المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفسق العلني والدستور [*] - مجلة المنار - جـ ١٣

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (13)

- ‌المحرم - 1328ه

- ‌الانتقاد على المنار

- ‌آدم أبو البشر

- ‌قضاء الفرد وقضاء الجماعة في الإسلام [

- ‌رسالة جمع النفائس لتحسين المدارس

- ‌خديجة أم المؤمنين(7)

- ‌صفر - 1328ه

- ‌الكشف الطبي على الموتى وتأخير الدفن

- ‌غروب الشمس والإفطار

- ‌عدة الوفاة

- ‌الأئمة الأربعة ومقلدوهم واجتهاد العامي

- ‌طريقة الشاذلية

- ‌عذاب القبر

- ‌أسئلة من سنغافوره

- ‌تزيين شعر الرأس والزي الأوربي

- ‌الرضاعة من كتابيةلبس البرنيطة

- ‌الكلام وقت خطبة الجمعة

- ‌إباحة الغناء

- ‌علم الهيئة والسنة النبوية

- ‌حركة الأرض ودورانهاوالاستدلال على ذلك من القرآن

- ‌المشورة [

- ‌الإسلام في البلاد المسيحية [*]

- ‌المطلقة [*]

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌الأسطول العثماني [*]

- ‌كتاب النصائح الكافية لمن يتولى معاوية

- ‌إلى مشتركي المنار

- ‌خديجة أم المؤمنين(8)

- ‌ربيع أول - 1328ه

- ‌العمل بخبر التلفون والتلغراف في الصوم والفطر

- ‌رسالة النبي إلى الناس كافة

- ‌طريقة الشاذلية الدرقاوية

- ‌الوصية المنامية المكذوبة

- ‌الكبريت المسوكر

- ‌إصلاح الخط العربي

- ‌أطوار اللغة العربية [*]

- ‌إلى الأمة العربية

- ‌رعاية الأطفال

- ‌الأخبار والآراء

- ‌خديجة أم المؤمنين(9)

- ‌ربيع الآخر - 1328ه

- ‌الاتحاد الشامل والتعليم الشاملأيهما يتوقف على الآخر

- ‌المرأة المصرية والمرأة الغربية [*]

- ‌العمران العربي [*]وصف دار الخلافة أو القصر الحسني

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌البدع والخرافات

- ‌رحلة القسطنطينية(3)

- ‌انتشار الإسلام في إفريقية

- ‌الإسلام في الهند

- ‌صدى العلم من الحجاز

- ‌جمادى الأولى - 1328ه

- ‌الإكراه على الإسلام بالسيف

- ‌حديث منع الدين بنصارى من ربيعة

- ‌قوة الاجتماع والتعاون

- ‌كيف تنال الأمة حقوقها

- ‌النهضة المصرية والدستور

- ‌تأريخ التجنيد العثماني [*]

- ‌العمران العربي [*]وصف الجامع الأموي

- ‌تربية البنات [*]

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌الأخبار والآراء

- ‌جمادى الآخرة - 1328ه

- ‌رسالة التوحيد للأستاذ الإمام وصالح التونسي

- ‌إنفاق ريع الوقف على العلم

- ‌سبب فرض الصلاة

- ‌ذكرىللسوريين عامة وأهل بيروت خاصة [*]

- ‌الفطرة وأسباب الترقي في الكون

- ‌أسماء عربية لمسميات إفرنجية

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌الأخبار والآراء

- ‌رجب - 1328ه

- ‌أبو حامد الغزالي [*](8)

- ‌التعاون والتخاذل [*]

- ‌نابتة المدارس والمكاتب [*]

- ‌البهتان العظيم

- ‌شعبان - 1328ه

- ‌محاربة المنار للتقليد ومذهبه

- ‌هل يعتد بإيمان أهل الكتاب بعد الإسلام

- ‌الصلاة مواقيتها وجمعها وغايتها

- ‌جمع القرآن وعدم ضياع شيء منه

- ‌هدايا الجرائد إلى مشتركيها

- ‌بحث الكلام في الاختلاف [*]

