المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أقوال التابعين: - معارج القبول بشرح سلم الوصول - جـ ٣

[حافظ بن أحمد حكمي]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ: الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ

- ‌الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: الْإِيمَانُ بِعِلْمِ اللَّهِ عز وجل الْمُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ

- ‌الْإِيمَانُ بِكِتَابَةِ الْمَقَادِيرِ يَدْخُلُ فِيهِ خَمْسَةُ تَقَادِيرَ:

- ‌الْأَوَّلُ" التَّقْدِيرُ الْأَزَلِيُّ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

- ‌الرَّابِعُ التَّقْدِيرُ الْحَوْلِيُّ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌الْخَامِسُ التَّقْدِيرُ الْيَوْمِيُّ وَهُوَ سَوْقُ الْمَقَادِيرِ إِلَى الْمَوَاقِيتِ

- ‌الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ:

- ‌ الْقَدَرُ السَّابِقُ لَا يَمْنَعُ الْعَمَلَ وَلَا يُوجِبُ الِاتِّكَالَ

- ‌ أَقْوَالِ التَّابِعِينَ:

- ‌الْكَلَامُ عَلَى النَّوْءِ:

- ‌مَا وَرَدَ فِي الْعَدْوَى:

- ‌الْجَمْعُ بَيْنَ نَفْيِ الْعَدْوَى وَبَيْنَ النَّهْيِ عَنْ إِيرَادِ الْمُمْرِضِ عَلَى الْمُصِحِّ:

- ‌[[الفصل العاشر: في ست مسائل تتعلق بمباحث الدين]]

- ‌1- الْإِيمَانُ يزيد وينقص:

- ‌2- تُفَاضُلُ أَهْلِ الْإِيمَانِ:

- ‌3- فَاسْقُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الْإِيمَانِ:

- ‌4- الْعَاصِي لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ:

- ‌[6 - التَّوْبَةُ فِي حَقِّ كُلِّ فَرْدٍ إِذَا اسْتُكْمِلَتْ شُرُوطُهَا مَقْبُولَةٌ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ] :

- ‌[شُرُوطُ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ] :

- ‌[[الفصل الحادي عشر معرفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم]]

- ‌مَوْلِدُهُ

- ‌[دَعْوَتُهُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ]

- ‌حَدِيثُ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ:

- ‌[هَلْ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ] :

- ‌حَدِيثُ الْهِجْرَةِ:

- ‌الْإِذْنُ بِالْقِتَالِ:

- ‌وَفَاتُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ:

- ‌تَبْلِيغُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ رِسَالَةَ اللَّهِ:

- ‌[أَعْظَمُ مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْقُرْآنُ] :

- ‌[[الفصل الثاني عشر: فيمن هو أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الصحابة بمحاسنهم، والكف عن مساوئهم وما شجر بينهم، رضي الله عنهم]]

- ‌الْكَلَامُ عَلَى التَّابِعِينَ رضي الله عنهم:

- ‌إِجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ السُّكُوتِ عَمَّا كَانَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم:

- ‌ تَحْرِيمِ الْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ

- ‌ عِظَمِ إِثْمِ مَنْ أَحْدَثَ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ:

- ‌كُلُّ مَا وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ يُحْتَكَمُ فِيهِ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ:

الفصل: ‌ أقوال التابعين:

ذِكْرُ‌

‌ أَقْوَالِ التَّابِعِينَ:

قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: إِنَّكُمْ مَكْتُوبُونَ عِنْدَ اللَّهِ بِأَسْمَائِكُمْ وَسِيْمَاكُمُ وَنَجْوَاكُمْ وَحُلَاكُمْ وَمَجَالِسِكُمْ1.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الْأَنْفَالِ: 24] قَالَ: يَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكُفْرِ، وَبَيْنَ الْكَافِرِ وَالْإِيمَانِ2.

وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَذَكَرَ قِصَّةَ بُخْتُ نَصَّرَ وَمُلْكَ ابْنِهِ فَرَأَى كَفًّا فَرَّجَتْ بَيْنَ لَوْحَيْنِ ثُمَّ كَتَبَتْ سَطْرَيْنِ، فَدَعَا الْكُهَّانَ وَالْعُلَمَاءَ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُمْ مِنْهُ عِلْمًا. فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: إِنَّكَ لَوْ أَعَدْتَ لِدَانْيَالَ مَنْزِلَتَهُ الَّتِي كَانَتْ لَهُ مِنْ أَبِيكَ -وَكَانَ قَدْ جَفَاهُ- أَخْبَرَكَ. فَدَعَاهُ فَقَالَ: إِنِّي مُعِيدٌ لَكَ مَنْزِلَتَكَ مِنْ أَبِي فَأَخْبِرْنَا مَا هَذَانِ السَّطْرَانِ؟ قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ مُعِيدٌ لِي مَنْزِلَتِي مِنْ أَبِيكَ فَلَا حَاجَةَ لِي بِذَلِكَ. وَأَمَّا هَذَانِ السَّطْرَانِ فَإِنَّكَ تُقْتَلُ اللَّيْلَةَ. فَأَخْرَجَ مَنْ فِي الْقَصْرِ أَجْمَعِينَ وَأَمَرَ بِقُفْلَةِ جَلَّادٍ فَقُفِلَتْ بِهَا الْأَبْوَابُ عَلَيْهِ، وَأُدْخِلَ مَعَهُ آمَنُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فِي نَفْسِهِ، مَعَهُ سَيْفٌ وَقَالَ لَهُ: مَنْ جَاءَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَاقْتُلْهُ وَإِنْ قَالَ أَنَا فُلَانٌ. وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْبَطْنَ فَجَعَلَ يَمْشِي وَالْآخَرُ مُسْتَيْقِظٌ، حَتَّى إِذَا كَانَ عَلَى شَطْرِ اللَّيْلِ رَقَدَ وَرَقَدَ صَاحِبُهُ ثُمَّ نَبَّهَهُ الْبَطْنُ فَذَهَبَ يَمْشِي وَالْآخَرُ رَاقِدٌ فَرَجَعَ فَاسْتَيْقَظَ. فَقَالَ: أَنَا فُلَانٌ وَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ3.

وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: مَا قَدَّرَ اللَّهُ فَهُوَ قَدَرٌ4.

وَكَانَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْقَدَرِ ضُعَفَاؤُهُمْ يَقُولُ: إِنَّ كُلَّ

1 عبد الله في السنة "ح879" وسنده صحيح.

2 عبد الله في السنة "ح880" وابن جرير "9/ 215" وسنده صحيح.

3 عبد الله في السنة "ح882" وإسناده صحيح.

4 عبد الله في السنة "ح883" وسنده إليه صحيح.

ص: 969

مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي خُصُومَةِ الْقَدَرِ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ إِذَا تَكَلَّمَ: كَانَ مِنْ قَدَرِ اللَّهَ كَذَا وَكَذَا1.

وَقَالَ مَعْمَرٌ: إِنَّ ابْنَ شُبْرُمَةَ كَانَ يَغْضَبُ إِذَا قِيلَ لَهُ: مَدَّ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ، يَقُولُ: إِنَّ الْعُمْرَ لَا يُزَادُ فِيهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ2.

وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشَّمْسِ: 8] قَالَ: فَالْفَاجِرَةُ أَلْهَمَهَا اللَّهُ الْفُجُورَ، وَالتَّقِيَّةُ أَلْهَمَهَا اللَّهُ التَّقْوَى3.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قَوْلُ اللَّهِ: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} قَالَ: عَلِمَ مِنْ إِبْلِيسَ الْمَعْصِيَةَ وَخَلَقَهُ لَهَا4.

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ: وَقَفَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ عَلَى مَكْحُولٍ وَأَنَا مَعَهُ فَقَالَ: يَا مَكْحُولُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَكَلَّمْتَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَدَرِ، وَوَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ ذَلِكَ لَكُنْتُ صَاحِبَكَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَقَالَ مَكْحُولٌ: لَا وَاللَّهِ أَصْلَحَكَ اللَّهُ، مَا ذَاكَ مِنْ شَأْنِي وَلَا مِنْ قَوْلِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ5.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيِّ: إِنَّ آفَةَ كُلِّ دِينٍ كَانَ قَبْلَكُمْ -أَوْ قَالَ:- آفَةُ كُلِّ دِينٍ الْقَدَرُ6.

وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ: لَمْ نُوَكَّلْ فِي الْقُرْآنِ إِلَى الْقَدَرِ. وَأَخْبَرَنَا أَنَّا إِلَيْهِ نَصِيرُ7. وَكَانَ طَاوُسٌ بِمَكَّةَ يُصَلِّي وَرَجُلَانِ خَلْفَهُ يَتَجَادَلَانِ فِي الْقَدَرِ، فَانْصَرَفَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ: يَرْحَمُكُمَا اللَّهُ تُجَادِلَانِ فِي حُكْمِ اللَّهِ8؟.

1 عبد الله في السنة "ح884" وهو صحيح إليه.

2 عبد الله في السنة "ح885" وهو صحيح إليه.

3 عبد الله في السنة "ح890" وهو صحيح إليه.

4 عبد الله في السنة "ح891" وهو صحيح إليه.

5 عبد الله في السنة "ح893" وهو صحيح إليه.

6 عبد الله في السنة "ح895" وفيه انقطاع في سنده.

7 عبد الله في السنة "ح899" والآجري في الشريعة "ص220" وعبد الرزاق في مصنفه "رقم20089" وهو صحيح إليه.

8 عبد الله في السنة "ح909" وهو صحيح إليه.

ص: 970

وَقَالَ مَيْمُونٌ: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا تَعْلَمُوا النُّجُومَ، وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْقَدَرِ1.

وَقَالَ طَاوُسٌ أَيْضًا: أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ2.

وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: لَعَنَ اللَّهُ دِينًا أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ -يَعْنِي التَّكْذِيبَ بِالْقَدَرِ- يَقُولُ هَذَا عِنْدَمَا يُرْوَى حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يُؤْمِنُ الْمَرْءُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ"3.

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: الزِّنَا بِقَدَرٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: كَتَبَهُ عَلَيَّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَيُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَأَخَذَ لَهُ الْحَصَى4.

وَقَالَ الْحَسَنُ: مَنْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ فَقَدْ كَذَّبَ بِالْقُرْآنِ5.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 63] قَالَ: أَعْمَالٌ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا6.

وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النِّسَاءِ: 79] وَأَنَا قَدَّرْتُهَا عَلَيْكَ7.

وَقَالَ حُمَيْدٌ: قَدِمَ الْحَسَنُ مَكَّةَ، فَقَالَ لِي فُقَهَاءُ مَكَّةَ -الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ- لَوْ كَلَّمْتَ الْحَسَنَ فَأَخْلَانَا يَوْمًا. فَكَلَّمْتُ الْحَسَنَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا

1 عبد الله في السنة "ح910" وهو صحيح إليه.

2 عبد الله في السنة "ح913" وهو عند مسلم "4/ 2045/ ح2655" في القدر.

3 عبد الله في السنة "ح916" وسنده حسن والحديث عند أحمد "2/ 181 و212" وسنده حسن.

4 عبد الله في السنة "ح933" والآجري في الشريعة "ص240" واللالكائي "رقم1270".

5 عبد الله في السنة "ح934" وهو صحيح إليه وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه "رقم20085" واللالكائي "ح1254" وابن بطة في الإبانة "2/ 276-277".

6 عبد الله في السنة "ح939" وابن جرير في تفسيره "18/ 36" وهو صحيح إليه.

7 عبد الله في السنة "ح940" وابن جرير في تفسيره "5/ 176" وهو صحيح إليه.

ص: 971

سَعِيدٍ إِخْوَانُكَ يُحِبُّونَ أَنْ تَجْلِسَ لَهُمْ يَوْمًا. قَالَ: نَعَمْ وَنِعْمَتْ عَيْنٌ، فَوَاعَدَهُمْ يَوْمًا فَجَاءُوا وَاجْتَمَعُوا، وَتَكَلَّمَ الْحَسَنُ وَمَا رَأَيْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا بَعْدَهُ أَبْلَغَ مِنْهُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَسَأَلُوهُ عَنْ صَحِيفَةٍ طَوِيلَةٍ فَلَمْ يُخْطِئْ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا فِي مَسْأَلَةٍ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَلَقَ الشَّيْطَانَ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَهَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ؟ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الشَّيْطَانَ وَخَلَقَ الشَّرَّ وَخَلَقَ الْخَيْرَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ يَكْذِبُونَ عَلَى الشَّيْخِ1.

