المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عبد الرحمن بن عوف - مختصر تاريخ دمشق - جـ ١٤

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌عبد الله بن محمد

- ‌عبد الله بن محمد الدمشقي

- ‌عبد الله بن محمد المعروف بابن الوسخ

- ‌عبد الله بن محمد النسائي

- ‌عبد الله بن محمد أبو العباس

- ‌عبد الله بن محمد الرعيني

- ‌عبد الله بن محمد أبو القاسم

- ‌عبد الله بن محمد أبو القاسم المقدسي الإمام

- ‌عبد الله بن محمد أبو محمد بن الزجاج الوشاء

- ‌عبد الله بن المبارك بن واضح

- ‌عبد الله بن محمود بن أحمد

- ‌عبد الله بن محيريز بن جنادة

- ‌عبد الله بن المخارق بن سليمان

- ‌عبد الله بن مخمر الشرعبي

- ‌عبد الله بن مخيمرة

- ‌عبد الله بن مدرك بن عبد الله

- ‌عبد الله بن مروان بن معاوية

- ‌عبد الله بن مروان أبو علي

- ‌عبد الله بن مساحق بن عبد الله

- ‌عبد الله بن مسافع بن عبد الله

- ‌عبد الله بن مسعدة

- ‌عبد الله بن مسعود بن غافل

- ‌عبد الله بن مسلم بن عبيد الله

- ‌عبد الله بن مسلم بن رشيد

- ‌عبد الله بن مسلم القرشي الدمشقي

- ‌عبد الله بن معافى بن أحمد

- ‌عبد الله بن معانق

- ‌عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان

- ‌عبد الله بن معاوية بن عبد الله

- ‌عبد الله بن معاوية بن يحيى

- ‌عبد الله بن مغيث بن أبي بردة

- ‌عبد الله بن مفرج

- ‌عبد الله بن منصور بن عبد الله

- ‌عبد الله بن منصور بن عمران

- ‌عبد الله بن أبي موسى التستري

- ‌عبد الله بن موهب

- ‌عبد الله بن مهاجر الشيعيثي النصري

- ‌عبد الله بن ملاذ الأشعري

- ‌عبد الله بن ميمون

- ‌عبد الله بن ميمون بن عياش بن الحارث

- ‌عبد الله بن نافع بن ذؤيب

- ‌عبد الله بن نزار العبسي

- ‌‌‌عبد الله بن نصر

- ‌عبد الله بن نصر

- ‌عبد الله بن نعيم بن همام القيني

- ‌عبد الله بن واقد الجرمي

- ‌عبد الله بن وقاص

- ‌عبد الله الأصغر بن وهب

- ‌عبد الله بن وهيب بن عبد الرحمن

- ‌عبد الله بن هارون بن محمد

- ‌عبد الله بن هارون

- ‌عبد الله بن هاشم بن عتبة

- ‌عبد الله بن أبي هاشم بن عتبة

- ‌عبد الله بن هبة الله بن القاسم

- ‌عبد الله بن هشام بن عبد الله بن سوار

- ‌عبد الله بن همام بن نبيشة

- ‌عبد الله بن هلال بن الفرات

- ‌عبد الله بن يحيى بن موسى

- ‌عبد الله بن يزيد بن آدم السلمي

- ‌عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز

- ‌عبد الله بن يزيد بن راشد

- ‌عبد الله بن يزيد بن ربيعة

- ‌عبد الله بن يزيد بن عبد الله

- ‌عبد الله الأكبر ويقال الأوسط

- ‌عبد الله بن يزيد أبو إلا صبع

- ‌عبد الله بن يوسف

- ‌عبد الله الأسدي

- ‌عبد الله أبو يحيى المعروف بالبطال

- ‌‌‌عبد الله

- ‌عبد الله

- ‌عبد الأعلى بن عبيد الله

- ‌عبد الأعلى بن أبي عبد الله الغبري

- ‌عبد الأعلى بن أبي عمرة الشيباني مولاهم

- ‌عبد الأعلى بن مسهر

- ‌عبد الأعلى بن مسهر بن عبد الأعلى بن مسهر

- ‌عبد الأعلى بن هلال

- ‌عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم بن علي

- ‌عبد الباقي بن أحمد بن محمد

- ‌عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله

- ‌عبد الباقي بن جامع بن الحسن

- ‌عبد الباقي بن عبد الكريم بن الحسين بن إسماعيل

- ‌عبد الباري بن عبد الملك بن عبد العزيز

- ‌عبد الجبار بن أحمد بن عبد الله بن علي

- ‌عبد الجبار بن الحارث بن مالك

- ‌عبد الجبار بن عاصم

- ‌عبد الجبار بن عبد الله بن إبراهيم بن برزة

- ‌عبد الجبار بن عبد الله بن علي

- ‌عبد الجبار بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحيم

- ‌عبد الجبار بن عبيد الله بن سلمان

- ‌عبد الجبار بن عبد الصمد بن إسماعيل بن علي

- ‌عبد الجبار بن عبد الواحد التنوخي

- ‌عبد الجبار بن محمد

- ‌عبد الجبار بن مسلم

- ‌عبد الجبار بن واقد الليثي

- ‌عبد الجبار بن يزيد بن عبد الملك

- ‌عبد الجبار بن يزيد الكلبي

- ‌عبد الجبار الخولاني

- ‌عبد الجليل بن عبد الجبار بن عبد الله بن طلحة

- ‌عبد الجليل بن محمد بن الحسن

- ‌عبد الحليم بن محمد بن عبيد الله

- ‌عبد الحميد بن بكار

- ‌عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين

- ‌عبد الحميد بن حريث بن أبي حريث

- ‌عبد الحميد بن الحسين بن علي

- ‌عبد الحميد بن حماد بن عبيد الله

- ‌عبد الحميد بن شميط

- ‌عبد الحميد بن عبد الرحمن

- ‌عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الحميد

- ‌عبد الحميد بن محمود بن خالد بن يزيد

- ‌عبد الحميد بن يحيى بن داود

- ‌عبد الحميد بن يحيى بن سعد

- ‌عبد الخالق بن زيد بن واقد الدمشقي

- ‌عبد الخالق بن محمد بن محمد بن عبد الوهاب

- ‌عبد الخالق بن منصور

- ‌عبد الدائم بن الحسن بن عبيد الله

- ‌عبد الدائم بن المحسن بن عبد الله بن خليل

- ‌عبد ربه بن صالح القرشي

- ‌عبد ربه بن ميمون

- ‌عبد الرب بن محمد بن عبد الله

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن الفضل

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن عطية

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر

- ‌عبد الرحمن بن أحمد بن عمران

- ‌‌‌عبد الرحمن بن أحمد

- ‌عبد الرحمن بن أحمد

- ‌عبد الرحمن بن إبراهيم بن زياد

- ‌عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو بن ميمون

- ‌عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي

- ‌عبد الرحمن بن آدم

- ‌عبد الرحمن بن آدم الأزدي

- ‌عبد الرحمن بن أرطأة بن سيحان

- ‌عبد الرحمن بن أزهر بن عبد عوف

- ‌عبد الرحمن بن إسحاق بن إبراهيم

