المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌طريقة القرآن والسنة في صفات الله من حيث الإجمال والتفصيل: - مجموع فتاوى ورسائل العثيمين - جـ ٤

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌فتح رب البرية بتلخيص الحموية

- ‌الباب الأول: فيما يجب على العبد في دينه

- ‌الباب الثاني: فيما تضمنته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثالث: في طريقة أهل السنة في أسماء الله وصفاته

- ‌الباب الرابع: في بيان صحة مذهب السلف

- ‌الباب الخامس: في حكاية بعض المتأخرين لمذهب السلف

- ‌الباب السادس: في لبس الحق بالباطل من بعض المتأخرين

- ‌الباب السابع: في أقوال السلف المأثورة في الصفات

- ‌الباب الثامن: في علو الله تعالى وأدلة العلو

- ‌الباب التاسع: في الجهة

- ‌الباب العاشر: في استواء الله على عرشه

- ‌الباب الحادي عشر: في المعية

- ‌الباب الثاني عشر: في الجمع بين نصوص علو الله بذاته ومعيته

- ‌الباب الثالث عشر: في نزول الله إلى السماء الدنيا

- ‌الباب الرابع عشر: في إثبات الوجه لله تعالى

- ‌الباب الخامس عشر: في يدي الله عز وجل

- ‌الباب السادس عشر: في عيني الله تعالى

- ‌الباب السابع عشر: في الوجوه التي وردت عليها صفتا اليدين والعينين

- ‌الباب الثامن عشر: في كلام الله سبحانه وتعالى

- ‌فصلفي أن القرآن كلام الله

- ‌فصلفي اللفظ والملفوظ

- ‌الباب التاسع عشرفي ظهور مقالة التعطيل واستمدادها

- ‌الباب العشرونفي طريقة النفاة فيما يجب إثباته أو نفيه من صفات الله

- ‌فصلفيما يلزم على طريقة النفاة من اللوازم الباطلة

- ‌فصلفيما يعتمد عليه النفاة من الشبهات

- ‌الباب الحادي والعشرونفي أن كل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل قد جمع بين التعطيل والتمثيل

- ‌الباب الثاني والعشرونفي تحذير السلف عن علم الكلام

- ‌الباب الثالث والعشرونفي أقسام المنحرفين عن الاستقامةفي باب الإيمان بالله واليوم الآخر

- ‌مذهب أهل التأويل في نصوص المعاد:

- ‌الباب الرابع والعشرونفي انقسام أهل القبلة في آيات الصفات وأحاديثها

- ‌الباب الخامس والعشرونفي ألقاب السوء التي وضعها المبتدعة على أهل السنة

- ‌الباب السادس والعشرونفي الإسلام والإيمان

- ‌فصلفي زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌فصلفي الاستثناء في الإيمان

- ‌تقريب التدمرية

- ‌مقدمة

- ‌الكلام في التوحيد والصفات وفي الشرع والقدر

- ‌الأصل الأول في الصفات

- ‌الممثلة

- ‌ المعطلة

- ‌القاعدة الأولى:أن الله تعالى موصوف بالنفي والإثبات

- ‌القاعدة الثانية: ما أخبر الله تعالى به في كتابه، أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم وجب علينا الإيمان به، سواء عرفنا معناه، أم لم نعرفه

- ‌القاعدة الثالثةفي إجراء النصوص على ظاهرها

- ‌القاعدة الرابعةتوهم بعض الناس في نصوص الصفات والمحاذير المترتبة على ذلك

- ‌القاعدة الخامسةفي علمنا بما أخبر الله تعالى به عن نفسه

- ‌القاعدة السادسةفي ضابط ما يجوز لله ويمتنع عنه نفيا وإثباتا

- ‌فصلالأصل الثانيفي القدر والشرع

- ‌فصلفي ضرورة الإيمان بالقدر والشرع

- ‌فصلمبنى الإسلام على توحيد الله عز وجل

- ‌فصلفي الفناء وأقسامه

- ‌فصلالمؤمن مأمور بفعل المأمور، وترك المحظور، والصبر على المقدور

- ‌فصلفي المفاضلة والمقارنة بين أرباب البدع

- ‌تعليقات على العقيدة الواسطية

- ‌ العقيدة الواسطية

- ‌شيخ الإسلام بن تيمية:

- ‌طريقة أهل السنة في أسماء الله وصفاته:

- ‌أسماء الله وصفاته توقيفية

- ‌طريقة القرآن والسنة في صفات الله من حيث الإجمال والتفصيل:

- ‌الأصول التي كان أهل السنة وسطًا فيها بين فرق الأمة

- ‌أشار المؤلف إلى طوائف من أهل البدع:

- ‌اليوم الآخر:

- ‌الأشياء التي ذكر المؤلف أنها تكون يوم القيامة:

