المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حجر بن عدي الأدبر بن جبلة - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٦

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌جبير بن نفير بن مالك بن عامر

- ‌جحاف بن حكيم بن عاصم بن قيس

- ‌جدار بن جدار العذري الصنعاني

- ‌جد بن قيس أحد العباد

- ‌جراح بن عبد الله بن جعادة

- ‌جرجة بن عبد الله الرومي

- ‌جرول بن أوس بن جؤية

- ‌جرول بن جنفل

- ‌جرير بن عبد الله بن جابر

- ‌جرير بن عبد الله بن عنبسة

- ‌جرير بن عبد المسيح بن عبد الله

- ‌جرير ويقال حريز بن عتبة

- ‌جرير بن عطية بن الخطفى

- ‌جرير بن غطفان بن جرير أبو القاسم

- ‌جسر بن الحسن

- ‌جعثل بن هاعان بن عمرو بن البثوث

- ‌جعد بن درهم

- ‌جعفر بن أحمد بن الحسين أبو الفضل

- ‌جعفر بن أحمد بن الحسين

- ‌جعفر بن أحمد بن عاصم بن الروّاس

- ‌جعفر بن أحمد بن أبي عبد الرحمن

- ‌جعفر بن أحمد بن علي بن بنان

- ‌جعفر بن أحمد ويقال ابن محمد

- ‌جعفر بن إياس أبو بشر ابن أبي وحشية اليشكري الواسطي

- ‌جعفر بن برقان أبو عبد الله الكلابي مولاهم الرقي

- ‌جعفر بن الحسن بن العباس بن الحسن

- ‌جعفر بن الحسين أبو الفضل الصيداوي

- ‌جعفر بن حميد بن عبد الكريم

- ‌جعفر بن الزبير الحنفي

- ‌جعفر بن سعيد بن جعفر البعلبكي

- ‌جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله

- ‌جعفر بن أبي طالب عبد مناف

- ‌جعفر بن عبد الجبار

- ‌جعفر بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب

- ‌جعفر بن عبد الواحد بن جعفر

- ‌جعفر بن عمرو بن أمية

- ‌جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد

- ‌جعفر بن محمد بن أحمد بن حماد

- ‌جعفر بن محمد بن بكر أبو العباس البالسي

- ‌جعفر بن محمد بن جعفر بن رشيد

- ‌جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام

- ‌جعفر بن محمد بن الحارث

- ‌جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض

- ‌جعفر بن محمد بن حماد أبو الفضل القلانسي

- ‌جعفر بن محمد بن سعيد بن شعيب

- ‌جعفر بن محمد بن سوار بن سنان

- ‌جعفر بن محمد بن عبد الله

- ‌جعفر بن محمد بن علي بن يزيد

- ‌جعفر بن محمد بن الفضل

- ‌جعفر بن محمد بن الفضيل

- ‌جعفر بن محمد بن محمد

- ‌جعفر بن محمد بن موسى

- ‌جعفر بن محمد بن الوليد

- ‌جعفر المتوكل بن محمد المعتصم

- ‌جعفر بن محمد بن هشام بن ملاس

- ‌جعفر بن محمد بن يزدين

- ‌جعفر بن محمد أبو عبد الله المعّري المغربي

- ‌جعفر بن محمود الكاتب

- ‌جعفر بن موسى

- ‌جعفر بن ميسر بن يغنم أبو محمد

- ‌جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك

- ‌جعونة بن الحارث بن خالد

- ‌جماهر بن محمد بن أحمد بن أحمد

- ‌جمال بن بشر العامري الكلابي

- ‌جمح بن القاسم بن عبد الوهاب

