الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأنت الذي نرجوه حيا وميتا
…
لصرف خطوب لا تريم إلى صرف
عليك سلام الله عدة خلقة
…
وما يقتضيه من مزيد ومن ضعف (1)
[رابعا بدعة المولد]
رابعا - بدعة المولد: مولد النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يقيمه الصوفية في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام إظهارا للسرور بمولده، وتوسع بعضهم فأجازه في أي وقت من أوقات السنة طالما أنه مظهر سرور بالنبي صلى الله عليه وسلم. ويرجع تاريخ ظهور هذه البدعة إلى الدولة العبيدية التي تسمت بالدولة الفاطمية. حيث أحدثت هذه البدعة لجذب قلوب الناس إليها، والظهور بمظهر من يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. مع أنها من أكثر الدول التي فشا فيها الإلحاد والزندقة تحت شعار التشيع وحب آل البيت.
فأحدثوا ستة موالد: المولد النبوي، مولد علي رضي الله عنه، ومولد فاطمة رضي الله عنها، ومولد الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومولد الخليفة الحاضر في ذاك الزمان. وعن طريقهم انتشرت الموالد وراجت رواجا كثيرا لدى الصوفية (2) فصارت كل طريقة تعمل لشيخها مولدا يتناسب ومقام الطريقة وشيخها!! هذا مع حرصهم على مولد النبي صلى الله عليه وسلم في كل عام وتسيير المواكب في الطرقات، وإنشاد القصائد، وإقامة الحفلات إلى غير ذلك من مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي.
ولا نزاع في أن الاحتفال بالمولد النبوي هو من البدع الحادثة بين المسلمين حتى باعتراف الذين يفعلونه. ولكنهم قالوا: إن خلا عمل المولد من المفاسد فهو بدعة حسنة لما فيه من إطعام الطعام وقراءة شيء من السيرة وإظهار السرور بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم (3) .
(1) المصدر نفسه، 4 / 1387.
(2)
انظر: الإبداع في مضار الابتداع، ص250 وما بعدها.
(3)
انظر: الحاوي للفتاوي للسيوطي، 1 / 292 - 305.
ولكن هذا لا يخرج عن كونه بدعة مذمومة شرعا لأمور:
- اتخاذه عيدا شرعيا، والأعياد الشرعية يومان الفطر والأضحى كما جاء بذلك النص.
- جعله عبادة شرعية وقربة إلى الله. حتى إنهم في بعض البلدان يتهمون من لم يحضر المولد بالجفاء والمروق من الدين أحيانا (1) .
- عدم فعل السلف له مع أنهم أشد الناس حبا له صلوات الله وسلامه عليه، وهم أعرف الناس بحقوقه، ولو كان خيرا لسبقونا إليه.
- إن عمل المولد يتضمن أمورا منهيا عنها شرعا كإنشاء القصائد الشركية والغلو فيه صلى الله عليه وسلم وتشويه صورة الدين بأعمال الخرافيين والمشعوذين والدجالين على ما يجري عمله في أكثر البلاد.
هذا وقد استغلت الصوفية وسائل الدعاية لترويج هذه البدعة بدعوى أنها من أكبر مظاهر حبه صلى الله عليه وسلم فألفوا فيها الرسائل والكتب وسودوا بها صحائف كانت بيضاء، ونعتوا كل ناقد وموجه بعدم الحب والولاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولنا أن نقول إن الاحتفال بالمولد بدعة فيها مشابهة للنصارى في احتفالهم بمولد المسيح عليه السلام لأن دينهم المحرف قام على الغلو في الأشخاص، وديننا ينهانا عن الغلو.
ثم إن فرح المسلم ينبغي أن يكون ببعثته ونزول الوحي عليه، وتلك هي المنة الحقيقية التي امتن الله بها على عباده فلولا الوحي والبعثة ما كانت لنبينا هذه المنزلة العظمى بين رسل الله أجمعين. كما قال تعالى:{قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [يونس: 16](2) وقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48](3) .
(1) انظر مجموعة رسائل الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود، 1 / 493.
(2)
سورة يونس، آية (16) .
(3)
سورة العنكبوت، آية (48) .