المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهذه النصوص بينت أن الغلو- يراد به شرعا مجاوزة الحد - محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

[عبد الرءوف محمد عثمان]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌[المبحث الأول تعريف النبوة والرسالة لغة وشرعا]

- ‌[المبحث الثاني بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المبحث الثالث النبوة اصطفاء إلهي]

- ‌[الباب الأول المحبة والاتباع]

- ‌[الفصل الأول محبة الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المبحث الأول مفهوم المحبة]

- ‌[المبحث الثاني وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المبحث الثالث دواعي محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وأسباب زيادتها]

- ‌[المبحث الرابع مظاهر محبة الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل الثاني الاتباع]

- ‌[المبحث الأول مفهوم الاتباع]

- ‌[المبحث الثاني وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه]

- ‌[المبحث الثالث مظاهر الاتباع]

- ‌[الباب الثاني الغلو والابتداع]

- ‌[الفصل الأول الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المبحث الأول مفهوم الغلو]

- ‌[أنواع الغلو]

- ‌[أسباب الغلو]

- ‌[المبحث الثاني الغلو في الرسل عند اليهود والنصارى]

- ‌[المبحث الثالث الغلو في ذات الرسول صلى الله عليه وسلم عند الشيعة]

- ‌[المبحث الرابع الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم عند الصوفية]

- ‌[المطلب الأول الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم لدى الحلاج]

- ‌[المطلب الثاني الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم عند ابن عربي]

- ‌[المبحث الخامس آثار الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم على الاعتقاد والأعمال]

- ‌[المبحث السادس حكم الإسلام في الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل الثاني الابتداع]

- ‌[المبحث الأول تعريف البدعة وبيان حكمها]

- ‌[المبحث الثاني البدع التي ظهرت بدعوى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أولا ادعاء الصوفية أنهم يرون الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة]

- ‌[ثانيا التوسل غير المشروع بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[التوسل المشروع]

- ‌[التوسل غير المشروع]

- ‌[أقسام التوسل غير المشروع من حيث الحكم عليه]

- ‌[ثالثا البدع المتعلقة بزيارة قبره صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابعا بدعة المولد]

- ‌[خامسا الصلوات المبتدعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المبحث الثالث آثار الابتداع]

- ‌[آثار البدع على المبتدع]

- ‌[عدم قبول عمل المبتدع]

- ‌[خذلان المبتدع]

- ‌[البعد عن الله]

- ‌[أن المبتدع يلقى عليه الذل في الدنيا والغضب من الله في الآخرة]

- ‌[تبرؤ الرسول صلى الله عليه وسلم من المبتدعة]

- ‌[أن من ابتدع بدعة كان عليه إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة]

- ‌[عدم توفيق المبتدع للتوبة]

- ‌[الخوف على المبتدع من سوء الخاتمة]

- ‌[الطرد عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[آثار البدع على الدين]

- ‌[إماتة السنن]

- ‌[هجران الدين]

- ‌[آثارها على المجتمع]

- ‌[التفرق والاختلاف]

- ‌[الفتن والمحن]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[قائمة المراجع]

الفصل: فهذه النصوص بينت أن الغلو- يراد به شرعا مجاوزة الحد

فهذه النصوص بينت أن الغلو- يراد به شرعا مجاوزة الحد بالزيادة على المشروع قدرا ووصفا، اعتقادا وعملا. وقد وردت في الشرع ألفاظ تقارب الغلو في معناه. مثل التشدد والتشديد، والتعمق والتنطع والتكلف، وكلها مرادفة للغلو وتجتمع معه في كونها مجاوزة الحد بالزيادة على المشروع، كما يلاحظ في الغلو أنه تجاوز من مشروع إلى غير مشروع فمثلا تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم والإشادة بذكره، هذا أمر مشروع طالما كان ذلك في حدود بشريته. فإذا تجاوزنا بتعظيمه حدود بشريته صار هذا غلوا.