- ‌التربية القويمة والسياسة الحكيمة [*]

- ‌الحق للقوة والقوة بالحق

- ‌الإسلام في نيازالاند [*]قول لحاكمها

- ‌الدعوة إلى التعليم في حضرموت

- ‌قانون حق التأليف [*]

- ‌تعارض العقل والنقل في الإسلام [*]

- ‌التقاريظ

- ‌مقدمة خديجة [*]

- ‌رمضان - 1328ه

- ‌بحث في الخلاف [*]

- ‌الفسق العلني والدستور [*]

- ‌مضار البغاء ومفاسده

- ‌كتاب الخمسة والمئةوكتاب الهمسة في الأصول الخمسة

- ‌تنبيه

- ‌الأخبار والآراء

- ‌الشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده [*]

- ‌الخلافة الإسلامية والجامعة العثمانية [*](1)

- ‌شوال - 1328ه

- ‌أسئلة من باريس

- ‌الجمعية العلمية في الآستانة

- ‌حول خطبة رشيد رضا أفندي

- ‌إلى علماء الإسلام الأعلام [*]

- ‌رمضان في عاصمة السلطنة [*]

- ‌حجاب المرأة في الإسلام [*](2)

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌الأخبار والآراء

- ‌ذو القعدة - 1328ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌حديث إن شريعتي جاءت على 360 طريقة

- ‌مسافة القصر

- ‌صلاة الظهر بعد الجمعة احتياطًا

- ‌الباطنية وآخر فرقهم البابية البهائية(1)

- ‌جميل صدقي أفندي الزهاويمهاجمته بشعرياته للشرعية الإسلامية في حقوق النساء

- ‌النظام الجديد للجامعة الأزهرية

- ‌جمعية المبشرين في روسية

- ‌الخلافة الإسلامية والجامعة العثمانية [*](2)

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌الأخبار والآراء

- ‌ الانتقاد على المنار

- ‌ذو الحجة - 1328ه

- ‌افتراق الأمة الإسلامية والفرقة الناجية

- ‌القرآن في الفونغراف

- ‌مشروع إحياء الآداب العربيةتقاومه جريدة قبطية [*]

- ‌الدين والإلحاد والاشتراكية

- ‌الباطنية وآخر فرقهم البابية البهائية [*](2)

- ‌الخلافة الإسلامية والجامعة العثمانية [*](3)

- ‌إحياء اللغة العربيةوطبع نوادر مصنفاتها

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌حل مشكلة اليمن وسائر جزيرة العرب

- ‌جمعية ندوة العلماء في الهند

- ‌خاتمة السنة الثالثة عشرة

الفصل: ‌الفسق العلني والدستور [*]

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌الفسق العلني والدستور [*]

حدثنا غير واحد من الفضلاء الذين جاؤوا العاصمة من طرابلس الشام أن

بعض سماسرة الفسق جاءها بثُلَّة من النساء الروميات العاهرات اللواتي يتَّجِرْن

بأعراضهن فأنشأن يرقصن كل ليلة في بعض الملاهي وهن في هيئة منكرة من التبذل

والتبرج والتهتك تغري من رآها بالفسق ثم يعدْنَ إلى منازلهن وقد جذبن إليهن من

جذبن من الفسَّاق يختلفون إليهن جهرًا فيبذلون لهن أموالهم وصحتهم وشرفهم ودينهم

ويخرجون حاملين منهن جراثيم داء الزهري (الحب الإفرنجي) وسُمّه القتال المعدي

فيلقونه في بيوتهم وبيوت من يؤاكلونهم ويشاربونهم حتى إن الدكتور ماريا أحد أطباء

البلد المشهورين قال لبعض محدثينا: إنه عرض عليه كثيرون من المصابين بهذا الداء

بعد استقرار هؤلاء العاهرات في طرابلس وكان ذلك نادر الوقوع فيها فكم يكون

عدد الذين عُرِضوا على غيره وعدد الذين لم يعرضوا على الأطباء لجهلهم وإهمالهم.