- ‌جميل بن أحمد بن فضالة بن الصقر

- ‌جميل بن تمام بن علي

- ‌جميل بن عبد الله بن معمر

- ‌جميل بن يوسف بن إسماعيل

- ‌جناح بن الوليد

- ‌جناح أبو مروان

- ‌جنادة بن حنيفة الصنعاني

- ‌جنادة بن أبي خالد أبو الخطاب

- ‌جنادة بن عمرو بن الجنيد

- ‌جنادة بن كبير وكنية كبير أبو أمية

- ‌جنادة بن محمد بن أبي يحيى

- ‌جندب بن زهير بن الحارث بن كثير

- ‌جندب بن عبد الله ويقال ابن كعب

- ‌جندب بن عمرو بن حممة بن الحارث

- ‌جنيد بن حكيم بن الجنيد أبو بكر

- ‌جنيد بن خلف بن حاجب بن الوليد

- ‌جنيد بن عبد الرحمن بن عمرو

- ‌جون بن قتادة بن الأعور بن ساعدة

- ‌جوية بن عائذ ويقال بن عاتك

- ‌جيش بن خمارويه بن أحمد بن طولون

- ‌أسماء النساء على حرف الجيم

- ‌جويرية بنت أبي سفيان صخر بن حرب

- ‌جرباء بنت عقيل بن علفة بن الحارث

- ‌حرف الحاء المهملة

- ‌حابس بن سعد ويقال ابن ربيعة

- ‌حاتم بن شفيّ بن يزيد ويقال مرثد

- ‌حاتم بن عبد الله بن سعد

- ‌حاتم بن يونس أبو محمد

- ‌حاجب بن مالك بن أركين

- ‌حارثة بن بدر بن حصين بن قطن

- ‌حارثة بن قطن بن زابر بن حصن

- ‌الحارث بن بدل وقيل ابن سليم

- ‌الحارث بن الحارث أبو المخارق الغامدي

- ‌الحارث بن حرمل بن تغلب بن ربيعة

- ‌الحارث بن الحكم بن أبي العاص

- ‌الحارث بن سعيد بن حمدان

- ‌الحارث بن سعيد الكذاب

- ‌الحارث بن سليم بن عبيد بن سفيان

- ‌الحارث بن عبّاس

- ‌الحارث بن عبد الله

- ‌الحارث بن عبدة

- ‌الحارث بن عميرة الزبيدي الحارثي

- ‌الحارث بن عمير الأزدي

- ‌الحارث بن عمير أبو الجودي

- ‌الحارث بن محمد بن الحارث بن خسرو

- ‌الحارث بن مخمر أبو حبيب الظهري الحمصي

- ‌الحارث بن مسلم بن الحارث

- ‌الحارث بن معاوية الكندي الأعرج

- ‌الحارث بن أبي وجرة

- ‌الحارث بن وداعة الحميري

- ‌الحارث بن هانئ بن مدلج

- ‌الحارث بن هشام بن المغيرة

- ‌الحارث بن يمجد الأشعري القاضي

- ‌حازم بن مالك بن بسطام الدمشقي

- ‌حامد بن أحمد بن محمد بن أحمد

- ‌حامد بن سهل بن الحارث أبو محمد البخاري

- ‌حامد بن محمد بن حامد بن بحر

- ‌حامد بن يوسف بن الحسين

- ‌حبان بن موسى بن حبان بن موسى

- ‌حبيب بن أوس بن الحارث

- ‌حبيب بن أبي حبيب من أهل دمشق

- ‌حبيب بن الشهيد

- ‌حبيب بن عبد الرحمن بن سلمان

- ‌حبيب بن عبد الملك بن حبيب

- ‌حبيب بن قليع

- ‌حبيب بن محمد أبو محمد العجمي

- ‌حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر

- ‌حبيب الأعور

- ‌حبيب المؤذن

- ‌حبيش بن دلجة القيني

- ‌حبيش بن عمر أبو المنهال

- ‌حبيش بن محمد بن حبيش

- ‌الحجاج بن الريان

- ‌الحجاج بن سهل الدمشقي

- ‌الحجاج بن عبد الله

- ‌الحجاج بن علاط بن خالد بن ثويرة

- ‌الحجاج بن يوسف بن الحكم

- ‌الحجاج بن يوسف

- ‌حجر بن عدي الأدبر بن جبلة

- ‌حجوة بن مدرك الغساني

- ‌حديج

- ‌حدير أبو فوزة

