الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جمعية دوحة الأدب النسائية
ومشروعها الجديد
جمعية دوحة الأدب النسائية في دمشق عنصر من العناصر الاجتماعية التي يمكن وصفها كما هي في الواقع ثم تحليلها ودراستها بطريقة الاستقراء والاستنتاج لبيان صورة واضحة من صور التطور الاجتماعي الأخير ليس في سورية فقط بل في جميع أقطار الشرق العربي، وهذا ما لا نستطيعه في هذه العجالة لأنه يحتاج لبحث خاص ربما أفردنا له فصلاً خاصاً في أعداد الثقافة، على أن غاية ما نود أن ننبه القارئ إليه في هذه الكلمة هو أن هنالك رأياً إذا أيدناه فإنما نذهب به مذهب أستاذ كبير من أساتذة التربية والتعليم السوريين الذين يعملون اليوم في العراق بعد أن عملوا طويلاً في سورية. وخلاصة هذا الرأي أن النساء السوريات هن أشد ذكاء وفطنة وأكثر استعداداً للعلم والتعليم وأقرب للتقدم والنجاح في العمل من الرجال السوريين، وهو رأي أبانه صاحبه منذ عشرات السنين فجاءت أدلة الواقع تؤيده وتثبت صحته، ولعل أظهر هذه الأدلة وأبرزها جمعية دوحة الأدب النسائية هذه التي لا نعرف من جمعيات الرجال المدنية في سورية من استطاعت أن تجاريها في ثباتها وصحة برنامجها وإخلاصها ومثابرتها على العمل بكل ما يتطلبه نجاح العمل في الجماعة من صفات يجب أن يتصف بها الفرد والتي من أهمها سلامة القلب وشرف النفس وسمو الروح والمفاداة بكثير من المنافع الخاصة التي تمليها الأنانية والأثرة وحب الذات.
لم تكد تؤسس جمعية دوحة الأدب النسائية في دمشق منذ سنين خلت حتى كنابين المتفائلين خيراً بتأسيسها ومن الأملين ببقائها ونجاحها فقد نشأت دون أن تثير حولها شيئاً من الضجيج الذي اعتادت جمعيات الرحال في سورية أن تبرز به في بادئ أمرها، ثم لم يمض عليها شهور حتى وفق مؤسساتها لجمع مبلغ من المال أنشأنا به مدرسة للبنات الصغيرات أجمع جميع من عهدوا بتربية بناتهم إليها أنها من خيرة المدارس السورية إن لم تكن أصلحهن في برنامجها وترتيبها وتنظيمها، وفكر القائمات على شؤون الجمعية بعدئذ رغم ما تعانيه البلاد من ضيق وفقر بجمع ما يكفي لبناء مدرسة فوضعن مشروع القرش السوري وطبعن مليوناً من الطوابع كل طابع منها بقيمة قرش سوري واحد وشرعن بتوزيعها وبيعها، وأنك لو درست هذا المشروع الجديد الذي أخذن على أنفسهن القيام به في
مدينة فقيرة كدمشق وعرفت ما عانينه في سبيل إيصاله إلى ما وصل إليه رغم الحجاب الكثيف الذي يحجب وجههن ورغم حب الذات المتأصل في نفوسنا نحن الرجال، لعرفت أن هنالك جهداً جباراً قد يضيق به ذرعاً من لم يكن مخلصاً في عمله، سامياً في مبدئه، شريفاً في نفسه وروحه، وإنك إذا بحثت الأمر أيضاً ووقفت على كثير من شؤون جمعية دوحة الأدب وأعمالها الهادئة الرصينة لا يبقى مجال للشك في نفسك بنجاح مشروعها الجديد ولأيقنت أن المال المطلوب سيجمع أن لم يكن عاجلاً فآجلاً وأن بناء المدرسة سيقام بعد حين في قلب عاصمة الأمويين ضخماً فخماً شاهداً على جهد المرآة السورية وعظمتها، ويؤيد يقينك ما تراه ويتناوله سمعك في كل يوم وفي كل ساعة من دعوة الشقيقة شقيقها وإلحاح الزوجة على زوجها ورجاء القريبة قريبها لمناصرة هذا المشروع وبيع طوابعه وبذل الهمة في سبيله كأنه عمل خاص بهن وكأن المال الذي سيجمع من وراء ذلك سيمنح إليهن ولذويهن.
إن هذه العاطفة السامية المتأججة في نفوس هؤلاء النسوة أعضاء جمعية دوحة الأدب هي الشرط الأول في نجاح عمل الجماعات وهي عاطفة أن لم نتعدها بالتشجيع والمناصرة أصبحت بعد حين كغيرها من تلك العوامل الروحية التي لا تلبث أن تخمد شعلتها في هذه البيئة الخشنة من الدعائم التي يبنى عليها مجد الأمم وسلطانها.
إذا شكرنا أعضاء جمعية دوحة الأدب على جهودهن ومساعيهن رغم ما يعترضهن من مصاعب التقاليد والعادات التي يرزحن تحت أثقالها، فإنما نؤدي فرضاً هو أقل ما يمكن في باب التشجيع والمعاضدة، وإذا دعينا لمناصرة مشروع الجمعية الجديد ومساعدته، فإنما نذكر قرأنا بواجبات وطنية ليس بين الناس من يعجز عن القيام بها أو يجد عذراً في تقاعسه عن أدائها. والعمل الصالح في سبيل الجماعة هو عمل شريف مجيد مهما صغرت قيمته وقلّ شأنه.
ك. د