وَقَالَ أَيْضًا: قَرَأْتُ عَلَى الْحَسَنِ فِي بَيْتِ أَبِي خَلِيفَةَ الْقُرْآنَ أَجْمَعَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، وَكَانَ يُفَسِّرُهُ عَلَى الْإِثْبَاتِ2.

وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: أَرَأَيْتَ آدَمَ أَلِلْجَنَّةِ خُلِقَ أَمْ لِلْأَرْضِ؟ قَالَ: لِلْأَرْضِ. قَالَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوِ اعْتَصَمَ. قَالَ: لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الْخَطِيئَةِ3.

وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: مَا كَلَّمْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ بِعَقْلِي كُلِّهِ، إِلَّا الْقَدَرِيَّةَ فَإِنِّي قُلْتُ لَهُمْ: مَا الظُّلْمُ فِيكُمْ؟ فَقَالُوا: أَنْ يَأْخُذَ الْإِنْسَانُ مَا لَيْسَ لَهُ. فَقُلْتُ لَهُمْ: فَإِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ4.

وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ "أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اسْتِعْمَالَكَ سَعْدَ بْنَ مَسْعُودٍ عَلَى عُمَانَ كَانَ مِنَ الْخَطَايَا الَّتِي قَدَّرَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَقَدَّرَ أَنْ تُبْتَلَى بِهَا".

وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْهُ رضي الله عنه. قَالَ: لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى لَمْ

1 عبد الله في السنة "ح942" وهو صحيح وحميد هو الطويل.

2 عبد الله في السنة "ح944" وهو صحيح.

3 عبد الله في السنة "ح945" وهو صحيح إليه.

4 عبد الله في السنة "ح946" والآجري في الشريعة "ص200" واللالكائي "ح/ 1280" وهو صحيح إليه.

5 عبد الرزاق "رقم20091" وعبد الله في السنة "ح935" واللالكائي "1248" وهو صحيح إليه.

ص: 972

يَخْلُقْ إِبْلِيسَ. ثُمَّ قَرَأَ {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصَّافَّاتِ: 163]1.

وَلَهُ عَنْهُ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِغَيْلَانَ: أَلَسْتَ تُقِرُّ بِالْعِلْمِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَمَا تُرِيدُ مَعَ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصَّافَّاتِ: 162-163]2.

وَلَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِىِّ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَدْ دَعَا غَيْلَانَ لِشَيْءٍ بَلَغَهُ فِي الْقَدَرِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا غَيْلَانُ مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ؟ قَالَ: يُكْذَبُ عَلَيَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُقَالُ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ. قَالَ: مَا تَقُولُ فِي الْعِلْمِ؟ قَالَ: قَدْ نَفَذَ الْعِلْمُ. قَالَ: فَأَنْتَ مَخْصُومٌ. اذْهَبِ الْآنَ فَقُلْ مَا شِئْتَ. وَيْحَكَ يَا غَيْلَانُ إِنَّكَ إِنْ أَقْرَرْتَ بِالْعِلْمِ خُصِمْتَ، وَإِنْ جَحَدْتَهُ كَفَرْتَ، وَإِنَّكَ أَنْ تُقِرَّ بِهِ فَتُخْصَمَ خَيْرُ لَكَ مِنْ أَنْ تَجْحَدَهُ فَتَكْفُرَ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ لَهُ: تَقْرَأُ يس؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ {يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [يس: 1-2] فَقَرَأَ {يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: 1-7] قَالَ: قِفْ، كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ: كَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: زِدْ {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} [يس: 8-9] قَالَ لَهُ عُمَرُ: قُلْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ قَالَ: قَالَ لَهُ عُمَرُ: قُلْ: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: 9-10] قَالَ: كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ: كَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَاتِ وَإِنِّي أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا كُنْتُ أَتَكَلَّمُ فِيهِ أَبَدًا. قَالَ: اذْهَبْ. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِبًا فِيمَا قَالَ فَأَذِقْهُ حَرَّ السِّلَاحِ. قَالَ: فَلَمْ يَتَكَلَّمْ زَمَنَ عُمَرَ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ جَاءَ رَجُلٌ لَا يَهْتَمُّ لِهَذَا وَلَا يَنْظُرُ فِيهِ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ غَيْلَانُ فَلَمَّا وَلِيَ هِشَامٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ عَاهَدْتَ اللَّهَ تَعَالَى

1عبد الله في السنة "ح936" وهو صحيح إليه.

