المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وربيع القلب لو يشرى - مجلة «الثقافة» السورية - جـ ٩

[خليل مردم بك]

الفصل: ‌وربيع القلب لو يشرى

‌وربيع القلب لو يشرى

لماري عجمي

أروها بالدمعة الحرى

فالأسى قد ينعش الذكرى

روضة ما كان أروعها

وهي في أيدي الصبا سكرى

ما ترى الريحان مكتئباً

وأجما لا ثغر مفترا

قلقاً السحب تغمره

وهو لا شمساً ولا قطرا

نمت والأزهار ساهرة

ترتعي في سهدها البدرا

وسكون الليل منتشر

في مطاوي الثورة النكرا

ثم لاح الفجر منبثقاً

دون شدوٍ يملأ الفجرا

فإذا الأغصان لا ورق

وقضاء الدهر أن تعرى

وعيون الورد جاحظة

لا ضيا فيها ولا بشرا

فكأن الروض مقبرة

عريت أمواتها جهرا

لو ترى الفيحاء زاهية

روضة معسولة خضرا

خلتها الفردوس مزدهراً

وشهدت الآية الكبرى

فالدوالي وهي مثقلة

تترامى حولنا سكرا

ولآلي الزهر ناثرة

فوقنا أمجادها نثرا

أنجم لو رحت تسألها

بعضها جادت به كثرا

غرر كالجمر لاهبة

حين لا ماء ولا جمرا

ولجين فاض عن كثب

دفقت أمواجه تترى

شاقها النبع الذي هجرت

فعدت تستغفر البحرا

فتخال النهر مرتحلاً

ومقيماً تارة أخرى

وكأن الوجد يقعده

والمنى تجري به قسرا

من لأيام لنا سلفت

وربيع القلب لو يشرى

يوم كان الظل يجمعنا

لا نوى نشكو ولا غدرا

يوم كنا السيل هرولة

والنسيم الطلق إذ أسرى

ص: 21

وأغاني ود سامعها

لو نغنيها له الدهرا

نغرس الأزهار في سحر

ثم نجني طيبها عصرا

ورياض العيش وارفة

وجراح القلب ما تبرا

نستلذ الحب مرتجلا

وأحاديث الهوى جهرا

وأفانين منوعة

وجنون يزدري الكبرا

وقلوب ملؤها نغم

ورفيف يا لها وكرا

روعة غاضت منابعها

دون أن ندري لها عذرا

روضتي، أواه من ذكر

أصبحت محزونة صفرا

عقد التبريح منطقها

فهي لا سلكاً ولا درا

إنما الأطياب زفرتها

كلما جدت بها الذكرى

روضتي والبين فرقنا

فرغت كأسي فلا قطرا

أنت تشكين الجوى مللا

وأنا أعيا به صبرا

وكأني والأسى لججٌ

قارب يستعتب الغمرا

كلما استعطفت جانبه

لج في طغيانه كبرا

اعطفي يا ريح لا تذري

في الربى زهراً ولا عطرا

وابعثي الأنفاس باردة

جمداً يستوقف النهرا

وأثيري الوجد كامنه

واهصري آمالنا هصرا

فأنا يا ريح باقية

للمنى، للشوق، للذكرى

اغرس الأزهار في حلمي

عل من أرواحها نشرا

عادت الورقاء هاتفة

بلقا أحبابها بشرا

عادت الأدواح وارفة

وهفت ريح الصبا فجرا

وزكت في الشمس نضرتها

وأنا غصني بها يعرى

وأؤم الروض شاحبة

علني اكسي بها زهرا

فأرى شمسي مهاجرة

وأرى كأسي ولا خمرا

قيل لي والعين ذاهلة

إن تغني تلهمي سحرا

ص: 22

أتغني الطير من طرب

وهي في أقفاصها أسرى

ما تركت الشعر عن ملل

غير أني لا أرى شعرا

فجناح هاج هائجه

وجناح قد وهى كسرا

ليلى

ص: 23