الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(85) سورة البروج
نزولها: مكية- نزلت بعد سورة الشمس.
عدد آياتها:: اثنتان وعشرون. آية..
عدد كلماتها: مائة كلمة، وتسع كلمات.
عدد حروفها. أربعمائة وثمانية وخمسون.. حرفا.
مناسبتها لما قبلها
هى معرض من معارض يوم القيامة، فكان سياقها مع ما سبقها، سياق الجزء من كل..
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات: (1- 9)[سورة البروج (85) : الآيات 1 الى 9]
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (4)
النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَاّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)
التفسير:
قوله تعالى:
البروج: جمع برج، وهو القصر، أو الحصن، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى:«وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ» .
وبروج السماء، هى المنازل التي تنزل فيها الكواكب والنجوم فى مداراتها وبروج الشمس، هى منازلها فى حركتها على مدار السنة، وهى اثنا عشر برجا..
منها ستة شمال خط الاستواء، وستة فى جنوبه.. وقد رصد الفلكيون قديما وحديثا، هذه المنازل، وسموها بأسمائها.. وهى: الحمل، والثور، والجوزاء والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدى، والدلو، والحوت..
قوله تعالى:
«وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ» .. هو يوم القيامة، الذي وعد به الناس على لسان رسل الله.
وقوله تعالى:
«وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ» ..
الشاهد: الرائي للأشياء، المحسّ بها، حيث يشهدها واقعة فى حواسه.
والمشهود: ما يقع عليه الحسّ البصري من عوالم المخلوقات، فى الأرض وفى السماء..
ففى هذه الأقسام الثلاثة جمع الله سبحانه وتعالى، عالم المخلوقات، علويّة، وسفلية، وغائبة وحاضرة، ومنظورة وناظرة..
لقد استحضر الله سبحانه وتعالى، الوجود كله، ليشهد هذا الجرم الغليظ، وليسمع حكمه سبحانه، على المجرمين الذين اقترفوه.
ومن هؤلاء المجرمون؟
إنهم أصحاب الأخدود!! وبماذا حكم الله عليهم؟
بالقتل بيده سبحانه، كما قتلوا المؤمنين، رجال الله، بأيديهم..
«قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ» .
والأخدود: الشق فى الأرض، وجمعه أخاديد.
وأصحاب الأخدود، هم قوم كافرون بالله، كان لهم موقف مع المؤمنين بالله، شأنهم فى هذا شأن كل الكافرين مع المؤمنين فى كل زمان ومكان..
ولكن أصحاب الأخدود هؤلاء، قد جاءوا بمنكر لم يأته أحد من إخوانهم من أهل الضلال، ولهذا كانت جريمتهم أشنع جريمة، يستدعى لها الوجود كله، ليشهد محاكمتهم، وليسمع حكم الله عليهم.
لقد خدّوا أخاديد فى الأرض، أي حفروا حفرا عميقة فى الأرض، وملئوها حطبا، وأوقدوا فيها النار، حتى تسعرت، وعلا لهيبها، واشتد ضرامها، ثم نصبوا كراسى حولها يجلسون عليها، وجاءوا بالمؤمنين بالله يرسفون فى أغلالهم يعرضونهم على النار واحدا بعد واحد، ويلقونهم فيها مؤمنا إثر مؤمن..
والمؤمنون يرون هذا ويقدمون عليه، دون أن ينال هذا العذاب من إيمانهم، أو يردهم عن دينهم الذي ارتضوه.. وفى هذا شاهد من شهود الإيمان المتمكن من القلوب، الراسخ فى النفوس.. إنه أقوى من الجبال الراسيات، لا تنال منها الأعاصير، ولا تزحزحها عانيات العواصف! وقوله تعالى:
وهو بدل من «الأخدود» .. أي قتل أصحاب النار ذات الوقود.
وقوله تعالى:
«إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ. وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ» .
أي أن أصحاب الأخدود قعود على هذه النار، قائمون عليها، يشهدون تنفيذ حكمهم فى المؤمنين بالله، ويتشفون بما هم فيه من عذاب.
وقوله تعالى:
أي أنه ليس بين أصحاب الأخدود هؤلاء، وبين المؤمنين، من ذنب يأخذونهم به، إلا إيمانهم بالله العزيز الحميد.. إنهم يؤمنون بالله الذي لاقوة إلا قوته، ولا عزة إلا عزته، وأن ما يملكه أصحاب الأخدود من قوة، وما يجدونه فى أنفسهم من عزة، هو شىء محقر مهين إلى جانب عزة الله، التي يلوذ بها المؤمنون.. وهم- أي المؤمنون- يحمدون الله على السراء كما يحمدونه على الضراء، فهو سبحانه المستحق وحده للحمد فى جميع الأحوال.. وهو سبحانه، له ملك السموات والأرض وما فيهن، من عتاة وجبارين ومتكبرين، وهو يرى ويعلم كل شىء، فينتقم لأوليائه، ويأخذ لهم بحقهم ممن اعتدى عليهم..
ولقد انتقم الله لأوليائه، وهاهم أولاء المجرمون قد سيقوا إلى ساحة قضائه العادل، وقد صب الله عليهم لعنته، وألقى بهم فى عذاب الحريق! وفى التعبير عن إيمان المؤمنين بفعل المستقبل:«إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا» ، بدلا من الفعل الماضي، الذي يقتضيه المقام، والذي بسبب وقوعه كانت نقمة الناقمين عليهم- فى هذا إشارة إلى أن هذا الإيمان الذي فى قلوب هؤلاء المؤمنين، هو إيمان ثابت فى قلوبهم، مصاحب لهم، لا يتحولون عنه، ولا يجليه عن قلوبهم وعد أو وعيد.