- ‌عبد الرحمن بن إسحاق بن الحارث

- ‌عبد الرحمن بن إسحاق

- ‌عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الحميد

- ‌عبد الرحمن بن إسماعيل بن علي

- ‌عبد الرحمن بن اسميفع

- ‌عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث

- ‌عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد

- ‌عبد الرحمن بن أيوب بن نافع بن كيسان

- ‌عبد الرحمن بن بجير الشامي

- ‌عبد الرحمن بن بحر بن معاذ

- ‌عبد الرحمن بن بشير

- ‌عبد الرحمن بن بكران

- ‌عبد الرحمن بن بيهس بن صهيب

- ‌عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان

- ‌عبد الرحمن بن أبي ثور الكوفي

- ‌عبد الرحمن بن جيش بن شيخ

- ‌عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم

- ‌عبد الرحمن بن الحارث السلامي الساحلي

- ‌عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة بن عمرو بن عمير بن سلمة

- ‌عبد الرحمن بن حسان بن ثابت

- ‌عبد الرحمن بن حسان

- ‌عبد الرحمن بن الحسام

- ‌عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الله

- ‌عبد الرحمن بن الحسن بن محمد

- ‌عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم

- ‌عبد الرحمن بن الحسين بن الحسن

- ‌عبد الرحمن بن الحسين بن علي

- ‌عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس

- ‌عبد الرحمن بن حنبل بن مليك

- ‌عبد الرحمن بن حيان أبو مسلم

- ‌عبد الرحمن بن خالد بن الوليد

- ‌عبد الرحمن بن خالد

- ‌عبد الرحمن بن الخشخاش العذري

- ‌عبد الرحمن بن داود بن منصور

- ‌عبد الرحمن بن زياد بن أنعم

- ‌عبد الرحمن بن زياد بن عبيد

- ‌عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب

- ‌عبد الرحمن بن سابط بن أبي حميضة

- ‌عبد الرحمن بن سراقة الأزدي

- ‌عبد الرحمن بن سعد الخير

- ‌عبد الرحمن بن سعيد بن بشير

- ‌عبد الرحمن بن سعيد الدمشقي

- ‌عبد الرحمن بن السفر الدمشقي

- ‌عبد الرحمن بن سلمان ويقال عبيد

- ‌عبد الرحمن بن سلمة

- ‌عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون

- ‌عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب

- ‌عبد الرحمن بن سهل بن زيد

- ‌عبد الرحمن بن شبل بن عمرو

- ‌عبد الرحمن بن شبيب الفزاري

- ‌عبد الرحمن بن شماسة بن ذئب بن أحور

- ‌عبد الرحمن الأكبر بن صفوان

- ‌عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس

- ‌عبد الرحمن بن عامر

- ‌عبد الرحمن بن عائذ

- ‌عبد الرحمن بن عائش الحضرمي

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن الزبير

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن علي

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن محيريز

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله بن يزداد الرازي

- ‌عبد الرحمن بن عبد العزيز

- ‌عبد الرحمن بن عبد الغفار الدمشقي

- ‌عبد الرحمن بن عبد الغفار بن عفان

- ‌عبد الرحمن بن عبد الواحد

- ‌عبد الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن علي

- ‌عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد

- ‌عبد الرحمن بن عبيد الله بن أحمد

- ‌عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد العزيز

- ‌عبد الرحمن بن عبيد نفيع

- ‌عبد الرحمن بن عبيد ويقال ابن عبد

- ‌عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله

- ‌عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم

- ‌عبد الرحمن بن عثمان بن هشام

- ‌عبد الرحمن بن عثمان أبو عثمان

- ‌عبد الرحمن بن عديس بن عمرو

- ‌عبد الرحمن بن عراك

- ‌عبد الرحمن بن عسيلة

- ‌عبد الرحمن بن علي بن الحسين بن صفوان

- ‌عبد الرحمن بن علي بن العجلان القرشي الدمشقي

- ‌عبد الرحمن بن علي بن القاسم بن أحمد بن إبراهيم

- ‌عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عمر بن رجاء بن عمر

- ‌‌‌عبد الرحمن بن عمر

- ‌عبد الرحمن بن عمر

- ‌عبد الرحمن بن عمرو

- ‌‌‌عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الرحمن

- ‌عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الرحمن

- ‌عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد أبي عمرو

- ‌عبد الرحمن بن عمرو اليحصبي

- ‌عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني

- ‌عبد الرحمن بن عوف

- ‌عبد الرحمن بن عيسى

- ‌عبد الرحمن بن المغاز بن ربيعة الجرشي

الفصل: ‌عبد الرحمن بن عوف

حدثنا شيخ من أهل دمشق، حدثنا يونس بن ميسرة بن حلبس قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون في بيت المقدس بيعة هدى.

‌عبد الرحمن بن عوف

ابن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك أبو محمد القرشي الزهري صاحب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. أحد العشرة الذين شهد لهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة. من المهاجرين الأولين، هاجر الهجرتين، وشهد بدراً وغيرها من المشاهد، وهو أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يدي أبي بكر، وأحد الستة الذين جعل عمر بن الخطاب فيهم الشورى، وأخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راضٍ. وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، ويقال: عبد الكعبة. قدم مع عمر بن الخطاب الجابية، وشهد في كتاب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلمح أهل بيت المقدس، وكان على ميمنة عمر في تلك الخرجة، وعلى ميسرته في خرجته الثانية إلى الشام التي رجع عمر فيها من سرغ بحديثه، وسماه عمر: العدل الرضي.