- ‌حدير بن كريب

- ‌حدير بن جعفر بن محمد

- ‌حذيفة بن أسيد

- ‌حذيفة بن اليمان

- ‌حرام بن حكيم بن خالد بن سعد

- ‌حرب بن إسماعيل بن محمد الكرماني

- ‌حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية

- ‌حرب بن محمد بن حرب بن عامر

- ‌حرب بن محمد بن علي بن حيان

- ‌حرملة بن المنذر بن معد يكرب

- ‌حريث بن أبي حريث

- ‌حريث بن زيد الخيل الطائي

- ‌حريث بن ظهير الكوفي

- ‌حريث مولى معاوية بن أبي سفيان

- ‌حريز بن عثمان بن جبر بن أحمد

- ‌الحر بن سليمان بن حيدرة

- ‌الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم

- ‌حزام بن هشام بن حبيش ين خالد

- ‌حزوّر ويقال نافع

- ‌حسان بن أبان البعلبكي

- ‌حسان بن تميم بن نصر

- ‌حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام

- ‌حسان بن سليمان أبو علي الساحلي

- ‌حسان بن عطية

- ‌حسان بن فروخ

- ‌حسان بن كريب بن ليشرح

- ‌حسان بن مالك بن بحدل بن أنيف

- ‌الحسن بن أحمد بن جعفر

- ‌الحسن بن أحمد بن أبي حازم

- ‌الحسن بن أحمد بن الحسن

- ‌الحسن بن أحمد بن أبي سعيد

- ‌الحسن بن أحمد بن الحسن بن سعيد

- ‌الحسن بن أحمد بن الحسين

- ‌الحسن بن أحمد بن صالح

- ‌الحسن بن أحمد بن عبد الواحد

- ‌الحسن بن أحمد بن عمير بن يوسف

- ‌الحسن بن أحمد بن غطفان بن جرير

- ‌الحسن بن أحمد بن محمد بن بكار

- ‌الحسن بن أحمد بن محيميد

- ‌الحسن بن أحمد بن أبي البختري

- ‌الحسن بن أحمد أبو علي القلانسي

- ‌الحسن بن إبراهيم بن الأصبغ

- ‌الحسن بن إبراهيم بن عثمان

- ‌الحسن بن إبراهيم بن محمد

- ‌الحسن بن إبراهيم بن يوسف بن حلقوم

- ‌الحسن بن أسامة بن زيد بن حارثة

- ‌الحسن بن إسحاق بن إبراهيم بن زيد

- ‌الحسن بن إسحاق بن إبراهيم

- ‌الحسن بن إسحاق بن بلبل

- ‌الحسن بن أشعث بن محمد بن علي

- ‌الحسن بن إلياس أبو عليّ

- ‌الحسن بن بلال نسب إلى جد أبيه

- ‌الحسن بن بلال أبو علي المقرئ

- ‌الحسن بن جرير بن عبد الرحمن

- ‌الحسن بن جعفر بن حمزة بن المحسّن

- ‌الحسن بن حامد بن الحسن بن حامد

- ‌الحسن بن حبيب بن عبد الملك

- ‌الحسن بن حجاج بن غالب بن عيسى

- ‌الحسن بن الحرّ بن الحكم

- ‌الحسن بن الحسن بن أحمد

- ‌الحسن بن الحسن بن علي

- ‌الحسن بن الحسين بن محمد

- ‌الحسن بن الحسين بن يحيى

- ‌الحسن بن حفص بن الحسن

- ‌الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك

- ‌الحسن بن زيد أبو علي

- ‌الحسن بن سعيد بن جعفر بن الفضل

- ‌الحسن بن سعيد بن محمد بن سعيد

- ‌الحسن بن سفيان بن عامر

- ‌الحسن بن سليمان بن داود

- ‌الحسن بن سليمان بن سلام

- ‌الحسن بن شجاع بن رجاء

- ‌الحسن بن صالح بن غالب القيسراني

- ‌الحسن بن أبي طاهر بن الحسن

- ‌الحسن بن عبد الله بن الحسن

- ‌الحسن بن عبد الله بن سعيد

- ‌‌‌الحسن بن عبد الله

