الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«كلا» رد على جواب مفترض، ينبغى أن يجيب به الناس على قوله تعالى:«يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ» وهو قولهم: لم نغتر بكرمك يا كريم.. فجاء الرد عليهم «كلا» لقد غرّكم كرمى.. وإلا فلماذا «تكذّبون بيوم الدين» ؟ أليس تكذيبكم بما جاءت به رسل الله إليكم، مع مواصلة إحسانى إليكم، وتوالى نعمى عليكم- أليس ذلك منكم اغترارا بكرمى؟
وعلى هذا يكون الإنسان المخاطب فى قوله: «يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ» - هو ذلك الإنسان الكافر بالله، المكذب بآياته.. وهو الغارق فى المعاصي، الذي لم يلتفت إلى ما وراء الحياة الدنيا، ولم يعمل للآخرة حسابا، كأنه مكذب بها..
والحافظون، هم الملائكة الموكلون بالناس، وبتسجيل ما يعملون من خير أو شر.. وهم الكرام عند الله، المكرمون بفضله وإحسانه، الكاتبون لما يعمل الناس..
الآيات: (13- 19)[سورة الانفطار (82) : الآيات 13 الى 19]
إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (15) وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (16) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (17)
ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)
التفسير:
قوله تعالى:
هو بيان لحال من لا يغترون بكرم الله، ومن يغترون به.
فالذين قدروا الله قدره، وعرفوا فضله وإحسانه، فآمنوا به، واستقاموا على شريعته، ولزموا حدوده- هؤلاء فى نعيم يوم القيامة، حيث ينزلهم الله فى جنات، ينعمون فيها بما يشتهون..
والأبرار: جمع برّ، وهو الذي عمل البر، والبرّ هو كل عمل طيب فى ظل الإيمان بالله، واليوم الآخر، والملائكة والكتاب والنبيين.. وسمى البرّ برّا، لأنه برّ بما عاهد الله عليه، وبالميثاق الذي واثقه به.
قوله تعالى:
«وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ» .
والفجار: جمع فاجر، والفاجر من يفجر عن أمر الله، ويتعدى حدوده..
قوله تعالى:
«يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ» .
أي هذه الجحيم، التي يلقى فيها الفجار، إنما يصلونها ويعذبون بها يوم الدين، أي يوم القيامة، الذي يكذبون به.
وقوله تعالى:
«وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ» .
أي لا يغيبون عنها، ولا يخرجون منها أبدا، بعد أن يدخلوها..
ويجوز أن يكون المعنى أنهم ليسوا غائبين عنها فى هذه الدنيا، فهم مشرفون عليها، مسوقون إليها بفجورهم، وإن لم بروها..
قوله تعالى:
«وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ. ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ» .
استفهام يراد به عرض هذا اليوم على ما هو عليه من هول لا يوصف، ولا يعرف كنهه، لأنه شىء لم تره العيون، ولم تحم حوله الظنون.
قوله تعالى:
«يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ» أي أن هذا اليوم المهول، هو يوم يتعرّى فيه الناس من كل قوة وسلطان، فلا يملك أحد لأحد شيئا، ولا يدفع أحد عن أحد مكروها.. فالأمر كله بيد الله، لا يملك أحد معه من الأمر شيئا.
وفى قيد الأمر لله بيوم القيامة، مع أن الأمر كله لله فى جميع الأزمان والأحوال- إشارة إلى أن الناس وإن كانوا فى الدنيا يظنون أنهم يملكون شيئا، وأنهم يملكون فيما بينهم الضر والنفع- فإن هذا الظاهر من أمرهم فى الدنيا، لن يكون لهم منه شىء فى الآخرة.. كما يقول سبحانه:«لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ» (16: غافر)