عن المسور بن مخرمة قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف: أي قال: أخبرني عن قصتكم يوم بدر قال: اقرأبعد العشرين ومئة من آل عمران تجد قصتنا " وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال " إلى قوله: " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا: " قال: هم الذين طلبوا الأمان من المشركين، إلى قوله:" ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون " قال: فهو تمني لقاء المؤمنين إلى قوله: " إذ تحسونهم بإذنه ".

ص: 342

وعن عبد الرحمن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.

قال ابن عباس: كنت جالساً مع عمر بن الخطاب وهو خليفة فقال: يا بن عباس، أما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أحد من أصحابه يذكر ما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سها المرء في صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلماته؟ قلت: لا، أو ما سمعت ذلك أنت يا أمير المؤمنين؟ قال: لا. قال: فدخل الخمية علينا عبد الرحمن بن عوف فقال: فيم أنتما؟ قال عمر: سألته: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أحد من أصحابه يذكر ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سها المرء في صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلماته؟ فقال عبد الرحمن: عندي علم من هذا، فقال عر: هلم فحدثنا، فأنت عندنا العدل الرضي، فقال عبد الرحمن بن عوف: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا شك أحدكم في الاثنتين والواحدة فليجعلها واحدة، وإذا شك في الثنتين والثلاث فليجعلها اثنتين، وإذا شك في الثلاث والأربع فليجعلها ثلاثاً، حتى يكون الوهم في الزيادة، ثم ليتم ما بقي من صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلماته، ويسجد سجدتين، وهو جالس قبل أن يسلم. زاد في رواية: ثم يسلم.

وعن عكرمة بن خالد المخزومي: أن عمر بن الخطاب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلمى بالناس بالجابية المغرب، فصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلمى ثنتين ثم دخل خباه فأطاف به عبد الرحمن، وسلم، فذكره ما بقي من صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلماته فاستأنف.

ولد عبد الرحمن بن عوف بعد الفيل بعشر سنين. وأمه صفية بنت عبد مناف بن زهرة بن كلاب. وقيل: أمه العنقاء، وهي الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث.

وعبد الرحمن بن عوف أمين رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه، وصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه في غزوة تبوك، وهو صاحب الشورى، وكان اسمه عبد عمرو فأسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلم عبد الرحمن. وكان رجلاً طويلاً، حسن الوجه، رقيق البشرة،

ص: 343

فيه جنأ، أبيض مشرب حمرة لا غير شعره، أعين، أهدب الأشفار، أقنى، طويل النابين الأعليين وربما أدمى نابه شفته، له جمة أسفل من أذنيه، أعين، ضخم الكفين، غليظ الأصابع، أعشر، أعرج. وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية وعممه، وعقد له اللواء بيده، وكان أصابته يوم أحد جراحات كثيرة قيل: إنها إحدى وعشرين جراحة، وهتم فسقطت ثنيتاه، وكان أهتم، وعرج في رجله.

حدث عبد الرحمن بن عوف قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا محمد، ما صنعت في استلام الحجر؟ قال: استلمت وتركت. قال: أصبت.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: البار، الصادق، وآخى بينه وبين سعد بن الربيع الخزوجي، وله أخوان: عبد الله، والأسود.

قال عبد الرحمن بن عوف: سافرت إلى اليمن قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنة ونحوها، فنزلت على عسكلان بن عواكن الحميري، وكان شيخاً كبيراً، قد أسني له في العمر حتى عاد كالفرخ وهو يقول: الوافر.

إذا ما الشيخ صم فلم يكلم

وأودى سمعه إلا بدايا

ولا عب في العشي بني بنيه

كفعل الهر يفترس العظايا

فذاك الداء ليس له دواء

سوى الموت المنطق بالرزايا

ص: 344

يفديهم وودوا لو سقوه

من الداذي مترعةً ملايا

شهدت تتابع الأملاك منا

وأدركت المرفق في القضايا

فماتوا أجمعون وصرت حلساً

صريحاً لا أبوح إلى الجلايا

قال عبد الرحمن: وكنت لا أزال إذا قدمت اليمن نزلت عليه، فيسائلني عن مكة والكعبة وزمزم ويقول: هل ظهر فيكم رجل له نبه؟ له ذكر؟ هل خالف أحد منكم عيكم في دينكم. فأقول: لا، فأسمي له من قريش وذوي الشرف حتى قدمت القدمة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقبها، فوافيته وقد ضعف، وثقل سمعه، فنزلت عليه، فاجتمع عليه ولده وولد ولده، وأخبروه بمكاني، فشد عصابة على عينية واشتد، فقعد وقال لي: انتسب لي يا أخا قريش، فقلت: أنا عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، قال: حسبك يا أخا زهرة، ألا أبشرك ببشارة وهي خير لك من التجارة؟ قلت: بلى، قال: أنبئك بالمعجبة، وأشرك بالمرغبة، إن الله عز وجل قد بعث في الشهر الأول من قومك نبياً، ارتضاه، صفياً، وأنزل عليه كتاباً، وجعل له ثواباً، ينهى عن الأصنام، ويدعو إلى الإسلام، يأمر بالحق ويفعله، وينهى عن الباطل ويبطله، قال: فقلت: ممن هو؟ قال: لا من الأزد، ولا ثمالة، ولا من السرو ولا تبالة، هو من بني هاشم وأنتم أخواله، يا عبد الرحمن، أخف الوقعة، وعجل الرجعة، ثم امض ووازره، وصدقه واحمل إليه هذه الأبيات: مخلع البسيط

