الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم من الجهمية من صرح بنفي الكلام عن الله، ومنهم من أقر به وقال: إنه مخلوق.
6 -
قول فلاسفة المتأخرين أتباع أرسطو: " إنه فيض من العقل الفعال على النفوس الفاضلة الزكية بحسب استعدادها وقبولها فيوجب لها تصورات، وتصديقات بحسب ما قبلته منه، وهذه التصورات والتصديقات المتخيلة تقوى حتى تصور الشيء المعقول صورا نورانية تخاطبها بكلام تسمعه الآذان.
7 -
قول الاتحادية - القائلين بوحدة الوجود -: إن كل كلام في الوجود كلام الله كما قال قائلهم:
وكل كلام في الوجود كلامه
…
سواء علينا نثره ونظامه
وكل هذه الأقوال مخالفة لما دل عليه الكتاب، والسنة، والعقل، ومن رزقه الله علما وحكمة فهم ذلك.
فصل
في أن القرآن كلام الله
مذهب أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، تكلم به حقيقة، وألقاه إلى جبريل فنزل به على قلب محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد دل على هذا القول الكتاب، والسنة.
فمن أدلة الكتاب قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} يعني القرآن، وقوله:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ}
ومن أدلة السنة قوله صلى الله عليه وسلم وهو يعرض نفسه على الناس في الموقف: «ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي عز وجل» . وقوله صلى الله عليه وسلم، للبراء بن عازب:«إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت» .
وقال عمرو بن دينار: أدركت الناس منذ سبعين سنة يقولون: " الله الخالق وما سواه مخلوق، إلا القرآن فإنه كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود" اهـ.
ومعنى قولهم: " منه بدأ " أن الله تكلم به ابتداء، وفيه رد على الجهمية القائلين بأنه خلقه في غيره.
وأما قولهم: "وإليه يعود" فيحتمل معنيين:
أحدهما: أنه تعود صفة الكلام بالقرآن إليه بمعنى أن أحدا لا يوصف بأنه تكلم به غير الله، لأنه هو المتكلم به، والكلام صفة للمتكلم.
الثاني: أنه يرفع إلى الله تعالى كما جاء في بعض الآثار أنه يسري به من المصاحف والصدور وذلك إنما يقع - والله أعلم - حين يعرض الناس عن العمل بالقرآن إعراضا كليا فيرفع عنهم تكريما له والله المستعان.