المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حاتم بن عبد الله بن سعد - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٦

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌جبير بن نفير بن مالك بن عامر

- ‌جحاف بن حكيم بن عاصم بن قيس

- ‌جدار بن جدار العذري الصنعاني

- ‌جد بن قيس أحد العباد

- ‌جراح بن عبد الله بن جعادة

- ‌جرجة بن عبد الله الرومي

- ‌جرول بن أوس بن جؤية

- ‌جرول بن جنفل

- ‌جرير بن عبد الله بن جابر

- ‌جرير بن عبد الله بن عنبسة

- ‌جرير بن عبد المسيح بن عبد الله

- ‌جرير ويقال حريز بن عتبة

- ‌جرير بن عطية بن الخطفى

- ‌جرير بن غطفان بن جرير أبو القاسم

- ‌جسر بن الحسن

- ‌جعثل بن هاعان بن عمرو بن البثوث

- ‌جعد بن درهم

- ‌جعفر بن أحمد بن الحسين أبو الفضل

- ‌جعفر بن أحمد بن الحسين

- ‌جعفر بن أحمد بن عاصم بن الروّاس

- ‌جعفر بن أحمد بن أبي عبد الرحمن

- ‌جعفر بن أحمد بن علي بن بنان

- ‌جعفر بن أحمد ويقال ابن محمد

- ‌جعفر بن إياس أبو بشر ابن أبي وحشية اليشكري الواسطي

- ‌جعفر بن برقان أبو عبد الله الكلابي مولاهم الرقي

- ‌جعفر بن الحسن بن العباس بن الحسن

- ‌جعفر بن الحسين أبو الفضل الصيداوي

- ‌جعفر بن حميد بن عبد الكريم

- ‌جعفر بن الزبير الحنفي

- ‌جعفر بن سعيد بن جعفر البعلبكي

- ‌جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله

- ‌جعفر بن أبي طالب عبد مناف

- ‌جعفر بن عبد الجبار

- ‌جعفر بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب

- ‌جعفر بن عبد الواحد بن جعفر

- ‌جعفر بن عمرو بن أمية

- ‌جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد

- ‌جعفر بن محمد بن أحمد بن حماد

- ‌جعفر بن محمد بن بكر أبو العباس البالسي

- ‌جعفر بن محمد بن جعفر بن رشيد

- ‌جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام

- ‌جعفر بن محمد بن الحارث

- ‌جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض

- ‌جعفر بن محمد بن حماد أبو الفضل القلانسي

- ‌جعفر بن محمد بن سعيد بن شعيب

- ‌جعفر بن محمد بن سوار بن سنان

- ‌جعفر بن محمد بن عبد الله

- ‌جعفر بن محمد بن علي بن يزيد

- ‌جعفر بن محمد بن الفضل

- ‌جعفر بن محمد بن الفضيل

- ‌جعفر بن محمد بن محمد

- ‌جعفر بن محمد بن موسى

- ‌جعفر بن محمد بن الوليد

- ‌جعفر المتوكل بن محمد المعتصم

- ‌جعفر بن محمد بن هشام بن ملاس

- ‌جعفر بن محمد بن يزدين

- ‌جعفر بن محمد أبو عبد الله المعّري المغربي

- ‌جعفر بن محمود الكاتب

- ‌جعفر بن موسى

- ‌جعفر بن ميسر بن يغنم أبو محمد

- ‌جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك

- ‌جعونة بن الحارث بن خالد

- ‌جماهر بن محمد بن أحمد بن أحمد

- ‌جمال بن بشر العامري الكلابي

- ‌جمح بن القاسم بن عبد الوهاب

- ‌جميل بن أحمد بن فضالة بن الصقر