- ‌الإيمان بالقضاء والقدر:

- ‌الإيمان:

- ‌الصحابي وموقف أهل السنة من الصحابة:

- ‌موقف أهل السنة في الخلاف والفتن التي حصلت بين الصحابة رضي الله عنهم:

- ‌قول أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء:

- ‌طريقة أهل السنة والجماعة في سيرتهم وعملهم:

- ‌الأمور التي يزن بها أهل السنة والجماعة ما كان عليه الناس من العقائد والأعمال والأخلاق:

الفصل: ‌طريقة القرآن والسنة في صفات الله من حيث الإجمال والتفصيل:

الالحاد:

الإلحاد لغة: الميل، واصطلاحًا: الميل عما يجب اعتقاده أو عمله.

ويكون في أسماء الله لقوله تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} ويكون في آيات الله لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} وأنواع الإلحاد في أسماء الله أربعة:

1 -

أن ينكر شيئًا منها، أو مما تضمنته من الصفات كما فعل الجهمية.

2 -

أن يسمي الله بما لم يسم به نفسه كما سماه النصارى أبًا.

3 -

أن يعتقد دلالتها على مشابهة الله لخلقه كما فعل المشبهة.

4 -

أن يشتق منها أسماء للأصنام كاشتقاق المشركين العزى من العزيز.

الإلحاد في آيات الله نوعان:

1 -

الإلحاد في الآيات الكونية التي هي المخلوقات وهو إنكار انفراد الله بها بأن يعتقد أن أحدًا انفرد بها أو ببعضها دونه وأن معه مشاركًا في الخلق أو معينًا.

2 -

الإلحاد في الآيات الشرعية التي هي الوحي النازل على الأنبياء وهو تحريفها أو تكذيبها أو مخالفتها.

‌طريقة القرآن والسنة في صفات الله من حيث الإجمال والتفصيل:

طريقة القرآن والسنة هي الإجمال في النفي والتفصيل في الإثبات غالبًا؛ لأن الإجمال في النفي أكمل وأعم في التنزيه من التفصيل، والتفصيل في الإثبات أبلغ وأكثر من المدح في الإجمال؛ ولذلك تجد الصفات الثبوتية كثيرة

ص: 264

في الكتاب والسنة كالسميع البصير، والعليم القدير، والغفور الرحيم.. الخ.

أما الصفات السلبية فهي قليلة مثل نفي الظلم، والتعب، والغفلة والولادة، والمماثل، والند، والمكافئ.

سورة الإخلاص:

هي {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} وسميت به؛ لأن الله أخلصها لنفسه ولم يذكر فيها إلا ما يتعلق بأسمائه وصفاته؛ ولأنها تخلص قارئها من الشرك والتعطيل، وسبب نزولها أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم انسب لنا ربك من أي شيء هو.

وكانت تعدل ثلث القرآن لأنه يتضمن الإخبار عن الله والإخبار عن مخلوقاته والأحكام وهي الأوامر والنواهي، وسورة الإخلاص تضمنت النوع الأول وهو الإخبار عن الله.

وفيها من أسماء الله: الله، الأحد، الصمد، فالله هو المألوه المعبود حبًا وتعظيمًا، والأحد هو المنفرد عن كل شريك ومماثل، والصمد الكامل في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته وفيها من صفات الله ما تضمنته الأسماء السابقة:

1 -

الألوهية.

2 -

الأحدية.

3 -

الصمدية.

4 -

نفي الولد منه لأنه غني عن الولد ولا مماثل له.

5 -

نفي أن يكون مولودًا لأنه خالق كل شيء وهو الأول الذي ليس قبله شيء.

ص: 265

6 -

نفي المكافئ له وهو المماثل له في الصفات لأن الله ليس كمثله شيء لكمال صفاته.

آية الكرسي:

آية الكرسي هي قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} .

وسميت آية الكرسي لذكر الكرسي فيها وهي أعظم آية في كتاب الله من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح، وتضمنت من أسماء الله " الله " وتقدم معناه و" الحي " و" القيوم " و" العلي" و"العظيم".

فالحي: ذو الحياة الكاملة المتضمنة لأكمل الصفات التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال.

والقيوم: هو القائم بنفسه القائم على غيره فهو الغني عن كل أحد وكل أحد محتاج إليه.

والعلي: هو العالي بذاته فوق كل شيء العالي بصفاته كمالًا فلا يلحقه عيب ولا نقص.

والعظيم: ذو العظمة وهي الجلال والكبرياء، وتضمنت من صفات الله خمس صفات تضمنتها الأسماء السابقة:

7 -

انفراد الله بالألوهية.

ص: 266

8 -

نفي النوم والسنة وهي النعاس عنه لكمال حياته وقيوميته.

9 -

انفراده بالملك الشامل لكل شيء له ما في السماوات وما في الأرض.

