الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: حافظ إبراهيم
رعاية الأطفال
محمد حافظ إبراهيم
شبحًا أرى أم ذاك طيف خيال؟
…
لا بل فتاة بالعراء حيالي
أمست بمدرجة الخطوب فما لها
…
راع هناك وما لها من وال
حسرى تكاد تعيد فحمة ليلها
…
نارًا بأنّات زكين طوال
ما خطبها عجبًا وما خطبي بها
…
ما لي أشاطرها الوجيعة ما لي!
دانيتها ولصوتها في مسمعي
…
وقع النبال عطفن إثر نبال
وسألتها: مَن أنت؟ وهي كأنها
…
رسم على طلل مِن الأطلال!
فتململت جزعًا وقالت: حامل
…
لم تدر طعم الغمض منذ ليال
قد مات والدها وماتت أمها
…
ومضى الحِمام بعمها والخال
وإلى هنا حبس الحياء لسانها
…
وجرى البكاء بدمعها الهطال
فعلمت ما تخفي الفتاة وإنما
…
يحنو على أمثالها أمثالي
ووقفت أنظرها كأني عابد
…
في هيكل يرنو إلى تمثال
ورأيت آيات الجمال
…
تكفلت بزوالهن فوادح الأثقال
لا شيء أفعل في النفوس كقامة
…
هيفاء روّعها الأسى بهزال
أو غادة كانت تريك إذا بدت
…
شمس النهار فأصبحت كالآل
قلت انهضي، قالت أينهض ميت
…
مِن قبره ويسير شن بالي؟
فحملت هيكل عظمها وكأنني
…
حملت حين حملت عود خلال!
وطفقت أنتهب الخطى متيممًا
…
بالليل دار رعاية الأطفال
أمشي وأحمل بائسين فطارق
…
باب الحياة ومؤذن بزوال
أبكيهما وكأنما أنا ثالث
…
لهما مِن الإشفاق والأعوال
وطرقت باب الدار لا متهيبًا
…
أحدا ولا مترقبًا لسؤال
طرق المسافر آب مِن أسفاره
…
أو طرق رَبُّ الدار غير مبال
وإذا بأيد طاهرات عودت
…
صنع الجميل تطوعت في الحال
جاءت يسابق في المبرة بعضها
…
بعضًا لوجه الله لا للمال
فتناولت بالرفق ما أنا حامل
…
كالأم تكلأ طفلها وتوالي
وإذا الطبيب مشمر وإذا بها
…
فوق الوسائد في مكان عال
جاؤا بأنواع الدواء وطوَّفوا
…
تسرير ضيفهم كبعض الآل
وجثا الطبيب يجس نبضًا خافتًا
…
ويرود مكمن دائها القتَّال
لم يدر حين دنا ليبلو قلبها
…
دقات قلب أم دبيب نمال
ودعتها وتركتها في أهلها
…
وخرجت منشرحًا رخيّ البال
وعجزت عن شكر الذين تجردوا
…
للباقيات وصالح الأعمال
لم يُخجلوها بالسؤال عن اسمها
…
تلك المروءة والشعور العالي
خير الصنائع في الأنام صنيعة
…
تنبو يحاملها عن الإذلال
وإذا النوال أتى ولم يهرق له
…
ماء الوجوه فذاك خير نوال
مَن جاد مِن بعد السؤال فإنه
…
وهو الجواد يعد في البخال
لله درهم فكم مِن بائس
…
جم الوجيعة سيئ الأحوال
ترمي به الدنيا فمِن جوع إلى
…
عُري إلى سقم إلى إقلال
عين مسهدة وقلب واجف
…
نفس مروعة وجيب خال
لم يدر ناظره أعريانا يرى
…
أم كاسيًا فى تلكم الأسمال
فكأن ناحل جسمه في ثوبه
…
خلف الخروق يطل مِن غربال!
يابرد فاحمل قد ظفرت بأعزل
…
يا حر تلك فريسة المغتال
يا عين سِحّي يا قلوب تفطَّري
…
يا نفس رقي يا مروءة والي
لولاهم لقضى عليه شقاؤه
…
وخلا المجال لخاطف الآجال
لولاهم كان الردى وقفًا على
…
نفس الفقير ثقيلة الأحمال
لله در الساهرين على الألى
…
سهروا مِن الأوجاع والأوجال
القائمين بخير ما جاءت به
…
مدينة الأديان والأجيال
أهل اليتيم وكهفه وحماته
…
وربيع أهل البؤس والإمحال
لا تهملوا في الصالحات فإنكم
…
لا تجهلون عواقب الإهمال
إني أرى فقراءكم في حاجة
…
- لو تعلمون - لقائل فعال
فتسابقوا الخيرات فهي أمامكم
…
ميدان سبق للجواد النال
والمحسنون لهم على إحسانهم
…
يوم الإثابة عشرة الأمثال
وجزاء رب المحسنين يجل عن
…
عَدٍّ وعن وزن وعن مكيال
_________