الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحرم عليه أن يؤدي تطوعاً في أوقات النهي إلا صلاة ذات سبب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس"(1) .
وأما صلاة ذات السبب مثل تحية المسجد فإنه يؤديها ولو كانت في وقت النهي.
ومثل أن تكسف الشمس بعد العصر فإنه يصلي لكسوفها، ومثل أن يصلي العصر في مسجده فيحضر إلى مسجد آخر فيجدهم يصلون فإنه يصلي معهم.
911 وسئل فضيلة الشيخ: عن قوله عليه الصلاة والسلام: "لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس" فهل هذا العموم مراد أو ليس بمراد
؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا العموم ليس بمراد، بل يخرج منه بعض أفراده. وهنا نأخذ قاعدة وهي: أن اللفظ العام في أصل وضعه يتناول جميع الأفراد، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم حين علم أصحابه التشهد ومنه (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) قال:"إذا قلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض"(2) . وذلك يؤخذ من أن قوله (عباد الله الصالحين) عام،
(1) متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري، رواه البخاري في المواقيت باب: لا تتحرى الصلاة. ح (586)، ومسلم في صلاة المسافرين باب: الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها ح288 (827) .
(2)
متفق عليه، رواه البخاري في الأذان، باب: ما يتخير من الدعاء ح (835)، ومسلم في باب: التشهد في الصلاة ح55 (402) .
وهذا نص في أن العام يشمل جميع الأفراد.
إذن قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة" يشمل جميع الصلوات، ولكن قد خص منه بعض الصلوات بالنص، وبعضها بالإجماع.
ومن ذلك:
أولاً: إعادة الجماعة مثل أن يصلي الإنسان الصبح في مسجده، ثم إذا ذهب إلى مسجد آخر فوجدهم يصلون الصبح فإنه يصلي معهم، ولا إثم عليه ولا نهي، والدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفجر ذات يوم في منى، فلما انصرف رأى رجلين لم يصليا معه فسألهما لماذا لم تصليا؟ قالا: صلينا في رحالنا، قال:"إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد الجماعة فصليا معهم"(1) ، وهذا بعد صلاة الصبح.
ثانياً: إذا طاف الإنسان بالبيت، فإن من السنة أن يصلي بعد الطواف ركعتين خلف مقام إبراهيم، فإذا طاف بعد صلاة الصبح فيصلي ركعتين للطواف. ومن أدلة ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:"يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت أو صى فيه أية ساعة شاء من ليل أو نهار"(2) .
فإن بعض العلماء استدل بهذا الحديث على أنه يجوز إذا طاف أن يصلي ركعتين ولو في وقت النهي.
ثالثاً: إذا دخل يوم الجمعة والإمام يخطب وكان ذلك عند
(1) رواه أبو داود في الصلاة، باب: الجمع في المسجد مرتين ح (575) و (576) .
(2)
رواه أبو داود في المناسك، باب: الطواف بعد العصر ح (1894) ، ورواه الترمذي في الحج، باب: ما جاء في الصلاة بعد العصر ح (868) وقال: حسن صحيح.
زوال الشمس فإنه يجوز أن يصلي تحية المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس فدخل رجل فجلس فقال له: "أصليت"؟ قال: لا، قال:"قم فصل ركعتين وتجوز فيهما"(1) .
رابعاً: دخول المسجد: فلو أن شخصاً دخل المسجد بعد صلاة الصبح، أو بعد الفجر؛ لأن هذه الصلاة لها سبب.
خامساً: كسوف الشمس: فلو كسفت الشمس بعد صلاة العصر، وقلنا إن صلاة الكسوف سنة فإنه يصلي الكسوف، أما إذا قلنا بأن صلاة الكسوف واجبة فالأمر في هذا ظاهر؛ لأن الصلاة الواجبة ليس عنها وقت نهي إطلاقاً.
سادساً: إذا توضأ الإنسان: فإذا توضأ الإنسان جاز أن يصلي ركعتين في وقت النهي؛ لأن هذه الصلاة لها سبب.
سابعاً: صلاة الاستخارة: فلو أن إنساناً أراد أن يستخير فإنه يصلي ركعتين، ثم يدعو دعاء الاستخارة، فإذا أتاه أمر لا يحتمل التأخير فاستخار في وقت النهي فإن ذلك جائز.
والخلاصة أن هذا الحديث "لا صلاة بعد الصبح، ولا صلاة بعد العصر" مخصوص بما إذا صلى صلاة لها سبب فإنه لا نهي عنها.
وهذا الذي ذكرته هو مذهب الشافعي – رحمه الله – وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه
(1) حديث المسيء صلاته وتقدم ج13/119.