المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الحميد - مختصر تاريخ دمشق - جـ ١٤

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌عبد الله بن محمد

- ‌عبد الله بن محمد الدمشقي

- ‌عبد الله بن محمد المعروف بابن الوسخ

- ‌عبد الله بن محمد النسائي

- ‌عبد الله بن محمد أبو العباس

- ‌عبد الله بن محمد الرعيني

- ‌عبد الله بن محمد أبو القاسم

- ‌عبد الله بن محمد أبو القاسم المقدسي الإمام

- ‌عبد الله بن محمد أبو محمد بن الزجاج الوشاء

- ‌عبد الله بن المبارك بن واضح

- ‌عبد الله بن محمود بن أحمد

- ‌عبد الله بن محيريز بن جنادة

- ‌عبد الله بن المخارق بن سليمان

- ‌عبد الله بن مخمر الشرعبي

- ‌عبد الله بن مخيمرة

- ‌عبد الله بن مدرك بن عبد الله

- ‌عبد الله بن مروان بن معاوية

- ‌عبد الله بن مروان أبو علي

- ‌عبد الله بن مساحق بن عبد الله

- ‌عبد الله بن مسافع بن عبد الله

- ‌عبد الله بن مسعدة

- ‌عبد الله بن مسعود بن غافل

- ‌عبد الله بن مسلم بن عبيد الله

- ‌عبد الله بن مسلم بن رشيد

- ‌عبد الله بن مسلم القرشي الدمشقي

- ‌عبد الله بن معافى بن أحمد

- ‌عبد الله بن معانق

- ‌عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان

- ‌عبد الله بن معاوية بن عبد الله

- ‌عبد الله بن معاوية بن يحيى

- ‌عبد الله بن مغيث بن أبي بردة

- ‌عبد الله بن مفرج

- ‌عبد الله بن منصور بن عبد الله

- ‌عبد الله بن منصور بن عمران

- ‌عبد الله بن أبي موسى التستري

- ‌عبد الله بن موهب

- ‌عبد الله بن مهاجر الشيعيثي النصري

- ‌عبد الله بن ملاذ الأشعري

- ‌عبد الله بن ميمون

- ‌عبد الله بن ميمون بن عياش بن الحارث

- ‌عبد الله بن نافع بن ذؤيب

- ‌عبد الله بن نزار العبسي

- ‌‌‌عبد الله بن نصر

- ‌عبد الله بن نصر

- ‌عبد الله بن نعيم بن همام القيني

- ‌عبد الله بن واقد الجرمي

- ‌عبد الله بن وقاص

- ‌عبد الله الأصغر بن وهب

- ‌عبد الله بن وهيب بن عبد الرحمن

- ‌عبد الله بن هارون بن محمد

- ‌عبد الله بن هارون

- ‌عبد الله بن هاشم بن عتبة

- ‌عبد الله بن أبي هاشم بن عتبة

- ‌عبد الله بن هبة الله بن القاسم

- ‌عبد الله بن هشام بن عبد الله بن سوار

- ‌عبد الله بن همام بن نبيشة

- ‌عبد الله بن هلال بن الفرات

- ‌عبد الله بن يحيى بن موسى

- ‌عبد الله بن يزيد بن آدم السلمي

- ‌عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز

- ‌عبد الله بن يزيد بن راشد

- ‌عبد الله بن يزيد بن ربيعة

- ‌عبد الله بن يزيد بن عبد الله

- ‌عبد الله الأكبر ويقال الأوسط

- ‌عبد الله بن يزيد أبو إلا صبع

- ‌عبد الله بن يوسف

- ‌عبد الله الأسدي

- ‌عبد الله أبو يحيى المعروف بالبطال

- ‌‌‌عبد الله

- ‌عبد الله

- ‌عبد الأعلى بن عبيد الله

- ‌عبد الأعلى بن أبي عبد الله الغبري

- ‌عبد الأعلى بن أبي عمرة الشيباني مولاهم

- ‌عبد الأعلى بن مسهر

- ‌عبد الأعلى بن مسهر بن عبد الأعلى بن مسهر

- ‌عبد الأعلى بن هلال

- ‌عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم بن علي

- ‌عبد الباقي بن أحمد بن محمد

- ‌عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله

- ‌عبد الباقي بن جامع بن الحسن

- ‌عبد الباقي بن عبد الكريم بن الحسين بن إسماعيل

