الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام، فما أحقهم بقوله تعالى:{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا، وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 88، 89] إلى هذا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلام حملة1 شريعته من الصحابة والتابعين لهم بإحسان رضي الله عنهم دعوتا {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 22] .
الرأي في شعر ابن الفارض:
وأما المحامون له، فإنهم داعون إلى شاعر لم يؤثر عنه قط شيء غير ديوان شعر لم يمدح النبي صلى الله عليه وسلم فيه بقصيدة واحدة، بل هو كفر وضلالة وخلاعة وبطالة، وقد علم ذم الله، وذم رسوله صلى الله عليه وسلم للشعر والشعراء إذا كان حالهم مثل هذا، كما قال تعالى:{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 224-227] وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الستة عن ابن عمر رضي الله عنهما: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا [حتى يريه2] خير من أن يمتلئ شعرا3" وذلك إذا انفرد بالشعر
1 في الأصل: جملة، والسياق يوجب ما أثبته.
2 يرى من الورى، وهو داء يفسد الجوف. وهذه الزيادة لم ترد في رواية أبي داود. وهي كذلك ساقطة من الأصل.
3 لم يروه الستة عن بن عمر، وإنما رواه البخاري عنه، ورواه الشيخان =
كهذا الرجل، فإنه ليس شيء ينفع الدين أصلا، وليس له من الشعر إلا ما عادى به الإسلام، وأهله، وأذاهم غاية الأذى، وأوقع به بينهم1 العداوة والبغضاء؛ لأنه ملأه كفرا وخلاعة، وصدا عن الدين وشناعة، فقد حاد به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى:{لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [79] وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22] . فنحن في غاية السلامة، إن شاء الله تعالى، لما قدمت. وأما من يحامي عنه، فهو دائر بين اعتقاد ما تضمنه كلامه، وذلك هو الكفر الموجب للسيف في الدنيا، والخلود في النار في الأخرى، وبين الذب2 عنه مع الجهل لما قال، وذلك موجب لموادة من حاد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم الموجبة لعداوتها الجارة إلى كل شقاء.
= وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة. والمقصود والله أعلم: الشعر الذي يمجد الرذيلة، ويفسد الخلق والدين، وينابذ القيم الروحية، ويصرف النفس عن الحق من الكتاب والسنة. أما الشعر الذي يستلهم الإيمان والحكمة، ويصور المثل العليا، ويمجد قيم الحق والخير والمحبة، ويستحث النفوس على الجهاد في سبيل الحق. هذا الشعر من هواتف النفس المؤمنة، وليس بذي مذمة ولا مبغضة، ودليلي قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"إن من الشعر حكمة" رواه البخاري وأبو داود عن أبي بن كعب، ورواه الترمذي عن ابن مسعود، وأيضا ما روته عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يضع لحسان منبرا في المسجد يقوم عليه قائما، ينافح عن رسول الله، ثم يقول: "إن الله يؤيد حسانا يروح القدس ما نافح -أو فاخر- عن رسول الله" أخرجه البخاري -واللفظ له- وأبو داود والترمذي، كلهم عن عائشة رضي الله عنها.
1 يعني: بين المسلمين.
2 في الأصل: الذنب. والسياق يوجب ما أثبت.