- ‌الحسن بن عبد الله

- ‌الحسن بن عبيد الله بن أحمد

- ‌الحسن بن عبد الواحد بن عبد الأحد

- ‌الحسن بن عثمان بن حماد بن حسّان

- ‌الحسن بن عطية الله بن الحسين

- ‌الحسن بن علي بن إبراهيم

- ‌الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد

- ‌الحسن بن علي بن الحسن بن الحكم

- ‌الحسن بن علي بن الحسن بن سلمة

- ‌الحسن بن علي بن الحسن بن شوّاش

- ‌الحسن بن علي بن الحسين بن أحمد

- ‌الحسن بن علي بن خلف

- ‌الحسن بن علي بن روح بن عوانة

- ‌الحسن بن علي بن سعيد بن الحسين

- ‌الحسن بن علي بن شبيب

الفصل: ‌حجر بن عدي الأدبر بن جبلة

رجلاً واحداً منهم، ترك الذي له وذهب، فثّمرت حتى كثرت الأموال فارتعجت، فجاءني بعد حين فقال لي: يا عبد الله، أد لي أجري. فقلت: كل ما ترى من أجرتك من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبد الله، لا تستهزئ بي. فقلت له: إني لا أستهزئ بك. فأخذ ذلك كله، فاستاقه فلم يترك منه شيئاً. اللهم، فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه - قال حجاج: من هم هذه الصخرة - فانفرجت، فخرجوا من الغار يمشون.

قال هلال بن العلاء: كان الحجاج بن أبي منيع من أعلم الناس بالأرض وما أنبتت، وأعلم الناس بالفرس من ناصيته إلى حافره، وأعلم الناس بالبعير من سنامه إلى خفه، وكان مع بني هاشم في الكتاب. هو شيخ ثقة.

‌حجر بن عدي الأدبر بن جبلة

ابن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد ابن كهلان بن سبأ وسمي أبوه الأدبر لأنه طعن مولياً فسمي الأدبر أبو عبد الرحمن الكندي من أهل الكوفة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وغزا الشام في الجيش الذين افتتحوا عذراء، وشهد صفين مع علي أميراً، وقتل بعذراء من قرى دمشق، ومسجد قبره بها معروف.

حدث حجر بن عدي قال: سمعت شراحيل بن مرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " أبشر يا علي حياتك وموتك معي ".

ص: 235

وقال حجر بن عدي: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: الوضوء نصف الإيمان.

وفي رواية: الطهور نصف الإيمان.

شهد حجر القادسية، وهو الذي افتتح مرج عذراء وشهد الجمل وصفين مع علي عليه السلام، وكان في ألفين وخمس مئة من العطاء، وقتله معاوية بن أبي سفيان وأصحابه بمرج عذراء، وابناه عبيد الله وعبد الرحمن ابنا حجر قتلهما مصعب بن الزبير صبراً، وكانا يتشيعان. وكان حجر ثقة معروفاً، وكان مع علي بصفين حجر الخير وحجر الشر، فأما حجر الخير فهذا، وأما حجر الشر فهو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة.

قال أبو معشر: كان حجر بن عدي رجلاً من كندة، وكان عابداً. قال: ولم يحدث قط إلا توضأ، ولم يهرق ماء إلا توضأ، وما توضأ إلا صلى.

قال عبد الكريم بن رشيد: كان حجر بن عدي يلمس فراش أمه بيده، فيتهم غلظ يده، فينقلب على ظهره، فإذا أمن أن يكون عليه شيء أضجعها.

