المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج] : - معارج القبول بشرح سلم الوصول - جـ ٣

[حافظ بن أحمد حكمي]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ: الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ

- ‌الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: الْإِيمَانُ بِعِلْمِ اللَّهِ عز وجل الْمُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ

- ‌الْإِيمَانُ بِكِتَابَةِ الْمَقَادِيرِ يَدْخُلُ فِيهِ خَمْسَةُ تَقَادِيرَ:

- ‌الْأَوَّلُ" التَّقْدِيرُ الْأَزَلِيُّ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

- ‌الرَّابِعُ التَّقْدِيرُ الْحَوْلِيُّ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌الْخَامِسُ التَّقْدِيرُ الْيَوْمِيُّ وَهُوَ سَوْقُ الْمَقَادِيرِ إِلَى الْمَوَاقِيتِ

- ‌الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ:

- ‌ الْقَدَرُ السَّابِقُ لَا يَمْنَعُ الْعَمَلَ وَلَا يُوجِبُ الِاتِّكَالَ

- ‌ أَقْوَالِ التَّابِعِينَ:

- ‌الْكَلَامُ عَلَى النَّوْءِ:

- ‌مَا وَرَدَ فِي الْعَدْوَى:

- ‌الْجَمْعُ بَيْنَ نَفْيِ الْعَدْوَى وَبَيْنَ النَّهْيِ عَنْ إِيرَادِ الْمُمْرِضِ عَلَى الْمُصِحِّ:

- ‌[[الفصل العاشر: في ست مسائل تتعلق بمباحث الدين]]

- ‌1- الْإِيمَانُ يزيد وينقص:

- ‌2- تُفَاضُلُ أَهْلِ الْإِيمَانِ:

- ‌3- فَاسْقُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الْإِيمَانِ:

- ‌4- الْعَاصِي لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ:

- ‌[6 - التَّوْبَةُ فِي حَقِّ كُلِّ فَرْدٍ إِذَا اسْتُكْمِلَتْ شُرُوطُهَا مَقْبُولَةٌ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ] :

- ‌[شُرُوطُ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ] :

- ‌[[الفصل الحادي عشر معرفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم]]

- ‌مَوْلِدُهُ

- ‌[دَعْوَتُهُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ]

- ‌حَدِيثُ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ:

- ‌[هَلْ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ] :

- ‌حَدِيثُ الْهِجْرَةِ:

- ‌الْإِذْنُ بِالْقِتَالِ:

- ‌وَفَاتُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ:

- ‌تَبْلِيغُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ رِسَالَةَ اللَّهِ:

- ‌[أَعْظَمُ مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْقُرْآنُ] :

- ‌[[الفصل الثاني عشر: فيمن هو أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الصحابة بمحاسنهم، والكف عن مساوئهم وما شجر بينهم، رضي الله عنهم]]

- ‌الْكَلَامُ عَلَى التَّابِعِينَ رضي الله عنهم:

- ‌إِجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ السُّكُوتِ عَمَّا كَانَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم:

- ‌ تَحْرِيمِ الْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ

- ‌ عِظَمِ إِثْمِ مَنْ أَحْدَثَ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ:

- ‌كُلُّ مَا وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ يُحْتَكَمُ فِيهِ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ:

الفصل: ‌[هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج] :

يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ وَلِهَذَا لَمَّا قَالُوا لِلصِّدِّيقِ وَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ قَالَ: إِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ، قَالُوا: وَتُصَدِّقُهُ بِذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ فِيمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ فِي خَبَرِ السَّمَاءِ يَأْتِيهِ، يَأْتِيهِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا. أَوْ كَمَا قَالَ.