10 -

كمال عظمته وسلطانه حيث لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه.

11 -

كمال علمه وشموله لكل شيء {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} وهو الحاضر والمستقبل {وَمَا خَلْفَهُمْ} وهو الماضي.

12 -

المشيئة.

13 -

كمال قدرته بعظم مخلوقاته {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} 14 - كمال علمه وقدرته وحفظه ورحمته من قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} أي لا يثقله ولا يعجزه.

الكرسي:

الكرسي موضع قدمي الرحمن سبحانه وتعالى وعظمته كما جاء في الحديث. «ما السماوات السبع والأرضون السبع بالنسبة إلى الكرسي إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة» .

وهذا يدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى والكرسي غير العرش؛ لأن الكرسي موضع القدمين والعرش هو الذي استوى عليه الله؛ ولأن الأحاديث دلت على المغايرة بينهما.

معنى قوله تعالى:

{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (:.

هذه الأسماء الأربعة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأن " الأول " الذي ليس قبله شيء " والآخر " الذي ليس بعده شيء و" الظاهر" الذي ليس فوقه شيء و" الباطن " الذي ليس دونه شيء.

ص: 267

وقوله: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي محيط علمه بكل شيء جملة وتفصيلًا.

علم الله:

العلم إدراك الشيء على حقيقته - وعلم الله تعالى كامل محيط بكل شيء جملة وتفصيلًا فمن أدلة العلم الجملي قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ومن أدلة العلم التفصيلي قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} ومن أدلة علم الله بأحوال خلقه قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} .

مفاتح الغيب:

مفاتح الغيب خزائنه أو مفاتيحه وهي المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} فالخبير هو العليم ببواطن الأمور.

ص: 268

القدرة:

القدرة: هي التمكن من الفعل بلا عجز، وقدرة الله شاملة كل شيء، ودليلها قوله تعالى:{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .

القوة:

القوة: هي التمكن من الفعل بلا ضعف، ودليلها قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} والمتين الشديد القوة. والفرق بينها وبين القدرة أنها أخص من القدرة من وجه وأعم من وجه، فهي بالنسبة للقادر ذي الشعور أخص؛ لأنها قدرة وزيادة وهي بالنسبة لعموم مكانها أعم لأنها يوصف بها ذو الشعور وغيره، فيقال للحديد مثلًا: قوي ولا يقال له: قادر.

الحكمة ومعنى الحكيم:

الحكمة: هي وضع الأشياء في مواضعها على وجه متقن، ودليل اتصاف الله بها قوله تعالى:{وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} وللحكيم معنيان:

أحدهما: أن يكون بمعنى ذي الحكمة فلا يأمر بشيء، ولا يخلق شيئًا إلا لحكمة، ولا ينهى عن شيء إلا لحكمة، والثاني: أن يكون بمعنى الحاكم الذي يحكم بما أراد ولا معقب لحكمه.

أنواع حكمة الله:

حكمة الله نوعان: شرعية وكونية. فالشرعية محلها الشرع وهو ما جاءت به الرسل من الوحي، فكله في غاية الإتقان،والحكمة الكونية محلها الكون

ص: 269

أي: مخلوقات الله، فكل ما خلقه الله فهو في غاية الإتقان والمصلحة.

أنواع حُكْم الله:

حُكم الله نوعان: كوني وشرعي، فالكوني ما يقضي به الله تقديرًا وخلقًا ودليله قوله تعالى: عن أحد إخوة يوسف: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي} .

والشرعي ما يقضي به الله شرعًا ودليله قوله تعالى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} .

الرزق:

الرزق إعطاء المرزوق ما ينفعه ودليله قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} وهو نوعان: عام، وخاص.

فالعام ما يقوم به البدن من طعام وغيره وهو شامل لكل مخلوق.

والخاص ما يصلح به القلب من الإيمان والعلم والعمل الصالح.

مشيئة الله:

مشيئة الله هي إرادته الكونية، وهي عامة لكل شيء من أفعاله وأفعال عباده والدليل قوله تعالى في أفعال الله {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} والدليل في أفعال العباد قوله تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ} .

ص: 270

إرادة الله وأقسامها:

إرادة الله صفة من صفاته وتنقسم إلى قسمين:

كونية وهي التي بمعنى المشيئة، وشرعية وهي التي بمعنى المحبة فدليل الكونية قوله تعالى {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} ودليل الشرعية قوله تعالى {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ}

الفرق بين الإرادة الكونية والشرعية:

الفرق بينهما أن الكونية لا بد فيها من وقوع المراد، وقد يكون المراد فيها محبوبًا إلى الله، وقد يكون غير محبوب، وأما الشرعية فلا يلزم فيها وقوع المراد ولا يكون المراد فيها إلا محبوبًا لله.