- ‌جميل بن تمام بن علي

- ‌جميل بن عبد الله بن معمر

- ‌جميل بن يوسف بن إسماعيل

- ‌جناح بن الوليد

- ‌جناح أبو مروان

- ‌جنادة بن حنيفة الصنعاني

- ‌جنادة بن أبي خالد أبو الخطاب

- ‌جنادة بن عمرو بن الجنيد

- ‌جنادة بن كبير وكنية كبير أبو أمية

- ‌جنادة بن محمد بن أبي يحيى

- ‌جندب بن زهير بن الحارث بن كثير

- ‌جندب بن عبد الله ويقال ابن كعب

- ‌جندب بن عمرو بن حممة بن الحارث

- ‌جنيد بن حكيم بن الجنيد أبو بكر

- ‌جنيد بن خلف بن حاجب بن الوليد

- ‌جنيد بن عبد الرحمن بن عمرو

- ‌جون بن قتادة بن الأعور بن ساعدة

- ‌جوية بن عائذ ويقال بن عاتك

- ‌جيش بن خمارويه بن أحمد بن طولون

- ‌أسماء النساء على حرف الجيم

- ‌جويرية بنت أبي سفيان صخر بن حرب

- ‌جرباء بنت عقيل بن علفة بن الحارث

- ‌حرف الحاء المهملة

- ‌حابس بن سعد ويقال ابن ربيعة

- ‌حاتم بن شفيّ بن يزيد ويقال مرثد

- ‌حاتم بن عبد الله بن سعد

- ‌حاتم بن يونس أبو محمد

- ‌حاجب بن مالك بن أركين

- ‌حارثة بن بدر بن حصين بن قطن

- ‌حارثة بن قطن بن زابر بن حصن

- ‌الحارث بن بدل وقيل ابن سليم

- ‌الحارث بن الحارث أبو المخارق الغامدي

- ‌الحارث بن حرمل بن تغلب بن ربيعة

- ‌الحارث بن الحكم بن أبي العاص

- ‌الحارث بن سعيد بن حمدان

- ‌الحارث بن سعيد الكذاب

- ‌الحارث بن سليم بن عبيد بن سفيان

- ‌الحارث بن عبّاس

- ‌الحارث بن عبد الله

- ‌الحارث بن عبدة

- ‌الحارث بن عميرة الزبيدي الحارثي

- ‌الحارث بن عمير الأزدي

- ‌الحارث بن عمير أبو الجودي

- ‌الحارث بن محمد بن الحارث بن خسرو

- ‌الحارث بن مخمر أبو حبيب الظهري الحمصي

- ‌الحارث بن مسلم بن الحارث

- ‌الحارث بن معاوية الكندي الأعرج

- ‌الحارث بن أبي وجرة

- ‌الحارث بن وداعة الحميري

- ‌الحارث بن هانئ بن مدلج

- ‌الحارث بن هشام بن المغيرة

- ‌الحارث بن يمجد الأشعري القاضي

- ‌حازم بن مالك بن بسطام الدمشقي

- ‌حامد بن أحمد بن محمد بن أحمد

- ‌حامد بن سهل بن الحارث أبو محمد البخاري

- ‌حامد بن محمد بن حامد بن بحر

- ‌حامد بن يوسف بن الحسين

- ‌حبان بن موسى بن حبان بن موسى

- ‌حبيب بن أوس بن الحارث

- ‌حبيب بن أبي حبيب من أهل دمشق

- ‌حبيب بن الشهيد

- ‌حبيب بن عبد الرحمن بن سلمان

- ‌حبيب بن عبد الملك بن حبيب

- ‌حبيب بن قليع

- ‌حبيب بن محمد أبو محمد العجمي

- ‌حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر

- ‌حبيب الأعور

- ‌حبيب المؤذن

- ‌حبيش بن دلجة القيني

- ‌حبيش بن عمر أبو المنهال

- ‌حبيش بن محمد بن حبيش

- ‌الحجاج بن الريان

- ‌الحجاج بن سهل الدمشقي

- ‌الحجاج بن عبد الله

- ‌الحجاج بن علاط بن خالد بن ثويرة

- ‌الحجاج بن يوسف بن الحكم

- ‌الحجاج بن يوسف

- ‌حجر بن عدي الأدبر بن جبلة

- ‌حجوة بن مدرك الغساني

- ‌حديج

- ‌حدير أبو فوزة

- ‌حدير بن كريب

