الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس
أبو مطرف ويقال: أبو حرب ويقال: أبو الحارث أخو مروان بن الحكم سكن دمشق. شاعر محسن. أدرك عائشة، وشهد يوم الدار.
حدث القاسم بن محمد سليمان بن يسار أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم البتة، فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم، فأرسلت عائشة أم المؤمنين إلى مروان بن الحكم - وهو أمير المدينة - فقالت: اتق الله يا مروان، ورد المرأة إلى بيتها، فقال مروان: أو ما بلغك شأن فاطمة بنت قيس؟ فقالت عائشة: لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة، قال مروان: فإن كان بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر.
عرض على معاوية فرس وعنده عبد الرحمن بن الحكم أخو مروان، فقال: كيف ترى هذا يا أبا مطرف؟ فقال: أراه أجش هزيماً، قال: أجل، ولكنه لا يطلع على الكنائن، قال: يا أمير المؤمنين، لم استوجبت هذا الجواب؟ قال: قد عوضتك منه عشرين ألفاً.
ومعنى قوله: أجش هزيم: قول النجاشي: الطويل
ونجى ابن حرب سابح ذو علالة
…
أجش هزيم والرماح دوان
وأما قوله: لا يطلع على الكنائن فإنه كان يتهم بنساء إخوته.
لما ادعى معاوية زياداً كتب بذلك إلى الآفاق، فكتب إليه عبد الرحمن بن الحكم: الوافر
ألا أبلغ معاوية بن حرب
…
فقد ضاقت بما تأتي اليدان
أتغضب أن يقال أبوك عف
…
وترضى أن يقال أبوك زان؟
فأشهد أن رحمك من زيادٍ
…
كرحم الفيل من ولد الأتان
وأشهد أنها حملت زياداً
…
وصخر من سمية غير دان
فلما قرأ معاوية الكتاب رمى به، وغضب على عبد الرحمن غضباً شديداً، وقال: والله لا أرضى عنه حتى يرضى زياد، وغضب على مروان بن الحكم، ومنع سعيد بن العاص عطاءه، وقال: لا أرضى عنهم حتى يرضى زياد، فأتى عبد الرحمن بن الحكم العراق. فلما دخل على زياد أنشأ يقول:
ألا من مبلغ عني زياداً
…
مغلغلة من الرجل الهجان
حلفت برب مكة والمطايا
…
ورب العرش أحلف والقران
لأنت زيادة في آل حرب
…
أحب إلي من وسطى بناني
من أبيات، فقال زياد: أراك شاعراً، فقبلها، وكتب إلى معاوية بالرضى، فرضي عنه.
قال معاوية بن أبي سفيان لعبد الرحمن بن الحكم: أراك تعجب بالشعر، فإن فعلت فإياك والتشبيب بالنساء، فإنه تعر به الشريفة، وترمي به العفيفة، وتقر على نفسك بالفضيحة، وإياك والهجاء، فإنك تحنق به كريماً، وتستثير به لئيماً، وإياك والمدح، فإنه كسب الوقاح، وطعمه السواد، ولكن افخر بمفاخر قومك، وقل من الأمثال ما تزين به نفسك وشعرك، وتودد به إلى غيرك - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وفي حديث قال - ويقال: الشعر أدنى مروءة السري وأفضل مروءة الدني.
لما أدخل ثقل الحسين بن علي عليه السلام على يزيد بن معاوية ووضع رأسه بين يديه بكى يزيد وقال: الطويل
نفلق هاماً من رجال أحبةٍ
…
إلينا وهم كانوا أعق وأظلما
أما والله لو كنت أنا صاحبك ما قتلتك أبداً، فقال علي بن حسن: ليس هكذا. قال: فكيف يا بن أم؟ فقال: " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير " وعنده عبد الرحمن بن الحكم، فقال عبد الرحمن: الطويل
لهام بجنب الطف أدنى قرابة
…
من ابن زياد العبد ذي النسب الوغل
سمية أمسى نسلها عدد الحصى
…
وبنت رسول الله ليس لها نسل
فرفع يزيد يده فضرب صدر عبد الرحمن وقال: اسكت.
مر عبد الرحمن بن الحكم بناس من بني جمح، فنالوا منه، فبلغه ذلك، فمر بهم وهم جلوس فقال: يا بني جمح قد بلغني شتمكم إياي وانتهاككم ما حرم الله، وقديماً شتم اللئام الكرام، وأبغضوهم. وايم الله، ما يمنعني منكم إلا شعر عرض لي، فذلك الذي حجزني عنكم، فقال له رجل منهم: وما الشعر الذي نهاك عن شتمنا؟ فقال عبد الرحمن: الطويل
فوالله ما بقيا عليكم تركتكم
…
ولكنني أكرمت نفسي عن الجهل
بأوت بها عنكم وقلت لعاذلي
…
على الحلم دعني قد تداركني عقلي
وجللني شيب القذال ومن يشب
…
يكن قمناً أن يستفيق عن العذل
وقلت لعل القوم أخطأ رأيهم
…
فقالوا وخالوا الوعث كالمنهج السهل
فمهلاً أريحوا الحكم بيني وبينكم
…
بني جمح لا تشربوا كدر الضحل