وأخبرنا أولئك المخبرون أن علماء طرابلس وأهل الدين والشرف فيها حرجت

صدورهم واضطربت قلوبهم وضاقت عليهم نفوسهم وشكَوْا الأمر إلى حكومته فلم

تُشْكِهم ولا أجابتهم إلى إزالة المنكر القبيح الذي لم تتعوّده بلدتهم، وظن الجماهير من

الناس أن المجاهرة بالفسق من لوازم الحكومة الدستورية فهو بلاء واقع ما له من دافع

لأن رجال الدستور هم الذين يحمونه، وأطلعني أحد هؤلاء على كتاب جاءه من

صديق له وكلاهما من مستخدمي الحكومة وأعضاء جمعية الاتحاد والترقي يقول فيه

إن عدد الارتجاعيين يكاد ينمو ويزداد في طرابلس وقاها الله وسائر البلاد من شر

الارتجاع وأهله، وسنبين لهم بالبرهان خطأهم في سوء ظنهم هذا بالدستور ورجاله.

إن طرابلس الشام قد امتازت منذ القرون الماضية والأيام الخالية بمزايا قلما

توجد بلدة في الدنيا تفوقها أو تضارعها فيها وهي المحافظة على شعائر الدين وآدابه

الاجتماعية، والخلوّ من مَواخِير الفسق ولو سرية، وحانات السكر العلنية، وبيوت

القمار الخصوصية، ولا أذكر أنني رأيت في السنين التي عشتها فيها أحدًا من

السكارى إلا رَجُلين أحدهما زنجي كبير السن كان يجول في حارة النصارى فيتجمع

له الصبيان يعبثون به ويسخرون منه، وقد اعتاد السكر في خدمته لبعض النصارى

في أيام شبابه، والثاني شاب من أولاد الصناع كان يشرب سرًّا وربما خرج مترنحًا

ثملاً فكان لافتًا لأعناق الناظرين المتعجبين، ومحرِّكًا لألسنة المحوقلين

والمسترجعين، وأذكر أمر مدرعة فرنسية وقفت في ميناء طرابلس فخرج بعض

ضباطها إلى البلد فجعل يجول فيها فطلب من التُّرْجُمان أن يذهب به إلى ماخور

النساء أو يأتيه بامرأة يتمتع بها فلما سمع أهل السوق هذا هَمُّوا بالضابط فأنذرهم

بعض الأذكياء مَغبَّة الأمر وأسرع بإعلام الحكومة فأرسلت إليه من رجال الشحنة

والشرطة من حافظ عليه إلى أن عاد إلى البحر بعد ما أفهمه الترجمان أن هذه البلدة

ليس فيها نساء للفسق.

إن بلدة هذا وصفها وقد كانت ولا تزال من أكثر البلاد اشتغالاً بالعلم الديني

بالنسبة إلى عدد السكان جديرة بأن تضيق ذَرْعًا بالفسق العلني يفاجئها شر مفاجأة

وقد كان لحكومتها سلطان من الدستورعلى منع هذا المنكر المخالف لآداب القوم

العمومية ولكن مُتَصَرِّفها السابق كان جاهلاً خاملاً بليدًا وأما المتصرِّف اللاحق فلم

يبلغنا أنهم شكوا إليه ذلك ولعلهم لم ييأسوا من الحكومة ولعل المتصرِّف الجديد لا

يقصر في تلافي هذا الأمر الأمرّ، وإزالة هذا العمل المنكر، وهو قد رأى بعينيه،

وسمع بأذنيه، وعمل بيديه ورجليه، في منع ما هو دونه من المنكرات في العاصمة

كمنع تبرج النساء واختلاطهن بالرجال في مثل يوم عيد الدستور ومنع الصبيان من

الحمامات، كل ذلك عناية من الحكومة الدستورية العليا بالآداب الإسلامية، ولا

يتوهَمَّن أن الأمر قد استقر فهو يدوم بحركة الاستمرار، وإنه يُغْتفر في الدوام ما لا

يُغْتَفر في الابتداء، فالأمر لا يزال في أوله ولا تزال أخطاره محصورة في دائرة

ضيقة، فيجب أن يُرَقَّع قبل اتساعه، وتداوى العلة قبل إعضالها.