أشهد بالله ذي المعالي

وفالق الليل والصباح

ص: 345

أنك في السور من قريشٍ

يا بن المفى من الذباح

أرسلت تدعو إلى يقينٍ

يرشد للحق والفلاح

هد كرور السنين ركبي

عن بكير السير والرواح

فصرت حلساً لأرض بيتي

وقص من قوتي جناحي

إذا نأى بالديار بعد

فأنت حرزي ومستراحي

أشهد بالله رب موسى

أنك أرسلت بالبطاح

فكن شفيعي إلى مليكٍ

يدعو البرايا إلى الفلاح

قال عبد الرحمن: فحفظت الأبيات، وأسرعت في تقصي حوائجي، حتى إذا أحكمت منه ما أردت ودعته وانصرفت، فقدمت مكة، فلقيت أبا بكر رضوان الله عليه وكان خليطاً، فأخبرته الخبر مما سمعت من الحميري فقال: هذا محمد بن عبد الله قد بعثه الله رسولاً إلى خلقه، فائته، فأتيته. وهو في بيت خديجة رضي الله عنها، فاستأذنت عليه. فلما رآني ضحك وقال: أرى وجهاً خليقاً أردو له خيراً، ما وراءك يا أبا محمد؟ قلت: وماذاك يا محمد؟ قال: حملت إلي وديعة؟ أم أرسلك مرسل إلي برسالة؟ هاتها، فهاتها، أما إن أخا حمير من خواص المؤمنين. قال عبد الرحمن بن عوف: فأسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله، وأنشدته شعره وأخبرته بقوله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رب مؤمن بي ولم يرني، ومصدق لي وما شهدني، أولئك إخواني حقاً. قال عبد الرحمن: وأنا الذي أقول في إسلامي: الطويل.

أجبت منادي الله لما سمعته

ينادي إلى الدين الحنيف المكرم

فقلت له بالبعد لبيك داعياً

إليك متابي بل إليك تميمي

أجوب الفيافي من أفاويق حميرٍعلى جلعم جلد القوائم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلمقم

ص: 346

بأبناء صدقٍ علمتها موفق

ولا العلم إلا باطلاب التعلم

فكم مخبرٍ بالحق في الناس ناصحٍ

وآخر أفاكٍ كثير التوهم

ألا إن خير الناس في الأرض كلهم

نبي جلا عنا شكوك الترجم

نبي أتى والناس في أعجمية

وفي سدفٍ من ظلمة الكفر معتم

فأقشع بالنور المضيء ظلامة

فسعقاً لهم في قعد مهوى جهنم

وخالفه الأشقون من كل فرقة

وساعده في أمره كل مسلم

حدث إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: كنا نسير مع عثمان بن عفان في طريق مكة إذ رأى عبد الرحمن بن عوف فقال عثمان: ما يستطيع أحد أن يعتد على هذا الشيخ فضلاً في الهجرتين جميعاً، يعني: هجرته إلى الحبشة، وهجرته إلى المدينة.

وعن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين عثمان بن عفان فقال له: إن لي حائطين فاختر أي حائطي شئت، قال: بارك الله لك في حائطيك، ما لهذا أسلمت، دلني على السوق، قال: فدله، فكان يشتري السمينة والأقيطة والإهاب، فجمع، فتزوج، فاتى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ردع من صفرة قال: مهيم؟ قال: تزوجت، فقال: بارك الله لك، أو لم ولو بشاة، قال: فكثر ماله حتى قدمت له سبع مئة راحلة تحمل البز وتحمل الدقيق والطعام، قال: فملا دخلت المدينة سمع لأهل المدينة رجة، فقالت عائشة: ما هذه الرجة؟ فقيل لها: عير قدمت لعبد الرحمن بن عوف، وسبع مئة راحلة تحمل البز والدقيق والطعام، فقالت عائشة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: وعبد الرحمن لا يدخل الجنة إلا حبواً. فلما بلغ ذلك عبد الرحمن قال: يا أمه، إني أشهدك أنها بأحمالها وأحلاسها وأقتابها في سبيل الله عز وجل.

قال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر.

ص: 347

قال الحارث بن الصمة: سألني النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو في الشعب، فقال: هل رأيت عبد الرحمن بن عوف؟ فقلت: نعم، رأيته إلى جنب الجبيل، وعليه عكر من المشركين فهويت إليه لأمنعه، فرأيتك فعدلت إليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة تقاتل معه. قال الحارث: فرجعت إلى عبد الرحمن فأجد بين يديه سبعة صرعى، فقلت: ظفرت يمينك أمل هؤلاء قتلت؟! فقال: أما هذا - لأرطأة بن شرجبيل - وهذا فأنا قتلتهما، وأما هؤلاء فقتلهم من لم أره، فقلت: صدق الله ورسوله.

قال ابن منده: هذا حديث غريب.

قال عمرو بن وهب الثقفي:

كنا مع المغيرة بن شعبة فسئل: هل أم النبي صلى الله عليه وسلم أحد من هذه الأمة غير أبي بكر؟ فقال: نعم، كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في صفر. فلما كان من السحر ضرب عنق راحلتي، فظننت أن له حاجة، فعدلت معه، فانطلقنا حتى برزنا عن الناس، فنزل عن راحلته ثم انطلق فتغيب عني حتى ما أراه، فمكث طويلاً ثم جاء فقال: حاجتك يا مغيرة، قلت: مالي حاجة، قال: هل معك ماء؟ فقلت: نعم، فقمت إلى قربة - أو سطيحة - معلقة في آخر الرحل، فأتيته بها فصببت عليه فغسل يديه، فأحسن غسلهما - وقال: وأشك أقال: دلكهما بتراب أم لا - ثم غسل وجهه، ثم ذهب يحسر عن يديه وعليه جبة شامية ضيقة الكمين، فضاقت، فأخرج يديه من تحتها إخراجاً، فغسل وجهه وبدنه. قال: فيجيء في الحديث غسل الوجه مرتين فلا أدري أهكذا كان أم لا، ثم مسح بناصيته، ومسح على العمامة، ومسح على الخفين، وركبنا، فادركنا الناس، وقد أقيمت الصااة، فتقدمهم عبد الرحمن بن عوف، وقد صلى بهم ركعة، وهم في الثانية فذهبت أوذنه فنهاني، فصلينا الركعة التي أدركنا، وقضينا الركعة التي سبقنا.

وفي حديث بمعناه: فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلمى مع الناس خلفه ركعة. فملا سلم قال: أصبتم، أو أحسنتم.

ص: 348

وفي رواية: فلما أحس بالنبي صلى الله عليه وسلم ذهب يتأخر فأومأ إليه أن يتم الصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلماة وقال: قد أحسنت كذلك فافعل.