محبة الله:

محبة الله صفة من صفاته الفعلية، ودليلها قوله تعالى {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} وقوله تعالى:{وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} والود خالص المحبة، ولا يجوز تفسير المحبة بالثواب لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف وليس عليه دليل.

المغفرة والرحمة:

الدليل على ثبوت صفة المغفرة والرحمة لله قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} .

ص: 271

والمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه والرحمة صفة تقتضي الإحسان والإنعام وتنقسم إلى قسمين: عامة وخاصة. فالعامة هي الشاملة لكل أحد والدليل قوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} .

والخاصة التي تختص بالمؤمنين ودليلها قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} ولا يصح تفسير الرحمة بالإحسان لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف ولا دليل عليه.

الرضا والغضب والكراهة والمقت والأسف:

الرضا صفة من صفات الله مقتضاها محبة المرضيّ عنه والإحسان إليه ودليلها قوله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} . والغضب صفة من صفات الله مقتضاها كراهية المغضوب عليه والانتقام منه وقريب منها صفة السخط ودليل اتصاف الله بها قوله تعالى: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} والكراهية صفة من صفات الله الفعلية مقتضاها إبعاد المكروه ومعاداته والدليل عليها قوله تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} .

والمقت أشد البغض، والبغض قريب من معنى الكراهية. ودليل المقت

ص: 272

قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} والأسف له معنيان أحدهما:

الغضب وهذا جائز على الله والدليل قوله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} أي أغضبونا.

والثاني: الحزن وهذا لا يجوز على الله، ولا يصح أن يوصف به لأن الحزن صفة نقص والله منزه عن النقص.

ولا يجوز تفسير الرضا بالثواب، والغضب بالانتقام، والكراهية والمقت بالعقوبة، لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف وليس عليه دليل.

المجيء والإتيان:

المجيء والإتيان من صفات الله الفعلية وهما ثابتتان لله على الوجه اللائق به ودليلهما قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} وقوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} ولا يصح تفسيرهما بمجيء أو إتيان أمره لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف ولا دليل عليه.

والمراد بقوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} .

طلوع الشمس من مغربها الذي به تنقطع التوبة.

ووجه ذكر المؤلف من أدلة مجيء الله قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} مع أنه ليس في الآية ذكر المجيء:

ص: 273

أن تشقق السماء بالغمام وتنزيل الملائكة إنما يكونان عند مجيء الله للقضاء بين عباده فيكون من باب الاستدلال بأحد الأمرين على الآخر لما بينهما من التلازم.

الوجه:

الوجه صفة من صفات الله الذاتية الثابتة له حقيقة على الوجه اللائق به، ودليله قوله تعالى:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} والجلال العظمة والإكرام إعطاء الطائعين ما أعدّ لهم من الكرامة.

ولا يجوز تفسير الوجه بالثواب لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف وليس عليه دليل.

اليد:

إن يدي الله من صفاته الذاتية الثابتة له حقيقة على الوجه اللائق به يبسطهما كيف يشاء ويقبض بهما ما شاء، ودليلهما قوله تعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} . ولا يجوز تفسير اليدين بالقوة لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف وليس عليه دليل. وفي السياق ما يمنعه وهو التثنية لأن القوة لا يوصف الله بها بصيغة التثنية.

العين:

إن عيني الله من صفاته الذاتية الثابتة له حقيقة على الوجه اللائق به

ص: 274

ينظر بهما ويبصر ويرى ودليل ذلك قوله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} .

ولا يجوز تفسيرهما بالعلم ولا بالرؤية مع نفي العين لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف على ثبوت العين لله ولا دليل عليه.

والجواب عن تفسير بعض السلف قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} أي بمرأى منا أنهم لم يريدوا بذلك نفي حقيقة معنى العين وإنما فسروها باللازم مع إثباتهم العين، وهذا لا بأس به بخلاف الذين يفسرون العين بالرؤية وينكرون حقيقة العين.

الوجوه التي وردت عليها صفتا اليدين والعينين:

وردت هاتان الصفتان على ثلاثة أوجه إفراد وتثنية وجمع، فمثال الإفراد قوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} وقوله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} ومثال التثنية قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} .

وفي الحديث الشريف «إذا قام أحدكم يصلي فإنه بين عيني الرحمن» .

ومثال الجمع قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} . وقوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} .

والجمع بين هذه الوجوه أنه لا منافاة بين الإفراد والتثنية؛ لأن المفرد المضاف يعم فإذا قيل: يد الله وعين الله شمل كل ما ثبت له من يد أو عين

ص: 275

وأما التثنية والجمع فلا منافاة بينهما أيضًا؛ لأن المقصود بالجمع هنا التعظيم وهو لا ينافي التثنية.

السمع:

سمع الله تعالى من الصفات الثابتة له حقيقة على الوجه اللائق به ودليله قوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .

وينقسم إلى قسمين:

الأول: بمعنى الإجابة وهذا من الصفات الفعلية ومثاله قوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} .

الثاني: بمعنى إدراك المسموع وهذا من الصفات الذاتية، ومثاله قوله تعالى:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} . وهذا القسم قد يراد به مع إدراك المسموع النصر والتأييد كقوله تعالى لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} . وقد يراد به أيضًا التهديد كقوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} . وقوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى} .

الرؤية:

الرؤية صفة من صفات الله الذاتية الثابتة له حقيقة على الوجه اللائق به، وتنقسم إلى قسمين:

ص: 276

أحدهما: بمعنى البصر وهو إدراك المرئيات والمبصرات، ودليلها قوله تعالى:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} . وقوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .

الثاني: الرؤية بمعنى العلم، ودليلها قوله تعالى:{إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا} .أي نعلمه.

والقسم الأول من الرؤية قد يراد به مع إدراك المرئي النصر والتأييد مثل قوله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} . وقد يراد به أيضًا التهديد كقوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} . المكر والكيد والمحال:

معنى هذه الكلمات الثلاث متقارب وهو: التوصل بالأسباب الخفية إلى الانتقام من العدو.

ولا يجوز وصف الله بها وصفًا مطلقًا بل مقيدًا لأنها عند الإطلاق تحتمل المدح والذم والله سبحانه منزه عن الوصف بما يحتمل الذم.

وأما عند التقييد بأن يوصف الله بها على وجه تكون مدحًا لا يحتمل الذم دالًّا على علمه وقدرته وقوته فهذا جائز لأنه يدل على كمال الله.

والدليل على اتصاف الله تعالى: بهذه الصفات قوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} . وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا} .

ص: 277

وقوله تعالى: {وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} .

يكون المكر والكيد والمِحال صفة مدح:

إذا كان لإثبات الحق وإبطال الباطل ويكون ذمًا فيما عدا ذلك.

ولا يجوز أن يشتق من هذه الصفات أسماء لله فيقال:الماكر والكائد؛ لأن أسماء الله الحسنى لا تحتمل الذم بأي وجه، وهذه عند إطلاقها تحتمل الذم كما سبق.

العفو:

العفو هو المتجاوز عن سيئات الغير وهو من أسماء الله، ودليله قوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} .

من نصوص الصفات السلبية:

سبق لك أن صفات الله ثبوتية وهي التي أثبتها الله لنفسه، وسلبية وهي التي نفاها عن نفسه وأن كل صفة سلبية فإنها تتضمن صفة مدح ثبوتية، وقد ذكر المؤلف رحمه الله آيات كثيرة في الصفات السلبية ومنها {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} . {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} . {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} .

والسمي والكفؤ والند معناها متقارب وهو المثيل والنظير، ونفي ذلك من الله يتضمن انتفاء ما ذكر وإثبات كماله حيث لا يماثله أحد لكماله، ومنها قوله تعالى:{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}

ص: 278

فأمر الله بحمده لانتفاء صفات النقص عنه وهي اتخاذ الولد ونفيه عن الله يتضمن مع انتفائه كمال غناه، ونفي الشريك عن الله يتضمن كمال وحدانيته وقدرته.

ونفي الولي عنه من الذل يتضمن كمال عزه وقهره ونفي الولي هنا لا ينافي إثباته في موضع آخر كقوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} . وقوله: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} . لأن الولي المنفي هو الولي الذي سببه الذل، أما الولي بمعنى الولاية فليس بمنفي. ومنها قوله تعالى:{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} والتسبيح تنزيه الله عن النقص والعيب وذلك يتضمن كمال صفاته.

وفي الآية دليل على أن كل شيء يسبح الله تسبيحًا حقيقيًّا بلسان الحال والمقال إلا الكافر فإن تسبيحه بلسان الحال فقط؛ لأنه يصف الله بلسانه بما لا يليق به.

ومنها قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} . ففي هذه الآية نفي اتخاذ الولد، ونفي تعدد الآلهة، وتنزيه الله عما وصفه به المشركون وهذا يتضمن مع انتفاء ما ذكر كمال الله وانفراده بما هو من خصائصه وقد برهن الله على امتناع تعدد الآلهة ببرهانين عقليين:

أحدهما: أنه لو كان معه إله لانفرد عن الله بما خلق، ومن المعلوم عقلًا وحسًّا أن نظام العالم واحد لا يتصادم ولا يتناقض وهو دليل على أن مدبره واحد.

ص: 279

والثاني: أنه لو كان مع الله إله آخر لطلب أن يكون العلو له وحينئذ إما أن يغلب أحدهما الآخر فيكون هو الإله، وإما أن يعجز كل منهما عن الآخر فلا يستحق واحد منهما أن يكون إلهًا لأنه عاجز.

