عن الجبل التنويري الثالث في سوريا، وهو جيل أقرب إلى الاتجاه التنويرية الراديكالي، وقد بدأ يعلن عن نفسه أوائل الثلاثينيات، جبل يتألف من شباب تلقى معظمهم العلم في الجامعات الأوربية، أو تأثر بالثقافة الحديثة عموماً، ومن هنا فقد كانت نظرته الثقافية متسعة الأفق، مضافاً إليها ثقافة عربية تقليدية قوية، ولهذا تبدو كتابات واهتمامات المجلة، بل وآراء كتابها، متوازنة ما بين الغربي - الوافد - الجديد، وبين العربي - التقليدي.

للمجلات الثقافية العربية سلاسل أنسابها المتسلسلة، بل وأشجار عائلاتها الولود، فلكل مجلة عربية صدرت في القرن التاسع عشر سلسلة نسب استمرت في مجلات صدرت بعدها، وبعضها ما يزال يصدر، فنحن نستطيع أن نقول مثلاً أن مجلة الآداب - 1954 البيروتية هي خليمفة مجلة الرسالة 1933 القاهرية، وأن مجلة الجامعة 1898 في مصر ونيويورك لفرح أنطون، أورثتنا مجلة العصور 1927 في القاهرة وأن مجلة العصور ولدت مجلة الدهور 1931 في بيروت وأن مجلة الدهور ولدت الطليعة 1935 في دمشق وأن مجلة الطليعة ولدت مجلة الطريق 1940 وربما نستطيع أن نقول أن مجلة الثقافة 1933 في دمشق تمت بصلة لمجلة الحديث 1927 في حلب فمجلة الثقافة حلقة في سلسلة المجلات الثقافية العامة ذات الأفق المفتوح لكل الاتجاهات التنويرية. وقد بدأت مؤخراً حركة لإعادة نشر بعض هذه المجلات، وخصوصاً في مصر. ضمن هذه الجهود تساهم وزارة الثقافة في سورية بنشر مجلة الثقافة السورية ومجلات أخرى قريباً.

أصدرت مجلة الثقافة مجموعة من الكتاب الشباب هم:

1 -

خليل مردم بك 1895 - 1959:

من أسرة دينية دمشقية - تلقى العلم في دمشق وبريطانيا، شاعر ومدرس للآداب، سياسي تقلد مناصب دبلوماسية ووزارية. محقق لكتب التراث وشاعر.

ص: 2

2 -

جميل صليبا 1902 - 1976:

دكتور في الفلسفة مدرس جامعي، درس في دمشق وباريس حقق وألف كتباً فلسفية وتربوية كثيرة.

3 -

كاظم الداغستاني: 1901 - 199؟

درس في لبنان وفرنسا وسوريا، حقوقي دكتور في العلوم الاجتماعية وقانوني عمل في الدولة. له كتاب بالفرنسية وكتابان بالعربية صدرا في أواخر حياته.

4 -

كامل عياد 1901 - 1986:

مولود في ليبيا. هاجر أبوه إلى تركيا إثر احتلال الطليان لبلاده. درس في تركيا وسوريا وألمانيا، حصل على الدكتوراه إثر رسالة عن ابن خلدون في ألمانيا عام 1929. مدرس جامعي للتاريخ والفلسفة والتربية صدرت له كتابات مختارة عن وزارة الثقافية في دمشق.

نعيد إصدار مجلة الثقافة والتي صدر منها سنة واحدة في عشرة أعداد فقط خلال عام 1933، في مجلدين ضمن سلسلة إعادة إصدار بعض المجلات الهامة في عصر النهضة العربية، تقديراً لأهمية هذه المجلة التي ما تزال موضوعاتها راهنة وتحية لجهود جيل عربي تنويري كان تحرر البلاد وتقدماه وثقافتها هدف حياته الأول.

محمد كامل الخطيب

ص: 3