[هَلْ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ] :

وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ الصَّالِحُ هَلْ رَأَى نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ؟ فَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَعْجَبُونَ أَنْ تَكُونَ الْخُلَّةُ لِإِبْرَاهِيمَ وَالْكَلَامُ لِمُوسَى، وَالرُّؤْيَةُ لِمُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1؟ وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَسُئِلَ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الْأَنْعَامِ: 103] ؟ قَالَ: لَا أُمَّ لَكَ، ذَلِكَ نُورُهُ إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لَمْ يُدْرِكْهُ شَيْءٌ2. وَرَوَى عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ لَا تُحْصَى كَثْرَةً قَالَ: رَأَى مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ3. وَعَنْهُ رَآهُ بِقَلْبِهِ4. وَفِي رِوَايَةٍ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ5، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. وَلَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

1 ابن خزيمة في التوحيد "ص197" وابن أبي عاصم في السنة "1/ 192/ ح442" والحاكم في المستدرك "1/ 65"، والنسائي في الكبرى كما في التحفة "5/ 165" وإسناده صحيح.

2 أخرجه الترمذي "5/ 395/ ح3279" في التفسير، باب ومن سورة النجم، وقال: هذا حديث حسن غريب وابن خزيمة في التوحيد "ص198" وابن أبي عاصم في السنة "1/ 190/ ح437". وأخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه واللالكائي في السنة كما في الدر المنثور "3/ 335" وفي إسناده الحكم بن إبان قال الحافظ عنه: صدوق عابد وله أوهام.

3 أخرجه ابن أبي عاصم في السنة "1/ 189/ ح435" وابن خزيمة في التوحيد "ص198" والحاكم في المستدرك "1/ 65" وإسناده صحيح.

4أخرجه مسلم "1/ 158/ ح175" في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} والترمذي "5/ 396/ ح3281" في التفسير، باب ومن سورة النجم، وقال: هذا حديث حسن.

5 مسلم "1/ 158/ ح176" في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} . وقد اضطربت الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما في إطلاق الرؤية أو تقييدها بالفؤاد. والصحيح تقييدها بالفؤاد، إذ هي أقوى الروايات عنه وهي هذه والتي سبقتها. وهي توافق حديثه عند أحمد مرفوعا "أتاني ربي الليلة في أحسن صورة -أحسبه يعني في النوم- فقال: يا محمد: أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟

" فذكره. وتوافق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} كما سيأتي قريبا.

ص: 1068

هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟. قَالَ: نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ؟ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: رَأَيْتُ نُورًا1.

قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي قَوْلِهِ: " نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ": هَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ عَلَى سِعَةِ لِسَانِ الْعَرَبِ: أَحَدُهُمَا الْإِثْبَاتُ وَمَعْنَاهُ إِنِّي أَرَاهُ، أَوْ كَيْفَ أَرَاهُ فَهُوَ نُورٌ أَوْ فإن ما أرى نُورٌ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا رِوَايَةُ "رَأَيْتُ نُورًا". الْمَعْنَى الثَّانِي النَّفْيُ قَالَ: وَالْعَرَبُ قَدْ تَقُولُ "أَنَّى" عَلَى مَعْنَى النَّفْيِ كَقَوْلِهِ عز وجل: {قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا} [الْبَقَرَةِ: 247] الْآيَةَ، يُرِيدُونَ كَيْفَ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ، ثُمَّ رَوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَرَهُ بِعَيْنِهِ2.

وَلَهُ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ فَقُلْتُ: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النَّجْمِ: 8] مَنْ ذَا يَا أَبَا سَعِيدٍ؟ قَالَ: رَبِّيَ3. وَلَهُ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَى مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ3. وَلَهُ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَسَّمَ رُؤْيَتَهُ وَكَلَامَهُ بَيْنَ مُوسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَرَآهُ مُحَمَّدٌ مَرَّتَيْنِ وَكَلَّمَ مُوسَى مَرَّتَيْنِ5. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: سَأَلْتُ عِكْرِمَةَ عَنْ قَوْلِهِ: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النَّجْمِ: 11] فَقَالَ عِكْرِمَةُ: تُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكَ أَنَّهُ قَدْ رَآهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: قَدْ رَآهُ، ثُمَّ قَدْ رَآهُ6. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: "لَمْ أَرَهُ

1 مسلم "1/ 161/ ح178" في الإيمان، باب في قوله عليه السلام: نور أني أراه. وفي قوله: رأيت نورا.

