الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: قضاء المجامع نسياناً أو عمداً
المطلب الأول: قضاء من جامع ناسياً
…
المبحث الثالث: قضاء المجامع نسياناً أو عمداً
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: قضاء من جامع ناسياً
اختلف الفقهاء في من جامع ناسياً لصومه هل يجب عليه شيء أم لا؟
على ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا قضاء عليه ولا كفارة. وبه قال أبو حنيفة (1) ، والشافعي (2) ، والحسن البصري (3) ، ومجاهد (4) ، والثوري (5) ، وإسحاق بن راهويه (6) ، وأبو ثور (7) ، وداود (8) ، وأحمد في رواية (9) .
القول الثاني: عليه القضاء دون الكفارة. وبه قال مالك في المشهور (10) ،
(1) مختصر الطحاوي ص 54، وبداية المبتدي مع فتح القدير 2/327، وبدائع الصنائع 2/90، والهداية مع البناية 3/300.
(2)
المهذب 1/246، والمجموع 6/286.
(3)
المغني 3/121،والمجموع 6/286.
(4)
المغني 3/121،والمجموع 6/286.
(5)
المغني 3/121.
(6)
المجموع 6/286، والجامع لأحكام القرآن 2/322.
(7)
المجموع 6/286.
(8)
المجموع 6/286.
(9)
المغني 3/121، والإنصاف 3/311، وكشاف القناع 2/377 والهداية 1/84، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 25/226.
(10)
الكافي 1/341، والإشراف 1/200، والقوانين الفقهية ص 121 والجامع لأحكام القرآن 2/322، وبداية المجتهد 1/221.
والأوزاعي (1) ، والليث (2) ، وعطاء في رواية (3) .
القول الثالث: عليه القضاء والكفارة. وبه قال أحمد في رواية (المذهب) وعبد الملك بن الماجشون ورواه عن مالك (4) ، وبعض أهل الظاهر (5) وعطاء في رواية (6) .
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه"(7) .
قالوا: فنص على الأكل والشرب وقسنا عليه كل ما يبطل الصوم من الجماع وغيره (8) .
وورد بلفظ: " من أفطرفي شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة "(9) .
(1) المغني، 3/122 والمجموع 6/286 والجامع لأحكام القرآن 2/322.
(2)
المغني 3/122، والمجموع 6/286، والجامع لأحكام القرآن 2/322.
(3)
الجامع لأحكام القرآن 2/322، والمجموع 6/286.
(4)
الكافي 1/341، والإشراف 1/200، والجامع لأحكام القرآن 2/322.
(5)
بداية المجتهد 1/221، والجامع لأحكام القرآن 2/322.
(6)
المغني 3/121، والجامع لأحكام القرآن 2/322.
(7)
تقدم تخريجه ص 224.
(8)
المهذب 1/246، والمجموع 6/286.
(9)
تقدم تخريجه ص 225.
قال الكاساني (1) : والقياس أنه يفسد - أي صوم من أكل أو شرب أو جامع - وإن كان ناسياً لوجود ضد الركن حتى قال أبو حنيفة: لولا قول الناس لقلت يقضي أي لولا قول الناس أن أبا حنيفة خالف الأمر لقلت يقضي لكنا تركنا القياس بالنص وهو ما روي عن أبي هريرة (2)
وقال المرغيناني: وإذا ثبت هذا في حق الأكل والشرب ناسياً ثبت في الوقاع للاستواء في الركنية (3) .
واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
أولاً: حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"(4)
(1) بدائع الصنائع 2/90.
(2)
تقدم تخريجه ص 224.
(3)
الهداية مع البناية 3/302.
(4)
رواه ابن ماجة 1/659 كتاب الطلاق باب طلاق المكره والناسي حديث (2045) قال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح إن سلم من الانقطاع، والظاهر أنه منقطع بدليل زيادة عبيد بن عمير في الطريق الثاني، وليس ببعيد أن يكون السقط من جهة الوليد بن مسلم فإنه كان يدلس.
وبالطريق الثاني أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/95 كتاب الطلاق باب طلاق المكره، والدارقطني في سننه 4/170 باب النذور حديث (33) والبيهقي في السنن الكبرى 7/356 كتاب الخلع والطلاق باب ما جاء في طلاق المكره، والحاكم في المستدرك 2/198 كتاب الطلاق، وغيرهم من طريق بشر بن بكر وأيوب بن سويد قالا: حدثنا الأوزاعي عن عطاء ابن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن ابن عباس به.
قال الألباني في إرواء الغليل 1/123 حديث (82) صحيح.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وقال النووي في روضة الطالبين 8/193 والمجموع 6/451 حديث حسن ولمعرفة المزيد عنه ينظر: نصب الراية 2/64 – 66 كتاب الصلاة باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها. والتلخيص الحبير 1/281 حديث (450) .
ثانياً: أنه أفطر ناسياً كالأكل، ولأن الكفارة الكبرى في الفطر تتبع الإثم بدليل انتفائها مع عدمه (1) .
واستدل أصحاب القول الثالث على وجوب الكفارة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال: مالك؟ قال: وقعت على إمراتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها؟ قال لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا، قال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال لا، قال فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أُتى النبي صلى الله عليه وسلم بَعَرقٍ فيه تمر- والعرق: المكتل- قال: أين السائل؟ فقال أنا، قال: خذ هذا فتصدق به، فقال الرجل، على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال:"أطعمه أهلك"(2) .
وأما وجوب القضاء فلحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمجامع "صم يوماً مكانه "(3) .
(1) الإشراف 1/200.
(2)
رواه البخاري ومسلم ينظر: صحيح البخاري مع الفتح 4/163 كتاب الصوم باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء
…
حديث (1936) ، وصحيح مسلم 2/781 كتاب الصيام باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان
…
حديث (81 – 1111) .
(3)
تقدم تخريجه ص 227.
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفسر من الرجل هل كان جماعه عن عمد أو نسيان، ولو افترق الحال لسأل واستفصل (1) .
قال ابن حجر: والجواب أنه قد تبين حاله بقوله «هلكت» و «احترقت» (2) فدل على أنه كان عامدا ًعارفاً بالتحريم (3) .
الراجح:
أرى أن الراجح في هذه المسألة ما ذهب إليه أصحاب القول الأول وهو أن الصائم إذا جامع ناسياً لصومه فصومه صحيح ولا قضاء عليه ولا كفارة لعموم حديث أبي هريرة المستدل به.
قال ابن قدامة: ونقل أحمد بن القاسم عنه - أي الإمام أحمد - كل أمر غلب عليه الصائم ليس عليه قضاء ولا غيره.
قال أبو الخطاب: هذا يدل على إسقاط القضاء والكفارة مع الإكراه والنسيان (4)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمجامع الناسي فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره (وذكر الأقوال الثلاثة المتقدمة حسب ترتيبها) ثم قال: والأول أظهر، فإنه قد ثبت بدلالة الكتاب والسنة أن من فعل محظوراً مخطئاً أو ناسياً لم
(1) المغني 3/122، وفتح الباري 4/164.
(2)
لفظة «احترقت» ورد في حديث آخر رواه البخاري ومسلم عن عائشة ينظر: صحيح البخاري مع الفتح 4/161 كتاب الصوم باب إذا جامع في رمضان حديث (1935) وصحيح مسلم 2/783 كتاب الصيام باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان. . حديث (85 – 1112) .
(3)
فتح الباري 4/164.
(4)
المغني 3/121.