الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: القضاء من أنزل بدون جماع
…
المبحث الثاني: قضاء من أنزل بدون جماع
لا خلاف بين الفقهاء الأربعة - أبي حنيفة (1) ، ومالك (2) ، والشافعي (3) وأحمد (4) - أن المباشرة فيما دون الفرج، والتقبيل، واللمس، توجب القضاء إذا صاحب ذلك إنزال للمني، وكان عامداً لا ناسياً، لما ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: هششت فقبّلت وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله صنعت اليوم أمراً عظيماً، قبّلت وأنا صائم، قال:"أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم" قلت: لا بأس به، قال:"فمه"؟ (5) فوجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم شبّه القبلة بالمضمضة من حيث إنها من
(1) مختصر الطحاوي ص 54، والأصل 2/200، 210، وبداية المبتدي مع فتح القدير 2/331، 341، والهداية مع البناية 3/312، و334، وبدائع الصنائع 2/93، والمبسوط 3/65، وتبيين الحقائق 1/329.
(2)
المدونة 1/195-199، والكافي 1/342، والإشراف 1/200، 202 وشرح الخرشي 2/253، والقوانين الفقهية ص 118.
(3)
الأم 2/110، والمهذب 1/246، 247، والمجموع 6/283، 286 وحلية العلماء 3/198، 204، والحاوي الكبير 3/435، 440.
(4)
مختصر الخرقي ص 50، والمغني 3/112 - 116، وكشاف القناع 2/372 – 373، والفروع 3/49، والمحرر 1/230، والهداية 1/84، وشرح منتهى الإرادات 1/448، والإنصاف 3/301، ومنار السبيل 1/224، 225، ومطالب أولي النهى 2/191، 198.
(5)
رواه أبو داود في سننه 2/779، 780 كتاب الصوم باب القبلة للصائم حديث (2385) وأحمد في المسند 1/21، والحاكم في المستدرك 1/431 كتاب الصوم، جواز القبلة للصائم. وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/453 حديث (2089 - 2385) صحيح.
مقدمات الشهوة، وأن المضمضمة إذا لم يكن معها نزول الماء لم يفطر، وإن كان معها نزوله أفطر، فدل على أن القبلة مثلها (1) .
أما إذا لم ينْزل فلا يفسد صومه بذلك لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقّبل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه» (2)
والاستمناء باليد يوجب القضاء عند الشافعية (3) ، والحنابلة (4) . لأنه إنزال عن مباشرة فهو كالقبلة في إثارة الشهوة (5) أما إذا قبّل فأمذى، أو كرّر النظر فأنزل فقد اختلف الفقهاء فيه على قولين:
القول الأول: أن من قبّل فأمذى، أو كررّ النظر فأنزل، فعليه القضاء، لأنه قد أفسد صومه، وبه قال مالك (6) ، وأحمد (7) ، وعطاء، والحسن البصري، والحسن بن صالح (8) .
القول الثاني: لا قضاء عليه وصومه صحيح. وبه قال أبو حنيفة (9) ، والشافعي (10) وجابر بن زيد، وسفيان الثوري، وأبو ثور (11) .
(1) المغني 3/111، 112، والمهذب 1/246، والمجموع 6/283، والحاوي الكبير 3/435.
(2)
صحيح البخاري مع الفتح 4/149 كتاب الصوم باب المباشرة للصائم حديث (1927) .
(3)
المهذب 1/246، والمجموع 6/284.
(4)
المغني 3/113، وكشاف القناع 2/371.
(5)
المهذب 1/246، والمغني 3/113.
(6)
المدونة 1/197، والإشراف 1/202، والقوانين الفقهية ص 118.
(7)
المغني 3/113، وكشاف القناع 2/372.
(8)
المغني 3/113، والمجموع 6/284.
(9)
بدائع الصنائع 2/93، والأصل 2/238.
(10)
المهذب 1/246، والمجموع 6/284.
(11)
المغني 3/113، والمجموع 6/284.
الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
أولاً: أن المذي خارج تتخلله الشهوة، خرج بالمباشرة فأفسد الصوم كالمني (1) .
ثانياً: أن من أنزل بتكرار النظر يفسد صومه، لأنه إنزال بفعل يلتذ به كاللمس، ولأنه نوع من الاستمتاع يكون بالنظر كما يكون بالمباشرة (2)
واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
أولاً: أن من نظر وتلذذ فأنزل لم يبطل صومه، لأنه إنزال من غير مباشرة فلم يُبطل الصوم، كما لو نام فاحتلم، أو أنزل بالفكر. ولأن النظر ليس بجماع، لأنه ليس بقضاء للشهوة، بل هو سبب لحصول الشهوة (3)
ويجاب عنه: بأن الفكر لا يمكن التحرز منه بخلاف تكرار النظر (4) .
ثانياً: أن من قبّل امرأة وتلذذ فأمذى ولم يمن لم يفطر، لأنه خارج لا يوجب الغسل، فأشبه البول (5) .
الراجح:
أرى أن الراجح أن من قبّل فأمذى، أو كرّر النظر فأمنى، أن صيامه قد فسد وعليه القضاء، وهو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول للأدلة العقلية التي ذكروها، ولأن هذا من باب الاحتياط في العبادة والله تعالى أعلم.
(1) المغني 3/112.
(2)
المغني 3/113، والإشراف 1/202.
(3)
المهذب 1/246، وبدائع الصنائع 2/93، والمغني 3/113.
(4)
المغني 3/113.
(5)
المجموع 6/284، والمغني 3/112.