ومنها قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} . وهذه المحرمات الخمس أجمعت عليها الشرائع وفيها إثبات الحكمة وإثبات الغيرة له لأنه حرم هذه الأمور، ومعنى قوله:{مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} : أي ما لم ينزل به دليلًا وهو قيد لبيان الواقع لأنه لا يمكن أن يقوم الدليل على الإشراك بالله، وعلى هذا فلا مفهوم له وفي هذه الآية ردٌّ على المشبهة في قوله:{وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} . لأن المشبهة أشركوا به حيث شبهوه بخلقه وفيها رد على المعطلة في قوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} . لأن المعطلة قالوا على الله ما لا يعلمون حيث نفوا صفاته عنه بحجج باطلة وهذا هو وجه مناسبة ذكر هذه الآية في العقيدة.

العلو وأقسامه:

العلو: الارتفاع

وأقسام العلو ثلاثة:

1 -

علو الذات ومعناه أن الله بذاته فوق خلقه.

2 -

علو القدر ومعناه أن الله ذو قدر عظيم لا يساويه فيه أحد من خلقه ولا يعتريه معه نقص.

3 -

علو القهر ومعناه أن الله تعالى: قهر جميع المخلوقات فلا يخرج أحد منهم عن سلطانه وقهره.

ص: 280

وأدلة العلو الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة.

فمن الكتاب قوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} .

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: «ربنا الله الذي في السماء» وإقراره الجارية حين سألها أين الله قالت: في السماء فلم ينكر عليها بل قال:أعتقها فإنها مؤمنة.

وفي حجة الوداع أشهد النبي صلى الله عليه وسلم ربه على إقرار أمته بالبلاغ «وجعل يرفع أصبعه إلى السماء ثم ينكبها إلى الناس وهو يقول: " اللهم اشهد ".»

وأما الإجماع على علو الله فهو معلوم بين السلف ولم يعلم أن أحدًا منهم قال بخلافه، وأما العقل فلأن العلو صفة كمال والله سبحانه متصف بكل كمال فوجب ثبوت العلو له.

وأما الفطرة فإن كل إنسان مفطور على الإيمان بعلو الله ولذلك إذا دعا ربه وقال:يا رب لم ينصرف قلبه إلا إلى السماء.

والذي أنكره الجهمية من أقسام العلو علو الذات ونرد عليهم بما سبق في الأدلة.

استواء الله على عرشه:

معنى استواء الله على عرشه علوه واستقراره عليه، وقد جاء عن السلف تفسيره بالعلو والاستقرار والصعود والارتفاع، والصعود والارتفاع يرجعان إلى معنى العلو.

ودليله قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وقد ذكر في سبعة مواضع من القرآن.

ونرد على من فسره بالاستيلاء والملك بما يأتي:

1 -

أنه خلاف ظاهر النص.

ص: 281

2 -

أنه خلاف ما فسره به السلف.

3 -

أنه يلزم عليه لوازم باطلة.

والعرش لغة: سرير الملك الخاص به، وشرعًا: ما استوى الله عليه، وهو من أعظم مخلوقات الله، بل أعظم ما علمنا منها، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما السماوات السبع والأرضون السبع بالنسبة إلى الكرسي إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة» .

المعية:

المعية لغة: المقارنة والمصاحبة.

ودليل ثبوت المعية لله قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} .

وتنقسم إلى قسمين: عامة وخاصة:

فالعامة هي الشاملة لجميع الخلق كقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} . ومقتضى المعية هنا الإحاطة بالخلق علمًا وقدرة وسلطانًا وتدبيرًا.

والخاصة هي التي تختص بالرسل وأتباعهم كقوله تعالى: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} . وقوله {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} .

وهذه المعية تقتضي مع الإحاطة النصر والتأييد. والجمع بين المعية والعلو من وجهين:

أولًا: أنه لا منافاة بينهما في الواقع، فقد يجتمعان في شيء واحد، ولذلك تقول: ما زلنا نسير والقمر معنا مع أنه في السماء.

ص: 282

ثانيًا: أنه لو فرض أن بينهما منافاة في حق المخلوق لم يلزم أن يكون بينهما منافاة في حق الخالق؛ لأنه ليس كمثله شيء وهو بكل شيء محيط.

ولا يصح تفسير معية الله بكونه معنا بذاته في المكان:

أولًا: لأنه مستحيل على الله حيث ينافي علوه، وعلوه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها.

ثانيًا: أنه خلاف ما فسرها به السلف.

ثالثًا: أنه يلزم على هذا التفسير لوازم باطلة.

معنى كون الله في السماء:

معناه على السماء أي فوقها، ففي بمعنى على كما جاءت بهذا المعنى في قوله تعالى:{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} أي عليها، ويجوز أن تكون في للظرفية، والسماء على هذا بمعنى العلو، فيكون المعنى أن الله في العلو، وقد جاءت السماء بمعنى العلو في قوله تعالى:{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} .

