المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرأي في سلف الصوفية: - مصرع التصوف = تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي وتحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد - جـ ٢

[برهان الدين البقاعي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تحذير العباد

- ‌آيات سلى الله بها نبيه:

- ‌الرأي في سلف الصوفية:

- ‌منابذة الصوفية للعقل والشرع:

- ‌موقف العلماء من ابن عربي وابن الفارض:

- ‌المكفرون لابن الفارض:

- ‌موقف شيوخ المذاهب من ابن الفارض:

- ‌تواتر نسبة ابن الفارض إلى الكفر:

- ‌الضلال عند الصوفية خير من الهدى:

- ‌رب ابن الفارض أنثى:

- ‌تفضيل الزنديق نفسه على الرسل

- ‌الخلاعة سنة ابن الفارض

- ‌ذمه للرسل وللشرائع:

- ‌يفضل أتباعه على الرسل، وزندقته على شرعة الله:

- ‌الصلة بين التصوف والنصرانية:

- ‌ادعاؤه الربوبية

- ‌زعمه أن صفات الله عين صفاته:

- ‌رب الصوفية في صور العاشقات:

- ‌ثباته على اعتقاد الوحدة:

- ‌استدلاله على زندقته:

- ‌يدين بتلبس الله بصورة خلقه:

- ‌رأي القشيري والسهروردي:

- ‌وحدة الأديان عند ابن الفارض:

- ‌شعره في وحدة الأديان:

- ‌معاندته للتوحيد الحق:

- ‌دعوته إلى المجون

- ‌الباطل إله الصوفية:

- ‌المناضل عن ابن الفارض:

- ‌قوله يوجب إراقة دمه:

- ‌زعمة أنه عرج إلى السماء:

- ‌لا شيء على من يكفر ابن الفارض:

- ‌المتوقف في تكفير الصوفية:

- ‌الرأي في شعر ابن الفارض:

- ‌تواتر الخبر بتكفير العلماء له:

- ‌لا عبرة بقول حفيد ابن الفارض:

- ‌بم يكون الإنسان وليا

- ‌دفاع وادعاء:

- ‌وجوب الكشف عن زندقة الصوفية وبيانها:

- ‌الجاهلية في الصوفية:

- ‌دفع اعتراض:

- ‌نصيحة:

- ‌فهارس تحذير العباد:

الفصل: ‌الرأي في سلف الصوفية:

رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87] وهؤلاء الذين اتسموا بسمة الاتحاد، وقد ألفهم الطغام1 من الأنام؛ لما غرروهم به من إظهار التصوف، ليأخذوهم من المأمن، وما دروا أن الصوفية أشد الناس تحذيرا منهم، وتنفيرا للعباد عنهم.

‌الرأي في سلف الصوفية:

فإن المحققين منهم والمحققين2 بنوا طريقهم على الاقتداء بالكتاب والسنة3، كما نقل القاضي عياض في أوائل القسم الثاني من الشفاء فيما يجب من حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم عن الحسن4 رحمه الله أنه قال:"إن أقواما قالوا: يا رسول5 الله، إنا نحب الله، فأنزل الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] وعنه أنه قال: "عمل قليل في سنة خير من عمل كثير من بدعة" وعن أبي عثمان الحيري6 أنه قال: "من أمر على نفسه السنة قولا وفعلا نطق بالحكمة، ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة"، وقال سهل بن عبد الله التستري7: "أصول مذهبنا ثلاثة: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأخلاق والأفعال، والأكل من الحلال، وإخلاص النية في جميع

1 الأوغاد من الناس، مفردة طغامة، وهو يتطغم على الناس: يتجاهل عليهم "أساس البلاغة".

2 كذا بالأصل: ولعل الثانية زائدة، أو لعلها: المتحققين.

3 كتب الصوفية سلفهم وخلفهم تشهد عليهم بنقيض هذه الدعوى الكذوب وقد سبق بيان هذا.

4 يعني: البصري. ولم يك صوفيا.

5 في الأصل: برسول. وهي كما أثبتها في الشفاء.

6 هو سعيد بن إسماعيل بن منصور. توفي سنة 298هـ.

7 توفي سنة 273هـ.

ص: 209

الأعمال1" وفي كتب القوم كالرسالة والعوارف2 من ذلك شيء كثير، والشهادة على من قال: الحقيقة خلاف الشريعة بالزندقة3، وأن الطرق كلها مسدودة إلا على من اقتفى أثر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4، قاله الجنيد5، وقال أبو عثمان الحيري: خلاف السنة في الظاهر علامة رياء في الباطن، وقال النوري6: من ادعى حالا يخرجه من حد العلم الشرعي، فلا تقربن منه، وقال الخراز: كل باطن يخالفه ظاهر، فهو باطل، وقال القشيري: حكم الوقت فيما ليس لله فيه أمر، إذ التضييع لما أمرت به والإحالة على التقدير، وعدم المبالاة بما يحصل من التقصير؛ خروج عن الدين7، وقال السهروردي في قوم تسموا

1 انظر ص7جـ2 الشفاء، وإذا كان هذا صحيحا، فلم يوجبون الاقتداء بالشيوخ وحدهم؟ ولم يأكلون السحت من صناديق نذور الأصنام؟ ولم يقصدون بالصلاة في مساجدهم وجوه الهامدين في الأضرحة؟!

