الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الأصل الثاني
في القدر والشرع
(1)
القدر تقدير الله تعالى لما كان وما يكون أزلا وأبدا.
والإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان الستة التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل حين سأله عن الإيمان فقال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره» .
والإيمان بالقدر والشرع من تمام الإيمان بربوبية الله تعالى.
وللإيمان بالقدر مراتب أربع:
المرتبة الأولى: الإيمان بأن الله تعالى قد علم بعلمه الأزلي الأبدي ما كان وما يكون من صغير، وكبير، وظاهر، وباطن مما يكون من أفعاله، أو أفعال مخلوقاته.
المرتبة الثانية: الإيمان بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة، فما من شيء كان أو يكون إلا وهو مكتوب مقدر قبل أن يكون.
ودليل هاتين المرتبتين في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أما الكتاب: فمنه قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} . وقوله:
(1) سبق الكلام على الأصل الأول " الصفات ".
وأما السنة: فمنها قوله صلى الله عليه وسلم: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال وعرشه على الماء» . أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
وروى البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء» .
وروى الإمام أحمد والترمذي من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب، قال رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة» . وهو حديث حسن.
المرتبة الثالثة: الإيمان بمشيئة الله تعالى، وأنها عامة في كل شيء، فما وجد موجود، ولا عدم معدوم من صغير، وكبير، وظاهر، وباطن في السماوات والأرض إلا بمشيئة الله عز وجل سواء كان ذلك من فعله تعالى، أم من فعل مخلوقاته.
المرتبة الرابعة: الإيمان بخلق الله تعالى وأنه خالق كل شيء من صغير وكبير، وظاهر وباطن، وأن خلقه شامل لأعيان هذه المخلوقات وصفاتها وما يصدر عنها من أقوال وأفعال وآثار.
ودليل هاتين المرتبتين قوله تعالى:
{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} . وقوله: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} . وقوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} .
ولم يخلق شيئا إلا بمشيئته لأنه تعالى لا مكره له لكمال ملكه وتمام سلطانه. قال الله تعالى مبينا أن فعله بمشيئته: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} . وقال: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} .
وقال مبينا أن فعل مخلوقاته بمشيئته: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} . وقال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} .
والقدر لا ينافي الأسباب القدرية أو الشرعية التي جعلها الله تعالى أسبابا، فإن الأسباب من قدر الله تعالى، وربط المسببات بأسبابها هو مقتضى الحكمة التي هي من أجل صفات الله عز وجل، والتي أثبتها الله لنفسه في مواضع كثيرة من كتابه.
فمن الأسباب القدرية قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} .
ومن الأسباب الشرعية قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} . وكل فعل رتب الله عليه عقابا أو ثوابا فهو من الأسباب الشرعية باعتبار كونه مطلوبا من العبد، ومن الأسباب القدرية باعتبار وقوعه بقضاء الله وقدره.
والناس في الأسباب طرفان ووسط:
فالطرف الأول: نفاة أنكروا تأثير الأسباب وجعلوها مجرد علامات يحصل الشيء عندها لا بها، حتى قالوا: إن انكسار الزجاجة بالحجر إذا رميتها به حصل عند الإصابة لا بها. وهؤلاء خالفوا السمع، وكابروا الحس، وأنكروا حكمة الله تعالى في ربط المسببات بأسبابها.
والطرف الثاني: غلاة أثبتوا تأثير الأسباب، لكنهم غلوا في ذلك وجعلوها مؤثرة بذاتها، وهؤلاء وقعوا في الشرك، حيث أثبتوا موجدا مع الله تعالى، وخالفوا السمع، والحس. فقد دل الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة على أنه لا خالق إلا الله، كما أننا نعلم بالشاهد المحسوس أن الأسباب قد تتخلف عنها مسبباتها بإذن الله، كما في تخلف إحراق النار لإبراهيم الخليل حين ألقي فيها فقال الله تعالى:{يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} . فكانت بردا وسلاما عليه ولم يحترق بها.
وأما الوسط: فهم الذين هدوا إلى الحق وتوسطوا بين الفريقين وأخذوا بما مع كل واحد منهما من الحق، فأثبتوا للأسباب تأثيرا في مسبباتها
لكن لا بذاتها بل بما أودعه الله تعالى فيها من القوى الموجبة.
وهؤلاء هم الطائفة الوسط الذين وفقوا للصواب وجمعوا بين المنقول والمعقول، والمحسوس، وإذا كان القدر لا ينافي الأسباب الكونية والشرعية فهو لا ينافي أن يكون للعبد إرادة وقدرة يكون بهما فعله، فهو مريد قادر فاعل لقوله تعالى:{مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} . وقوله: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} . وقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} . وقوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} .
لكنه غير مستقل بإرادته وقدرته وفعله، كما لا تستقل الأسباب بالتأثير في مسبباتها لقوله تعالى:{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} . ولأن إرادته، وقدرته، وفعله من صفاته وهو مخلوق فتكون هذه الصفات مخلوقة أيضا، لأن الصفات تابعة للموصوف فخالق الأعيان خالق لأوصافها.
فإن قال قائل: أفلا يصح على هذا التقرير أن يحتج بالقدر من خالف الشرع؟ .
فالجواب: أن الاحتجاج بالقدر على مخالفة الشرع لا يصح كما دل على ذلك الكتاب، والسنة، والنظر.
أما الكتاب: فمن أدلته قوله تعالى:
{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} . فأبطل الله حجتهم هذه بقوله: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} . ومنها قوله: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} . فبين الله تعالى أن الحجة قامت على الناس بإرسال الرسل ولا حجة لهم على الله بعد ذلك، ولو كان القدر حجة ما انتفت بإرسال الرسل.