2 عبد الله في السنة "ح947" وهو حسن إليه.

ص: 973

لِعُمَرَ أَنْ لَا تَتَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ أَبَدًا؟ قَالَ: أَقِلْنِي، فَلَا وَاللَّهِ لَا أَعُودُ. قَالَ: لَا أَقَالَنِي اللَّهُ إِنْ أَقَلْتُكَ، هَلْ تَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: اقْرَأْهَا. فَقَرَأَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الْفَاتِحَةِ: 2-5] قَالَ: قِفْ علام تستعينه؟ على أَمْرٍ بِيَدِهِ لَا تَسْتَطِيعُهُ إِلَّا بِهِ، أَوْ عَلَى أَمْرٍ فِي يَدِكَ أَوْ بِيَدِكَ؟ اذْهَبَا بِهِ فَاقْطَعَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَاضْرِبُوا عُنُقَهُ وَاصْلُبُوهُ1.

قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: أَنَا رَأَيْتُ غَيْلَانَ مَصْلُوبًا عَلَى بَابِ دِمَشْقَ2.

وَعَنْهُ قَالَ فِي أَصْحَابِ الْقَدَرِ: فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا نُفُوا مِنْ دَارِ الْمُسْلِمِينَ3.

وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ سَهْلٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لِي: مَا تَرَى فِي هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَرَى أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ فَإِنْ قَبِلُوا وَإِلَّا عَرَضْتَهُمْ عَلَى السَّيْفِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ذَلِكَ رَأْيِي. قُلْتُ: أَسْأَلُكَ فَمَا رَأْيُكَ أَنْتَ؟ قَالَ: هُوَ رَأْيِي. الْقَائِلُ لِمَالِكٍ فَمَا رَأْيُكَ؟ هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى4.

وَكَانَ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَقُولُ لِأَمِيرٍ كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ اضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ يَعْنِي الْقَدَرِيَّةَ5.

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْقَدَرِ مِنَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ6.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَا يَكُونُ مَجُوسِيَّةٌ حَتَّى يَكُونَ قَدَرِيَّةٌ ثُمَّ تَزَنْدَقُوا ثُمَّ تَمَجَّسُوا7.

1 عبد الله في السنة "ح948" والآجري في الشريعة "ص228" وهو حسن الإسناد.

2 عبد الله في السنة "ح949" وهو صحيح إليه.

3 عبد الله في السنة "ح951".

4 عبد الله في السنة "ح952" والآجري في الشريعة "ص227" وهو صحيح إليه. وإسحاق هو الطباع.

5 عبد الله في السنة "ح954" وسنده حسن إليه.

6 عبد الله في السنة "ح956" وسنده حسن إليه.

7 عبد الله في السنة "ح960" وسنده صحيح إليه.

ص: 974

وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هُودٍ: 118] فَقَالَ: النَّاسُ مُخْتَلِفُونَ عَلَى أَدْيَانٍ شَتَّى إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ، وَمَنْ رَحِمَ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ فِيهِ، فَلَقَّنْتُهُ {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} قَالَ: نَعَمْ، خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِجَنَّتِهِ وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِنَارِهِ. وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِرَحْمَتِهِ وَهَؤُلَاءِ لِعَذَابِهِ1.

وَقَالَ أَيْضًا: قُلْتُ لِلْحَسَنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الْحَدِيدِ: 22] قَالَ: قِسْمَةُ اللَّهِ، وَمَنْ يَشُكُّ فِي هَذَا؟ كُلُّ مُصِيبَةٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَبْرَأَ النَّسَمَةَ2.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [الْقَمَرِ: 47-49] فِي أَهْلِ الْقَدَرِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ قَالَ: نَزَلَتْ تَعْيِيرًا لِأَهْلِ الْقَدَرِ3.