2 الرسالة لعبد الكريم بن هوازن القشيري. ولد سنة 376هـ وتوفي سنة 465هـ. والعوارف لأبي حفص شهاب الدين عمر بن محمد بن عبد الله السهروردي ولد سنة 539هـ وتوفي سنة 632هـ.

3 إن من يقسم الدين إلى حقيقة وشريعة لا يقترف هذا إلا وهو يتصور المغايرة بين الاثنين، ويؤمن بهذه الغيرية، وكتب القوم جميعها طافحة بهذا مفضلة الحقيقة على الشريعة، وإلا فما فائدة التقسيم عندهم؟.

4 انظر ص19 من الرسالة للقشيري.

5 يسمونه سيد الطائفة. توفي سنة 297هـ وكما نقل عنه القشيري هذا، فقد نقل عنه أنه سئل عن العارف فقال: من نطق عن سرك، وأنت ساكت!! والله وحده هو الذي يعلم ما تكن الصدور.

6 أحمد بن محمد أبو الحسين. مات سنة 295هـ.

7 ولكن اسمع للقشيري يقول في رسالته ص31: "الكيس من كان بحكم وقته. إن كان وقته الصحو فقيامه بالشريعة وإن كان وقته المحو فالغالب عليه أحكام الحقيقة" ألا ترى القشيري هنا يؤكد المغايرة بين الشريعة والحقيقة، وأن العارف في المحو ترفع عنه تكاليف الشريعة؟

ص: 210

بالملامتية1: "إنهم -في غرور- يزعمون أن الارتسام بالشريعة رتبة العوام، وهذا عين الإلحاد، وكل حقيقة ردتها الشريعة فهي زندقة2" وكذا قال الشيخ [64] عبد القادر الكيلاني، وقال القشيري:"من كان سكره بحظ مشوبا كان صحوه بحظ [صحيح3] مصحوبا، ومن كان محقا في حاله، كان محفوظا في سكره، والعبد4 في [حال5] سكره يشاهد الحال، وفي حال صحوه يشاهد6 العلم، إلا أنه في حال سكره محفوظ، لا بتكلفه، وفي حال صحوه متحفظ بتصرفه، ومن شرط الولي أن يكون محفوظا، كما أن من شرط النبي أن يكون معصوما": وإنما نقلت هذه النبذة الماضية من الشفاء7، ليعلم أن طريق

1 اقرأ عنهم كتاب الدكتور عفيفي: الملامتية.

2 ص57 عوارف المعارف للسهروردي.

3، 5 ساقطتان من الأصل، وأثبتهما عن الرسالة للقشيري.

4 في الأصل: وهو. والتصحيح من رسالة القشيري.

6 في الأصل: بشرط. والتصحيح من رسالة القشيري.

7 نقل المؤلف هذه النصوص ليقيم الحجة على الصوفية بشهادة أئمتهم، ولكن ما ينبغي أن تغرنا بالحق هذه النصوص، فإنما هي وجه إسلامي لقلب مجوسي، يحتدم حنقا على الكتاب والسنة، فالقشيري الذي يتراءى بتمجيد السنة هو الذي زعم في رسالته أن قبر معروف الكرخي يستشفى به، ونقل قول الكرخي للسري للسقطي:"يا سري. إذا كانت لك حاجة إلى الله فأقسم عليه بي" ويكفي هذا لإخراج المرء من زمرة المسلمين. ويقول السهروردي في عوارفه ص158 "وقد تقرر أن الوحدة والعزلة ملاك الأمر، ومتمسك أرباب الصدق" فأين الجمعة والجماعة والجهاد في سبيل الله؟ ثم يدعو السهروردي دعوة ما نوية صرفة فينسب إلى الرسول زورا أنه أباح العزوبة لأمته بعد المائتين، ويقول: سمعنا عن الجيلي أن بعض الصالحين قال له: لم تزوجت؟ فقال: ما تزوجت حتى قال لي رسول الله، فقال له: الرسول يأمر بالرخص، وطريق القوم: التزم بالعزيمة" يلتزم طريق القوم، ولا يلتزم أمر الرسول!! فهل تشم نفحة من السنة؟ لا بل يحموم المانوية الصرفة الداعية إلى القضاء على النوع الإنساني، وإبادة الجنس البشرى كله. وهذا يؤكد لك قوة الصلة، بين مجوسية ماني وبين التصوف.

ص: 211