وعن المغيرة بن شعبة قال: اثنتان لا أسأل عنهما أحداً لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله: المسح على الخفين، وصلة الرجل خلف رعيته، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلماة الفجر خلف عبد الرحمن بن عوف.

وعن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر أنه كان جالساً معه على قباء، فأتاه رجل من أهل العراق يسأله عن إرسال العمامة خلفه، فقال ابن عمر: سأنبئك عنه بعلم إن شاء الله: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة رهط في مسجده فيهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وابن جبل، وابن مسعود، وأبو مسعود، وأبو سعيد الخدري، وابن عمر، فجاءه رجل من الأنصار فصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلمى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا رسول الله، أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خلقاً. قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم له استعداداً، أولئك هم الأكياس، ثم أمسك الفتى.

وأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين، خصال خمس، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة، وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم، فأخذوا بعض ما كان في أيديهم، ولم يحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتحروا فيما أنزل الله عز وجل إلا جعل الله بأسهم بينهم.

ص: 349

ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عوف أن يتجهز لسرية يبعثها، فأصبح وقد اعتم بعمامة من كرابيس سوداء، فأدناه إليه ثم نقضها فعمه بيده، وأرسل العمامة خلفه، أربع أصابع، أو نحو ذلك، ثم قال: هكذا يا بن عوف فاعتم، فإنه أعرف وأحسن، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً يدفع إليه اللواء فحمد الله عز وجل وصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلمى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: خذ يا بن عوف، اغزوا في سبيل الله جميعاً، قاتلوا من كفر بالله، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً. فهذا عهد الله إليكم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فيكم.

وذكر خليفة في تسمية عمال النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقات: عبد الرحمن بن عوف على صدقات كلب.

وعن ابن عباس قال:

جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خروجه من الطائف بستة أشهر، ثم أمره الله عز وجل بغزوة تبوك، وهي التي ذكر الله عز وجل ساعة العسرة، وذلك في حر شديد، وقد كثر النفاق، وكثر أصحاب الصفة بيت كان لأهل الصدقة، يجتمعون فيه، فتأتيهم صدقة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين وإذا حضر غزو عمد المسلمون إليهم، فاحتمل الرجل الرجل، أو ما شاء الله بشبعة، فجهزوهم، وغزوا معهم، واحتبسوا عليهم - فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالنفقة في سبيل الله والحسبة، فأنفقوا احتساباً، وأنفق رجال غير محتسبين، وحمل رجال من فقراء المسلمين، وبقي أناس، وأفضل ما تصدق به يومئذٍ أحد عبد الرحمن بن عوف، تصدق بمئتي أوقية، وتصدق عمر بن الخطاب بمئة أوقية، وتصدق عاصم الأنصاري بتسعين وسقاً من تمرٍ، وقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، إني لا أرى عبد الرحمن إلا قد اخترب: ما ترك لأهله شيئاً، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تركت لأهلك شيئاً؟ قال: نعم، أكثر مما أنفقت، وأطيب. قال: كم؟ قال: ما وعد الله ورسوله من الرزق والخير، وذكر الحديث.

ص: 350

وعن قتادة: في قوله تبارك وتعالى " الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات " قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف بشطر ماله ثمانية آلاف دينار، فتصدق بأربعة الاف دينار، فقال أناس من المنافقين: إن عبد الرحمن لعظيم الرياء، فقال الله تعالى:" الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم ". وكان لرجل من الأنصار صاعان من تمر، فجاء بأحدهما، فقال أناس من المنافقين: إن الله عن صاع هذا لغني، وكان المنافقون يطعنون عليهم ويسخرون منهم فقال الله تعالى:" والذين لايجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم " الآية.

وعن الزهري قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ما له أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفاً، ثم تصدق بأربعين الف دينار، ثم حمل على خمس مئة فرس في سبيل الله، ثم حمل على ألف وخمس مئة راحلة في سبيل الله، وكان عامة ماله من التجارة.

وعن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا بن عوف، إنك من الأغنياء، ولن تدخل الجنة إلا زحفاً، فأقرض الله يطلق لك قدميك، قال ابن عوف: فما الذي أقرض الله يا رسول الله؟ قال: تبرأ مما أنت فيه، قال: أمن كله أجمع يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: فخرج ابن عوف وهو يهم بذلك، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتاني جبريل، فقال: مر ابن عوف فليضف الضيف، وليطعم المسكين، وليعط السائل، ويبدأ بمن يعول، فإنه إذا فعل ذلك كان تزكية ما هو فيه.

وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريت أني دخلت الجنة فسمعت خشفة بين يدي فقلت: من هذا؟ فقيل: هذا بلال، فنظرت، فإذا أعالي أهل الجنة فقراء المهاجرين وذراري المؤمنين، وإذا ليس فيها

ص: 351

أحد - يعني: من الأغيناء والنساء - فقلت: ما لي لا أرى فيها أحداً أقل من الأغنياء والنساء؟! فقيل لي: أما الأغنياء فإنهم على الباب يحاسبون ويمحصون، وأما النساء فألها هن الأحمران: الذهب والحرير. فخرجت من أحد الثمانية أبواب فوضعت في كفة الميزان، وأمتي في كفة فرجحتها، ثم جيء بأبي بكر فوضع في كفة وأمتي في كفة فرجح بها، ثم جيء بعمر فوضع في كفه وأمتي في كفة فرجح بها، ثم جعلوا يعرضون علي أمتي رجلاً رجلاً فاستبطات عبد الرحمن بن عون فلم أره إلا بعد إياسة، فلما رآني بكى فقلت: عبد الرحمن بن عوف؟ ما يبكيك؟! فقلت: والذي بعثك بالحق ما رأيتك، حتى ظننت أني لا أراك أبداً إلا بعد المشيبات. قال: فقلت: وما ذاك؟ قال: من كثرة مالي، ما زلت أحاسب بعدك وأمحص.