وَعَنْهُ أَنَّ الْفَضْلَ الرَّقَاشِيَّ قَعَدَ إِلَيْهِ فَذَاكَرَهُ شَيْئًا مِنَ الْقَدَرِ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: تَشْهَدُهُ فَلَمَّا بَلَغَ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ رَفَعَ مُحَمَّدٌ عَصًا مَعَهُ فَضَرَبَ بِهَا رَأَسَهُ وَقَالَ: قُمْ. فَلَمَّا قَامَ فَذَهَبَ. قَالَ: لَا يَرْجِعُ هَذَا عَنْ رَأْيِهِ أَبَدًا4.

وَقَالَ مَطَرٌ رحمه الله: لَقِيَنِي عَمْرُو بْنُ عَبِيدٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي وَإِيَّاكَ لَعَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ. قَالَ: كذب وَاللَّهِ. إِنَّمَا عَنَى عَلَى الْأَرْضِ. وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُصِدِّقُهُ فِي شَيْءٍ5.

1 عبد الله في السنة "ح950" وابن جرير "12/ 141" وسنده حسن إليه.

2 عبد الله في السنة "ح961" وسنده حسن إليه.

3 عب الله في السنة "ح941" والآجري في الشريعة "ص222" وهو صحيح إليه.

4 عبد الله في السنة "ح962" وإسناده صحيح إليه. والفضل قدري ينكر الحديث.

5 عبد الله في السنة "ح963" وإسناده صحيح إليه. وعمرو معتزلي كذاب.

ص: 975

وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ وَهُوَ يَحُكُّ الْمُصْحَفَ، فَقُلْتُ: مَا تَصْنَعُ؟ فَقَالَ: أُثْبِتُ مَكَانَهُ خَيْرًا مِنْهُ1.

وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَيُّوبَ وَيُونُسَ وَابْنِ عَوْنٍ وَغَيْرِهِمْ، فَمَرَّ بِهِمْ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَوَقَفَ وَقْفَتَهُ فَمَا رَدُّوا عليه السلام، ثُمَّ جَازَ فَمَا ذَكَرُوهُ2.

وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ: يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ سَمِعْتُ مِنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ؟ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، أَيْ: كَثِيرًا. قُلْتُ: فَلِمَ لَا تُسَمِّيهِ وَأَنْتَ تُسَمِّي غَيْرَهُ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ؟ قَالَ: لِأَنَّ هَذَا كَانَ رَأْسًا3.

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ مُكْرَمٍ قَالَ: رَآنِي ابْنُ عَوْنٍ مَعَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ فِي السُّوقِ فَأَعْرَضَ عَنِّي، قَالَ: فَاعْتَذَرْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: أَمَّا إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ فَمَا زَادَنِي4.

وَعَنْ أَبِي بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَمْرٍو -يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدٍ- وَقَرَأَ عِنْدَهُ هَذِهِ الْآيَةَ {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [الْبُرُوجِ: 22] فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [الْمَسَدِ: 1] كَانَتْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ؟ قَالَ: لَيْسَتْ هَكَذَا كَانَتْ. قَالُوا: وَكَيْفَ كَانَتْ؟ قَالَ: كَانَتْ تَبَّتْ يَدَا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِ مَا عَمِلَ أَبُو لَهَبٍ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: وَهَكَذَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَقْرَأَ إِذَا قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ؟ فَغَضِبَ عَمْرٌو، فَتَرَكَهُ حَتَّى سَكَنَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عُثْمَانَ أَخْبِرْنِي عَنْ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ كَانَتْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ هَكَذَا كَانَتْ. قَالَ: فَكَيْفَ كَانَتْ؟ قَالَ: تَبَّتْ يَدَا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِ عَمَلِ أَبِي لَهَبٍ، قَالَ: فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، قَالَ عَمْرٌو: إِنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَيْسَ بِسُلْطَانٍ، إِنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ. قُلْتُ: إِنْ كَانَ قَالَ هَذَا وَمَاتَ عَلَيْهِ

1 عبد الله في السنة "ح964" وابن عدي في "الكامل""5/ 1751" واللالكائي "رقم1371" والخطيب في "تاريخ بغداد""12/ 171".

