الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العامة، يعتقدون فيه اعتقادا عظيما، وينابذون أهل الشريعة، وذلك يدل على أنهم إنما يقولون: تؤول تقية، وخوفا من السيوف المحمدية، وأنهم يعتقدون الكلام على ظاهره، فاستوى حينئذ القتل على الزندقة وعدمه {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [غافر: 33] .
نصيحة:
ولا تهتموا أيها الأخوان بكثرة كلام أتباع الشيطان، وهجائهم لنا بالإثم والعدوان، فهم: إنما يقولون ذلك في الغيبة، ولهم عليه الإثم والخيبة، فإن الله تعالى قد ضمن النصرة، وإن كان مع المبطل الكثرة. روى [83] الشيخان عن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون، وحتى يقاتل بقيتهم الدجال" وفي رواية: "وهم بالشام"، وقال [تعالى] :{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]
= ولذا يقول في رسالته: "من رضي عنه شيخه لا يكافأ في حال حياته، لئلا يزول عن قلبه تعظيم ذلك الشيخ، فإذا مات الشيخ أظهر الله عز وجل عليه ما هو جزاء رضاه ومن تغير عليه قلب شيخه لا يكافأ في حال حياة ذلك الشيخ، لئلا يرق له، فإنهم مجبولون على الكرم، فإذا مات ذلك الشيخ، فحينئذ يجد المكافأة بعده" ويقول: "من خالف شيخه لم يبق على طريقته، ومن صحب شيخا من الشيوخ ثم اعترض عليه بقلبه، فقد نقض عهد الصحبة، ووجبت عليه التوبة! على أن الشيوخ قالوا: حقوق الأستاذين لا توبة عنها!! " انظر ص150، 151 من الرسالة للقشيري في باب حفظ قلوب المشايخ. ولكن أرأيت إلى الأستاذ القشيري كيف يقرر وجوب التوبة حتى على من همس في قلبه اعتراض على شيخه، بل يقرر أن التوبة من هذا لا تقبل! ولذا يقول الشعراني" من أشرك بشيخه شيخا آخر فكأنما أشرك بالله" يريد الصوفية سلفا وخلفا أن يكون الناس عبيد أهوائهم ونزواتهم، ويخوفونهم بغضب العبيد، لا غضب رب العالمين، ويشرعون لهم، أن الغاية من الإيمان إرضاء هوى الشيوخ، لا إرضاء مالك الملك سبحانه!!
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [الصف: 10، 11] إلى أن قال: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف: 12-14] .
وقد قلت في حالنا وحالهم.
نصرنا سنة المختار حقا
…
فهاجينا لذاك1 الأكافر
وراموا نصر شاعرهم فخابوا
…
وضلل سعيهم في نصر شاعر
{وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: 88]، {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29] ، {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40] ، {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر:51، 52] ، {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ، فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ، وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ، أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ، فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ، وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ، وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 171-182] .
قال منشؤها سيدنا الشيخ الإمام العالم العامل العلامة أبو الحسن برهان الدين إبراهيم البقاعي الشافعي نفع الله المسلمين بعلومه: إني فرغت [من] هذه الرسالة
1 لعلها: ذياك أو لذلكم. فبهذا يستقيم وزن البيت.
في مقدار يوم، وكان فراغي منها ليلة الأحد ثامن عشرين شهر رجب الفرد الحرام سنة ثمان وسبعين وثمانمائة في مسجد "دلر رجمه العبد1" بالقاهرة والحمد الله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه أجمعين.
وفرغ من كتابتها الفقير إلى رحمة ربه، سليمان بن عبد الرحيم في شهر ربيع الآخر من شهور سنة سبع وأربعين وتسعمائة للهجرة النبوية.
[زاد الناسخ، أو غيره بعد هذا] :
وممن يقول بكفر ابن عربي غير مصنف هذه الرسالة أيضا من العلماء الشيخ إبراهيم بن داود الآمدي2 والشيخ أبو بكر بن قاسم الكناني3 والشيخ الفاضل سليمان بن يوسف الياسوفي4 الدمشقي، والإمام الجليل علي بن عبد الله الأردبيلي5، والعلامة محمد بن خليل عز الدين الحاضري الحلبي الحنفي الفاضل محمد بن علي الدكالي6 ثم المصري، والشيخ الصالح موسى بن محمد الأنصاري 7 الشافعي قاضي حلب، وكلهم ذكر الشيخ برهان الدين إبراهيم البقاعي عن شيخه شهاب الدين أحمد بن حجر في تراجمهم ما فيه الكفاية من فضلهم وحذقهم، وعلمهم وزهدهم وورعهم، وإنما أردت ذكر أسمائهم، ليعلم أن من قال بكفر
1 كذا بالأصل.
2 أسلم على يد ابن تيمية، وكان دينا خيرا فاضلا. توفي سنة 797هـ.
3 ولد سنة 666هـ قال عنه الذهبي: دين حسن المحاضرة.
4 ولد سنة 739هـ تقريبا، كان شافعيا، ثم حبب إليه الحديث، فأقبل عليه بكليته، وسلك طريق الاجتهاد. توفي سنة 789هـ معتقلا بقلعة دمشق.
5 ولد سنة 667 قال عنه الذهبي: حصل جملة من كتب الحديث، وشغل في فنون وهو عالم كبير حسن الصيانة. مات بالقاهرة سنة 746هـ.
6 هو أبو أمامة ابن النقاش. وقد سبقت ترجمته.
7 ولد سنة 748هـ، ولي قضاء حلب عن الظاهر برقوق. وتوفي سنة 803هـ
هذا الضال جماعة من العلماء غير واحد ليحذر من مذهبه من لا يعرفه تحقيقا، ويعلم أن جماعة من العلماء لا يتفقون على ضلالة، وهؤلاء من المتأخرين دون من لم يذكرهم من المتقدمين، كالشيخ عز الدين بن عبد السلام، وصاحب المواقف وغيرهما، وكذلك الشيخ الجليل أفضل المتأخرين علامة زمانه الشيخ علاء الدين البخاري، وقد عمل في الرد على ابن عربي غبي وبيان كفره رسالة شافعية مسماة:"بفاضحة الملحدين، وناصحة الموحدين"". ومن أراد البحث والرد على هذه الطائفة، فليطالعها، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين".
فرغت من نسخها وتحقيقها والتعليق عليها يوم الخميس 4 من صفر سنة 1372هـ الموافق 23 من أكتوبر سنة 1952م بمدينة القاهرة والحمد لله أولا وآخرا.
وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله محمد خاتم النبيين، وسيد ولد آدم أجمعين.
عبد الرحمن الوكيل
عضو جماعة أنصار السنة المحمدية
وكان الفراغ من الطبع والتصحيح بمطبعة السنة المحمدية يوم الخميس 18 من رجب سنة 1372هـ الموافق 2 من إبريل سنة 1953م.
وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله المصطفى، ورسوله المجتبى: محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.