وأما السنة: فمن أدلتها ما ثبت في الصحيحين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " «ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة". قالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: " اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاوة. ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} » .
وأما النظر فمن أدلته:
1-
أن تارك الواجب، وفاعل المحرم يقدم على ذلك باختياره لا يشعر أن أحدا أكرهه عليه، ولا يعلم أن ذلك مقدر، لأن القدر سر مكتوم فلا يعلم أحد أن شيئا ما قدره الله تعالى إلا بعد وقوعه، فكيف يصح أن يحتج بحجة لا يعلمها قبل إقدامه على ما اعتذر بها عنه؟!.
ولماذا لم يقدر أن الله تعالى كتبه من أهل السعادة، فيعمل بعملهم،
دون أن يقدر أن الله كتبه من أهل الشقاوة، ويعمل بعملهم؟!.
2-
أن إقحام النفس في مآثم ترك الواجب، وفعل المحرم ظلم لها وعدوان عليها كما قال الله تعالى عن المكذبين للرسل:
{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} . ولو أن أحدا ظلم المحتج بالقدر على مخالفته، ثم قال له: ظلمي إياك كان بقدر الله. لم يقبل منه هذه الحجة، فكيف لا يقبل هذه الحجة بظلم غيره له، ثم يحتج بها بظلمه هو لنفسه؟!.
3-
أن هذا المحتج لو خير في السفر بين بلدين أحدهما: بلد آمن مطمئن فيه أنواع المآكل، والمشارب، والتنعم، والثاني: بلد خائف قلق، فيه أنواع البؤس، والشقاء، لاختار السفر إلى البلد الأول ولا يمكن أن يختار الثاني محتجا بالقدر، فلماذا يختار الأفضل في مقر الدنيا، ولا يختاره في مقر الآخرة؟!.
فإن قال قائل: ما الجواب عن قوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} . فأخبر أن شركهم واقع بمشيئة الله تعالى!.
قيل له: الجواب عنه: أن الله تعالى أخبر أن شركهم واقع بمشيئته تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم لا دفاعا عنهم، وإقامة للعذر لهم، بخلاف احتجاج المشركين على شركهم بمشيئة الله فإنما قصدوا به دفع اللوم عنهم وإقامة العذر على استمرارهم على الشرك، ولهذا أبطل الله احتجاجهم ولم يبطل أن شركهم واقع بمشيئته.
فإن قال قائل: ما الجواب عما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «احتج آدم وموسى، وفي لفظ»
وإننا مع الأسف نرى كثيرا من المسلمين اليوم لم يحققوا هذا الإخلاص لم يحققوا هذه الشهادة التي يقولونها بألسنتهم ويطلقون بها في كل مكان كلهم يقولون: أشهد أن لا إله إلا الله ولكن نجدهم يقومون بضد هذه الشهادة لأنهم يدعون غير الله إما من الملائكة، أو المرسلين أو الأولياء الصالحين أو من الأولياء المدعين.
إذا هل حققوا لا إله إلا الله؟ والله- عز وجل يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} . فدل هذا على أن الدعاء عبادة وكذلك جاء في الحديث المروي عن النبي- عليه الصلاة والسلام: «الدعاء هو العبادة» (1) إذا كان كذلك فإننا نقول لهؤلاء القوم الذين يدعون مع الله غيره ليفرج لهم الكربات ويحصل لهم المطلوبات نقول لهم: يا قوم هؤلاء الذين تدعون من دون الله لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا شك أننا وإياكم نعتقد ونعلم علم اليقين أنه لا أحد أعظم جاها عند الله- عز وجل من أنبيائه ورسله وأن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضلهم وخاتمهم وأنه خليل الرحمن كما أن إبراهيم خليل الرحمن لا نشك في هذا أبدا ومع ذلك أمره الله أن يقول: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
(1) أخرجه الإمام أحمد جـ 4، ص 271، وأبو داود: كتاب الصلاة: باب الدعاء، والترمذي: كتاب التفسير: سورة غافر (61)، وابن ماجه: كتاب الدعاء: باب فضل الدعاء.
فانمحى به توجه اللوم على المخالفة، فلم يبق إلا محض القدر الذي احتج به لا ليستمر على ترك الواجب، أو فعل المحظور ولكن تفويضا إلى قدر الله تعالى الذي لا بد من وقوعه.
وقد أشار إلى هذا ابن القيم في -شفاء العليل- وقال: إنه لم يدفع بالقدر حقا ولا ذكره حجة له على باطل ولا محذور في الاحتجاج به، وأما الموضع الذي يضر الاحتجاج به ففي الحال والمستقبل بأن يرتكب فعلا محرما، أو يترك واجبا فيلومه عليه لائم فيحتج بالقدر على إقامته عليه وإصراره فيبطل بالاحتجاج به حقا ويرتكب باطلا، كما احتج به المصرون على شركهم وعبادتهم غير الله فقالوا:{لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} . {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} . فاحتجوا به مصوبين لما هم عليه وأنهم لم يندموا على فعله ولم يعزموا على تركه ولم يقروا بفساده فهذا ضد احتجاج من تبين له خطأ نفسه، وندم، وعزم كل العزم على أن لا يعود. . ونكتة المسألة أن اللوم إذا ارتفع صح الاحتجاج بالقدر، وإذا كان اللوم واقعا فالاحتجاج بالقدر باطل، ثم ذكر «حديث علي رضي الله عنه حين طرقه النبي صلى الله عليه وسلم وفاطمة ليلا فقال: " ألا تصليان» ، الحديث. وأجاب عنه بأن احتجاج علي صحيح (ولذلك لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم (1) . صاحبه يعذر فيه فالنائم غير مفرط واحتجاج غير المفرط بالقدر صحيح.
(1) ما بين القوسين مني.