2 عبد الله في السنة "ح965" وابن عدي "الكامل""5/ 1751".

3 عبد الله في السنة "ح966".

4 عبد الله في السنة "ح967".

ص: 976

فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَكْذُوبًا عَلَيْهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ1.

وَعَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ أَيُّوبَ فِي جِنَازَةٍ وَبَيْنَ أَيْدِينَا ثَلَاثَةُ رَهْطٍ قَدْ كَانُوا مَعَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ فِي الْإِعْتِزَالِ ثُمَّ تَرَكُوا رَأْيَهُ ذَلِكَ وَفَارَقُوهُ، قَالَ: فَقَالَ لِي أَيُّوبُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْأَلَهُ: لَا تَرْجِعُ قُلُوبُهُمْ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ2.

وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلَيْنِ يَتَكَلَّمَانِ فِي الْمِرْبَدِ فِي الْقَدَرِ، فَقَالَ فَضْلٌ الرَّقَاشِيُّ لِصَاحِبِهِ: لَا تُقِرُّ لَهُ بِالْعِلْمِ، إِنْ أَقْرَرْتَ لَهُ بِالْعِلْمِ فَأَمْكَنْتَ مِنْ نَفْسِكِ؛ يَسْحَبُكَ عَرْضَ الْمِرْبَدِ3.

وَعَنْ حَوْثَرَةَ بْنِ أَشْرَسَ قَالَ: سَمِعْتُ سَلَّامًا أَبَا الْمُنْذِرِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَهُوَ يَقُولُ: سَلُوهُمْ عَنِ الْعِلْمِ. هَلْ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؟ فَإِنْ قَالُوا قَدْ عَلِمَ فَلَيْسَ فِي أَيْدِيهِمْ شَيْءٌ، وَإِنْ قَالُوا لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ حَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ4.

قَالَ حَوْثَرَةُ: وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّ غَيْلَانَ يَقُولُ الْقَدَرُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَمَرَّ بِهِ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْعِلْمِ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا هِيَ عَامِلَةٌ وَإِلَى مَا هِيَ صَائِرَةٌ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ قُلْتَ غَيْرَ هَذَا لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ، اذْهَبِ الْآنَ فَجَاهِدْ جهدك5.

وعن معاد بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ، ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدَرِيٌّ، فَأَعَدْتُ الصَّلَاةَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثِينَ سَنَةً6.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ: الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ، وَالْقَدَرِيَّةُ كُفَّارٌ7.

1 عبد الله في السنة "ح975".

2 عبد الله في السنة "ح979" وإسناده صحيح.

3 عبد الله في السنة "ح836".

4 عبد الله في السنة "ح837".

5 عبد الله في السنة "ح838".

6 عبد الله في السنة "ح839" وهو صحيح إليه.

7 عبد الله في السنة "ح840".

ص: 977

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَالَ لَنَا طاوس: اخزوا معبد الْجُهَنِيَّ فَإِنَّهُ قَدَرِيٌّ1.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ2.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ ابن عَمَّارٍ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَلْعَنَانِ الْقَدَرِيَّةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِقَدَرِ اللَّهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِخَيْرِهِ وَشَرِّهِ3.

وَقَالَ مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارُ: سَمِعْتُ أَبِي وَعَمِّي يَقُولَانِ: سَمِعْنَا الْحَسَنَ -وَهُوَ يَنْهَى عَنْ مُجَالَسَةِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ- يَقُولُ: لَا تُجَالِسُوا مَعْبَدًا فَإِنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ. قَالَ مَرْحُومٌ قَالَ أَبِي: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَوْمَئِذٍ يَتَكَلَّمُ فِي الْقَدَرِ غَيْرَ مَعْبَدٍ وَرَجُلٍ مَنِ الْأَسَاوِرَةِ يقال له سنسويه4.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ عَنِ الْقَدَرِيَّةِ فَقَالَ: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُقَدِّرِ الشَّرَّ5.

وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: إِنَّ مَعْبَدًا يَقُولُ بِقَوْلِ النَّصَارَى6.

وَقَالَ عِمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ: بَلَغَنِي أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ فَيُقَالُ لَهُمْ: إِنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُونَ. قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْتُمْ خُصَمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ7.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لَا يُصَلَّى خَلْفَ الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ8.