- ‌حدير بن جعفر بن محمد

- ‌حذيفة بن أسيد

- ‌حذيفة بن اليمان

- ‌حرام بن حكيم بن خالد بن سعد

- ‌حرب بن إسماعيل بن محمد الكرماني

- ‌حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية

- ‌حرب بن محمد بن حرب بن عامر

- ‌حرب بن محمد بن علي بن حيان

- ‌حرملة بن المنذر بن معد يكرب

- ‌حريث بن أبي حريث

- ‌حريث بن زيد الخيل الطائي

- ‌حريث بن ظهير الكوفي

- ‌حريث مولى معاوية بن أبي سفيان

- ‌حريز بن عثمان بن جبر بن أحمد

- ‌الحر بن سليمان بن حيدرة

- ‌الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم

- ‌حزام بن هشام بن حبيش ين خالد

- ‌حزوّر ويقال نافع

- ‌حسان بن أبان البعلبكي

- ‌حسان بن تميم بن نصر

- ‌حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام

- ‌حسان بن سليمان أبو علي الساحلي

- ‌حسان بن عطية

- ‌حسان بن فروخ

- ‌حسان بن كريب بن ليشرح

- ‌حسان بن مالك بن بحدل بن أنيف

- ‌الحسن بن أحمد بن جعفر

- ‌الحسن بن أحمد بن أبي حازم

- ‌الحسن بن أحمد بن الحسن

- ‌الحسن بن أحمد بن أبي سعيد

- ‌الحسن بن أحمد بن الحسن بن سعيد

- ‌الحسن بن أحمد بن الحسين

- ‌الحسن بن أحمد بن صالح

- ‌الحسن بن أحمد بن عبد الواحد

- ‌الحسن بن أحمد بن عمير بن يوسف

- ‌الحسن بن أحمد بن غطفان بن جرير

- ‌الحسن بن أحمد بن محمد بن بكار

- ‌الحسن بن أحمد بن محيميد

- ‌الحسن بن أحمد بن أبي البختري

- ‌الحسن بن أحمد أبو علي القلانسي

- ‌الحسن بن إبراهيم بن الأصبغ

- ‌الحسن بن إبراهيم بن عثمان

- ‌الحسن بن إبراهيم بن محمد

- ‌الحسن بن إبراهيم بن يوسف بن حلقوم

- ‌الحسن بن أسامة بن زيد بن حارثة

- ‌الحسن بن إسحاق بن إبراهيم بن زيد

- ‌الحسن بن إسحاق بن إبراهيم

- ‌الحسن بن إسحاق بن بلبل

- ‌الحسن بن أشعث بن محمد بن علي

- ‌الحسن بن إلياس أبو عليّ

- ‌الحسن بن بلال نسب إلى جد أبيه

- ‌الحسن بن بلال أبو علي المقرئ

- ‌الحسن بن جرير بن عبد الرحمن

- ‌الحسن بن جعفر بن حمزة بن المحسّن

- ‌الحسن بن حامد بن الحسن بن حامد

- ‌الحسن بن حبيب بن عبد الملك

- ‌الحسن بن حجاج بن غالب بن عيسى

- ‌الحسن بن الحرّ بن الحكم

- ‌الحسن بن الحسن بن أحمد

- ‌الحسن بن الحسن بن علي

- ‌الحسن بن الحسين بن محمد

- ‌الحسن بن الحسين بن يحيى

- ‌الحسن بن حفص بن الحسن

- ‌الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك

- ‌الحسن بن زيد أبو علي

- ‌الحسن بن سعيد بن جعفر بن الفضل

- ‌الحسن بن سعيد بن محمد بن سعيد

- ‌الحسن بن سفيان بن عامر

- ‌الحسن بن سليمان بن داود

- ‌الحسن بن سليمان بن سلام

- ‌الحسن بن شجاع بن رجاء

- ‌الحسن بن صالح بن غالب القيسراني

- ‌الحسن بن أبي طاهر بن الحسن

- ‌الحسن بن عبد الله بن الحسن

- ‌الحسن بن عبد الله بن سعيد

- ‌‌‌الحسن بن عبد الله

- ‌الحسن بن عبد الله

- ‌الحسن بن عبيد الله بن أحمد