- ‌عبد الباري بن عبد الملك بن عبد العزيز

- ‌عبد الجبار بن أحمد بن عبد الله بن علي

- ‌عبد الجبار بن الحارث بن مالك

- ‌عبد الجبار بن عاصم

- ‌عبد الجبار بن عبد الله بن إبراهيم بن برزة

- ‌عبد الجبار بن عبد الله بن علي

- ‌عبد الجبار بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحيم

- ‌عبد الجبار بن عبيد الله بن سلمان

- ‌عبد الجبار بن عبد الصمد بن إسماعيل بن علي

- ‌عبد الجبار بن عبد الواحد التنوخي

- ‌عبد الجبار بن محمد

- ‌عبد الجبار بن مسلم

- ‌عبد الجبار بن واقد الليثي

- ‌عبد الجبار بن يزيد بن عبد الملك

- ‌عبد الجبار بن يزيد الكلبي

- ‌عبد الجبار الخولاني

- ‌عبد الجليل بن عبد الجبار بن عبد الله بن طلحة

- ‌عبد الجليل بن محمد بن الحسن

- ‌عبد الحليم بن محمد بن عبيد الله

- ‌عبد الحميد بن بكار

- ‌عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين

- ‌عبد الحميد بن حريث بن أبي حريث

- ‌عبد الحميد بن الحسين بن علي

- ‌عبد الحميد بن حماد بن عبيد الله

- ‌عبد الحميد بن شميط

- ‌عبد الحميد بن عبد الرحمن

- ‌عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الحميد

- ‌عبد الحميد بن محمود بن خالد بن يزيد

- ‌عبد الحميد بن يحيى بن داود

- ‌عبد الحميد بن يحيى بن سعد

- ‌عبد الخالق بن زيد بن واقد الدمشقي

- ‌عبد الخالق بن محمد بن محمد بن عبد الوهاب

- ‌عبد الخالق بن منصور

- ‌عبد الدائم بن الحسن بن عبيد الله

- ‌عبد الدائم بن المحسن بن عبد الله بن خليل

- ‌عبد ربه بن صالح القرشي

- ‌عبد ربه بن ميمون

- ‌عبد الرب بن محمد بن عبد الله

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن الفضل

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن عطية

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن عمران

- ‌‌‌عبد الرحمن بن أحمد

- ‌عبد الرحمن بن أحمد

- ‌عبد الرحمن بن إبراهيم بن زياد

- ‌عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو بن ميمون

- ‌عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي

- ‌عبد الرحمن بن آدم

- ‌عبد الرحمن بن آدم الأزدي

- ‌عبد الرحمن بن أرطأة بن سيحان

- ‌عبد الرحمن بن أزهر بن عبد عوف

- ‌عبد الرحمن بن إسحاق بن إبراهيم

- ‌عبد الرحمن بن إسحاق بن الحارث

- ‌عبد الرحمن بن إسحاق

- ‌عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الحميد

- ‌عبد الرحمن بن إسماعيل بن علي

- ‌عبد الرحمن بن اسميفع

- ‌عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث

- ‌عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد

- ‌عبد الرحمن بن أيوب بن نافع بن كيسان

- ‌عبد الرحمن بن بجير الشامي

- ‌عبد الرحمن بن بحر بن معاذ

- ‌عبد الرحمن بن بشير

- ‌عبد الرحمن بن بكران

- ‌عبد الرحمن بن بيهس بن صهيب

- ‌عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان

- ‌عبد الرحمن بن أبي ثور الكوفي

- ‌عبد الرحمن بن جيش بن شيخ

- ‌عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم

- ‌عبد الرحمن بن الحارث السلامي الساحلي

- ‌عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة بن عمرو بن عمير بن سلمة