1 عبد الله في السنة "ح847/ أ".

2 عبد الله في السنة "ح847/ ب".

3 عبد الله في السنة "ح848". وسنسويه: اسمه يونس الأسواري أول من تكلم بالقدر وكان بالبصرة فأخذ عنه معبد الجهني. وأخرج الآثر الآجري. في الشريعة "ص241" واللالكائي "ح1142".

5 عبد الله في السنة "ح850".

6 عبد الله في السنة "ح852".

7 عبد الله في السنة "ح853" وقد تقدم حديث "القدرية خصماء الله".

8 عبد الله في السنة "ح833".

ص: 978

وَسَأَلْتُ أَبِي مَرَّةً أُخْرَى عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْقَدَرِيِّ. فَقَالَ: إِنْ كَانَ يُخَاصِمُ فِيهِ أَوْ يَدْعُو إِلَيْهِ فَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ1.

سَمِعْتُ أَبِي وَسَأَلَهُ عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ عَمَّنْ قَالَ بِالْقَدَرِ يَكُونُ كَافِرًا؟ قَالَ: إِذَا جَحَدَ الْعِلْمَ، إِذَا قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا حَتَّى خَلَقَ عِلْمًا فَعَلِمَ فَجَحَدَ عِلْمَ اللَّهِ فهو كافر2 ا. هـ مِنْ كِتَابِ السُّنَّةِ.

وَكَلَامُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ الْأَئِمَّةِ مِنَ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْمُفَضَّلَةِ يَطُولُ ذِكْرُهُ، وَمَحَلُّهُ كُتُبُ النَّقْلِ الْجَامِعَةِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

اللَّهُمَّ يَا رَبَّنَا وَمَلِيكَنَا وَإِلَهَنَا قَدْ عَلِمْتَ مَنْ سَعِدَ بِطَاعَتِكَ وَالْجَنَّةِ، وَمَنْ شَقِيَ بِمَعْصِيَتِكَ وَالنَّارِ، وَكَتَبْتَ ذَلِكَ وَسَطَرْتَهُ وَقَدَّرْتَهُ وَقَضَيْتَهُ وَشَمِلَتِ الْجَمِيعَ قُدْرَتُكَ وَنَفَذَتْ فِيهِ مَشِيئَتُكَ، وَلَكَ الْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ وَالْحُجَّةُ الدَّامِغَةُ، وَلَا يَدْرِي عَبْدُكَ فِي أَيِّ الْقِسْمَيْنِ وَلَا فِي أَيِّ الْقَبْضَتَيْنِ هُوَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ. اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ إِيمَانًا بِكُتُبِكَ وَتَصْدِيقًا لِرُسُلِكَ وَانْقِيَادًا لِشَرْعِكَ وَقِيَامًا بِأَمْرِكَ وَدِينِكَ، وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ إِيمَانًا بِرُبُوبِيَّتِكَ وَاسْتِسْلَامًا لِقَضَائِكَ وَقَدَرِكَ وَافْتِقَارًا إِلَيْكَ وَتَوْحِيدًا لَكَ فِي إِلَهِيَّتِكَ وَرُبُوبِيَّتِكَ وَأَسْمَائِكَ وَصِفَاتِكَ وَخَلْقِكَ وَتَكْوِينِكَ. وَلَا مَشِيئَةَ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ، وَلَا قُدْرَةَ لَنَا إِلَّا عَلَى مَا أَقْدَرْتَنَا عَلَيْهِ، وَلَا مَعْصُومَ إِلَّا مَنْ عَصَمْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَيَسَّرْتَهُ لِلْيُسْرَى، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ مِمَّنْ عَلِمَ الْحَقَّ وَكَتَمَهُ وَتَرَكَهُ وَأَبَاهُ وَاشْتَرَى بِآيَاتِكَ ثَمَنًا قَلِيلًا، وَلَا الضَّالِّينَ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا. اللَّهُمَّ يَا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ حُلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ وَالْكُفْرِ، يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ حَتَّى نَلْقَاكَ بِهِ {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آلِ عِمْرَانَ: 8] .

1 عبد الله في السنة "ح834".

2 عبد الله في السنة "ح835".

ص: 979