وعن عبد الله بن أبي أوفى قال:

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً على أصحابه فقال: يا أصحاب محمد، لقد أراني الله تعالى الليلة منازلكم في الجنة وقدر منازلكم من منزلي، ثم أقبل على علي عليه السلام فقال: يا علي، ألا ترضى أن يكون منزلك مقابل منزلي في الجنة؟ قال: بلى بأبي وأمي يا رسول الله، قال: فإن منزلك في الجنة مقابل منزلي، ثم أقبل على أبي بكر فقال: إني لأعرف رجلاً باسمه واسم أبيه وأمه إذا أتى باب الجنة لم يبق باب من أبوابها ولا غرفة من غرفها إلا قال له مرحباً، فقال له سلمان: إن هذا لغير خائب يا رسول الله، فقال: هو أبو بكر بن أبي قحافة، ثم أقبل على عمر فقال: يا عمر، لقد رأيت في الجنة قصراً من درة بيضاء، شرفه من لؤلؤ أبيض، مشيد بالياقوت، فاعجبني حسنه فقلت: يا رضوان، لمن هذا القصر؟ فقال: لفتى من قريش، فظننته لي، فذهبت لأدخله فقال لي رضوان: يا محمد، هذا لعمر بن الخطاب، فولا غيرتك يا أبا حفص لدخلته، قال: فبكى عمر قم قال: أعليك أغار يا رسول الله؟ ثم أقبل على عثمان فقال: يا عثمان، إن لكل نبي رفيقاً في الجنة وأنت رفيقي في الجنة، ثم أقبل على طلحة والزبير فقال: يا طلحة ويا زبير، إن لكل نبي حواري، وأنتما حواري، ثم أقبل على

ص: 352

عبد الرحمن بن عوف فقال: يا عبد الرحمن، لقد بطئ بك عني حتى حسبت أن تكون قد هلكت، ثم جئت وقد عرقت عرقاً شديداً، فقلت: ما بطأ بك عني؟ لقد حسبت أن تكون قد هلكت، فقلت: يا رسول الله، كثرة مالي، ما زلت موقوفاً محتبساً، أسأل عن مالي، من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته؟ قال: فبكى عبد الرحمن، وقال: يا رسول الله، هذه مئة راحلة، جاءتني الليلة عليها من تجارة مصر فأشهدك أنها بين أرامل أهل المدينة وأيتامهم، لعل الله يخفف عني ذلك اليوم.

وعن عبد الرحمن بن عوف: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في النوم أنه دخل الجنة فلم يجد فيها أحداً إلا فقراء المؤمنين، ولم يجد فيها من الأغنياء إلا عبد الرحمن بن عوف، فقال: رأيت عبد الرحمن دخلها - حين دخلها - حبواً، فأرسلت أم سلمة إلى عبد الرحمن بن عوف تبشره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآك دخلت الجنة، ويراك دخلتها حبواً، فقال عبد الرحمن: إن لي عيراً أنتظرها، فهي في سبيل الله، وأحمالها ورقيقها، وإني لأرجو أن أدخلها غير حبو.

وعن أنس قال: بينما عائشة في بيتها إذ سمعت صوتاً في المدينة فقالت: ما هذا؟ قالوا: عير لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام، تحمل من كل شيء. قال: فكانت سبع مئة بعير، فارتجت المدينة من الصوت، فقالت عائشة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قد رأيت عبد الرحمن يدخل الجنة حبواً، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف فقال: إن استطعت لأدخلنها قائماً، فجعلها بأقتابها وأحمالها في سبيل الله عز وجل.

وعن عبد الرحمن بن عوف أنه دخل على أم سلمة فقال: يا أم المؤمنين، إني أخشى أن أكون قد هلكت، إني من أكثر قريش مالاً، بعت أرضاً لي بأربعين ألف دينار. قالت: يا بني، أنفق، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من أصحابي من لن يراني بعد أن أفارقه، فأتيت عمر فأخبرته، فأتاها فقال: بالله أنا منهم؟ قالت: اللهم لا، ولن أبرئ أحداً بعدك.

ص: 353

وعن سعيد بن أبي هلال أنه بلغه أن عبد الرحمن بن عوف تصدق عجب لها الناس حتى ذكرت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أعجبتكم صدقة ابن عوف؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: لروعة صعلوك من صعاليك المهاجرين يجر سوطه في سبيل الله أفضل من صدقة ابن عوف.

وعن أبي هريرة قال: وقع بين عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد بعض ما يكون بين الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوا لي أصيحابي - فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً لم يدرك مد أحدهم ولا نصيفه.

وعن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها! قال: فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهباً ما بلغتم أعمالهم.

وعن عبد الله بن أبي أوفى قال:

شكا عبد الرحمن بن عوف خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا خالد، لا تؤذ رجلاً من اهل بدر، فلو أنفقت مثل أحد ذهباً لم تدرك عمله. قال: يقعون في فأرد عليهم، فقال: لا تؤذوا خالداً، فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار.

وفي حديث عن الحسن بمعناه قال: فكان بعد ذلك بين عبد الرحمن والزبير شيء فقال خالد: يا بني الله، نهيتني عن عبد الرحمن، وهذا الزبير يسابه! فقال: إنهم أهل بدر، وبعضهم أحق ببعض.

وعن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء ومعه أبو بكر وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، قال: اثبت حراء، فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد.

وذكر سعيد بن زيد أنه كان معهم.

ص: 354

وعن عبد الرحمن بن الأخنس قال: خطبنا المغيرة بن شعبة، فنال من علي، فقام سعيد بن زيد فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، ولو شئت أن أسمي العاشر. زاد في حديث: يعني نفسه.

وعن أبي حاتم - وهو ابن خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم، إنك باركت لأمتي في أصحابي، فبارك لأصحابي في ابي بكر، ولا تسلبهم البركة، واجمعهم عليه، فإنه لم يزل يؤثر أمرك على أمره. اللهم، وأعز عمر بن الخطاب، وصبر عثمان بن عفان، ووفق علي بن أبي طالب، وثبت الزبير، واغفر لطلحة، وسلم سعداً، ووفق عبد الرحمن بن عوف، والحق بي السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، الذين يدعون لي، ولأموات أمتي، ولا يتكلفون - ألا وإني بريء من التكلف - وصالح أمتي.

