الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختصمون إلي، ولعل أحدكم أن يكون ألحن1 بحجته، فأقضي له" الحديث رواه الستة عن أم سلمة رضي الله عنها في أمثال كثيرة، وقال الأصوليون: "كافة التأويل -إن كان لغير دليل- كان لعبا، وما ينسب إلى بعض المذاهب من تأويل ما هو ظاهر في الكفر فكذب أو غلط منشؤه سوء الفهم، كما بينت ذلك بيانا شافيا في غير هذه الرسالة، وإنما أولنا كلام المعصوم2؛ لأنه لا يجوز عليه الخطأ، وأما غيره، فيجوز عليه الخطأ سهوا وعمدا.
المتوقف في تكفير الصوفية:
ولا يسع أحدا أن يقول: أنا واقف أو ساكت لا أثبت، ولا أنفي؛ لأن ذلك يقتضي الكفر؛ لأن الكافر من أنكر ما علم من الدين بالضرورة. ومن شك في كفر مثل هذا كفر [78] ولهذا قال ابن المقري في مختصر الروضة:"من شك في اليهود والنصارى وطائفة [ابن3] عربي فهو كافر".
وحكى القاضي عياض في الباب الثاني من القسم الرابع من الشفاء: "الإجماع على كفر من لم يكفر أحدا من النصارى واليهود، وكل من فارق
1 أي: أفطن لها، ونص الحديث:"إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو مما أسمع،، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء، فلا يأخذ منه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار" فأين من هذا الهدى والحق ضلال الصوفية وباطلهم. إذ يزعمون أن حقائق الأشياء تنكشف لهم على ما هي عليه، وأنهم يتصرفون في البواطن، وأن شيوخهم يتكلمون عن سرائر دراويشهم وهم ساكتون؟
2 هذا على دين من يأخذون بالتأويل ممن يجعلون العقل حاكما على النقل، وقد سبق الرد على هذا.
3 ليست بالأصل والسياق يوجبها.
دين المسلمين، أو وقف في تكفيرهم، أو شك. قال القاضي أبو بكر: لأن التوقيف والإجماع [اتفقا1] على كفرهم، فمن وقف في ذلك، فقد كذب النص أو2 التوقيف، أو شك [فيه3] والتكذيب، أو الشك فيه لا يقع إلا من كافر4" ا. هـ.
وقال الإمام حافظ الدين النسفي في كتابه العمدة في أصول الدين: "التوقف باطل؛ لاقتضائه الشك، والشك فيما يفترض اعتقاده كالإنكار" ومن العجب أنهم يعاندوننا، لأننا لا نؤول لمن يجوز عليه الزلل، وينصرون من يتعصبون له، وهو5 لا يؤول المتشابه من كلام المعصوم، بل يجريه على ظاهره6 خلافا لإجماع الأمة7 مع تأدية ذلك إلى إبطال الشرع، ويدعون
1، 3 ساقطتان من الأصل، وأثبتهما عن الشفاء.
2 في الأصل: و. وهي في الشفاء كما أثبتها.
4 ص267جـ2 الشفاء.
5 يعني: ابن الفارض.
6 كان واجبا أن يقول: بل يجريه على ما يشهد الحس له من مظاهر بالنسبة إلى الخلق، أو على ما يشاء الهوى الصوفي، فابن الفارض -ككل صوفي- لا يقترف هذا، فحسب، بل يجرد اللفظ من دلالته ومعناه في العربية، ويفتري له معنى يهدف به إلى مساندة زندقته، وأحيانا يفصل بعض أجزاء الكلام عن بعض كمن يفصل "لا إله" عن "إلا الله". وأحيانا يقيس شأن الخلاق الخبير على شأن خلقه، ويحكم على الرب بما يحكم به على العبد، ومثاله ما افتراه من أن الله سبحانه يتلبس بصورة الخلق قياسا على شأن جبريل حين ظهر بصورة دحية والأعرابي. هذا بعض ما يمسخ به الصوفية وجه الحق!!
7 قوله هذا يجافي الحق، ويجانب الصواب، فالإجماع الذي يعتد به -إن كان لا بد مع النص إجماع- هو إجماع الصحابة والتابعين. وقد أجمع هؤلاء جميعا -ومن بعدهم الأئمة المهتدون- على إجراء ما تلقوه عن الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم على ظاهره، أي: على ما له من دلالة ومعنى في العربية، إذ لا يراد بالظاهر غير هذا، أما أن يراد بالظاهر كيفياته الحسية، فهذا ليس من دين أهل الحق، ولا من الحق في شيء. أقول هذا لأن البقاعي يعني بالمتشابه آيات الصفات وأحاديثها، وهذا رأي ساقط الاعتبار، لم يدن به إلا عبيد الفلسفة ومخانيث الكلام.