2 ابن خزيمة "ص208".

3 ابن خزيمة في التوحيد "ص213" وعباد بن منصور ضعيف. وقال الحافظ: صدوق رمي بالقدر وكان يدلس وتغير بآخرة وهو خلاف الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ولقد رآه نزلة أخرى". أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين

" وهذا يثبت ما قدمنا في حديث شريك وأنه قد وهم في بعض ألفاظه ومنها حين نسب التدلي لله عز وجل.

4 ابن خزيمة في التوحيد "ص199-200" وفيه المبارك بن فضالة والجمهور على طعن حفظه.

5 ابن خزيمة في التوحيد "ص202". وسنده صحيح إليه.

6 ابن أبي حاتم "ابن كثير 4/ 268" أخرجه ابن جرير في تفسيره "27/ 48" وسنده صحيح إليه. وتفسيره هذا هو خلاف الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أن الذي رآه هو جبريل كما تقدم من حديث عائشة مرفوعا عند مسلم.

ص: 1069

بِعَيْنِي، وَرَأَيْتُهُ بِفُؤَادِي مَرَّتَيْنِ" ثُمَّ تَلَا {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النَّجْمِ: 8] 1. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ قَالُوا: رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَقَوْلُ الْبَغَوِيِّ فِيهِ نَظَرٌ2. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: يَا أُمَّتَاهُ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ قَفَّ شَعْرِيَ مِمَّا قُلْتَ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ "ثَلَاثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ: مَنْ حدثك أن محمد صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ -ثُمَّ قَرَأَتْ {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الْأَنْعَامِ: 103] {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشُّورَى: 51]- وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ. ثُمَّ قَرَأَتْ {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لُقْمَانَ: 34] وَمَنْ حَدَّثَ أَنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ. ثُمَّ قَرَأْتُ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [الْمَائِدَةِ: 67] الْآيَةَ. وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عليه السلام فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ"3 هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقَالَتْ: "يَا أَبَا عَائِشٍ ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قَالَ: وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْظِرِينِي وَلَا تَعْجَلِينِي، أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ عز وجل:{وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التَّكْوِيرِ: 23]{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النَّجْمِ: 13] فَقَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ".

1 أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر كما في الدر المنثور "7/ 648" وابن أبي حاتم "ابن كثير 4/ 268" وابن جرير "27/ 49-50" وإسناده ضعيف. فيه محمد بن حميد الرازي وهو متهم. وموسى بن عبيدة وهو ضعيف. وهو خلاف الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم من حديث عائشة وكما سنذكر تاليا من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

2 البغوي "5/ 245" وابن كثير في تفسيره "4/ 267".

3 البخاري "8/ 275" في تفسير سورة المائدة، باب قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} ، وفي بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، وفي تفسير سورة والنجم، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} .

ص: 1070

فَقَالَتْ: أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الْأَنْعَامِ: 103] أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشُّورَى: 51] قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ وَاللَّهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [الْمَائِدَةِ: 67] قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَاللَّهُ يَقُولُ:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النَّمْلِ: 65] وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ -قَالَتْ: وَلَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم كَاتِمًا شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الْأَحْزَابِ: 37]1. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي آيَةِ النَّجْمِ مِثْلَ قَوْلِ عَائِشَةَ2.

1 مسلم "1/ 159-160/ ح177" في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} .