ولا يصح أن تكون في للظرفية إذا كان المراد بالسماء الأجرام المحسوسة؛ لأن ذلك يوهم أن السماء تحيط بالله، وهذا معنى باطل؛ لأن الله أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته.

قول أهل السنة في كلام الله تعالى:

قول أهل السنة في كلام الله أنه صفة من صفاته لم يزل ولا يزال يتكلم بكلام حقيقي يليق به يتعلق بمشيئته بحروف وأصوات مسموعة لا يماثل أصوات المخلوقين يتكلم بما شاء ومتى شاء وكيف شاء، وأدلتهم على ذلك كثيرة منها:

ص: 283

قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} . وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} . والدليل على أنه بصوت قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} .

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: «يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا إلى النار، فيقول: يا ربي وما بعث النار» .. ".

ودليلهم على أنه بحروف قوله تعالى: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} . فمقول القول هنا حروف.

ودليلهم على أنه بمشيئة قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} . فالتكليم حصل بعد مجيء موسى عليه الصلاة والسلام.

وكلام الله تعالى صفة ذات باعتبار أصله، فإن الله لم يزل ولا يزال قادرًا على الكلام متكلمًا، وصفة فعل باعتبار آحاده؛ لأن آحاد الكلام تتعلق بمشيئته متى شاء تكلم.

وأكثر المؤلف من ذكر أدلة الكلام؛ لأنه أكثر ما حصلت فيه الخصومة ووقعت به الفتنة من مسائل الصفات.

قول أهل السنة في القرآن الكريم:

يقولون: القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود، فدليلهم على أنه كلام الله قوله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}

ص: 284

يعني القرآن.

ودليلهم على أنه منزل قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} . وقوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} .

والدليل على أنه غير مخلوق قوله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} فجعل الأمر غير الخلق، والقرآن من الأمر لقوله تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} . ولأن القرآن من كلام الله وكلام الله صفة من صفاته. وصفات الله غير مخلوقة.

ومعنى منه بدأ أن الله تكلم به ابتداء، ومعنى إليه يعود أنه يرجع إلى الله في آخر الزمان حينما يرفع من المصاحف والصدور، وتكريمًا له إذا اتخذه الناس هزوًا ولهوًا.

السنة:

السنة لغة: الطريقة، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ما شرعه من قوله أو فعله أو إقراره خبرًا كانت أو طلبًا، والإيمان بما جاء فيها واجب كالإيمان بما جاء في القرآن، سواء في أسماء الله وصفاته أو في غيرها؛ لقوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} . وقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} . حديث النزول:

حديث النزول هو قوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني»

ص: 285

«فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» .

ومعنى النزول عند أهل السنة أنه ينزل بنفسه سبحانه نزولًا حقيقيًّا يليق بجلاله ولا يعلم كيفيته إلا هو.

ومعناه عند أهل التأويل نزول أمره، ونرد عليهم بما يأتي:

1 -

أنه خلاف ظاهر النص وإجماع السلف.

2 -

أن أمر الله ينزل كل وقت، وليس خاصًّا بثلث الليل الآخر.

3 -

أن الأمر لا يمكن أن يقول: من يدعوني فأستجيب له.. إلخ.

ونزوله سبحانه إلى السماء الدنيا لا ينافي علوه؛ لأن الله سبحانه ليس كمثله شيء، ولا يقاس نزوله بنزول مخلوقاته.

الفرح والضحك والعَجَب:

الفرح ثابت لله لقوله صلى الله عليه وسلم: «لله أشد فرحًا بتوبة عبده من أحدكم براحلته» .. " الحديث.

وهو فرح حقيقي يليق بالله، ولا يصح تفسيره بالثواب؛ لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف.

والضحك ثابت لله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم: «يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخلان الجنة» .

وفسره أهل السنة والجماعة بأنه ضحك حقيقي يليق بالله. وفسره أهل التأويل بالثواب، ونرد عليهم بأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف، وصورتها أن كافرًا يقتل مسلمًا في الجهاد، ثم يسلم ذلك الكافر ويموت على الإسلام، فيدخلان الجنة كلاهما.

والعجب ثابت لله تعالى لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره» الحديث.

والممتنع على الله من العَجَب هو ما كان سببه الجهل بطرق المتعجب

ص: 286

منه لأن الله لا يخفى عليه شيء، أما العَجَب الذي سببه خروج الشيء عن نظائره أو عما ينبغي أن يكون عليه فإن ذلك ثابت لله.

وقد فسره أهل السنة بأنه عَجَب حقيقي يليق بالله، وفسره أهل التأويل بثواب الله أو عقوبته ويرد عليهم بأنه خلاف ظاهر النص وإجماع السلف.