- ‌عبد الرحمن بن حسان بن ثابت

- ‌عبد الرحمن بن حسان

- ‌عبد الرحمن بن الحسام

- ‌عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الله

- ‌عبد الرحمن بن الحسن بن محمد

- ‌عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم

- ‌عبد الرحمن بن الحسين بن الحسن

- ‌عبد الرحمن بن الحسين بن علي

- ‌عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس

- ‌عبد الرحمن بن حنبل بن مليك

- ‌عبد الرحمن بن حيان أبو مسلم

- ‌عبد الرحمن بن خالد بن الوليد

- ‌عبد الرحمن بن خالد

- ‌عبد الرحمن بن الخشخاش العذري

- ‌عبد الرحمن بن داود بن منصور

- ‌عبد الرحمن بن زياد بن أنعم

- ‌عبد الرحمن بن زياد بن عبيد

- ‌عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب

- ‌عبد الرحمن بن سابط بن أبي حميضة

- ‌عبد الرحمن بن سراقة الأزدي

- ‌عبد الرحمن بن سعد الخير

- ‌عبد الرحمن بن سعيد بن بشير

- ‌عبد الرحمن بن سعيد الدمشقي

- ‌عبد الرحمن بن السفر الدمشقي

- ‌عبد الرحمن بن سلمان ويقال عبيد

- ‌عبد الرحمن بن سلمة

- ‌عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون

- ‌عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب

- ‌عبد الرحمن بن سهل بن زيد

- ‌عبد الرحمن بن شبل بن عمرو

- ‌عبد الرحمن بن شبيب الفزاري

- ‌عبد الرحمن بن شماسة بن ذئب بن أحور

- ‌عبد الرحمن الأكبر بن صفوان

- ‌عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس

- ‌عبد الرحمن بن عامر

- ‌عبد الرحمن بن عائذ

- ‌عبد الرحمن بن عائش الحضرمي

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن الزبير

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن علي

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن محيريز

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن يزداد الرازي

- ‌عبد الرحمن بن عبد العزيز

- ‌عبد الرحمن بن عبد الغفار الدمشقي

- ‌عبد الرحمن بن عبد الغفار بن عفان

- ‌عبد الرحمن بن عبد الواحد

- ‌عبد الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن علي

- ‌عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد

- ‌عبد الرحمن بن عبيد الله بن أحمد

- ‌عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد العزيز

- ‌عبد الرحمن بن عبيد نفيع

- ‌عبد الرحمن بن عبيد ويقال ابن عبد

- ‌عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله

- ‌عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم

- ‌عبد الرحمن بن عثمان بن هشام

- ‌عبد الرحمن بن عثمان أبو عثمان

- ‌عبد الرحمن بن عديس بن عمرو

- ‌عبد الرحمن بن عراك

- ‌عبد الرحمن بن عسيلة

- ‌عبد الرحمن بن علي بن الحسين بن صفوان

- ‌عبد الرحمن بن علي بن العجلان القرشي الدمشقي

- ‌عبد الرحمن بن علي بن القاسم بن أحمد بن إبراهيم

- ‌عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عمر بن رجاء بن عمر

- ‌‌‌عبد الرحمن بن عمر

- ‌عبد الرحمن بن عمر

- ‌عبد الرحمن بن عمرو

- ‌‌‌عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الرحمن

- ‌عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الرحمن

- ‌عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد أبي عمرو

- ‌عبد الرحمن بن عمرو اليحصبي

- ‌عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني

- ‌عبد الرحمن بن عوف

- ‌عبد الرحمن بن عيسى

- ‌عبد الرحمن بن المغاز بن ربيعة الجرشي

الفصل: ‌عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الحميد

‌عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الحميد

أبو خازم السكوني القاضي ولي قضاء دمشق، والأردن، وفلسطين في أيام أحمد بن طولون في خلافة المعتمد وكان ممن أفتى بدمشق بخلع أبي أحمد الموفق.

حدث عن شعيب بن أيوب بسنده إلى ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شاهد الزور لا تزول قدماه حتى تجب له النار.

أبو خازم بالخاء المعجمة. قاضي مدينة السلام وغيرها. كان عراقي المذهب، وكان عفيفاً، ورعاً، فاضلاً، نبيلاً، أديباً. وكان حنفي المذهب، عالما بمذهب أهل العراق، والفرائض، والحساب، والزرع، والقسمة، حسن العلم بالجبر، والمقابل، وحساب الدور، وغامض الوصايا والمناسخات. قدوة في العلم بصناعة الحكم ومباشرة الخصوم وأحذق الناس بعمل المحاضر والسجلات والإقرارات. أخذ العلم عن هلال بن يحيى وجماعة. كان يفضل عليهم. وأما عقله قالوا: لا نعلم أحداً رآه فقال: إنه رأى أعقل منه.