وعن سهل بن يوسف بن سهل ابن أخي كعب عن أبيه عن جده قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة من حجة الوداع صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس، إن أبا بكر لم يسؤني قط، فاعرفوا ذلك له. يا أيها الناس، إني عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، والمهاجرين الأولين راضٍ، فاعرفوا ذلك لهم. أيها الناس، احفظوني في أصحابي، وأصهاري، وأحبائي لا يطلبنكم الله بمظلمة أحد منهم. أيها الناس، ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين، وإذا مات أحد منهم فقولوا فيه خيراً.

وعن بسرة بنت صفوان قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمشط عائشة، فقال: يا بسرة، من يخطب أم كلثوم؟ قلت: يخطبها فلان وفلان وعبد الرحمن بن عوف، فقال: أين أنتم عن عبد الرحمن؟ فإنه من سادة المسلمين، وخيارهم أمثاله، قلت: يا رسول الله،

ص: 355

إنما تكره أن تنكح على ضر أو تسأل طلاق بنت عمها شيبة بن ربيعة. قال: فأعاد قوله كما قال، قالت: فأعدت عليه قولي، فأعاد قوله الثالثة فقال: إنها عن تنكح تحظ وترض. قالت عائشة: يا فتيتاه! ألا تسمعين ما يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قالت: فمسحت يدي من غسلها، وذهبت إلى أم كلثوم فأخبرتها بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: فأرسلت أم كلثوم إلى عثمان بن عفان وإلى خالد بن سعيد، فزوجانيه. قال: فحظيت والله ورضيت.

وعن عبيد الله بن عبد الله عتبة بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رهطاً منهم إلا عبد الرحمن بن عوف فلم يعطه معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج عبد الرحمن يبكي، فلقيه عمر بن الخطاب فقال: ما يبكيك؟ فقال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطاً وأنا معهم، وتركني ولم يعطني، فأخشى أن يكون منع رسول الله صلى الله عليه وسلم موجدة وجدها علي. قال: فدخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبر عبد الرحمن بن عوف وما قال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس بي سخط عليه، ولكني وكلته إلى إيمانه.

وعن الحضرمي قال: قرأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم لين الصوت، أولين القراءة، فما بقي أحد من القوم إلا فاضت عينه غير عبد الرحمن بن عوف فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إن لم يكن عبد الرحمن فاضت عينه فقد فاض قلبه.

وكان عبد الرحمن بن عوف يقال له: حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

خياركم خياركم لنسائي. قال: فأوصى عبد الرحمن لهن بحديقة قومت - أو بيعت بأربع مئة ألف.

ص: 356

وعن المسور بن مخرمة: أن عبد الرحمن بن عوف باع كيدمة من عثمان بأربعين ألف دينار، فأمر عثمان بن عفان عبد الله بن أبي سرح، فأعطاه الثمن، فقسمه بين نبي زهرة، ويبن فقراء المسلمين، وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المسور: فأتيت عائشة بنصيبها، فقالت: ما هذا؟ فقلت: بعث به عبد الرحمن بن عوف، فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحنو عليكن بعدي إلا الصابرون، سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة.

وعن عائشة قالت: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه في مرضه فقال: سيحفظني فيكم الصابرون، الصادقون.

وعن ابن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الذي يحافظ على أزواجي من بعدي هو الصادق البار. قال: فكان عبد الرحمن بن عوف يخرج بهن، ويحج معهن، ويجعل على هوادجهن الطيالسة، وينزل بهن في الشعب الذي ليس له منفذ.

وعن مجاهد قال: لما صدر النبي صلى الله عليه وسلم بالأسارى عن بدر أنفق سبعة من المهاجرين على أسارى مشركي بدر منهم: أبو بكر، وعمر، وعلي، والزبير، وعبد الرحمن، وسعد، وأبو عبيدة بن الجراح. قال: فقالت الأنصار: قبلناهم في الله وفي رسوله، ونفوتهم بالنفقة! فأخبرت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله فيهم تسع عشرة آية:" إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً " إلى قوله " عيناً فيها تسمى سلسبيلاً ".

وكان عبد الرحمن بن عوف إذا أتى مكة كره أن ينزل منزله الذي هاجر منه. وفي حديث: منزله الذي كان ينزله في الجاهلية حتى يخرج منها.

ص: 357

وكان عبد الرحمن ممن يفتي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبي بكر، وعمر، وعثمان بما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم.

وعن عمرو بن ميمون قال: كنت شاهد عمر حين طعن فقال: الأمر بعدي إلى هؤلاء الستة الذي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فذكر علياً، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف.

وحدث محمد بن جبير عن أبيه أن عمر قال: إن ضرب عبد الرحمن إحدى يديه على الأخرى فبايعوه.

وحدث زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر قال: الستة هم الذين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا وهو عنهم راض. قال: بايعوا لمن بايع له عبد الرحمن، فمن أبى فاضربوا عنقه.

وعن ابن عمر عبد الرحمن بن عوف قال لأصحاب الشورى: هل لكم أن أختر لكم، وأنتفي منها؟ قال علي: نعم، أنا أول من رضي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك: إنك أمين في أهل السماء، وأمين في أهل الأرض وعن أم بكر بنت المسور عن أبيها قال: لما ولي عبد الرحمن بن عوف الشورى كان أحب الناس إلي أن يليه، فإن تركه فسعد بن أبي وقاص، فلحقني عمرو بن العاص فقال: ما ظن خالك بالله إن ولى هذا الأمر أحداً وهو يعلم أنه خير منه، قال: فقال لي: ما أحب، فأتيت عبد الرحمن فذكرت ذلك له، فقال من قال ذلك لك؟ فقال: لا أخبرك، فقال: إن لم تخبرني لا أكلمك أبداً، فقلت: عمرو بن العاص، فقال عبد الرحمن: والله لأن تؤخذ مدية فتوضع في حلقي، ثم ينفذ بها إلى الجانب الآخر أحب إلي من ذلك.

وعن عبد الرحمن بن أزهر أن عثمان بن عفان اشتكى رعافاً فدعى حمران فقال: اكتب لعبد الرحمن العهد من

ص: 358

بعدي، فكتب له، فانطلق حمران إلى عبد الرحمن، فقال لي: البشرى، قال: لك البشرى وذاك، ما ذاك؟ قال: إن عثمان قد كتب لك العهد من بعده، فقام بين يدي القبر والمنبر، فدعا فقال: اللهم، إن كان من تولية عثمان إياي هذا فأمتني قبل عثمان، فلم يمكث إلا ستةة أشهر حتى قبضه الله تعالى.