2 أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقد رواه مسلم في صحيحه "1/ 158/ ح175" في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ، وهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء؟. قال عطاء عن أبي هريرة: ولقد رآه نزلة أخرى. قال: رأى جبريل وكذلك ابن مسعود رضي الله عنه. رواه مسلم كذلك في صحيحه "1/ 158/ ح174" في الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى. قال زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود، قال: ما كذب الفؤاد ما رأى. قال: رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح.

وقد روى الإمام أحمد حديث ابن مسعود مرفوعا. قال ابن مسعود رضي الله عنه في هذه الآية: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"رأيت جبريل وله ستمائة جناح، ينتثر من ريشه التهاويل: الدر والياقوت". "المسند 1/ 460" قال ابن كثير: إسناده جيد قوي.

ورواه أحمد كذلك من طريق أخرى مرفوعا بلفظ: رأيت جبريل على سدرة المنتهى، وله ستمائة جناح "المسند 1/ 407". وقال ابن كثير: وهذا أيضا إسناده جيد.

فما تقدم يعلم أن الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به هو جبريل عليه السلام، لورود ذلك من صاحب الشأن وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عبرة لقول غيره مع قوله. =

ص: 1071

قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ رحمه الله فِي قَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها "فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ" قَالَ: هَذِهِ لَفْظَةٌ أَحْسَبُ عَائِشَةَ تَكَلَّمَتْ بِهَا فِي وَقْتِ غَضَبٍ، كَانَتْ لَفْظَةٌ أَحْسَنَ مِنْهَا يَكُونُ فِيهَا دَرْكٌ لِبُغْيَتِهَا، كَانَ أَجْمَلَ بِهَا، لَيْسَ يَحْسُنُ فِي اللَّفْظِ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ أَوْ قَائِلَةٌ قَدْ أَعْظَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْفِرْيَةَ وَأَبُو ذَرٍّ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَجَمَاعَاتٌ مِنَ النَّاسِ الْفِرْيَةَ عَلَى رَبِّهِمْ، وَلَكِنْ قَدْ يَتَكَلَّمُ الْمَرْءُ عِنْدَ الْغَضَبِ بِاللَّفْظَةِ الَّتِي يَكُونُ غَيْرُهَا أَحْسَنَ وَأَجْمَلَ مِنْهَا، أَكْثَرُ مَا فِي هَذَا أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَأَبَا ذَرٍّ وَابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَدِ اخْتَلَفُوا: هَلْ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَمْ يَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ، وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَدْ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ، وَقَدْ أَعْلَمْتُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ النَّفْيَ لَا يُوجِبُ عِلْمًا، وَالْإِثْبَاتَ هُوَ الَّذِي يُوجِبُ الْعِلْمَ. لَمْ تَحْكِ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ خَبَّرَهَا أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ1، وَإِنَّمَا تَلَتْ قَوْلَهُ عز وجل:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الْأَنْعَامِ: 103] وَقَوْلَهُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشُّورَى: 51] وَمَنْ تَدَبَّرَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَوُفِّقَ لِإِدْرَاكِ الصَّوَابِ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنَ الْآيَتَيْنِ مَا يَسْتَحِقُّ مَنْ قال إن محمد رَأَى رَبَّهُ الرَّمْيَ بِالْفِرْيَةِ عَلَى اللَّهِ، كَيْفَ بِأَنْ يَقُولَ قَدْ أَعْظَمَ الْفَرْيَةَ عَلَى اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ رحمه الله

= أما قول النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر: "رأيت نورا". فهو نور الحجاب. إذ حجابه سبحانه وتعالى: النور.

قال أبو موسى رضي الله عنه: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: "إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام. يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه". رواه مسلم "1/ 161-162/ ح179".

ولكن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في المنام كما قدمنا من حديث ابن عباس رضي الله عنه الذي رواه أحمد "1/ 268". إذ عليه يحمل كلام ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه.