وبلغ من شدته في الحكم أن المعتضد وجه إليه بطريف المخلدي فقال له: إن على الضبعي بيعاً كان للمعتضد، ولغيره مالاً، وقد بلغني أن غرماءه ثبتوا عندك، وقد قسطت لهم من ماله، فاجعلنا كأحدهم، فقال أبو خازم: قل له: أمير المؤمنين - أطال الله بقاءه - ذاكر لما قال لي وقت قلدني: إنه قد أخرج الأمر من عنقه وجعله في عنقي ولا يجوز لي أن أحكم في مال رجل لمدع إلا ببينة، فرجع إليه طريف فأخبره، فقال: قال له: فلان وفلان يشهدان - يعني لرجلين جليلين - كانا في ذلك الوقت - فقال: يشهدان عندي، وأسأل عنهما، فإن زكيا قبلت شهادتهما وإلا أمضيت ما قد ثبت عندي، فامتنع أولئك من الشهادة فزعاً، ولم يدفع إلى المعتضد شيئاً.

وحدث وكيع القاضي قال:

كنت أتقلد لأبي خازم وقوفاً في أيام المعتضد، منها وقوف الحسن بن سهل. فلما

ص: 174

استكثر المعتضد من عمارة القصر المعروف بالحسني أدخل إليه بعض وقوف الحسن بن سهل التي كانت في يدي ومجاورة للقصر، وبلغت السنة آخرها، وقد حببت مالها إلا ما أخذه المعتضد، فجئت إلى أبي خازم فعرفته اجتماع مال السنة، واستأذنته في قسمته في سبيله وعلى أهل الموقف، فقال لي: فهل جبيت ما على أمير المؤمنين؟ فقلت له: ومن يجسر على مطالبة الخليفة؟! فقال: والله لا قسمت الراتفاع أو تأخذ ما عليه، والله إن لم يزح العلة لا وليت له عملاً، ثم قال: امض إليه الساعة وطالبه فقلت: من يوصلني إليه؟ فقال لي: امض إلى صافي الحرمي، وقل إنك رسول أنفذت في مهم، فإذا وصلت فعرفه ما قلتلك. فجئت فقلت لصافي ذلك، فأوصلني، وكان آخر النهار. فلما مثلت بين يدي الخليفة ظن أن أمراً عظيماً قد حدث وقال: هيه! قل، كأنه متشوف، فقلت له: إني ألي لعبد الحميد قاضي أمير المؤمنين وقوف الحسن بن سهل، وفيها ما قد أدخله أمير المؤمنين إلى قصره، ولما جئت بمال هذه السنة امتنع من تفرقته إلى أن أجبي ما على أمير المؤمنين، وقد أنفذني الساعة قاصداً بهذا السبب، وأمرني أن أقول: إني حضرت في مهم، لأصل. فسكت ساعة مفكراً لم قال: أصاب عبد الحميد، يا صافي، هات الصندوق. قال: فأحضره صندوقاً لطيفاً، فقال: كم يجب لك؟ فقلت: الذي جبيت عام أول من ارتفاع هذا العقار: أربع مئة دينار. قال: كيف حذقك بالنقد والوزن؟ قلت: أعرفهما، قال: هاتوا ميزاناً، فجاؤوا بميزان، فأخرج من الصندوق دنانير عيناً، فوزن لي منها أربع مئة دينار، فقبضتها وانصرفت إلى أبي خازم بالخبر، فقال: أضفها إلى ما اجتمع للوقف عندك، وفرقه في غدٍ في سبيله، ولا تؤخر ذلك، ففعلت. فكثر شكر الناس لأبي خازم بهذا السبب وإقدامه على الخليفة بمثل ذلك، وشكرهم للمعتضد في إنصافه.