- ‌الحسن بن عبد الواحد بن عبد الأحد

- ‌الحسن بن عثمان بن حماد بن حسّان

- ‌الحسن بن عطية الله بن الحسين

- ‌الحسن بن علي بن إبراهيم

- ‌الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد

- ‌الحسن بن علي بن الحسن بن الحكم

- ‌الحسن بن علي بن الحسن بن سلمة

- ‌الحسن بن علي بن الحسن بن شوّاش

- ‌الحسن بن علي بن الحسين بن أحمد

- ‌الحسن بن علي بن خلف

- ‌الحسن بن علي بن روح بن عوانة

- ‌الحسن بن علي بن سعيد بن الحسين

- ‌الحسن بن علي بن شبيب

الفصل: ‌حاتم بن عبد الله بن سعد

‌حاتم بن عبد الله بن سعد

ابن الحشرج امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث ابن طيئ واسمه جلهمة أبو سفانة الطائي الجواد شاعر جاهلي، قدم دمشق يخطب ماوية بنت حجر بن النعمان الغسانية.

قال جميل بن زياد النخعي: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا سبحان الله، ما أزهد كثيراً من الناس في خير! عجباً لرجل يجيئه أخوه المسلم في الحاجة، فلا يرى نفسه للخير أهلاً، فلو كان لا يرجو ثواباً، ولا يخشى عذاباً لكان ينبغي أن يسارع في مكارم الأخلاق، فإنها تدل على سبيل النجاح. فقام إليه رجل وقال: فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين، أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، وما هو خير منه، لما أتي بسبايا طيىء، وقعت جارية حمراء لعساء ذلفاء عيطاء شمّاء الأنف، معتدلة القامة والهامة، درماء الكعبين، خدلّجة الساقين، لفّاء الفخذين، خميصة الخصرين، ضامرة الكشحين، مصقولة المتنين، قال: فلما رأيتها أعجبت بها وقلت: لأطلبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعلها في قبتي فلما تكلمت أنسيت جمالها لما رأيت من فصاحتها، فقالت: يا محمد، إن رأيت أن تخلي عنا ولا تشمت بي أحياء العرب، فإني ابنة سيّد قومي، وإن أبي كان يحمي الذّمار، ويفك العاني، ويشبع الجائع، ويكسو العاري، ويقري الضيف، ويطعم الطعام ويفشي السلام، ولم يردّ طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم طيىء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جارية، هذه صفة المؤمنين حقاً، لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه، خلّوا عنها، فإن أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق. فقام

ص: 138

أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله، والله يحب مكارم الأخلاق؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا يدخلن الجنة أحد إلا بحسن الخلق.

وعن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إن أبي كان يقري الضيف، ويحب الضيافة وذكر أشياء من مكارم الأخلاق. قال: إن أباك أراد أمراً فأدركه. قال سماك: يقول الذكر.

ذكر أعرابيّ حاتم الطائي فقال: كان والله إذا قاتل غلب، وإذا غلب أنهب، وإذا سئل وهب، وإذا ضرب القداح سبق، وإذا أسر أطلق.