قال يونس بن عبيد: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: إني قد احتجت إلى مال فأمدني، قال: فجهز المغيرة إليه عيراً تحمل المال؛ فلما فصلت العير بلغ حجراً وأصحابه، فجاء حتى أخذ بالقطار فحبس العير. قال: لا والله، حتى يوفى كل ذي حق حقه، فبلغ المغيرة ذلك أنه قد رد العير معه. فقال شباب ثقيف: ائذن لنا أصلحك الله فيه فنأتيك برأسه الساعة. قال: لا والله، ما كنت لأركب هذا من حجر أبداً، فبلغ معاوية فاستعمل زياداً وعزل المغيرة.

قال أبو معشر: فتعترف به معاوية وأمره على العراقين - يعني زياداً - فلما قدم الكوفة، دعا حجر بن الأدبر فقال: يا أبا عبد الرحمن، كيف تعلم حبي لعلي؟ قال: شديداً. قال:

ص: 236

فإن ذلك قد انسلخ أجمع فصار بغضاً، فلا تكلمني بشيء أكرهه، فإني أحذرك. فكان إذا جاء إبان العطاء قال حجر لزياد: أخرج العطاء فقد جاء إبانه، فكان يخرجه، وكان لا ينكر حجر بن زياد شيئاً إلا رآه عليه، فخرج زياد إلى البصرة واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث، فصنع عمرو شيئاً كرهه حجر، فناداه وهو على المنبر، فرد عليه ما صنعه، وحصبه هو وأصحابه. قال: فأبرد عمرو مكانه بريداً إلى زياد، وكتب إليه بما صنع حجر؛ فلما قدم البريد على زياد، ندم عمرو بن حريث وخشي أن يكون من سطواته ما يكره، وخرج زياد من البصرة إلى الكوفة، فتلقاه عمرو بن حريث في بعض الطريق فقال: إنه لم يك شيء يكرهه، وجعل يسكنه، فقال زياد: كلا والذي نفسي بيده، حتى آتي الكوفة فأنظر ماذا أصنع، فلما قدم الكوفة سأل عمراً عن البينة، وسأل أهل الكوفة، فشهد شريح في رجال معه على أنه حصب عمراً وردّ عليه، فاجتمع حجر وثلاثة آلاف من أهل الكوفة فلبسوا السلاح، وجلسوا في المسجد، فخطب زياد الناس وقال: يا أهل الكوفة، ليقم كل رجل منكم إلى سفيهه فليأخذه، فجعل الرجل يأتي ابن أخيه وابن عمه وقريبه فيقول: قم يا فلان، قم يا فلان، حتى بقي حجر في ثلاثين رجلاً. فدعاه زياد فقال: أبا عبد الرحمن، قد نهيتك أن تكلمني، وإن لك عهد الله ألاّ تراب بشيء حتى تأتي أمير المؤمنين فتكلمه، فرضي بذلك حجر وخرج إلى معاوية.

وفي حديث ابن سيرين قال: لما قدم زياد الكوفة لم يكن له هم إلا حجراً، وأصحابه، فتكلم يوماً زياد وهو على المنبر فقال: إن من حق أمير المؤمنين، إن من حق أمير المؤمنين؛ مراراً. فقال: كذبت ليس كذلك، فسكت زياد ونظر إليه، ثم عاد في كلامه فقال: إن من حق أمير المؤمنين، إن من حق أمير المؤمنين. مراراً. قال حجر: كذبت ليس كذلك، فسكت زياد ونظر إليه، ثم عاد في كلامه فقال: إن من حق أمير المؤمنين، إن من حق أمير المؤمنين. مراراً. نحواً من كلامه. فأخذ حجر كفاً من حصى فحصبه وقال: كذبت، عليك لعنة الله. قال: فانحدر زياد من المنبر فصلى، ثم دخل الدار، وانصرف حجر فبعث إليه زياد الخيل والرجال، أجب، قال حجر: إني والله ما أنا بالذي يخاف، ولا آتيه أخاف على نفسي.