ص: 175

حدث أبو عبد الله الصيمري أن عبد الله بن سليمان الوزير وجه بأبي إسحاق الزجاج إلى أبي خازم القاضي وأبي عمر محمد بن يوسف يسألهما في رجل محبوس بدين ثابت عندهما، فبدأ أبو إسحاق بأبي خازم، فجاء إليه وقد علا النهار، ودخل داره، فقال أبو إسحاق للبواب: استأذن لإبراهيم الزجاج، فقال: إن القاضي الآن دخل إلى الدار، وليس العادة بعد أن يقوم من مجلسه، ويدخل الدار أن يستأذن عليه، حتى يصلي العصر، فقال له أبو إسحاق: تعلمه أن الزجاج بالباب، فأبى عليه ذلك، فقال: تعلمه أن رسول الوزير عبيد الله بن سليمان بالباب، فأبى عليه ذلك فقال تعلمه أن رسول الوزير عبيد الله فقال: لو جاء الوزير الساعة لم يستأذن عليه. فانصرف أبو إسحاق وقعد في المسجد مغتاظاً مما جرى، غير أنه لا يشتهي الانصراف إلى الوزير إلا بعد قضاء الحاجة، وقعد إلى وقت العصر، فخرج البواب وكنس الباب ورش، وقال للزجاج: القاضي قد جلس، فإن كان لك رأي في الدخول إليه فقم، فقام أبو إسحاق، فدخل على أبي خازم، فسلم عليه، وتعرف كل واحد منهما خبر صاحبه، غير أنه لم يكن منه من الإقبال ما كان أبو إسحاق يعتقد منه، فأدى أبو إسحاق الرسالة، فقال أبو خازم: تقرأ على الوزير - أعزه الله - السلام وتقول له: إن هذا الرجل محبوس لخصمه في دينه، وليس بمحبوس لي، فإن أراد الوزير إطلاقه، فإما أن يسأل خصمه إطلاقه، أو يقضي عنه دينه، فإن الوزير لا يعجزه ذلك. قال أبو إسحاق: جئت إلى هاهنا قبل الظهر فامتنع البواب من الاستئذان على القاضي، فجلست إلى الآن للدخول عليه - وهو يقصد بهذا أن ينكر القاضي على البواب - فقال له: نعم، هكذا عادتي، إذا قمت من مجلسي، ودخلت إلى داري اشتغلت ببعض الحوائج التي تخصني، فإن القاضي لا بد له من خلوة وتودع، فاغتاظ أبو إسحاق من ذلك أكثر، وقال له مبكتاً له؛ كنت بحضرة الوزير في بعض هذه الليالي، فأنشدت بين يديه: المتقارب.

ص: 176

أذل فيا حبذا من مذل

ومن سافكٍ لدمي مستحل

إذا ما تعزز قابلته

بذل وذلك جهد المقل

فسأل عن ذلك فقيل: إنها للقاضي أعزه الله، فقال أبو خازم: نعم هذه الأبيات قلتها في والدة هذا الصبي - لغلام قاعد بين يديه، في يده كتاب من الفقه، يقرأ عليه وهو ابنه - فإني كنت ضعيف الحال أول ما عرفتها، وكنت مائلاً إليها، ولم يمكن إرضاؤها بالمال، فكنت أطيب قلبها بالبيت والبيتين. فقام أبو إسحاق وودعه، ومضى إلى أبي عمر فاستقبله حجابه من باب الدار، وأدخلوه إلى الدار، فاستقبله القاضي من مجلسه بخطوات، وأجلسه في موضعه، وأكرمه كما يكرم من يكون خصيصاً بوزير إذا جاء إلى ناظر من قبله، فقال له: في أي شيء يرسم؟ فأدى إليه رسالة الوزير في باب الرجل المحبوس، فقال أبو عمر: السمع والطاعة لأمر الوزير، أنا أسأل صاحب الحق حتى يفرج عنه، فإن فعل، وإلا وزنت الدين من مالي إجابة لمسألة الوزير، فقام أبو إسحاق فودعه، وانصرف إلى الوزير ضيق الصدر من أبي خازم، مسروراً بصنيع أبي عمر، فاستبطأه الوزير، فحكى له ما جرى من كل واحد منهما، فقال له الوزير: فأي الرجلين أفضل عندك يا أبا إسحاق؟ فقال: أبو عمر، في عقله وسداده وحسن عشرته ومعرفته بحقوق الوزير يغري بأبي حازم: فقال الوزير: دع هذا عنك، أبو خازم دين كله، وأبو عمر عقل كله.