قد استفظع هذا المنكر أهل العلم والدين والغيرة على العرض وهم السوادُ

الأعظم في طرابلس الشام وأكثرهم لا يعرف من شره إلا أنه عَمَلٌ محرم في الشرع

فماذا يقولون وماذا يعملون؛ إذا علموا بما وراءه من الشرور والرزايا في هتك

الأعراض واغتيال الأموال وفُشُوّ الأمراض وفساد داخلية البيوت وهو ما سنشرحه

في مقالة أخرى.

يجب على أهل العلم والدين أن يعيدوا الكَرَّة بمطالبة الحكومة المحلية بمنع هذا

المنكر من بلدهم المخالف لآدابهم العمومية التي نص القانون على وجوب احترامها

وذلك يكون في كل مكان بحسبه، وجمهور أهل العلم والدين والمروءة هم المحكمون

في عرف بلدهم وآدابه، ولأنه هتْك لحرمة الدين الذي كفل القانون الأساسي حفظه

واحترامه بل لم يقبل إلا لبنائه على أساسه، واقتباسه من نبراسه، فإن لم تبادر

الحكومة المحلية إلى إجابة طلبهم فليرفعوا الأمر إلى حكومة العاصمة ولو بلسان

البرق.

لا تصدقوا وسوسة شيطان الارتجاع بتفضيل تلك الحكومة الاستبدادية البائدة

على الحكومة الدستورية الدائمة إن شاء الله تعالى في حفظ الشرع وآداب الدين،

فإنا قد رأينا من هذه الحكومة أكثر مما كنا نتوقع من اتقاء ما يخدش الشعور الديني،

ولم يكن أحد يستطيع أن يحتج بالدين على شيء في العصر الحميدي المظلم فاعلموا

الآن أنكم أقدرعلى حفظ دينكم وعرضكم إذا عرفتم كيف تحفظونه فحكومة الدستور

هي حكومة الأُمة وحكومة الاستبداد هي حكومة رجل واحد لا قيمة فيها للأمة ولا

لدينها ولا لعرضها ولا لشرفها.

ألم يبلغكم أن أهل البصرة أرادوا أن يصبوا تمثالا لأبي الدستور (مدحت باشا)

فمنعتهم الحكومة العليا من ذلك لأنه مخالف للشرع الإسلامي، ألم تعلموا أن مجلس

الوكلاء قرر منع انتشار كتاب تحرير المرأة إذ طبع مترجمًا بالتركية لئلا يكون سببًا

لكثرة الخوض في مسألة رفع الحجاب عن النساء، حتى عدّ بعض الناس الحكومة

مغالية في ذلك، أَفترَوْن أن هذه الحكومة ترضى بأن يثْلمَ أولئك الروميات الفواجر

شرفكم ويهتكن آدابكم الدينية والقومية ويسلبن أموالكم في زمن يقاطع العثمانيون فيه

تجارة اليونان المباحة - ويفسدن أمر الصحة العمومية، ويزدن في أسباب التعدي

والجنايات، حاش للحكومة أن ترضى بذلك إذا كنتم أنتم تكرهونه وتمقتونه،

فاطلبوا المقاصد بأسبابها، وَأْتُوا البيوت من أبوابها، واتقوا الله لعلكم تفلحون.

_________

(*) نشرنا هذه المقالة والتي تليها بجريدة الحضارة.

ص: 681