ص: 237

قال ابن سيرين: لو مال لما أهل الكوفة معه، ولكن كان رجلاً ورعاً فأبى زياد أن تقلع عنه الخيل والرجال، حتى اصطلحا أن يقيده بسلسلة، ويرسله في ثلاثين من أصحابه إلى معاوية؛ فلما خرج أتبعه زياد برداً بالكتب بالركض إلى معاوية، إن كان لك في سلطانك حاجة أو في الكوفة حاجة فاكفني حجراً، وجعل يرفع الكتب إلى معاوية حتى ألهفه عليه، فقدم فدخل عليه فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقال: وأمير المؤمنين أنا! قال: نعم ثلاثاً. فأمر بحجر وبخمسة عشر رجلاً من أصحابه قد كتب زياد فيهم وسمّاهم، وأخرج حجراً وأصحابه الخمسة عشر، وأمر بضرب أعناقهم. فال حجر للذي أمر بقتله: دعني فلأصل ركعتين. قال: صله. قال: فصلى ركعتين خفيفتين، فلما سلم أقبل على الناس فقال: لولا أن تقولوا جزع من القتل لأحببت أن تكون ركعتان أنفس ما كانتا، وايم الله لئن لم تكن صلاتي فيما مضى تنفعني ما هاتان بنافعيّ شيئاً. ثم أخذ برده فتحزم به، ثم قال لمن يليه من قومه: لا تحلوا قيودي، ولا تغسلوا عني الدم، فإني أجتمع أنا ومعاوية غداً على المحجّة.

وفي حديث فيل مولى زياد قال: لما قدم زياد الكوفة أميراً أكرم حجر بن الأدبر وأدناه، فلما أراد الانحدار إلى البصرة دعاه فقال: يا حجر، إنك قد رأيت ما صنعت بك، وإني أريد البصرة فأحب أن تشخص معي، فإني أكره أن تخلف بعدي، فعسى أن أبلغ عنك شيئاً فيقع في نفسي، فإذا كنت معي، لم يقع في نفسي من ذلك شيء، فقد علمت رأيك في علي بن أبي طالب، وقد كان رأيي فيه قبلك على مثل رأيك. فلما رأيت الله صرف ذلك الأمر عنه إلى معاوية لم أتهم الله ورضيت به، وقد رأيت إلى ما صار أمر عليّ وأصحابه، وإني أحذر كأن تركب أعجاز أمور هلك من ركب صدورها. فقال له حجر: إني مريض ولا أستطيع الشخوص معك. قال: صدقت والله إنك لمريض، مريض الدين، مريض القلب، مريض العقل، وايم الله إن بلغني عنك شيء أكرهه لأحرضن على قتلك، فانظر لنفسك أو دع. فخرج زياد فلحق بالبصرة.

واجتمع إلى حجر قرّاء أهل الكوفة، فجعل عامل زياد لا ينفذ الأمر ولا يريد شيئاً إلى منعوه إياه، فكتب إلى زياد: إني والله ما أنا في شيء، وقد منعني حجر

ص: 238

وأصحابه كل شيء، فأنت أعلم. فركب زياد بعماله حتى اقتحم الكوفة، فلما قدمها تغيب حجر، فجعل يطلبه فلا يقدر عليه، فبينا هو جالس يوماً وأصحاب الكراسي حوله، فيهم الأشعث بن قيس، إذ أتى الأشعث ابنه محمد فناجاه، وأخبره أن حجراً قد لجأ إلى منزله. فقال له زياد: ما قال لك ابنك؟ قال: لا شيء. قال: والله لتخبرني ما قال لك حتى اعلم أنك قد صدقت، أو لا تبرح مجلسك حتى أقتلك. فلما عرف الأشعث أخبره. فقال لرجل من أهل الكوفة من أشرافهم: قم فأتني به. قال: اعفني من ذلك، ابعث غيري. قال: لعنة الله عليك خبيثاً مخبثاً، والله لتأتيني به أو لأقتلنك. فخرج الرجل حتى دخل عليه، فأخذه وأخبر حجراً الخبر، فقال له: ابعث إلى جرير بن عبد فليكلمه فيك، فإني أخاف أن يعجل عليك. فدخل جرير على زياد فكلمه فقال: هو أمن من أن أقتله، ولكن أخرجه، فأبعث به إلى معاوية، فجاءه على ذلك، فأخرجه من الكوفة ورهطاً معه، وكتب إلى معاوية أن اغن عني حجراً، إن كان لك فيما قبلي حاجة، فبعث معاوية فتلقاه بعذراء، فقتل هو وأصحابه. وملك زياد العراق خمس سنين، ثم مات سنة ثلاث وخمسين.

