الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرة، فمن زاد فهو تطوع (1) » .
ويسن الإكثار من الحج والعمرة تطوعا؛ لما ثبت في الصحيحين، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة (2) » .
(1) رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم) بداية مسند عبد الله بن العباس برقم (2637) ، والدارمي في (المناسك) باب كيف وجوب الحج برقم (1788) .
(2)
رواه البخاري في (الحج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم (1773) ، ومسلم في (الحج) باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (1349) .
فصل
في وجوب التوبة من المعاصي والخروج من المظالم
إذا عزم المسلم على السفر إلى الحج أو العمرة استحب له أن يوصي أهله وأصحابه بتقوى الله عز وجل، وهي: فعل أوامره، واجتناب نواهيه.
وينبغي أن يكتب ما له وما عليه من الدين، ويشهد على
ذلك، ويجب عليه المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب؛ لقوله تعالى:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1)
وحقيقة التوبة: الإقلاع من الذنوب وتركها، والندم على ما مضى منها، والعزيمة على عدم العود فيها، وإن كان عنده للناس مظالم من نفس أو مال أو عرض ردها إليهم، أو تحللهم منها قبل سفره؛ لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من كانت عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه (2) » .
وينبغي أن ينتخب لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال؛ لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا (3) » ، وروى الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
(1) سورة النور الآية 31
(2)
رواه البخاري في (المظالم والغصب) باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحللها له برقم (2449) .
(3)
رواه مسلم في (الزكاة) باب قبول الصدقة من الكسب الطيب برقم (1015) .
وينبغي للحاج الاستغناء عما في أيدي الناس والتعفف عن سؤالهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله (2) » ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم (3) » .
ويجب على الحاج أن يقصد بحجته وعمرته وجه الله والدار الآخرة، والتقرب إلى الله بما يرضيه من الأقوال
(1) رواه الطبراني في الأوسط (6\109) برقم (5224) ، وفي الترغيب والترهيب باب الترغيب في النفقة الحلال برقم (1723) .
(2)
رواه البخاري في (الزكاة) باب الاستعفاف عن المسألة برقم (1469) ، ومسلم في (الزكاة) باب فضل التعفف والصبر برقم (1053) .
(3)
رواه البخاري في (الزكاة) باب من سأل الناس تكثرا برقم (1475) ، ومسلم في (الزكاة) باب كراهة المسألة للناس برقم (1040) .
والأعمال في تلك المواضع الشريفة، ويحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك، فإن ذلك من أقبح المقاصد وسبب لحبوط العمل وعدم قبوله، كما قال تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} (1){أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا} (3){وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (4)
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه (5) » .
وينبغي له أيضا أن يصحب في سفره الأخيار من أهل الطاعة والتقوى والفقه في الدين، ويحذر من مصاحبة السفهاء والفساق.
(1) سورة هود الآية 15
(2)
سورة هود الآية 16
(3)
سورة الإسراء الآية 18
(4)
سورة الإسراء الآية 19
(5)
رواه مسلم في (الزهد والرقائق) باب من أشرك في عمله غير الله برقم (2985) .
وينبغي له أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته، ويتفقه في ذلك ويسأل عما أشكل عليه؛ ليكون على بصيرة، فإذا ركب دابته أو سيارته أو طائرته أو غيرها من المركوبات استحب له أن يسمي الله سبحانه ويحمده، ثم يكبر ثلاثا، ويقول:{سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} (1){وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} (2)«اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل (3) » ؛ لصحة ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
ويكثر في سفره من الذكر والاستغفار، ودعاء الله سبحانه، والتضرع إليه، وتلاوة القرآن وتدبر معانيه، ويحافظ على الصلوات في الجماعة، ويحفظ لسانه من كثرة القيل
(1) سورة الزخرف الآية 13
(2)
سورة الزخرف الآية 14
(3)
رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) باقي مسند عبد الله بن عمر برقم (6275) ، والترمذي في (الدعوات) باب ما يقال إذا ركب الناقة برقم (3447) .