وما سيأتي من محاولة ابن خزيمة تخطئة عائشة رضي الله عنها. فإنه هو المخطئ كما قال ابن كثير. وأما قول ابن خزيمة رحمه الله أن عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء فأجابت بهذا القول الذي سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمردود فإن عائشة رضي الله عنها قد سألت عن ذلك بعد الإسراء ولم يثبت لها الرؤية كما تقدم. وأما احتجابه بحديث أنس فقد تقدم القول فيه وغلط شريك في تلك الرواية.

1 بل أخبرت رضي الله عنها من قوله صلى الله عليه وسلم حين سألته. وقد تقدم ذكر ذلك.

ص: 1072

تَعَالَى: فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِثْبَاتُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَأَى رَبَّهُ1، وَبِيَقِينٍ يَعْلَمُ كُلُّ عَالِمٍ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يُدْرَكُ بِالْعُقُولِ وَالْآرَاءِ وَالْجَنَانِ وَالظُّنُونِ، وَلَا يُدْرَكُ مِثْلُ هَذَا الْعِلْمِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ النُّبُوَّةِ إِمَّا بِكُتَّابٍ أَوْ بُقُولِ نَبِيٍّ مُصْطَفًى، وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَتَوَهَّمُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ بِرَأْيٍ وَلَا ظَنٍّ لَا وَلَا أَبُو ذَرٍّ وَلَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. نَقُولُ كَمَا قَالَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ لَمَّا ذُكِرَ اخْتِلَافُ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: مَا عَائِشَةُ عِنْدَنَا أَعْلَمَ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَقُولُ عَائِشَةُ الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ حَبِيبَةُ حَبِيبِ اللَّهِ عَالِمَةٌ فَقِيهَةٌ، كَذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ابْنُ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُ أَنْ يُرْزَقَ الْحِكْمَةَ وَالْعِلْمَ. وَهَذَا الْمَعْنَى مِنَ الدُّعَاءِ وَهُوَ الْمُسَمَّى تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ، وَقَدْ كَانَ الْفَارُوقُ رضي الله عنه يَسْأَلُهُ عَنْ مَعَانِي الْقُرْآنِ فَيَقْبَلُ مِنْهُ وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ سِنًّا مِنْهُ وَأَقْدَمُ صُحْبَةً لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِذَا اخْتَلَفَا فَمُحَالٌ أَنْ يُقَالَ قَدْ أَعْظَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَثْبَتَ شَيْئًا نَفَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها، وَالْعُلَمَاءُ لَا يُطْلِقُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ، وَإِنْ غَلِطَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى الْآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل أَوْ خَالَفَ سُنَّةً أَوْ سُنَنًا مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ تَبْلُغِ الْمَرْءَ تِلْكَ السُّنَنُ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ مَنْ أَثْبَتَ شيئا لم ينفعه كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ، فَتَفْهَمُوا هَذَا لَا تُغَالِطُوا. ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ كُنْتُ قَدِيمًا أَقُولُ إِنَّ عَائِشَةَ حَكَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَتْ تَعْتَقِدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرَ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهَا ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو ذَرٍّ رضي الله عنهم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ لَعَلِمَ كُلُّ عَالِمٍ يَفْهَمُ هَذِهِ الصِّنَاعَةَ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ طَرِيقِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ قَبُولُ قَوْلِ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ، إِذْ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ رضي الله عنها سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَمْ أَرَ رَبِّي قَبْلَ أَنْ يَرَى رَبَّهُ عز وجل، ثُمَّ يَسْمَعُ غَيْرُهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُ أَنَّهُ قَدْ رَأَى رَبَّهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ رَبَّهُ، فَيَكُونُ الْوَاجِبُ مِنْ طَرِيقِ الْعِلْمِ قَبُولَ خَبَرِ مَنْ أَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ2. انْتَهَى كَلَامُهُ رحمه الله.

1 قد تقدم أنه أثبت رؤية المنام لا اليقظة.

2 ابن خزيمة في التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل "ص225-230" باختصار.

ص: 1073