وفي حديث آخر، أن عائشة رضي الله عنها بلغها الخبر، فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي إلى معاوية، تسأله أن يخلي سبيل حجر وأصحابه. فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي: يا أمير المؤمنين، جذاذها جذاذها لاتعنّ بعد العام أبراً. فقال معاوية: لا أحب أن أراهم، ولكن اعرضوا علي كتاب زياد، فقرئ عليه الكتاب، وجاء الشهود فشهدوا. فقال معاوية: أخرجوهم إلى عذراء فاقتلوهم هنالك. قال: فحملوهم إلى عذراء. فقال حجر: ما هذه القرية؟ قالوا: عذراء. قال: الحمد لله، أما والله إني لأول مسلم نبح كلابها في سبيل الله، ثم آتي إليها اليوم مصفوداً. وقد عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية برسالة عن عائشة وقد قتلوا قال: يا أمير المؤمنين، أين غرب عنك حلم أبي سفيان؟ فقال: غيبة مثلك عني من قومي.

ص: 239

وقد كانت هند ابنة زيد من مخرّبة الأنصارية قالت حين سير حجراً إلى معاوية:

ترفع أيها القمر المنير

ترفّع هل ترى حجراً يسير

يسير إلى معاوية بن حرب

ليقتله كما زعم الخبير

تجبّرت الجبابر بعد حجر

وطاب لها الخورنق والسدير

وأصبحت البلاد له محولاً

كأن لم يحيها يوم مطير

ألا يا حجر حجر بن عدي

تلقتك السلامة والسرور

أخاف عليك ما أردى عدياً

وشيخاً في دمشق له زئير

فإن تهلك فكل عبيد قوم

إلى هلك من الدنيا يصير

وقد رويت هذه الأبيات لهند أخت حجر بن عدي، وزيد فيها بيت قبل البيت الأخير وهو:

يرى قتل الخيار عليه حقاً

له من شرّ أمته وزير

وفي شعر أخته:

يسير إلى معاوية بن حرب

فيقتله كما زعم الأمير

وكان حجر بن عدي عند زياد وهو يومئذ على الكوفة، إذ جاءه قوم قد قتل منهم رجل، فجاء أولياء القتيل وأولياء المقتول فقالوا: هذا قتل صاحبنا. فقال أولياء القاتل: صدقوا، ولكن هذا نبطي وصاحبنا عربي، ولا يقتل عربي بنبطي. فقال زياد: صدقتم، ولكن أعطوهم الدية. فقالوا: لا حاجة لنا في الدية، إنا كنا نرى أن الناس فيه سواء. فقام حجر بن عدي فقال: نعطيك كتاب الله عز وجل، أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأنا حجر، لتقتلنه أو لأضربن بسيفي حتى أموت والإسلام عزيز. قال: فوالله ما برح حتى وضع السكين على حلقه.

وكان يقال: أول ذلّ دخل على الكوفة قتل حجر بن عدي.

ص: 240

قال أبو معشر: وركب إليهم معاوية إلى مرج العذراء، حتى أتاهم فسلّم عليهم وسألهم: من أنت؟ من أنت؟ حتى انتهى إلى حجر فقال: من أنت؟ قال: حجر بن عدي. قال: كم مر بك من السنين؟ قال: كذا وكذا. قال: كيف أنت والشتاء اليوم؟ فأخبره. قال: كيف أنت والطعام اليوم؟ فاخبره.