قيل لنوار امرأة حاتم: حدثينا عن حاتم. قالت: كل أمره كان عجباً، أصابتنا سنة خصّت كل شيء، فاقشعرت لها الأرض، واغبرّت لها السماء، وضنت المراضع على أولادها، وراحت الإبل حدباء حدابير ما تبض بقطرة، وحلق المال. وإنا لفي ليلة صنبرة، بعيدة ما بين الطرفين، إذ تضاغى الأصبية من الجوع عبد الله وعدي وسفانة، فوالله إن وجدنا شيئاّ نعلّلهم به. فقام إلى أحد الصبيين فحمله، وقمت إلى الصبيّة فعلّلتها، فوالله إن سكتا إلا بعد هدأة من الليل. ثم عدنا إلى الصبي الآخر فعللناه حتى سكت وما كاد. ثم افترشنا قطيفة لنا شامية ذات خمل، فأضجعنا الصبيان عليها، ونمت أنا وهو في حجرة، والصبيان بيننا. ثم أقبل عليّ يعللني لأنام، وعرفت ما يريد فتناومت فقال: مالك، أنمت! فسكتّ. فقال: ما أراها إلا قد نامت، وما بي نوم. فلما أدلهمّ الليل، وتهوّرت النجوم، وهدأت الأصوات، وسكت الرحل، إذا جانب البيت قد رفع فقال: من هذا؟ فولّى، حتى إذا قلت: قد أسحرنا أو كدنا عاد، فقال: من هذا؟ فقالت: جارتك فلانة يا أبا عدي، ما وجدت على أحد معوّلاً غيرك، أتيتك من عند أصبية يتعاوون عواء الذئب من الجوع، قال: أعجليهم عليّ. قالت النوار: فوثبت فقلت: ماذا صنعت! فوالله لقد تضاغى أصبيتك فما وجدت ما تعللهم به، فكيف بهذه وبولدها!

ص: 139

فقال: اسكتي فوالله لأشبعنك وإياهم إن شاء الله. قال: فأقبلت تحمل اثنين، ويمشي جنبيها أربعة، كأنها نعامة حولها رئالها، فقام إلى فرسه فوجاً بحربته في لبته، ثم قدح زنده وأورى ناره، ثم جاء بمدية فكشط عن جلده، ثم دفع المدية إلى المرأة، ثم قال: دونك، ثم قال: ابغي صبيانك فبغيتهم، ثم قال نسوة: أتأكلون شيئاً دون أهل الصّرم! فجعل يطوف فيهم حتى هبوا، فأقبلوا عليه، والتفع ببتّه، ثم اضطجع ناحية ينظر إليها، لا والله ما ذاق مزعة وإنه لأحوجهم إليه، فأصبحنا وما على الأرض منه إلا عظم أو حافر، وأنشأ حاتم يقول:

مهلاّ نوار أقلّي اللوم والعذلا

ولا تقولي لشيء فات ما فعلا

قالت امرأة حاتم لحاتم: يا أبا سفانة، إني لأشتهي أن آكل أنا وأنت طعاماً وحدنا ليس عليه أحد، قال: أو اشتهيت ذلك؟ قالت: نعم. قال: فوجّهي وبرّزي خيمتك حيث اشتهيت، فحولت الخيمة من الجماعة على فرسخ، وأمرت بالطعام فهيىء وهي مرخاة ستورها عليها وعليه. فلما قارب نضج الطعام كشف عن رأسه وقال:

فلا تطبخي قدري وسترك دونها

عليّ إذن ما تطبخين حرام

ولكن بها ذاك اليفاع فأوقدي

بجزل إذا أوقدت لا بضرام

وكشف الستور، وقدم الطعام، ودعا الناس، فأكل وأكلوا، فقالت: ما أتممت لي بما قلت. فأجابها بأني لا تطاوعني نفسي، ونفسي أكرم عليّ من أن تثني عليّ هذا، وقد سبق لي السخاء وقال:

أمارس نفسي البخل حتى أعزّها

وأترك نفس الجود لا أستشيرها

ولاتشتكيني جارتي غير أنها

إذا غاب عنها بعلها لا أزورها

سيبلغها خيري ويرجع بعلها

إليها ولم تقصر عليّ ستورها

ص: 140

قال الوضاح بن معبد الطائي: وفد حاتم الطائي على النعمان بن المنذر فأكرمه وأدناه، ثم زوده عند انصرافه حملين ذهباً وورقاً غير ما أعطاه من طرائف بلده، فرحل. فلما أشرف على أهله تلقته أعاريب طيىء، فقالت: جاء حاتم، أتيت من عند الملك بالغنى، وأتينا من عند أهالينا بالفقر. فقال حاتم: هلم فخذوا ما بين يدي فتوزعوه، فوثب القوم إلى ما بين يديه من حباء النعمان فاقتسموه، فخرجت إلى حاتم طريفة جاريته فقالت له: اتق الله، وأبق على نفسه، فما يدع هؤلاء ديناراً ولا درهماً، ولا شاة ولا بعيراً. فأنشأ حاتم يقول:

قالت طريفة ما تبقى دراهمنا

وما بنا سرف فيها ولا خرق

إن يفن ما عندنا فالله يرزقنا

ممن سوانا ولسنا نحن نرتزق

ما يألف الدّرهم الكاريّ خرقتنا

إلا يمرّ علينا ثمّ ينطلق

إنا إذا اجتمعت يوماً دراهمنا

ظلّت إلى سبل المعروف تستبق

قال أبو بكر بن عباس: قال رجل لحاتم: هل في العرب أجود منك؟ قال: كل العرب أجود مني. ثم قال: نزلت على غلام من العرب يتيم ذات ليلة، وكانت له مائة من الغنم، فذبح لي منها شاة وأتاني بها، فلما قرّب إلي دماغها قلت: ما أطيب هذا الدماغ! قال: فذهب فلم يزل يأتيني منه حتى قلت قد اكتفيت، قال: فلما أصبحت فإذا هو قد ذبح المائة شاة، وبقي لا شيء له. قال الرجل: فقلت: ما صنعت به؟ قال: ومتى أبلغ شكره، ولو صنعت به كل شيء! قال: على كل حال؟ قال: أعطيته مائة ناقة من خيار إبلي.

قال أبو عبد الله بن الأعرابي: كان حاتم الطائي أسيراً في عنزة، فقالت له امرأة يوماً: قم فافصد لنا هذه الناقة - وكان الفصد عندهم أن يقطع عرق من عروق الناقة، ثم يجمع الدم فيشوى - فقام حاتم إلى الناقة فنحرها، فلطمته المرأة فقال حاتم: لو غير ذات سوار لطمتي. فذهب قوله: لو غير ذات سوار لطمتني مثلا، وقال له النسوة: إنما قلنا لك تفصدها. فقال: هكذا فصدي أنه - يريد: أنا وهي لغة طيىء -.

ص: 141

وفي أنا أربع لغات: " أن قائم " بإسقاط الألف في الوصل. " وأنا قائم " بإثباتها. " وأنه " بإدخال هاء السكت. " وأن قائم " بإسكان النون. يراد بها أنا قائم.

وقوله لو غير ذات سوار لطمتني صارت مثلا، يقولها القائل عند عدو الرقيق الحسب على من هو فوقه، وحين يهتضم الرفيع ذا القدر من هو دونه.

ويروى أن حاتماً قال في هذا الخبر: هكذا فزدي أنه.

وإشمام الصاد الساكنة الزاي إذا وليتها الدال لغة للعرب معروفة جيدة، قد قرأ بها القرآن عدد من القراء، كقوله " يصدفون "، و" يصدر الناس " و" يصدر الرعاء ".

وكانت أم حاتم أيضاً من أسخى الناس. قالوا: كانت عتبة بنت عفيف بن عمرو بن امرئ القيس أم حاتم الطائي لا تمسك شيئاً، سخاء وجوداً، وكان إخوتها يمنعونها فتأبى، وكانت موسرة، فحبسوها في بيت سنة يطعمونها قوتها، لعلها تكف عما تصنع. ثم أخرجوها بعد سنة، وقد ظنوا أنها قد تركت ذلك الخلق، فدفعوا إليها صرمة من مالها وقالوا: استمتعي بها، فأتتها امرأة من هوزان كانت تغشاها، فسألتها، فقالت: دونك هذه الصرمة، فقد مسني من الجوع ما آليت ألا أمنع سائلا شيئاً. ثم قالت:

لعمري لقدماً عضني الجوع عضة

فآليت ألا أمنع الدهر جائعا

فقولا لهذا اللائمي اليوم أعفني

فإن أنت لم تفعل فعض الأصابعا

فماذا عسيتم أن تقولوا لأختكم

سوى عذلكم أو منع من كان مانعا

ومهما ترون اليوم إلا طبيعة

فكيف بتركي يا بن أم الطبائعا

ص: 142

قال أبو عبيدة: لما بلغ حاتم طيىء قول المتلمس:

قليل المال يصلحه فيبقى

ولا يبقى الكثير مع الفساد

وحفظ المال خير من فناه

وعسف في البلاد بغير زاد

قال: ماله - قطع الله لسانه - حمل الناس على البخل! فهلا قال:

فلا الجود يفني المال قبل فنائه

ولا البخل في مال الشحيح يزيد

فلا تلتمس مالاً بعيش مقتر

لكل غد رزق يعود جديد

ألم تر أن المال غاد ورائح

وأن الذي يعطيك غير بعيد

قال أبو الفرج المعافى بن زكريا: لقد أحسن حاتم في قوله:

وإن الذي يعطيك غير بعيد

ولو كان مسلماً، لرجي له بما أتى من هذا ما يغتبط به في معاده، وقد أتى كتاب الله تعالى في هذا بما يعجز المخلوقون عن دركه، قال الله تعالى:" واسألوا الله من فضله " وقال تعالى " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان " قال عدي بن حاتم: شهدت أبي يكيد بنفسه، فقال لي: أي بني، إني أعهد من نفسي ثلاث خلال: والله ما خاتلت جارة لي لربية قط، ولا اؤتمنت على أمانة إلا أديتها، ولا أتي أحد قط من قبلي بسوء.

قال محرز بن أبي هريرة: مر نفر من عبد القيس بقبر حاتم طيىء، فنزلوا قريباً منه، فقام إليه بعضهم فجعل

ص: 143

يركض قبره برجله ويقول: يا أبا الجعواء، أقرنا. فقال له بعض الصحابة: ما تخاطب من رمة قد بليت! وأجنهم الليل فنوموا، فقام صاحب القول فزعاً. فقال: يا قوم، عليكم مطيكم، فإن حاتماً أتاني في النوم وأنشدني شعراً وقد حفظته يقول:

أبا خيبري وأنت امرؤ

ظلوم العشيرة شتامها

أتيت بصحبك تبغي القرى

لدى حفرة صخب هامها

تبغي لي الذنب عند المبيت

وحولك طي وأنعامها

فإنا سنشبع أضيافنا

وتأتي المطي فنعتامها

قال: وإذا ناقة صاحب القول تكوس فنحروها، وباتوا يشتوون ويأكلون، فقالوا: والله لقد أضافنا حاتم حياً وميتاً. وأصبح القول وأردفوا صاحبهم وساروا، فإذا رجل ينوه بهم، راكبا على جمل يقود آخر فقال: أيكم أبو الخيبري؟ قال: أنا. قال: إن حاتماً أتاني في النوم فأخبرني أنه قرى أصحابك ناقتك، وأمرني أن أحملك، وهذا بعير فخذه فدفعه إليه.

ويحقق هذا الحديث عند العرب، قول ابن دارة الغطفاني، وأتى عدي بن حاتم ليمدحه فقال له: أخبرك بمالي، فإن رضيت فقل. فقال: وما مالك؟ قال: مائتا صائية وعبد وأمه وفرس وسلاح، فذلك كله لك إلا الفرس والسلاح، فإنهما في سبيل الله عز وجل. قال: قد رضيت. قال: فقل، فقال ابن دارة:

أبوك أبو سفانة الخير لم يزل

لدن شب حتى مات في الخير راغبا

به تضرب الأمثال في الجود ميتاً

وكان له إذ كان حياً مصاحبا

قرى قبره الأضياف إذ نزلوا به

ولم يقر قبر قبله الدهر راكبا

ص: 144