[أنواع الغلو]

أنواع الغلو تتعدد أشكال الغلو وصوره، فمنه ما يكون في الاعتقاد ومنه ما يكون في العمل:

(أ) الغلو في الاعتقاد: ويتمثل في مجاوزة حدود الاعتقاد الصحيح إلى غيره من ضروب الانحراف، والمتأمل في آراء الفرق الكلامية التي فارقت أهل السنة والجماعة بنوع اعتقاد يجدها قد غلت في ناحية من نواحي الاعتقاد حتى خرجت عن الصراط المستقيم. ففي صفات الله تعالى نجد النفاة والمؤولة غلوا في تنزيه الله حتى عطلوه عن صفات الكمال ووصفوه بصفات المعدوم، وفي المقابل نرى المجسمة والمشبهة غلوا في الإثبات حتى وقعوا في التجسيم والتشبيه، والحق وسط بين الفريقين تنزيه بلا تعطيل، وإثبات بلا تجسيم ولا تمثيل.

وعلى هذا النهج سارت طوائف المتكلمين، فطائفة تثبت شيئا وتغالي فيه وأخرى تثبت نقيضه وتغلو فيه.

ص: 144

ومن الغلو في الاعتقاد غلو النصارى في عيسى عليه السلام حتى أخرجوه من حيز البشرية إلى مرتبة الألوهية.

- ومنه غلو الشيعة في علي رضي الله عنه، فطائفة ادعت أنه إله، وطوائف على أنه معصوم (1) .

- ومنه غلو بعض المتصوفة في الرسول صلى الله عليه وسلم حيث ادعوا أنه مخلوق من نور وأن الكون خلق من نوره، وأنه يتصرف في الأكوان. إلى غير ذلك من العقائد الباطلة.

ومنه الغلو في الصالحين ومشايخ الصوفية، بادعاء العصمة لهم، واتباعهم في كل ما يقولونه بلا دليل، والاستغاثة بهم وندائهم فيما لا يقدر عليه إلا الله، إلى غير ذلك من العقائد الشركية.

(ب) الغلو في العمل: ويقصد به ما كان واقعا في دائرة الأحكام الشرعية الخمسة وهي الوجوب، والندب، والكراهة، والتحريم، والإباحة. فمن جعل المندوب بمنزلة الواجب، أو المكروه بمنزلة المحرم، أو جعل المباح مكروها أو محرما فقد غلا في الدين وجانب الصراط المستقيم، فمن أوجب على نفسه قيام الليل كله- مثلا- فقد غلا لأنه جعل المندوب بمنزلة الواجب، ولأنه جاوز حدود السنة في هذا الجانب. ومثل هذا من حرم ما أحل الله من النكاح وأكل الطيبات زهدا وتعبدا. ويدخل في هذا الباب كل من زاد على المشروع قدرا أو وصفا، وذلك كالزيادة على الثلاث في الوضوء مثلا.

(1) انظر: اعتقادات فرق الشيعة في: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين لأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري. تحقيق. هلموت ريتر، ط 3، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ص 5- 85. والفرق بين الفرق. عبد القاهر بن طاهر البغدادي. تحقيق. محمد محيي الدين عبد الحميد، مكتبة دار التراث، القاهرة، ص 29- 72.

ص: 145

يقول ابن تيمية:

(والتشديد تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب ولا مستحب بمنزلة الواجب والمستحب في العبادات، وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم ولا مكروه بمنزلة المحرم والمكروه في الطيبات)(1) وقال ابن القيم:

(والغلو نوعان:

- نوع يخرجه عن كونه مطيعا، كمن زاد في الصلاة ركعة، أو صام الدهر مع أيام النهي، أو رمى الجمرات بالصخرات الكبار التي يرمى بها في المنجنيق، أو سعى بين الصفا والمروة عشرا، أو نحو ذلك عمدا.

- وغلو يخاف منه الانقطاع والاستحسار كقيام الليل كله وسرد الصيام الدهر أجمع بدون صوم أيام النهي، والجور على النفوس في العبادات والأوراد، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:«إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا ويسروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة» (2) وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هلك المتنطعون» قالها ثلاثا!) (3) وهم المتعمقون المتشددون) (4)

(1) اقتضاء الصراط المستقيم، 1 / 2831.

(2)

أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب الدين يسر، 1 / 16.

(3)

صحيح مسلم، كتاب العلم، باب هلك المتنطعون، 4 / 2055.

(4)

مدارج السالكين، 2 / 496- 497.

ص: 146