وحكى أبو عبد الله الصيمري قال: كتب عبيد الله بن سليمان رقعة إلى أبي خازم القاضي يسأله في ضيعة ليتيم يبيعها بثمنها أو أكثر من بعض الدهاقين الكبار له ملك يجاور هذه الضيعة، فوقف أبو خازم على الرقعة وكتب إليه: إن هذه الضيعة لا حاجة باليتيم إلى بيعها، لو كان ثمنها في ملك اليتيم لرأيت أن أشتري له مثلها، إذ كانت هذه الضيعة مما يرغب هذا الدهقان في شرائها، وإن رأى الوزير أن يجعلني أحد رجلين: إما رجل صين الحكم به أو صين الحكم عنه، والسلام.

جلس أبو خازم القاضي في الشرقية - وهو قاضيها - للحكم، وارتفع إليه خصمان، فاجترأ أحدهما بحضرته إلى ما أوجب التأديب، فأمر بتأديبه، فأدب، فمات في الحال،

ص: 177

وكتب إلى المعتضد من المجلس: اعلم أمير المؤمنين - أطال الله بقاءه - أن خصمين حضراني فاجترأ أحدهما إلى ما وجب عليه معه الأدب عندي، فأمرت بتأديبه، فأدب فمات، وإذا كان المراد بتأديبه مصلحة المسلمين فمات في الأدب فالديه واجبة في بيت مال المسلمين، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بحمل الدية لأحملها إلى ورثته، فعاد الجواب إليه بأنا قد أمرنا بحمل الدية إليك، وحمل إليه عشرة آلاف درهم، فأحضر ورثة المتوفى ودفعها إليهم.

حدث مكرم بن بكر - وكان من فضلاء الرجال وعلمائهم - قال:

كنت في مجلس أبي خازم القاضي، فتقدم رجل شيخ، ومعه غلام حدث، فادعى الشيخ عليه ألف دينار عيناً ديناً، فقال له: ما تقول؟ فأقر، فقال للشيخ: ما تشاء؟ قال: حبسه، فقال للغلام: قد سمعت، فهل لك أن تنقده البعض وتسأله إنظارك؟ فقال: لا، فقال الشيخ: إن رأى القاضي أن يحبسه. قال: فتفرس أبو خازم فيها ساعة ثم قال: تلازما إلى أن أنظر بينكما في مجلس آخر. قال: فقلت لأبي خازم: وكان بيننا أنسة: لم أخر القاضي حبسه؟ فقال لي: ويحك! إني أعرف في أكثر الأحوال في وجه الخصوم وجه المحق من المبطل، وقد صارت لي بذلك دربة لا تكاد تخطئ وقد وقع لي في أن سماحة هذا بالإقرار هي عن بلية وأمرٍ بعيد من الحق، وليس في كلزومهما بطلان حق، ولعله ينكشف لي من أمرهما ما أكون معه على وثيقة مما أحكم به بينهما، أما رأيت قلة تغاضبهما في المناظرة، وقلة اختلافهما، وسكون طباعهما مع عظم المال؟ وما جرت عادة الأحداث بفرط التورع حتى يقر بمثل هذا طوعاً عجلاً بمثل هذا المال. قال: فنحن كذلك نتحدث إذ استؤذن على أبي خازم لبعض وجوه الكوخ من مياسير التجار، فأذن له فدخل وسلم، وتثبت لكلامه، فأحسن فقال: قد بليت بابن لي حدث يتقاين، ويتلف كل ما ظفر به من مالي في القيان عند فلان المقين، فإذا منعته مالي احتال بحيل تضطرني إلى التزام غرم له، وإن عددت ذلك طال، وأقربه أن قد نصب المقين اليوم ليطالبه بألف دينار عينا ديناً حالاً، وبلغني أنه تقدم إلى القاضي ليقر له بها، فيحبس، وأقع مع أمه فيما ينغص عيشي إلى أن أزن ذلك عنه للمقين، فإذا قبضه المقين حاسبه بذلك من الجذور. ولما سمعت بذلك بادرت إلى القاضي لأشرح له هذا الأمر فيداويه بما يشكره

ص: 178