ثم انصرف وأرسل إليهم رجلاً أعور، معه عشرون كفناً، فلما رآه حجر تفاءل وقال: يقتل نصفكم ويترك نصفكم، فجعل الرسول يعرض عليهم التوبة والبراءة من علي، فأبى عدة وتبرأ عدة فقتل الذين أبوا، وترك الذين تبرأوا، وحفر لهم قبوراً، فجعل يقتلهم ويدفنهم. فلما انتهى إلى الحجر جعل حجر يرعد فقال له أراد قتله: مالك ترعد! قال: قبر محفور وكفن منشور وسيف مشهور. قال: تبرأ مني علي؟ قال: لا أتبرأ منه. فضرب عنقه ودفنه.

ولما حج معاوية دخل على عائشة فقالت له: يا معاوية، قتلت حجر بن الأدبر. قال: أقتل حجراً، أحب إلي من أن أقتل معه مئة ألف.

وفي حديث: أنه استأذن عليها فأبت أن تأذن له، فلم يزل حتى أذنت له، فلما دخل عليها قالت: أنت الذي قتلت حجراً! قال: لم يكن عندي أحد ينهاني.

قال أبو الأسود: دخل معاوية على عائشة فقالت: ما حملك على قتل أهل عذراء، حجر وأصحابه؟ فقال: يا أم المؤمنين، إني رأيت قتلهم صلاحاً للأمة، وأن بقاءهم فساد للأمة. فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء.

وعن علي بن أبي طالب قال: يا أهل الكوفة، سيقتل منكم سبعة نفر خياركم، مثلهم كمثل أصحاب الأخدود، منهم حجر بن الأدبر وأصحابه. قتلهم معاوية بالعذراء من دمشق كلهم من أهل الكوفة.

وروي أن الحسن بن علي أتاه ناس من أهل الكوفة من السبعة، فشكوا إليه ما صنع

ص: 241

زياد بحجر وأصحابه، وجعلوا يبكون عنده، وقالوا: نسأل الله أن يجعل قتله بأيدينا. فقال: مه، إن في القتل كفارات، ولكن نسأل الله أن يميته على فراشه.

قال مروان بن الحكم: دخلت مع معاوية على أم المؤمنين عائشة فقالت: يا معاوية: قالت حجراً وأصحابه، وفعلت الذي فعلت، أما خشيت أن أخبأ لك رجلاً فيقتلك! فقال: لا، إني في بيت أمان، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الإيمان قيد الفتك. لا يفتك مؤمن يا أم المؤمنين، كيف أنا فيما سوى ذلك من حاجاتك وأمرك؟ قالت: صالح. قال: فدعيني وحجراً حتى نلتقي عند ربنا عز وجل.

قال سفيان الثوري: قال معاوية: ما قتلت أحداً إلا وأنا اعلم فيم قتلته، وما أردت به، إلا حجر بن عدي، فإني لا أعرف فيم قتلته.

وكان قتل حجر بن عدي سنة إحدى وخمسين، وقيل: قتل سنة ثلاث وخمسين، وفيها مات زياد بن أبي سفيان.

قال أبو بكر بن عياش: دخل عبد الله بن يزيد بن أسد على معاوية وهو في مرضه الذي مات فيه، فرأى منه جزعاً فقال: ما يجزعك يا أمير المؤمنين إن مت؟ قال: الجنة. وإن عشت، فقد علم الله حاجة الناس إليك. قال: رحم الله أباك إن كان لناصحاً، نهاني عن قتل ابن الأدبر يعني حجراً، ثم عاده عبد الله بن يزيد فعاد معاوية مثل ذلك القول.

وقد تقدم في ترجمة أرقم بن عبد الله الكندي حديث طويل في ترجمة حجر وأصحابه.

ص: 242