وعن سعد بن أبي وقاص أنه أرسل إلى عبد الرحمن بن عوف أن ارفع رأسك، وانظر في أمر الناس، فقال له عبد الرحمن: إنه لن يلي هذا الأمر أحد بعد عمر إلا لامه الناس.

وعن عبد الرحمن بن عوف قال: أقطعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، وذهب الزبير إلى آل عمر فاشترى نصيبه منهم، فأتى عثمان بن عفان فقال: إن عبد الرحمن وعمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، وإني اشتريت نصيب آل عمر فقال عثمان: عبد الرحمن جائز الشهادة له وعليه.

وعن سعد بن إبراهيم عن أبيه

أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام وكان صائماً، فقال: قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، فكفن في بردته، إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطيت رجلاه بدا رأسه، وأراه قال: وقتل حمزة وهو خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط - أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا - وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام.

وعن جعفر بن برقان قال: بلغني أن عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف بيت.

وعن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: كان أهل المدينة عيالاً على عبد الرحمن بن عوف: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم بماله، وثلث يصلهم.

ص: 359

وعن الدرامي أن سائلاً أتى عبد الرحمن بن عوف وبين يديه طبق من عنب، فناوله حبة، فكف السائل يده، فقيل له: واين تقع هذه منه؟ قال: يقبل الله مثقال ذرة وخردلة، وكم فيها مثقال ذرة؟ وكان عبد الرحمن بن عوف إذا دخل بيته قرأ في زواياه آية الكرسي قال أبو هناد: رأيت رجلاً يطوف بالبيت وهو يقول: رب، قني شح نفسي، قني شح نفسي، لا يزيد على ذلك، فقلت له، فقال: إذا وقيت شح نفسي لم أسرق، ولم أزن، ولم أفعل. يعني: عبد الرحمن بن عوف.

وكان عبد الرحمن بن عوف حرم الخمر في الجاهلية وقال فيها بيت شعر: الوافر

رأيت الخمر شاربها مجمبرجع القول أو فصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلم الخطاب

قال سعيد بن المسيب: كان بين طلحة وعبد الرحمن بن عوف تباعد، فمرض طلحة، فجاء عبد الرحمن يعوده، فقيل له: أبو محمد عبد الرحمن بالباب، قال: أقد جاء على ما بيننا؟ ليدخل. فلما دخل قال له طلحة: أنت والله يا أخي خير مني، فقال له عبد الرحمن: لا تفعل يا أخي، فقال: بلى، والله أنت خير مني، لأنك لو كنت المريض ما عدتك.

حدث إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: أنه غشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه فظنوا أنه فاظت نفسه فيها، حتى قاموا من عنده، وجللوه ثوباً، وخرجت أم كلثوم ابنة عقبة امرأته إلى المسجد، تستعين بما امرت أن تستعين به من الصبر والصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلماة، فلبثوا ساعة، وهو في غشيته ثم أفاق، فكان أول ما تكلم به أن كبر فكبر أهل البيت، ومن يليهم، ثم قال لهم: غشي

ص: 360

علي انفاً؟ قالوا: نعم، فقال: صدقتم. كأنه انطلق بي في غشيتي رجلان، أحد فيهما سدةً وغلظةً وفظاظة، فقالا: انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين، فانطلقا بي حتى لقيا رجلاً فقال: أين تذهبان بهذا؟ فقالا: نحاكمه إلى العزيز الأمين، فقال: أرجعاه. فإنه من الذين كتبت لهم السعادة والمغفرة، وهم في بطون أمهاتهم. وإنه سيمتع به بنوه إلى ما شاء الله. فعاش بعد ذلك شهراً ثم توفي.

وفي رواية: فلقد عاش بعد ذلك حيناً.

وعن عروة بن الزبير: أن عبد الرحمن بن عوف أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله، فكان الرجل يعطى ألف دينار.

قال الزهري: أوصى عبد الرحمن بن عوف لمن بقي ممن شهد بدراً أربع مئة دينار لكل رجل، وكانوا مئة، فأخذوها، واخذ عثمان فيمن أخذ، وهو خليفة. وأوصى بألف فرس في سبيل الله.

أوصى عبد الرحمن بن عوف إلى الزبير بن العوام. وتوفي عبد الرحمن بن عوف وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. وقيل: ابن خمس وسبعين سنة بالمدينة، ودفن بالبقيع.

قال يحيى بن أبي غنية: توفي سنة إحدى وثلاثين، وله ثلاث وستون سنة. وقيل: سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، وعليه الأكثر. وصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلمى عليه عثمان، وسمع علي بن أبي طالب يقول يوم مات عبد الرحمن: اذهب يا بن عوف، فقد أدركت صفوها، وسبقت رنقها. وسمع عمرو بن العاص يوم مات عبد الرحمن يقول: اذهب عنك ابن عوف ببطنتك ما يغضغض منها من شيء.

ص: 361

حدث سعد بن إبراهيم عن أبيه قال: رأيت سعد بن أبي وقاص بين عمودي سرير عبد الرحمن المقدمين، وأصبعه على كاهله وهو يقول: واجبلاه.

قال أنس بن مالك: لقي النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف وبه وضر من خلوق، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهيم عبد الرحمن؟ قال: تزوجت امرأة من الأنصار، قال: كم أصدقتها؟ قال: وزن نواة من ذهب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أولم ولو بشاة.

قال أنس: فلقد رأيته قسم لكل امرأة من نسائه بعد موته مئة ألف.

وفي حديث بمعناه: مئة ألف درهم.

توفي عبد الرحمن بن عوف وكان فيما ترك ذهباً، قطع بالقوس حتى مجلت أيدي الرجال.

قال مجاهد: أصاب كل امرأة من نساء عبد الرحمن بن عوف ربع الثمن: ثمانون ألف.

قال عثمان بن الشريد: ترك عبد الرحمن بن عوف ألف بعير، وثلاثة ألاف شاة، ومئة فرس ترعى بالبقيع. وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحاً، فكان يدخل قوت أهله من ذلك سنة.

ص: 362