الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: 95] فِي الْآخِرَةِ. {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: 95] وَإِذَا تَكَرَّرَ مِنَ الْمُحْرِمِ قَتْلُ الصَّيْدِ فَيَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ عِنْدَ عامة أهل العلم.
[قوله تعالى أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا]
لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَادُمْتُمْ حُرُمًا. . . .
[96]
قَوْلُهُ عز وجل: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96] وَالْمُرَادُ بِالْبَحْرِ جَمِيعُ الْمِيَاهِ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:" صَيْدُهُ مَا اصْطِيدَ وَطَعَامُهُ مَا رُمِيَ بِهِ ". وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: طَعَامُهُ مَا قَذَفَهُ الْمَاءُ إِلَى السَّاحِلِ مَيْتًا. وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ الْمَالِحُ مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَتَادَةَ وَالنَّخَعِيِّ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: صَيْدُهُ: طَرِيُّهُ، وَطَعَامُهُ: مَالِحُهُ، مَتَاعًا لَكُمْ أَيْ: مَنْفَعَةً لَكُمْ، وَلِلسَّيَّارَةِ يَعْنِي: الْمَارَّةَ. قَوْلُهُ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [المائدة: 96] صَيْدُ الْبَحْرِ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ، كَمَا هُوَ حَلَالٌ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ، أَمَّا صَيْدُ الْبَرِّ فَحَرَامٌ عَلَى الْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ، وَالصَّيْدُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْوَحْشِيُّ الَّذِي يَحِلُّ أَكْلُهُ، أَمَّا مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ، وَلِلْمُحْرِمِ أَخْذُهُ وقتله.
[97]
قَوْلُهُ عز وجل: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [المائدة: 97] قَالَ مُجَاهِدٌ: سُمِّيَتْ كَعْبَةً لِتَرْبِيعِهَا وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ بَيْتٍ مُرَبَّعٍ كَعْبَةً، قَالَ مُقَاتِلٌ: سُمِّيَتْ كَعْبَةً لِانْفِرَادِهَا مِنَ الْبِنَاءِ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ كَعْبَةً لِارْتِفَاعِهَا مِنَ الْأَرْضِ، وَأَصْلُهَا مِنَ الْخُرُوجِ وَالِارْتِفَاعِ، وَسُمِّيَ الْكَعْبُ كَعْبًا لِنُتُوئِهِ وَخُرُوجِهِ مِنْ جَانِبَيِ الْقَدَمِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجَارِيَةِ إِذَا قَارَبَتِ الْبُلُوغَ وَخَرَجَ ثَدْيُهَا: تَكَعَّبَتْ، وَسُمِّيَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَهُ وَعَظَّمَ حُرْمَتَهُ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مَكَّةَ يوم خلق السماوات والأرض» (1){قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ (قِيَمًا) بِلَا أَلْفٍ وَالْآخَرُونَ قِيَامًا بِالْأَلْفِ، أَيْ: قَوَامًا لَهُمْ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، أَمَّا الدِّينُ لِأَنَّ بِهِ يَقُومُ الْحَجُّ وَالْمَنَاسِكُ، وَأَمَّا الدُّنْيَا فِيمَا يُجْبَى إِلَيْهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ، وكانوا يأمنون فيه من النهب وَالْغَارَةِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ أَحَدٌ فِي الْحَرَمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67] ؟ {وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ} [المائدة: 97] أَرَادَ بِهِ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ، وَهِيَ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ، أَرَادَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ قِيَامًا لِلنَّاسِ يَأْمَنُونَ فِيهَا القتال، {وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ} [المائدة: 97] أراد أنهم كانوا يأمنون بِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ، فَذَلِكَ الْقَوَامُ فِيهِ، {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المائدة: 97] فَإِنْ قِيلَ: أَيُّ اتِّصَالٍ لِهَذَا الْكَلَامِ بِمَا قَبْلَهُ؟ قِيلَ: أَرَادَ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ الْكَعْبَةَ قياما للناس لأن الله تعالى يَعْلَمُ صَلَاحَ الْعِبَادِ كَمَا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قَدْ سَبَقَ
(1) رواه البخاري في المغازي 8 / 26، ومسلم (1353) بنحوه في الحج، والمصنف في شرح السنة 7 / 294.