القدم:

القدم ثابتة لله تعالى: لقوله صلى الله عليه وسلم: «جهنم يُلقى فيها وهي تقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها رجله وفي رواية عليها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط» .

وفسر أهل السنة الرِجْل والقدم بأنها حقيقية على الوجه اللائق بالله.

وفسر أهل التأويل الرجل بالطائفة أي الطائفة الذين يضعهم الله في النار والقدم بالمقدمين إلى النار وأرد عليهم بأن تفسيرهم مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف وليس عليه دليل.

حديث رقية المريض وحديث الجارية التي سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أين الله قالت:في السماء:

في حديث رقبة المريض من صفات الله إثبات ربوبية الله وإثبات علوه في السماء وتقدس أسمائه عن كل نقص، وأن له الأمر في السماء والأرض، فحكمه فيهما نافذ وإثبات الرحمة وإثبات الشفاء لله وهو رفع المرض.

وفي حديث الجارية من صفات الله: إثبات المكان لله وأنه في السماء.

الدليل على أن الله قبل وجه المصلي:

الدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه» .. " الحديث.

ص: 287

وهذه المقابلة ثابتة لله حقيقة على الوجه اللائق به، ولا تنافي علوه والجمع بينهما من وجهين:

1 -

أن الاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق كما لو كانت الشمس عند طلوعها فإنها قِبل وجه من استقبل المشرق وهي في السماء، فإذا جاز اجتماعهما في المخلوق فالخالق أولى.

2 -

أنه لو لم يمكن اجتماعهما في حق المخلوق فلا يلزم أن يمتنع في حق الخالق لأن الله ليس كمثله شيء.

الدليل على قرب الله:

الدليل قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} . وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما تدعون سميعًا قريبًا» .

وهو قرب حقيقي يليق بالله تعالى ولا ينافي علوه لأنه تعالى: بكل شيء محيط ولا يقاس بخلقه لأنه ليس كمثله شيء.

الدليل على أن الله يُرى:

الدليل على رؤية الله قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} . فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بالنظر إلى وجه الله وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تُغلَبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا» .

والتشبيه في هذا الحديث للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي لأن كاف التشبيه داخلة على فعل الرؤية المؤول بالمصدر ولأن الله ليس كمثله شيء

ص: 288

والمراد بالصلاتين المذكورتين الفجر والعصر.

ورؤية الله في الآخرة لا في الدنيا لقوله تعالى لموسى حين سأله رؤيته: {لَنْ تَرَانِي} . وقوله صلى الله عليه وسلم: " «واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا» .

ورؤية الله لا تشمل الكفار لقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} .

وفسر أهل السنة هذه الرؤية برؤية العين للأدلة الآتية:

أولًا: أن الله أضاف النظر إلى الوجه الذي هو محل العين فقال: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .

ثانيا: أنه جاء في الحديث «إنكم سترون ربكم عيانًا» . وفسره أهل التأويل برؤية الثواب أي إنكم سترون ثواب ربكم.

وأرد عليهم بأنه خلاف ظاهر اللفظ وإجماع السلف وليس عليه دليل.

مذهب الجهمية والأشعرية والكلَاّبية في كلام الله:

مذهب الجهمية في كلام الله أنه خلق من مخلوقاته لا صفة من صفاته وإنما أضافه الله إليه إضافة تشريف وتكريم كما أضاف إليه البيت والناقة في قوله: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} . وقوله: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ} .

ومذهب الأشعرية أن الكلام صفة من صفاته لكنه هو المعنى القائم بالنفس وهذه الحروف مخلوقة لتعبر عنه والكلابية يقولون كقول الأشعرية

ص: 289

إلا أنهم سموا الألفاظ حكاية لا عبارة. وعلى مذهبيهما ليس كلام الله بحرف وصوت وإنما هو المعنى القائم بنفسه.

هذه الأمة وسط بين الأمم:

الدليل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} . وقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} .

ومثال كونها وسطًا في العبادات رفع الله عن هذه الأمة من الحرج والمشقة اللذين كانا على من قبلهما فهذه الأمة إذا عدموا الماء تيمموا وصلّوا في أي مكان بينما الأمم الأخرى لا يصلون حتى يجدوا الماء ولا يصلون إلا في أمكنة معينة.

ومثال كونها وسطًا في غير العبادات القصاص في القتل كان مفروضًا على اليهود وممنوعًا عند النصارى ومخيرًا بينه وبين العفو أو الدية عند هذه الأمة.

فِرَق هذه الأمة:

فِرَق هذه الأمة ثلاث وسبعون فرقة والناجي منها من كان على مثل ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكلها في النار إلا الناجية لقوله صلى الله عليه وسلم: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. قالوا: من هي يا رسول الله قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي» .

ص: 290